مع الحبيب المصطفى: «لا تَجِيئُونِي بِالدُّنْيَا تَحْمِلُونَهَا عَلَى أَعْنَاقِكُمْ»
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
170ـ وقفة مع خطبة حجة الوداع (9)
«لا تَجِيئُونِي بِالدُّنْيَا تَحْمِلُونَهَا عَلَى أَعْنَاقِكُمْ»
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا أيُّها الإخوة الكرام: مَا أَحوَجَ الأُمَّةَ في أَيَّامِ مِحنَتِهَا وشَدَائِدِهَا، وفي أَيَّامِ ضَعْفِهَا وتِيهِهَا، أن تَرجِعَ إلى هَدْيِ نَبِيِّهَا سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ومَا أَحوَجَ الأُمَّةَ أن تَقِفَ أَمَامَ وَصِيَّةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَيثُ كَانَ يُوَدِّعُ الأُمَّةَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ، وهوَ وَاقِفٌ على أَرضٍ طَيِّبَةٍ، بَينَ جُمُوعٍ غَفِيرَةٍ من عَرَبٍ وعَجَمٍ، ومن أَبيَضَ وأَسوَدَ، ومن قَوِيٍّ وضَعِيفٍ، وسَيِّدٍ ومَسُودٍ.
كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَاقِفَاً بَينَ جُمُوعٍ غَفِيرَةٍ كَانَت كَالجَسَدِ الوَاحِدِ، لأنَّ رَبَّهَا وَاحِدٌ، ونَبِيَّهَا وَاحِدٌ، وكِتَابَهَا وَاحِدٌ، وهَدَفَهَا وَاحِدٌ، كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُوَدِّعُ هذهِ الأُمَّةَ بَعدَ جُهْدٍ وجِهَادٍ، فَكَانَ من جُملَةِ مَا قَالَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
«يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، لا تَجِيئُونِي بِالدُّنْيَا تَحْمِلُونَهَا عَلَى أَعْنَاقِكُمْ، وَيَجِيءُ النَّاسُ بِالآخِرَةِ، فَإِنِّي لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً» رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عن شُعَيْبِ بنِ عُمَرَ، عن رَجُلٍ لَهُ صُحبَةٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد عَانَى سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وكَابَدَ حَتَّى أَخرَجَ هؤلاءِ القَومَ من الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ، لَقَد عَانَى وكَابَدَ حَتَّى جَعَلَهُم بِإذنِ اللهِ تعالى كَالجَسَدِ الوَاحِدِ بَعدَ تَفَرُّقٍ وتَمَزُّقٍ، قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾.
وكَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَد سَأَلَهُم قَبلَ حَجَّةِ الوَدَاعِ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالاً فَهَدَاكُمْ اللهُ بِي؟ وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللهُ بِي؟ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللهُ بِي؟» رواه الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
الدُّنيَا مَزرَعَةٌ، وحَصَادُهَا في الآخِرَةِ:
أيُّها الإخوة الكرام: الدَّارُ الآخِرَةُ هيَ للذينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوَّاً في الأَرضِ ولا فَسَادَاً، الدَّارُ الآخِرَةُ لا تُنَالُ بالمَنَاصِبِ ولا بالأَموَالِ، ولا تُحجَزُ بالجَاهِ والسُّلطَانِ وقُوَّةِ العَضَلاتِ، ولو كَانَتِ الآخِرَةُ كالدُّنيَا تُنَالُ بالأَموَالِ، لَاستَحْوَذَ عَلَيهَا الأَثرِيَاءُ وأَربَابُ الأَموَالِ، ولو كَانَت تُنَالُ بالجَاهِ والسُّلطَانِ والقُوَّةِ، لَحُرِمَهَا الضُّعَفَاءُ والمَرضَى.
الآخِرَةُ لا تُنَالُ إلا بالإيمَانِ والعَمَلِ الصَّالِحِ، دُونَ النَّظَرِ إلى عِرْقٍ ولَونٍ، أو أَبيَضَ وأَسوَدَ، أو سَيِّدٍ ومَسُودٍ، أو قَوِيٍّ وَضَعِيفٍ، أو غَنِيٍّ وفَقِيرٍ، أو حَاكِمٍ ومَحكُومٍ، يَومُ القيَامَةِ لا يَنفَعُ فِيهِ جَاهٌ ولا مَالٌ ولا سُلطَانٌ، يَقُولُ اللهُ تعالى عن أَهلِ النَّارِ الذينَ أَخَذُوا كُتُبَهُم بِشَمَائِلِهِم: ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ﴾. ولو كَانَ حَاكِمَاً، ولو كَانَ غَنِيَّاً، ولو كَانَ سَيِّدَاً، ولو كَانَ صَاحِبَ جَاهٍ، ولو كَانَ حَسِيبَاً نَسِيبَاً، ولو كَانَ أَهلُ الأَرضِ يُثنُونَ عَلَيهِ.
أيُّها الإخوة الكرام: لا أَنسَابَ يَومَ القِيَامَةِ، قال تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾. أَبُو جَهْلٍ قُرَشِيٌّ، وأَبُو لَهَبٍ قُرَشِيٌّ، ولَكِنَّهُمَا فَحمَتَانِ من فَحْمِ جَهَنَّمَ.
وسَيِّدُنَا بِلالٌ حَبَشِيٌّ، وسَيِّدُنَا صُهَيبٌ رُومِيٌّ، وسَيِّدُنَا سَلمَانُ فَارِسِيٌّ، وعَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ، رَضِيَ اللهُ عَنهُم جَمِيعَاً مُلُوكُ الآخِرَةِ، وكَانُوا يُبَاعُونَ في أَسوَاقِ النَّخَّاسِينَ، لكنْ أَعلَى الإسلامُ قَدْرَهُم، لكنْ الإيمَانُ والعَمَلُ الصَّالِحُ رَفَعَ شَأنَهُم، لكنْ، وُقُوفُهُم عِندَ حُدُودِ اللهِ تعالى جَعَلَهُم مُلُوكَاً في الآخِرَةِ، أمَّا مُلُوكُ الدُّنيَا بِدُونِ إيمَانٍ وعَمَلٍ صَالِحٍ فَهُم أَذِلَّاءُ حُقَرَاءُ.
الجُرأَةُ على المُحَرَّمَاتِ نَذِيرُ خَطَرٍ:
أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ انتِشَارَ المُحَرَّمَاتِ والمُنكَرَاتِ، والمُجَاهَرَةَ بالخَطَايَا والمُحَرَّمَاتِ، وتَرْكَ الوَاجِبَاتِ، صَارَ من أَبرَزِ سِمَاتِ المُجتَمَعِ اليَومَ، اِستَفْحَلَ الأَمْرُ، واضْمَحَلَّ الحَيَاءُ اعتِمَادَاً من النَّاسِ على أَحسَابٍ وأَنسَابٍ وأَموَالٍ، جُرأَةٌ عَظِيمَةٌ على انتِهَاكِ حُرُمَاتِ اللهِ تعالى، حَتَّى حَارَ العُلَمَاءُ والمُصلِحُونَ أَيَّ مُنكَرٍ يُزِيلُونَ، وأَيَّ خَطَرٍ يُوَاجِهُونَ.
أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد غَابَ يَومُ القِيَامَةِ عن أَذهَانِ كَثِيرٍ من النَّاسِ، حَتَّى هَانَ عَلَيهِم أن يُبَارِزُوا الجَبَّارَ المُنتَقِمَ بِمَعَاصِيهِم، ونَسِيَ هؤلاءِ قَولَ اللهِ تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾. نَسِيَ هؤلاءِ العَقَبَةَ الكَؤودَ التي تَنتَظِرُهُم، قال تعالى: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ﴾.
نَسِيَ هؤلاءِ كَلامَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ وهوَ يُوَدِّعُ الأُمَّةَ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، لا تَجِيئُونِي بِالدُّنْيَا تَحْمِلُونَهَا عَلَى أَعْنَاقِكُمْ، وَيَجِيءُ النَّاسُ بِالآخِرَةِ، فَإِنِّي لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً». وهيَ نَفْسُ الكَلِمَةِ التي قَالَهَا في بِدَايَةِ تَبلِيغِ الرِّسَالَةِ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ـ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا ـ اِشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِن اللهِ شَيْئاً، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِن اللهِ شَيْئاً، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَا أُغْنِي عَنْكَ مِن اللهِ شَيْئاً، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللهِ، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِن اللهِ شَيْئاً، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِن اللهِ شَيْئاً» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
عَذَابُ الآخِرَةِ لا يُطَاقُ:
أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ الجُرأَةَ على المُحَرَّمَاتِ شَيءٌ خَطِيرٌ، فَيَومُ القِيَامَةِ يَنتَظِرُنَا، واعلَمُوا أنَّ الحَسَبَ والنَّسَبَ والانتِمَاءَ بِدُونِ إيمَانٍ وعَمَلٍ صَالِحٍ لا يَنفَعُ، روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ».
أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ عَذَابَ الآخِرَةِ لا يُطَاقُ، فهوَ مُذِلٌّ لِصَاحِبِهِ، ومُلازِمٌ لَهُ، لا يَفتُرُ ولا يَهدَأُ، ولا يَتَوَقَّفُ ولا يَنقَطِعُ، وهوَ مُختَلِفٌ عن عَذَابِ الدُّنيَا، فَصَاحِبُهُ يَتَمَنَّى المَوتَ ولكِنَّهُ لا يَلقَاهُ، قال تعالى عن هؤلاءِ المُجرِمِينَ مُخبِرَاً عن قَولِهِم: ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ * لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾.
عَذَابُ الآخِرَةِ لا يُطَاقُ، روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نَارُكُمْ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاُ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ».
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً.
قَالَ: «فُضِّلَتْ عَلَيْهِنَّ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءاً، كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا».
عَذَابُ الآخِرَةِ لا يُطَاقُ، روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ مُكَوَّرَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». التَّكوِيرُ: هُوَ الجَمعُ والَّلفُ، وَهَذا مَأخُوذٌ مِن قَولِهِ تَعَالى: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾. يعني: جُمِعَت ولُفَّتْ، فَالشَّمسُ والقَمَرُ يُكَوَرَانِ فِي النَّارِ يَومَ القِيَامَةِ. حَرُّ الشَّمسِ يَضِيعُ في نَارِ جَهَنَّمَ، حَرُّ الشَّمسِ الذي خَاضَ بِهِ النَّاسُ بِعَرَقِهِم في أَرضِ المَحشَرِ لا شَيءَ يُذْكَرُ في نَارِ جَهَنَّمَ.
خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: لِنَكُنْ حَرِيصِينَ على العَمَلِ الصَّالِحِ بَعدَ الإيمَانِ قَبلَ خُرُوجِنَا من هذهِ الحَيَاةِ الدُّنيَا، وأن لا يَغتَرَّ أَحَدُنَا بهذهِ الدُّنيَا، ولا بِأَحسَابِهَا، ولا بِأَنسَابِهَا، فإنَّهَا لا تُغنِي من اللهِ شَيئَاً.
اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيكَ رَدَّاً جَمِيلاً. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
170ـ وقفة مع خطبة حجة الوداع (9)
«لا تَجِيئُونِي بِالدُّنْيَا تَحْمِلُونَهَا عَلَى أَعْنَاقِكُمْ»
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا أيُّها الإخوة الكرام: مَا أَحوَجَ الأُمَّةَ في أَيَّامِ مِحنَتِهَا وشَدَائِدِهَا، وفي أَيَّامِ ضَعْفِهَا وتِيهِهَا، أن تَرجِعَ إلى هَدْيِ نَبِيِّهَا سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ومَا أَحوَجَ الأُمَّةَ أن تَقِفَ أَمَامَ وَصِيَّةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَيثُ كَانَ يُوَدِّعُ الأُمَّةَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ، وهوَ وَاقِفٌ على أَرضٍ طَيِّبَةٍ، بَينَ جُمُوعٍ غَفِيرَةٍ من عَرَبٍ وعَجَمٍ، ومن أَبيَضَ وأَسوَدَ، ومن قَوِيٍّ وضَعِيفٍ، وسَيِّدٍ ومَسُودٍ.
كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَاقِفَاً بَينَ جُمُوعٍ غَفِيرَةٍ كَانَت كَالجَسَدِ الوَاحِدِ، لأنَّ رَبَّهَا وَاحِدٌ، ونَبِيَّهَا وَاحِدٌ، وكِتَابَهَا وَاحِدٌ، وهَدَفَهَا وَاحِدٌ، كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُوَدِّعُ هذهِ الأُمَّةَ بَعدَ جُهْدٍ وجِهَادٍ، فَكَانَ من جُملَةِ مَا قَالَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
«يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، لا تَجِيئُونِي بِالدُّنْيَا تَحْمِلُونَهَا عَلَى أَعْنَاقِكُمْ، وَيَجِيءُ النَّاسُ بِالآخِرَةِ، فَإِنِّي لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً» رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عن شُعَيْبِ بنِ عُمَرَ، عن رَجُلٍ لَهُ صُحبَةٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد عَانَى سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وكَابَدَ حَتَّى أَخرَجَ هؤلاءِ القَومَ من الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ، لَقَد عَانَى وكَابَدَ حَتَّى جَعَلَهُم بِإذنِ اللهِ تعالى كَالجَسَدِ الوَاحِدِ بَعدَ تَفَرُّقٍ وتَمَزُّقٍ، قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾.
وكَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَد سَأَلَهُم قَبلَ حَجَّةِ الوَدَاعِ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالاً فَهَدَاكُمْ اللهُ بِي؟ وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللهُ بِي؟ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللهُ بِي؟» رواه الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
الدُّنيَا مَزرَعَةٌ، وحَصَادُهَا في الآخِرَةِ:
أيُّها الإخوة الكرام: الدَّارُ الآخِرَةُ هيَ للذينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوَّاً في الأَرضِ ولا فَسَادَاً، الدَّارُ الآخِرَةُ لا تُنَالُ بالمَنَاصِبِ ولا بالأَموَالِ، ولا تُحجَزُ بالجَاهِ والسُّلطَانِ وقُوَّةِ العَضَلاتِ، ولو كَانَتِ الآخِرَةُ كالدُّنيَا تُنَالُ بالأَموَالِ، لَاستَحْوَذَ عَلَيهَا الأَثرِيَاءُ وأَربَابُ الأَموَالِ، ولو كَانَت تُنَالُ بالجَاهِ والسُّلطَانِ والقُوَّةِ، لَحُرِمَهَا الضُّعَفَاءُ والمَرضَى.
الآخِرَةُ لا تُنَالُ إلا بالإيمَانِ والعَمَلِ الصَّالِحِ، دُونَ النَّظَرِ إلى عِرْقٍ ولَونٍ، أو أَبيَضَ وأَسوَدَ، أو سَيِّدٍ ومَسُودٍ، أو قَوِيٍّ وَضَعِيفٍ، أو غَنِيٍّ وفَقِيرٍ، أو حَاكِمٍ ومَحكُومٍ، يَومُ القيَامَةِ لا يَنفَعُ فِيهِ جَاهٌ ولا مَالٌ ولا سُلطَانٌ، يَقُولُ اللهُ تعالى عن أَهلِ النَّارِ الذينَ أَخَذُوا كُتُبَهُم بِشَمَائِلِهِم: ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ﴾. ولو كَانَ حَاكِمَاً، ولو كَانَ غَنِيَّاً، ولو كَانَ سَيِّدَاً، ولو كَانَ صَاحِبَ جَاهٍ، ولو كَانَ حَسِيبَاً نَسِيبَاً، ولو كَانَ أَهلُ الأَرضِ يُثنُونَ عَلَيهِ.
أيُّها الإخوة الكرام: لا أَنسَابَ يَومَ القِيَامَةِ، قال تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾. أَبُو جَهْلٍ قُرَشِيٌّ، وأَبُو لَهَبٍ قُرَشِيٌّ، ولَكِنَّهُمَا فَحمَتَانِ من فَحْمِ جَهَنَّمَ.
وسَيِّدُنَا بِلالٌ حَبَشِيٌّ، وسَيِّدُنَا صُهَيبٌ رُومِيٌّ، وسَيِّدُنَا سَلمَانُ فَارِسِيٌّ، وعَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ، رَضِيَ اللهُ عَنهُم جَمِيعَاً مُلُوكُ الآخِرَةِ، وكَانُوا يُبَاعُونَ في أَسوَاقِ النَّخَّاسِينَ، لكنْ أَعلَى الإسلامُ قَدْرَهُم، لكنْ الإيمَانُ والعَمَلُ الصَّالِحُ رَفَعَ شَأنَهُم، لكنْ، وُقُوفُهُم عِندَ حُدُودِ اللهِ تعالى جَعَلَهُم مُلُوكَاً في الآخِرَةِ، أمَّا مُلُوكُ الدُّنيَا بِدُونِ إيمَانٍ وعَمَلٍ صَالِحٍ فَهُم أَذِلَّاءُ حُقَرَاءُ.
الجُرأَةُ على المُحَرَّمَاتِ نَذِيرُ خَطَرٍ:
أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ انتِشَارَ المُحَرَّمَاتِ والمُنكَرَاتِ، والمُجَاهَرَةَ بالخَطَايَا والمُحَرَّمَاتِ، وتَرْكَ الوَاجِبَاتِ، صَارَ من أَبرَزِ سِمَاتِ المُجتَمَعِ اليَومَ، اِستَفْحَلَ الأَمْرُ، واضْمَحَلَّ الحَيَاءُ اعتِمَادَاً من النَّاسِ على أَحسَابٍ وأَنسَابٍ وأَموَالٍ، جُرأَةٌ عَظِيمَةٌ على انتِهَاكِ حُرُمَاتِ اللهِ تعالى، حَتَّى حَارَ العُلَمَاءُ والمُصلِحُونَ أَيَّ مُنكَرٍ يُزِيلُونَ، وأَيَّ خَطَرٍ يُوَاجِهُونَ.
أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد غَابَ يَومُ القِيَامَةِ عن أَذهَانِ كَثِيرٍ من النَّاسِ، حَتَّى هَانَ عَلَيهِم أن يُبَارِزُوا الجَبَّارَ المُنتَقِمَ بِمَعَاصِيهِم، ونَسِيَ هؤلاءِ قَولَ اللهِ تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾. نَسِيَ هؤلاءِ العَقَبَةَ الكَؤودَ التي تَنتَظِرُهُم، قال تعالى: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ﴾.
نَسِيَ هؤلاءِ كَلامَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ وهوَ يُوَدِّعُ الأُمَّةَ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، لا تَجِيئُونِي بِالدُّنْيَا تَحْمِلُونَهَا عَلَى أَعْنَاقِكُمْ، وَيَجِيءُ النَّاسُ بِالآخِرَةِ، فَإِنِّي لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً». وهيَ نَفْسُ الكَلِمَةِ التي قَالَهَا في بِدَايَةِ تَبلِيغِ الرِّسَالَةِ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ـ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا ـ اِشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِن اللهِ شَيْئاً، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِن اللهِ شَيْئاً، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَا أُغْنِي عَنْكَ مِن اللهِ شَيْئاً، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللهِ، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِن اللهِ شَيْئاً، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِن اللهِ شَيْئاً» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
عَذَابُ الآخِرَةِ لا يُطَاقُ:
أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ الجُرأَةَ على المُحَرَّمَاتِ شَيءٌ خَطِيرٌ، فَيَومُ القِيَامَةِ يَنتَظِرُنَا، واعلَمُوا أنَّ الحَسَبَ والنَّسَبَ والانتِمَاءَ بِدُونِ إيمَانٍ وعَمَلٍ صَالِحٍ لا يَنفَعُ، روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ».
أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ عَذَابَ الآخِرَةِ لا يُطَاقُ، فهوَ مُذِلٌّ لِصَاحِبِهِ، ومُلازِمٌ لَهُ، لا يَفتُرُ ولا يَهدَأُ، ولا يَتَوَقَّفُ ولا يَنقَطِعُ، وهوَ مُختَلِفٌ عن عَذَابِ الدُّنيَا، فَصَاحِبُهُ يَتَمَنَّى المَوتَ ولكِنَّهُ لا يَلقَاهُ، قال تعالى عن هؤلاءِ المُجرِمِينَ مُخبِرَاً عن قَولِهِم: ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ * لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾.
عَذَابُ الآخِرَةِ لا يُطَاقُ، روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نَارُكُمْ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاُ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ».
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً.
قَالَ: «فُضِّلَتْ عَلَيْهِنَّ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءاً، كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا».
عَذَابُ الآخِرَةِ لا يُطَاقُ، روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ مُكَوَّرَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». التَّكوِيرُ: هُوَ الجَمعُ والَّلفُ، وَهَذا مَأخُوذٌ مِن قَولِهِ تَعَالى: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾. يعني: جُمِعَت ولُفَّتْ، فَالشَّمسُ والقَمَرُ يُكَوَرَانِ فِي النَّارِ يَومَ القِيَامَةِ. حَرُّ الشَّمسِ يَضِيعُ في نَارِ جَهَنَّمَ، حَرُّ الشَّمسِ الذي خَاضَ بِهِ النَّاسُ بِعَرَقِهِم في أَرضِ المَحشَرِ لا شَيءَ يُذْكَرُ في نَارِ جَهَنَّمَ.
خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: لِنَكُنْ حَرِيصِينَ على العَمَلِ الصَّالِحِ بَعدَ الإيمَانِ قَبلَ خُرُوجِنَا من هذهِ الحَيَاةِ الدُّنيَا، وأن لا يَغتَرَّ أَحَدُنَا بهذهِ الدُّنيَا، ولا بِأَحسَابِهَا، ولا بِأَنسَابِهَا، فإنَّهَا لا تُغنِي من اللهِ شَيئَاً.
اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيكَ رَدَّاً جَمِيلاً. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
أمس في 20:03 من طرف Admin
» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
أمس في 20:02 من طرف Admin
» كتاب: الفتوحات القدسية في شرح قصيدة في حال السلوك عند الصوفية ـ الشيخ أبي بكر التباني
أمس في 19:42 من طرف Admin
» كتاب: الكلمات التي تتداولها الصوفية للشيخ الأكبر مع تعليق على بعض ألفاظه من تأويل شطح الكمل للشعراني
أمس في 19:39 من طرف Admin
» كتاب: قاموس العاشقين في أخبار السيد حسين برهان الدين ـ الشيخ عبد المنعم العاني
أمس في 19:37 من طرف Admin
» كتاب: نُسخة الأكوان في معرفة الإنسان ويليه رسائل أخرى ـ الشّيخ محيي الدين بن عربي
أمس في 19:34 من طرف Admin
» كتاب: كشف الواردات لطالب الكمالات للشيخ عبد الله السيماوي
أمس في 19:31 من طرف Admin
» كتاب: رسالة الساير الحائر الواجد إلى الساتر الواحد الماجد ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
أمس في 19:28 من طرف Admin
» كتاب: رسالة إلى الهائم الخائف من لومة اللائم ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
أمس في 19:26 من طرف Admin
» كتاب: التعرف إلى حقيقة التصوف للشيخين الجليلين أحمد العلاوي عبد الواحد ابن عاشر
أمس في 19:24 من طرف Admin
» كتاب: مجالس التذكير في تهذيب الروح و تربية الضمير للشيخ عدّة بن تونس
أمس في 19:21 من طرف Admin
» كتاب غنية المريد في شرح مسائل التوحيد للشيخ عبد الرحمن باش تارزي القسنطيني الجزائري
أمس في 19:19 من طرف Admin
» كتاب: القوانين للشيخ أبي المواهب جمال الدين الشاذلي ابن زغدان التونسي المصري
أمس في 19:17 من طرف Admin
» كتاب: مراتب الوجود المتعددة ـ الشيخ عبد الواحد يحيى
أمس في 19:14 من طرف Admin
» كتاب: جامع الأصول في الأولياء و دليل السالكين إلى الله تعالى ـ للسيد أحمد النّقشبندي الخالدي
أمس في 19:12 من طرف Admin