الرفعة في المتابعة
فصار الذُّلُّ والظلمة والحجاب([1]) مقارنة للمعصية، وإذا تبت إلى الله تعالى زَالَتْ آثارُ الذنوب ولا يدخل عليك الإهمال إلا بإهمالك عن متابعة([2]) النَّبي صلى الله عليه وسلم، ولا تحصل لك الرفعة عند الله تعالى إلا بمتابعة النَّبي صلى الله عليه وسلم.
والمتابعة له عليه الصَّلاة والسَّلام على قسمين:
1- جليَّة. 2- وخفيَّة.
فالجليَّة: كالصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد وغير ذلك.
والخفيَّة: أن تعقد الجمع في صلاتك، والتدبر في قراءتك، فإذا فعلت الطاعة كالصلاة والقراءة ولم تجد فيهما جمعًا ولا تدبرًا، فاعلم أن بك مرضًا باطنًا من كِبْرٍ أو عجب أو غير ذلك.
قال الله تعالى: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ﴾([3])، فيكون مثالك كالمحموم الذي يجد في فمه السُّكَّرَ مُرًّا.
فالمعصية مع الذل والافتقار خيرٌ من الطاعة مع العجب والاستكبار.
قال الله تعالى حكاية عن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسَّلام: ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي﴾([4])، فمفهومُ([5]) هذا أن من لم يتبعه ليس منه، وقال تعالى حكاية عن نوح عليه الصَّلاة والسلام: «إِنَّ ابْني مِنْ أَهْلي»([6])، فأجابه سبحانه وتعالى: ﴿قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾(4).
فالمتابعة تجعل التابع كأنه جزء من المتبوع([7])، وإن كان أجنبيًّا كسلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه لقوله صلى الله عليه وسلم: «سلمان مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ»([8])، ومعلوم أنَّ سلمان من فارسَ ولكن بالمتابعة قال عنه صلى الله عليه وسلم ذلك تعليمًا.
فكما أنَّ المُتَابَعَة تثبِتُ الاتِّصَال كذلك عدمها يثبت الانفصال، وقد جمع الله الخير كلَّه في بيتٍ، وجعل مفتاحه متابعة النَّبي صلى الله عليه وسلم.
فتابِعْهُ بالقناعة بما رزقك الله تعالى والزُّهد والتَّقلل من الدُّنيا، وترك ما لا يعني من قولٍ وفعلٍ فمن فتح له باب المتابعة([9]) فذلك دليلٌ على محبة الله تعالى له، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾([10]).
([1]) الحجاب: هو ما حجب العبد عن ربِّه من معصية أو غفلة فيكون مانعًا له من الدخول في حضرته التي هي محل تنزُّل رحمته وفيوضاته وكراماته وأنواره.
([2]) قال صلى الله عليه وسلم: «تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ تمسكتم بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بعدي أبدًا كِتَابَ اللهِ وسنتي» وفي رواية: «وَعِتْرَتِى أَهْلُ بَيْتِى».
([3]) الآية [146]، من سورة الأعراف وتمامها: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾.
([4]) الآية [36] من سورة إبراهيم وتمامها: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
([5]) مفهوم هذا أي: مفهوم هذا الخطاب من سيدنا إبراهيم —، ومفهوم الخطاب هو أن ينبه الشارع على تعليق الحكم على إحدى صفتي الشيء فيدل على أن ما عداها بخلافه كالمثال المذكور وكقوله تعالى: ﴿إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ فيدل على أنه إن جاء به عدل لم يتبين.
([6]، 4) تمام الآيتين [45، 46] من سورة هود: ﴿وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ =
= عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الجَاهِلِينَ﴾.
([7]) قال العلماء: التابع يشرف بشرف المتبوع، فكفى به شرفًا من تبع النبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله حركاته وسكناته.
([8]) وروى الترمذي عن أنسِ بن مالك رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْجَنَّةَ لَتَشْتَاقُ إِلَى ثَلاَثَةٍ: عَلِىٍّ، وَعَمَّارٍ، وَسَلْمَانَ». قَالَ الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ.
وروي عنه صلى الله عليه وسلم قال: «أمرني ربِّي بحبِّ أربعةٍ، وأخبرني أنه سبحانه يحبهم: عليٌّ، وأبو ذر، والمقداد، وسلمان».
([9]) وفي حِكَمِ سيدي ابن عطاء الله: مَنْ أَدْمَنَ طَرْقَ الْبَابِ يُوشِكُ أَنْ يُفْتَحَ لَهُ. فحريٌّ بمن طرق الباب بكثرة متابعة النبي < أن يفتح له.
([10]) الآية [31]، من سورة آل عمران.
فصار الذُّلُّ والظلمة والحجاب([1]) مقارنة للمعصية، وإذا تبت إلى الله تعالى زَالَتْ آثارُ الذنوب ولا يدخل عليك الإهمال إلا بإهمالك عن متابعة([2]) النَّبي صلى الله عليه وسلم، ولا تحصل لك الرفعة عند الله تعالى إلا بمتابعة النَّبي صلى الله عليه وسلم.
والمتابعة له عليه الصَّلاة والسَّلام على قسمين:
1- جليَّة. 2- وخفيَّة.
فالجليَّة: كالصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد وغير ذلك.
والخفيَّة: أن تعقد الجمع في صلاتك، والتدبر في قراءتك، فإذا فعلت الطاعة كالصلاة والقراءة ولم تجد فيهما جمعًا ولا تدبرًا، فاعلم أن بك مرضًا باطنًا من كِبْرٍ أو عجب أو غير ذلك.
قال الله تعالى: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ﴾([3])، فيكون مثالك كالمحموم الذي يجد في فمه السُّكَّرَ مُرًّا.
فالمعصية مع الذل والافتقار خيرٌ من الطاعة مع العجب والاستكبار.
قال الله تعالى حكاية عن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسَّلام: ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي﴾([4])، فمفهومُ([5]) هذا أن من لم يتبعه ليس منه، وقال تعالى حكاية عن نوح عليه الصَّلاة والسلام: «إِنَّ ابْني مِنْ أَهْلي»([6])، فأجابه سبحانه وتعالى: ﴿قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾(4).
فالمتابعة تجعل التابع كأنه جزء من المتبوع([7])، وإن كان أجنبيًّا كسلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه لقوله صلى الله عليه وسلم: «سلمان مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ»([8])، ومعلوم أنَّ سلمان من فارسَ ولكن بالمتابعة قال عنه صلى الله عليه وسلم ذلك تعليمًا.
فكما أنَّ المُتَابَعَة تثبِتُ الاتِّصَال كذلك عدمها يثبت الانفصال، وقد جمع الله الخير كلَّه في بيتٍ، وجعل مفتاحه متابعة النَّبي صلى الله عليه وسلم.
فتابِعْهُ بالقناعة بما رزقك الله تعالى والزُّهد والتَّقلل من الدُّنيا، وترك ما لا يعني من قولٍ وفعلٍ فمن فتح له باب المتابعة([9]) فذلك دليلٌ على محبة الله تعالى له، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾([10]).
([1]) الحجاب: هو ما حجب العبد عن ربِّه من معصية أو غفلة فيكون مانعًا له من الدخول في حضرته التي هي محل تنزُّل رحمته وفيوضاته وكراماته وأنواره.
([2]) قال صلى الله عليه وسلم: «تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ تمسكتم بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بعدي أبدًا كِتَابَ اللهِ وسنتي» وفي رواية: «وَعِتْرَتِى أَهْلُ بَيْتِى».
([3]) الآية [146]، من سورة الأعراف وتمامها: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾.
([4]) الآية [36] من سورة إبراهيم وتمامها: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
([5]) مفهوم هذا أي: مفهوم هذا الخطاب من سيدنا إبراهيم —، ومفهوم الخطاب هو أن ينبه الشارع على تعليق الحكم على إحدى صفتي الشيء فيدل على أن ما عداها بخلافه كالمثال المذكور وكقوله تعالى: ﴿إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ فيدل على أنه إن جاء به عدل لم يتبين.
([6]، 4) تمام الآيتين [45، 46] من سورة هود: ﴿وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ =
= عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الجَاهِلِينَ﴾.
([7]) قال العلماء: التابع يشرف بشرف المتبوع، فكفى به شرفًا من تبع النبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله حركاته وسكناته.
([8]) وروى الترمذي عن أنسِ بن مالك رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْجَنَّةَ لَتَشْتَاقُ إِلَى ثَلاَثَةٍ: عَلِىٍّ، وَعَمَّارٍ، وَسَلْمَانَ». قَالَ الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ.
وروي عنه صلى الله عليه وسلم قال: «أمرني ربِّي بحبِّ أربعةٍ، وأخبرني أنه سبحانه يحبهم: عليٌّ، وأبو ذر، والمقداد، وسلمان».
([9]) وفي حِكَمِ سيدي ابن عطاء الله: مَنْ أَدْمَنَ طَرْقَ الْبَابِ يُوشِكُ أَنْ يُفْتَحَ لَهُ. فحريٌّ بمن طرق الباب بكثرة متابعة النبي < أن يفتح له.
([10]) الآية [31]، من سورة آل عمران.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin