مع الحبيب المصطفى :الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
234ـ الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد أَكْرَمَ اللهُ تعالى سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِأَرْجَحِيَّةِ العَقْلِ في جَمِيعِ شُؤُونِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛فَكَانَ أَرْجَحَ النَّاسِ عَقْلاً؛ وَقَد تَجَسَّدَ ذَلِكَ من خِلالِ دَعْوَتِهِ إلى اللهِ تعالى؛ حَيْثُ اسْتَطَاعَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خِلالَ أَقَلَّ من رُبُعِ قَرْنٍ أَنْ يُحَوِّلَ عُبَّادَ الأَصْنَامِ إلى عُبَّادٍ للهِ تعالى مَعَ الإِخْلاصِ؛ وَذَلِكَ من خِلالِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْـمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْـمُهْتَدِينَ﴾.
«أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟»:
أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: انْظُرُوا إلى أُسْلُوبِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَعَ الرَّجُلِ الذي جَاءَ يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ بالزِّنَا.
روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: إِنَّ فَتَىً شَابَّاً أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا.
فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ؛ قَالُوا: مَهْ مَهْ. (يَعْنِي: اكْفُفْ عَمَّا تَقُولُ).
فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ادْنُهْ».
فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبَاً؛ قَالَ: فَجَلَسَ، قَالَ: «أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟».
قَالَ: لَا واللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ.
قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ».
قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟».
قَالَ: لَا واللهِ يَا رَسُولَ اللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ.
قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ».
قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟».
قَالَ: لَا واللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ.
قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ».
قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟».
قَالَ: لَا واللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ.
قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ».
قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟».
قَالَ: لَا واللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ.
قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ».
قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ». فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ.
أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: بهذا الأُسْلُوبِ الرَّائِعِ أَدْخَلَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هذا الشَّابَّ حِصْنَ الفَضِيلَةِ الذي لَجَأَ إِلَيْهِ العُقَلاءُ وَأُولُو النَّخْوَةِ، وَكَانُوا بِذَلِكَ مُحْسِنِينَ.
بهذا الأُسْلُوبِ أَبْعَدَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَن الرَّذِيلَةِ التي أَوْرَدَتْ أَهْلَهَا المَهَالِكَ، فَكَانُوا من الخَاسِرِينَ.
بهذا الأُسْلُوبِ أَدْخَلَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ظِلالَ الفَضِيلَةِ التي هِيَ مَنَعَةٌ وَأَمَانٌ لِمَنْ دَخَلَ ظِلَالَهَا، وَأَبْعَدَهُ عَن مَهَاوِي الرَّذِيلَةِ التي هِيَ ذِلَّةٌ وَهَوَانٌ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ.
ذِلَّةٌ وَهَوَانٌ في الدُّنْيَا من خِلالِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ باللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ﴾.
ذِلَّةٌ وَهَوَانٌ في الآخِرَةِ من خِلالِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامَاً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانَاً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلَاً صَالِحَاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورَاً رَحِيمَاً﴾.
مَن حُرِمَ الغَيْرَةَ حُرِمَ طُهْرَ الحَيَاةِ:
أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: لا تَعْلُو أُمَّةٌ من الأُمَمِ إلا بِضَمَانَاتِ الأَخْلاقِ الفَاضِلَةِ في سِيَرِ الرِّجَالِ، بَلْ إِنَّ رِسَالاتِ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ والمُرْسَلِينَ مَا جَاءَتْ إلا بالأَخْلاقِ، وَخَاصَّةً رِسَالَةَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَيْثُ صَرَّحَ بِذَلِكَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: الأَخْلاقُ لَيْسَتْ تُكْتَسَبُ بالقِرَاءَةِ والكِتَابَةِ فَقَطْ، ولا بالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ، بَلْ لا بُدَّ من مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ وَتَهْذِيبِهَا وَتَرْوِيضِهَا على ذَلِكَ بالحَزْمِ وَقُوَّةِ الإِرَادَةِ والعَزْمِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْـمُحْسِنِينَ﴾.
من هذهِ الأَخْلاقِ الغَيْرَةُ على الأَعْرَاضِ، كَمَا شَاهَدْنَا هذا من تَرْبِيَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِذَاكَ الفَتَى الشَّابِّ.
أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: بِصِيَانَةِ العِرْضِ وَكَرَامَتِهِ يَتَجَلَّى صَفَاءُ الدِّينِ وَجَمَالُ الإِنْسَانِيَّةِ، وَبِتَدَنُّسِهِ وَهَوَانِهِ يَنْزِلُ الإِنْسَانُ إلى مُسْتَوَىً دُونَ مُسْتَوَى الخَنَازِيرِ والعِيَاذُ باللهِ تعالى، وَإِذَا رَحَلَتِ الغَيْرَةُ من القَلْبِ رَحَلَتِ المَحَبَّةُ، بَلْ رَحَلَ الدِّينُ كُلُّهُ.
وَلَقَد كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من أَشَدِّ النَّاسِ غَيْرَةً على أَعْرَاضِهِم، روى الشيخان عَن الْـمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلَاً مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرُ مُصْفِحٍ عَنْهُ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ فَوَاللهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، واللهُ أَغْيَرُ مِنِّي، مِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِن اللهِ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِن اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ اللهُ الْـمُرْسَلِينَ مُـبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِن اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللهُ الْجَنَّةَ».
أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: مَن حُرِمَ الغَيْرَةَ حُرِمَ طُهْرَ الحَيَاةِ، وَمَن حُرِمَ طُهْرَ الحَيَاةِ فَهُوَ أَحَطُّ من البَهَائِمِ العَجْمَاوَاتِ ﴿أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾.
خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: كَم نَحْنُ الآنَ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ أَنْ نَتَعَلَّمَ وَسَاعَةَ العَقْلِ وَأَرْجَحِيَّتَهُ من سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَخَاصَّةً في زَمَنٍ كَثُرَتْ فِيهِ الفِتَنُ والمِحَنُ، وَمَا أَشَدَّ الحَاجَةِ إلى تَعْلِيمِ شَبَابِنَا العِفَّةَ والطَّهَارَةَ في هذهِ الآوِنَةِ التي انْتَشَرَتْ فِيهَا الرَّذِيلَةُ، حَتَّى حَلَّ الدَّمَارُ والسَّخَطُ والعِيَاذُ باللهِ تعالى، وهذا مِصْدَاقُ حَدِيثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ الرِّبَا وَالزِّنَا إِلَّا أَحَلُّوا بِأَنْفُسِهِمْ عِقَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» رواه الإمام أحمد عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
وروى أَيْضَاً عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَفْشُ فِيهِمْ وَلَدُ الزِّنَا، فَإِذَا فَشَا فِيهِمْ وَلَدُ الزِّنَا فَيُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعِقَابٍ».
أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: لِنَسْلُكْ سَبِيلَ الحِكْمَةِ والرَّشَادِ في تَرْبِيَةِ النَّاشِئَةِ بالأُسْلُوبِ الذي سَلَكَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لَعَلَّ اللهَ عزَّ وجلَّ أَنْ يَرُدَّنَا إلى دِينِهِ رَدَّاً جَمِيلاً، وَأَنْ يَكْشِفَ الغُمَّةَ عَن هذهِ الأُمَّةِ.
أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: ذَكِّرُوا شَبَابَكُمْ وَشَابَّاتِكُمْ حَدِيثَ هذا الشَّابِّ الفَتَى، الذي جَاءَ يَسْتَأْذِنُ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بالزِّنَا، وَذَكِّرُوهُم بِكَلامِ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ الذي كَانَ يَقُولُ:
عِفُّوا تَعِفَّ نِسَاؤُكُم في المَحْرَمِ *** وَتَجَنَّبُـوا مَـا لا يَـلِـيـقُ بِـمُسْلِمِ
إِنَّ الـزِّنَا دَيْـنٌ فَـإِنْ أَقْـرَضْـتَهُ *** كَانَ الوَفَا من أَهْلِ بَـيْتِكَ فَاعْلَمِ
يَا هَاتِكَاً حُرَمَ الرِّجَالِ وَقَاطِعَاً *** سُبُلَ المَـوَدَّةِ عِـشْـتَ غَيْرَ مُكَرَّمِ
لَوْ كُنْتَ حُرَّاً من سُلَالَةِ مَاجِدٍ *** مَا كُنْـتَ هَـتَّـاكَاً لِحُرْمَةِ مُـسْـلِمِ
مَنْ يَـزْنِ يُـزْنَ بِهِ وَلَوْ بِجِدَارِهِ *** إِنْ كُـنْـتَ يَـا هَـذَا لَـبِـيبَاً فَافْهَمِ
يَا مَن أَرَادَ سَلامَةَ العِبَادِ والبِلادِ، بَلِّغْ حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَتَعَلَّمِ الحِكْمَةَ من سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلْيَكُنْ لَكَ الـشَّرَفُ بِتَطْبِيقِ حَدِيثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً» رواه الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُما.
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِذَلِكَ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
234ـ الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد أَكْرَمَ اللهُ تعالى سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِأَرْجَحِيَّةِ العَقْلِ في جَمِيعِ شُؤُونِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛فَكَانَ أَرْجَحَ النَّاسِ عَقْلاً؛ وَقَد تَجَسَّدَ ذَلِكَ من خِلالِ دَعْوَتِهِ إلى اللهِ تعالى؛ حَيْثُ اسْتَطَاعَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خِلالَ أَقَلَّ من رُبُعِ قَرْنٍ أَنْ يُحَوِّلَ عُبَّادَ الأَصْنَامِ إلى عُبَّادٍ للهِ تعالى مَعَ الإِخْلاصِ؛ وَذَلِكَ من خِلالِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْـمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْـمُهْتَدِينَ﴾.
«أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟»:
أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: انْظُرُوا إلى أُسْلُوبِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَعَ الرَّجُلِ الذي جَاءَ يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ بالزِّنَا.
روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: إِنَّ فَتَىً شَابَّاً أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا.
فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ؛ قَالُوا: مَهْ مَهْ. (يَعْنِي: اكْفُفْ عَمَّا تَقُولُ).
فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ادْنُهْ».
فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبَاً؛ قَالَ: فَجَلَسَ، قَالَ: «أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟».
قَالَ: لَا واللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ.
قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ».
قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟».
قَالَ: لَا واللهِ يَا رَسُولَ اللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ.
قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ».
قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟».
قَالَ: لَا واللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ.
قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ».
قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟».
قَالَ: لَا واللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ.
قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ».
قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟».
قَالَ: لَا واللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ.
قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ».
قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ». فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ.
أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: بهذا الأُسْلُوبِ الرَّائِعِ أَدْخَلَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هذا الشَّابَّ حِصْنَ الفَضِيلَةِ الذي لَجَأَ إِلَيْهِ العُقَلاءُ وَأُولُو النَّخْوَةِ، وَكَانُوا بِذَلِكَ مُحْسِنِينَ.
بهذا الأُسْلُوبِ أَبْعَدَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَن الرَّذِيلَةِ التي أَوْرَدَتْ أَهْلَهَا المَهَالِكَ، فَكَانُوا من الخَاسِرِينَ.
بهذا الأُسْلُوبِ أَدْخَلَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ظِلالَ الفَضِيلَةِ التي هِيَ مَنَعَةٌ وَأَمَانٌ لِمَنْ دَخَلَ ظِلَالَهَا، وَأَبْعَدَهُ عَن مَهَاوِي الرَّذِيلَةِ التي هِيَ ذِلَّةٌ وَهَوَانٌ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ.
ذِلَّةٌ وَهَوَانٌ في الدُّنْيَا من خِلالِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ باللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ﴾.
ذِلَّةٌ وَهَوَانٌ في الآخِرَةِ من خِلالِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامَاً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانَاً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلَاً صَالِحَاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورَاً رَحِيمَاً﴾.
مَن حُرِمَ الغَيْرَةَ حُرِمَ طُهْرَ الحَيَاةِ:
أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: لا تَعْلُو أُمَّةٌ من الأُمَمِ إلا بِضَمَانَاتِ الأَخْلاقِ الفَاضِلَةِ في سِيَرِ الرِّجَالِ، بَلْ إِنَّ رِسَالاتِ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ والمُرْسَلِينَ مَا جَاءَتْ إلا بالأَخْلاقِ، وَخَاصَّةً رِسَالَةَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَيْثُ صَرَّحَ بِذَلِكَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: الأَخْلاقُ لَيْسَتْ تُكْتَسَبُ بالقِرَاءَةِ والكِتَابَةِ فَقَطْ، ولا بالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ، بَلْ لا بُدَّ من مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ وَتَهْذِيبِهَا وَتَرْوِيضِهَا على ذَلِكَ بالحَزْمِ وَقُوَّةِ الإِرَادَةِ والعَزْمِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْـمُحْسِنِينَ﴾.
من هذهِ الأَخْلاقِ الغَيْرَةُ على الأَعْرَاضِ، كَمَا شَاهَدْنَا هذا من تَرْبِيَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِذَاكَ الفَتَى الشَّابِّ.
أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: بِصِيَانَةِ العِرْضِ وَكَرَامَتِهِ يَتَجَلَّى صَفَاءُ الدِّينِ وَجَمَالُ الإِنْسَانِيَّةِ، وَبِتَدَنُّسِهِ وَهَوَانِهِ يَنْزِلُ الإِنْسَانُ إلى مُسْتَوَىً دُونَ مُسْتَوَى الخَنَازِيرِ والعِيَاذُ باللهِ تعالى، وَإِذَا رَحَلَتِ الغَيْرَةُ من القَلْبِ رَحَلَتِ المَحَبَّةُ، بَلْ رَحَلَ الدِّينُ كُلُّهُ.
وَلَقَد كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من أَشَدِّ النَّاسِ غَيْرَةً على أَعْرَاضِهِم، روى الشيخان عَن الْـمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلَاً مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرُ مُصْفِحٍ عَنْهُ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ فَوَاللهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، واللهُ أَغْيَرُ مِنِّي، مِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِن اللهِ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِن اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ اللهُ الْـمُرْسَلِينَ مُـبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِن اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللهُ الْجَنَّةَ».
أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: مَن حُرِمَ الغَيْرَةَ حُرِمَ طُهْرَ الحَيَاةِ، وَمَن حُرِمَ طُهْرَ الحَيَاةِ فَهُوَ أَحَطُّ من البَهَائِمِ العَجْمَاوَاتِ ﴿أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾.
خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: كَم نَحْنُ الآنَ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ أَنْ نَتَعَلَّمَ وَسَاعَةَ العَقْلِ وَأَرْجَحِيَّتَهُ من سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَخَاصَّةً في زَمَنٍ كَثُرَتْ فِيهِ الفِتَنُ والمِحَنُ، وَمَا أَشَدَّ الحَاجَةِ إلى تَعْلِيمِ شَبَابِنَا العِفَّةَ والطَّهَارَةَ في هذهِ الآوِنَةِ التي انْتَشَرَتْ فِيهَا الرَّذِيلَةُ، حَتَّى حَلَّ الدَّمَارُ والسَّخَطُ والعِيَاذُ باللهِ تعالى، وهذا مِصْدَاقُ حَدِيثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ الرِّبَا وَالزِّنَا إِلَّا أَحَلُّوا بِأَنْفُسِهِمْ عِقَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» رواه الإمام أحمد عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
وروى أَيْضَاً عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَفْشُ فِيهِمْ وَلَدُ الزِّنَا، فَإِذَا فَشَا فِيهِمْ وَلَدُ الزِّنَا فَيُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعِقَابٍ».
أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: لِنَسْلُكْ سَبِيلَ الحِكْمَةِ والرَّشَادِ في تَرْبِيَةِ النَّاشِئَةِ بالأُسْلُوبِ الذي سَلَكَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لَعَلَّ اللهَ عزَّ وجلَّ أَنْ يَرُدَّنَا إلى دِينِهِ رَدَّاً جَمِيلاً، وَأَنْ يَكْشِفَ الغُمَّةَ عَن هذهِ الأُمَّةِ.
أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: ذَكِّرُوا شَبَابَكُمْ وَشَابَّاتِكُمْ حَدِيثَ هذا الشَّابِّ الفَتَى، الذي جَاءَ يَسْتَأْذِنُ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بالزِّنَا، وَذَكِّرُوهُم بِكَلامِ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ الذي كَانَ يَقُولُ:
عِفُّوا تَعِفَّ نِسَاؤُكُم في المَحْرَمِ *** وَتَجَنَّبُـوا مَـا لا يَـلِـيـقُ بِـمُسْلِمِ
إِنَّ الـزِّنَا دَيْـنٌ فَـإِنْ أَقْـرَضْـتَهُ *** كَانَ الوَفَا من أَهْلِ بَـيْتِكَ فَاعْلَمِ
يَا هَاتِكَاً حُرَمَ الرِّجَالِ وَقَاطِعَاً *** سُبُلَ المَـوَدَّةِ عِـشْـتَ غَيْرَ مُكَرَّمِ
لَوْ كُنْتَ حُرَّاً من سُلَالَةِ مَاجِدٍ *** مَا كُنْـتَ هَـتَّـاكَاً لِحُرْمَةِ مُـسْـلِمِ
مَنْ يَـزْنِ يُـزْنَ بِهِ وَلَوْ بِجِدَارِهِ *** إِنْ كُـنْـتَ يَـا هَـذَا لَـبِـيبَاً فَافْهَمِ
يَا مَن أَرَادَ سَلامَةَ العِبَادِ والبِلادِ، بَلِّغْ حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَتَعَلَّمِ الحِكْمَةَ من سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلْيَكُنْ لَكَ الـشَّرَفُ بِتَطْبِيقِ حَدِيثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً» رواه الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُما.
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِذَلِكَ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
أمس في 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin