مثال الدنيا
من لم يترك المُحَرَّمَاتِ لم ينفعه القيام بالواجبات، ومن لم ينفعه الدواء لم يَزَلْ عِنْدَهُ الداء، ومن لم يحتم لم ينفعه الدواء، وما أقل بركة مالٍ وقعت فيه أيدي الناهبين! فهذا واللهِ عمر الغافل منهوب.
مثال الدنيا كعجوز جذماء بَرْصَاءَ سترت بثوب حرير، فالمؤمن نافرٌ ومنفَّرٌ عنها لانكشَافِهَا له، وما لَبِسَ أحد لباسًا أنتنَ من لباس الدعوى، بأن يقول في المخاصمة: أنت مثلي؟ وأنت يصلح لك أن تكلمني؟ ومن أنت حتى أكلمك، فأول من هلك بذلك إبليس فإياك وهذا.
ولو كان أعرج أجذم أجرب فلا تحقره لحرمة «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ» في قلبه، وحسِّنْ ظنك بكل أحد تفلح.
أتحسب أنَّ حُسْنَ الخلق هو أن يكون الإنسان حسن الملتقى؟! فمن أكرم الناس وضَيَّعَ حقوقَ الله فليس منه هذا بخُلُقٍ حسن؛ بل لا تكون ممدوحًا بحسن الخلق حتى تكون قائمًا بحقوق الله، قائمًا بأحكام الله، ممتثلًا لأوامر الله، مجتنبًا لنواهيه، فمن منع نفسَه معاصي الله وأدَّى حقوق الله فقد حسن خلقه.
ما سَلَّطَ الله عليك ألسِنَةَ العِبَادِ إلَّا لترجع إليه.
لا تَزَالُ لك قيمة عند الله حتى تَعْصِيَ، فإذا عصيت فلا قيمة لك.
التقوى هي ترك معصية الله حيث لا يراك أحد.
كان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذا شَرِبَ المَاءَ قال: «الحمد لله الذي جَعَلَهُ عذبًا فراتًا برحمته، ولم يجعله ملحًا أُجَاجًا بذنوبنا».
وهو صلى الله عليه وسلم مُنَزَّهٌ عن الذنوب، ولكن تواضعًا منه وتعليمًا، وكان يمكن أن يقول: بذنوبكم.
وما أكل صلى الله عليه وسلم ولا شرب إلا ليعلمنا الأدب، وإلا فكان صلى الله عليه وسلم يُطعم ويُسقى.
فالعارف ينكس رأسه إذا شرب، وربما تقطر عيناه بالدموع، وهو يقول: هذا تودَّدٌ من الله تعالى.
كان بعضهم لا يخرج لصلاة الجماعة لِمَا يعرِضُ له في طَرِيقِهِ، منهم مالك بن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: لِأَنَّ الجماعة ربحٌ، والربح بعد رأس المال لا يجب([1]).
ليس السباع في البَرِّيَّة، بل السباع في الأسواق والطرق، وهي التي تنهش القلوب نهشًا.
مثال من يكثر الذنوب والاستغفار كمثل من يكثر شرب السم، ويكثر استعمال الترياق، فيقال: قد لا تصل إلى الترياق مرة فيهجم عليك الموت قبل الوصول إليه.
من مرض قلبه منع أن يلبس لباس التقوى، فلو صح قلبك من مرض الهوى والشهوة تحملت أثقال التقوى، فمن لم يجد حلاوة الطاعة دَلَّ على مرض قلبه من الشهوة، وقد سَمَّى الله الشهوة مرضًا بقوله تعالى: ﴿فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾([2]).
ولَكَ في علاجِهِ طَرِيقَانِ: استعمَالُ ما هُوَ لَكَ نافِعٌ وهو الطاعة، واجتنَابُ ما هو لك مُضِرٌّ وهو المعصية، فإن فعلت ذنبًا وأعقبته بالتوبة والندم والانكسار والإنابة كان سببَ وصلتك به، وإن فعلت طاعة فعقَّبتها بالعجب والكبر كان ذلك سبب القطيعة عنه.
عجبًا لك! كيف تطلب صلاحَ قلبك وجوارحك تفعل ما شاءت من المخالفات المحرمات، كالنظر والغيبة والنميمة وغير ذلك؟!.
فمِثَالُكَ كمن يَتَدَاوَى بالسم، أو كَمَنْ أراد تنظيف ثَوْبِهِ بالسواد، فعليك بالخلوة والعزلة، فمن كانت العُزْلَةُ دأبَهُ كان العِزُّ لَهُ، فمن صدقت عزلته ظفر بمواهب الحق له بالمنن، وعلامتها: كشف الغطاء، وإحياء القلب، وتحقيق المحبة.
([1]) في المطبوع: والربح لا يحسب إلا بعد الإحاطة على رأس المال، وما أثبته هو ما بالمخطوط المصور، والمثبت هنا جيدٌ له توجيه سليمٌ، وهو أنه متى ضمن أن يؤدي فرض صلاته، وتبرأ ذمته، ولا تحيط به معصية في طريقه لأداء الجماعة، فقد حافظ على رأس ماله، ولا يحتاج إلى الرِّبْحِ الذي هو الجَمَاعَة؛ لأن أَدَاءَهَا يجعله يحصل معاصي في طريقه إليها.
([2]) من الآية [32]، من سورة الأحزاب.
من لم يترك المُحَرَّمَاتِ لم ينفعه القيام بالواجبات، ومن لم ينفعه الدواء لم يَزَلْ عِنْدَهُ الداء، ومن لم يحتم لم ينفعه الدواء، وما أقل بركة مالٍ وقعت فيه أيدي الناهبين! فهذا واللهِ عمر الغافل منهوب.
مثال الدنيا كعجوز جذماء بَرْصَاءَ سترت بثوب حرير، فالمؤمن نافرٌ ومنفَّرٌ عنها لانكشَافِهَا له، وما لَبِسَ أحد لباسًا أنتنَ من لباس الدعوى، بأن يقول في المخاصمة: أنت مثلي؟ وأنت يصلح لك أن تكلمني؟ ومن أنت حتى أكلمك، فأول من هلك بذلك إبليس فإياك وهذا.
ولو كان أعرج أجذم أجرب فلا تحقره لحرمة «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ» في قلبه، وحسِّنْ ظنك بكل أحد تفلح.
أتحسب أنَّ حُسْنَ الخلق هو أن يكون الإنسان حسن الملتقى؟! فمن أكرم الناس وضَيَّعَ حقوقَ الله فليس منه هذا بخُلُقٍ حسن؛ بل لا تكون ممدوحًا بحسن الخلق حتى تكون قائمًا بحقوق الله، قائمًا بأحكام الله، ممتثلًا لأوامر الله، مجتنبًا لنواهيه، فمن منع نفسَه معاصي الله وأدَّى حقوق الله فقد حسن خلقه.
ما سَلَّطَ الله عليك ألسِنَةَ العِبَادِ إلَّا لترجع إليه.
لا تَزَالُ لك قيمة عند الله حتى تَعْصِيَ، فإذا عصيت فلا قيمة لك.
التقوى هي ترك معصية الله حيث لا يراك أحد.
كان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذا شَرِبَ المَاءَ قال: «الحمد لله الذي جَعَلَهُ عذبًا فراتًا برحمته، ولم يجعله ملحًا أُجَاجًا بذنوبنا».
وهو صلى الله عليه وسلم مُنَزَّهٌ عن الذنوب، ولكن تواضعًا منه وتعليمًا، وكان يمكن أن يقول: بذنوبكم.
وما أكل صلى الله عليه وسلم ولا شرب إلا ليعلمنا الأدب، وإلا فكان صلى الله عليه وسلم يُطعم ويُسقى.
فالعارف ينكس رأسه إذا شرب، وربما تقطر عيناه بالدموع، وهو يقول: هذا تودَّدٌ من الله تعالى.
كان بعضهم لا يخرج لصلاة الجماعة لِمَا يعرِضُ له في طَرِيقِهِ، منهم مالك بن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: لِأَنَّ الجماعة ربحٌ، والربح بعد رأس المال لا يجب([1]).
ليس السباع في البَرِّيَّة، بل السباع في الأسواق والطرق، وهي التي تنهش القلوب نهشًا.
مثال من يكثر الذنوب والاستغفار كمثل من يكثر شرب السم، ويكثر استعمال الترياق، فيقال: قد لا تصل إلى الترياق مرة فيهجم عليك الموت قبل الوصول إليه.
من مرض قلبه منع أن يلبس لباس التقوى، فلو صح قلبك من مرض الهوى والشهوة تحملت أثقال التقوى، فمن لم يجد حلاوة الطاعة دَلَّ على مرض قلبه من الشهوة، وقد سَمَّى الله الشهوة مرضًا بقوله تعالى: ﴿فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾([2]).
ولَكَ في علاجِهِ طَرِيقَانِ: استعمَالُ ما هُوَ لَكَ نافِعٌ وهو الطاعة، واجتنَابُ ما هو لك مُضِرٌّ وهو المعصية، فإن فعلت ذنبًا وأعقبته بالتوبة والندم والانكسار والإنابة كان سببَ وصلتك به، وإن فعلت طاعة فعقَّبتها بالعجب والكبر كان ذلك سبب القطيعة عنه.
عجبًا لك! كيف تطلب صلاحَ قلبك وجوارحك تفعل ما شاءت من المخالفات المحرمات، كالنظر والغيبة والنميمة وغير ذلك؟!.
فمِثَالُكَ كمن يَتَدَاوَى بالسم، أو كَمَنْ أراد تنظيف ثَوْبِهِ بالسواد، فعليك بالخلوة والعزلة، فمن كانت العُزْلَةُ دأبَهُ كان العِزُّ لَهُ، فمن صدقت عزلته ظفر بمواهب الحق له بالمنن، وعلامتها: كشف الغطاء، وإحياء القلب، وتحقيق المحبة.
([1]) في المطبوع: والربح لا يحسب إلا بعد الإحاطة على رأس المال، وما أثبته هو ما بالمخطوط المصور، والمثبت هنا جيدٌ له توجيه سليمٌ، وهو أنه متى ضمن أن يؤدي فرض صلاته، وتبرأ ذمته، ولا تحيط به معصية في طريقه لأداء الجماعة، فقد حافظ على رأس ماله، ولا يحتاج إلى الرِّبْحِ الذي هو الجَمَاعَة؛ لأن أَدَاءَهَا يجعله يحصل معاصي في طريقه إليها.
([2]) من الآية [32]، من سورة الأحزاب.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin