..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب أخبار وحكايات لأبي الحسن محمد بن الفيض الغساني
كتاب: آداب الطريق ـ الشيخ عبد الرحمن باش تارزى ـ ج4 Empty25/11/2024, 17:11 من طرف Admin

» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
كتاب: آداب الطريق ـ الشيخ عبد الرحمن باش تارزى ـ ج4 Empty25/11/2024, 17:02 من طرف Admin

» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
كتاب: آداب الطريق ـ الشيخ عبد الرحمن باش تارزى ـ ج4 Empty25/11/2024, 16:27 من طرف Admin

» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
كتاب: آداب الطريق ـ الشيخ عبد الرحمن باش تارزى ـ ج4 Empty25/11/2024, 15:41 من طرف Admin

» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
كتاب: آداب الطريق ـ الشيخ عبد الرحمن باش تارزى ـ ج4 Empty25/11/2024, 15:03 من طرف Admin

» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
كتاب: آداب الطريق ـ الشيخ عبد الرحمن باش تارزى ـ ج4 Empty25/11/2024, 14:58 من طرف Admin

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: آداب الطريق ـ الشيخ عبد الرحمن باش تارزى ـ ج4 Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: آداب الطريق ـ الشيخ عبد الرحمن باش تارزى ـ ج4 Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: آداب الطريق ـ الشيخ عبد الرحمن باش تارزى ـ ج4 Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: آداب الطريق ـ الشيخ عبد الرحمن باش تارزى ـ ج4 Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: آداب الطريق ـ الشيخ عبد الرحمن باش تارزى ـ ج4 Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: آداب الطريق ـ الشيخ عبد الرحمن باش تارزى ـ ج4 Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: آداب الطريق ـ الشيخ عبد الرحمن باش تارزى ـ ج4 Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: آداب الطريق ـ الشيخ عبد الرحمن باش تارزى ـ ج4 Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: آداب الطريق ـ الشيخ عبد الرحمن باش تارزى ـ ج4 Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: آداب الطريق ـ الشيخ عبد الرحمن باش تارزى ـ ج4

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68544
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: آداب الطريق ـ الشيخ عبد الرحمن باش تارزى ـ ج4 Empty كتاب: آداب الطريق ـ الشيخ عبد الرحمن باش تارزى ـ ج4

    مُساهمة من طرف Admin 9/10/2020, 12:22


    قوله

    ﴿ لا تذهب بلا إذنه*لا تفعل بلا أمره*واعمل بكلامه*ولو كان خاطيا ﴾

    ﴿ لا تتثاءب يا فتى*لا تتربع قد أتى*هكذا قد ثبتا*وعن ميزانك فانيا ﴾

    يقول ومن الآداب اللازمة للمريد في حقّ شيخه أن لا يذهب في مذهب من المذاهب، كالسّفر ونحوه، إلاّ إذا استشار شيخه، فإنّه أوسع إطّلاعا منه.

    وكذلك يتعيّن على المريد أن لا يتلبّس بفعل شيء من المباحات إلاّ بعد أن يأذن له فيه الأستاذ، لأنّه لا يأذن له إلاّ فيما فيه السّداد والرّشاد؛ وأشار بقوله وٱعمل بكلامه إلى أنّ المريد يجب عليه أن يسلّم أموره كلّها لشيخه، وأن يعمل بما أراد منه الشّيخ وأشار به عليه ولو كان مخالفا بحسب الظّاهر لما هو الأنسب، فقد يحصل من الشّيخ ما ليس بمناسب حصوله منه، لكنّ الحكمة تقتضي ذلك، وهي مكنونة لا يطّلع عليها غيره؛ ولا يعترض عليه لأنّ الاعتراض يوقع في الأمراض؛ وقوله ولو كان خاطيّا، في التّعبير بلو إيماء إلى عدم وقوع الخطأ في الحقيقة، بل على سبيل الفرض والظّهور، والغرض من ذلك تحريض المريد على إتّباع شيخه وتسليم أموره إليه في كلّ حال، على أنّ وقوع ذلك من الأساتذة ليس بمُحال، لكن يحفظ الله تعالى منهم من حفّته العناية الأزليّة، وسبقت له السعادة الكلّيّة، فإنّ ماعدا الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام غير معصوم من الخطأ ونحوه.

    ومن آداب المريد مع شيخه أن لا يتثاءب، ولا يجلس متربّعا بحضرته، إلاّ إذا أمره الشّيخ بالجلوس متربّعا فإنّه يسوغ له حينئذ.

    وأشار بقوله وعن ميزانك فانيّا، إلى أنّ من جملة الآداب المتعيّنة على المريد لشيخه أن يكون بين يديه كالميّت بين يدي غاسله، كُنّيَ بالفناء عن الميزان عن تفويض الأمر إلى الشّيخ، حيث لا يختار لنفسه إلاّ ما اختاره شيخه له من أمور العبادات أو العادات، حتّى يكون في جميع حالاته كالميّت بين يدي الغاسل يقلّبه كيف شاء، لا يبديخلافا لما أراده منه، لعدم الإرادة منه لشيء أبدا؛ وهذا الأدب هو في الحقيقة آكد الآداب جميعها، وعنه تتفرّع بقيّتها، ولكن تجب مراعاة جميع ذلك في حضوره وغيبته لمَناعتنى بأسباب فتح بصيرتها.

    وأشار بقوله

    ﴿ لا توسد وسادته*لا تطأ سجادته*وإن أعطاك ثوبه*إحذر أنت عاصيا ﴾

    إلى أنّ من آداب المريد مع شيخه أن لا يستعمل شيئا لأستاذه، كوسادته وسجّادته وردائه ونحو ذلك ممّا يختص به ويستعمله، لأنّ كلّ شيء له حقيقة وحال يعطيه ووارد يخفيه، وليس للمريد قوّة أستاذه، فإذا توقّى المريد استعمال شيء من مختصّات أستاذه، ظهرت له الفائدة عند إعطائه شيئا منها لتوفّر همّته عند ذلك، ولما في استعمال وسادته ووطئ سجّادته من الإشعار بعدم المبالاة بحُرمته؛ وإنّما سُمّي ما يجلس عليه سجّادة لأنّ أكثر استعمالها للصّلاة، فكانت أبلغ من غيرها في كثرة السجود عليها؛ والمراد بالوطأ القعود أو مطلق الاستعمال مجازا، من إطلاق اللاّزم وإرادة الملزوم، بل من الآداب أن لا يُوجَد المريد في مكان شيخه المعدّ له، ولا يزاحمه بمنكبه، وإذا غاب عن مكانه المخصوص به فليس لأحد أن يجلس فيه ولو كان موضع الذّكر، بل يُترك له مقدار ما يسعه، لأنّ حقيقته تحضر فيه، وقد شوهد ذلك، لكن إذا كان في الحلقة خليفته فله أن يجلس فيه، وإن تركه أدبا فلا بأس به.

    ومنها ما أشار إليه بقوله وإن أعطاك ثوبه إلخ، يعني أنّ الأستاذ إذا أعطاك شيئا من ملبوساته وقال [ٱلبسه]، فيلبسه فورا، لكن يجب على المريد توقير ذلك الشّيء، ويجتهد في نفسه أن يكون على أخلاق شيخه وعلى أحواله الظّاهرة والباطنة، لئلاّ يسيء الأدب مع ذلك الشّيء، لأنّ لكلّ شيء حقيقة مدركة، بدليل قوله تعالى ﴿وإن من شيء إلاّ يسبّح بحمده﴾، وحُكي ]أنّ بعض المشايخ دفع إلى مريد له ثوبا يلبسه فلبسه، وكان له جارية سوداء قد اشتراها قريب عهد، فأراد المريد أن يضاجعها، فأحسّ بشيء يتحرّك في الثّوب، فتفقّده فوجده عقربا، فأخرجه وقتله ولم يتفطّن، ثمّ عاد إلى ما أراده أوّلا فأحسّ بذلك كذلك، ففعل كالأوّل ولم يتنبّه أيضا لآداب احترام ثياب المشايخ، فعاد ثالثا لما قصده أوّلا فوقع له مثل ذلك فتنبّه ونزع الثّوب عن بدنه، وسأل الجارية عن استبرائها فأخبرته بأنّها حبلى من مولاها الأوّل، فحمد الله على ذلك التّنبّه وقام مستغفرا تائبا[، فٱنظرْ إلى بركة ذلك القميص كيف حفظ المريد من الحرام والتّنغيص؛ وقوله ٱحذرْ أنت عاصيا معناه ٱحذرْ أن تكون عاصيا فيه، فحذف أن تكون، وصلة عاصياوهو فيه للوزن.

    ومنها ما أشار إليه بقوله

    ﴿ لا تذكر بسبحته*ولا تسأم من خدمته*لا تكثر من جلوسه*ولا ظهرك مواليا ﴾

    يعني من الآداب اللاّزمة للمريد مع شيخه أن لا يذكر بسبحته، لما تقدّم تقريره من عدم جواز استعمال ما يختصّ به.

    ومنها أيضا أن لا يسأم من خدمة شيخه، بل يلازم ما أقامه شيخه فيه من مآربه، قيل ]أنّ إقامة المريد في خدمة شيخه ساعة أفضل من رياضة سنة[، والقيام بالخدمة يثمر كمال الصّحبة، ومَن صحّت له صحبة أستاذه مستحوذا عليه كلّ استحواذه فقد ظفر بالكنز العظيم، ونال السّعادة والتّكريم؛ ولا فرق بين أن يقيمه في خدمته أو خدمة داره وأهله أو خدمة الفقراء إخوانه، سفرا أو حضرا، فإنّه إنّما يستعمله فيما يراه خيرا له من كلّ وجه، وحكي عن بعضهم ]أنّ شيخه أمره بخدمة البغلة في الإصطبل فامتثل ومكث سنين، حتى دنت وفاة الشّيخ، فتطاول أكابر أصحابه للإذن لهم في الخلافة بعده، فقال الشّيخ ٱئتوني بفلان، فجيء به من الإصطبل، فأجلسه على سجّادته وقال له تكلّم على إخوانك في الطّريق، فأبدى لهم العجائب والغرائب نظما ونثرا حتى انبهرت عقول الحاضرين[.

    ومنها أن لا يكثر من مجالسة شيخه، لأنّها تسقط حُرمته من قلبه، وقد اتّفقت كلمتهم على ]أنّ المريد لا يترقّى إلاّ إذا لزم حُرمة الشّيخ[.

    ومنها أن لا يولّي ظهره للشّيخ أبدا كيما ينال فوزا أو رشدا، بمعنى أن لا يجعل شبح شيخه وراء ظهره، لأنّ ذلك ممّا يؤذن بقلّة الأدب في سرّه وجهره، إلاّ إذا كان الأمرضروريّا لا يتأتّى إلاّ بذلك فإنّه يباح له في وقته؛ ويحتمل أن يكون المراد من قول المصنّف رحمه الله تعالى ولا ظهرك مواليا الكناية عن الإعراض عن الشّيخ والإدبار عنه، كما يقال فلان أدبر عن بحث كذا والتفت إلى بحث آخر، بمعنى أن المريد لا يجعل أستاذه كأنّه وراء ظهره، ولا يراه مشاهدا له في كلّ أحواله، بل يجعله مستقبلا له مشاهدا له كلّ أحواله، على حدّ قوله تعالى ﴿…كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون﴾، فإنّه كناية عن عدم إتّباعه والعمل بما فيه.

    ثمّ قال

    ﴿ عظمن أماكنه*وتأدب كأنه*وإن أعطاك ثوبه*إياك أن تعطيا ﴾

    يعني أنّ المريد إذا أتى إلى مكان جلوس شيخه ولم يره جالسا كعادته فليجلس بسكينة ووقار، متخيّلا كأنّه بين يديه، تعظيما لمجلس شيخه، لأنّ بقاع العبادة ومجالس الصّالحين لها مزيد فضل على غيرها من البقاع؛ وخبر كأنّه محذوف تقديره حاضر، والمعنى أنّ المريد يتأدّب في أماكن شيخه إذا كان الشّيخ غائبا عنها كتأدّبه فيها إذا كان شيخه حاضرا.

    وقوله وإن أعطاك ثوبه شرط وجوابه إيّاك بحذف الفاء للوزن، والمعنى أنّ من آداب المريد مع شيخه أنّه إذا أعطاه ثوبه فلا يعطيه لأحد، لأنّه ربّما يكون طوى له فيه سرّا من الأسرار الّتي تمنحه سعادة الدّارين، وتقرّبه إلى حضرة ربّ العالمين، أو جمع له فيه جملة من أخلاق العارفين، لأنّ مقام الصّالحين يعلو عن أن تكون أفعالهم سدى، قال الشّعرانيّ رحمه الله تعالى في مدارج السّالكين ]وقد وهب بعض الأشياخ رداءه لمريده، فرآه قد مدّه وبسطه على رجليه، فقال له )يا ولدي ٱحفظ الأدب مع أثر الفقراء وعظّمه، فإنّ الله عزّ وجلّ ما جعل الرّداء للرّجلين وإنّما جعله للكتفين[(، وقد حذّر الشّيخ المصنّف رحمه الله تعالى سابقا من تلبّس المريد بالمعصية وهو لابس ثوب شيخه، فصدور المعصية من لابس ثوب شيخه أقبح وأفضع من صدورها من غير لابسه؛ وألف تُعْطِيا بدل من الهاء للقافية، والأصل تُعْطِيَه.


    وأشار بقوله
    ﴿ فأكرموا أولاده*وأكرموا أصحابه*وأكرموا أشياءه*لو ميتا أو حيا ﴾
    يعني أنّ من آداب المريد مع شيخه أن يعظّم أولاده وأصحابه وأتباعه، وأراد بأشيائه أدواته ممّا لا يعقل، وسواء كان الشّيخ حيّا أو ميّتا، فإنّ تعظيمهم وإكرامهم واحترامهمتعظيم للشّيخ، وترك ذلك سوء أدب، ومَن ساء أدبه مع شيخه فقد مقته الله تعالى، لأنّ الأدب مع الأستاذ هو عين الأدب مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والأدب مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو بعيْنه الأدب مع الله تعالى.

    ثمّ قال

    ﴿ إلزم حبه يا مبرور*وأدخل عليه السرور*لازم كتبه والمسطور*لا تقل لما ذا يا ﴾

    يعني أنّ من الآداب اللاّزمة للمريدين في حقّ أساتذتهم ذوي القدم الرّصين حبّ مشايخهم، لأنّ الحبّ لكلّ المسلمين متعيّن على بعضهم البعض، ولا سيّما حبّ الأستاذ المربّي فإنّه يتأكّد تأكيدا أشدّ من غيره، لما يترتّب عليه من النّفع الدّائم الّذي لا يحصل بدونه، لأنّه الأستاذ القائم بدعوى الهداية والإرشاد، لذلك وجبت محبّة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على كلّ مؤمن، وقال عليه الصّلاة والسّلام }لا يكمل إيمان أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من ماله ونفسه الّتي بين جنبيه{، وقال تعالى في مدح مؤمني أهل المدينة ﴿يحبّون مَن هاجر إليهم﴾، وهو النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، لأنّ عدم حبّه صلّى الله عليه وسلّم نفاق ويُخشى مقارنته لسوء الخاتمة؛ وأمّا الحبّ الإلهي المتعلّق بذاتهتعالى فقد عقد له في اﻹحياء بابا، وكذلك القشيريّ في رسالته، والإمام ٱبن عربي في فتوحاته المكيّة.

    وحبّ كلّ شيء بحسبه، لكن حبّ الأستاذ رأس مال المريدين، وعنوان سعادتهم على اليقين، ويتفاوتون فيه، حتّى أنّه يُحكى عن بعضهم ]أنّه رأى شيخه يشكو ألما فشكاه في الحين، ثمّ أنّ الطّبيب فصد الشّيخ فانفصد عرق المريد من نفسه بدون آلة فصد[.

    ومنها أن يُدْخِل عليه السّرور ما أمكن، كتبليغ سلام محبّ أو ثناء من معتقد، وإذا سمع من أحد ما يكره في حقّ شيخه فعليه ردّه ما استطاع، وأجاب عنه بالأجوبة الحسنة وأقام الدّليل والحُجّة إن كانت له قدرة على ذلك.

    ومنها العكوف على مطالعة تصانيف شيخه مطوّلات أو رسائل، والتّقديم لها على غيرها من التّصانيف الموضوعة في ذلك الفنّ إلاّ لضرورة، كطلب ما هو أبسط منها أو أحال الشّيخ في تأليفه عليها؛ ولا يطلب علما من أحد وشيخه يعرف ذلك العلم، فإن لم يعرفه شيخه استأذنه على مَن يأخذه، فإن قال له ]ٱقرأ على مَن شئت[، اختار مَن يعتقد في طريق القوم.

    ومنها أن لا يقول لشيخه لِمَ على سبيل الاستفهام، بل إن سأل شيخه عن مسألة لا يطلب ردّ الجواب، بل يذكر مسألته ويسكت ولا يعيد السّؤال، فإن أجابه شيخه فبها ونِعْمَت، وإلاّ قبَّل يده وانصرف وأعرض بقلبه عن الجواب، ولذلك قيل ]مَن قال لشيخه لِمَ ولماذا لا يُفلح أبدا[، قضيّة مسلّمة عندهم، مغايرة لطّريق غيرهم، فيجب على المريد أن لا يقول لشيخه إن نهاه لِمَ نهيت، أو إن أمره بأمر لِمَ أمرت، فمَن قال ذلك لشيخه ما ذاق في سيره إلى الله حلاوة الأسرار، ولا انجلت عن بصيرته حجب الأغيار.

    ومنها ما أشار إليه بقوله
    ﴿ رغب فيه كل الناس*جانب من يراه باس*لا تقطع منه إياس*واعقد فيه بالنيا ﴾
    s يقول ومن الآداب اللاّزمة للمريد مع شيخه الاجتهاد في ترغيب النّاس في الاجتماع على شيخه والانتظام في حزبه، وثمرة التّرغيب رجوع الخلق إلى الحقّ، وفي الحديث}لأن يهدي الله بك واحدا خير لك ممّا طلعت عليه الشّمس{.

    s ومنها أن يجانب مَن أمره الشّيخ بمُجانبته، لأنّه ما أمره بذلك إلاّ أنّه علم أنّ في مخالطته ضرر أو بأس على المأمور، وقوله باس هو المفعول الثاني ليرى، وقف عليه بالسّكون على لغة ربيعة، وليس المراد من البأس معناه الحقيقيّ بل المراد منه الذّات مبالغة كما لك علم؛ ولا يغتّر المريد بإظهار الشّيخ محبّة المأمور باجتنابه، لأنّ شأن الأساتذة الإقبال على كلّ النّاس لسعة ما هم عليه من الأخلاق المُرضية.

    s ومنها ما أشار له بقوله لا تقطع منه إيّاس، يعني من آداب المريد مع شيخه أن لا يملّ عن محبّته وودّه، ولا ييأس من وصله، ولو زجره شيخه أو شمته أو هجره، لأنّ المريد الصّادق في حاله لا يزعجه ذلك ولا يقطعه ويميله عن إقباله على شيخه، بل كلّما زجره شيخه أو هجره ازداد حبّا وودادا و اشتياقا وعدم إيّاس من المدد والوصول، لأنّ الأساتذة لا يفعلون مع تلامذتهم شيئا إلاّ لقصد التّأديب والتّقريب إلى مرضاة الله تعالى، إذ لا غرض لهم نفسانيّ في شيء من الأشياء الكونيّة، بل لا يتلبّسون إلاّ بما هو متعيّن عليهم بالوجوب، ليرجع المريد عن زلّته ويتوب، فليس للمريد أن ييأس من وصل شيخه ولو زجره أو شتمه بكلام غليظ، ولو بملأ من النّاس، لأنّ دعاء الشّيخ على المريد حالة تأديبه ينال به سعادة تقريبه، وربّما أنّهم يمتحنون بذلك الصّدق والإخلاص، وذلك لأنّ المريد إذا تخلّص من رعونات نفسه وفني عنها، لا يتغيّر من كلمة أو كلمات من أحد أبدا، فضلا عن شيخه الّذي يبغي منه مدده.

    s ومنها ما أشار له بقوله واعقـدْ فيه بالنّيّا، يعني من جملة الآداب أن يعتقد المريد أنّ شيخه أكمل أهل عصره، وأحسن أهل مصره، وذلك ليصحّ له فيه كمال النّيّة والاعتقاد، والإقتداء به في كلّ حالاته بدون ترداد، إذ لو لم ينو فيه ذلك لما اتجه له منه انتفاع بحال فيما هنالك، لأنّه على قدر النّيّة والاعتقاد يكون الانتفاع والإمداد، وفي الحديث }نيّة المرء أبلغ من عمله{، وعنه صلّى الله عليه وسلّم }يبلغ المرء بنيّته ما لا يبلغ بعمله{، ورُوي }لو نوى أحدكم في حجر لنفعه{.

    ومنها ما أشار إليه بقوله

    ﴿ إياك تفشي سره*ولا تغير قلبه*لا تزرن غيره*لا ميتا أو حيا ﴾

    s يريد أنّه يجب على المريد صون سرّ شيخه عن كلّ شخص مطلقا، سواء كان ذلك السّرّ من الأمور العاديّة أو غيرها، لأنّ الكلام ما دام في الصّدر فهو سرّ، لأنّ صدور الأحرار قبور الأسرار.

    A وٱعـلـم، أنّ الأستاذ قد يبلّغ إلى مريده على وجه الإسرار أمورا كلّية، لأنّ المريد عندهم بمنزلة النّسخة للأستاذ، فيحبّ أستاذه أن يرسم فيه جميع أشكاله الظاهرة والباطنة، وربّما غلب الأستاذ وارد جلاليّ يقهر حاله فيُسِرّ في ذلك الوقت لمريده شيئا لو لا إظهاره لانفجر قلبه، كما وقع لمن كتم سرّه فآواه في الوقت قبرَه.

    s وكذلك يجب على المريد أن لا يتلبّس بشيء يشمئزّ منه قلب شيخه ويتغيّر عليه بسببه، لأنّ ذلك يعدّ من العقوق، والعاقّ لا يُرفع له إلى السّماء عمل، فكما لا يجوز أن يفعل مع والده شيئا يوحش قلبه، لا يجوز أن يفعل مع شيخه ذلك، لأنّ الشّيخ لا يأمر إلاّ بما أمر الله به، فمَن خالفه فقد خالف الشّارع ووقع في غضب الله، فتغيير قلبه يوجب المقت من الله تعالى، وفي ذلك قيل

    ]أقدّم أستاذي على حـقّ والدي وإن نالني من والدي العزّ والشّرف

    فذاك مربّي القلب والقلب جوهر وهذا مربّي الجسم والجسم كالصّدف[.



    s ومنها ما أشار إليه بقوله لا تَزُرْنّ غيره إلخ، يعني من آداب المريد أن لا يزور أحدا من المشايخ الأحياء والأموات إلاّ بإذن شيخه، ولا يزيده على قوله السّلام عليكم، لأنّ المريد ضعيف ومن شأن كلّ ضعيف أن يمدح شيخه وإخوانه وطريقه فقط ولا ينقص أحدا أبدا.

    ومنها ما أشار إليه بقوله

    ﴿ كل خير جاءك*تراه من شيخك*كل نقص جاءك*من نفسك المؤذيا ﴾

    s أي من الأدب أن يرى كلّ فضل أصابه من الله تعالى وكلّ خير ناله فإنّه حصل له ببركة شيخه، فإنّ كلّ مريد نوره مستمدّ من نور أستاذه، وجميع ما يراه المريد من المدد فهو من فيض أستاذه، وما يراه من النّقص فمن نفسه، وهو ظاهر كلام المصنّف رحمه الله تعالى؛ وأراد بالنّفس المؤذية الأمّارة بالسّوء.

    ومنها ما أشار إليه بقوله

    ﴿ لا تخرج عن نظره*لا تبحث عن حالته*لا تعقد عن زوجته*مات عنها أو حيا ﴾

    s يعني أنّ المريد يجب عليه أن يكون على نظر شيخه في كلّ شؤونه، مسلّما له جميع أموره، مشاورا له في كلّ حركاته وسكناته الدّينيّة أو الدّنيويّة، وما دلّه عليه ارتكبه ولا يعدل عنه ولو كان مخالفا لما هو الأنسب بحسب الظّاهر، فقد يحصل من الشّيخ ما ليس حصوله بمناسب، لكنّ الحكمة تقتضيه وهي مكنونة لا يطّلع عليها غيره، فلا يعترض عليه لأنّ الاعتراض يوقع في الأمراض، وفي قصّة سيّدنا موسى والخضرّ عليهما السّلام كفاية لكلّ معتبر، فإنّ موسى لمّا أراد الصّحبة حفظ شرط الأدب فاستأذن، فشرط عليه الخضرّ عدم المعارضة، فلمّا جرى بينهما ما قضاه الله تعالى كان عاقبة ذلك ﴿هذا فراق بيني وبينك﴾، قال البيضاويّ ]ومن فوائد هذه القصّة أن لا يُعجب المرء بعلمه، ولا يبادر إلى إنكار ما لا يستحسنه، فلعلّ فيه سرّا لا يعرفه، وأن يداوم على التّعلم ويتذلّل للمعلّم، ويراعي الأدب في المقال، وأن ينبّه المجرم على جرمه ويعفو عنه حتّى يتحقـّق إصداره، ثمّ يهاجر عنه[اهـ، لأنّ التّمسّك بهذه الآداب نهاية آداب الصّحبة المورثة نيل الآراب، والتّنبيه للمريد على كيفيّة صحبته لأستاذه وكيف ينبغي أن يكون معه فيها وكيف يعامله في أقواله وأفعاله، فليتنبّه المريد الصّادق إلى هذه الأسرار ويعمل بها في العلن و الإسرار.

    s ومنها ما أشار إليه بقوله لا تبحث عن حالته، أي لا يجوز للمريد التّنقير عن حالة شيخه في العبادات والعادات، فلا يتجسّس على مقدار نوم شيخه وقيامه، ولا على رياضته وكيفيّة أكله، ولا كم يتوضّأ في اليوم واللّيلة، أو غير ذلك ممّا يتعلّق بالعبادات أو العادات، فكلّ ذلك معدود من العقوق للوالدين والكشف لسوءتهم، وربّما كان إطّلاعه على تلك الأحوال يُنقص مقام شيخه في قلبه لجهله بأحوال الكمال فيهلك كما مرّ.

    s ومنها ما نبّه عليه بقوله لا تعقدْ عن زوجته إلخ، أي لا يتزوّج المريد امرأةً طلّقها شيخه أو مات عنها، وذلك لأمرين، الأوّل الإقتداء بالرّسول صلّى الله عليه وسلّم، والثّاني هو أنّ زوجة الرّجل في الدّنيا زوجته في الآخرة، فإذا تزوّجت بعد وفاته عنها بزوج آخر كان في المسألة اختلاف، هل هي للأوّل أو للثّاني أو لمَن أرادته منهما، وعلى كلّ ففيه من سوء أدب ما لا يخفى على ذويه؛ وإذا كان الأساتذة تمنّعوا من وطئ سجّادته ولبس عباءته كان بالأولى منع تزويج زوجته، تحقيقا للأدب معه حيّا ومنتقلا، ولقد قلّ من أخذ زوجة شيخه وأفلح وسلم من العطب.

    s ومنها أن لا يتخلّف عمّا رتّبه شيخه من الاجتماع على ذكر الورد جماعة، كما أفاده بقوله

    ﴿ لا تتخلف عن رتب*رتبها يا محب*احضر فيها بالأدب*صباحا وماسيا ﴾

    ﴿ يا من تريد الإمداد*من شيخك يا مراد*لا تترك هذا الميعاد*وكذاك الجمعيا ﴾

    ﴿ يا من تريد الجلا*عن قلبك المبتلى*لازم ذكرك في الملا*حده المربيا ﴾

    أي من سوء الأدب مع الشّيخ عدم حضور مجلس الذّكر الّذي رتّبه صباحا ومساء للمريدين، لأنّ مدد كلّ شيخ يكون في ورده، ومَن ترك ما رتّبه له شيخه حُرم مدده، كيف والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حثّ على ذلك ورغّب فيه، فقال صلّى الله عليه وسلّم }إذا مررتم برياض الجنّة فٱرتعوا{، قالوا ]وما رياض الجنّة يا رسول الله[، قال }حُلق الذّكر{، كما مرّ، اللّهمّ إلاّ إذا كان للمريد عذر في تخلّفه فليذكره للشّيخ، فإن ظهر له صدق عذره وإلاّ ناقشه وبيّن له عدم صدقه ليتوب؛ وأشار بقوله ٱحضر فيه بالأدبإلى أنّه مع عدم تخلّفه يجب عليه مراعاة آداب الذّكر المتقدّم بيانها.

    وأفاد بقوله يا مَن تريد الإمداد إلخ المبالغة في التّرغيب في الدّوام على ملازمة حلق الذّكر صباحا ومساء، فربّما فُتح على المريد في حلقة الذّكر ما لم يفتح عليه في الذّكر وحده السّنين العديدة؛ وأراد بالميعاد مجلس الذّكر المعيّن في الصّباح والمساء؛ وقوله وكذلك الجمعيّا أي كما يتعيّن على المريد عدم ترك ما رتّبه الشّيخ صباحا ومساء، كذلك يتعيّن عليه عدم ترك حضور ميعاد يوم الجمعة لاشتمالها على ساعة الإجابة، وقد قيل ]أنّها بعد عصره[، وربّما يبدأ فيها في دعائه فيحصل له الفلاح والنّجاح.

    وقوله يا مَن تريد الجلاء إلخ توكيد لسابقه ومبالغة في الحثّ على عدم التّخلّف عمّا رتّبه الشّيخ؛ والجلاء كشف صدى مرآة القلب، والمبتلى من القلوب هو المتّصف بالأخلاق الذّميمة، لأنّها هي علله وأمراضه، قال تعالى ﴿في قلوبهم مرض﴾، فمرض القلب تلبّسه بالإعتقادات الباطلة، واتّصافه بالصّفات الفاسدة؛ وأفاد بقوله لازم ذكرك في الملا أنّ ذكر الله جماعة هو الدّواء الشّافي من أمراض القلوب؛ وقوله حدّه المربّيا توكيد للتّحريض.

      الوقت/التاريخ الآن هو 27/11/2024, 00:42