..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء السادس Empty12/9/2024, 18:39 من طرف Admin

»  كتاب اللطف الخفي في شرح رباعيات الجعفي - الشيخ عبد العزيز الجعفي الشاذلي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء السادس Empty12/9/2024, 18:25 من طرف Admin

» كتاب: نقض كتاب تثليث الوحدانية للإمام أحمد القرطبي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء السادس Empty12/9/2024, 18:23 من طرف Admin

» كتاب: الشيخ سيدي محمد الصوفي كما رأيته و عرفته تأليف تلميذه الأستاذ عتو عياد
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء السادس Empty12/9/2024, 18:21 من طرف Admin

» كتاب تجلّيّات السَّادات ، مخطوط نادر جدا للشيخ محمد وفا الشاذلي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء السادس Empty12/9/2024, 18:15 من طرف Admin

» كتاب: النسوة الصوفية و حِكمهن ـ قطفها أحمد بن أشموني
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء السادس Empty12/9/2024, 18:13 من طرف Admin

» كتاب: مرآة العرفان و لبه شرح رسالة من عرف نفسه فقد عرف ربه ـ ابن عربي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء السادس Empty12/9/2024, 18:09 من طرف Admin

» كتاب: إتحاف أهل العناية الربانية في اتحاد طرق أهل الله وإن تعددت مظاهرها - للشيخ فتح الله بناني
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء السادس Empty12/9/2024, 18:06 من طرف Admin

» كتاب: مجموع الرسائل الرحمانية ـ سيدي محمد بن عبد الرحمن الأزهري
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء السادس Empty12/9/2024, 18:04 من طرف Admin

» كتاب: المواقف الإلهية للشيخ قضيب البان و يليه رسالة تحفة الروح و الأنس ورسالة الأذكار الموصلة إلى حضرة الأنوار للبلاسي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء السادس Empty12/9/2024, 18:00 من طرف Admin

» كتاب: مجالس شيخ الإسلام سيدي عبد القادر الجيلاني المسماة جلاء الخواطر
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء السادس Empty12/9/2024, 17:55 من طرف Admin

» كتاب: كيف أحفظ القرآن الكريم ـ للشيخ السيد البلقاسي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء السادس Empty12/9/2024, 14:40 من طرف Admin

» كتاب: الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية تفسير القرآن العظيم ـ للإمام سليمان الصرصري
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء السادس Empty12/9/2024, 14:20 من طرف Admin

» كتاب: تربيع المراتب و الأصول .. نتائج أفكار الفحول من أرباب الوصول للشيخ إبراهيم البثنوي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء السادس Empty11/9/2024, 18:44 من طرف Admin

» كتاب: الوصول إلى معاني وأسرار القول المقبول ـ للشيخ عبد القادر بن طه دحاح البوزيدي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء السادس Empty11/9/2024, 18:42 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء السادس

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68406
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء السادس Empty كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء السادس

    مُساهمة من طرف Admin 6/7/2020, 09:07

    01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء السادس
    قال المصنف رضي الله عنه : [ ثم لم يقفوا مع التجريح حتى زادوا في الدعوى بما هم عليه من التقديس و التسبيح . و عند آدم من الأسماء الإلهية ما لم تكن الملائكة تقف عليها فما سبحت ربها بها و لا قدسته عنها تقديس آدم و تسبيحه .فوصف الحق لنا ما جرى لنقف عنده ونتعلم الأدب مع الله تعالى فلا ندعي ما نحن متحققون به وحاوون عليه بالتقييد، فكيف أن نطلق في الدعوى فنعم بها ما ليس لنا بحال ولا نحن منه على علم فنفتضح؟] .
    قال الشارح رضي الله عنه :
    ( ثم لم يقفوا مع التجريح) و هو قولهم: "منْ يُـفْسِدُ فيها و يسْفِكُ ِّ الدماء" [ البقرة: 30] .
    لم يكن ينبغي لهم ذلك لأن الله تعالى قال: "و لا يغتبْ بعْضُكُمْ بعْضاً أ يحِب أحدكُمْ أنْ يأكُل لحْم أخِيهِ ميْتاً فكرهْتمُوهُ واتّـقُوا اللّه إنّ اللّه توّابٌ رحِيمٌ " [ الحجرات: 12] .
    ( حتى زادوا في الدعوى) يعني: وقفوا مع التجريح إلى أن زادوا في الدعوى و كل مدع مطالب بالبرهان على صحة دعواه فإن البينة على المدّعي، فاحتاجت إلى البينة و الشهود و الشهود و لا بد له من التزكية، فزّكّت أنفسها بلا شهود وغفلت عن قوله: " فلا تزُّكوا أنْـفُسكُمْ " [ النجم: 32] فمن التزكية و نعت في الدعاوي و التجريح من حيث لا تشعر .
    ( بما هم عليه من التسبيح و التقديس ) و هو قوله سبحانه: "ونحْنُ نسبِّحُ بحمْدِك ونقدسُ لك" [ البقرة: 31] .
    مع أنه تعالى أخبر: إن كل شيء يسبح بحمده، و لكن هنا فرق آخر، و هو: إن تسبيح العالم يثبت بشهادة الله تعالى .
    حيث قال: "و إنْ مِنْ شيْءٍ إلّا يسبِّحُ بحمْدِهِ" [ الإسراء: 44]: أي بحسب علمهم و قدر معرفتهم، فيكون ضمير بحمده راجعا إلى كل شيء لأنهم قدّروا الله حق قدره، و تسبيحهم بأدعيائهم .
    وإن كان في نفس الأمر يحتمل أن يكون موافق الحق.
    و لكن ما نعلم أن اختيارهم بهذا من الاتفاقات الحسنة و من التعريف الإلهي لأن المسبح أثبت على نفسه الحجاب، و لا يكون المسبح في حالة الشهود لأن الشهود فناء، و العالم لا يفتر عن التسبيح طرفة عين لأن تسبيحه ذاتي كالنفس للمتنفس، فدلّ أن العالم لا يزال محجوبا، و طلبهم بذلك التسبيح هو المشاهدة.
    فخلق الإنسان على صورته و أعطاه دوام المشاهدة، و عرف الملائكة بمرتبته السنية، و أخبرهم: إن لهم بهذه الكرامة .
    أما ترى قول الشيخ الأكبر رضي الله عنه في "الفتوحات" أنه قال: كل العالم يسبح غير الإنسان الكامل لأن التجلي له دائم، و حكم الشهود له لازم يا ليت شعري!
    لو قالت: نسبحك بحمدنا: أي بما نحن عليه كان يخلصهم لأن كل أحد ما يسبح إلا بحمده: أي بقدر علمه و كشفه .
    قال تعالى تنبيها لذلك: "و ما قدروا اللّه حقّ قدْرهِ " [ الأنعام: 91] فافهم .
    ( و عند آدم الأسماء الإلهية) من حيث التحقق و التخلق، لا من حيث التخلق، و بأنوار هذه الأسماء يظهر مسمياتها خلقا و خلقا مما يتعلق بالذات و الصفات و الأفعال في الإلهيات و مما يتعلق بأجناس الممكنات و أشخاصها جملة تفصيلا، و هذه الأنوار التي كانت لآدم خلقا حين علم جميع الأسماء، و تحقق بها حيث علم كيفية التأثير في الوجود بالأسماء كانت له بالتعليم أو بالوضع الإلهي لا بالتعليم بالاصطلاح المعتاد، و في ذلك تكون الفضيلة و الاختصاص، فقد أحضر الله تعالى أعيان المسميات، فقال تعالى: "فقال أنبئوني بأسْماءِ هؤُلاءِ إنْ كُنْتمْ صادِقين" [ البقرة: 31] .
    من جملة المسمّين أعيان الملائكة عليهم السلام فما عرفوها ذوقا، فإن علوم الأكابر ذوق، و الذوق إنما يكون عن تجلّ إلهيّ لا عن تعريف، و لا لهم هذا التجلي فلا لهم ذوقه .
    فقالوا: "لا عِلْم لنا" فعلم آدم الأسماء الإيجادية كلها، و أسند إلى نفسه إيجادهم بالأسماء التي هم مظاهرها، و التي أوجد بها الملائكة المتعرضين، و استندوا إليها، فافهم .
    إن هذا تعليم الأسماء المؤثرة في الكون، و هذا هو التعليم الإلهي الذي وقع في نفس الأمر لا ما يحتمل عقلا، و يمكن و هما كما هو المتبادر لإفهام القاصرين، و الفائدة إنما هي فيما وقع لا فيما يمكن، و هذا هو الفرق بين أهل الكشف مما يقولون، و بين أهل النظر و الفكر مما يتوهمون، فافهم .
    حتى نعلم رتبة الملك عن آدم، فإنه متأثر عن مؤثر، و لآدم رتبة الإيجاد عليها فافهم .
    و هذا حيث ألاح له لوائح القدم يعني: عطاء مرتبة الوجود ، و أخرجه غير حيطة الإمكان، فجعله خلافا للملائكة فافهم .
    في صفائح العدم، و رجع قهقري بالسبك، و الفك إلى البساطة بتحليل التركيب و فناء البناء و الرسم، و ذلك رجوع بالعرفان لا بذهاب العين و الاسم .
    و ما كلّ عين بالجمال قريرة ..... و ما كلّ من نودي يجيب
    إذا ( ما لم تكن الملائكة عليها ): أي على الأسماء الإلهية التي استند إليها المشار إليهم بهؤلاء في إيجادهم و أحكامهم، كأنه تعالى يقول توبيخا لهم و تقريرا: هل سبحتموني بهذه الأسماء، و قدّستموني بها؟
    حيث ادعوا نحن نسبح بحمدك، و نقدّس لك .
    ( فما سبحت ربها بها ): أي بالأسماء الإيجادية التي بها الإله إله، و بها يؤثر في الكون ( و لا قدسته عنها تقديس آدم و تسبيحه) لأنه سبحه كل إنسان و هو الدليل عليه بكل برهان، و المعلم بكل الأسماء .
    قال تعالى: "وعلّم آدم الْأسْماء كُلّها" [ البقرة: 31] و من جملة الأسماء التي توجّهت لإيجاد الملائكة، و بيان ذلك التجلي في الأنوار الطبيعية المختصّة بآدم عليه السلام فهو التجلي الصوري المركب، فيعطي من المعارف بحسب ما ظهر فيه من الصور وهو يعمّ الملك والفلك وغيرها .
    قال رضي الله عنه: ومن هذا التجلي نعرف صلاة كل صورة وتسبيحها، وكل قد علم صلاته وتسبيحه، وهو كشف جليل .
    و من هنا يدرك أن كل شيء يسبح بحمده تسبيحا ذاتيا و لكن على قدر علمه بنفسه، فينزه من كل ما هو عليه من الحوادث به أعني: الحوادث المختصّة به لا مطلقا .
    و لهذا السرّ يختلف تنزيه الحق و تسبيحه، و أن تسبيح آدم تسبيح عن التسبيح و تقديس عن التقديس كما حمد الله، و سبح نفسه .
    و قال: "ليس كمِثلهِ شيْءٌ" [ الشورى: 11] نزه و شبه في تلك الآية .
    أشار إلى هذا المعنى ما ورد في الخبر في تفسير الآية: "و سبِّحْ بحمْدِ ربِّك" [ الطور: 48]:
    أي قل: سبحان الله و الحمد لله إنه صلى الله عليه و سلم جعل التسبيح بالحمد بين تنزيه و تشبيه، فافهم هذه الإشارة، فإن هذا هو تسبيحه بحمده نفسه، فتسبيحه إياه تسبيحه .
    (فوصف الحق لنا ما جرى) للملائكة من المعارضة (لتقف عنده و تتعلم الأدب مع الله تعالى) .
    ورد في الأثر المأثور : "السعيد من وعظ بغيره"
    قيل في المثل: إياك أعني و اسمعي يا جارة .
    بل كان هذا الخبر من الله من قبيل حفظ الصحة على آدم و بنيه قبل قيام العلة، فإنه من ألطف حفظ الصحة، و هو أن يحفظ المحل قبل أن يقوم به مرض و علة لأنه كان في الاستعداد قبول المرض .
    قال تعالى: "إنِّي أعِظك أنْ تكُون مِن الجاهِلين" [ هود: 46] .
    وذكر هذه الحكاية منه تعالى لنا من أتمّ المواعظ، وأعلى المنن والاغتناء لتكون من السعد الذين وعظوا بغيرهم .
    ( فلا تدّعي ما نحن متحققون به) مع أن الدعوى له حق، و التحدي به صدق كخاتم النبوّة صلى الله عليه و سلم أنه علم علم الأولين و الآخرين .
    و مع هذا قال : "لا أدري ما يفعل بي و لا بكم". لا يدّعي العلم والكشف مع العلم والكشف .
    و هكذا الولاية المحمّدية فإنه خاتم الولاية، و لا يصرّح القول بدعواه و النص عليه أصلا .
    ( و حاوون عليه بالتقييد ): أي فلا ندّعيه و هو مختص بنا، و نحن مشتملون عليه أما ترى أن للإنسان الكامل ظهورا في المرتبة، و مع هذا نصب عينيه حكم ليس لك من الأمر شيء، بل إذا ظهرت عليه أحوال.
    وصدرت منه آثار وأفعال يقول: هي لله تعالى الظاهر بأسمائه، فما لنا و الدعوى فنحن لا شيء في حال كوننا مظاهر له و في غير هذا المحال، فللعبد ترك الدعوى و التبري عنه أولى، و إن كان ترك الدعوى من الدعوى، و لكن التبري من الدعوى بالدعوى أليق و أحرى، و هذا كله لتعلم شؤم الدعوى و راحة تركها .
    قال رضي الله عنه في "الفتوحات ": هذا المقام يسمّى راحة الأبد و القائم فيه مستريح و هذا الذي وفى الربوبية حقها لأن الحكم للمرتبة لا للعين .
    فالزهو و الدعوى من أين؟
    كالسلطان المتحكّم في المملكة إنما هي المرتبة لا عين ذلك الإنسان، أما ترى حين عزل ما يؤّوّل إليه حاله، فالناصح نفسه لا ينخدع من نفسه، و يرى أن الحكيم وضع خلافته في الأرض .
    و قال:" إنِّي جاعِلٌ في الْأرضِ خلِيفةً" [ البقرة: 30] و لم يقل: في الأرض و السماء مع أنه هكذا، كما أنه في السماء إله، و في الأرض إله حتى لم يزل في مقام الذلة و العبودية في نفسه و لا تحجبه مرتبة الخلافة بالصفات التي أمدّه بها عن رتبة عبوديته، بل منهم من الأدباء الذين يجعلون بينهم و بين نعوت الحق تعالى عند التخلق بأسمائه ما وصف به الملأ الأعلى من تلك الصفة.
    فيأخذونها من حيث هي صفة لعبيد من عباد الله مطهّرين، لا من حيث هي صفة للحق أدبا مع الله تعالى حتى لا يكونوا تخلقوا بأخلاق الله تعالى، فهم لا يرجعون من مقام العبودية ولا يجدون طعما للربوبية التي تستحقها هذه الأسماء .
    و هذا الذوق في العارفين عزيز و هو من شيم الأولياء الكرماء الأخفياء الأبرياء، و هذا هو التأسّي بسيد الخلق مع سيادته يقول : "أنا عبد و أنا بشر مثلكم".
    و أيّ أسوة أعظم من هذا التأسّي لمن عقل عن الله تعالى، رحم الله امرؤ عرف قدره و لم يتعدّ طوره، فطوبى لمن كان على صورة تقتضي له المنزلة من العلو و السيادة، و لم يؤثر فيه و لا أخرجته عن عبوديته .
    كما قال سيد أرباب الآداب صلى الله عليه و سلم بالأمر الإلهي و التأديب الرباني: " إنما أنا بشرٌ مِثْـلكُمْ" [ الكهف: 110] .
    فتلك عصمة و حظ أ وفر، حققنا الله و إياكم بهذا المقام المطلق و الحال المحقق بمنه و فضله الحق .
    ( فكيف أن تطلق في الدعوى فتعمّ بها ما ليس لنا بحال و لا نحن منه على علم فنفتضح ): أي عند الله و بين أيدي عباده العالمين بحقائق الأمور، أما ترى الإنسان الكامل و إن وصفه الحق بما وصف به نفسه من جميع الوجوه يعلم أنه لا بد من فارق و ليس إلا افتقاره إليه في الوجود، و توقف وجوده عليه لإمكانه و غناه .
    فبهذا الاتصاف صحّ له الاتصاف بالأدب و الاقتداء، و لم يفتضح عند كشف الغطاء، و لذلك إن الأكابر منهم لا يتحدثون إلا عن مواجيدهم كل ذلك خوفا من الفضيحة بعد الكشف .
    قال الله تعالى تأديبا لعباده:" فلم تحاجون فِيما ليْس لكُمْ بهِ عِلْمٌ و اللّهُ يعْلمُ و أنْـتمْ لا تعْلمُون" [ آل عمران: 66] رفع عنهم رأسا .
    و قال تعالى: "فلا تمارِ فيهِمْ إلّا مِراءً ظاهِرًاً ولا تسْتفْتِ فِيهِمْ مِنْـهُمْ أحداً " [ الكهف: 22] .
    فالناصح نفسه اللبيب الأديب ينبغي أن يقف مع الله، و يترصّد أعلامه تعالى، فإن كان من أرباب التجلي فيترقب التجليات الإلهية بواسطة أو بغير واسطة لأن طرق العلم انحصرت بهذه المراتب حتى لا يفتضح حيث افتضح غيره و يلتحق بالسعداء الذين وعظوا بغيرهم .


    قال الشيخ المصنف رضي الله عنه : [ فهذا التعريف الإلهي مما أدب الحق به عباده الأدباء الأمناء الخلفاء . ثم نرجع إلى الحكمة فنقول: اعلم أن الأمور الكلية وإن لم يكن لها وجود في عينها فهي معقولة معلومة بلا شك في الذهن، فهي باطنة- لا تزال- عن الوجود العيني. ولها الحكم والأثر في كل ما له وجود عيني، بل هو عينها لا غيرها أعني أعيان الموجودات العينية، ولم تزل عن كونها معقولة في نفسها.] .
    قال الشارح رضي الله عنه:
    ( فهذا التعريف الإلهي ): أي الذي عرفنا اللّ ه مما وقع من الملائكة .
    و قد حكاه الله تعالى لنا حكاية و تعريفا و تأديبا مما أدّب الحق به عباده الأدباء .
    ( الأدب) مشتق من المأدبة و هو الاجتماع على الطعام كذلك الأدب عبارة عن جماع الخير كله .
    قال صلى الله عليه و سلم : "إن الله أدّبني" : أي جمع فيّ جميع الخيرات لأنه قال : "فأحسن تأديبي" .
    أحسن ما جمع الإنسان العلم بالله مأدبة، و الأدب بابها فمن حرم عن الباب أيس من الدخول عليها، فلا تدخلوا البيوت:
    أي العلوم مثل قوله: أنا مدينة العلم إلا من أبوابها، و هي التخلق بأسماء الحق، و الوقوف على ما تقتضيه عبوديته و إن يوفى ما يستحقّه مرتبة سيده من امتثال أوامره .
    ورد في الخبر : "إن هذا القرآن مأدبة الله، فتعلموا من مأدبته ما استطعتم ".الحديث رواه ابن مسعود رضي الله عنه .
    فهذه المحاسن كلها كانت مجموعة فيه رضي الله عنه أحسن جماع، وبهذا ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "خلقه القرآن".
    ( الأمناء الخلفاء ): أي أمناء الأمانة و خلفاء الرتبة .
    قال صلى الله عليه و سلم : "إن لله أمناء" .
    و قال في أبي عبيدة بن الجرّاح : "إنه أمين هذه الأمة" .
    قال رضي الله عنه: طائفة من الملامتية لا يكون الأمناء من غيرهم وهم أكابرهم فلا يعرف
    ما عندهم من الأحوال بجريهم مع الخلق بحكم العوائد، و الوقوف عند ما أمر الله به و نهى على جهة الفريضة .
    و الخضر عليه السلام من الأمناء و لما عرض الله الأمانة على الإنسان و قبلها كان بحكم الأصل ظلوما جهولا، فإنه خوطب بحملها عرضا لا أمرا .
    فإن حملها جبرا كان أعين عليها مثل الأمناء، فإنهم حملوها جبرا لا عرضا، فإنهم حماهم الكشف فلا يقدرون أن يجهلوا ما علموا، و لم يريدوا أن يتميزوا عن الخلق لأنه ما قيل لهم في ذلك أظهروا شيئا منه و إلا لا تظهروه، فوقفوا على هذا الحد، فسمّوا أمناء .
    و يزيدون على سائر الطبقات بأنهم لا يعرف بعضهم بعضا بما عنده، فكل واحد منهم يتخيل في صاحبه أنه من عامة المؤمنين، و هذا ليس إلا لهذه الطائفة من الأمة خاصة هكذا ذكره رضي الله عنه في "الفتوحات" .
    ( ثم نرجع إلى الحكمة و نقول) لما وقعت حكاية الملائكة جملة معترضة في بيان الحكمة التي كان رضي الله عنه بصدد بيانها، و انقطعت فرجع لتكميل بيانها، و يريد التمثيل المضروب للحقائق الكلية التي اتصف بها الحق و الخلق بها .
    فهي للحق أسماء و للخلق صفات، و هي على أصلها في المعقولية ما برحت و لا تقوم الصورة إلا في هذا المعقول، فافهم .
    ( اعلم أن الأمور الكلية و إن لم يكن لها وجود في عينها ): أي من حيث أنها كلية طبيعية ليس لها وجود مستقل في الخارج، فهي معقولة بلا شك في الذهن كالعلم والحياة فإنهما معلومان فهي باطنة من حيث هي كلية .
    ( لا تزول عن الوجود العيني) بالعين المهملة، و قرئ لا تزال معلوما أو مجهولا يعني: أن الأمور الكلية المطلقة، و لو لم يكن لها وجود من حيث إطلاقها و كليتها في الخارج و لكن لا تنفك عنه إذ وجودها في ضمن أفرادها، فإن الوجود الكلي الطبيعي في ضمن الأفراد كالعلم والحياة مثالهما وجود عيني باطني في العقل، و لهما وجود عيني ظاهري في الخارج .
    ( و لها الحكم و الأثر في كل ما له وجود عيني ): أي الأمور الكلية المعقولة التي لا عين لها في الوجود العيني الخارجي لها الحكم و الأثر، فصار الحاكم و المؤثر أمورا عدمية معقولة ما لها عين في الخارج فعلى الحقيقة لا أثر لموجود في موجود، إنما الأثر للمعدوم في الموجود، ويظهر ذلك في أحكام المراتب كمرتبة السلطنة و مرتبة السوقة بما يريد لمرتبة السلطنة، و ليس للسلطنة وجود بل هي مرتبة المراتب .
    و العاقل يرى و يعلم أن المتحكّم في المملكة إنما هي المرتبة لا عينه إذ لو كان لكونه إنسانا فلا فرق بينه و بين سائر الأناسي، و المرتبة كانت ما كانت أمر اعتباري لا عين لها في الوجود، فافهم :
    و الجمع حال لا وجود لعينه ..... و له التحكم ليس للآحاد
    و هذه المسألة مضى لها ذكرا سابقا: إن كنت مفيقا، فهذه الأمور الكلية حاكمة على الطبائع التي تعرض لها بأن يقال لها أنها حية ذات علم و إرادة و قدرة و ترتب عليها ما يلزمها من الأفعال و الآثار التابعة لها، بل هو عينها ضمير هو يرجع إلى كل، و ضمير عينها إلى الأمور الكلية فهو إضراب و له الحكم في كل موجود .
    ( بل هو عينها ): أي كل ما له وجود عيني في الخارج هو عين الأمور الكلية و ليس بأمرين، بل أمر واحد و له اعتبار عند العقل و اعتبار في الخارج .
    مثلا تحلل الجامد، و تغيرت الصورة فتغير الاسم فتغير الحكم، فلمّا رجع جامدا رجعت الصورة في الحال، و الحال كالحال فنزلت الأحكام تخاطب الأعيان بما هي عليه من الصور و الأحوال و الأسماء، فالعين واحدة و الصور مختلفة الأحوال باختلاف الصور، فافهم .
    هكذا الأمر في جميع الصور كانت ما كانت لا غيرها: أي الأمور الكلية المعقولة .
    ( أعني ): أي أريد بكل ما له وجود عيني أعيان الموجودات العينية الخارجية و ذلك لأن الكلي الطبيعي عين جزئياته في الخارج، فإن الحقيقة الواحدة ظهرت بالصورة و الشخص، و هما أمران نسبيان عدميان ليس لهما وجود في الخارج، فما ظهرت الحقيقة الكلية الواحدة إلا بإطلاقها فهم من فهم، و أنكر من أنكر .
    ( و لم تزل عن كونها معقولا في نفسها ): أي لم تزل تلك الأمور الكلية في كلمتها في البطون من حيث معقوليتها، و ما ظهرت لأنها مراتب و المراتب لم تتنزل عن مقامها أبدا .

      الوقت/التاريخ الآن هو 20/9/2024, 04:01