( 41 ) ولوعي وأشجاني وشوقي ولوعتي ..... لجوهر ذاتي في الغرام طبائع المفردات :
ولوعي : الولع هو المرتبة الثانية للمحبة حيث يقوى ويشتد انجذاب القلب إلى محبوبه ؛ [ راجع . شروحات البيت رقم 5 ] .
"" شروحات البيت رقم 5 : يقول الجيلي : أغري قلبي بالوصول إلى ماء زرود ، ولكن يا لهفي ما أكثر الطالبين وما أقلّ الواصلين ، ويا خوف نفسي كم مات طالب والع ولم تبتلّ شفتاه الماء . ""
وأشجاني : وأحزاني . طبائع : ج . طبيعة .
المعنى :
يقول الجيلي هنا ؛ إن جوهر ذاته في الغرام يتكون من عناصر أربعة هي :
الولع ، والشجن ، والشوق ، واللوعة .
( 42 ) فشوقي : نار ، والهوى : فهو الهوا ، ..... وتربي والما : ذلّتي والمدامع
المفردات :
فهو الهوا : فهو الهواء ، أي عنصر الهواء .
والما : والماء .
المعنى :
الشاعر هنا يفصل الصورة التي أجملها في البيت السابق .
فكما أن الطبيعة التي عنها تكوّن الوجود تتألف من عناصر أربعة هي الماء والهواء والنار والتراب .
كذلك جوهر وجوده تكوّن من طبيعة غرامه بعناصرها الأربعة :
فشوقه يقابل عنصر النار .
وهواه يقابل عنصر الهواء .
وذلته تقابل عنصر التراب.
ودموعه تقابل عنصر الماء .
( 43 ) يلوم الورى نفسي لفرط جنونها ..... وليس بأذني للملام مسامع
المفردات :
الورى : الخلق ، المخلوقات .
فرط جنونها : شدته ، والجنون هنا ليس سببه فساد مزاج أدى إلى المرض العقلي المعروف ، بل اشتهر مجانين الصوفية بأنهم قوم انحجبت عقولهم القائمة على تدبير حياتهم ومعاشهم بما فجأهم من الحق .
ويسميهم ابن الجوزي في صفة الصفوة :
عقلاء المجانين ، والبهاليل [ جمع : بهلول ] ،والمجانين الإلهيين [ جمع مجنون إلهي].
المعنى :
يشتكي الجيلي اللوم واللائمين ، فيقول :
إن المخلوقات كلها تلومني لأنني مهيّم بالحب ، مجنون عن دنياي ومعاشي .
وها هي أذني وإن امتلكت مسامع تستقبل كل صوت في الكون ، إلا أنها تجرّدت عن مسامع تسمع بها لوما على الحب والحبيب .
يضيف الجيلي هنا إلى التمييز المعروف بين عضو السمع وحاسة السمع موضوعا جديدا ، وهو أن حاسة السمع عنده تتمتع باستقلالية وطاقة نقدية .!!
فهي ليست مجرد أداة استقبال تسمع كل ما يعرض لها ، بل تنتقي وتقبل وترفض ، وهي خليّة عن مسامع تستقبل ملامة في الحب .
( 44 ) ومذ أو ترت أحشاي حبّيك إنّني ..... لسهم قسيّ النّائبات مواقع
المفردات :
أوترت : جعلتها وترا ، والوتر هو الرقم المفرد وأوله “ الثلاثة “ .
أحشاي : إشارة إلى الكبد مركز الحب [ راجع . شروحات البيت رقم 27 ]
"" شروحات البيت رقم 27 : استعار الجيلي جمال النبي يوسف عليه السّلام وأطلقه على محبوبه محولا الاسم إلى صفة ، فمحبوبه هو جمال الدنيا .
وهنا يناديه على عادة العشاق في تأوهاتهم “ أيا يوسف الدنيا “ ، بمعنى أي أيا جمال الدنيا ، إن كبدي تمزقت من الحزن لفقدك ، كما تمزقت كبد يعقوب عليه السّلام حين غاب عنه وجه يوسف ، فهل ترجع كما رجع يوسف؟! ""
حبّيك : إشارة إلى الحبين الواردين في قول رابعة ، وهما :
حب الهوى ، وحب التعظيم والإجلال الذي يستحقه مقام المحبوب .
تقول رابعة : “ أحبك حبين : حب الهوى وحبا لأنك أهل لذاك “ .
قسي : جمع . قوس . النائبات : المصائب
مواقع : جمع . موقع وهو مكان وقوع السهم .
المعنى :
يتابع الجيلي شكواه ، فيخاطب محبوبه قائلا ؛ أحبّك حبين :
حب الهوى وحب التعظيم .
وجاءت احشاي العاشقة لتثلّث حبّيك ، فأحشاي وحبّيك ثلاثة أي وتر . . .
ومنذ ثلّثت أحشاي حبيّك أصبحت هدفا لسهم المصائب والبلايا .
( 45 ) وما لي إن حلّ البلاء التفاتة ..... ومالي إن جاء النّعيم مراتع
المفردات :
مراتع : ج : مرتع وهو موضع الرتع واللهو والتنعم .
المعنى :
ومهما أصاب الجيلي من حبه ، فكلّه لحبيبه ويخاطبه قائلا ؛ إن حبك استغرقني كلي فلم يعد يهمني بلاء ، ولم يعد يشغلني نعيم .
( 46 ) وما أنا من يسلو ببعض غرامه ..... عن البعض ، بل بالكلّ ما أنا قانع
المفردات :
يسلو : من السلوان أي النسيان .
المعنى :
يقول الجيلي ؛ لست ممّن يرضيه تحقيق بعض أمانيه ومطالبه ، ويثنيه ذلك عن طلب الباقي من أمانيه ، وذلك أن أكثر الناس تجد تعويضا في عطاء عن عطاء .
أمّا أنا ، فلو اتفق لي أن تتحقق كل أمانيّ ، لا أقنع ولا أرضى لأنها لا تعوضني عن محبوبي .
( 47 ) وشوقي ، ما شوقي ، وقيت ، فإنّه ..... جحيم له بين الضّلوع فراقع
المفردات :
وقيت : تعوّذ بمعنى : وقاني اللّه .
فراقع : جمع . فرقعة ، وهو الصوت الناتج من احتراق ؛ وهنا الإشارة إلى فرقعة نار الجحيم .
المعنى :
يتابع الجيلي كلامه عن حبه ، ويشرح هنا شوقه ، فيقول ؛ وشوقي ما أدراك ما شوقي ، وقاني اللّه الجحيم ، إنه جحيم تسمع فرقعة ناره المشتعلة بين الضلوع .
( 48 ) وبي كمد لو حمّلته جبالها ..... لدكّت برضواها وهدّت صوامع
المفردات :
كمد : من مفردات الحزن والحزن من أحوال الصوفية [ شروحات البيت رقم 27 ] .
"" شروحات البيت رقم 27 : استعار الجيلي جمال النبي يوسف عليه السّلام وأطلقه على محبوبه محولا الاسم إلى صفة ، فمحبوبه هو جمال الدنيا .
وهنا يناديه على عادة العشاق في تأوهاتهم “ أيا يوسف الدنيا “ ، بمعنى أي أيا جمال الدنيا ، إن كبدي تمزقت من الحزن لفقدك ، كما تمزقت كبد يعقوب عليه السّلام حين غاب عنه وجه يوسف ، فهل ترجع كما رجع يوسف؟! ""
جبالها : جبال الدنيا .
لدكت : لتهدّمت وتفتّتت .
برضواها : بما فيها جبل رضوى ، وهو جبل صلب متماسك الحجارة منه يقطع حجر المسنّ ويحمل إلى الدنيا ، وهو يبعد عن المدينة المنورة سبع مراحل [ البلدان 3 / 51 ] .
صوامع : ج . صومعة وهي بناء يسكنه الرهبان ، ونرجح أن الشاعر أشار إليه على اعتبار أنه يقع غالبا في رؤوس الجبال ويبنى من صلب الحجار حتى يثبت أمام عوامل الزمن .
المعنى :
يكمل الجيلي كلامه في الحب ، ويشرح هنا كمده ، فيقول ؛ إن الكمد الذي أحمله لو حمّل لجبال الدنيا لتفتّتت حتى جبل رضوى الصلب المتماسك يتفتت ، وحتى الصوامع المبنية من صلب الحجار تهدّ وتتهدم .
( 49 ) ولي كبد حرّاء من ظمأ بها ..... عليك ، ولم يبرد غليلا مصانع
المفردات :
حرّاء : محرورة ، ملتهبة .
غليلا : عطشا .
مصانع : جمع . مصنع ومصنعة وهي أحباس تتخذ للماء .
المعنى :
بعد الحب والشوق والكمد يخاطب الجيلي محبوبه شاكيا عطشه إليه ، فيقول:
لي كبد عطشى إليك ، محرورة من عطشها إليك ، ولا يبرد لهيبها كل المياه الموجودة في محابسها من الأرض.
( 50 ) يخيّل لي أنّ السماء على الثّرى ..... طبقن ، وأنّي بين ذلك واقع
المفردات :
الثرى : التراب النديّ ، الأرض .
طبقن : وردت بصيغة الجمع إشارة إلى
السماوات ، وإن كان الجيلي قد جاء بها مفردة للضرورة الشعرية .
بين ذلك : بين السماء والثرى .
المعنى :
يتابع الجيلي وصف أحواله في الحب ، فيقول : يخيل إليّ أن السماوات طبقن على الأرض ، وأنا واقع بينهما
( 51 ) ونفسي نفس أيّ نفس أبيّة ..... ترى الموت نصب العين وهي تسارع
المفردات :
أيّ نفس : بمعنى يا لها من نفس .
المعنى :
مهما عانى الجيلي في الحب فهو صاحب نفس أبيّة لا تتراجع أمام أهوال الحب ومشاقّه ، ويخاطب محبوبه شارحا حال نفسه .
قائلا : ونفسي الأبية ، يا لها من نفس ، لا تتراجع عن طلب محبوبها . ترى موتها منصوبا أمام أعينها ومع ذلك تسارع إليه
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin