..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: تنبيه السالكين إلى غرور المتشيخين للشيخ حسن حلمي الدغستاني
من كتاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:  حقيقة العبادة ـ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ Emptyأمس في 20:03 من طرف Admin

» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
من كتاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:  حقيقة العبادة ـ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ Emptyأمس في 20:02 من طرف Admin

» كتاب: الفتوحات القدسية في شرح قصيدة في حال السلوك عند الصوفية ـ الشيخ أبي بكر التباني
من كتاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:  حقيقة العبادة ـ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ Emptyأمس في 19:42 من طرف Admin

» كتاب: الكلمات التي تتداولها الصوفية للشيخ الأكبر مع تعليق على بعض ألفاظه من تأويل شطح الكمل للشعراني
من كتاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:  حقيقة العبادة ـ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ Emptyأمس في 19:39 من طرف Admin

» كتاب: قاموس العاشقين في أخبار السيد حسين برهان الدين ـ الشيخ عبد المنعم العاني
من كتاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:  حقيقة العبادة ـ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ Emptyأمس في 19:37 من طرف Admin

» كتاب: نُسخة الأكوان في معرفة الإنسان ويليه رسائل أخرى ـ الشّيخ محيي الدين بن عربي
من كتاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:  حقيقة العبادة ـ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ Emptyأمس في 19:34 من طرف Admin

» كتاب: كشف الواردات لطالب الكمالات للشيخ عبد الله السيماوي
من كتاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:  حقيقة العبادة ـ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ Emptyأمس في 19:31 من طرف Admin

» كتاب: رسالة الساير الحائر الواجد إلى الساتر الواحد الماجد ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
من كتاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:  حقيقة العبادة ـ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ Emptyأمس في 19:28 من طرف Admin

» كتاب: رسالة إلى الهائم الخائف من لومة اللائم ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
من كتاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:  حقيقة العبادة ـ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ Emptyأمس في 19:26 من طرف Admin

» كتاب: التعرف إلى حقيقة التصوف للشيخين الجليلين أحمد العلاوي عبد الواحد ابن عاشر
من كتاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:  حقيقة العبادة ـ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ Emptyأمس في 19:24 من طرف Admin

» كتاب: مجالس التذكير في تهذيب الروح و تربية الضمير للشيخ عدّة بن تونس
من كتاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:  حقيقة العبادة ـ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ Emptyأمس في 19:21 من طرف Admin

» كتاب غنية المريد في شرح مسائل التوحيد للشيخ عبد الرحمن باش تارزي القسنطيني الجزائري
من كتاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:  حقيقة العبادة ـ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ Emptyأمس في 19:19 من طرف Admin

» كتاب: القوانين للشيخ أبي المواهب جمال الدين الشاذلي ابن زغدان التونسي المصري
من كتاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:  حقيقة العبادة ـ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ Emptyأمس في 19:17 من طرف Admin

» كتاب: مراتب الوجود المتعددة ـ الشيخ عبد الواحد يحيى
من كتاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:  حقيقة العبادة ـ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ Emptyأمس في 19:14 من طرف Admin

» كتاب: جامع الأصول في الأولياء و دليل السالكين إلى الله تعالى ـ للسيد أحمد النّقشبندي الخالدي
من كتاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:  حقيقة العبادة ـ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ Emptyأمس في 19:12 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    من كتاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: حقيقة العبادة ـ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68443
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    من كتاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:  حقيقة العبادة ـ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ Empty من كتاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: حقيقة العبادة ـ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ

    مُساهمة من طرف Admin 27/7/2020, 17:07

    حقيقة العبادة

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

    فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

    حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني *** هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

    كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ *** لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

    يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: حَقِيقَةُ العِبَادَةِ:

    العِبَادَةُ هِيَ: التَّقَرُّبُ إلى اللهِ تعالى بِأَقْصَى غَايَاتِ الخُضُوعِ وَالتَّذَلُّلِ لَهُ سُبْحَانَهُ، فِيمَا شَرَعَهُ لِعِبَادِهِ مِنَ الأَقْوَالِ وَالأَعْمَالِ: القَلْبِيَّةِ وَالبَدَنِيَّةِ وَالحَالِيَّةِ.

    وَللعِبَادَةِ لَذَّةٌ وَحَلَاوَةٌ، وَنَعِيمٌ وَطَلَاوَةٌ، فَمَنْ طَعِمَ حَلَاوَتَهَا، وَذَاقَ لَذَّتَهَا، تَعَلَّقَ بِهَا وَعَشِقَهَا، فَهُوَ لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا أَبَدَاً، لِأَنَّهَا تَصِيرُ رَاحَتَهُ وَرَيْحَانَهُ.

    وَإِنَّ أَعْظَمَ ذَائِقٍ ذَاقَ حَلَاوَتَهَا، وَأَكْبَرَ مَنْ نَعِمَ بِهَا، وَشَهِدَ أَسْرَارَهَا وَأَنْوَارَهَا، هُوَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِمَامُ العُبَّادِ وَسَيِّدُ الصَّالِحِينَ، وَأَتْقَى الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ بِنَصِّ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ﴾.

    فَلَقَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ تَوْلِيَتَهُ لِعِبَادِهِ عَلَى نِسْبَةِ صَلَاحِهِمْ، وَأَنَّ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تَوْلِيَةً خَاصَّةً لِحَبِيبِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنَلْهَا غَيْرُهُ، أَشَارَ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ﴾. أَيْ: إِنَّ وَلِيَّيَ المُتَوَلِّي لِأَمْرِي كُلِّهِ عَلَى وَجْهِ الخُصُوصِ، هُوَ اللهُ تعالى، وَالتَّوْلِيَةُ الإِلَهِيَّةُ: تَكُونُ عَلَى نِسْبَةِ الصَّلَاحِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ آخِرُ الآيَةِ، فَيَنْتُجُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ في الصَّلَاحِ مَقَامَاً خَاصَّاً بِهِ، لَمْ يَنَلْهُ غَيْرُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

    وَلِذَلِكَ كَانَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْمَلُ ذَوْقٍ لِحَلَاوَةِ العِبَادَاتِ، وَأَلَذُّ رَاحَةٍ وَنَعِيمٍ بِهَا:

    كَمَا جَاءَ في المُسْنَدِ وَغَيْرِهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قُمْ يَا بِلَالُ، فَأَرِحْنَا بِالصَّلَاةِ».

    وَكَمَا في المُسْنَدِ وَغَيْرِهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ».

    وَالمُتَّبِعُونَ المُحَمَّدِيُّونَ نَالُوا نَصِيبَهُمْ مِنْ لَذَّةِ العِبَادَاتِ، وَنَعِيمِ الطَّاعَاتِ، عَلَى حَسَبِ مَرَاتِبِهِمْ:

    كَمَا وَرَدَ عَنِ الشَّيْخِ الكَبِيرِ العَارِفِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَو يَعْلَمُ المُلُوكُ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ مِنَ اللَّذَّةِ لَجَالَدُونَا عَلَيْهِ بِالسُّيُوفِ.

    وَقَالَ العَارِفُ الكَبِيرُ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَهْلُ اللَّيْلِ في لَيْلِهِمْ: أَلَذُّ مِنْ أَهْلِ اللَّهْوِ في لَهْوِهِمْ، وَلَوْلَا اللَّيْلُ مَا أَحْبَبْتُ البَقَاءِ في الدُّنْيَا.

    وَكَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ: إِذَا كَانَ أَهْلُ الجَنَّةِ عَلَى مَا نَحْنُ عَلَيْهِ: فَهُمْ في عَيْشٍ طَيِّبٍ.

    وَلِذَلِكَ كَلِفَ أَهْلُ الجَنَّةِ عِبَادَةَ رَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ في الجَنَّةِ كَلَفَاً بِغَيْرِ تَكَلُّفٍ، فَهُمْ يَعْبُدُونَ اللهَ تعالى في الجَنَّةِ، أَكْثَرَ مِنْ عِبَادَاتِهِمْ لَهُ في الدُّنْيَا.

    كَمَا وَرَدَ في الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ للمَلَائِكَةِ الذينَ يَطُوفُونَ في الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ: مَا يَقُولُ عِبَادِي؟

    يَقُولُونَ: يُسَبِّحُونَكَ، وَيُكَبِّرُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ، وَيُمَجِّدُونَكَ.

    فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْنِي؟

    فَيَقُولُونَ: لَا وَاللهِ مَا رَأَوْكَ؟ فَيَقُولُ: وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟

    فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدَاً، وَتَحْمِيدَاً، وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحَاً . . . الحَدِيثَ.

    فَأَهْلُ الجَنَّةِ أَكْثَرُ عِبَادَةً مِنْهُمْ في الدُّنْيَا، لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ سُبْحَانَهُ، وَلَكِنَّ عِبَادَتَهُمْ كَلَفٌ بِلَا مَشَقَّةٍ، وَإِنَّمَا هِيَ رَاحَتُهُمْ وَنَعِيمُهُمْ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا جَاءَ في صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ في أَهْلِ الجَنَّةِ: «يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ وَالتَّقْدِيسَ، كَمَا تُلْهَمُونَ النَّفَسَ».

    وَلِلْعِبَادَاتِ آثَارٌ في نَفْسِ العَابِدِ: تُهَذِّبُهَا مِنَ الرُّعُونَاتِ وَالحَمَاقَاتِ وَالدَّعَاوِي وَالأَنَانِيَّاتِ، حَتَّى تَصْفُوَ نَفْسُ العَابِدِ، وَتَدْخُلَ في دَائِرَةِ العُبُودِيَّةِ، لِسُلْطَانِ مَقَامِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِرَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الأَسْلَمِيِّ لَمَّا قَالَ لَهُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ.

    قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ».

    وَلِلْعِبَادَاتِ صِبْغَةٌ نُورَانِيَّةٌ: يَنْصَبِغُ بِهَا قَلْبُ العَابِدِ وَعَقْلُهُ، وَجَمِيعُ حَوَاسِّهِ، بِالنُّورِ الإِلَهِيِّ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُشْرِقُ في وَجْهِ العَابِدِ إِشْرَاقَاً، قَالَ اللهُ تعالى: ﴿صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾.

    وَالمَعْنَى: الْزَمُوا صِبْغَةَ اللهِ، فَإِنَّهَا صِبْغَةُ نُورٍ ثَابِتٍ، وَلَا أَحْسَنَ مِنْهَا صِبْغَةً، وَذَلِكَ بِعِبَادَتِكُمْ لِرَبِكُّمْ سُبْحَانَهُ كَمَا شَرَعَ لَكُمْ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ».

    وَبِالعِبَادَاتِ صَفَاءُ القَلْبِ وَجِلَاؤُهُ: وَنَقَاؤُهُ وَضِيَاؤُهُ، حَتَّى إِنَّهُ لَتَتَجَلَّى فِيهِ أَنْوَارُ الحَقِّ، قَالَ اللهُ تعالى: ﴿اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ . . . الآيَةَ.

    أَيْ: مَثَلُ نُورِهِ سُبْحَانَهُ في قَلْبِ عَبْدِهِ المُؤْمِنِ، كَمِشْكَاةٍ، أَيْ: كُوَّةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ يَتَوََقَّدُ بِالنُّورِ.

    وَالمِشْكَاةُ تُشِيرُ إلى الصَّدْرِ، وَالمِصْبَاحُ هُوَ قَلْبُ المُؤْمِنِ المُشْرِقِ بِنُورِ الإِيمَانِ بِاللهِ تعالى.

    وَقَدْ أُنْشِدَ لِبَعْضِ العَارِفِينِ في ذَلِكَ:

    إِذَا سَكَنَ الْغَدِيرُ عَلَى صَـفَاءٍ *** وَجُنِّبَ أَنْ يُحَرِّكَهُ النَّسِـــــيمُ

    بَـدَتْ فِـيهِ السَّمَاءُ بِلَا امْتِرَاءٍ *** كَذَاكَ الشَّمْسُ تَبْدُو وَالنُّجُومُ

    كَذَاكَ قُلُوبُ أَرْبَابِ التَّجَلِّي *** يُرَى فِي صَفْوِهَا اللهُ الْعَظِيــمُ

    وَذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ بَابِ التَّجَلِّي في المَجَالِي، وَظُهُورِ النُّورِ في مَرَايَا القُلُوبِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّجَزُّؤِ أَو الحُلُولِ؛ تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوَّاً كَبِيرَاً.

    خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَبِالعِبَادَاتِ يَكُونُ التَّقَرُّبُ وَالاقْتِرَابُ إلى رَبِّ الأَرْبَابِ:

    قَالَ اللهُ تعالى: ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾. وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: «وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ..» الحَدِيثَ.

    انْظُرْ في كِتَابِنَا: الصَّلَاةُ في الإسْلَامِ، وَكِتَابِنَا: التَّقَرُّبُ إلى اللهِ تعالى، وَفِيهِ جَمْعٌ لِطُرُقِهِ وَبَيَانٌ لِمَعَانِيهِ.

    وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ تَفْصِيلِ البَحْثِ، حَوْلَ آثَارِ العِبَادَةِ وَأَسْرَارِهَا، وَإِنَّمَا أَلْمَحْنَا لَمَحَاتٍ يَعْتَبِرُ بِهَا المُعْتَبِرُ، فَيَعْلَمَ أَنَّ للعِبَادَةِ أَثَرَاً في العَابِدِ كَبِيرَاً، وَسِرَّاً عَظِيمَاً، وَإِشْرَاقَاً وَضِيَاءً، وَرِفْعَةً وَمَقَامَاً، وَقُرْبَاً وَحُبَّاً.

    فَمَاذَا تَتَصَوَّرُ أَيُّهَا العَاقِلُ مِنْ عَظَمَةِ آثَارِ عِبَادَةِ سَيِّدِ العُبَّادِ وَالمُقَرَّبِينَ، وَإِمَامِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ؟ وَمَاذَا تُقَدِّرُ مِنْ قُوَّةِ إِشْرَاقَاتِ عِبَادَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَضِيَائِهَا، وَأَنْوَارِهَا وَأَسْرَارِهَا، وَمَدَى مَكَانَتِهَا وَقُرْبِهَا؟ نَعَمْ إِنَّهُ لَا يُحِيطُ عِلَمَاً بِذَلِكَ إِلَّا اللهُ تعالى الذي اصْطَفَاهُ عَلَى جَمِيعِ المْصَطَفَيْنَ الأَخْيَارِ.

    اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.


      الوقت/التاريخ الآن هو 23/9/2024, 07:35