من كلام الجوهرة (3)
ويقول رضي الله عنه: [أنا في السماء شاهدته، وعلى الكرسي خاطبته، أنا بيدي أبواب النار غلقتها، أنا بيدي جنة الفردوس فتحتها، من زارني زاره، بيدي جنة الفردوس أسكنته.]: قوله: "أنا في السماء شاهدته"، يقصد به أن يشاهد الحق منزها عما قد يخالط العقول من أثر الفكر وتحكم الوهم. والهاء تعود في كلامه على الحق؛ لأنه معروف أهل الله، ولا وجود في الحقيقة عندهم لسواه. وقوله: "وعلى الكرسي خاطبته"، يعني أنه يعطي افتراق الكلمة حقها، فيخاطب مخاطبة معاملةٍ كل فريق بما يناسبه؛ دون أن يغيب عن الوحدة الأصلية. وهذا لا يكون إلا للكمّل من الرجال.
وقوله: "أنا بيدي أبواب النار غلقتها"، لا يصح إلا من وارث؛ لأن هذا المعنى بالأصالة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وحده، من كونه الهادي للعالمين. والوارث يصح له أن يتكلم بلسان موروثه في زمنه الخاص، ولا حرج. وعلى هذا يكون الدسوقي رضي الله عنه هاديا للناس على المنهاج المحمدي ظاهرا وباطنا؛ بالمدد والحال والمقال. وأما ما هو من الهداية التي يقوم بها علماء الشرع، فهي شطر الهداية في الحقيقة؛ لذلك يميّز أهل الله بين الصنفين من الهداة بتخصيص الظاهر أو بنسبة الرسوم إلى علماء الشرع، ليدلّوا على عدم كمال الهداية لديهم؛ نصيحة للأمة ودلالة على هداية الورثة. والهداية التي تكون سببا في غلق أبواب النار، هي نفسها السبب في فتح أبواب الجنة. فيكون قول هذا السيد بعد ذلك: "أنا بيدي جنة الفردوس فتحتها" دلالة على كمال الهداية، بفتح أبواب الفردوس الذي هو أعلى الجنة؛ لأن الهداية مراتب على قدر ما تهدي إليه، وأعلاها ما كان أصحابه من أهل الفردوس. وتخصيصه لذكر يده في قوله، يدل على الاقتدار الإلهي الذي وهبه الله إياه؛ فإنه لا يُتصور عند أهل الطريق أن يفعل المرء فعلا من نفسه؛ بل كل أفعاله بإذن الله وقدرته. وهذه النسبة التي تجعل أفعال الله أفعال عبد من العباد، لا تكون إلا للربانيين، والأفراد المحمديين.
وقوله رضي الله عنه: "من زارني زاره"، تكملة لكلامه الذي بدأه بقوله: "أنا في السماء شاهدته...". والهاء تعود على الحق، كما تعود على الحقيقة المحمدية التي هي أول ظهور له. ومعنى الكلام أن من أراد أن يزور الحق، فليزرني؛ ومن أراد أن يزور محمدا صلى الله عليه وآله وسلم، فليزرني. وهذا غير مستبعد على عبد قائم بربه وارث لنبيّه. وإن توهم بعض الناس أن هذا يشوش على مفهوم الحج الذي هو زيارة لله في بيته، أو يشوش على مفهوم الزيارة العامة في كل بيوت الله، فليعلم أن هذا الذي يقصده متعلق بالظاهر وبالشريعة؛ وما نذكره هنا متعلق بالغيب والحقيقة. ولا تعارض بينهما لعدم الاشتراك في التعلّق. وهذا المعنى هو ما عبر عنه بعض الناس بالحج نفسه، فأنكره عليهم من سمعه منهم. ونحن وإن كنا لا نحبذ استعمال اللفظ الشرعي في غير ما جُعل له، فإنه لا يمنعنا ذلك من تتبع المعنى وإقرار صوابه بأي عبارة أخرى. وأما من يريد البقاء على إنكاره، فليعلم أنه متبع هوى، ومتعصب لرأي مخصوص. والله يقول:{ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ؟!}[يونس: 35].
وقوله رضي الله عنه: "بيدي جنة الفردوس أسكنته": يعني أن من زارني الزيارة التي هي بالقصد والتوجه، يريد بزيارته وجه الله، فإن الله أقدرني على أن أجعله من أهل جنة الفردوس. وهي لا تكون إلا لأهل الله العارفين بربهم. وهذا نعلمه من هذه الطبقة من الأولياء يقينا من غير شك. فليس في حاجة إلى إيناس بالأدلة على ما يقولون، إلا من كان من أهل الخبر لا من أهل المعاينة.
ويقول رضي الله عنه: [أنا في السماء شاهدته، وعلى الكرسي خاطبته، أنا بيدي أبواب النار غلقتها، أنا بيدي جنة الفردوس فتحتها، من زارني زاره، بيدي جنة الفردوس أسكنته.]: قوله: "أنا في السماء شاهدته"، يقصد به أن يشاهد الحق منزها عما قد يخالط العقول من أثر الفكر وتحكم الوهم. والهاء تعود في كلامه على الحق؛ لأنه معروف أهل الله، ولا وجود في الحقيقة عندهم لسواه. وقوله: "وعلى الكرسي خاطبته"، يعني أنه يعطي افتراق الكلمة حقها، فيخاطب مخاطبة معاملةٍ كل فريق بما يناسبه؛ دون أن يغيب عن الوحدة الأصلية. وهذا لا يكون إلا للكمّل من الرجال.
وقوله: "أنا بيدي أبواب النار غلقتها"، لا يصح إلا من وارث؛ لأن هذا المعنى بالأصالة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وحده، من كونه الهادي للعالمين. والوارث يصح له أن يتكلم بلسان موروثه في زمنه الخاص، ولا حرج. وعلى هذا يكون الدسوقي رضي الله عنه هاديا للناس على المنهاج المحمدي ظاهرا وباطنا؛ بالمدد والحال والمقال. وأما ما هو من الهداية التي يقوم بها علماء الشرع، فهي شطر الهداية في الحقيقة؛ لذلك يميّز أهل الله بين الصنفين من الهداة بتخصيص الظاهر أو بنسبة الرسوم إلى علماء الشرع، ليدلّوا على عدم كمال الهداية لديهم؛ نصيحة للأمة ودلالة على هداية الورثة. والهداية التي تكون سببا في غلق أبواب النار، هي نفسها السبب في فتح أبواب الجنة. فيكون قول هذا السيد بعد ذلك: "أنا بيدي جنة الفردوس فتحتها" دلالة على كمال الهداية، بفتح أبواب الفردوس الذي هو أعلى الجنة؛ لأن الهداية مراتب على قدر ما تهدي إليه، وأعلاها ما كان أصحابه من أهل الفردوس. وتخصيصه لذكر يده في قوله، يدل على الاقتدار الإلهي الذي وهبه الله إياه؛ فإنه لا يُتصور عند أهل الطريق أن يفعل المرء فعلا من نفسه؛ بل كل أفعاله بإذن الله وقدرته. وهذه النسبة التي تجعل أفعال الله أفعال عبد من العباد، لا تكون إلا للربانيين، والأفراد المحمديين.
وقوله رضي الله عنه: "من زارني زاره"، تكملة لكلامه الذي بدأه بقوله: "أنا في السماء شاهدته...". والهاء تعود على الحق، كما تعود على الحقيقة المحمدية التي هي أول ظهور له. ومعنى الكلام أن من أراد أن يزور الحق، فليزرني؛ ومن أراد أن يزور محمدا صلى الله عليه وآله وسلم، فليزرني. وهذا غير مستبعد على عبد قائم بربه وارث لنبيّه. وإن توهم بعض الناس أن هذا يشوش على مفهوم الحج الذي هو زيارة لله في بيته، أو يشوش على مفهوم الزيارة العامة في كل بيوت الله، فليعلم أن هذا الذي يقصده متعلق بالظاهر وبالشريعة؛ وما نذكره هنا متعلق بالغيب والحقيقة. ولا تعارض بينهما لعدم الاشتراك في التعلّق. وهذا المعنى هو ما عبر عنه بعض الناس بالحج نفسه، فأنكره عليهم من سمعه منهم. ونحن وإن كنا لا نحبذ استعمال اللفظ الشرعي في غير ما جُعل له، فإنه لا يمنعنا ذلك من تتبع المعنى وإقرار صوابه بأي عبارة أخرى. وأما من يريد البقاء على إنكاره، فليعلم أنه متبع هوى، ومتعصب لرأي مخصوص. والله يقول:{ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ؟!}[يونس: 35].
وقوله رضي الله عنه: "بيدي جنة الفردوس أسكنته": يعني أن من زارني الزيارة التي هي بالقصد والتوجه، يريد بزيارته وجه الله، فإن الله أقدرني على أن أجعله من أهل جنة الفردوس. وهي لا تكون إلا لأهل الله العارفين بربهم. وهذا نعلمه من هذه الطبقة من الأولياء يقينا من غير شك. فليس في حاجة إلى إيناس بالأدلة على ما يقولون، إلا من كان من أهل الخبر لا من أهل المعاينة.
25/11/2024, 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
25/11/2024, 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
25/11/2024, 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
25/11/2024, 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
25/11/2024, 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
25/11/2024, 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin