ما يُعِينَك على جلاء القلب
همة الزاهدين في كثرة الأعمال وهمة العارفين في تصحيح الأحوال([1]).
أربعة تُعِينُكَ على جلاء قلبك:
1- كثرة الذكر.
2- ولزوم الصمت.
3- والخلوة.
4- وقلة المطعم والمشرب([2]).
أهل الغفلة إذا أصبحوا تَفَقَّدُوا أموالَهُم، وأهل الزهد والعبادة يتفقدون أحوالهم، وأهل المعرفة يتفقدون قلوبهم مع الله عز وجل.
ما من نَفَسٍ يُبْدِيْهِ الله تعالى فيك من: طاعة، أو مرضٍ، أو فاقةٍ؛ إلا وهو يريد أن يختبرك بذلك.
من طلب الدنيا بطريق الآخرة كان كمن أخذ ملعقة ياقوت يغرف بها العذرة، أما يعد هذا أحمق؟!.
لا تعتقد أن الناس فاتَهُمُ العمل؛ بل فاتهم التوفيق([3]) أكثر من العمل.
وأول ما ينبغي لك أن تبكي على عقلك، فكما يقع القَحْطُ في الكلأ فكذا يقع في عقول الرجال، وبالعقل عاش الناس مع الناس ومع الله؛ مع الناس بحسن الخلق، ومع الله باتِّبَاعِ مرضاته، إذا مَنَّ عليك بثلاث فقد مَنَّ عليك بالنعمة الكبرى:
الأولى: الوقوف على حدوده.
والثانية: الوفاء بعهوده.
والثالثة: الغَرَق في شهوده.
وما سبب استغرابِكَ لأحوال العارِفِينَ إلا استغراقُكَ في القطيعة، ولو شاركتهم في الأسفارِ لشاركتهم في الأخبار، ولو شاركتهم في العنَاءِ لشاركتهم في الهَنَاءِ([4]).
ما مثال نفسك وقت الرِّضَا إلا كالبَعِيرِ المعقول فإذا سيَّبْتَهُ انطلق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَقَلْبُ ابن آدم أشد تقلبًا من القِدْر على النار إذا غَلَتْ»([5]).
فكَمْ من كَانَ في جمع مع الله تعالى أَتَتْهُ الفرقة([6]) في نَفَسٍ واحِدٍ، وكم من بَاتَ في طَاعَةِ اللهِ ما طلعت عليه الشمس حتى دَخَلَ في القطيعة؛ فالقلب بمثابة العين، والعين لا ترى بها كلها؛ بل بمقدار العدسة منها، وكذلك القلب لا يراد منه اللحمانية([7])؛ بل اللطيفة التي أودعها الله فيه وهي المُدْرِكَةُ.
وجَعَلَ اللهُ القلب مُعَلَّقًا في الجانِبِ الأيسر كالدَّلو، فإن هبَّ عليه هوى الشهوَةِ حرَّكَهُ، وإِنْ هَبَّ عَلَيْهِ خاطرُ التقوى حَرَّكَهُ، فتارة يَغْلب عليه خاطِرُ الهَوَى وتَاَرَةً يَغْلِبُ عليه خاطِرُ التُّقَى، حتى يعرفك مرة مِنَّتَه، ومرَّةً قهرَه، فمرة يَغْلب عليه خاطر التُّقَى ليمدحَك، ومرَّةً يَغْلب عليه خاطر الهوى ليذمَّك، فالقلب بمثابة السَّقف، فإذا أوقد في البيت نار صعد الدخان إلى السَّقف فسوَّدَه، فكذلك دخان الشهوة إذا أنبت في البدن صعد دخانُهُ إلى القلب فسوده.
([1]) أي إن العارفين همتهم منصرفة إلى تصحيح حالاتهم مع ربهم ورؤية ما نقض وما تراجع عن الوُصُولِ إلى أَرْقَى الحالاتِ فيُقَوِّمُونَهُ ويصلحونه ويحافظون على ما وصلوا إليه، بخلاف الزاهدين فهمهم كثرة الأعمال، والله تعالى أعلم.
([2]) قال سيدي ابن عطاء الله -رضي الله تعالى عنه- في كتابه «مفتاح الفلاح ومصباح الأرواح» عند كلامِهِ على الطرائق إلى الله: طريق آخر: وهي طريقة الإمام الجنيد، ولها عشرةُ شروط: دَوَامُ الوضوء، ودَوَامُ الصوم، ودَوَامُ السكوت، ودَوَامُ الخلوة، ودَوَامُ الذكر وهو لا إله إلا الله، ودَوَامُ ربط القلب بالشيخ، واستفادة علم الواقعات
=
= منه بفناء تصرفه في تصرف الشيخ، ودوام نفي الخواطر، ودوام ترك الاعتراض على الله تعالى في كل ما يرد عليه خيرًا أو شرًّا، وترك السؤال من جنة أو تعوذ من نار.
([3]) التوفيق: هو خلق القدرة على العمل -أي على الإخلاص فيه، والموافقة للكتاب والسنة- في العبد.
([4]) فقد قال العلماء العارفون: من ذاق عرف، ومن عرف اغترف.
([5]) روي بلفظ: «لَقَلْبُ ابن آدم أشد تقلبًا من القدر إذا استجمعت غليًا» وهو عند الإمام مالك في «الموطأ»، و«مسند أحمد»، و«الدارقطني»، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد»: رواه الطبراني بأسانيد رجال أحدها ثقات.
([6]) أي كم من كان مجموعةً هِمَّتُهُ على اللهِ منصرفًا إليه في كل شأنه وأمره قريبًا لديه، ثم صار في تشتُّتٍ وانحَلَّتْ همته وأعرَضَ ونَأَى بجانبه.
([7]) أي لا يراد منه الجسدية، وكونه من جملة الجسد؛ بل المعنى الذي يقوم فيه.
همة الزاهدين في كثرة الأعمال وهمة العارفين في تصحيح الأحوال([1]).
أربعة تُعِينُكَ على جلاء قلبك:
1- كثرة الذكر.
2- ولزوم الصمت.
3- والخلوة.
4- وقلة المطعم والمشرب([2]).
أهل الغفلة إذا أصبحوا تَفَقَّدُوا أموالَهُم، وأهل الزهد والعبادة يتفقدون أحوالهم، وأهل المعرفة يتفقدون قلوبهم مع الله عز وجل.
ما من نَفَسٍ يُبْدِيْهِ الله تعالى فيك من: طاعة، أو مرضٍ، أو فاقةٍ؛ إلا وهو يريد أن يختبرك بذلك.
من طلب الدنيا بطريق الآخرة كان كمن أخذ ملعقة ياقوت يغرف بها العذرة، أما يعد هذا أحمق؟!.
لا تعتقد أن الناس فاتَهُمُ العمل؛ بل فاتهم التوفيق([3]) أكثر من العمل.
وأول ما ينبغي لك أن تبكي على عقلك، فكما يقع القَحْطُ في الكلأ فكذا يقع في عقول الرجال، وبالعقل عاش الناس مع الناس ومع الله؛ مع الناس بحسن الخلق، ومع الله باتِّبَاعِ مرضاته، إذا مَنَّ عليك بثلاث فقد مَنَّ عليك بالنعمة الكبرى:
الأولى: الوقوف على حدوده.
والثانية: الوفاء بعهوده.
والثالثة: الغَرَق في شهوده.
وما سبب استغرابِكَ لأحوال العارِفِينَ إلا استغراقُكَ في القطيعة، ولو شاركتهم في الأسفارِ لشاركتهم في الأخبار، ولو شاركتهم في العنَاءِ لشاركتهم في الهَنَاءِ([4]).
ما مثال نفسك وقت الرِّضَا إلا كالبَعِيرِ المعقول فإذا سيَّبْتَهُ انطلق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَقَلْبُ ابن آدم أشد تقلبًا من القِدْر على النار إذا غَلَتْ»([5]).
فكَمْ من كَانَ في جمع مع الله تعالى أَتَتْهُ الفرقة([6]) في نَفَسٍ واحِدٍ، وكم من بَاتَ في طَاعَةِ اللهِ ما طلعت عليه الشمس حتى دَخَلَ في القطيعة؛ فالقلب بمثابة العين، والعين لا ترى بها كلها؛ بل بمقدار العدسة منها، وكذلك القلب لا يراد منه اللحمانية([7])؛ بل اللطيفة التي أودعها الله فيه وهي المُدْرِكَةُ.
وجَعَلَ اللهُ القلب مُعَلَّقًا في الجانِبِ الأيسر كالدَّلو، فإن هبَّ عليه هوى الشهوَةِ حرَّكَهُ، وإِنْ هَبَّ عَلَيْهِ خاطرُ التقوى حَرَّكَهُ، فتارة يَغْلب عليه خاطِرُ الهَوَى وتَاَرَةً يَغْلِبُ عليه خاطِرُ التُّقَى، حتى يعرفك مرة مِنَّتَه، ومرَّةً قهرَه، فمرة يَغْلب عليه خاطر التُّقَى ليمدحَك، ومرَّةً يَغْلب عليه خاطر الهوى ليذمَّك، فالقلب بمثابة السَّقف، فإذا أوقد في البيت نار صعد الدخان إلى السَّقف فسوَّدَه، فكذلك دخان الشهوة إذا أنبت في البدن صعد دخانُهُ إلى القلب فسوده.
([1]) أي إن العارفين همتهم منصرفة إلى تصحيح حالاتهم مع ربهم ورؤية ما نقض وما تراجع عن الوُصُولِ إلى أَرْقَى الحالاتِ فيُقَوِّمُونَهُ ويصلحونه ويحافظون على ما وصلوا إليه، بخلاف الزاهدين فهمهم كثرة الأعمال، والله تعالى أعلم.
([2]) قال سيدي ابن عطاء الله -رضي الله تعالى عنه- في كتابه «مفتاح الفلاح ومصباح الأرواح» عند كلامِهِ على الطرائق إلى الله: طريق آخر: وهي طريقة الإمام الجنيد، ولها عشرةُ شروط: دَوَامُ الوضوء، ودَوَامُ الصوم، ودَوَامُ السكوت، ودَوَامُ الخلوة، ودَوَامُ الذكر وهو لا إله إلا الله، ودَوَامُ ربط القلب بالشيخ، واستفادة علم الواقعات
=
= منه بفناء تصرفه في تصرف الشيخ، ودوام نفي الخواطر، ودوام ترك الاعتراض على الله تعالى في كل ما يرد عليه خيرًا أو شرًّا، وترك السؤال من جنة أو تعوذ من نار.
([3]) التوفيق: هو خلق القدرة على العمل -أي على الإخلاص فيه، والموافقة للكتاب والسنة- في العبد.
([4]) فقد قال العلماء العارفون: من ذاق عرف، ومن عرف اغترف.
([5]) روي بلفظ: «لَقَلْبُ ابن آدم أشد تقلبًا من القدر إذا استجمعت غليًا» وهو عند الإمام مالك في «الموطأ»، و«مسند أحمد»، و«الدارقطني»، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد»: رواه الطبراني بأسانيد رجال أحدها ثقات.
([6]) أي كم من كان مجموعةً هِمَّتُهُ على اللهِ منصرفًا إليه في كل شأنه وأمره قريبًا لديه، ثم صار في تشتُّتٍ وانحَلَّتْ همته وأعرَضَ ونَأَى بجانبه.
([7]) أي لا يراد منه الجسدية، وكونه من جملة الجسد؛ بل المعنى الذي يقوم فيه.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin