..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 29/9/2020, 15:04

    مع الحبيب المصطفى:فما فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم

    .

    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    258ـ فما فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

    فَيَا أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: الإِنْسَانُ تُعْرَفُ حَقِيقَتُهُ مِنْ خِلَالِ اخْتِلَاطِهِ بِالنَّاسِ، وَمِنْ خِلَالِ شِدَّةِ قُرْبِهِ مِنَ النَّاسِ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ هَؤُلَاءِ النَّاسُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاءِ وَالفِطْنَةِ.

    وَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ دَائِمَ الخِلْطَةِ مَعَ أَصْحَابِهِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم، كَانَ يُخَالِطُهُمْ في طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ، وَفِي سَفَرِهِمْ، وَكَانُوا مُجَالِسِينَ لَهُ في أَكْثَرِ الأَحْيَانِ، بَلْ كَانُوا يُخَالِطُونَهُ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَعَرَفُوهُ بِالإِجْمَاعِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الصَّادِقُ الأَمِينُ، وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ مَا جَاءَتْ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةٍ لَهُ عَنْ قُرْبٍ وَاخْتِلَاطٍ.

    لَمْ يَكُنِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنهُم مُنْعَزِلِينَ عَنِ النَّاسِ:

    أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَ ذَكَاءٍ وَفِطْنَةٍ، لَمْ يَكُونُوا أَغْرَارَاً وَلَا مُغَفَّلِينَ، وَلَمْ يَكُونُوا مُنْعَزِلِينَ عَنِ العَالَمِ، فَسُكَّانُ مَكَّةَ كَانُوا مَقْصُودِينَ سَنَوِيَّاً بِسَبَبِ حَجِّ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ، وَكَانَتِ الجَزِيرَةُ العَرَبِيَّةُ تُسَلِّمُ لِأَهْلِ مَكَّةَ فَضْلَهَمْ وَزَعَامَتَهُمْ، فَضْلَاً عَنِ الصِّلَاتِ فِيمَا بَيْنَهُمْ عَنْ طَرِيقِ التِّجَارَةِ مَعَ اليَمَنِ وَالشَّامِ، حَيْثُ مَرَاكِزُ الحَضَارَةِ.

    وَكَانَ أَهْلُ المَدِينَةِ أَصْحَابَ فِكْرٍ وَدِرَايَةٍ، حَيْثُ كَانَتْ لَهُمُ الصِّلَاتُ مَعَ اليَهُودِ أَهْلِ الكِتَابِ، فَالصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنهُم كَانُوا مِنْ أَرَجَحِ النَّاسِ عَقلَاً، وَأَكْثَرِهِمْ دَهَاءً وَحِنْكَةً وَمَعْرِفَةً بِالرِّجَالِ وَالشُّعُوبِ، وَسِيَاسَةِ الأُمَمِ.

    أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: فَالصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنهُم كَانُوا أَذْكِيَاءَ فُطَنَاءَ دُهَاةً، وَالتَّارِيخُ يَشْهَدُ لَهُمْ بِذَلِكَ، وَكَانُوا قَبْلَ الإِسْلَامِ مُتَعَصِّبِينَ لِشِرْكِهِمْ، لِذَا كَانُوا مُعَانِدِينَ بِدَايَةً لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مَعَ مَعْرِفَتِهِمْ بِصِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ.

    هَذِهِ المَعْرِفَةُ قَبْلَ النُّبُوَّةِ ازْدَادَتْ بَعْدَ النُّبُوَّةِ مِنْ خِلَالِ اخْتِلَاطِهِمْ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَمَا عَرَفُوا فِيهِ التَّنَاقُضَ بَيْنَ الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ في سَائِرِ أَحْوَالِهِ، مَا عَرَفُوهُ مُتَنَاقِضَاً في شَخْصِيَّتِهِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، فَكَيْفَ ـ وَحَاشَاهُ ـ يَكُونُ مُتَنَاقِضَاً في شَخْصِيَّتِهِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ؟ كَيْفَ يَتَنَاقَضُ قَوْلُهُ مَعَ فِعْلِهِ؟ لَقَدْ عَرَفُوا كَمَالَ شَخْصِيَّتِهِ في سَائِرِ أَحْوَالِهِ، في حَالِ ضَعْفِهِ وَفِي حَالِ قُوَّتِهِ، وَفِي سَائِرِ شُؤُونِهِ وَتَقَلُّبَاتِهِ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا.

    لَقَدِ ازْدَادُوا إِيمَانَاً بِهِ وَتَصْدِيقَاً لَهُ كُلَّمَا كَثُرَ اخْتِلَاطُهُمْ مَعَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَعَشِقُوهُ وَفَدَوْهُ بِأَمْوَالِهِمْ وَدِمَائِهِمْ، لِأَنَّ الإِنْسَانَ مِنْ طَبِيعَتِهِ يُحِبُّ الشَّخْصِيَّةَ الكَامِلَةَ التي لَا تَتَنَاقَضُ بَيْنَ أَقْوَالِهَا وَأَفْعَالِهَا.

    صُوَرٌ مُدْهِشَةٌ مِنْ حَيَاةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمْ:

    أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لَقَدْ وُصِفَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ، وَمَنْ خَالَطَهُ مَعْرِفَةً أَحَبَّهُ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُجَسِّدُ الإِسْلَامَ سُلُوكَاً وَعَمَلَاً، يُجَسِّدُ هَذَا الشَّرْعَ الشَّرِيفَ تَجْسِيدَاً عَمَلِيَّاً، يُجَسِّدُ هَذَا الهُدَى الذي جَاءَ بِهِ لِإِسْعَادِ الـبَشَرِيَّةِ ظَاهِرَاً وَبَاطِنَاً، وَفِي سَائِرِ أَحْوَالِهِ.

    لِذَا عَشِقَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنهُمْ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى صَارَ المَوْتُ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ الحَيَاةِ مِنْ أَجْلِ مَا يُرِيدُهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَصَارَ إِنْفَاقُ المَالِ في سَبِيلِ دِينِهِ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ إِمْسَاكِهِ، وَالطَّاعَةُ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سِرَّاً وَعَلَانِيَةً أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ مَعْصِيَتِهِ، وَصَارَ دِينُ اللهِ تعالى أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَوْلَادِ وَالأَهْلِ وَالوَطَنِ وَالزَّوْجَاتِ؛ كُلُّ هَذَا يُفَسِّرُ التَّصْدِيقَ الكَامِلَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

    فَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

    أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: انْظُرُوا إلى هَذِهِ الشَّهَادَةِ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، هَذِهِ الشَّهَادَةُ لَيْسَتْ قَوْلَاً، بَلْ فِعْلٌ.

    جَاءَ في البِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ، وَفِي كِتَابِ الرَّحِيقِ المَخْتُومِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: لَمَّا اجْتَمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَكَانُوا ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ رَجُلَاً، أَلَحَّ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي الظُّهُورِ.

    فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ ، إِنَّا قَلِيلٌ».

    فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُلِحُّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ظَهَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَتَفَرَّقَ الْـمُسْلِمُونَ فِي نَوَاحِي الْـمَسْجِدِ ، كُلُّ رَجُلٍ فِي عَشِيرَتِهِ ، وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فِي النَّاسِ خَطِيبَاً، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ جَالِسَاً، فَكَانَ أَوَّلَ خَطِيبٍ دَعَا إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَثَارَ الْـمُشْرِكُونَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعَلَى الْـمُسْلِمِينَ فَضُرِبُوا فِي نَوَاحِي الْـمَسْجِدِ ضَرْبَاً شَدِيدَاً، وَوُطِئَ أَبُو بَكْرٍ وَضُرِبَ ضَرْبَاً شَدِيدَاً ، فَدَنَا مِنْهُ الْفَاسِقُ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ بِنَعْلَيْنِ مَخْصُوفَيْنِ وَيُحَرِّفُهُمَا لِوَجْهِهِ، وَثَنَى عَلَى بَطْنِ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى مَا يُعْرَفُ وَجْهُهُ مِنْ أَنْفِهِ.

    وَجَاءَتْ بَنُو تَيْمٍ يَتَعَادَوْنَ، وَأَجْلَتِ الْـمُشْرِكِينَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَحَمَلَتْ بَنُو تَيْمٍ أَبَا بَكْرٍ فِي ثَوْبٍ حَتَّى أَدْخَلُوهُ مَنْزِلَهُ، وَلَا يَشُكُّونَ فِي مَوْتِهِ، ثُمَّ رَجَعَتْ بَنُو تَيْمٍ فَدَخَلُوا الْـمَسْجِدَ وَقَالُوا: وَاللهِ لَئِنْ مَاتَ أَبُو بَكْرٍ لَنَقْتُلَنَّ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، فَرَجَعُوا إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَجَعَلَ أَبُو قُحَافَةَ وَبَنُو تَيْمٍ يُكَلِّمُونَ أَبَا بَكْرٍ حَتَّى أَجَابَ، فَتَكَلَّمَ آخِرَ النَّهَارِ.

    فَقَالَ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

    فَمَسُّوا مِنْهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَعَذَلُوهُ، ثُمَّ قَامُوا وَقَالُوا لَأُمِّهِ أُمِّ الْخَيْرِ بِنْتِ صَخْرٍ: انْظُرِي أَنْ تُطْعِمِيهِ شَيْئَاً، أَوْ تَسْقِيهِ إِيَّاهُ، فَلَمَّا خَلَتْ بِهِ أَلَحَّتْ عَلَيْهِ، وَجَعَلَ يَقُولُ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

    فَقَالَتْ: وَاللهِ مَا لِي عِلْمٌ بِصَاحِبِكَ.

    فَقَالَ: اذْهَبِي إِلَى أُمِّ جَمِيلٍ بِنْتِ الْخَطَّابِ فَسَلِيهَا عَنْهُ.

    فَخَرَجَتْ حَتَّى جَاءَتْ أُمَّ جَمِيلٍ فَقَالَتْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ يَسْأَلُكِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ.

    فَقَالَتْ: مَا أَعْرِفُ أَبَا بَكْرٍ وَلَا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، فَإِنْ تُحِبِّينَ أَنْ أَمْضِيَ مَعَكِ إِلَى ابْنِكِ؟

    قَالَتْ: نَعَمْ؛ فَمَضَتْ مَعَهَا حَتَّى وَجَدَتْ أَبَا بَكْرٍ صَرِيعَاً دَنِفَاً، فَدَنَتْ أُمُّ جَمِيلٍ وَأَعْلَنَتْ بِالصِّيَاحِ وَقَالَتْ: وَاللهِ إِنَّ قَوْمَاً نَالُوا هَذَا مِنْكَ لَأَهْلُ فِسْقٍ وَكُفْرٍ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَنْتَقِمَ اللهُ لَكَ مِنْهُمْ.

    قَالَ: فَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

    قَالَتْ: هَذِهِ أُمُّكَ تَسْمَعُ.

    قَالَ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْكِ فِيهَا.

    قَالَتْ: سَالِمٌ صَالِحٌ.

    قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟

    قَالَتْ: فِي دَارِ أَبِي الْأَرْقَمِ.

    قَالَ: فَإِنَّ للهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أَذُوقَ طَعَامَاً أَوْ شَرَابَاً أَوْ آتِيَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَأَمْهَلَتَا حَتَّى إِذَا هَدَأَتِ الرِّجْلُ وَسَكَنَ النَّاسُ، خَرَجَتَا بِهِ يَتَّكِئُ عَلَيْهِمَا حَتَّى أَدْخَلَتَاهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

    قَالَ: وَأَكَبَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَهُ، وَأَكَبَّ عَلَيْهِ الْـمُسْلِمُونَ ، وَرَقَّ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رِقَّةً شَدِيدَةً.

    فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، لَيْسَ بِي مِنْ بَأْسٍ إِلَّا مَا نَالَ الْفَاسِقُ مِنْ وَجْهِي، وَهَذِهِ أُمِّي بَرَّةٌ بِوَلَدِهَا، وَأَنْتَ مُبَارَكٌ، فَادْعُهَا إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَادْعُ اللهَ لَهَا، عَسَى اللهُ أَنْ يَسْتَنْقِذَهَا بِكَ مِنَ النَّارِ.

    قَالَ: فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ دَعَاهَا إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَسْلَمَتْ.

    خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

    أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: مِنْ فَضْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا أَنْ أَرْسَلَ إِلَيْنَا رَسولَاً مِنْ أَنْفُسِنَا، رَأَيْنَا فِيهِ التَّوَافُقَ بَيْنَ الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ، حَتَّى عَشِقَتْهُ النُّفُوسُ، وَشَهِدَتْ لَهُ بِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَكْمَلُ شَخْصِيَّةٍ خَلَقَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، ثمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ لَنَا مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرَاً﴾.

    نَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُوَفِّقَنَا لِحُسْنِ الاقْتِدَاءِ وَالاتِّبَاعِ، وَأَنْ يَجْعَلَ لَنَا مَوَدَّةً في قُلُوبِ عِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ. آمين.

    وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.


      الوقت/التاريخ الآن هو 24/11/2024, 04:17