إلهي إن رجائي لا ينقطع عنك وإن عصيتك إن خوفي لا يزايلني وأن أطعتك
المناجاة التاسعة والعشرين
المناجاة العطائية ابن عطاء الله السكندري شرح ابن عجيبة الحسني
قلت لما كانت السابقة مبهمة والخاتمة مجهولة كان العبد بين خوف ورجاء ولو بلغ ما بلغ فإن القلوب بيد الله يقبلها كيف يشاء والنواصي بيد قدرته تقودها حيث شاءت قال الشاعر
حسبي الله توكلت عليه ... من نواصي الخلق طرا في يديه
ليس للهارب في مهربه ... أبداً ملجأ إلا إليه
فكيف لا يصح للعبد أن ينقطع خوفه أن أطاع أو يقل رجاؤه أن عصى وقد تقدم في أول الكتاب أن خوف العارفين ورجاءهم ناشئ عن شهود صفة الجلال والجمال وهما لا يتغيران فكذلك ما ينشأ عنهما ولذلك وصف الشيخ نفسه بهذه الحالة الشريفة وهي الاعتدال على الدوام ظهرت منه طاعة أو معصية وراجع ما تقدم وانظر عند قوله لا كبيرة إذا قابلك فضله الخ فإذا تحقق أن العبد لا مهرب له في حال عصيانه إلا وقوفه ببابه ولا سكون له في حال طاعته إلا إلى كرمه وإحسانه علم أن مدفوع إليه على كل حال وهذا معنى قوله قد دفعني العوالم إليك فمهما ملت إلى شئ دفعتني عنه أو ركنت إليه حركته على حتى تدفعني إليك فما أرحمك بي مع عظيم جهلي وهذه علامة العناية من الله لعبده فمهما رآه وقف مع شئ أو ركن إلى شئ ولو كان طاعة شوشه عليه ورحله منه وقد تقدم أن من جملة العقوبة التي يعاقب بها المريد تركه وما يريد وقال شيخ شيخنا مولاى العربي رضي الله عنه إذا رأيتم الفقير يقوم الغواث والتشويش عليه من كل جهة فاعلموا أن الله تعالى يريد أن يسكنه عنده أو كلاماً هذا معناه والحاصل أن الحق تعالى غيور لا يحب قلب عبده أن يركن إلى غيره وهذا من كرمه تعالى وإحسانه إلى عباده ولذلك قال وقد اوقفني علمي بكرمك عليك قلت لما دفعته العوالم إليه لم يجد كريماً سواه فاوقفه كرمه على بابه ولا ذبحنا به والكريم لا تتخطاه الآمال قيل معني كرم الله إحسانه لعباده وقيل الذي لا يدع حاجتهم لغيره وقيل الذي يعطي قبل السؤال قال الجنيد الكريم الذي لا يحوج إلى السؤال وقال المحاسبي الذي لا يبالي من أعطي ولا كم أعطى وقيل أن من فهم كرم الله تعالى لم يجزع من سوء قضاء لأنه يرى المصيبة نعمة مستورة عن إدراك الخلق كما قال سيدنا عمر رضي الله عنه ما أصابني الله بمصيبة إلا رأيت لله فيها ثلاث نعم الأولي حيث لم تكن في ديني الثانية حيث لم تكن أعظم مما وقعت الثالثة أن الخطايا تكفر بها فإنا أشكر الله عليها اه ولهذا قالوا ليس العجب ممن يلتذ بالنعيم إنما العجب ممن يلتذ بالعذاب الأليم وذلك لا يكون إلا بخرق عادة النفس حتى تلتذ بما يتألم به الناس كما قال القائل
أريدك لا أريدك للثواب ... ولكني أريدك للعقاب
وكل مآربي قد نلت منها ... سوى ملذ وذو جدي بالعذاب
وقال آخر
إذا كانت الأقدار من مالك الملك ... فسيان عندي ما يسر وما يبكي
والحاصل أن المحبة إذا قويت غيبت المحب عن الآلام وإلا فهي ناقصة ومنشؤ المحبة شهود الكرم كما تقدم ومن وقف بباب كرم مولاه لا نجيب أمله ومناه كما أبان ذلك في المناجاة الموفية ثلاثين بقوله
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin