الصفحة 30 من 61
أحكام الكرامات والسحر والاستدراج والتصريف
التعريف بالكرامة في الإسلام:
الكرامة في الإسلام هي أمر خارق للعادة، غير مقرون بالتحدي، أي دعوى النبوة، وسنذكر أدلتها فيما يأتي من الكتاب والسنة -إن شاء الله-.
وهذا الأمر الخارق يكرم الله به بعض عباده الصالحين، وأوليائه المقربين فضلًا منه تعالى عليهم لا بقدرتهم ولا بإدراتهم، ولكن بما سبق لهم في علم الله، وللحكمة التي يعلمها الله.
وبحكم الناموس الإلهي الأعظم الذي لا تحكمه قوانين الأكوان، وكل كرامة يمنحها الله تعالى لمسلم أو مسلمة من الصالحين؛ هي في الواقع معجزة لسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم إذا إنه لولا الإيمان به، وصدق أتباعه ما تحققت هذه الكرامة الشريفة، فإذا حدث الأمر الخارق للعادة على يد كافر أو مشرك أو نحوهما فإنه يكون أحد أمور ثلاثة:
أولًا: السحر التخييلي:
وهذا السحر (تخييلي) كما قال الله عن سحرة فرعون: ﴿يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى﴾ [طه:66]. وهذا السحر يهيمن على العيون، كما قال تعالى: ﴿سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ﴾ [الأعراف:116]، فهو لا يغير شيئًا من الحقائق الكونية على عكس الكرامة، فإنما هو تأثير على العيون والأعصاب بأسلوب علمي متجدد.
والسحر (التخييلي) قائم على أصول من علم الطبيعة والكمياء وغيرها، مع استعمال ما يسمى (بخفة اليد)، ومع واقع اليوجا، واستخدام الطاقات الروحية التدريبية التي يستخدمها المتخصصون الفنيون في (التنويم المغناطيسي الذاتي والجماهيري) ونحوه.
وهذا النوع من السحر هو ما تخصص فيه فقراء الهند بما يقومون به من العجائب أمام الناس، وهو هو الذي يستخدمه (الحواة) المهرة الذين يعرضون ألعابهم في دور العرض المسرحي والسينمائي والتلفزيوني، وغيره من التجمعات المختلفة، وهو من بعض سحر الفراعنة والكهنة والمشعوذين. فهو علم متجدد متطور على قواعد وأصول علمية مادية، لا علاقة لها بالدين ولا بالعقائد، ولا بالروحانيات ولا بخوارق العادات الربانية.
ثانيًا: السحر الشيطاني:
وهذا السحر قائم على استخدام الشياطين، والارتباط معهم بوساطة العزائم، والرياضات النفسية المحرمة، والعكوف على الطلسمات، والأوفاق، والبخورات، والأنجاس بأساليب معينة، ونرى ذلك في قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ [الجنّ:6]، مما يدل على أن هيمنة الجن من الشياطين والمردة على المتصل بهم من الإنس هيمنة مدمرة مرهقة فاتكة بالإنسانيات، حسًا ومعنى، كما هو مشهود ومكرر.
ويقول الله تعالى في تأكيد إمكانية هذا الاتصال، وحدوثه بالفعل: ﴿يَا مَعْشَرَ الجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ...﴾ [الأنعام:128] الآية.
وهذا السحر الشيطاني هو (السحر الحقيقي)، وهو الذي اعتبره الإسلام من الكبائر السبع الموبقة، بل اعتبر مستحله كافرًا، وإليه أشار القرآن بقوله: ﴿وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ...﴾ [البقرة:102]. وليس من آثار هذا السحر إلا الشرور، والفتن بكل مراتبها وأنواعها وألوانها في الأفراد والأسرات، فهو يدمر المحسوسات والمعنويات.
فإنكار وجود هذا السحر الشيطاني من بعضهم، أوإنكار وجود شياطين الجن في مواجهة هذه النصوص المحكمة الحاسمة نوع من المكابرة، وداء حب المخالفة على الأقل.
كما أن في هذه النصوص إشارة إلى حقيقة (المس الشيطاني) الذي يصيب بعض الناس، وقال في القرآن عن أيوب: ﴿إذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾ [ص:41]، وفيه: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ﴾ [البقرة:275].
وفي الأحاديث النبوية الثابتة ما فيه الكفاية لمن يطلب الهداية.
ثم إن الفرق كبير جدًا بين (المرض العصبي والنفسي، والمس الشيطاني) ولكل منها علاجه الخاص بالوسائل العلمية الطبية، أو الروحية الشرعية، لا بالشعوذة، ولا بالتخريف أو التحريف أو ما حرم الله.
ثالثًا: الاستدراج:
ويسمى الأمر الخارق الذي قد يقع لغير العبد الصالح (استدراجًا) ما لم يكن من سحر التخييل أو سحر الشيطان، وذلك أن الله تعالى يأذن بحدوث هذا الأمر الخارق لهذا العبد المارق مكرًا به، وإملاءً له كما قال تعالى: ﴿فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ [القلم:44-45].
وإذا كان لكل حق باطل يشبهه، فهذه الأمور الثلاثة (السحر بنوعيه والاستدراج) هي الباطل الذي يشبه هذا الحق، الذي هو الكرامة. وإنما يعرف الفرق بينهما بأن الكرامة لا تكون إلا لأولياء الله الصالحين، وللولاية علامات من الإيمان والتقوى والورع والعلم، ومكارم الأخلاق، أي الصلاحية للبلاغ عن الحضرة النبوية مما لا يخفى على أحد، فالولي ممثل شخصي للنبي صلى الله عليه وسلم فيما عدا الوحي السماوي.
دليل الكرامة من القرآن والسنة:
وقد أثبت القرآن المجيد الكرامة لأولياء الله بما روى من قصة مريم وما كان يجده زكريا عندها من الرزق، وقصة أصحاب الكهف، وقصة الذي عنده علم من الكتاب، وقصة أم موسى وإرضاعه، وامرأة فرعون، وقصة موسى والخضر، بالإضافة إلى إشارات متعددة.
وقد ثبت في الحديث الشريف قصة عمر وسارية، وقصة أُسَيْد بن خضير وقراءته القرآن، وقصة الرجل الذي أضاء له سوطه أو أصابعه، وقصة أهل الغار الثلاثة، وقصة صاحب جريج، وقصة الساحر والملك - أو أصحاب الأخدود- وغير ذلك مما يلتمس في مظانه من كتب الرجال، وهو كثير.
وفي صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضى الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «لَقَدْ كَانَ فِيمَا قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، فَإِنْ يَكُ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَإِنَّهُ عُمَرُ». ونحوه في مسلم([1]).
وفي بعض روايته زيادة: «مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ...» ([2]).
والمحدَّثون هم (المُلْهَمُون). وفي حديث لأبي سعيد الخدري من رواية الجوهري في الفوائد قيل: وكيف يُحَدِّث يا رسول الله؟ قال: تتكلم الملائكة على لسانه.
وفي البخاري -تعليقًا- عن أبي هريرة -رضى الله عنه- قال: تلقَّيْتُ عن رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- جرابين مِن عِلْم، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَقَد بَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ([3]).
فلم يبق شك على الإطلاق في جواز حدوث الكرامة، أي الأمر الخارق للعادة من أولياء الله الصالحين، ولو لم يكن الأمر خارقًا للعادة ما كان كرامة؛ لأنه يكون عندئذ خاضعًا للناموس الطبيعي، فترتفع عنه خصوصية الكرامة والله أعلم.
([1]) أخرجه البخاري: (3689)، ومسلم: (2398/23).
([2]) أخرجه البخاري: (3689 مكرر).
([3]) أخرجه البخاري: (120).
أحكام الكرامات والسحر والاستدراج والتصريف
التعريف بالكرامة في الإسلام:
الكرامة في الإسلام هي أمر خارق للعادة، غير مقرون بالتحدي، أي دعوى النبوة، وسنذكر أدلتها فيما يأتي من الكتاب والسنة -إن شاء الله-.
وهذا الأمر الخارق يكرم الله به بعض عباده الصالحين، وأوليائه المقربين فضلًا منه تعالى عليهم لا بقدرتهم ولا بإدراتهم، ولكن بما سبق لهم في علم الله، وللحكمة التي يعلمها الله.
وبحكم الناموس الإلهي الأعظم الذي لا تحكمه قوانين الأكوان، وكل كرامة يمنحها الله تعالى لمسلم أو مسلمة من الصالحين؛ هي في الواقع معجزة لسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم إذا إنه لولا الإيمان به، وصدق أتباعه ما تحققت هذه الكرامة الشريفة، فإذا حدث الأمر الخارق للعادة على يد كافر أو مشرك أو نحوهما فإنه يكون أحد أمور ثلاثة:
أولًا: السحر التخييلي:
وهذا السحر (تخييلي) كما قال الله عن سحرة فرعون: ﴿يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى﴾ [طه:66]. وهذا السحر يهيمن على العيون، كما قال تعالى: ﴿سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ﴾ [الأعراف:116]، فهو لا يغير شيئًا من الحقائق الكونية على عكس الكرامة، فإنما هو تأثير على العيون والأعصاب بأسلوب علمي متجدد.
والسحر (التخييلي) قائم على أصول من علم الطبيعة والكمياء وغيرها، مع استعمال ما يسمى (بخفة اليد)، ومع واقع اليوجا، واستخدام الطاقات الروحية التدريبية التي يستخدمها المتخصصون الفنيون في (التنويم المغناطيسي الذاتي والجماهيري) ونحوه.
وهذا النوع من السحر هو ما تخصص فيه فقراء الهند بما يقومون به من العجائب أمام الناس، وهو هو الذي يستخدمه (الحواة) المهرة الذين يعرضون ألعابهم في دور العرض المسرحي والسينمائي والتلفزيوني، وغيره من التجمعات المختلفة، وهو من بعض سحر الفراعنة والكهنة والمشعوذين. فهو علم متجدد متطور على قواعد وأصول علمية مادية، لا علاقة لها بالدين ولا بالعقائد، ولا بالروحانيات ولا بخوارق العادات الربانية.
ثانيًا: السحر الشيطاني:
وهذا السحر قائم على استخدام الشياطين، والارتباط معهم بوساطة العزائم، والرياضات النفسية المحرمة، والعكوف على الطلسمات، والأوفاق، والبخورات، والأنجاس بأساليب معينة، ونرى ذلك في قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ [الجنّ:6]، مما يدل على أن هيمنة الجن من الشياطين والمردة على المتصل بهم من الإنس هيمنة مدمرة مرهقة فاتكة بالإنسانيات، حسًا ومعنى، كما هو مشهود ومكرر.
ويقول الله تعالى في تأكيد إمكانية هذا الاتصال، وحدوثه بالفعل: ﴿يَا مَعْشَرَ الجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ...﴾ [الأنعام:128] الآية.
وهذا السحر الشيطاني هو (السحر الحقيقي)، وهو الذي اعتبره الإسلام من الكبائر السبع الموبقة، بل اعتبر مستحله كافرًا، وإليه أشار القرآن بقوله: ﴿وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ...﴾ [البقرة:102]. وليس من آثار هذا السحر إلا الشرور، والفتن بكل مراتبها وأنواعها وألوانها في الأفراد والأسرات، فهو يدمر المحسوسات والمعنويات.
فإنكار وجود هذا السحر الشيطاني من بعضهم، أوإنكار وجود شياطين الجن في مواجهة هذه النصوص المحكمة الحاسمة نوع من المكابرة، وداء حب المخالفة على الأقل.
كما أن في هذه النصوص إشارة إلى حقيقة (المس الشيطاني) الذي يصيب بعض الناس، وقال في القرآن عن أيوب: ﴿إذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾ [ص:41]، وفيه: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ﴾ [البقرة:275].
وفي الأحاديث النبوية الثابتة ما فيه الكفاية لمن يطلب الهداية.
ثم إن الفرق كبير جدًا بين (المرض العصبي والنفسي، والمس الشيطاني) ولكل منها علاجه الخاص بالوسائل العلمية الطبية، أو الروحية الشرعية، لا بالشعوذة، ولا بالتخريف أو التحريف أو ما حرم الله.
ثالثًا: الاستدراج:
ويسمى الأمر الخارق الذي قد يقع لغير العبد الصالح (استدراجًا) ما لم يكن من سحر التخييل أو سحر الشيطان، وذلك أن الله تعالى يأذن بحدوث هذا الأمر الخارق لهذا العبد المارق مكرًا به، وإملاءً له كما قال تعالى: ﴿فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ [القلم:44-45].
وإذا كان لكل حق باطل يشبهه، فهذه الأمور الثلاثة (السحر بنوعيه والاستدراج) هي الباطل الذي يشبه هذا الحق، الذي هو الكرامة. وإنما يعرف الفرق بينهما بأن الكرامة لا تكون إلا لأولياء الله الصالحين، وللولاية علامات من الإيمان والتقوى والورع والعلم، ومكارم الأخلاق، أي الصلاحية للبلاغ عن الحضرة النبوية مما لا يخفى على أحد، فالولي ممثل شخصي للنبي صلى الله عليه وسلم فيما عدا الوحي السماوي.
دليل الكرامة من القرآن والسنة:
وقد أثبت القرآن المجيد الكرامة لأولياء الله بما روى من قصة مريم وما كان يجده زكريا عندها من الرزق، وقصة أصحاب الكهف، وقصة الذي عنده علم من الكتاب، وقصة أم موسى وإرضاعه، وامرأة فرعون، وقصة موسى والخضر، بالإضافة إلى إشارات متعددة.
وقد ثبت في الحديث الشريف قصة عمر وسارية، وقصة أُسَيْد بن خضير وقراءته القرآن، وقصة الرجل الذي أضاء له سوطه أو أصابعه، وقصة أهل الغار الثلاثة، وقصة صاحب جريج، وقصة الساحر والملك - أو أصحاب الأخدود- وغير ذلك مما يلتمس في مظانه من كتب الرجال، وهو كثير.
وفي صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضى الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «لَقَدْ كَانَ فِيمَا قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، فَإِنْ يَكُ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَإِنَّهُ عُمَرُ». ونحوه في مسلم([1]).
وفي بعض روايته زيادة: «مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ...» ([2]).
والمحدَّثون هم (المُلْهَمُون). وفي حديث لأبي سعيد الخدري من رواية الجوهري في الفوائد قيل: وكيف يُحَدِّث يا رسول الله؟ قال: تتكلم الملائكة على لسانه.
وفي البخاري -تعليقًا- عن أبي هريرة -رضى الله عنه- قال: تلقَّيْتُ عن رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- جرابين مِن عِلْم، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَقَد بَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ([3]).
فلم يبق شك على الإطلاق في جواز حدوث الكرامة، أي الأمر الخارق للعادة من أولياء الله الصالحين، ولو لم يكن الأمر خارقًا للعادة ما كان كرامة؛ لأنه يكون عندئذ خاضعًا للناموس الطبيعي، فترتفع عنه خصوصية الكرامة والله أعلم.
([1]) أخرجه البخاري: (3689)، ومسلم: (2398/23).
([2]) أخرجه البخاري: (3689 مكرر).
([3]) أخرجه البخاري: (120).
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin