..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية الجزء الثامن Empty12/9/2024, 18:39 من طرف Admin

»  كتاب اللطف الخفي في شرح رباعيات الجعفي - الشيخ عبد العزيز الجعفي الشاذلي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية الجزء الثامن Empty12/9/2024, 18:25 من طرف Admin

» كتاب: نقض كتاب تثليث الوحدانية للإمام أحمد القرطبي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية الجزء الثامن Empty12/9/2024, 18:23 من طرف Admin

» كتاب: الشيخ سيدي محمد الصوفي كما رأيته و عرفته تأليف تلميذه الأستاذ عتو عياد
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية الجزء الثامن Empty12/9/2024, 18:21 من طرف Admin

» كتاب تجلّيّات السَّادات ، مخطوط نادر جدا للشيخ محمد وفا الشاذلي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية الجزء الثامن Empty12/9/2024, 18:15 من طرف Admin

» كتاب: النسوة الصوفية و حِكمهن ـ قطفها أحمد بن أشموني
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية الجزء الثامن Empty12/9/2024, 18:13 من طرف Admin

» كتاب: مرآة العرفان و لبه شرح رسالة من عرف نفسه فقد عرف ربه ـ ابن عربي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية الجزء الثامن Empty12/9/2024, 18:09 من طرف Admin

» كتاب: إتحاف أهل العناية الربانية في اتحاد طرق أهل الله وإن تعددت مظاهرها - للشيخ فتح الله بناني
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية الجزء الثامن Empty12/9/2024, 18:06 من طرف Admin

» كتاب: مجموع الرسائل الرحمانية ـ سيدي محمد بن عبد الرحمن الأزهري
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية الجزء الثامن Empty12/9/2024, 18:04 من طرف Admin

» كتاب: المواقف الإلهية للشيخ قضيب البان و يليه رسالة تحفة الروح و الأنس ورسالة الأذكار الموصلة إلى حضرة الأنوار للبلاسي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية الجزء الثامن Empty12/9/2024, 18:00 من طرف Admin

» كتاب: مجالس شيخ الإسلام سيدي عبد القادر الجيلاني المسماة جلاء الخواطر
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية الجزء الثامن Empty12/9/2024, 17:55 من طرف Admin

» كتاب: كيف أحفظ القرآن الكريم ـ للشيخ السيد البلقاسي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية الجزء الثامن Empty12/9/2024, 14:40 من طرف Admin

» كتاب: الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية تفسير القرآن العظيم ـ للإمام سليمان الصرصري
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية الجزء الثامن Empty12/9/2024, 14:20 من طرف Admin

» كتاب: تربيع المراتب و الأصول .. نتائج أفكار الفحول من أرباب الوصول للشيخ إبراهيم البثنوي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية الجزء الثامن Empty11/9/2024, 18:44 من طرف Admin

» كتاب: الوصول إلى معاني وأسرار القول المقبول ـ للشيخ عبد القادر بن طه دحاح البوزيدي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية الجزء الثامن Empty11/9/2024, 18:42 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية الجزء الثامن

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68406
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية الجزء الثامن Empty كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية الجزء الثامن

    مُساهمة من طرف Admin 6/7/2020, 08:47

    02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية الجزء الثامن
    قال المصنف رضي الله عنه :
    (فمن عرف استعداده عرف قبوله، وما كل من عرف قبوله، يعرف استعداده إلا بعد القبول، وإن كان يعرفه مجملا .
    إلا أن بعض أهل النظر من أصحاب العقول الضعيفة يرون أن الله لما ثبت عندهم أنه فعال لما يشاء، جوزوا على الله ما يناقض الحكمة و ما هو الأمر عليه في نفسه . و لهذا عدل بعض النظار إلى نفي الإمكان و إثبات الوجوب بالذات و بالغير .
    والمحقق يثبت الإمكان و يعرف حضرته، و الممكن و ما هو الممكن . و من أين هو ممكن و هو بعينه واجب بالغير و من أين صح عليه اسم الغير الذي اقتضى له الوجوب و لا يعلم هذا التفصيل إلا العلماء بالله خاصة).
    قال الشارح رضي الله عنه :
    ( فمن عرف استعداده عرف قبوله )، فإن العلم بالعلة من حيث أنها علة يوجب العلم بالمعلول، كما يظهر في باب التضايف، فهو ممن عرف القبول بالاستعداد، لا من الذي عرف الاستعداد بالقبول لأنه دونه .
    ( و ما كل من عرف قبوله يعرف استعداده )، بل و لا يعلم ذلك الاستعداد :
    ( إلا بعد القبول) حيث رأى أنه قبل ذلك، فعرف أن لو لا الاستعداد ما قبل ذلك .
    ( و إن كان يعرفه ): أي الاستعداد (مجملا )، فالأول صاحب العلم التفصيلي بالاستعدادات التفصيلية، و الثاني صاحب العلم الإجمالي
    و أين هذا من هذا، بل الأول أتم و أعم ما يكون في معرفة الاستعدادات في صنعه لأنه مطلع على غيبه بعثوره على عينه، بل هو مشرف على أحكام أعيان غيره و أحواله، فافهم .

    فلما قرأ الاقتضاءات ذاتية، و الطلبات و المنح النفثية نفسية علم أن الله فعال لما يريد، و ما يريد إلا ما يريد المريد .
    قال الله تعالى: "و ربُّك يخْلقُ ما يشاءُ و يخْتارُ ما كان لهُمُ الخِيرُة" [ القصص : 68 ].
    فمنهم شقي طلب شقاوته، و منهم سعيد طلب سعادته، و لو شاء لهداكم أجمعين، لكنه لم يشاء لأن الحكمة اقتضت ذلك، قال تعالى: "وأنّ اللّه ليس بظلّاٍم للْعبيدِ"[ الحج: 10].

    قال المصنف رضي الله عنه : (و على قدم شيث يكون آخر مولود يولد من هذا النوع الإنساني. و هو حامل أسراره، و ليس بعده ولد في هذا النوع. فهو خاتم الأولاد، و تولد معه أخت له فتخرج قبله، و يخرج بعدها و يكون رأسه عند رجليها و يكون مولده بالصين و لغته لغة بلده و يسري العقم في الرجال و النساء فيكثر النكاح من غير ولادة و يدعوهم إلى الله، فلا يجاب فإذا قبضه الله و قبض مؤمني زمانه بقي من بقى مثل البهائم لا يحلون حلالا و لا يحرمون حراما، يتصرفون بحكم الطبيعة شهوة مجردة عن العقل و الشرع فعليهم تقوم الساعة).
    قال الشارح رحمة الله :
    ( وعلى قدم شيث يكون آخر مولود يولد من هذا النوع الإنساني )، لما كانت الدنيا لها بداية و نهاية و هي ختمها، قضى الله سبحانه أن يكون جميع ما فيها له بدء و ختم، و منه كان صلى الله عليه و سلم في النبوة و الرسالة بدءا و ختما .
    ورد في الخبر: " إنما بعثت خاتما فاتحا " الحديث. رواه البيهقي في شعب الإيمان، ذكره السيوطي في جمع الجوامع .
    و منه كان ختم الولاية خاتما فاتحا، فاقتضى الشأن و الأمر أن يكون للمنح و الأعطيات بدء و ختم، و كان فتحه شيث عليه السلام كما ذكرنا، فختم على مولود يولد على قدم شيث.
    و ينطوي بساط انبساط تلك المنح بانطواء أهلها، فيكون الختم على قدم الفتح لأن الأمر دوري، ينعطف الآخر لطلب أوله، فافهم .
    و إنما قال رضي الله عنه: (على قدم) و لم يقل: (على قلب) رعاية للأدب لأنه أقرب إلى الأدب و هو مقامهم الذي يرضون لأنفسهم .
    و من هذا المقام قال صلى الله عليه و سلم : " أدّبني ربي فأحسن تأديبي"..
    قال الشيخ رضي الله عنه: و الأدب مقامنا، و هو الذي أرتضيه لنفسي و لعباد الله.



    ذكره في الباب الثالث و الستين و أربعمائة من الفتوحات:
    ( و هو حامل أعباء أسراره )، و هي حقائق الأعطيات، و معارف و رقائق المعارف و الوهبيات على كواهل القابليات و الاستعدادات .
    ( و ليس بعده ولد يرث أباه في هذا النوع) الإنساني الكمالي، من هذا الجنس من الميراث، فيختم به الأمر فهو خاتم الأولاد، و كما أن الختم ينبغي أن يكون على قدم فتحه، فشيث كان مولودا مع أخته .
    فقال: و كذلك الختم (تولدمعه أخت له )، فلا يكون إلا توأما ليكون الاختتام كالافتتاح، و لكن سبق أخته و خرج قبلها، لأنه في الاعتبار، و هو بمنزلة العقل الأول في الظهور.
    و الأخت لها الدرجة الثانية في مرتبة النفس الكل، بخلاف هذا الخاتم الذي هو آخر مولود له مقام العود و الانقلاب، و الرجوع إلى الأصل.
    ففي العود تسبق العرجاء (فتخرج قبله )، لأنّ صورة النفس في الترقي تسبق صورة العقل، و هو يتبعها (و يخرج بعدها) .
    كان الفتح متنزلا في الترقي، و الختم تترقى في تنزله فتظهر أحكامه بعكس أحكامها .
    ( يكون رأسه عند رجليها )، كما كان في الفتح رأسها عند رجليه، فالرجلان إشارة إلى قوتيهما شهوانية و عصبية إذ بهما تمشي و تسعى لجلب المنافع و وقع المضار، كأنه رضي الله عنه أشار إلى أنّ مقام العقل عند انتهاء مراتب النفس، فإنها إذا اطمأنت فيكون ابتداؤه عند انتهائها و انتهاء قواها، فإنه يرجع قهقري .

    و النفس لها ثلاث مراتب:
    تسمّى فيها النفس أمّارة، فهي باعتبار غلبة قوى الحيوانية و البهيمية .
    و لوامة حيث تنتبه و تلوم نفسها عند المخالفات، كأنها تخلط عملا صالحا و آخر سيئا، عسى الله أن يتوب عليها، و هي كالمقدمة لظهور العقل الأول و أحكامه، فلما يكمل استعدادتها و يتطهر مهبط وحيها لخطاب: (ارجعي إلى أصلك فإني جعلت تحتك سريا )، فيظهر العقل تحتها، و هو في السلوك قهقري .
    ( و مولده بالصين) أقصى البلاد المعمورة و أبعدها إلينا . فلهذا ورد في الحديث : " اطلبوا العلم و لو بالصين"
    مبالغة في البعد، فالاعتبار أنه مولده أقصى مراتب الإمكان، و لنزل مراتب التنزلات الإلهية .
    ( و لغته لغة بلده) بلسان النهوانية على الفطرة الأصلية الأولية من العلوم الإلهية، و المعارف اللدنية، و من يكون مولده الطبيعة الكل يتكلم بكل لسان، و لسانه لا يكل .
    من عرف الله طال لسانه: أي بكل لغة، (و يسري العقم في الرجال و النساء) من مولود من هذا الجنس بهذا الوجه .
    فلهذا يسمّى المجذوب الأبتر: أبتر: أي ناقص من العقم، و هو العقيم عن النتيجة و التوليد، و لا يقال: إن ذكر أحد الزوجين كان كافيا في المدّعى، و هو عدم الولادة و العقم الساري في الوجود في هذا الجنس .

    لأن الشيخ رضي الله عنه ذكر في الباب الثالث و السبعين من الفتوحات :
    إن من رجال الله واحدا في كل زمان لا يوجد غيره في مقامه، و هو يشبه عيسى عليه السلام متولد بين الروح و البشر، لا يعلم له أب بشري.
    فهو مركب من جنسين مختلفين، و هو رجل البرزخ يكون مولده على هذه الصفة، فهو مخلوق من ماء أمه، خلافا لما ذكر عن أهل الطبائع، أنه لا يتكون من ماء المرأة ولد، بل الله على كل شي ء قدير. انتهى كلامه رضي الله عنه .

    و كيف لا؟
    و قد كذّب الله الطائفة الناقصة بعيسى عليه السلام، و أمّا وجود موجود بلا أب و لا أم قد يسبق في الأوهام ألوهية تكذيبه، مع إيمانه بأن ذلك من الممكنات، بل و قد وقع كوجود آدم، و ما ذاك إلا الوقوف و التخشّب مع المألوفات، و التحمل بالعادات.
    قال تعالى: "كأنّـهُمْ خُشُبٌ مُسنّدةٌ" [ المنافقون: 5] .

    ( فيكثر النكاح ): أي بلا سفاح، فيدل على أن الإيمان الذي سبب بقاء الملك ما انقطع الآن، و لن ينقطع أنهم تقيدوا بالنكاح، فإن النكاح و هو عقد شرعيّ، و هم مؤمنون به، فافهم .
    ( من غير ولادة) تخفيفا من الله لا استخفافا . ورد في الخبر :
    » خيركم في المائتين الخفيف الحاذ، قيل: يا رسول الله، و ما الخفيف الحاذ؟ قال: الذي لا أهل له و لا ولد « . رواه الخطيب و ابن عساكر عن حذيفة رضي الله عنه .
    أما ترى قوله صلى الله عليه و سلم حين نظر إلى الحسن و الحسين رضي الله عنهما يمشيان و يعثران قال صلى الله عليه و سلم :
    » صدق الله و رسوله إنما أموالكم و أولادكم فتنة، فنظرت إلى هذين الصبيين يمشيان و يعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي و رفعتهما« ، ذكره السيوطي في جمع الجوامع .

    ( و يدعوهم إلى الله تعالى فلا يجاب )، تصامموا عن دعوته لعلمهم بما يجب عليهم من إجابة دعوته، و إنما لم يجيبوا دعوته لما فيها من القرآن.
    فإنه دعاهم بالاسم الجامع (الله )، و طلب منهم الجمع بين الكشف و الحجاب، فأبوا و لم يجيبوا داعي الله لأن الأمر عندهم فرقان و كشف بلا حجاب، و من أقيم في الفرقان صرفا لا يصغي إلى القرآن، و إن كان القرآن يتضمن الفرقان، و لكن الفرقان لا يتضمن القرآن.
    و هم في شهود الجمع و الفرقان، صرفا لا يعرفون للقرآن طعما، أو نقول: إنه أغناهم أصباح العيان عن مصباح الإيمان على الحالين، مدحوا بلسان الذم، و لا يعلم ذلك إلا ذو حظّ عظيم، (فإذا قبضه الله، و قبض مؤمني زمانه) الذين آمنوا من قبل (بقي ما بقي) .

    ورد في الحديث: " فيبقى شرار الناس في خفة الطير و أحلام السباع" الحديث .
    في خفة الطير في المعاش و الميعاد، يخرجون خماصا و يرجعون بطانا، بعقول فطرية أصلية حيوانية، يتوصلون إلى مشتهاهمبلا كلفة التكليف، و حجر التشريع .

    ( مثل البهائم) في دوام الكشف و الشهود، فإنها على الكشف الفطري بلا حجاب كالملائكة .
    قال الله تعالى: "لهُمْ قُـلوبٌ لا يفْقهُون بها ولهُمْ أعْينٌ لا يـبْصِرُون بها ولهُمْ آذانٌ لا يسْمعون بها أولئك كالْأنعاِم بلْ هُمْ أضل" [ الأعراف: 179]: أي في الحيرة و الهيمان .
    اعلم أن البهائم أمم أمثالكم، لهم الكشف الفطري التام و الشهود العام، و كلها عند أهل الله حيوان ناطق، عالم قادر، متكلم سميع بصير، غير أن هذا المزاج الخاص المسمّى بالإنسان تميز بمزاج خاصّ، و وقع التفاضل بين الخلائق في المزاج .

    قال رضي الله عنه: إن ما عدا النقلين من كل ما سوى الله على معرفة بالله، و وحي من الله، و علم بما تجلى له، مفطور على ذلك، بل هم أهل إلهام من الله و وحي .

    قال الله تعالى: "وأوحى ربك إلى النّحْلِ" [ النحل: 68]، و لكلّ منهما كلام يخصّه، و صنائع لا يظهر أمثالها إلا لذي عقل و قلب، و ما يرى في ذلك من الأوزان يدل على أن لهم علما و إرادة و قدرة في نفوسهم، بل يرى منهم أمورا و تدابير.
    ليس للإنسان الحيواني مثله مع قوة تدبيره العام، فتعارضت عند الناظرين في أمرهم، فأنبهم الأمر عليهم، و ربما سمعوا لذلك بهائم من إبهام الأمر، فلا يعرفوه منهم إلا قدر ما شاهدوه منهم .
    وأمّا العارف فألحقهم بدرجة المعارف و العلم بالله لأن الله تعالى كشف للعارف عن أمرهم و أحوالهم حتى عرفهم، وعرف مقامهم الأسنى، وعلم أنهم مفطرون على المعرفة والعلم بالله و بالآفاق و بأنفسهم .

    ورد في الخبر أنه قال صلى الله عليه وسلم :
    " إن بقرة في زمن بني إسرائيل حمل عليها صاحبها فقالت: ما خلقت لهذا؟ و إنما خلقت للحرث، فقال الصحابة رضي الله عنهم أبقرة تتكلم؟ فقال صلى الله عليه و سلم: آمنت بهذا أنا و أبو بكر و عمر، هذه بقرة علمت لما خلقت و الإنس و الجن خلقوا ليعبدوا الله".
    وما علموا ذلك إلا بتعريف إلهيّ على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، ومع هذا فمنهم من آمن و منهم من كفر، فأين من يراه و شهد ذلك عمّن استبعد وأنكر .

    قال رضي الله عنه في الفتوحات:
    إن ابن عطاء قدّس سره كان راكبا فغاصت رجل الجمل، فقال ابن عطاء: جلّ الله يزيد عن إجلالك، فاستحى ابن عطاء .

    فقال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات:
    إنه مرّ رجل صالح على رجل راكب على حمار وهو يضرب على رأسه حتى يسرع في المشي، فقال الصالح: كم تضرب على رأس الحمار؟
    فقال له الحمار: دعه فإنه على رأسه يضرب .
    فهذه بقرة علمت لما خلفت، وهذا جمل عرف ربه، وهذا حمار قد عرف المال بالفطرة التي فطر عليها، فانظر أين مرتبتك عن مرتبة البهائم؟
    إنها تعرفك و تعرف ما يؤول إليه أمرك و أمره، و أنت جاهل هذا كله، و لا تغرك الآية المتلوّة سابقا لأن الله تعالى ما شبه في الآية، "أولئك كالْأنعاِم بلْ هُمْ أضل" [ الأعراف: 179] نقصا بالأنعام، بل إنما وقع التشبيه في الحيرة و هي صفة كمال، فلا أشد حيرة في الله من العلماء بالله
    و من هذا المقام ورد في الخبر:" ربّ زدني فيك تحيرا".
    ولولا التحير علم و كمال لما سأل ما سأل لأنه أمر بقل: "رب زدني علما"، و لم يقل: حالا، و ذلك من علو درجة الحيرة، و علو مقام أهلها، لا يغرنك أن البهائم مسخّرة لك، تحمل أثقالك إلى بلد لم تكونوا بالغيه لأنك مسخّر لها في أكلها و شربها.
    و تنظيف مبيتها من روثها و بولها، بل جعل فيك حاجة إليها و بها تخدمها خدمة العبد لمولاه، فلا فضل لأحد على أحد بالتسخير.

    ورد في الخبر :
    » إن نبيا من أنبياء بني إسرائيل استسقى ولم يسق، فرأى نملة تستسقي وهي رافعة قوامها إلى السماء، فأسقى الله القوم بها«.

    ذكر هذا الشيخ الحافظ جلال الدين الأسيوطي في كتاب جمع الجوامع:
    و ثبت أنّ كل دابة تسمع خوار الميت على نعشه، و ترى عذاب القبر .
    » كان رسول الله صلى الله عليه و سلم راكبا على بغلة، فمرّ على قبر فنفرت فقال صلى الله عليه و سلم: إنها رأت صاحب هذا القبر يعذّب في قبره" .
    و أمثال هذه الأخبار كثيرة، فاعرف قدرك ما هلك امرؤ عرف قدره، ولم يتعدّ طوره .
    فلما أعطيت البهائم هذه الكشوف أعطيت الحرس عن التوصل، فافهم .
    فإذا عرفت فضل البهائم على الإنسان الحيواني، و علمت أن المراد بالتشبيه كالبهائم تشبيه كمال، و إن كان غيرهم أكمل، كالبهاليل و المجاذيب الذين أذهلتهم فجأة الكشف، و جعلتهم كالبهائم في الهيمان، و ردّتهم إلى أصل الفطرة حيوانا محضا، و كشف لهم ما تكشفه كل دابة و بهيمة، ما عدا الثقلين فهم أهل كمال، و إن العقلاء منهم أكمل، و ذلك من عموم الكشف على خصوص الخلق في آخر الزمان لقربه بدار الحيوان دار عموم الكشف و العيان .

    و أشار إلى هذا قوله صلى الله عليه و سلم :
    "لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس، و يكلم الرجل عذبة سوطه، و شراك نعله، و يخبره فخده بما فعل أهله بعده" .

    و في رواية :
    "إن الرجل يخرج من عند أهله فيخبره نعله أو سوطه أو عصاه بما أصابه أهله من بعده"
    ، و هذا بعينه كما في يوم القيامة . ثبت في الخبر الصحيح :
    " ستجيئون يوم القيامة و على أفواهكم الفدام، فأول ما يتكلم من الإنسان فخذه و كفه" رواه الحاكم في المستدرك عن حكيم بن معاوية، عن أبيه، ذكره السيوطي في جمع الجوامع .
    و ما ذلك إلا من عموم الكشف لقرب المناسبة و قوة المشابهة بالآخرة، فإنها دار حيوان، كأنها أهل برزخ بين آخر يوم من الدنيا و أول يوم الآخرة .
    قال تعالى:"اليوْم نخْتمُ على أفواهِهِمْ وتكلِّ مُنا أيدِيهِمْ وتشْهدُ أرجُلهُمْ بما كانوا يكْسِبون" [ يس: 65] .
    فالمواطن من شدة الشبه تشابهت أحكامها، و زالت الشبه و ظهر حكم: "واعْبدْ رّبك حتّى يأتيك اليقِينُ" [ الحجر: 99] .
    قال سهل بن عبد الله التستري قدّس سره في هذه الآية: "اليقين هو الله ".
    فأخبر العارف الرباني عن المنزل، فالأول تأويل

    وقال الآخر: اليقين هو الموت .
    و المفسّر أخبر عن الطريق إليه، ، و الثاني تفسير، فافهم .
    "إن يوم القيامة ما تقوم إلا على شرار الناس " وأنت نزلتهم منزلة الخيار.
    قلنا: صدقت، و لكن فاتك نظر آخر وما أدراك أن شرار بنسبة خيار بنسبة أخرى، كما أشارإليه الحديث الشريف: " شرار قريش خيار شرار الناس " الشافعي والبيهقي في المعرفة و ذكره في جمع الجوامع .

    فأثبت لهم الخير حيث أثبت لهم الشر، فهم شرار الناس بالنسبة إلى العلماء بالله العقلاء، كما قيل: حسنات الأبرار سيئات المقرّبين .
    سئل أبو السعود بن الشبل قدّس سره عن العقلاء المجانين فقال: ملاح لكن العقلاء أملح، مع أنه ورد في الخبر: " خير أمتي أولها و آخرها و في وسطها الكدر". رواه الحكيم عن أبي الدرداء رضي الله عنه، ذكره في جمع الجوامع .
    ولا شك أنهم من أمته أو يقول: إنهم شرار الناس الذين لا يتفكّرون في ذات الله، فإنه ورد في الخبر: " خير الناس المتفكّرون في ذات الله" .رواه أبو الشيخ عن نهشل ابن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما ذكره في جمع الجوامع وذلك لأن التفكّر فرع العقل، ولا عقل لهم كما عرفته.

    ( لا يحللون حلالا و لا يحرمون حراما )، قال تعالى: "و ترى النّاس سُكارى وما هُمْ بسُكارى" [ الحج: 2]، و لكن سلطان الشهود أذهلهم، و أذهب بعقولهم، فذهبوا في الذاهبين.
    وبالرجوع إلى العرفان لا بذهاب الأعيان، فهاموا و لم يتميزوا، كالبهائم سقط عنهم التكليف إذ ليس لهم عقول يعقلون بها، و لا أبصار يبصرون بها.

    تراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون، لا يتعارفون لليل صباحا، و لا لنهار مسائهم أدلة الشبهات والآيات المتشابهات، يسمونهم العقلاء المجانين، عقولهم محبوسة عند حضرة قدسه، كفّه في شهود أنسه .
    وها هنا تفصيل آخر سأفصّله لك تفصيلا إن شاء الله تعالى لتكون على إجمال فيما نحن فيه على بصيرة:
    وهو أن تعلم أن الناس في هذا المقام على ثلاثة أصناف، و ما ثمة مرتبة رابعة.

    منهم من يكون ورده أعظم من القوة التي في نفسه عليها فتحكم:
    أي مقام الهيمان الوارد عليه، فيغلب عليه الحال، فيكون بحكمه يتصرف الحال، و لا تدبير له في نفسه ما دام في ذلك الحال، فإن استمرّ عليه إلى آخر العمر، فذلك المسمّى في هذه الطريقة بالمجذوب الأبتر، مأخوذ عنه بالكلية، كأبي عقال المغربي.
    قيل: إنه ما أكل وما شرب من حين أخذ إلى أن مات، و ذلك من مدة أربع سنين بمكة المشرفة، فهو مجنون مستور، كأنهم الذين أشار إليهم صلى الله عليه و سلم في حديث طويل في أشراط الساعة، و خروج الدجال .
    »وأنه يجئ على الناس القحط و الجذب حتى يموت كل ذي ظلف، فقيل: يا رسول الله، فما يعيش بقية الناس؟
    فقال: عيشهم التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير، يجري ذلك مجرى الطعام". رواه أبو إمامة، ذكره السخاوي في كتابه المسمّى بالقناعة .
    و من هذا المقام حكى الشيخ رضي اللّه عنه في الفتوحات :
    إنه قيل لسهل بن عبد الله: ما القوت؟
    قال: الله ما نريد إلا ما تقع به الحياة
    قال: الله فلم ير إلا الله، فلمّا ألحّوا عليه.
    قالوا: إنما لنريد به عمارة هذا الجسم، فهم إنهم ما فهموا.
    فقال: دع الدار إلى بانيها إن شاء عمّرها، و إن شاء أخربها، و إن لم يستمر إلى آخر فيمسك عقله هناك، و يبقي عليه عقل حيواني، فيأكل و يشرب و يتصرف من غير تدبير منه و لا روية، فهؤلاء يسمّون العقلاء المجانين لتناولهم العيش الطبيعي بحكم الطبع كسائر الحيوانات .

    حكى الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات عن هذا المقام، و قال:
    إنه مرّ عليّ وقت أؤدّي فيه الصلوات الخمس، إما بالجماعة على ما قيل لي بإتمام الركوع و السجود و جميع أركانها و آدابها، و أنا في هذا كله لا علم لي بذلك لشهود غلب عليّ غيبت عني، و أخبرت إليّ، كنت أقيم الصلاة و أصلي بالناس.
    وكانت حركاتي كحركات النائم الذي لا علم له بذلك، فعلمت أن الله تعالى حفظ عليّ وقتي. انتهى كلامه رضي الله عنه .
    فالذي لم يستمر فإذا زال الوارد رجع بحسبه و عقله، و هذا أكمل المراتب في هذا الطريق، و هو للأنبياء و الرسل و الوارثين، صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين .
    و منهم من يكون وارده و تجليه مساويا لقوّته، فلا يرى عليه أثر من ذلك حاكم عليه، و حاله إمّا كحال جليس يكون معك في حديث، فيأتي شخص آخر يشغله عنك في ذلك.
    و إمّا كرجل يحدّثك فأخذته فكرة في أمر، فصرف حسّه عنك إليه في خياله، فجمدت عينه و نظره و أنت تحدّثه، و هو غير قابل لحديثك، فتشعر أنه مشغول باطنه، متفكّر في أمر صارف، و منهم من يكون قوته أقوى من الوارد، فإذا أتاه وهو معك بالحديث و أنت لا تدري به .

    قال الشيخ رضي الله عنه في الباب الرابع و الأربعين من الفتوحات :
    إنه ما ثمّ أمر رابع في واردات الحق على قلوب أهل هذه الطريقة، و هي مسألة غلط فيها بعض أهل الطريق في الفرق بين النبي و الولي.
    فقال: إن الأنبياء يصرفون الأحوال والأولياء تصرفهم الأحوال، فالأنبياء مالكون لأحوالهم، و الأولياء مملوكون لأحوالهم، و ليس الأمر فيه غير ما فصّلناه، فافهم .
    ( يتصرفون بحكم الطبيعة) لأنهم بقوا في عالم الشهادة بروحهم الحيواني يتصرفون في ضروراتهم الحيوانية تصرف الحيوان المفطور على العلم بمنافعه و مضاره المحسوسة من غير تدبير منهم، و لا روية.
    كما في نشأة أهل السعادة في الجنان وهو دار الحيوان، فإنه لا يبقى في تلك النشأة إلا النفس الحيوانية، بها تكون اللذة لأهل النعيم. انتهى كلامه .
    فهم المخبتون، قال الله تعالى: "وبشرِ المُخْبتين" [ الحج: 34]، والمخبت : المطمئن من الأرض، و منه خبت إذا سكنت و اطمأن لهبها، فهم ساكنون تحت حجاري الأقدار، راضون مطمئنون، فرحونبما أتاهم الله، متنعمون بما هم فيه، فإن نار طبيعتهم خبتت و خملت، و اطمأنت بالوصول إلى مشتهاهم الطبيعي الحيواني، حيث لا حجر عليهم .
    ورد في الخبر :
    " دعوا المذنبين الغارقين، لا تنزلوهم جنة و لا نارا ليكون الله الحكم فيهم" رواه الديلمي عن عائشة رضي الله عنها .
    و في رواية : "حتى يكون الله يقضي فيهم يوم القيامة" رواه الخطيب عن علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه .
    و هم كأنهم أهل بدر: " افعلوا ما شئتم " ، بل أقيموا في مقام:"لا يسْئلُ عمّا يفْعلُ" [ الأنبياء: 23]

    شعر :
    بنوا حق غدوا بالحق صرفا ...... فنعت الخلق فيهم مستعار
    هم أهل إطلاق صرف أصلي و نظر أوليته لأنه الأصل .
    قال تعالى: "خلق لكُمْ ما في الْأ رضِ جمِيعاً" [ البقرة: 29]، أطلق و لم يقيد، ثم جاء التقييد، و حدث التحجّر في الحكم فيه، فالإطلاق أصل، و التقييد عارض.
    ومن هنا قيل: إن الأصل في الأشياء المباحة (شهوة) حيوانية، صرفة خالصة عن شوب التحجير و التقييد، كما كانت عند الفطرة أول مرة، هذا هو الرجوع إلى البداية حقّا .
    قال رضي الله عنه في الباب السبعين و المائتين من الفتوحات :
    إن القطب لا ينكح و لا يرغب فيه للنسل و لا للأمر، بل لمحض الشهوة الطبيعية، و اللذة الحيوانية، كأهل الجنة و على هذا يجري نكاح البهائم، فإنه لمجرد الشهوة. انتهى كلامه رضي الله عنه .
    أما ترى قوله صلى الله عليه وسلم أنه شبه تهاجرهم و تساندهم تهارج الحمر فإنها أشد حيوان في أخذهم ذلك الحظ، و أقوالهم فيه .

    و ورد في الخبر في أشراط الساعة :
    "إذا قبض روح كل مؤمن و كل مسلم، و يبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة" .
    قال السخاوي رحمه الله في معنى التهارج: أي التعاقد، و هو النكاح من البهائم .
    قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه: إن الناس غابوا عن هذا الشرف، و عابوا فاعلها، و جعلوها شهوة حيوانية مذمومة، و نزهوا نفوسهم عنها مع كونهم سمّوها شرف أسمائها، و هو قولهم: حيوانية: أي هي من خصائص الحيوان، و أي شرف أشرف و أتم و أعظم و أعم من الحياة .
    و من هذا سمّيت دار الآخرة دار الحيوان، و بها تميزت عن الدنيا، فالذي اعتقده نقصا و هجاء ردّ الله ثناءهم عليهم، و أجرى على لسانهم مدحا و ثناء، فاستدرجهم من حيث لا يشعرون .
    قال الشيخ الأكبر: هذه هي التجلي الأعظم، و فيها الشهود الأشمل الأتم، الذي خفي عن الثقلين إلا من خصّه الله من عباده. انتهى كلامه .
    ( مجردة عن الشرع و العقل )، إنما قال: مجردة عن العقل ليخرج منه النواميس الوضيعة الحكمية العقلية، فإنها رهبانية ابتدعوها، و ما رعوها حق رعايتها، فهم بمعزل عنه كما فهمته سابقا .
    قال رضي الله عنه في الفص الإلياسي: من أراد العثور على الحكمة الإلياسية و الإدريسية، فلينزل في حكم عقله إلى شهوته، و ليكن حيوانا مطلقا حتى ينكشف ما يكشفه كل دابة، مما عدا الثقلين. انتهى كلامه رضي الله عنه .
    و إمّا مجرّدة عن الشرع فلأن الشرع تكليف بأعمال مخصوصة عن أفعال مخصوصة على أشخاص مخصوصة، و محلها هذا الدار الدنيا، فهي منقطعة بانقطاع أهلها أهل الإيمان كما عرفت، فما بقي منهم في الدار ديارا، و يقول: مجردة عن الشرع: أي المقيد لأن المقام مقام الإطلاق، و محل ظهور الشرع المحمّدي صلى الله عليه و سلم بصرافة إطلاقه في الآفاق من غير تحجير و تحديد.
    قال تعالى : "ما مِنْ دابّةٍ إلّا هُو آخِذٌ بناصِيتها إنّ ربِّي على صِراطٍ مُسْتقِيمٍ" [هود: 56. ]
    هذا دين الله الأعم، و إن الدين كله لله، ألا لله الدين الخالص، فصاحب هذا المشهد يرى وجه الحق في كل محل و ملة، قال تعالى:"فأينما تولُّوا فثمّ وجْهُ اللّهِ " [ البقرة: 115. ]


      الوقت/التاريخ الآن هو 20/9/2024, 01:45