من آداب الدعاء
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:
حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني *** هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا
كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ *** لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا
يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَمِنْ آدَابِ الدُّعَاءِ التي أَرْشَدَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
الصَّلَاةُ عَلَيْهِ أَوَّلَ الدُّعَاءِ، وَأَوْسَطَهُ، وَآخِرَهُ:
كَمَا جَاءَ في مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَجْعَلُونِي كَقَدَحِ الرَّاكِبِ» (القَدَحُ بِفَتْحَتَيْنِ: إِنَاءٌ صَغِيرٌ للشُّرْبِ).
قِيلَ: وَمَا قَدَحُهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنَّ الرَّاكِبَ يَمْلَأُ قَدَحَهُ، ثُمَّ يَضَعُهُ وَيَرْفَعُ مَتَاعَهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَإِنِ احْتَاجَ إلى الشَّرَابِ شَرِبَهُ، أَو الوُضُوءِ تَوَضَّأَ، وَإِلَّا هَرَاقَهُ.
اجْعَلُونِي فِي أَوَّلِ الدُّعَاءِ، وَأَوْسَطِهِ، وَآخِرِهِ» انْظُرْ المَوَاهِبَ للقَسْطَلَانِيِّ وَشَرْحِهِ.
وَالمُرَادُ: أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ في أَوَّلِ الدُّعَاءِ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُلُّ دُعَاءٍ مَحْجُوبٌ حَتَّى يُصَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. قَالَ في التَّرْغِيبِ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ في الأَوْسَطِ مَوْقُوفَاً، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، وَرَفَعَهُ بَعْضُهُمْ، وَالمَوْقُوفُ أَصَحُّ. اهـ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَوْقُوفَاً قَالَ: إِنَّ الدُّعَاءَ مَوْقُوفٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لَا يَصْعَدُ مِنْهُ شَيْءٌ، حَتَّى تُصَلِّيَ عَلَى نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
وَمِنْ آدَابِ الدُّعَاءِ الإِلْحَاحُ فِيهِ:
رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ يَدْعُوَ ثَلَاثَاً، وَيَسْتَغْفِرَ ثَلَاثَاً.
وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُلِحِّينَ في الدُّعَاءِ». أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ في الكَامِلِ، وَالبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ، مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، كَمَا في نُزُلِ الأَبْرَارِ وَغَيْرِهِ.
وَمِنْ مَطَالِبِ الدُّعَاءِ التي أَرْشَدَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِتَحْصُلَ الإِجَابَةُ تَطْيِيبُ المَأْكَلِ وَالمَشْرَبِ وَالمَلْبَسِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ حَلَالَاً:
رَوَى مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ تعالى طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبَاً، وَإِنَّ اللهَ تعالى أَمَرَ المُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ، فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ ـ أَيْ: الحَلَالَ ـ وَاعْمَلُوا صَالِحَاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾. وَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا للهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾.
ثُمَّ ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟».
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَمِنْ ذَلِكَ إِرْشَادُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الدَّاعِيَ إلى عَدَمِ الاسْتِعْجَالِ، بِأَنْ يَقُولَ: قَدْ دَعَوْتُ رَبِّي فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي، فَإِنَّ ذَلِكَ يُبْعِدُ الإِجَابَةَ، لِمَا وَرَدَ في الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي».
وَفِي رِوَايَةٍ: «دَعَوْتُ رَبِّي فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي».
وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى بِرِجَالِ الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزَالُ الْعَبْدُ بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ».
قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، وَكَيْفَ يَسْتَعْجِلُ؟
قَالَ: «يَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يَسْتَجِبْ لِي». فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الاسْتِعْجَالَ المَذْمُومَ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الدَّاعِي: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي، وَهَذَا لَا يَمْنَعُ أَنْ يَسْأَلَ العَبْدُ رَبَّهُ تَعْجِيلَ الإِجَابَةِ، فَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ في دُعَاءِ الاسْتِسْقَاءِ: «عَاجِلَاً غَيْرَ رَائِثٍ».
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:
حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني *** هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا
كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ *** لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا
يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَمِنْ آدَابِ الدُّعَاءِ التي أَرْشَدَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
الصَّلَاةُ عَلَيْهِ أَوَّلَ الدُّعَاءِ، وَأَوْسَطَهُ، وَآخِرَهُ:
كَمَا جَاءَ في مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَجْعَلُونِي كَقَدَحِ الرَّاكِبِ» (القَدَحُ بِفَتْحَتَيْنِ: إِنَاءٌ صَغِيرٌ للشُّرْبِ).
قِيلَ: وَمَا قَدَحُهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنَّ الرَّاكِبَ يَمْلَأُ قَدَحَهُ، ثُمَّ يَضَعُهُ وَيَرْفَعُ مَتَاعَهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَإِنِ احْتَاجَ إلى الشَّرَابِ شَرِبَهُ، أَو الوُضُوءِ تَوَضَّأَ، وَإِلَّا هَرَاقَهُ.
اجْعَلُونِي فِي أَوَّلِ الدُّعَاءِ، وَأَوْسَطِهِ، وَآخِرِهِ» انْظُرْ المَوَاهِبَ للقَسْطَلَانِيِّ وَشَرْحِهِ.
وَالمُرَادُ: أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ في أَوَّلِ الدُّعَاءِ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُلُّ دُعَاءٍ مَحْجُوبٌ حَتَّى يُصَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. قَالَ في التَّرْغِيبِ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ في الأَوْسَطِ مَوْقُوفَاً، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، وَرَفَعَهُ بَعْضُهُمْ، وَالمَوْقُوفُ أَصَحُّ. اهـ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَوْقُوفَاً قَالَ: إِنَّ الدُّعَاءَ مَوْقُوفٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لَا يَصْعَدُ مِنْهُ شَيْءٌ، حَتَّى تُصَلِّيَ عَلَى نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
وَمِنْ آدَابِ الدُّعَاءِ الإِلْحَاحُ فِيهِ:
رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ يَدْعُوَ ثَلَاثَاً، وَيَسْتَغْفِرَ ثَلَاثَاً.
وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُلِحِّينَ في الدُّعَاءِ». أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ في الكَامِلِ، وَالبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ، مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، كَمَا في نُزُلِ الأَبْرَارِ وَغَيْرِهِ.
وَمِنْ مَطَالِبِ الدُّعَاءِ التي أَرْشَدَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِتَحْصُلَ الإِجَابَةُ تَطْيِيبُ المَأْكَلِ وَالمَشْرَبِ وَالمَلْبَسِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ حَلَالَاً:
رَوَى مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ تعالى طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبَاً، وَإِنَّ اللهَ تعالى أَمَرَ المُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ، فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ ـ أَيْ: الحَلَالَ ـ وَاعْمَلُوا صَالِحَاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾. وَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا للهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾.
ثُمَّ ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟».
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَمِنْ ذَلِكَ إِرْشَادُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الدَّاعِيَ إلى عَدَمِ الاسْتِعْجَالِ، بِأَنْ يَقُولَ: قَدْ دَعَوْتُ رَبِّي فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي، فَإِنَّ ذَلِكَ يُبْعِدُ الإِجَابَةَ، لِمَا وَرَدَ في الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي».
وَفِي رِوَايَةٍ: «دَعَوْتُ رَبِّي فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي».
وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى بِرِجَالِ الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزَالُ الْعَبْدُ بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ».
قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، وَكَيْفَ يَسْتَعْجِلُ؟
قَالَ: «يَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يَسْتَجِبْ لِي». فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الاسْتِعْجَالَ المَذْمُومَ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الدَّاعِي: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي، وَهَذَا لَا يَمْنَعُ أَنْ يَسْأَلَ العَبْدُ رَبَّهُ تَعْجِيلَ الإِجَابَةِ، فَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ في دُعَاءِ الاسْتِسْقَاءِ: «عَاجِلَاً غَيْرَ رَائِثٍ».
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.
أمس في 20:03 من طرف Admin
» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
أمس في 20:02 من طرف Admin
» كتاب: الفتوحات القدسية في شرح قصيدة في حال السلوك عند الصوفية ـ الشيخ أبي بكر التباني
أمس في 19:42 من طرف Admin
» كتاب: الكلمات التي تتداولها الصوفية للشيخ الأكبر مع تعليق على بعض ألفاظه من تأويل شطح الكمل للشعراني
أمس في 19:39 من طرف Admin
» كتاب: قاموس العاشقين في أخبار السيد حسين برهان الدين ـ الشيخ عبد المنعم العاني
أمس في 19:37 من طرف Admin
» كتاب: نُسخة الأكوان في معرفة الإنسان ويليه رسائل أخرى ـ الشّيخ محيي الدين بن عربي
أمس في 19:34 من طرف Admin
» كتاب: كشف الواردات لطالب الكمالات للشيخ عبد الله السيماوي
أمس في 19:31 من طرف Admin
» كتاب: رسالة الساير الحائر الواجد إلى الساتر الواحد الماجد ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
أمس في 19:28 من طرف Admin
» كتاب: رسالة إلى الهائم الخائف من لومة اللائم ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
أمس في 19:26 من طرف Admin
» كتاب: التعرف إلى حقيقة التصوف للشيخين الجليلين أحمد العلاوي عبد الواحد ابن عاشر
أمس في 19:24 من طرف Admin
» كتاب: مجالس التذكير في تهذيب الروح و تربية الضمير للشيخ عدّة بن تونس
أمس في 19:21 من طرف Admin
» كتاب غنية المريد في شرح مسائل التوحيد للشيخ عبد الرحمن باش تارزي القسنطيني الجزائري
أمس في 19:19 من طرف Admin
» كتاب: القوانين للشيخ أبي المواهب جمال الدين الشاذلي ابن زغدان التونسي المصري
أمس في 19:17 من طرف Admin
» كتاب: مراتب الوجود المتعددة ـ الشيخ عبد الواحد يحيى
أمس في 19:14 من طرف Admin
» كتاب: جامع الأصول في الأولياء و دليل السالكين إلى الله تعالى ـ للسيد أحمد النّقشبندي الخالدي
أمس في 19:12 من طرف Admin