..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء العاشر Empty12/9/2024, 18:39 من طرف Admin

»  كتاب اللطف الخفي في شرح رباعيات الجعفي - الشيخ عبد العزيز الجعفي الشاذلي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء العاشر Empty12/9/2024, 18:25 من طرف Admin

» كتاب: نقض كتاب تثليث الوحدانية للإمام أحمد القرطبي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء العاشر Empty12/9/2024, 18:23 من طرف Admin

» كتاب: الشيخ سيدي محمد الصوفي كما رأيته و عرفته تأليف تلميذه الأستاذ عتو عياد
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء العاشر Empty12/9/2024, 18:21 من طرف Admin

» كتاب تجلّيّات السَّادات ، مخطوط نادر جدا للشيخ محمد وفا الشاذلي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء العاشر Empty12/9/2024, 18:15 من طرف Admin

» كتاب: النسوة الصوفية و حِكمهن ـ قطفها أحمد بن أشموني
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء العاشر Empty12/9/2024, 18:13 من طرف Admin

» كتاب: مرآة العرفان و لبه شرح رسالة من عرف نفسه فقد عرف ربه ـ ابن عربي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء العاشر Empty12/9/2024, 18:09 من طرف Admin

» كتاب: إتحاف أهل العناية الربانية في اتحاد طرق أهل الله وإن تعددت مظاهرها - للشيخ فتح الله بناني
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء العاشر Empty12/9/2024, 18:06 من طرف Admin

» كتاب: مجموع الرسائل الرحمانية ـ سيدي محمد بن عبد الرحمن الأزهري
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء العاشر Empty12/9/2024, 18:04 من طرف Admin

» كتاب: المواقف الإلهية للشيخ قضيب البان و يليه رسالة تحفة الروح و الأنس ورسالة الأذكار الموصلة إلى حضرة الأنوار للبلاسي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء العاشر Empty12/9/2024, 18:00 من طرف Admin

» كتاب: مجالس شيخ الإسلام سيدي عبد القادر الجيلاني المسماة جلاء الخواطر
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء العاشر Empty12/9/2024, 17:55 من طرف Admin

» كتاب: كيف أحفظ القرآن الكريم ـ للشيخ السيد البلقاسي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء العاشر Empty12/9/2024, 14:40 من طرف Admin

» كتاب: الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية تفسير القرآن العظيم ـ للإمام سليمان الصرصري
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء العاشر Empty12/9/2024, 14:20 من طرف Admin

» كتاب: تربيع المراتب و الأصول .. نتائج أفكار الفحول من أرباب الوصول للشيخ إبراهيم البثنوي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء العاشر Empty11/9/2024, 18:44 من طرف Admin

» كتاب: الوصول إلى معاني وأسرار القول المقبول ـ للشيخ عبد القادر بن طه دحاح البوزيدي
كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء العاشر Empty11/9/2024, 18:42 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء العاشر

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68406
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء العاشر Empty كتاب: حكم الفصوص وحكم الفتوحات الشيخ الشريف ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني ـ 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء العاشر

    مُساهمة من طرف Admin 6/7/2020, 09:13

    01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية الجزء العاشر
    قال المصنف رضي الله عنه : ( و لما اقتضاه لذاته كان واجبا به . و لما كان استناده إلى من ظهر عنه لذاته اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من كل شيء من اسم و صفة، ما عدا الوجوب الذاتي فإن ذلك لا يصح للحادث و إن كان واجب الوجود و لكن وجوبه بغيره لا بنفسه .)
    قال الشارح رضي الله عنه :
    (و لما اقتضاه بذاته كان واجبا به ). فإن للعالم أحكاما لولا تعريفه تعالى إيانا بها ما عرفناها و ذلك أنه إذا اتبعنا رسوله فيما جاءنا به من الطاعة أحبنا، و أرضيناه فرضي عنا .
    قال تعالى: "رضِي اللّهُ عنْـهُمْ" [ المجادلة: 22]، و إذا خالفنا و لم نمتثل أمره أسخطناه و أغضبناه، و كذلك إذا دعونا أجابنا، فالدعاء من أثره، و الإجابة من أثرنا لتعلموا أنه ما ظهر شيء إلا من صورة ما هو عليه مؤثر و متأثر، فإذا فهمت هذا المساق علمت معنى: التفت الساق بالساق، و عرفت الأمر هكذا على الإطلاق فافهم .
    ( و لما كان استناده إلى من ظهر عنه لذاته) لا لأمر عرضي اقتضى أن يكون على صورته .
    قال الله تعالى: "قلْ كُلٌّ يعْملُ على شاكلتهِ " [ الإسراء: 84] .
    ورد في الخبر الصحيح : "إن الله خلق آدم على صورته". رواه الشيخان البخاري و مسلم رضي الله عنهما .
    أي لما كان استناد المحدث إلى المحدث من اقتضاء ذاتي من المحدث الفاعل، و ذلك لأنه متصوّر الحق تعالى لما جاء في الحديث ذكر الصورة، فعلمنا أن الله تعالى إنما أراد خلقه على الصورة من حيث أنه يتصوّر إلا من حيث ما يعلمه من غير تصور.
    فكل ما يتصوّره المتصورون فهو عينه لا غيره كان من كان لأنه ليس بخارج عنه، ولا بد للعالم أن يكون متصوّرا له على ما تظهر عينه إذ لم يبق في الإمكان معنى إلا و قد ظهر في العالم متصور، ولا خفاء أن الشكل و الصورة يألف شكله و صورته و هو الإنسان الكامل الذي لا يماثل في ليس كمثله شيء، و هو محل الجمع لصورة الحضرة الإلهية و لصورة العالم الكبير، و انفصل من جميع المولدات لأن جميع المولدات ما عدا الإنسان الكامل موجود عن العالم، فهو أم بغير أب كوجود عيسى عليه السلام من حيث الطبيعية، بخلاف الإنسان الكامل فإنه بين أب و أم، فافهم .
    قال رضي الله عنه في الباب الثامن و الثمانين و مائتين من "الفتوحات" بعد ذكر هذه المسألة: و إنما نبهتك على هذا لئلّا تقول أن جميع المولدات وجدت بين الله و العالم و ما كان الأمر كذلك، و إلا فلا فائدة لقوله صلى الله عليه و سلم : "خلق آدم على صورته".
    ولا كما يتوهمه بعض أصحابنا بل شيوخنا من كونه ذاتا و سبع صفات، فإن ذلك غير صحيح .
    فإن الإنسان الحيواني معلوم أن له الذات و الصفات، بل لكل حيوان كما للإنسان الكامل، و إن كان التفاوت بالنقصان و الزيادة و ليس الأمر في نفس الأمر كذلك، بل كان يبطل اختصاص الإنسان الكامل بالصورة، فابحث على هذا الكنز حتى يفتح الله عليك كما فتح به على من يشاء من عباده، انتهى كلامه رضي الله عنه .
    و إنما خلقت على صورته حتى تطلع منك على ما أخفاه فيك من قرة أعين، بل حتى تطلع على ما في نفسه تعالى .
    قال رضي الله عنه: العلم الذي يعطي السعادة للعبد هو العلم الذي يعلم ما في نفس الحق ولا يعلم ذلك أحد من خلق الله إلا بإعلام الله.
    قال تعالى: "ولا يحِيطون بشيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إلّا بما شاء " [ البقرة: 255] .
    قال الله تعالى عن الكامل عليه السلام: إنه قال اعترافا أو تأدبا بأدب النبوّات: "تعلمُ ما في نفْسِي" أي من حيث أنه عينها .
    "ولا أعْلمُ ما فِي نفْسِك" [ المائدة: 117] من حيث أني غيرك في هذا الموطن .
    يقول: المحمّدي الذي يغبطه النبيون يوم الفزع الأكبر بلا خوف و لا فزع، وأعلم ما في نفسك، وذلك إمّا من مقام من عرف نفسه فقد عرف ربه لأن نفسه استهلكت و فنيت.
    وما قال ما قال إلا بلسان الذات هذا كمالهم عند البقاء، فلا يعلم ما في نفسه سواه لأن هذا لسان الولاية، و الله الولي الحميد و على ما نقول شهيد، فافهم .
    وإن خرجنا عن المقصود و لكن ما خرجنا بالكلية، بل نحن ندندن حواليه، و أردت أن أظهر لك هذه الإشارة لتكون لك بشارة إن كنت من المحمّديين حتى تعرف قدر سيدك صلى اللّ ه عليه و سلم، و قدر وارثيه لتعلم معنى قوله صلى الله عليه و سلم : "أوتيت جوامع الكلم".
    وقوله صلى الله عليه و سلم : "علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل".
    كما قال القطب الوارث في هذا المقام: أوتيتم اللقب، و أوتينا ما لم تؤتوا، فافهم .
    فإن قيل: إذا كان ظهوره على الصورة، فما هذا التغير الذي يطرأ على الإنسان في نفسه، وصورة الحق لا تقبل التغير الذي يطرأ على الإنسان في نفسه؟
    قلنا: إن الله تبارك وتعالى قال في هذا المقام: "سنفْرغُ لكُمْ أيُّه الثّقلانِ" [ الرحمن: 31] .
    و قال صلى الله عليه و سلم : "إن الحق يتجلى في أدنى صورة". رواه البخاري ومسلم
    لم يتحول عند إنكارهم إلى الصورة التي عرفوها فيها بالعلامة التي يعرفونها، فقد أضاف إلى نفسه هذا المقام وهو العلي عن مقام التغير بذاته، ولكن التجليات الإلهية في المظاهر على قدر العقائد، فيختلف باختلافها.
    وبهذا الاعتبار ارتفع الاعتراض الوهمي تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا .
    ""أضاف المحقق قال سيدي عبد الوهاب الشعراني: يا أخي : (أن للحق تبارك وتعالى تجليين تجلي في رتبة الإطلاق حيث لا خلق، وتجلي في رتبة التقييد بعد خلق الخلق، ولكل من هذين التجليين جاءت الشرائع والأخبار الإلهية، فمن قال بتنزل الحق تعالى في مرتبة التقييد على الدوام أزلا وأبدا ?المجسمة والحلولية والقائلين بالاتحاد أخطأوا، ومن قال بعدم التنزل من مرتبة الإطلاق على الدوام أبدا كالمنزهة فقد أخطأوا، فرجع يا أخي كل كلام يعطي التنزيه إلى مرتبة الإطلاق، وكل كلام يعطي ظاهره التشبيه إلى مرتبة التقيد، يرتفع الخلاف عندك والتعارض من جميع الآيات والأخبار) انتهى . ""
    "" أضاف المحقق: أعلم يا أخي أن تجلى الإطلاق هو: كل ما أشعر بعدم وجود العالم المشار إليه بس كان الله ولا شيء معه.
    وتجلي التقييد هو: كل ما أشعر بعدم وجود العالم المشار إليه بـ «كان الله ولا شيء معه.
    و تجلي التقييد هو: كل ما أشعر بوجود العبد مع الرب من سائر حضرات الأسماء الإلهية .
    فتجلى الإطلاق هو: تجليه تعالى في ذاته لذاته على الدوام، وذلك لا يكون إلا في حضرة الاسم (الله)، والاسم (الأحد)
    و تجلي التقييد هو: تجليه تعالى لعباده في بقية الأسماء التي تطلبهم: كالرب، والخالق، والرازق، والرحمن، والمعز، والمذل، والمنتقم، وغيرها من سائر ما علمناه، وما استأثر الله بعلمه؛ فإن الرب يطلب المربوب و جودا وتقديرا في العلم الإلهين، ولا يعقل إلا معه، وكذلك الخالق وما بعدها
    وأما حضرة الذات التي هي تجليه تعالى في الاسم الله أو الاسم الأحد فلا تطلب شيئا من العالم، "ومن جاهد فإنما يجاهد نفسه إن الله لغني عن العالمين" [العنكبوت:6].
    ولذلك كان لا يعقل لحضرها أحكام، ولا يصح أن يؤخذ عنها بشرائع ولا أحكام؛ اذ ليس معها سواها.
    وتأمل يا أخي لو يقع التجلي في رتبة التقييد ، كان التحلي في رتبة الإطلاق كما كان قبل حلق الخلق المشار إليه بـ «كان الله ولا شيء معه» من كان معه حتى بتلقي عنه شرائع، ومن كان هناك يعمل بما أو لا يعمل من أهل القبضتين.
    وأنشدوا
    قد كان ربك موجودا ولا معه …. شيء سواه ولا ماض ولا ات
    فلما خلق الله تعالى الخلق وتجلى في رتبة التقيد التي هي كناية على المرآة المنطبع فيها صور الموجودات أجمع وسمي لنا نفسه بالأسماء الطالبة لأهل حضراتها.
    ولا بد لك أيضا من إثبات من تحكم فيه حضرات الأسماء الإلهية: ?ـ المعز، والمنتقم، والغفور، فإن أثر هذه الأسماء في حق الحق محال .
    فقد بان لك أنه تعالى من حين أظهر الخلق ما تجلى لهم قط في رتبة الإطلاق؛ لأن هذه الرتبة تنفي بذاتها وجود غيرها معها، وما تجلى بعد إظهار هم إلا في رتبة التقييد.
    ومن لازم شهود أهل العقول أنفسهم معه التحييز والتحديد والحصر؛ إذ المقيد لا يشهد إلا مقيدا، وأما الإطلاق فإنما يعلم فقط بالإعلام الإلهي لا بالعقل.
    ولذلك قررنا غير ما مرة أن أعلى مشاهدة العبد أن يرى إطلاق الحق تعالى وتقييد الكون، فهذا إذا حقيقة وحدته تقيدا.
    فإن أصل التقييد وسيبه إنما هو التمييز ، حتى لا تختلط الحقائق، وقد صار الحق تعالى في قلب هذا الشاهد مقيدا بالإطلاق؛ لأن الإطلاق بلا مقابل لا يعقل، ولو كان التجلي في كل صورة في العالم.
    وبلغنا عن الشيخ محيي الدين رحمه الله : أنه كان يقول بإدراك نجلى الإطلاق ذوقا، وهذا لا يصح إلا عند من يقول أن الحق تعالى يقبل حكم كل ممكن من حيث أنه عين الوجود.
    بل ولو قيل بذلك لا يتخلص له إلا عند فنائه، لا في حال بقائه مع الحق، وحينئذ فما رأى إطلاق الحق إلا الحق، فافهم.
    وإياك والغلط؛ فإنه لا حلول ولا اتحاد ولا يلحق عبد رتبة ربه أبدا، ولو صار الحق تعالی سمعه وبصره وجميع قواه فإن الحق تعالى قد أثبت عين العبد معه بالضمير في قوله في الحديث القدسي: «كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به»، إلى أخر النسق.
    فإن قيل: إن كلام الحق تعالى قديم، وقد قال الله تعالى: "هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش" [الحديد: 4].
    وهذا يشعر بأنا معه في الأزل، كما يقول بذلك الفلاسفة.
    قلنا: التحقيق أن العالم كله قدم في العلم الإلهي حادث في الظهور .
    وقد قال صلى الله عليه وسلم: «كان الله ولا شيء معه»،
    وأجمع المحققون على أن المراد بـ (كان) الوجود، لا أنها على صورة (كان) التي هي من الأفعال الماضية، فهو حرف وجودي، لا فعل يطلب الزمان، كما يتوهمه بعضهم.
    حتى أنهم أدرجوا في الحديث: (وهو الآن على ما عليه كان)؛ لتخيلهم أن تصريفها كتصريف الأفعال.
    ?ـ ?ان ويكون وكائن ومكون، فمعنى الحديث: الله موجود ولا شيء معه في حضرة ذاته: أي ما ثم من وجوده واجب لذاته، إلا هو وحده. ""
    فلمّا كان الإنسان على الصورة اقتضى أن يكون سريع التغيير كثير الخواطر، فلا يزال يتقلب في كل نفس لو ظهرت لرأيت عجبا لكونه على صورة الأصل .
    و هو كل يوم هو في شأن، فمن المحال ثبوت العالم زمانين على حالة واحدة، فلا يزال يتقلب في كل آن، يسمّي الخواطر بحكم الأصل الذي كل يوم هو في شأن، فأصل التغيير من تغيير الأصل الذي يمدّه، و ذلك لما علمنا أنه الدهر، و أن صفة الدهر الحول القلب .
    و في الحديث الصحيح : "إنه تعالى يتحوّل في الصور فيعرف و ينكر". ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب والمباركفوري في التحفة.
    قال الشيخ رضي الله عنه: لما رأيت اختلاف عيني و لم يستقر لي أصل، فطلبت الإقالة من وجودي .
    فقال: أما ترضى أن تكون مثلي و ليس كمثله شيء، انتهى كلامه .
    فأثر الانتقالات في الأحوال من أثر كونه تعالى كل يوم هو في شأن .
    قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه: و لا يشهدها كشفا إلا أصحاب الأحوال، و لا يشهدها حالا إلا أهل السياحات، ولا يشهدها علما إلا القائلون بتحدد الأعراض في كل زمان و هم طائفة من أهل الكلام القائلون بأن الأعراض لا تبقي زمانين، فافهم .
    ( فيما ينسب إليه تعالى من كل شي ء ): أي فيما يجوز أن ينسب إليه إمّا في أول الأمر كالاسم فإن له الأسماء، و إمّا ثانيا كالصفة فإن له بعد نسبتها إلينا .
    فلهذا قال رضي الله عنه: (من اسم )، قال الله تعالى: "لهُ الْأسْماءُ الحُسْنى يسبِّحُ لهُ ما في السّماواتِ والْأرضِ و هُو العزيزُ الحكِيمُ" [ الحشر: 24] أثبت لنفسه الأسماء .
    قال رضي الله عنه في الباب الثامن و الثلاثين و ثلاثمائة من "الفتوحات": أعلم الخلق بالله صلى الله عليه و سلم من هذا المقام : "لا أحصي ثناء عليك". الحديث لأن الثناء بالأسماء و أسماؤه الحسنى لا تحصى، فالثناء عليه لا يحصى، والألسنة تكلّ فيها و تعيي.
    وأمّا الثناء من حيث التسبيح تنحصر، و تحصى، و لا تكلّ به الألسنة و لا تعني لأنه نفي عن كل وصف لا إثبات فيه .
    ( و صفة) و هي من النسب التي لا يجوز أن ينسب إليه تعالى في أول الأمر، بل تنسب إليه بعد نسبة ذلك إلينا .
    قال الله تعالى: "سُبْحان ربِّك رب العِزِّة عمّا يصِفُون" [ الصافات: 180] أطلق و لم يقيد بصفة دون صفة، و العزة المنع من الوصول إليه شيء من الثناء عليه .
    قال الإمام الغزالي رحمه الله في بعض تصانيفه إشارة إلى هذا المقام .
    والمعنى: إن الناس ينزهونه عن نقائض الصفات، و أنا أنزهه عن كمالها .
    أما ترى أن بعض العلماء تنبهوا لهذا المعنى، و إن لم يلم مرضى علماء الرسوم و لكن هو حق من وجه، و ذلك أنهم لما رأوا أن المشاركة بين الحق و الخلق ما يصح حتى في إطلاق الألفاظ عليه .
    فإذا قيل لهم: إنه موجود، قالوا: ليس بمعدوم.
    و إذا قيل: إنه عالم، قالوا: ليس بجاهل .
    و هكذا جمع الصفات الثبوتية، فإن الحادث موصوف به و لا مشاركة، فافهم .
    قال رضي الله عنه في حضرة الحضرات من "الفتوحات": فإن الأصل التعري و التنزيه و التبري عن الصفات مطلقا و لا سيما في الله .
    إذا كان أبو يزيد رضي الله عنه يقول: لا صفة لي فالحق أولى أن يطلق عن التقييد بالصفات لغنائه عن العالم لأن الصفات إنما تطلب الأكوان، فلو كان في الحق ما يطلب العالم لم يصح كونه غنيا عمّا هو طالب، فافهم .
    و ذكر رضي الله عنه في الباب الثامن و الثلاثين و ثلاثمائة من "الفتوحات" : فانظر حكمة الله تعالى في كونه لم يحصل له صفة في كتبه، بل نزه نفسه عن الوصف .
    فقال: "وللّهِ الْأسْماءُ الحُسْنى" [ الأعراف: 180] فجعلها اسما، ولم يجعلها نعوتا وصفاتا ولكن هي لنا نعوت وصفات يثني علينا بها.
    قال تعالى: "بالمُؤْمِنين رؤُفٌ رحِيمٌ" [ التوبة: 128] و أذن لنا بالتخلق في الأسماء الحسنى و هو عين ما قلنا، ثم أثنينا به عليه لأنه حميد و له عواقب الثناء، فأثنى الله على نفسه بها .
    و قال : "إن الكبرياء ردائي" ، وهي صفة عبده و هو رداؤه، فإنه من منزل ثناء الحق على نفسه بغناه عن خلقه بخلقه، فافهم .
    إن هذا عين ما سيقوله رضي الله عنه في المتن بعد سطرين .
    و هو قوله: فما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف، و هكذا الأمر لما كان استناد المستند إلى المستند لذاته، اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من الأسماء.
    و هو التخلق بأخلاق الله تعالى و إحصاء الأسماء الحسنى، و فيما لا ينسب إليه كالصفات لأنه تعالى جمع له التقييد و الإطلاق، كما جمع لنفسه بين التنزيه و التشبيه، فقال تعالى: "ليس كمِثلهِ شيْءٌ" [ الشورى: 12] .
    و من هذا المقام قال أبو يزيد قدّس سره لما قيل له كيف أصبحت؟
    فقال: لا صباح لي و لا مساء، إنما الصباح و المساء لمن تقيد بالصفة و أنا لا صفة لي، فوصف نفسه بعدم التقيد بالصفات، فإذا كانت الصفة قيدا لا يقبله العبد المقيد، فكيف تطلق على المطلق الحقيقي، و هو رضي الله عنه أشار بهذا إلى التجرد الحقيقي، فافهم .
    ( غير الوجوب الذاتي) ما استفاده من أحد فإنه وصف ذاتي لا يفارقه أبدا .
    قال رضي الله عنه في الفتوحات الباب التاسع و الستين و ثلاثمائة: إن كل حكم في العالم لا بد أن يستند إلى نعت إلهيّ، إلا النعت الذاتي التي يستحقه الحق الذاتي و به كان غنيا، و النعت للعالم بالاستحقاق و به كان فقيرا، بل عبدا .
    و من هذا الذوق قيل: الفقير لا يحتاج فافهم، فإن المحل ما يحتمل البسط فإن ذلك: أي اقتضاؤه لذاته لا يصح في الحادث، و إن كان واجب الوجود: أي من كونه حادثا لا يصح له هذا، و إن كان يصح له وجوب الوجود من وجه آخر .
    ( و لكن وجوبه بغيره لا بنفسه ): أي من حيث أنه حادث بخلاف ما نحن بصدد بيانه، فإنه من اقتضاء ذاتي من الوجه الحق، فهو واجب بوجوبه لإيجابه، فإن الذاتيات لا تفارق الذات بوجه من الوجوه و إلا يلزم خلاف المفروض، فافهم .
    قال رضي الله عنه في "الفتوحات" في الاسم الحق: إن للحق وجوب الوجود بنفسه، و للخلق وجوب الوجود لا أقول بغيره، فإن الغير ما له عين و إن كان له حكم كالنسب لا عين لها و لها الحكم .

    قال الشيخ المصنف رضي الله عنه : [ ثم ليعلم أنه لما كان الأمر على ما قلناه من ظهوره بصورته، أحالنا تعالى في العلم به على النظر في الحادث و ذكر أنه تعالى أرانا آياته فيه . فاستدللنا بنا عليه فما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف إلا الوجوب الخاص الذاتي ] .
    قال الشارح رضي الله عنه :
    ( ثم لتعلم) لما ذكر رضي الله عنه الرابطة التي هي من المناسبة الصورية، و أي مناسبة أعلى و أتم أن يكون على الصورة، فأراد أن يذكر لوازمها .
    ( إنه لما كان الأمر على ما قلنا من ظهوره بصورته) أما ترى الحق تعالى ما تسمّى باسم، و لا وصف نفسه بوصف إلا و الخلق يتصف بهما بحسب ما تعطيه حقيقة الموصوف .
    و إنما تقدّمت في الحق بالوجود، و تأخّرت في الخلق لتأخره فيه، فيقال في الحق: إنه ذات توصف بأنه حي عالم قادر، و يقال في العالم: إنه حي عالم قادر بلا خلاف من أحد، و العلم و الحياة و القدرة على حقيقة في العقل .
    ( أحالنا الله تعالى في العلم به على النظر في الحادث) آخر علمنا به عن علمنا بالحوادث لنعلم أن علمنا بالحوادث أصل للعلم بالأصل، فافهم .
    أما ترى قوله صلى الله عليه و سلم : "من عرف نفسه فقد عرف ربه".
    فيه إشارة خفية إلى ذلك و هو لب المعارف الإلهية، حيث جعل الأصل فرعا والفرع أصلا، فافهم ولا يمكنني إظهاره أكثر من هذا.
    قال صلى الله عليه و سلم : "أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه".
    فجعلك دليلا عليه، و جعل معرفتك بك دليلا على معرفتك به إمّا بطريق وصفك بما وصف به نفسه، و إمّا بطريق الافتقار الذي أتت عليه في وجودك، و إمّا بالأمرين لا بد من ذلك، فافهم .
    قال رضي الله عنه في الفتوحات الباب الخامس و السبعين و ثلاثمائة: و قد ذكرت هذه المسألة في محل آخر، و لكن أذكرها هنا بضرورة داعية إليها، و هي أن الأصل التقييد لا الإطلاق في محل، فإن الوجود مقيد بالضرورة .
    و لذلك كل ما دخل في الوجود مثناة، فالإطلاق الصحيح إنما يرجع لمن في قوته أن يتقيد بكل صورة، و لا يطرأ عليه ضرورة من ذلك التقييد، و ليس هذا إلا لمن تحقق بالمداراة .
    و الله يقول: "وهُو معكُمْ أين ما كُنْتُمْ " [ الحديد: 4]، و هو أشرف الحالات لمن عرف ميزانها، و هو واحد فرد، و أين ذلك الواحد الفرد؟ فافهم، انتهى كلامه رضي الله عنه .
    ورد في الحديث : "بعثت لمداراة الناس". رواه البيهقي عن جابر رضي الله عنه .
    و فيه إشارة إلى ما ذكرناه من المداراة، فلمّا أحالنا في العلم به تعالى على النظر في الحادث، فعلمنا أنا مطلوبون له لا لأنفسنا و أعياننا لأن الدليل مطلوب للمدلول لا لنفسه، و لهذا لا يجتمع الدليل و المدلول أبدا، فلا يجتمع الحق و الخلق أبدا في وجه من الوجوه إذا جاء الحق زهق الباطل، فالعبد عبد لنفسه، و الرب ربّ لنفسه، فالموجود موجود، و المعدوم معدوم .
    و ذكر أنه أرانا آياته فيه: أي في الحادث، و هو قوله تعالى: "سنريهِمْ آياتنا فِي الْآفاقِ وفي أنْـفُسِهِمْ حتّى يتبيّن لهُمْ أنّهُ الحق أو لمْ يكْفِ بربِّك أنّهُ على كُل شيْءٍ شهِيدٌ" [ فصلت: 53]، فأحالنا على الآفاق وهو ما خرج عنا من الحوادث وعلى أنفسنا، وهو ما نحن عليه وبه من حيث الحدوث .
    قال تعالى: "وفي أنْـفُسِكُمْ أفلا تُـبْصِرُون" [ الذاريات: 21]، فإذا وقفنا، وعثرنا على الأمرين معا حينئذ عرفناه، فتبين لنا أنه الحق .
    قال صاحب ذوق :
    في كلّ شيء له آية ..... تدلّ على أنه واحد
    و العارف يقول في هذا المقام: ففي كل شيء لذاته تدل على أنه عينه، و لكن دلالة الأمرين: أي الآفاق والأنفس مجموعا أتم و أعلى لحكمة سيظهرها لك إن شاء الله تعالى .
    و هي: أنا إذا نظرنا في نفوسنا ابتداء لم نعلم هي يعطي النظر فيها ما يعطي النظر في الآفاق علما بالله أم لا يعطيه نفوسنا، فإذا نظرنا في نفوسنا حصل لنا من العلم به ما يحصل للناظر في الآفاق، فإذا نظرنا جميعا ظهرت لنا حقيقة الأمر بلا مراء و شك، فافهم .
    و أما الشارع صلى الله عليه و سلم فلما علم أن النفس جامعة لحقائق العلم فإنها مختصّة و منتخبة منه فجمعك عليك حرصا منه على كمال أمته كما شهد الله تعالى .
    فقال تعالى: "حريصٌ عليْكُمْ" [ التوبة: 128] حتى تقرب الدلالة فتقول معجلا بالعلم بالله، فتستعد لمعرفته بك .
    فقال صلى الله عليه و سلم : "من عرف نفسه فقد عرف ربه وأعرفكم بنفسه أعرفكم بربه".
    فإنه عليه السلام أحالك على نفسك لما علم أنك ستكون من المتبعين المحبين المحبوبين فيكون الحق قوّاك، فتعلمه به لا بك .
    وهذا السوق من ذوق قوله صلى الله عليه وسلم : "لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الخبر عني، فيقول: اتل عليّ به قرآنا إنه والله بمثل القرآن وأكثر" .
    ذكره رضي الله عنه في باب تاسع عشر و خمسمائة من "الفتوحات" .
    و قال رضي الله عنه: أو أكثر في رفع المنزلة، و في رواية: "أيحسب أحدكم متكئا على أريكته أن الله تعالى لم يحرم شيئا إلا ما في هذا القرآن إلا و أني و الله قد أمرت و وعظت و نهيت عن أشياء إنها كمثل القرآن أو أكثر" الحديث رواه أبو داود، و البيهقي عن العرباض بن سارية رضي الله عنه .
    و أما الحق تعالى فذكر الآفاق حذرا عليك ما ذكرناه أنه قد بقي في الآفاق ما يعطي من العلم باللّه ما لا تعطيه نفسك، فأحالك على الآفاق .
    فإذا عرفت عين الدلالة منه على الله تعالى ثم نظرت في نفسك من العلم بالله فلم يبق لك شبهة تدخل عليك فتطابق الأصلين، و تقرأ الكتابين فلا يخرج شيء من البين، فافهم .
    و ليس إلا افتقارنا إليه في الوجود و توقف وجودنا عليه لإمكاننا و غناه عن مثل ما افتقرنا إليه .
    فاستدللنا بنا عليه، قال الله تعالى: "وفي أنْـفُسِكُمْ أ فلا تُـبْصِرُون" [ الذاريات : . [21
    و قال صلى الله عليه و سلم : "من عرف نفسه فقد عرف ربه".
    فاستدللنا بأنفسنا عليه فإنه ما ظهر إلا بنا، و ما بطن إلا بنا، و ما صحّت الأولية إلا بنا، و ما ثبتت الآخرية إلا بنا، فإنا كل شيء وهو بنا عليم، ذكره رضي الله عنه في الخزائن من "الفتوحات".
    إن من أعجب العجاب أن بالإنسان استتر الأمر فلم يشهدوا و بالإنسان ظهر حتى عرف فجمع الإنسان بين حجاب و ظهور، فهو المظهر الساتر المعروف المتنكّر .
    قال الشيخ عبد الله الأنصاري قدّس سره في بعض مناجاته: إلهي ما فعلت في أوليائك كل من طلبهم وجدك، و من لم يركما عرفهم صيرتني مرآة من يبغيك، من يراني يراك و أرباب الحجاب .
    قلت فيهم: "وتراهُمْ ينْظرُون إليْك وهُمْ لا يـبْصِرُون" [ الأعراف: 198] انتهى كلامه قدّس سره.
    قال رضي الله عنه: إن أصل وجود العلم بالله العلم بالنفس، فالعلم بالله حكم العلم بالنفس الذي هو أصله، و العلم بالنفس بحر لا ساحل له عند العلماء بالنفس، فلا يتناهى العلم بالله .
    أما ترى قوله صلى الله عليه و سلم : "من عرف نفسه فقد عرف ربه" .
    إمّا أحال المحال على المحال، و إمّا حقق أنه من عرف الأصل فقد عرف الفرع و هما محتملان من محتملات معاني كلمة جوامع الكلم، فافهم هذا الذي أحلناه يعطيك استعداد الكشف الإلهي .
    قال رضي الله عنه: ذهب بعض أصحاب الأفكار إلى أن العلم بالله أصل في العلم بالنفس و لا يصح ذلك أبدا في علم الحق خاصة و هو مقدم، و أصل بالمرتبة لا بالوجود فإنه بالوجود عين علمه بنفسه عين بالعالم إلا بأمر زائد، و إن كان بالرتبة أصل فما هو بالوجود .
    كما يقول صاحب النظر العقلي في تقدم العلة على المعلول: إذا تساويا في الوجود كحركة اليد و حركة المفتاح، فمعلوم أن رتبة العلة مقدّم على رتبة المعلول عقلا لا وجودا.
    و كذلك المتضايفان من حيث ما هما متضايفان و هو أتم فيما يزيد فإن كل واحد منهما علة و معلول لمن قامت به الإضافة، فكل واحد علة لمن هو له معلول، و معلول لمن هو له علة، و من حيث أعيانهما لا علة و لا معلول، فافهم .
    ( فما وصفناه بوصف) و إنما قال رضي الله عنه: بوصف، و ما قال: بصفة للنكتة التي قد ذكرناها سابقا و هي: إن الصفة يعقل منها أمر زائد و عين زائدة، و الوصف ليس كذلك بل هو نسبة خاصة لا عين لها هكذا ذكره رضي الله عنه في »الفتوحات« .
    ( إلا كنا نحن ذلك الوصف) لأن ذواتنا أوصاف قائمة على عين واحدة .
    قال تعالى إشارة إلى ذلك المقام: "هُمْ درجاتٌ عِنْد اللّهِ" [ آل عمران: 163]
    و لم يقل: لهم درجات، فجعلهم أعيان الدرجات لأنهم كلمات الكمالات الذاتية و اعيانها .
    قال رضي الله عنه: إني رأيت الشيخ أبا أحمد قدّس سره بمرسيه، و سأله إنسان عن اسم الله الأعظم، فرماه بحصاة يشير إليه أنك اسم الله الأعظم.
    فإذا رأيت المدّعي يثني على الله بأسمائه التنزيهية و التشبيهية و لا شاهدها و لا حسّ آثار الحق فيه، و من عمي عن نفسه التي هي أقرب إليه، فهو عن غيره أعمى و أضل سبيلا فافهم.
    ذكره رضي الله عنه في الباب الثامن و الثلاثين و مائتين من "الفتوحات" .
    ( إلا الوجوب الخاص الذاتي) لا العام الشامل للوجوب بالصبر، فإنه يتصف الحادث و الصفات فإنه ما وصفنا به و ما كنا بذلك لأنه ذاتي و للكون و الجعل ليس فيه محال.
    فافهم هذا المبهم حتى تفرق بين اليهم و المبهم، أظهر و أخفى، عرا و كسا، حسبنا الله و كفى كما هو عادة الأمناء الأدباء يفهمه من يفهمه، و يجهله من يجهله .
    لأننا من حيث عياننا ما نظهر بهذا الوصف، فإنه وصف خاص ذاتي للقديم الذي له الغناء الذاتي و الممكن في كل حال عدمه و وجوده.
    مفتقر محتاج احتياج الفرع إلى الأصل، أصل الوجود مرة و افتقار استمراره أخرى، فلا يزال فقيرا محتاجا في حال عدمه و وجوده، بل الإمكان حكم وهمي لا معقول لا في الإلهيات، و لا في المسمّى ممكنا فإنه لا يعقل هذا المسمى أبدا ألا من حجاب حالة اختيار لا يعقل إلا و لا ترجيح .
    و هذا غير واقع عقلا لكن يقع وهما و الوهم حكم عدمي فما ثم إلا واجب بذاته و واجب به، فمشيئة الأشياء واحدة و إذا زال الإمكان زال الاختيار، و ما بقى سوى عين واحدة و ما عندها إلا أمر واحد في الأشياء كلمح البصر، ذكر هذه المسألة في الباب الثامن و الستين و ثلاثمائة من "الفتوحات" فافهم .
    وهذا غير واقع عقلا لكن يقع وهما و الوهم حكم عدمي فما ثم إلا واجب بذاته و واجب به، فمشيئة الأشياء واحدة و إذا زال الإمكان زال الاختيار، وما بقى سوى عين واحدة و ما عندها إلا أمر واحد في الأشياء كلمح البصر، ذكر هذه المسألة في الباب الثامن والستين وثلاثمائة من "الفتوحات" فافهم .
    فإني أردفت لك أصلا بعد أصل، أرداف زمر بعد زمر، و إشارة بعد إشارة و سوقنا في سوق البيان و على أرض العبارة ممهدة لا ترى فيها عوجا و لا أمتا حرجا فارجع البصر هل ترى من تفاوت، ثم ارجع البصر كرتين هل ترى من فطور فافهم .

      الوقت/التاريخ الآن هو 19/9/2024, 22:54