..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء الرابع Empty12/9/2024, 18:39 من طرف Admin

»  كتاب اللطف الخفي في شرح رباعيات الجعفي - الشيخ عبد العزيز الجعفي الشاذلي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء الرابع Empty12/9/2024, 18:25 من طرف Admin

» كتاب: نقض كتاب تثليث الوحدانية للإمام أحمد القرطبي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء الرابع Empty12/9/2024, 18:23 من طرف Admin

» كتاب: الشيخ سيدي محمد الصوفي كما رأيته و عرفته تأليف تلميذه الأستاذ عتو عياد
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء الرابع Empty12/9/2024, 18:21 من طرف Admin

» كتاب تجلّيّات السَّادات ، مخطوط نادر جدا للشيخ محمد وفا الشاذلي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء الرابع Empty12/9/2024, 18:15 من طرف Admin

» كتاب: النسوة الصوفية و حِكمهن ـ قطفها أحمد بن أشموني
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء الرابع Empty12/9/2024, 18:13 من طرف Admin

» كتاب: مرآة العرفان و لبه شرح رسالة من عرف نفسه فقد عرف ربه ـ ابن عربي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء الرابع Empty12/9/2024, 18:09 من طرف Admin

» كتاب: إتحاف أهل العناية الربانية في اتحاد طرق أهل الله وإن تعددت مظاهرها - للشيخ فتح الله بناني
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء الرابع Empty12/9/2024, 18:06 من طرف Admin

» كتاب: مجموع الرسائل الرحمانية ـ سيدي محمد بن عبد الرحمن الأزهري
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء الرابع Empty12/9/2024, 18:04 من طرف Admin

» كتاب: المواقف الإلهية للشيخ قضيب البان و يليه رسالة تحفة الروح و الأنس ورسالة الأذكار الموصلة إلى حضرة الأنوار للبلاسي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء الرابع Empty12/9/2024, 18:00 من طرف Admin

» كتاب: مجالس شيخ الإسلام سيدي عبد القادر الجيلاني المسماة جلاء الخواطر
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء الرابع Empty12/9/2024, 17:55 من طرف Admin

» كتاب: كيف أحفظ القرآن الكريم ـ للشيخ السيد البلقاسي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء الرابع Empty12/9/2024, 14:40 من طرف Admin

» كتاب: الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية تفسير القرآن العظيم ـ للإمام سليمان الصرصري
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء الرابع Empty12/9/2024, 14:20 من طرف Admin

» كتاب: تربيع المراتب و الأصول .. نتائج أفكار الفحول من أرباب الوصول للشيخ إبراهيم البثنوي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء الرابع Empty11/9/2024, 18:44 من طرف Admin

» كتاب: الوصول إلى معاني وأسرار القول المقبول ـ للشيخ عبد القادر بن طه دحاح البوزيدي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء الرابع Empty11/9/2024, 18:42 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء الرابع

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68406
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء الرابع Empty كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء الرابع

    مُساهمة من طرف Admin 6/7/2020, 09:02

    01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء الرابع
    ""قال الشيخ رضي الله عنه في نقى القول بالحول و الإتحاد ""
    "" قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات المكية الباب التاسع والخمسون وخمسمائة في معرفة أسرار وحقائق من منازل مختلفة : ومن قال بالحلول فهو معلول وهو مرض لا دواء لدائه ولا طبيب يسعى في شفائه مريض الكون إذا بل أعل فإن الحدوث له لازم به وقائم فمرضه دائم لا يزال على فراشه ملقى ومن سهام نوائب زمانه غير موقى فلا يزال غرضا مائلا وهدفا نائلا فهو الصحيح العليل والكثيب المهيل علته صحيحه وألسن عباراتها بالحال عنها فصيحة فإن كان الحق قواه فقد بري ء من علته وقواه فإن الحق سمعه فانجبر صدعه وإنه بصره فقد نفذ نظره وإنه لسانه فقد فهم بيانه وإنه رجله فقد استقام ميلة وإنه يده فما يطلب من يعضده فمن عرف هذه النحل فقد بري ء من جميع العلل فالله شفاؤه وهو داؤه فالمتكبر مقصوم ومن كان الحق صفته فهو معصوم. أهـ""
    "" قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات المكية الباب التاسع والخمسون وخمسمائة :
    وهذا يدلك على إن العالم ما هو عين الحق وإنما هو ما ظهر في الوجود الحق إذ لو كان عين الحق ما صح كونه بديعا كما تحدث صورة المرئي في المرآة ينظر الناظر فيها فهو بذلك النظر كأنه أبدعها مع كونه لا تعمل له في أسبابها ولا يدري ما يحدث فيها ولكن بمجرد النظر في المرآة ظهرت صور هذا أعطاه الحال فما لك في ذلك من التعمل إلا قصدك النظر في المرآة ونظرك فيها مثل قوله إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ"".

    ""وقال رضي الله عنه فى الإجابة على السؤال الحادي والخمسون في الباب الثالث والسبعون من الفتوحات :
    قال تعالى :"واعْبُدْ رَبَّكَ نسبة خاصة حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ" فتعلم من عبده ومن العابد والمعبود .
    قال تعالى : "ما من دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ "
    "وأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ". "اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ " ."أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ " . "صِراطِ الله الَّذِي لَهُ ما في السَّماواتِ وما في الْأَرْضِ " ." أَلا إِلَى الله تَصِيرُ الْأُمُورُ"." وإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ". " وإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ" ." فَاعْبُدْهُ " لا تعبد أنت فإن عبدته من حيث عرفته فنفسك عبدت وإن عبدته من حيث لم تعرفه فنسبته إلى المرتبة الإلهية عبدت وإن عبدته عينا من غير مظهر ولا ظاهر ولا ظهور بل هو هو لا أنت وأنت أنت لا هو فهو قوله فاعبده فقد عبدته وتلك المعرفة التي ما فوقها معرفة فإنها معرفة لا يشهد معروفها فسبحان من علا في نزوله ونزل في علوه ثم لم يكن واحدا منهما ولم يكن إلا هما لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ." أهـ. ""

    "" قال رضي الله عنه في الباب الثاني والتسعين ومائتين الفتوحات لنفي قول الحلول والإتحاد :
    كذلك الاقتدار الإلهي إذا تجلى في العبيد فظهرت الأفعال عن الخلق فهو وإن كان بالاقتدار الإلهي ولكن يختلف الحكم لأنه بوساطة هذا المجلى الذي كان مثل المرآة لتجليه وكما ينسب النور الشمسي إلى البدر في الحس والفعل لنور البدر وهو للشمس فكذلك ينسب الفعل للخلق في الحس والفعل إنما هو لله في نفس الأمر ولاختلاف الأثر تغير الحكم النوري في الأشياء فكان ما يعطيه النور بوساطة البدر خلاف ما يعطيه بنفسه بلا واسطة كذلك يختلف الحكم في أفعال العباد ومن هنا يعرف التكليف على من توجه وبمن تعلق.
    وكما تعلم عقلا إن القمر في نفسه ليس فيه من نور الشمس شيء وأن الشمس ما انتقلت إليه بذاتها وإنما كان لها مجلى وأن الصفة لا تفارق موصوفها والاسم مسماه .
    كذلك العبد ليس فيه من خالقه شيء ولا حل فيه وإنما هو مجلى له خاصة ومظهر له وكما ينسب نور الشمس إلى البدر كذلك ينسب الاقتدار إلى الخلق حسا. أهـ. ""

    "" قال الشيخ رضي الله عنه في الباب الرابع عشر وثلاثمائة من الفتوحات :
    وكيف يخرج عن إنسانيته الإنسان أو عن ملكيته الملك ولو صح هذا انقلبت الحقائق وخرج الإله عن كونه إلها وصار الحق خلقا والخلق حقا وما وثق أحد بعلم وصار الواجب ممكنا ومحالا والمحال واجبا وانفسد النظام فلا سبيل إلى قلب الحقائق وإنما يرى الناظر الأمور العرضية تعرض للشخص الواحد وتنتقل عليه الحالات ويتقلب فيها فيتخيل أنه قد خرج عنها وكيف يخرج عنها وهي تصرفه وكل حال ما هو عين الآخر فطرأ التلبيس من جهله بالصفة المميزة لكل حال عن صاحبه .أهـ ""

    ثم أن هذا الشخص يعمل بعمل زائد عن الفرض الذي افترض الله تعالى عليه من نوافل الخيرات، فينتج له هذا العمل نفي بصره، و سمعه، و جميع قواه التي كانت توجب له أحكامها، فكان ينطلق عليه من أحكامها أنه بصير إلى هذا: أنه بصير سميع إلى ذلك، فصار يسمع بالله بعد ما كان يسمع بسمعه، و يبصر بالله بعد ما كان يبصر ببصره مع العلم بأن الله تعالى تقدّس أن تكون الأشياء محلا له أو يكون هو تعالى محلا لها، فقد بصر العبد بما لم يقم به، و سمع بما لم يقم به فكان الحق سمعه، و بصره و هكذا في مسألتنا قرب الفرائض، و المناسبة بين القربين ظاهرة، و هي منشأ القياس بلا فارق، فافهم .
    ( فلهذا سمّي إنسانا ): أي لهذا الإبصار سمّي الإنسان إنسانا، و هو فعلان صيغة مبالغة للمبالغة فيه، فما كل عين ناظر لهذه المرتبة إلا عين الإنسان، و لو لا إنسان العين ما نظرت عين الإنسان، فبالإنسان نظر إلى الإنسان، كما أن المرآة إن كانت تامة الخلق مجلية، فلا تكمل إلا بتجلي صورة الإنسان الناظر الذي هو العلة الغائبة فافهم .
    قال رضي الله عنه في "الفتوحات ": فإذا علمت أنه ما في الوجود إلا ثلاثة أناسا :
    الإنسان الأول الكل الأقدم
    والإنسان العالم
    والإنسان الآدمي
    فانظر ما هو الأتم من هؤلاء الثلاثة ، انتهى كلامه .
    ( فإنه به نظر إلى خلقه فرحمهم ): أي الحق بالإنسان نظر إلى خلقه، فرحمهم كما جاء في الخبر الصحيح : "فبهم يرحمون و الله الرحمن الرحيم".
    أما ترى أن موسى عليه السلام و على نبينا صلى الله عليه و سلم كيف طلب شرح الصدر، و وزارة الأخ و هو رحمة، ثم أعقبه بقوله:" إّنك كُنْت بنا بصِيرًاً " [ طه: 35].
    فما رحمهما إلا بعد أن بصرهما بهما، فالعبد آله الرب للإبصار، و هذا من مقام قرب الفرائض، فأوجب المعنى كلمة لغير من قام به .
    و من هنا برقت بارقة لمن قال من أهل النظر: إن البارئ مريد بإرادة حادثة لم تقم به تعالى لأنه ليس محل الحوادث، فخلق الإرادة لا في محل، فأراد بها، فأوجبت الإرادة حكمها لمن لم يقم به، كما ظنت المعتزلة في الكلام.
    وأمّا الذي يرى أن المعاني لا توجب إلا لمن قامت به، طرأ عليه الغلط لكونه أثبت الصفات أعيانا متعددة وجودية، لا تقوم بنفسها، بل تستدعي موصوفا بها، تقوم به فيوصف بها فلو علم أن ذلك كله نسب و إضافات لا عين لها في عين واحدة، تكون تلك بالنسبة إلى كذا عالمة و إلى كذا قادرة، و إلى كذا غنية، و إلى كذا عزيزة، هكذا سائر الصفات و الأسماء، فيهون أمثال هذا عليه .
    أما سمعت خبر : "كنت سمعه و بصره".
    فالعبد هو الرائي ببصره، و البصر هوية الحق، و كذلك السمع لا حال و لا محل، فإنه تعالى لا يحل في شيء، و لا يحل فيه شيء، و لابد من عين العبد، و لا بد من عين هوية الحق، فرأى بغير ما قام به فافهم، فإنه من مشكلات هذا الفن، ذكرتها بالتقريب .

    قال المصنف رضي الله عنه : [فهو الإنسان الحادث الأزلي و النشؤ الدائم الأبديّ، و الكلمة الفاصلة الجامعة . فتم العالم بوجوده . فهو من العالم كفص الخاتم من الخاتم، الذي هو محل النقش و العلامة التي بها يختم الملك على خزانته، و سماه خليفة من أجل هذا . لأنه تعالى الحافظ به خلقه كما يحفظ الختم الخزائن فما دام ختم الملك عليها لا يجسر أحد على فتحها إلا بإذنه، فاستخلفه في حفظ العالم فلا يزال العالم محفوظا ما دام فيه هذا الإنسان الكامل. ].

    ( فهو الإنسان الحادث ): أي من حيث صورته، و تعينه (الأزلي ): أي من حيث عينه و ذاته .
    أمّا الأزل نفي الأولية، و نسبة الأزل للحق كنسبة الزمان الماضي للخلق، فلهذا يقال: كان ذلك في الأزل، فحدوثه باعتبار نشأته الظاهرة الجسمانية، و أزليته باعتبار الحقيقة و الروحانية

    قال رضي الله عنه :
    حقق بعقلك إن فكرت ...... نفيا لنفي و إثباتا لإثبات
    من أعجب الأمر أني لم أزل ..... و إنني مع هذا محدث الذات
    و سرّ ذلك أن الإنسان الكامل منخلعا عن نفسه، مختلعا بخلعة الصور الإلهيّة .
    و هو كالظل للشخص الذي لا يفارقه على كل حال غير أنه يظهر الحس تارة و يخفى تارة أخرى، فإذا خفي فهو معقول فيه، و إذا ظهر فهو مشهود بالبصر لمن يراه، فالإنسان الكامل في الحق معقول فيه كالظل إذا خفي في الشخص، فلا يظهر فلم يزل الإنسان أزلا، فلهذا كان مشهودا للحق من كونه موصوفا بأن له بصرا وهو الإنسان، فإنه معبر عنه كما ذكر في المتن.
    و على الجملة أن في العلم الأول لما تميزت عنده الحقائق المعنوية فهي: أي تلك الحقائق المجردة للحق معلومات و للخلق معقولات و لا وجود لها في الوجوب الوجودي و لا في الوجوب الإمكاني، فيظهر حكمها في الحق، فتنسب إليه، و سمّيت أسماء إلهية، فينسب إليها من نعوت الأزل ما ينسب إلى الحق تعالى، و ينسب أيضا إلى الخلق ما يظهر من حكمها فيه، فينسب إليها من نعوت الحدوث ما ينسب إلى الخلق فهي: أي الحقائق المذكورة هي الحادثة القديمة، و الأبدية الأزلية فافهم .

    قال رضي الله عنه في الباب السادس و الأربعين و ثلاثمائة: إن الإنسان الكل الكامل الكلي لم يزل مع الله، فلا يزال مع الله، فهو باق ببقاء الله، و ما عدا الإنسان الكامل، فهو باق بإبقاء الله تعالى .
    و هنا مسألة أخرى أذكرها لتعريف الفرق بين الأزلين و هي:
    إن الموصوفين بالأزل نفيا، أو إثباتا لا بتقدم أحدهما على الآخر لأن الأزل لا يصح فيه التقدّم و التأخّر، و لكن الفرق بينهما أن أزلية الأعيان هي دوام وجودها بدوام الحق مع افتتاح الوجود عن العدم بكونها من غيرها، و أزلية المبدع نعت سيي ينفي الأولية بمعنى افتتاح الوجود عن العين لأنه عين الوجود، فافهم .

    ( و النشؤ الدائم الأبدي) و الأبد نفي الآخرية و عدم انتهائها، و كل أزلي أبدي و لا بالعكس، و أمّا النشؤ هو إنما أعم من أن يكون من النشأة الدنيوية، أو الأخروية .
    أمّا في النشأة الدنيوية فنشؤه ظاهر بدنا و روحا، إمّا بدنا في النشأة الدنيوية فلأنه دائم التحليل، فدائم الغذاء لبدل ما تحلل منه، فدائم الزيادة و النشأ و النمو .
    أمّا باعتبار الروح في النشأة الدنيوّيّة، فلأن غذاؤها العلوم و المعارف، و هما على الدوام و إن لم يظهر لكل أحد .
    قال رضي الله عنه: إن الإنسان في زيادة علم أبدا دائما من جهة ما تعطيه حواسه و تقلبات أحواله في نفسه و خواطره، فهو مزيد علوم .
    و أمّا النمو البدني من جهة الآخرة، فإن الغذاء قد ثبت بالأخبار الصحيحة و الغذاء هو ما يصير جزءا للمتغذي .
    و أمّا ما سمّي غذاء أما ترى أن الخبر الصادق كيف عين مخارج الفضلات في النشأة الأخروية إنما تخرج عرقا، و لو لا الغذاء المعتاد في دار الآخرة ما عين هذا فافهم .
    وإنما نموّه وزيادته في الآخرة من حيث الروحانية والعلم، فقد ورد في الأخبار ما يدل عليه كحديث الرؤية: " وإن لنا في الآخرة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت "الحديث ، ويحصل هذا من غير تقدم علم به، هذا زيادة في العلم .
    وقوله صلى الله عليه و سلم : "إنه يحمد الله في يوم القيامة عند سؤاله في الشفاعة بمحامد لم يعلمها الآن".
    لأنها يقتضيها الموطن، و هذا كله نشأ و نما، و زيادة في الباطن و الظاهر في الدنيا و الآخرة، فافهم .

    ( و الكلمة) و هي مجموع من الحروف العاليات، و هي روح الكامل تسمّى كلمة لأثرها في العالم، سمّي بذلك عيسى عليه السلام كلمة الله الفاصلة بين الحق و الباطل، يتميز الفرق بينهما تارة بنظر الجمع، و تارة برؤية الفرق، و تارة بالجمع بينهما .
    فلهذا قال رضي الله عنه: (الجامعة) بين الحق و الباطل برؤية الجمع في الكل، و هو جمع الجمع .
    ومن هذا الذوق ما حكي عن بعض المشايخ، أو الشيخ أبي مدين قدّس سره قال رضي الله عنه :
    لا تنكر الباطل في طوره ...... فإنه بعض ظهوراته
    فسدّ جفاء الفرق، و الفصل بلطف الجمع و الوصل، فافهم .
    ( فتمّ العالم بوجوده) بأتم ما يكون إذ لا أكمل من صورته .
    قال الإمام الغزالي رحمه الله من هذا المشهد: ما في الإمكان أبدع ما كان، فدار العالم، و ظهر الوجود الإمكاني بين نور، و ظلمة، و طبيعة، و روح، و غيب، و شهادة، و سنن، و نفي، و إثبات .

    فما ولي من الوجود المحض كان نورا، و روحا، و ما ولي من العدم المحض، كان ظلمة، و جسما، و بالمجموع تكون الصورة، و به تحقق الكون الجامع، و المجلى المجلو الساطع، و لا ينظر الله إلا إليه و هو الحجاب الأعلى، و الستر الأزهى، و القوام الأبهى فلما حذاه حذوا معنويا على حضرة الأسماء الإلهية بعد ما حصلت فيه قواها، فظهر بها في روحه، و باطنه، فظاهر الإنسان خلق، و باطنه حق .

    قال الشارح رضي الله عنه :
    ( فهو من العالم) لما وجّه وجه كونه إنسانا، أراد رضي الله عنه أن يوجّه كونه خليفة .
    و قال : إن الإنسان الكامل من العالم (كفص الخاتم للخاتم و هو محل النقش و العلامة) .
    كما أن الفص محل النقش، كذلك الإنسان الكامل محل ظهور صور الأسماء الإلهية، وكما أن في الفص علامة تدل على صاحب الخاتم، كذلك العالم بمنزلة الخاتم، و فصّه الإنسان الكامل، وفيه علامة تدل على الحق تعالى لظهور جميع أسمائه فيه الدّالة عليه .
    فمن هذا ورد في الخبر: "من عرف نفسه فقد عرف ربه".

    قال رضي الله عنه في الفصل الثامن و مائة من "الفتوحات ": إن الإنسان الكامل يدل بذاته من أول البديهة على ربه لأنه على الصورة، انتهى كلامه رضي الله عنه .
    و قال أبو يزيد قدّس سره: من هذا الذوق إما دلّ على هويته من كلمة الله عليها، و كذلك سمّاني كلمة، انتهى كلامه رضي الله عنه .
    وقال صلى الله عليه و سلم : "إن أولياء الله الذين إذا رأوا ذكر الله". فالكامل من أعلى العلامات التي تدل عليه.
    "سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أولياء الله -تعالى-؟ قال: الذين إذا رأوا ذكر الله حنت قلوبهم إليه". المطالب العلية للحافظ أحمد بن حجر العسقلاني
    حديث عبد الرحمن ابن غنم: " خيار عباد الله الذين إذا رأوا ذكر الله، وشرار عباد الله المشاؤون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة ". أخرجه أحمد ابن حنبل و في إتحاف المهرة للحافظ أحمد بن حجر العسقلاني
    ( التي بها يختم الملك على خزائنه): أي العلامة التي تحفظ الملك بالختم بها ما في الخزائن من نفائس الجواهر، والعروض .
    يريد رضي الله عنه أن يمثل تمثيلا يناسب الإنسان الكامل، بل الأكمل الفرد الختم مع العالم، و يتبين فيه نسبته معه :
    و عني بالتلويح مفهم ذائق ...... غنى عن التصريح للمتعنت
    فإن نسبته الأكمل الكل مع العالم نسبة الختم على الخزانة، فكما تختم الخزانة المشحونة بنفائس الجواهر التي فيها عن تناول أيدي النفود و الفناء، و لا يجسر كل أحد أن يتصرف فيها .
    كذلك الإنسان الكامل الكل، فإنه ختم به على خزائن العالم على النفاد، و لا تجسر أيدي الحوادث، و أيدي الزمان على فكّ هذا الختم بالتغير و الإنسان .
    ( و سمّاه خليفة من أجل هذا ): أي من أجل أنه استخلفه، يحفظ ما في خزائن العالم و الوجود أنه حفيظ عليم، سمّاه خليفة، و الخليفة صورة مستخلفة، فما حفظ إلا بنفسه، فاحتفظت نفسه بنفسه، فبنفسه عين العلامة على نفسه، فافهم .
    ( لأنه سبحانه الحافظ) خلقه من حفظ الشيء نفسه لأن الوجود عينه، و ما في العالم سواه .

    ( كما يحفظ الختم الخزائن) بالعلامة التي في الختم، و هي صورة اسمه، و الاسم عين المسمّى، و بالعين يحرس العالم .

    و الختم ثلاث:
    ختم الولاية العامة الظاهرة في هذه الأمة، و هو المهدي .
    و ختم الولاية المطلقة و هو عيسى عليه السلام .
    و ختم الولاية المحمّدية، فأمّا ختم الولاية المحمّدية، و هو الختم الخاص، فيدخل في ضمنه الختمان السابقان، و إن كان مطلقين و عامين.
    فهما مختومان، و تحت الختم المحمّدي، و له التحقق بالبرزخية الثابتة بين الذات و الألوهية لأن ختمية النبوّة تختص بحضرة الألوهية، و له جمع الجمع لا جامع بعده مثله و لا حائز لكل الموارث غيره، و له كمال الآخرية المستوعبة، فله حكم الكل دون سواه، فلهذا لا يعرفه غير مولاه، و هو أعلم الخلق بالله، لا يكون في زمانه، و لا بعد زمانه، أعلم بالله، و بمواقع الحكم منه، فهو و القرآن إخوان، كما أن المهدي و السيف إخوان .
    قال رضي الله عنه: علمت حديث هذا الختم المحمّدي بـ "فاس" من بلاد المغرب، و هو شعرة واحدة من جسده صلى الله عليه و سلم.
    و لهذا يشعر به إجمالا، و لا يعلم تفصيلا إلا من أعلمه الله، أو من صدّقه أن عرّفه بنفسه دعواه، ذكره رضي الله عنه في الباب الثاني و الثمانين و ثلاثمائة من "الفتوحات" .

    ( فما دام ختم الملك عليها لا يجسر أحد على فتحها إلا بإذنه) فالختم دائما أبدا دنيا و آخرة، فإن الختمية ثابتة غيرمزالة، فافهم الإشارة تكن من أولي الألباب فإن هذا التمثيل خلاصة الخلاصة، و لباب هذا الباب فإن توهّمت فرض الإزالة في النشأة الدنيوية فهي ثابتة من وجه آخر لا محالة و هو النشأة الأخروية، فالختم دائما أبدا، فافهم .

    ( فاستخلفه في حفظ العالم فلا يزال العالم محفوظا فيه ما دام فيه هذا الإنسان الكامل) الذي هو الختم الدائم الجامع السرمدي، و ذلك العبد هو المقصود من العالم النائب عن العالم كله الذي لو غفل العالم كله أعلاه، و أسفله زمنا عن ذكر الله، و ذكره هذا العبد، قام في ذلك الذكر عن العالم كله، و حفظ به على العالم وجوده، و لو غفل العبد الإنساني المذكور عن الذكر زمنا فردا لم يقم العالم مقامه في ذلك و خرب منه .

    و قال صلى الله عليه و سلم : "لا تقوم الساعة و في الأرض من يقول الله الله" .
    إشارة إلى ذلك الذكر، قال رضي الله عنه في الباب الثالث و السبعين من "الفتوحات ": إن في العالم قطبا ينظر الحق تعالى إليه، فيبقى به هذا النوع الإنساني في هذا الدار، و لو كفر الجميع و هو ذا جسم طبيعي، و روح موجود يجسّده، و حقيقته يتغذى بجسمه و روحه، و هو مجلى الحق من آدم إلى يوم القيامة .

    كما أبقى الله بعد الرسول صلى الله عليه و سلم أربعة من الرسل أحياء في هذه الدار الدنيا:
    و هو عيسى، و إدريس، و إلياس، و خضر عليهم السلام، و هذه المعرفة التي أبرزنا عينها للناظرين لا يعرفها من أهل طريقتنا إلا منا، فيبقى الأمر محفوظا بهؤلاء الأحياء و ثبت الدين قائما بحمد الله ما انهدم منه ركن إذا كان له حافظ يحفظه، و إن ظهر الفساد في العالم إلى أن يرث الأرض و من عليها، و هذه نكتة فاعرف قدرها، فإنك لست تراها في كلام أحد أبدا، و لو لا ما ألقى عندي في إظهارها ما أظهرتها لسرّ يعلمه الله ما أعلمنا به، و لا يعرف ما ذكرناه إلا نوّابهم خاصة لا غيرهم من الأولياء .
    فاحمدوا الله يا إخواننا حيث جعلكم الله ممن قرع سمعه أسرار الله المخبؤة في خلقه التي اختصّ الله بها من يشاء من عباده، انتهى كلامه .

    قال المصنف رضي الله عنه : [ألا تراه إذا زال و فك من خزانه الدنيا لم يبق فيها ما اختزنه الحق تعالى فيها و خرج ما كان فيها و التحق بعضه ببعضه، و انتقل الأمر إلى الآخرة فكان ختما على خزانة الآخرة ختما أبديا .
    فظهر جميع ما في الصورة الإلهية من الأسماء في هذه النشأة الإنسانية فحازت رتبة الإحاطة و الجمع بهذا الوجود، و به قامت الحجة لله تعالى على الملائكة . فتحفظ فقد وعظك الله بغيرك، و انظر من أين أتي على من أتي عليه .].
    ( ألا ترى إذا زال) وجود الموضوع ليس بشرط في القضايا الشرطيات، فافهم .
    ( و فك من خزانة الدنيا لم يبق فيها ما اختزنه الحق فيها، و التحق بعضه ببعض و انتقل الأمر إلى الآخرة، فكان ختما على خزانة الآخرة ختما أبديا )، فالختمية ثابتة مزالة دائما أبدا، فافهم .
    قال رضي الله عنه في الأجوبة من "الفتوحات ": فأقبل ما سبب الختم، و معناه المنع و الحجز، فافهم فكان الختم أزلا فيكون أبدا .
    اعلم أنه ما ثم أمر من الأمور يفرض بين الأمرين، أو ينسب إليه بذاته، أو غاية إلا و لا بد أن يكون له فاتحة هي مرتبة أوليته، و خاتمة هي مرتبة آخريته، و أمر ثالث يكون مرجع الحكمين إليه بجمعهما، و يتعين بهما و هكذا الإنسان و العالم.ورد في الخبر عن الفاتح الخاتم صلى الله عليه و سلم أنه قال : "أعطيت فواتح الكلم و جوامعه و خواتمه" . عن أبي موسى رضي الله عنه ذكره في "جمع الجوامع" .

    فإذا تقرر هذا، فاعلم أنه سبحانه فتح خزانة غيبه، و ذاته، و هويته التي لا يعلمها سواه باسمه الجامع بين صفات الجمع، و التصرف، و الإطلاق، و التقييد، و الأولية و الآخرية، و الظاهرية، و الباطنية، و فتح باب معرفة ذاته و حضرة جمعه و إشهاده و تجليه الكمالي المعتلي على سائر الأسماء و الصفات بمن أظهره آخرا، و قدّره على صورته و حباه سره و سورته، و جعله خزانة مختومة حاوية على كل الخزائن و مفتاحا و هو أصل المفاتيح الأول و ينبوع الأنوار و المصابيح لا يعرفه سوى من هو مفتاحه، و يعلم هو المفاتيح التي حوتها ذاته، و اشتملت عليها عوالمه، و نشأته و أحاطت بها مراتبه، و مقاماته ما شاربه أن يراه منها، و يكشف له عنها، فإن متعلق النفي الوارد في قوله تعالى : "وعِنْدهُ مفاتحُ الغيْبِ لا يعْلمُها إلّا هُو " [ الأنعام: 59] .

    نفي أن يعرف مجموعها أو أن تعرف من حيث كونها مفاتيح، و أن يعرف لا بتعريفه و تعليمه سبحانه .
    وأما كون المفاتيح لا تعلم نفسها، أو لا تعرف بعضها بعضا، أو لا تعرف بتعريف، فلا نص فيه، فافهم .
    فلكل فاتحة خاتمة، و هي عينها هو الأول، الآخر، الظاهر، الباطن جمع النقيضين و انختم الختم على العالمين، فافهم .
    سئل خاتم النبوة صلى الله عليه و سلم متى كنت نبيا؟
    قال صلى الله عليه و سلم : "كنت نبيا و آدم بين الماء و الطين".
    و أشار إلى الأزل، فلو سئل خاتم الولاية المحمّدية متى كنت وليا خاتما؟ فكان يقول في جوابه: كنت وليا و آدم بين الماء و الطين: أي أزلا، و كل أزلي أبدي فيكون الختم أبدا، فافهم الإشارة .
    فكل ولي و نبي كان ظهور نبوّته و ولايته مشروطا بشروط كالظهور بالبدن العنصري بخلاف خاتم النبوّة و خاتم الولاية المحمّدية، فإنهما كانا في الأزل نبيا و وليا، و لم يكن آدم شيئا مذكورا.

    فكما أن الله تعالى ختم بمحمد صلى الله عليه و سلم نبوّة الشرائع.
    كذلك ختم الله بالختم المحمّدي بالولاية المحمدية
    بحيث لا يحصل للمحمّدي فيض إلا من مشكاته رضي الله عنه و له أمر الولاية المحمدية من قبل و من بعد، كما أن أمر النبوّة من قبل و من بعد سواء كان قبل الوجود العنصري، أو بعده، فلا يأخذ ولي إلا من مشكاته، كما لا يأخذ نبي إلا من مشكاته صلى الله عليه و سلم و هذه هي الأسوة الحسنة .
    قال صلى الله عليه و سلم إشارة إلى هذه الأسوة : " أما لكم فيّ أسوة". الحديث رواه أبو قتادة رضي الله عنه .
    و الختم المحمّدي عبارة عن خاتم يكون على حرف قدم محمد صلى الله عليه و سلم، و أما المحمّديون بعد هذا الختم يكون على قلوب الأنبياء عليهم السلام، فلا بعده من يكون على قدمه يطأ أثره، كما لا يكون أحد على قلبه: أي على قلب محمد صلى الله عليه و سلم أبدا، هذا معنى ختم الولاية المحمّدية، و هو أعلم الخلق بالله، و لا يكون في زمانه، و لا بعد زمانه أعلم بالله، و بمواقع الحكم منه، فهو و القرآن إخوان، كما أن المهدي و السيف إخوان، و كما أن لا نبي بعد محمد صلى الله عليه و سلم، كذلك لا ولي بعد هذا الختم سلام الله عليه، فإنه خاتم أولياء الذات، و روح الكلمات التامات، و لا بد أن يرى في كشفيه ما ينبئك عن وصفه إن سلكت هذه الطريقة، و بلغت إلى هذه الحقيقة فافهم .

    قال رضي الله عنه في "الفتوحات" في أصل أسئلة الترمذي: أمّا ختم الولاية المحمّدية فهي لرجل من العرب من أكرمها أصلا و نسبا، و هو في زماننا اليوم موجود، عرفت به سنة خمس و تسعين و خمسمائة، و رأيت العلامة التي قد أخفاها الحق سبحانه فيه في عيون عباده، و كشفها لي بمدينة "فاس" حتى رأيت خاتم الولاية النبوّة المطلقة لا يعلمه كثير من الناس، و قد ابتلاه الله بأهل الإنكار عليه فيما يتحقق به من الحق تعالى في سره من العلم به، انتهى كلامه رضي الله عنه .

    و ما رأيت بتصريحه بهذا المعنى لنفسه أصلا إلا في مواضع قليلة منها في بيت في الباب الثالث و الأربعين من "الفتوحات" فإنه رضي الله عنه قال : أنا ختم الولاية دون شك كورث الهاشمي مع المسيح .

    و في الباب الخامس والستون وثلاثمائة في معرفة منزل أسرار "الفتوحات" قال رضي الله عنه يشير إلى مقام الخاتمي : إنما علقت نفسي مع الله أن يستعملني فيما يرضيه ولا يستعملني فيما يباعدني عنه .
    وأن يخصني بمقام لا يكون لمتبع أعلى منه ولو أشركني فيه جميع من في العالم لم أتأثر لذلك فإني عبد محض لا أطلب التفوق على عباده .
    بل جعل الله في نفسي من الفرح أني أتمني أن يكون العالم كله على قدم واحدة في أعلى المراتب فخصني الله بخاتمة أمر لم يخطر لي ببال فشكرت الله تعالى بالعجز عن شكره مع توفيتي في الشكر حقه .
    وما ذكرت ما ذكرته من حالي للفخر لا والله وإنما ذكرته لأمرين الأمر الواحد لقوله تعالى وأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ وأية نعمة أعظم من هذه والأمر الآخر ليسمع صاحب همة فتحدث فيه همة لاستعمال نفسه فيما استعملتها فينال مثل هذا فيكون معي وفي درجتي فإنه لا ضيق ولا حرج. أهـ

    فإن قيل: بأي صفة استحقّ بها أن يكون خاتما للولاية المحمدية.
    قلنا: بتمام مكارم الأخلاق مع الله، إنما قلنا: مع الله لأن أغراض الخلق مختلفة، و لم يمكن تعميم موافقة العالم بالجميل فنظر نظر الحكيم، فلم يجد صاحبا مثل الحق، و لا صحبة أحسن من صحبته .

    و رأى أن السعادة في معاملته، فنظر إليه فرأى أنه شرع أحكاما، و حدّ حدودا فوقف عندها، فما صرف الأخلاق إلا مع سيده، فلما كان بهذه المثابة قيل فيه ما قيل في خاتم النبوة: "وإنّك لعلى خُلقٍ عظِيمٍ" [ القلم: 4] .
    قال رضي الله عنه في الباب الرابع و الثلاثين و خمسمائة من "الفتوحات ": إن هذه الآية تليت علينا تلاوة تنزل إلهي من أول السورة إلى قوله: "عتل بعْد ذلك زِنيمٍ" [ القلم: 13] انتهى كلامه.
    و مكارم الأخلاق معلومة عقلا، و عرفا، و التصرف فيها و بها معلوم شرعا، فمن اتصف بها على الوجه المشروع .

    و زاد تتميم: مكارم الأخلاق، و هو إلحاق سفسافها بها، فتكون كلها مكارم الأخلاق بالتصرف المشروع و المعقول، فقد اتصف بكل ثناء إلهي، و اتصف فلا يزال محسودا، و بالعداوة مقصودا، فافهم .
    قال الشارح رضي الله عنه :
    ( فظهر جميع ما في الصورة الإلهية من الأسماء في هذه النشأة الإنسانية) هذا هو التخلق بجميع الأسماء، و هو أحسن تقويم .
    و قال تعالى: "و علّم آدم الْأسْماء كُ لّها [ البقرة: 31] و لم يقل بعضها .
    و قال صلى الله عليه وسلم : "إن الله خلق آدم على صورته" رواه الشيخان البخاري، و مسلم .
    و في رواية : "صورة على صورة الرحمن".

    ( فجازت رتبة الإحاطة و الجمع )، فجمع بين الصورة الحقية، و صورة العالم و كان برزخا بين الحق، و الخلق مرآة منصوبة يرى الحق فيها، و يرى الخلق فيها، فمن حصّل هذه المرتبة، حصّل رتبة الكمال الذي لا أكمل منه في الإمكان .
    كما قال الإمام الغزالي رحمه الله: ما في الإمكان أبدع ما كان، و معنى رؤية الحق: فيها إطلاق جميع الأسماء الإلهية عليه، كما جاء في الخبر: "فبهم تنصرون والله الناصر، وبهم ترزقون و الله الرزاق، و بهم ترحمون و الله الرحمن الرحيم".

    و قد ورد في القرآن: " بالمُؤْمِنين رؤُفٌ رحِيمٌ " [ التوبة: 128] .
    "و ما أرسلناك إلّا رحْمةً للْعالمِين" [ الأنبياء: 107]: أي لنرحمهم بك لأنه اسم الله الأعظم، فافهم.
    ( بهذا الوجود) لأن صاحب هذا الوجود لا يرى في الوجود إلا الله، و يرى أحكام أعيان الممكنات في عين وجوده، و هذا هو النظر التام الذي لا ينال بالنظر و لكن ينال بالشهود، و هو قوله صلى الله عليه و سلم :
    "من عرف نفسه فقد عرف ربه، فمن عرف أنه لم تزل عينه في إمكانه عرف ربه بأنه الموجود و الوجود".
    و به (قامت الحجة لله على الملائكة ): أي بهذا الجمع و الوجود و هو حجة الله على الملائكة .
    قال تعالى: "و علّم آدم الْأسْماء كُلّها" [ البقرة: 31] .
    يعني: الأسماء التي هي مبادئ لإيجاد العالم، و مؤثرات في حقائق الأكوان، و من جملتها الأسماء الإلهية التي توجّهت على إيجاد الملائكة و هي لا تعرفها، ثم أقام المسمّيين بهذه الأسماء، و هم مظاهر التجليات الإلهية التي هي الأسماء كالمواد الصورية للأرواح .
    فقال: "أنبئوني بأسْماءِ هؤُلاءِ إنْ كُنْتمْ صادِقين "[ البقرة: 31]،
    يعني: الصور التي تجلى فيها الحق إن كنتم صادقين في قولكم "نسبِّحُ بحمْدِك "[ البقرة: 31]، :
    كأنه قال لهم: و هل سبحتموني بهذه الأسماء التي تقتضيها هذه التجليات التي أتجلّاها لعبادي؟

    و إن كنتم صادقين في قولكم : و نقدّس ذواتنا عن الجهل بك، فهل قدّستم ذواتكم لنا من جهلكم بهذه التجليات و ما لها من الأسماء التي ينبغي أن تسبحوني بها؟ .
    فقامت عليهم الحجة في ادّعائهم الإلهية، فقالت بعد العلم: "لا عِلْم لنا إلّا ما علّمْتنا" [ البقرة: 32]، و اعترفت بالكمال الذي غاب عنها هذا .
    وقد قال تعالى لها: إنه خليفة، فكيف بها لو لم يقل لها ذلك، فلم يكن ذلك إلا لبطونه على الملائكة.
    ( فتحفظ، فقد وعظك الله بغيرك) من أكبر العناية أن يعظك بغيرك، أن السعيد من وعظ بغيره و ذلك لرتبة المحبوبية و كمال السعادة .
    (وانظر من أين أتى على من أتي عليه) مبني للمفعول، يقال: أتاه، و أتى به و أتي عليه، و هي لا تستعمل مجهولا إلا في المكاره.

      الوقت/التاريخ الآن هو 20/9/2024, 03:33