إلهي عميت عين لا تراك عليها رقيباً وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيباً
المناجاة التاسعة عشرة
المناجاة العطائية ابن عطاء الله السكندري شرح ابن عجيبة الحسني
قلت الظاهر أن هذا أخبار بأن كل عين خلت من مراقبة الحق تعالى فهي عمياء وكل صفقة خلت من محبة الله فهي خاسرة ويكون العمى في حقها معنوياً فكأنها حيث لم تراقب الله تعالى ولم تستحي منه عمياء لأن الله الله سبحانه يقول أن الله كان عليكم رقيباً وقال تعالى وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً فمن لم يعتقد هذا فهو كافر ومن اعتقده ولم يستحي من الله فهو جاهل اعمى البصيرة وقد قالوا أن الحياء جله من البصر ألا ترى أن الأعمى قليل الحياء فدل أن البصر الذي لم يراقب الله تعالى ولم يستحي منه ليس ببصره وإنما هو عمى ويحتمل أن يريد بالعين عين البصيرة قال بعضهم إذا عصيت الله فاعصه بموضع لا يراك فمن لم يستحي من نظر الحق وبارز مولاه بأنواع المعاصي فقد عميت عين بصيرته وسئل بعضهم بم يستعين العبد على حفظ بصره فقال بعمله بأن رؤية الحق تسبق بصره اه وفي حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل إيمان المرء أن يعلم أن الله معه حيث كان والصفقة هي ما يشتري جملة وكنى بها عن حظ العبد وقسمته الأزلية فمن كان حظه من الله المقت والبعد فصفقته خاسرة نسئل الله العافية كان بعض السادات يبكي فقيل له لم هذا البكاء فقال له ليس بكائي من ذنوبي وعصياني لأن ذلك من صفة نفسي وإنما بكائي على أن كانت أقساماً قسمت وحظوظاً أجريت وكان حظي منها البعد اه وفي بعض الكتب المنزلة على بعض الأنبياء عليهم السلام يا عبدي انا لك محب فبحقي عليك كن لي محباً فمحبة الله لعبده تقريبه واجتباؤه لحضرته ومحبة العبد لله طاعته بامتثال أمره واجتناب نهيه والاستسلام لقهره فهذه أوائل المحبة وهي كسبية
ونهايتها كشف الحجاب وفتح الباب والدخول مع الأحباب وهذه وهبية نتيجة الكسبية وإلى هذا المعنى أشارت رابعة العدوية في شعرها حيث قالتنهايتها كشف الحجاب وفتح الباب والدخول مع الأحباب وهذه وهبية نتيجة الكسبية وإلى هذا المعنى أشارت رابعة العدوية في شعرها حيث قالت
أحبك حبين حب الهوى ... وحباً لأنك أهل لذاك
فأما الذي هو حب الهوى ... فشغلى بذكرك عمن سواك
وأما الذي أنت أهل له ... فكشفك للحجب حتى أراك
فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي ... ولكن لك الحمد في ذا وذاك
فأشارت رضي الله عنها إلى أن محبة العبد لله على قسمين قسم ناشئ عن شهود الإحسان وقسم ناشئ عن شهود الجمال فأما الأول الذي هو ناشئ عن شهود الإحسان فلا شك أن العبد إذا نظر إلى إحسان الله تعالى وانعامه عليه بضروب النعم الحسية والمعنوية أحبه لا محالة لأن القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها وهذا هو المسمى بحب الهوى أي الميل وهو مكتسب لأن الإنسان مغمور باحسانات الله إليه وهو متمكن من النظر فيها فلا يزال يطالع نعمة بعد نعمة ومنة بعد منة وكل نعمة أعظم من التي قبلها فتعظم محبته لمولاه وبذلك يبلغ قصده ومناه وأما الثاني وهو الناشئ عن شهود الجمال فإن العبد إذا كشف الحجاب عن قلبه وزالت عنه لموانع والقواطع رأي جمال الحق وكماله وأشرقت أنوار الحضرة وسناها على قلبه والجمال محبوب بالطبع فانعقدت المحبة بينه وبين مولاه وإنما خصصت رابعة رضي الله عنها الحب الناشئ عن شهود الجمال بالأهلية دون الأول وأن كان أهلاً للجميع لأن هذا منة الله لا كسب للعبد فيه والآخر فيه سبب وعمل العبد معلول وقولها فشغلى بذكرك عمن سواك من باب التعبير بالمسبب عن السبب والأصل فثمرته شغلى بذكرك الخ وقولها أيضاً فكشفك للحجب حتى أراك من باب التعبير بالسبب عن المسبب عكس ما قبله والأصل فسببه ومنشؤه كشف الحجاب حتى رأيتك بعين قلبي وقولها فلا الحمد الخ إخبار منها بأن الحبين معاً منه وإليه في الحقيقة لا كسب لها في ذلك وادراك التفاوت بين ما تؤثره شربه المحبة الناشئة عن شهود الإحسان وما تؤثره شربه المحبة الناشئة عن شهود الجمال ونعوت الكمال وأن أثر الثانية أقوى من أثر الأولى بل لا نسبة بينهما ضروري عن كل ذائق اه قاله الفاسي في شرح الرائية فقول الشيخ رضي الله عنه لم تجعل له من حبك نصيباً يحتمل أن يكون من إضافة المصدر إلى الفاعل والمفعول والأول أبلغ لأن محبة الله لعبده أعظم لأنها أصل محبة العبد لمولاه قال تعالى يحبهم ويحبونه فمن أعطاه الله تعالى من حبه المذكور نصيباً فقد حاز ربح الدارين وفاز بقرة العين ومن حرمه ذلك فقد خسرت صفقته وبان غبنه وخيبته نسئل الله منته ورحمته قال زيد بن أسلم رضي الله عنه أن الله عز وجل ليحب العبد حتى يبلغ من حبه له أن يقول له اصنع ما شئت فقد غفرت لك اه من أبن عباد ولما كانت نهاية المحبة الفناء في المحبوب ونهاية الفناء البقاء وهو الرجوع إلى الأثر أشار إلى ذلك الشيخ فقال في المناجاة الموفية عشرين
المناجاة التاسعة عشرة
المناجاة العطائية ابن عطاء الله السكندري شرح ابن عجيبة الحسني
قلت الظاهر أن هذا أخبار بأن كل عين خلت من مراقبة الحق تعالى فهي عمياء وكل صفقة خلت من محبة الله فهي خاسرة ويكون العمى في حقها معنوياً فكأنها حيث لم تراقب الله تعالى ولم تستحي منه عمياء لأن الله الله سبحانه يقول أن الله كان عليكم رقيباً وقال تعالى وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً فمن لم يعتقد هذا فهو كافر ومن اعتقده ولم يستحي من الله فهو جاهل اعمى البصيرة وقد قالوا أن الحياء جله من البصر ألا ترى أن الأعمى قليل الحياء فدل أن البصر الذي لم يراقب الله تعالى ولم يستحي منه ليس ببصره وإنما هو عمى ويحتمل أن يريد بالعين عين البصيرة قال بعضهم إذا عصيت الله فاعصه بموضع لا يراك فمن لم يستحي من نظر الحق وبارز مولاه بأنواع المعاصي فقد عميت عين بصيرته وسئل بعضهم بم يستعين العبد على حفظ بصره فقال بعمله بأن رؤية الحق تسبق بصره اه وفي حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل إيمان المرء أن يعلم أن الله معه حيث كان والصفقة هي ما يشتري جملة وكنى بها عن حظ العبد وقسمته الأزلية فمن كان حظه من الله المقت والبعد فصفقته خاسرة نسئل الله العافية كان بعض السادات يبكي فقيل له لم هذا البكاء فقال له ليس بكائي من ذنوبي وعصياني لأن ذلك من صفة نفسي وإنما بكائي على أن كانت أقساماً قسمت وحظوظاً أجريت وكان حظي منها البعد اه وفي بعض الكتب المنزلة على بعض الأنبياء عليهم السلام يا عبدي انا لك محب فبحقي عليك كن لي محباً فمحبة الله لعبده تقريبه واجتباؤه لحضرته ومحبة العبد لله طاعته بامتثال أمره واجتناب نهيه والاستسلام لقهره فهذه أوائل المحبة وهي كسبية
ونهايتها كشف الحجاب وفتح الباب والدخول مع الأحباب وهذه وهبية نتيجة الكسبية وإلى هذا المعنى أشارت رابعة العدوية في شعرها حيث قالتنهايتها كشف الحجاب وفتح الباب والدخول مع الأحباب وهذه وهبية نتيجة الكسبية وإلى هذا المعنى أشارت رابعة العدوية في شعرها حيث قالت
أحبك حبين حب الهوى ... وحباً لأنك أهل لذاك
فأما الذي هو حب الهوى ... فشغلى بذكرك عمن سواك
وأما الذي أنت أهل له ... فكشفك للحجب حتى أراك
فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي ... ولكن لك الحمد في ذا وذاك
فأشارت رضي الله عنها إلى أن محبة العبد لله على قسمين قسم ناشئ عن شهود الإحسان وقسم ناشئ عن شهود الجمال فأما الأول الذي هو ناشئ عن شهود الإحسان فلا شك أن العبد إذا نظر إلى إحسان الله تعالى وانعامه عليه بضروب النعم الحسية والمعنوية أحبه لا محالة لأن القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها وهذا هو المسمى بحب الهوى أي الميل وهو مكتسب لأن الإنسان مغمور باحسانات الله إليه وهو متمكن من النظر فيها فلا يزال يطالع نعمة بعد نعمة ومنة بعد منة وكل نعمة أعظم من التي قبلها فتعظم محبته لمولاه وبذلك يبلغ قصده ومناه وأما الثاني وهو الناشئ عن شهود الجمال فإن العبد إذا كشف الحجاب عن قلبه وزالت عنه لموانع والقواطع رأي جمال الحق وكماله وأشرقت أنوار الحضرة وسناها على قلبه والجمال محبوب بالطبع فانعقدت المحبة بينه وبين مولاه وإنما خصصت رابعة رضي الله عنها الحب الناشئ عن شهود الجمال بالأهلية دون الأول وأن كان أهلاً للجميع لأن هذا منة الله لا كسب للعبد فيه والآخر فيه سبب وعمل العبد معلول وقولها فشغلى بذكرك عمن سواك من باب التعبير بالمسبب عن السبب والأصل فثمرته شغلى بذكرك الخ وقولها أيضاً فكشفك للحجب حتى أراك من باب التعبير بالسبب عن المسبب عكس ما قبله والأصل فسببه ومنشؤه كشف الحجاب حتى رأيتك بعين قلبي وقولها فلا الحمد الخ إخبار منها بأن الحبين معاً منه وإليه في الحقيقة لا كسب لها في ذلك وادراك التفاوت بين ما تؤثره شربه المحبة الناشئة عن شهود الإحسان وما تؤثره شربه المحبة الناشئة عن شهود الجمال ونعوت الكمال وأن أثر الثانية أقوى من أثر الأولى بل لا نسبة بينهما ضروري عن كل ذائق اه قاله الفاسي في شرح الرائية فقول الشيخ رضي الله عنه لم تجعل له من حبك نصيباً يحتمل أن يكون من إضافة المصدر إلى الفاعل والمفعول والأول أبلغ لأن محبة الله لعبده أعظم لأنها أصل محبة العبد لمولاه قال تعالى يحبهم ويحبونه فمن أعطاه الله تعالى من حبه المذكور نصيباً فقد حاز ربح الدارين وفاز بقرة العين ومن حرمه ذلك فقد خسرت صفقته وبان غبنه وخيبته نسئل الله منته ورحمته قال زيد بن أسلم رضي الله عنه أن الله عز وجل ليحب العبد حتى يبلغ من حبه له أن يقول له اصنع ما شئت فقد غفرت لك اه من أبن عباد ولما كانت نهاية المحبة الفناء في المحبوب ونهاية الفناء البقاء وهو الرجوع إلى الأثر أشار إلى ذلك الشيخ فقال في المناجاة الموفية عشرين
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin