لك هذه الحجة البيّنة الصادقة ، فلماذا لم تقلها ؟ فقال آدم : يا رب ! كنت أعرف ذلك ، ولكني لم أتخلّ عن الأدب في حضرتك ، ولم يترك لي العشق مجالًا للتعاب “ . ( مترجمة عن النصّ الفارسيّ ، فيه ما فيه ، ص 101 ، 102 ، طبعة فروزانفر ، طهران ، 1330 شمسي ) .
( 1497 - 1499 ) من الأعمال ما لا يكون من فعل الإنسان كالارتعاش مثلًا ، ومنها ما يكون من فعله - عن طريق الكسب - وهي الأعمال التي يُحاسب عليها الإنسان . ومن هنا قال الشاعر ( بيت 1499 ) :
“ إنك لتندم على فعل أتيته بإرادتك ، ولكن كيف يكون الإنسان نادماً على فعل لا إرادة له فيه ؟ “ وشبيه بهذا ما قاله الكلاباذي :
“ ومُجْمَعُ على أنّ حركة المرتعش خلق اللَّه ، فكذلك حركة غيره ، غير أنّ اللَّه تعالى خلق لهذا حركة واختياراً ، وخلق لآخر حركة ولم يخلق له اختياراً “ . ( التعرفّ لمذهب أهل التصوف ، ص 46 ) .[ شرح من بيت 1500 إلى 1650 ]
( 1501 ) إنّ البحث العقليّ - في أرفع مستوياته - لا يمكنه الوصول إلى مستوى البحث الروحيّ .
( 1517 - 1518 ) يبين عمر لرسول الروم سرّ احتباس الأرواح في الأجساد . ويضرب لذلك مثلًا تلك المعاني العميقة التي كان رسول الروم يسأل عنها . فهي معان مطلقة تتعلق بالروح وطبيعتها ومع ذلك فقد عبر عنها بكلمات محدودة مسموعة . فهو بهذا قد جعل المعنى المطلق أسيراً لكلمات محدّدة . وهو قد فعل ذلك لفائدة منشودة . فلا عجب أنْ تكون هناك فائدة من وراء حبس الأرواح في الأجساد ، وخاصّة لأنّ هذا قد حدث بأمر اللَّه .
( 1521 ) هناك آلاف الفوائد ، ولكن لا يمكن أنْ تُقاس أية منها بالفائدة التي نجمت عن اجتماع الروح والجسد .
( 1535 ) الوجود الحيّ في هذا البيت هو الإنسان الكامل أو الصوفيّ الكامل .
( 1536 ) الميت هنا هو الإنسان الماديّ الغارق في ماديّته ، الذي
“ 521 “
ليس له نصيب من حياة الروح .
( 1539 ) إذا قرأت القرآن بدون أن تمتزج روحك بمعانيه فأنت كمن شاهد الأنبياء ولكنّه اكتفى بالمشاهدة ، فلم يهتد بهديهم ، ولم يعمل على سلوك سبيلهم الذي دعوا إليه .
( 1540 ) إذا قرأت القرآن متقبلًا معانيه ، محيطاً بمفهوماته متذوّقاً لها ، فإنّ الروح حينذاك تشعر بضيقها في حبس الجسد ، ويشوقها الانطلاق من هذا الجسد .
( 1543 ) قول الشاعر : “ فمن الخارج يأتيك صوتهم “ يعني أنّ صوت الأنبياء يناجي الناس من عالم الروح ، مبيناً لهم طريق النجاة .
( 1544 ) إن الدين كان وسيلتنا للخلاص من أسر المادة . ولا سبيل سواه يؤدي إلى هذا الخلاص .
( 1545 - 1546 ) يمهد الشاعر بهذين البيتين للقصة التالية ، “ قصة التاجر والببغاء “ ، وتدور حول الشهرة ، وما توقعه بالخلق من مضار .
( 1565 - 1566 ) كل ما يفعله الحبيب يتقبله المحب ، ويكون به سعيداً راضياً . والمحب يسعد في عذابه وآلامه ، ما دامت هذه إرادة الحبيب .
( 1567 ) إذا كانت هذه حلاوة جفائك ، فكيف يكون جمال وصالك ؟ وإذا كانت الآلام التي تعترينا من أجلك حبيبة إلى نفوسنا ، فكيف تكون السعادة التي يبعثها فينا قبولك ورضاك ؟
( 1572 ) هذا البلبل الذي هو رمز للمحب العاشق يأكل الشوك مع الورد ، أي أنّه يجد الآلام في الحب لذيذة سائغة ويتقلبها بذات الرضى الذي يستشعره حين ينعم بسعادة الحب .
( 1573 ) إنّه عملاق ناريّ يلتهم كل ما يعترض سبيله ، ويقف حائلًا بينه وبين المحبوب . وقد أصبح كل ألم يلاقيه في سبيل ذلك حلو المذاق سائغاً ، لأن العشق جرده من الذاتية ، فلم يعد له من هدف
“ 522 “
سوى المحبوب ، وهان في سبيله كل ألم .
( 1574 ) إنّ العشق قد بلغ به حالة الفناء في المعشوق ، فأصبح بذلك عاشقاً لذاته . يقول العزالي في وصف تلك الحال : “ العارفون - بعد العروج إلى سماء الحقيقة - اتفقوا على أنهم لم يروا في الوجود إلا الواحد الحقّ . ولكن منهم من كان له هذه الحال عرفاناً علمياً ، ومنهم من صار له ذلك حالًا ذوقياً . وانتفت عنهم الكثرة بالكلية ، واستغرقوا بالفردانية المحضة ، واستوفيت فيها عقولهم ، فصاروا كالمبهوتين فيه ، ولم يبق فيهم متسع لا لذكر غير اللَّه ولا لذكر أنفسهم أيضاً . فلم يكن عندهم إلا اللَّه ، فسكروا سكراً دفع دونه سلطان عقولهم ، فقال أحدهم : “ أنا الحق “ ، وقال آخر : “ سبحاني ، ما أعظم شاني ! “ وقال آخر : “ ما في الجبة إلا اللَّه “ . وكلام العشاق في حال السكر يطوى ولا يُحكى . فلما خفّ عنهم سكرهم ، ورُدّوا إلى سلطان يالعقل الذي هو ميزان اللَّه في أرضه ، عرفوا أنّ ذلك لم يكن حقيقة الاتحاد ، بل شبه الاتحاد . . “ ( مشكاة الأنوار ، ص 57 ، الدار القومية للطباعة والنشر ، القاهرة ، 1964 ) .
( 1575 ) ببغاء الروح هنا رمز للعقل الإلهيّ الذي جعل الشاعر منه عنواناً للأبيات .
( 1575 - 1585 ) صنف الغزالي الأرواح البشرية النورانية إلى أنواع خمسة لكل منها مرتبتها . وخامس هذه الأنواع وأسماها هو “ الروح القدسيّ النبوي ، الذي يُختص به الأنبياء وبعض الأولياء ، وفيه تتجلى لوائح الغيب وأحكام الآخرة ، وجملة من معارف ملكوت السماوات والأرض ، بل من المعارف الربانية التي يقصر دونها الروح العقليّ والكفريّ “ . ( مشكاة الأنوار ، ص 77 ) .
( 1579 ) من المعروف أنّ كثيراً من الصوفية قد رُموا بالكفر ، وحوكموا ، ومنهم من قُتل . وهؤلاء الذين اتهموا بالكفر هم عند
“ 523 “
الصوفية أمثلة عالية للإيمان . والشاعر يقول هنا إنّ كفر هؤلاء أصدق وأحقّ من كل إيمان يعتنقه خصومهم . وقد تناول السراج في كتابه المع ( ص 497 ) مسألة اتهام مشايخ الصوفية بالكفر ، وقال إنّ القائلين بذلك نوعان من الناس ، “ منهم قوم لم يفهموا معاني ما أشاروا إليه في كلامهم من غامض العلم وجليل الخطب ، ولم يكن لهم زاجر من العقل ، ولا وازع من الدين أن يستبحثوا عن المعاني التي أُشكلت عليهم ويسألوا ذلك من أهلها ، وقاسوا ما يسمعون من ذلك بما علموا من العلوم المبثوثة بين عوام الناس حتى هلكوا . . . ومنهم من علم مقاصدهم ومعانيهم فيما قالوا ، أو قد صحبهم برهة من الدهر فلم يصبر على حالهم ، ودعاه شيطانه وهواه إلى طلب الرياسة ، وجمع الدنيا ، وأكل أموال الناس بالباطل ، فجعل المعاداة والمنافاة معهم ، والطعن والوقيعة فهيم ، والسفاهة والإنكار عليهم ، سلماً إلى جميع الدنيا وسبباً إلى قبول قلوب الجهلة من العامة له “ .
( 1594 - 1595 ) لا تُلق الكلام بدون تقدير لأثره وعواقبه ، فأنت لا تدري ما حولك ، وقد تُلقى كلمة واحدة جزافاً فتحدث من الأضرار والفتن ما لم يكن قائلها يدرك مداه .
( 1597 ) من الكلمات ما يكون سبباً للكثير من الأضرار ، ومنها ما يكون بالغ النفع والجدوى .
( 1598 - 1599 ) الأرواح في الأصل خيّرة كلّها ، وهي كنفس عيسى تهب الحياة ، ولكنّها - حين تجسَّدت وعلقت بالمادة - أصبحت متأرجحة بين الخير والشر . وهي إذا خلصت من أثر المادة وتحرّرت منها ، عادت لها طبيعتها الأصيلة وأصبحت خيّرة ، ولم ينبثق منها سوى الصلاح .
( 1603 - 1610 ) في هذه الأبيات يتحدث الشاعر عن كرامات الأولياء . وقد كتب في ذلك كثير من المؤمنين عن التصوف ، وأثبت
“ 524 “
أكثرهم إمكان وقوع الكرامات على يد الأولياء . ( انظر : رسالة القشيري ، ص 158 - 160 ؛ اللمع للسراج ، ص 390 - 405 ) .
يقول ابن الفارض في تائيته الكبرى :وعارفنا في وقتنا الأحمدي من * أولي العزم منهم آخذ بالعزيمة
بعترته استغنت عن الرسل الورى * وأصحابه والتابعين الأئمة
كراماتهم من بعض ما خصّهم به * بما خصهم من إرث كل فضيلة. . . . .
وللأولياء المؤمنين به ولم * يروه اجتنا قرب لقرب الأخوة
وقربهم معنى له كاشتياقه * لهم صورة فاعجب لحضرة غيبةتعاند مطلوباً ، والمطلوب هو الشيخ الذي خلص من الحرص على الدنيا فأصبح مطلوباً لربه .
( 1606 ) إنك لم تتخلص بعد من نفسك الحسية ، فلست أهلًا أن تضع نفسك في موضع رجال اللَّه ، الذين طهّروا قلوبهم من طغيان الشهوات ، فأصبحوا قادرين على مواجهتها بغير خوف منها . فالنار المذكورة في البيت رمز للشهوات . وهذه لا يستطيع مواجهتها إلا من تخلّص من نفسه الحسية ، وجعل الروح متحكمة في كيانه .
( 1642 ) قال الغزالي في كتاب “ الأربعون في أصول الدين “ ( ص 63 ) :
“ اعلم أن طيّب المطعم له خاصية عظمية في تصفية القلب وتنويره ، وتأكيد استعداده لقبول أنوار المعرفة “ .
( 1644 ) ذكر الغزالي حديثاً منسوباً للرسول عليه السلام جاء فيه : “ من أكل الحلال أربعين يوماً نوّر اللَّه قلبه ، وأجرى ينابيع الحكمة من قلبه ولسانه “ . ( المصدر السابق ، ص 62 ) .
[ شرح من بيت 1650 إلى 1700 ]
( 1661 - 1668 ) يبيّن الشاعر هنا رأيه في الأفعال المولدة وهو موضوع سبق أن أثاره . وقد علّقنا عليه من قبل ، ( 840 - 840 - 840 - 851 ) . والشاعر هنا يزيد رأيه ، إيضاحاً فيترك الرمز ويذكر بصريح
“ 525 “
( 1497 - 1499 ) من الأعمال ما لا يكون من فعل الإنسان كالارتعاش مثلًا ، ومنها ما يكون من فعله - عن طريق الكسب - وهي الأعمال التي يُحاسب عليها الإنسان . ومن هنا قال الشاعر ( بيت 1499 ) :
“ إنك لتندم على فعل أتيته بإرادتك ، ولكن كيف يكون الإنسان نادماً على فعل لا إرادة له فيه ؟ “ وشبيه بهذا ما قاله الكلاباذي :
“ ومُجْمَعُ على أنّ حركة المرتعش خلق اللَّه ، فكذلك حركة غيره ، غير أنّ اللَّه تعالى خلق لهذا حركة واختياراً ، وخلق لآخر حركة ولم يخلق له اختياراً “ . ( التعرفّ لمذهب أهل التصوف ، ص 46 ) .[ شرح من بيت 1500 إلى 1650 ]
( 1501 ) إنّ البحث العقليّ - في أرفع مستوياته - لا يمكنه الوصول إلى مستوى البحث الروحيّ .
( 1517 - 1518 ) يبين عمر لرسول الروم سرّ احتباس الأرواح في الأجساد . ويضرب لذلك مثلًا تلك المعاني العميقة التي كان رسول الروم يسأل عنها . فهي معان مطلقة تتعلق بالروح وطبيعتها ومع ذلك فقد عبر عنها بكلمات محدودة مسموعة . فهو بهذا قد جعل المعنى المطلق أسيراً لكلمات محدّدة . وهو قد فعل ذلك لفائدة منشودة . فلا عجب أنْ تكون هناك فائدة من وراء حبس الأرواح في الأجساد ، وخاصّة لأنّ هذا قد حدث بأمر اللَّه .
( 1521 ) هناك آلاف الفوائد ، ولكن لا يمكن أنْ تُقاس أية منها بالفائدة التي نجمت عن اجتماع الروح والجسد .
( 1535 ) الوجود الحيّ في هذا البيت هو الإنسان الكامل أو الصوفيّ الكامل .
( 1536 ) الميت هنا هو الإنسان الماديّ الغارق في ماديّته ، الذي
“ 521 “
ليس له نصيب من حياة الروح .
( 1539 ) إذا قرأت القرآن بدون أن تمتزج روحك بمعانيه فأنت كمن شاهد الأنبياء ولكنّه اكتفى بالمشاهدة ، فلم يهتد بهديهم ، ولم يعمل على سلوك سبيلهم الذي دعوا إليه .
( 1540 ) إذا قرأت القرآن متقبلًا معانيه ، محيطاً بمفهوماته متذوّقاً لها ، فإنّ الروح حينذاك تشعر بضيقها في حبس الجسد ، ويشوقها الانطلاق من هذا الجسد .
( 1543 ) قول الشاعر : “ فمن الخارج يأتيك صوتهم “ يعني أنّ صوت الأنبياء يناجي الناس من عالم الروح ، مبيناً لهم طريق النجاة .
( 1544 ) إن الدين كان وسيلتنا للخلاص من أسر المادة . ولا سبيل سواه يؤدي إلى هذا الخلاص .
( 1545 - 1546 ) يمهد الشاعر بهذين البيتين للقصة التالية ، “ قصة التاجر والببغاء “ ، وتدور حول الشهرة ، وما توقعه بالخلق من مضار .
( 1565 - 1566 ) كل ما يفعله الحبيب يتقبله المحب ، ويكون به سعيداً راضياً . والمحب يسعد في عذابه وآلامه ، ما دامت هذه إرادة الحبيب .
( 1567 ) إذا كانت هذه حلاوة جفائك ، فكيف يكون جمال وصالك ؟ وإذا كانت الآلام التي تعترينا من أجلك حبيبة إلى نفوسنا ، فكيف تكون السعادة التي يبعثها فينا قبولك ورضاك ؟
( 1572 ) هذا البلبل الذي هو رمز للمحب العاشق يأكل الشوك مع الورد ، أي أنّه يجد الآلام في الحب لذيذة سائغة ويتقلبها بذات الرضى الذي يستشعره حين ينعم بسعادة الحب .
( 1573 ) إنّه عملاق ناريّ يلتهم كل ما يعترض سبيله ، ويقف حائلًا بينه وبين المحبوب . وقد أصبح كل ألم يلاقيه في سبيل ذلك حلو المذاق سائغاً ، لأن العشق جرده من الذاتية ، فلم يعد له من هدف
“ 522 “
سوى المحبوب ، وهان في سبيله كل ألم .
( 1574 ) إنّ العشق قد بلغ به حالة الفناء في المعشوق ، فأصبح بذلك عاشقاً لذاته . يقول العزالي في وصف تلك الحال : “ العارفون - بعد العروج إلى سماء الحقيقة - اتفقوا على أنهم لم يروا في الوجود إلا الواحد الحقّ . ولكن منهم من كان له هذه الحال عرفاناً علمياً ، ومنهم من صار له ذلك حالًا ذوقياً . وانتفت عنهم الكثرة بالكلية ، واستغرقوا بالفردانية المحضة ، واستوفيت فيها عقولهم ، فصاروا كالمبهوتين فيه ، ولم يبق فيهم متسع لا لذكر غير اللَّه ولا لذكر أنفسهم أيضاً . فلم يكن عندهم إلا اللَّه ، فسكروا سكراً دفع دونه سلطان عقولهم ، فقال أحدهم : “ أنا الحق “ ، وقال آخر : “ سبحاني ، ما أعظم شاني ! “ وقال آخر : “ ما في الجبة إلا اللَّه “ . وكلام العشاق في حال السكر يطوى ولا يُحكى . فلما خفّ عنهم سكرهم ، ورُدّوا إلى سلطان يالعقل الذي هو ميزان اللَّه في أرضه ، عرفوا أنّ ذلك لم يكن حقيقة الاتحاد ، بل شبه الاتحاد . . “ ( مشكاة الأنوار ، ص 57 ، الدار القومية للطباعة والنشر ، القاهرة ، 1964 ) .
( 1575 ) ببغاء الروح هنا رمز للعقل الإلهيّ الذي جعل الشاعر منه عنواناً للأبيات .
( 1575 - 1585 ) صنف الغزالي الأرواح البشرية النورانية إلى أنواع خمسة لكل منها مرتبتها . وخامس هذه الأنواع وأسماها هو “ الروح القدسيّ النبوي ، الذي يُختص به الأنبياء وبعض الأولياء ، وفيه تتجلى لوائح الغيب وأحكام الآخرة ، وجملة من معارف ملكوت السماوات والأرض ، بل من المعارف الربانية التي يقصر دونها الروح العقليّ والكفريّ “ . ( مشكاة الأنوار ، ص 77 ) .
( 1579 ) من المعروف أنّ كثيراً من الصوفية قد رُموا بالكفر ، وحوكموا ، ومنهم من قُتل . وهؤلاء الذين اتهموا بالكفر هم عند
“ 523 “
الصوفية أمثلة عالية للإيمان . والشاعر يقول هنا إنّ كفر هؤلاء أصدق وأحقّ من كل إيمان يعتنقه خصومهم . وقد تناول السراج في كتابه المع ( ص 497 ) مسألة اتهام مشايخ الصوفية بالكفر ، وقال إنّ القائلين بذلك نوعان من الناس ، “ منهم قوم لم يفهموا معاني ما أشاروا إليه في كلامهم من غامض العلم وجليل الخطب ، ولم يكن لهم زاجر من العقل ، ولا وازع من الدين أن يستبحثوا عن المعاني التي أُشكلت عليهم ويسألوا ذلك من أهلها ، وقاسوا ما يسمعون من ذلك بما علموا من العلوم المبثوثة بين عوام الناس حتى هلكوا . . . ومنهم من علم مقاصدهم ومعانيهم فيما قالوا ، أو قد صحبهم برهة من الدهر فلم يصبر على حالهم ، ودعاه شيطانه وهواه إلى طلب الرياسة ، وجمع الدنيا ، وأكل أموال الناس بالباطل ، فجعل المعاداة والمنافاة معهم ، والطعن والوقيعة فهيم ، والسفاهة والإنكار عليهم ، سلماً إلى جميع الدنيا وسبباً إلى قبول قلوب الجهلة من العامة له “ .
( 1594 - 1595 ) لا تُلق الكلام بدون تقدير لأثره وعواقبه ، فأنت لا تدري ما حولك ، وقد تُلقى كلمة واحدة جزافاً فتحدث من الأضرار والفتن ما لم يكن قائلها يدرك مداه .
( 1597 ) من الكلمات ما يكون سبباً للكثير من الأضرار ، ومنها ما يكون بالغ النفع والجدوى .
( 1598 - 1599 ) الأرواح في الأصل خيّرة كلّها ، وهي كنفس عيسى تهب الحياة ، ولكنّها - حين تجسَّدت وعلقت بالمادة - أصبحت متأرجحة بين الخير والشر . وهي إذا خلصت من أثر المادة وتحرّرت منها ، عادت لها طبيعتها الأصيلة وأصبحت خيّرة ، ولم ينبثق منها سوى الصلاح .
( 1603 - 1610 ) في هذه الأبيات يتحدث الشاعر عن كرامات الأولياء . وقد كتب في ذلك كثير من المؤمنين عن التصوف ، وأثبت
“ 524 “
أكثرهم إمكان وقوع الكرامات على يد الأولياء . ( انظر : رسالة القشيري ، ص 158 - 160 ؛ اللمع للسراج ، ص 390 - 405 ) .
يقول ابن الفارض في تائيته الكبرى :وعارفنا في وقتنا الأحمدي من * أولي العزم منهم آخذ بالعزيمة
بعترته استغنت عن الرسل الورى * وأصحابه والتابعين الأئمة
كراماتهم من بعض ما خصّهم به * بما خصهم من إرث كل فضيلة. . . . .
وللأولياء المؤمنين به ولم * يروه اجتنا قرب لقرب الأخوة
وقربهم معنى له كاشتياقه * لهم صورة فاعجب لحضرة غيبةتعاند مطلوباً ، والمطلوب هو الشيخ الذي خلص من الحرص على الدنيا فأصبح مطلوباً لربه .
( 1606 ) إنك لم تتخلص بعد من نفسك الحسية ، فلست أهلًا أن تضع نفسك في موضع رجال اللَّه ، الذين طهّروا قلوبهم من طغيان الشهوات ، فأصبحوا قادرين على مواجهتها بغير خوف منها . فالنار المذكورة في البيت رمز للشهوات . وهذه لا يستطيع مواجهتها إلا من تخلّص من نفسه الحسية ، وجعل الروح متحكمة في كيانه .
( 1642 ) قال الغزالي في كتاب “ الأربعون في أصول الدين “ ( ص 63 ) :
“ اعلم أن طيّب المطعم له خاصية عظمية في تصفية القلب وتنويره ، وتأكيد استعداده لقبول أنوار المعرفة “ .
( 1644 ) ذكر الغزالي حديثاً منسوباً للرسول عليه السلام جاء فيه : “ من أكل الحلال أربعين يوماً نوّر اللَّه قلبه ، وأجرى ينابيع الحكمة من قلبه ولسانه “ . ( المصدر السابق ، ص 62 ) .
[ شرح من بيت 1650 إلى 1700 ]
( 1661 - 1668 ) يبيّن الشاعر هنا رأيه في الأفعال المولدة وهو موضوع سبق أن أثاره . وقد علّقنا عليه من قبل ، ( 840 - 840 - 840 - 851 ) . والشاعر هنا يزيد رأيه ، إيضاحاً فيترك الرمز ويذكر بصريح
“ 525 “
25/11/2024, 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
25/11/2024, 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
25/11/2024, 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
25/11/2024, 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
25/11/2024, 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
25/11/2024, 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin