مع الحبيب المصطفى: كيف يكون الرضا عن الله تعالى
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
271ـ كيف يكون الرضا عن الله تعالى
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كُرَبُ الزَّمَانِ، وَفَقْدُ الأَحِبَّةِ، خَطْبٌ مُؤْلِمٌ، وَحَدَثٌ مُوجِعٌ، وَأَمْرٌ مُزْعِجٌ، وَهُيَ مِنْ أَشَدِّ المَصَائِبِ التي تُصيبُ الإِنْسَانَ، وَتَكَادُ أَنْ تَكُونَ الأَحْدَاثُ وَالكُرَبُ نَارَاً تَسْتَعِرُ، وَحُرْقَةً تَحْرِقُ الكَبِدَ، وَتَفُتُّ العَضُدَ، وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ العَبْدَ المُؤْمِنَ يَقُولُ:
فَلَرُبَّ أَمْرٍ مُحْزِنٍ لَكَ في عَوَاقِبِهِ الرِّضَا *** وَلَرُبَّمَا اتَّسَعَ المَضِيقُ، وَرُبَّمَا ضَاقَ الفَضَا
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كَمْ مِنْ مَسْرُورٍ بِنِعْمَةٍ أَسْبَغَهَا اللهُ تعالى عَلَيْهِ وَهِيَ في الحَقِيقَةِ دَاءٌ لَهُ وَشَرٌّ؟ وَكَمْ مِنْ مَحْزُونٍ بِنِعْمَةٍ سَاقَهَا اللهُ تعالى إِلَيْهِ وهِيَ في الحَقِيقَةِ دَوَاءٌ لَهُ وَخَيْرٌ؟
كَمْ مِنْ خَيْرٍ مَنْشُورٍ، وَهُوَ في الحَقِيقَةِ يَحْمِلُ شَرَّاً مَسْتُورَاً؟ وَكَمْ مِنْ أَمْرٍ مَحْبُوبٍ، وَهُوَ في الحَقِيقَةِ يَحْمِلُ في طَيَّاتِهِ أَمْرَاً مَكْرُوهَاً؟ وَكَمْ مِنْ أَمْرٍ مَكْرُوهٍ يَحْمِلُ في طَيَّاتِهِ أَمْرَاً مَحْبُوبَاً؟ قَالَ تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئَاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئَاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.
وَرَحِمَ اللهُ تعالى مَنْ قَالَ:
لَا تَـكْرَهِ المَكْرُوهَ عِنْدَ حُلُولِهِ *** إِنَّ العَوَاقِبَ لَمْ تَزَلْ مُتَبَايِنَةً
كَمْ نِعْمَةً لَا يُسْتَهَانُ بِشُكْرِهَا *** للهِ فِي طَـيِّ المَكَـارِهِ كَـامِنَةً
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ أَمَرَنَا اللهُ تعالى بِاتِّبَاعِ الحَبِيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرَاً﴾.
أُسْوَتُنَا في جَمِيعِ أَحْوَالَنَا هُوَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَقَدْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَاكِرَاً في الرَّخَاءِ، صَابِرَاً في البَلَاءِ.
فَيَا صَاحِبَ الكَرْبِ، وَيَا صَاحِبَ الابْتِلَاءِ، وَيَا مَنْ فَقَدَ الأَحِبَّةَ، وَخَاصَّةً في هَذِهِ الآوِنَةِ، انْظُرْ إلى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَتَعَلَّمْ مِنْهُ كَيْفَ يَكُونُ الرِّضَا عَنِ اللهِ تعالى، وَكَيْفَ يَكُونُ الصَّبْرُ.
«وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ»:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: جَاءَ في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ الذي رواه الإمام البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَيْفٍ القَيْنِ (الحَدَادِ) وَكَانَ ظِئْرَاً (أَيْ: زَوْجَ المُرْضِعَةِ) لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِبْرَاهِيمَ، فَقَبَّلَهُ، وَشَمَّهُ، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَذْرِفَانِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟
فَقَالَ: «يَا ابْنَ عَوْفٍ، إِنَّهَا رَحْمَةٌ».
ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ».
إِذَا دَمَعَتِ العَيْنُ، وَحَزِنَ القَلْبُ، لَا إِشْكَالَ في ذَلِكَ، وَلَكِنَّ الإِشْكَالَ في اللِّسَانِ، روى الشيخان عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَيْنِ، وَلَا بِحُزْنِ القَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا ـ وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ ـ أَوْ يَرْحَمُ».
«هَذِهِ رَحْمَةٌ، جَعَلَهَا اللهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ»:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَهَذِهِ صُورَةٌ ثَانِيَةٌ مِنْ صُوَرِ الصَّبْرِ، وَالرِّضَا عَنِ اللهِ تعالى في قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، وَلَوْ كَانَ في ظَاهِرِ الأَمْرِ مَكْرُوهَاً.
روى الشيخان عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ إِحْدَى بَنَاتِهِ، يَدْعُوهُ إِلَى ابْنِهَا فِي المَوْتِ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ارْجِعْ إِلَيْهَا فَأَخْبِرْهَا أَنَّ للهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمَّىً، فَمُرْهَا فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ».
فَأَعَادَتِ الرَّسُولَ أَنَّهَا قَدْ أَقْسَمَتْ لَتَأْتِيَنَّهَا.
فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَقَامَ مَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَدُفِعَ الصَّبِيُّ إِلَيْهِ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ (أَيْ: تَضْطَرِبُ وَتَتَحَرَّكُ) كَأَنَّهَا فِي شَنٍّ (القِرْبَةُ الخَلِقَةُ اليَابِسَةُ) فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ.
فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا هَذَا؟
قَالَ: «هَذِهِ رَحْمَةٌ، جَعَلَهَا اللهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ».
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: اللهُ تعالى يَقْضِي، وَعلى العَبْدِ أَنْ يَرْضَى، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَعَلَيْهِ السُّخْطُ، وَمَنِ اسْتَعَانَ بِاللهِ تعالى، وَشَكَرَهُ في السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَرَضِيَ بِقَدَرِ اللهِ تعالى، انْكَشَفَ كَرْبُهُ، وَرَضِيَتْ نَفْسُهُ، وَكَانَتْ حَيَاتُهُ حَيَاةً طَيِّبَةً على كُلَِّ حَالٍ ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾.
«لَوْلَا جَزَعُ النِّسَاءِ لَتَرَكْتُهُ»:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: روى الحاكم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا قُتِلَ حَمْزَةُ أَقْبَلَتْ صَفِيَّةُ تَطْلُبُهُ لَا تَدْرِي مَا صَنَعَ، فَلَقِيتْ عَلِيَّاً وَالزُّبَيْرَ، فَقَالَ عَلِيٌّ لِلزُّبَيْرِ: اذْكُرْ لِأُمِّكَ.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ لِعَلِيٍّ: لَا، اذْكُرْ أَنْتَ لِعَمَّتِكَ.
قَالَتْ: مَا فَعَلَ حَمْزَةُ؟ فَأَرَيَاهَا أَنَّهُمَا لَا يَدْرِيَانِ.
فَجَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنِّي أَخَافُ عَلَى عَقْلِهَا» فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهَا وَدَعَا، فَاسْتَرْجَعَتْ وَبَكَتْ.
ثُمَّ جَاءَ فَقَامَ عَلَيْهِ وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ، فَقَالَ: «لَوْلَا جَزَعُ النِّسَاءِ لَتَرَكْتُهُ حَتَّى يُحَصَّلَ مِنْ حَوَاصِلِ الطَّيْرِ وَبُطُونِ السِّبَاعِ».
ثُمَّ أَمَرَ بِالْقَتْلَى فَجَعَلَ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ، فَيَضَعُ تِسْعَةً وَحَمْزَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، فَيُكَبِّرُ عَلَيْهِمْ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يُرْفَعُونَ وَيُتْرَكُ حَمْزَةُ، ثُمَّ يُؤْتُوا تِسْعَةً فَيُكَبِّرُ عَلَيْهِمْ بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يُرْفَعُونَ وَيُتْرَكُ حَمْزَةُ، ثُمَّ يُؤْتُوا بِتِسْعَةٍ فَيُكَبِّرُ عَلَيْهِمْ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ حَتَّى فَرَغَ مِنْهُمْ.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الصَّبْرُ على تَقَلُّبَاتِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا ضَرُورَةٌ حَيَاتِيَّةٌ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ فَرِيضَةً دِينِيَّةً شَرْعِيَّةً، فَلَا نَجَاحَ في الدُّنْيَا وَلَا في الآخِرَةِ إِلَّا بِالصَّبْرِ، وَلَا تَتَحَقَّقُ الآمَالُ وَلَا تَنْجَحُ المَقَاصِدُ إِلَّا بِالصَّبْرِ، وَلَا يُؤْتِي عَمَلٌ أُكُلَهُ إِلَّا بِالصَّبْرِ.
كُلُّ مَنْ نَجَحَ في حَيَاتِهِ الدُّنْيَا نَجَحَ بِالصَّبْرِ، وَكُلُّ مَنْ نَجَحَ في دِينِهِ نَجَحَ بِالصَّبْرِ، وَكُلُّ مَنْ خُتِمَ لَهُ على الإِيمَانِ الكَامِلِ خُتِمَ لَهُ بِالصَّبْرِ؛ الصَّبْرُ طَرِيقُ المَجْدِ وَسَبِيلُ المَعَالِي، فَالرِّفْعَةُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَا تُنَالُ بِرُكُوبِ المَشَقَّاتِ وَتَجَرُّعِ الغُصَصِ.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِذَا كَانَتِ الدُّنْيَا على هَوَانِهَا، وَأَنَّهَا لَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللهِ تعالى جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، لَا تُنَالُ إِلَّا بِالصَّبْرِ وَالمُصَابَرَةِ، فَكَيْفَ بِجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ، وَالتي أَعَدَّ اللهُ تعالى فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ على قَلْبِ بَشَرٍ.
بِالصَّبْرِ يُنَالُ عِزُّ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الصَّابِرِينَ الرَّاضِينَ الشَّاكِرِينَ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
271ـ كيف يكون الرضا عن الله تعالى
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كُرَبُ الزَّمَانِ، وَفَقْدُ الأَحِبَّةِ، خَطْبٌ مُؤْلِمٌ، وَحَدَثٌ مُوجِعٌ، وَأَمْرٌ مُزْعِجٌ، وَهُيَ مِنْ أَشَدِّ المَصَائِبِ التي تُصيبُ الإِنْسَانَ، وَتَكَادُ أَنْ تَكُونَ الأَحْدَاثُ وَالكُرَبُ نَارَاً تَسْتَعِرُ، وَحُرْقَةً تَحْرِقُ الكَبِدَ، وَتَفُتُّ العَضُدَ، وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ العَبْدَ المُؤْمِنَ يَقُولُ:
فَلَرُبَّ أَمْرٍ مُحْزِنٍ لَكَ في عَوَاقِبِهِ الرِّضَا *** وَلَرُبَّمَا اتَّسَعَ المَضِيقُ، وَرُبَّمَا ضَاقَ الفَضَا
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كَمْ مِنْ مَسْرُورٍ بِنِعْمَةٍ أَسْبَغَهَا اللهُ تعالى عَلَيْهِ وَهِيَ في الحَقِيقَةِ دَاءٌ لَهُ وَشَرٌّ؟ وَكَمْ مِنْ مَحْزُونٍ بِنِعْمَةٍ سَاقَهَا اللهُ تعالى إِلَيْهِ وهِيَ في الحَقِيقَةِ دَوَاءٌ لَهُ وَخَيْرٌ؟
كَمْ مِنْ خَيْرٍ مَنْشُورٍ، وَهُوَ في الحَقِيقَةِ يَحْمِلُ شَرَّاً مَسْتُورَاً؟ وَكَمْ مِنْ أَمْرٍ مَحْبُوبٍ، وَهُوَ في الحَقِيقَةِ يَحْمِلُ في طَيَّاتِهِ أَمْرَاً مَكْرُوهَاً؟ وَكَمْ مِنْ أَمْرٍ مَكْرُوهٍ يَحْمِلُ في طَيَّاتِهِ أَمْرَاً مَحْبُوبَاً؟ قَالَ تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئَاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئَاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.
وَرَحِمَ اللهُ تعالى مَنْ قَالَ:
لَا تَـكْرَهِ المَكْرُوهَ عِنْدَ حُلُولِهِ *** إِنَّ العَوَاقِبَ لَمْ تَزَلْ مُتَبَايِنَةً
كَمْ نِعْمَةً لَا يُسْتَهَانُ بِشُكْرِهَا *** للهِ فِي طَـيِّ المَكَـارِهِ كَـامِنَةً
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ أَمَرَنَا اللهُ تعالى بِاتِّبَاعِ الحَبِيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرَاً﴾.
أُسْوَتُنَا في جَمِيعِ أَحْوَالَنَا هُوَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَقَدْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَاكِرَاً في الرَّخَاءِ، صَابِرَاً في البَلَاءِ.
فَيَا صَاحِبَ الكَرْبِ، وَيَا صَاحِبَ الابْتِلَاءِ، وَيَا مَنْ فَقَدَ الأَحِبَّةَ، وَخَاصَّةً في هَذِهِ الآوِنَةِ، انْظُرْ إلى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَتَعَلَّمْ مِنْهُ كَيْفَ يَكُونُ الرِّضَا عَنِ اللهِ تعالى، وَكَيْفَ يَكُونُ الصَّبْرُ.
«وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ»:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: جَاءَ في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ الذي رواه الإمام البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَيْفٍ القَيْنِ (الحَدَادِ) وَكَانَ ظِئْرَاً (أَيْ: زَوْجَ المُرْضِعَةِ) لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِبْرَاهِيمَ، فَقَبَّلَهُ، وَشَمَّهُ، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَذْرِفَانِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟
فَقَالَ: «يَا ابْنَ عَوْفٍ، إِنَّهَا رَحْمَةٌ».
ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ».
إِذَا دَمَعَتِ العَيْنُ، وَحَزِنَ القَلْبُ، لَا إِشْكَالَ في ذَلِكَ، وَلَكِنَّ الإِشْكَالَ في اللِّسَانِ، روى الشيخان عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَيْنِ، وَلَا بِحُزْنِ القَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا ـ وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ ـ أَوْ يَرْحَمُ».
«هَذِهِ رَحْمَةٌ، جَعَلَهَا اللهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ»:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَهَذِهِ صُورَةٌ ثَانِيَةٌ مِنْ صُوَرِ الصَّبْرِ، وَالرِّضَا عَنِ اللهِ تعالى في قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، وَلَوْ كَانَ في ظَاهِرِ الأَمْرِ مَكْرُوهَاً.
روى الشيخان عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ إِحْدَى بَنَاتِهِ، يَدْعُوهُ إِلَى ابْنِهَا فِي المَوْتِ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ارْجِعْ إِلَيْهَا فَأَخْبِرْهَا أَنَّ للهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمَّىً، فَمُرْهَا فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ».
فَأَعَادَتِ الرَّسُولَ أَنَّهَا قَدْ أَقْسَمَتْ لَتَأْتِيَنَّهَا.
فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَقَامَ مَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَدُفِعَ الصَّبِيُّ إِلَيْهِ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ (أَيْ: تَضْطَرِبُ وَتَتَحَرَّكُ) كَأَنَّهَا فِي شَنٍّ (القِرْبَةُ الخَلِقَةُ اليَابِسَةُ) فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ.
فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا هَذَا؟
قَالَ: «هَذِهِ رَحْمَةٌ، جَعَلَهَا اللهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ».
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: اللهُ تعالى يَقْضِي، وَعلى العَبْدِ أَنْ يَرْضَى، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَعَلَيْهِ السُّخْطُ، وَمَنِ اسْتَعَانَ بِاللهِ تعالى، وَشَكَرَهُ في السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَرَضِيَ بِقَدَرِ اللهِ تعالى، انْكَشَفَ كَرْبُهُ، وَرَضِيَتْ نَفْسُهُ، وَكَانَتْ حَيَاتُهُ حَيَاةً طَيِّبَةً على كُلَِّ حَالٍ ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾.
«لَوْلَا جَزَعُ النِّسَاءِ لَتَرَكْتُهُ»:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: روى الحاكم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا قُتِلَ حَمْزَةُ أَقْبَلَتْ صَفِيَّةُ تَطْلُبُهُ لَا تَدْرِي مَا صَنَعَ، فَلَقِيتْ عَلِيَّاً وَالزُّبَيْرَ، فَقَالَ عَلِيٌّ لِلزُّبَيْرِ: اذْكُرْ لِأُمِّكَ.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ لِعَلِيٍّ: لَا، اذْكُرْ أَنْتَ لِعَمَّتِكَ.
قَالَتْ: مَا فَعَلَ حَمْزَةُ؟ فَأَرَيَاهَا أَنَّهُمَا لَا يَدْرِيَانِ.
فَجَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنِّي أَخَافُ عَلَى عَقْلِهَا» فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهَا وَدَعَا، فَاسْتَرْجَعَتْ وَبَكَتْ.
ثُمَّ جَاءَ فَقَامَ عَلَيْهِ وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ، فَقَالَ: «لَوْلَا جَزَعُ النِّسَاءِ لَتَرَكْتُهُ حَتَّى يُحَصَّلَ مِنْ حَوَاصِلِ الطَّيْرِ وَبُطُونِ السِّبَاعِ».
ثُمَّ أَمَرَ بِالْقَتْلَى فَجَعَلَ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ، فَيَضَعُ تِسْعَةً وَحَمْزَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، فَيُكَبِّرُ عَلَيْهِمْ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يُرْفَعُونَ وَيُتْرَكُ حَمْزَةُ، ثُمَّ يُؤْتُوا تِسْعَةً فَيُكَبِّرُ عَلَيْهِمْ بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يُرْفَعُونَ وَيُتْرَكُ حَمْزَةُ، ثُمَّ يُؤْتُوا بِتِسْعَةٍ فَيُكَبِّرُ عَلَيْهِمْ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ حَتَّى فَرَغَ مِنْهُمْ.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الصَّبْرُ على تَقَلُّبَاتِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا ضَرُورَةٌ حَيَاتِيَّةٌ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ فَرِيضَةً دِينِيَّةً شَرْعِيَّةً، فَلَا نَجَاحَ في الدُّنْيَا وَلَا في الآخِرَةِ إِلَّا بِالصَّبْرِ، وَلَا تَتَحَقَّقُ الآمَالُ وَلَا تَنْجَحُ المَقَاصِدُ إِلَّا بِالصَّبْرِ، وَلَا يُؤْتِي عَمَلٌ أُكُلَهُ إِلَّا بِالصَّبْرِ.
كُلُّ مَنْ نَجَحَ في حَيَاتِهِ الدُّنْيَا نَجَحَ بِالصَّبْرِ، وَكُلُّ مَنْ نَجَحَ في دِينِهِ نَجَحَ بِالصَّبْرِ، وَكُلُّ مَنْ خُتِمَ لَهُ على الإِيمَانِ الكَامِلِ خُتِمَ لَهُ بِالصَّبْرِ؛ الصَّبْرُ طَرِيقُ المَجْدِ وَسَبِيلُ المَعَالِي، فَالرِّفْعَةُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَا تُنَالُ بِرُكُوبِ المَشَقَّاتِ وَتَجَرُّعِ الغُصَصِ.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِذَا كَانَتِ الدُّنْيَا على هَوَانِهَا، وَأَنَّهَا لَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللهِ تعالى جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، لَا تُنَالُ إِلَّا بِالصَّبْرِ وَالمُصَابَرَةِ، فَكَيْفَ بِجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ، وَالتي أَعَدَّ اللهُ تعالى فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ على قَلْبِ بَشَرٍ.
بِالصَّبْرِ يُنَالُ عِزُّ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الصَّابِرِينَ الرَّاضِينَ الشَّاكِرِينَ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
أمس في 20:03 من طرف Admin
» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
أمس في 20:02 من طرف Admin
» كتاب: الفتوحات القدسية في شرح قصيدة في حال السلوك عند الصوفية ـ الشيخ أبي بكر التباني
أمس في 19:42 من طرف Admin
» كتاب: الكلمات التي تتداولها الصوفية للشيخ الأكبر مع تعليق على بعض ألفاظه من تأويل شطح الكمل للشعراني
أمس في 19:39 من طرف Admin
» كتاب: قاموس العاشقين في أخبار السيد حسين برهان الدين ـ الشيخ عبد المنعم العاني
أمس في 19:37 من طرف Admin
» كتاب: نُسخة الأكوان في معرفة الإنسان ويليه رسائل أخرى ـ الشّيخ محيي الدين بن عربي
أمس في 19:34 من طرف Admin
» كتاب: كشف الواردات لطالب الكمالات للشيخ عبد الله السيماوي
أمس في 19:31 من طرف Admin
» كتاب: رسالة الساير الحائر الواجد إلى الساتر الواحد الماجد ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
أمس في 19:28 من طرف Admin
» كتاب: رسالة إلى الهائم الخائف من لومة اللائم ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
أمس في 19:26 من طرف Admin
» كتاب: التعرف إلى حقيقة التصوف للشيخين الجليلين أحمد العلاوي عبد الواحد ابن عاشر
أمس في 19:24 من طرف Admin
» كتاب: مجالس التذكير في تهذيب الروح و تربية الضمير للشيخ عدّة بن تونس
أمس في 19:21 من طرف Admin
» كتاب غنية المريد في شرح مسائل التوحيد للشيخ عبد الرحمن باش تارزي القسنطيني الجزائري
أمس في 19:19 من طرف Admin
» كتاب: القوانين للشيخ أبي المواهب جمال الدين الشاذلي ابن زغدان التونسي المصري
أمس في 19:17 من طرف Admin
» كتاب: مراتب الوجود المتعددة ـ الشيخ عبد الواحد يحيى
أمس في 19:14 من طرف Admin
» كتاب: جامع الأصول في الأولياء و دليل السالكين إلى الله تعالى ـ للسيد أحمد النّقشبندي الخالدي
أمس في 19:12 من طرف Admin