كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح
15 - فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
المرتبة 15 لفص حكمة نبوية في كلمة عيسوية من الاسم المصور والسماء الثالثة ومنزلة الغفر وحرف الراء
ذكرنا علاقة المحصي بالكتابة . والكتابة تصوير للحروف : الحروف الرقمية في قرطاس ، والحروف اللفظية في الهواء ، والحروف الخيالية في الخيال والحروف الكونية في كتاب الوجود الكبير .
فظهور المحصي يستلزم ظهور الاسم المصور فله المرتبة 15 وبتوجهه وجدت حضرة التصوير في الدنيا وهي السماء الثالثة وكوكبها الأزهر : الزهرة وقطبها المخلوق في أجمل صورة يوسف عليه السلام ولها ليلة الثلاثاء ونهار الجمعة أحسن الأيام الذي خلق اللّه فيه الإنسان في أحسن تقويم .
لهذا افتتح هذا الفص بتصوير عيسى في بطن أمه وكل الباب يدور حول مفهوم ومعاني
الصورة فتكررت فيه كلمة : صورة أكثر من ثلاثين مرة .
يقول الشيخ عن هذا التوجه للاسم المصور : " وكان ظهور ذلك في منزلة الغفر وأوحي فيها إظهار صور الأرواح والأجسام والعلوم في العالم العنصري .
وعنها ظهر حرف الراء " . . . والراء من أنسب الحروف للمصور لأنه حرف الرؤية التي بها يتم شهود الصور وهو الحرف المكرر والصور تتكرر في كل آن مختلفة على نفس العين .
وفي القرآن كثيرا ما يقترن التصوير بالحسن كقوله تعالى :" وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ" ( غافر ، 64 ) ، . . .
ولاقتران البصر برؤية الصور في هذه السماء اليوسفية نجد الشيخ في كتاب العبادلة يخصص بابا عنوانه : " عبد اللّه بن يوسف بن عبد البصير " . .
وأقرب الأنبياء نسبة إلى حضرة التصوير الزهرائية هو عيسى عليه السلام لأنه خلق من تصور جبريل إلى مريم ونفخه فيها فكان يصور من الطين كهيئة الطير وينفخ فيه فيكون طائرا بإذن اللّه تعالى ، ولهذا سرى سلطان اسمه تعالى المصور في المسيحيين فصوروا في كنائسهم التصاوير وظهرت في صناعاتهم عجائب التصوير كما ذكره الشيخ في الباب 36 من الفتوحات .
وفي كتاب العبادلة نجد العنوان : " عبد اللّه بن عبد اللّه بن عبد المصور " يعني بعبد اللّه عيسى الذي قال :"إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا"( مريم ، 30 ) لهذا كانت حكمة فصه نبوية فبدأت نبوته بولادته.
وكلمة " نبوية " مشتقة من نبأ ينبو أي ارتفع وعلا لأنه رفع إلى السماء وخص بولادة من نفخ جبريل وخص بختام دورة الملك السابقة والممهدة للدورة المحمدية كما خص بختمه الولاية العامة عند نزوله آخر الزمان كمقرر للشرع المحمدي .
فيكون كما قال عنه الشيخ في الباب " 480 فتوحلت " " من الفائزين برؤية الحق تعالى في الصورة المحمدية بالرؤية المحمدية " ، وهي أشرف رؤية وأكملها . . .
ولهذا جمعت مرتبة هذا الباب الكلمتين العيسوية والمحمدية حسبما أشار اليه في أواخر الفص عند قوله : " ثم قال كلمة عيسوية محمدية . . . " لا سيما وأن لهذه السماء اليوسفية الزهرائية يوم الجمعة المخصوص بالأمة المحمدية . . .
وهي أيضا سماء الجمال والزينة والنكاح فذكر في هذا الفص أصناف النكاح الروحاني والبشري والطبيعي والعنصري . . .
وفي أواخره كرر كلمات ستر وحجب وغفر وغيب ومشتقاتها وهذا مناسب لاسم المنزلة الفلكية لهذا الباب أي منزلة الغفر في برج الميزان ، وهو البرج المناسب لليل الغيب في مقابلة برج الحمل المناسب لنهار الظهور الربيعي . . .
وقد بين الشيخ في الباب " 12 ف " أن بعثة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كانت عند مطلع حكم الميزان ، كما حقق بعض الفلكيين أن مولده صلى اللّه عليه وسلم كان عند طلوع الغفر من برج الميزان ودخول الشمس درجة شرفها من برج الحمل . . .
فمنزلة الغفر جامعة للكلمتين المحمدية والعيسوية . . .
وفي الفص مقارنة بديعة بين كيفية خلق عيسى بالنفخ الجبريلي في مريم وخلق العالم الطبيعي بنفخ الروح الكلي في الصور الطبيعية وأول مولود كان الشكل الكلي في صورة الجسم الكلي المحيط . . .
ومن هذه العلاقة تكلم في هذا الفص عن الطبيعة المناسبة لمريم ، كما تكررت فيه كلمة حكمة ومشتقاتها لأن الاسم المتوجه على إيجاد الشكل الكلي هو الحكيم ، وفصه فص إسحاق عليه السلام
. . . فالبداية بالحكمة والنهاية بالصورة فكان إسحاق والد إسرائيل ومدده من الاسم الحكيم ، وكان عيسى خاتم رسل بني إسرائيل ومدده من الاسم المصور مبشرا بإتيان كمال الصورة الأحمدية . . .
ومن هذه العلاقة بين حكمة إسحاق وصورة عيسى نجد الشيخ يكثر من الشعر في فصيهما . ففيهما من الأبيات أكثر من جميع الأبواب الأخرى : ففي فص إسحاق :
27 بيتا وفي فص عيسى 25 بيتا ،
وسبب هذا أن الشعراء يستمدون من هذه السماء الثالثة حسب ما ذكره الشيخ في عدة مواضع لأنها سماء الخيال والحسن وجمال التصوير كما سبق ذكره .
والشعر كلام مقيد بشكل الوزن والقافية ، فهو تحت حكم الاسمين : الحكيم و المصور
وهذه السماء الثالثة هي سماء الخيال والمرائي في النوم وإليها أشار في قوله :
والعلم بالبرهان في ..... سلخ النهار لمن نعس
فيرى الذي قد قلته ..... رؤيا تدل على النفس
وفي الفصوص 19 بابا تحتوي على أبيات شعر مجموعها 132 .
والعدد 132 هو عدد اسم ( محمد ) - باعتبار تضعيف الميم - أو عدد ( اللّه اللّه ) أو عدد ( إسلام ) أو عدد ( قلب ) .
وإذا كان لهذه السماء بنفسها العيسوي وروحها اليوسفي إمداد الشعراء فللسماء التي تحتها أسماء الكاتب بنفسها السليماني وروحها العيسوي إمداد الكتاب والخطباء .
وكتمهيد للدخول لفصها تكلم الشيخ في آخر هذا الباب عن النطق والإجابة واللسان والسمع . . .
وحضرة النطق من أنسب الحضرات لسليمان الذي قال :"عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ"( النمل ، 16 ) .
15 - سورة فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
صرح الشيخ في كتابه " التنزلات الموصلية " أن صلاة العصر هي الصلاة الوسطى البرزخية المخصوصة بالكمال لاعتدال ظهور الشمس في وقتها .
وذكر أنها تناسب عيسى عليه السلام في سمائه الثانية سماء الاعتدال والوسطية لأنها سماء المزج تجتمع فيها كل الطبائع كامتزاج عيسى من الروحانية الجبريلية والبشرية المريمية . ولكوكبها الكاتب نهار الأربعاء أوسط الأيام إذ قبله ثلاثة الأحد أولها وبعده ثلاثة السبت آخرها . . .
كذلك في الباب " 281 " من الفتوحات المخصوص بسورة " العصر " يصرح الشيخ بأن صلاة العصر هي الصلاة الوسطى وهي أنسب الصلوات للإنسان الكامل المعصور من تقابل ذات عبد مطلق مع ذات حق مطلق فقال :
صلاة العصر ليس لها نظير ...... لنظم الشمل فيها بالحبيب
هي الوسطى لأمر فيه دور ...... محصلة على أمر عجيب
وفي الباب " 22 " من الفتوحات أشار لسورة العصر بمنزل الصلاة الوسطى . ومن الاتفاق أن عدد كلمة " عصر " هو .
360 المشير لكمال درجات الدور المذكور في البيت السابق وهو عدد كلمة : ( لعمرك ) من الآية 72 من سورة الحجر .
والعدد الصغير لكل منهما هو 18 أي عدد اسمه تعالى : ( حي ) . فعمر النبي صلى اللّه عليه وسلم هو العصر الحي المقسم به .
وبدأ الباب بذكر عيسى عليه السلام وقارن قوله بقول سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم في شأن الصدقة ، إشارة إلى أن مرتبة العصر الوسطى الكمالية مشتركة بينهما وهو عين ما ذكره في أواخر هذا الفص بدءا من قوله : " كلمة عيسوية محمدية " . . .
فسورة هذا الفص هي سورة " العصر " . والاسم الحاكم عليه " المصور " وفي ذلك الباب " 281 " ذكر الشيخ إسرافيل عليه السلام لعلاقته مع عيسى عليه السلام إذ كلاهما يحيي الصور بالنفخ بإذن اللّه تعالى ولهذا يقول الشيخ في الباب " 73 " أن كل ولي على قدم عيسى فهو على قالب إسرافيل . . .
وجل هذا الفص مداره حول سر النفخ وحياته بروح اللّه تعالى .
وقول الشيخ : " فتارة يكون الحق فيه متوهما - اسم مفعول - وتارة يكون الملك فيه متوهما . . . . . فبعض العارفين يذهب إلى الطرف الواحد ، وبعضهم إلى الطرف الآخر ، وبعضهم يحار في الأمر ولا يدري . . . " هذا مناسب للاختلاف والحيرة الواقعة بين الفقهاء في مسألة تحديد بداية ونهاية صلاة العصر وقد فصلها تفصيلا واسعا في الوصل الخاص بوقت صلاة العصر من باب الصلاة أي الباب " 69 " من الفتوحات .
وفي آخره تكلم عن نور الهداية الإلهية والنور المطلق وهو نظير كلامه في هذا الفص على الحياة الإلهية العلمية النورية التي قال اللّه فيها
"أوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ" ( الأنعام ، 122 ) والحيرة في وقت صلاة العصر هي نفس الحيرة الواقعة في تحديد مفهوم معنى " العصر " أي الوقت أو زمان الآن الحاضر فهو كالنقطة المتوهمة بين ماض انعدم ومستقبل معدوم فمثله مثل الإنية الشخصية الوهمية الظاهرة بين اسمه تعالى " الأول " واسمه " الآخر " ولهذا عبر الشيخ في كتابه " مشاهد الأسرار " عن العبد بأنه العدم الظاهر .
ثم إن الحيرة متعلقة بالتنزيه وهو ما شرحه الشيخ في باب منزل سورة " العصر " - الباب 281 " - حيث يقول عن صلاة العصر : " فقربت من التنزيه عن تقييد الحدود فعظم قدرها النبي صلى اللّه عليه وسلم للمناسبة في نفي تحقيق الحدود . . . "
ومن هذا الأصل حارت النصاري في طبيعة عيسى بن مريم عليهما السلام فاختلطت بين طوائفهم الحدود بين اللاهوت والناسوت ولهذا ختم الشيخ هذا الفص بكلام بديع حول حوار عيسى والحق تعالى يوم القيامة في شأنهم . . . .
علاقة هذا الفص بلاحقه
تكلم الشيخ في هذا الفص عن كلمة " كن " المتحقق بها عيسى عليه السلام ، وهي كالبسملة للعارف إذا أراد التكوين .
فافتتح فص سليمان الموالي بالكلام عن البسملة ، ونسب حكمته للاسم " الرحمن " وفي هذا الفص توسع الشيخ في الكلام عن النفس لأن نفس عيسى من نفس الرحمن الحاكم على فص سليمان .
وفي أواخر هذا الفص تكررت كلمة " شهيد ومشهود " كتمهيد للدخول إلى سورة فص سليمان ، أي الهمزة التي في وسطها كلمة الاطلاع على الأفئدة - والهمزة تتلو العصر كتتالي فصيهما . وختم الفص بالكلام عن النطق الذي به افتتحت سورة الهمزة :" وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ " ومن النطق الهمز واللمز .
وقال سليمان : " علمنا منطق الطير " - الآية 16 من النمل .
.
15 - فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
المرتبة 15 لفص حكمة نبوية في كلمة عيسوية من الاسم المصور والسماء الثالثة ومنزلة الغفر وحرف الراء
ذكرنا علاقة المحصي بالكتابة . والكتابة تصوير للحروف : الحروف الرقمية في قرطاس ، والحروف اللفظية في الهواء ، والحروف الخيالية في الخيال والحروف الكونية في كتاب الوجود الكبير .
فظهور المحصي يستلزم ظهور الاسم المصور فله المرتبة 15 وبتوجهه وجدت حضرة التصوير في الدنيا وهي السماء الثالثة وكوكبها الأزهر : الزهرة وقطبها المخلوق في أجمل صورة يوسف عليه السلام ولها ليلة الثلاثاء ونهار الجمعة أحسن الأيام الذي خلق اللّه فيه الإنسان في أحسن تقويم .
لهذا افتتح هذا الفص بتصوير عيسى في بطن أمه وكل الباب يدور حول مفهوم ومعاني
الصورة فتكررت فيه كلمة : صورة أكثر من ثلاثين مرة .
يقول الشيخ عن هذا التوجه للاسم المصور : " وكان ظهور ذلك في منزلة الغفر وأوحي فيها إظهار صور الأرواح والأجسام والعلوم في العالم العنصري .
وعنها ظهر حرف الراء " . . . والراء من أنسب الحروف للمصور لأنه حرف الرؤية التي بها يتم شهود الصور وهو الحرف المكرر والصور تتكرر في كل آن مختلفة على نفس العين .
وفي القرآن كثيرا ما يقترن التصوير بالحسن كقوله تعالى :" وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ" ( غافر ، 64 ) ، . . .
ولاقتران البصر برؤية الصور في هذه السماء اليوسفية نجد الشيخ في كتاب العبادلة يخصص بابا عنوانه : " عبد اللّه بن يوسف بن عبد البصير " . .
وأقرب الأنبياء نسبة إلى حضرة التصوير الزهرائية هو عيسى عليه السلام لأنه خلق من تصور جبريل إلى مريم ونفخه فيها فكان يصور من الطين كهيئة الطير وينفخ فيه فيكون طائرا بإذن اللّه تعالى ، ولهذا سرى سلطان اسمه تعالى المصور في المسيحيين فصوروا في كنائسهم التصاوير وظهرت في صناعاتهم عجائب التصوير كما ذكره الشيخ في الباب 36 من الفتوحات .
وفي كتاب العبادلة نجد العنوان : " عبد اللّه بن عبد اللّه بن عبد المصور " يعني بعبد اللّه عيسى الذي قال :"إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا"( مريم ، 30 ) لهذا كانت حكمة فصه نبوية فبدأت نبوته بولادته.
وكلمة " نبوية " مشتقة من نبأ ينبو أي ارتفع وعلا لأنه رفع إلى السماء وخص بولادة من نفخ جبريل وخص بختام دورة الملك السابقة والممهدة للدورة المحمدية كما خص بختمه الولاية العامة عند نزوله آخر الزمان كمقرر للشرع المحمدي .
فيكون كما قال عنه الشيخ في الباب " 480 فتوحلت " " من الفائزين برؤية الحق تعالى في الصورة المحمدية بالرؤية المحمدية " ، وهي أشرف رؤية وأكملها . . .
ولهذا جمعت مرتبة هذا الباب الكلمتين العيسوية والمحمدية حسبما أشار اليه في أواخر الفص عند قوله : " ثم قال كلمة عيسوية محمدية . . . " لا سيما وأن لهذه السماء اليوسفية الزهرائية يوم الجمعة المخصوص بالأمة المحمدية . . .
وهي أيضا سماء الجمال والزينة والنكاح فذكر في هذا الفص أصناف النكاح الروحاني والبشري والطبيعي والعنصري . . .
وفي أواخره كرر كلمات ستر وحجب وغفر وغيب ومشتقاتها وهذا مناسب لاسم المنزلة الفلكية لهذا الباب أي منزلة الغفر في برج الميزان ، وهو البرج المناسب لليل الغيب في مقابلة برج الحمل المناسب لنهار الظهور الربيعي . . .
وقد بين الشيخ في الباب " 12 ف " أن بعثة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كانت عند مطلع حكم الميزان ، كما حقق بعض الفلكيين أن مولده صلى اللّه عليه وسلم كان عند طلوع الغفر من برج الميزان ودخول الشمس درجة شرفها من برج الحمل . . .
فمنزلة الغفر جامعة للكلمتين المحمدية والعيسوية . . .
وفي الفص مقارنة بديعة بين كيفية خلق عيسى بالنفخ الجبريلي في مريم وخلق العالم الطبيعي بنفخ الروح الكلي في الصور الطبيعية وأول مولود كان الشكل الكلي في صورة الجسم الكلي المحيط . . .
ومن هذه العلاقة تكلم في هذا الفص عن الطبيعة المناسبة لمريم ، كما تكررت فيه كلمة حكمة ومشتقاتها لأن الاسم المتوجه على إيجاد الشكل الكلي هو الحكيم ، وفصه فص إسحاق عليه السلام
. . . فالبداية بالحكمة والنهاية بالصورة فكان إسحاق والد إسرائيل ومدده من الاسم الحكيم ، وكان عيسى خاتم رسل بني إسرائيل ومدده من الاسم المصور مبشرا بإتيان كمال الصورة الأحمدية . . .
ومن هذه العلاقة بين حكمة إسحاق وصورة عيسى نجد الشيخ يكثر من الشعر في فصيهما . ففيهما من الأبيات أكثر من جميع الأبواب الأخرى : ففي فص إسحاق :
27 بيتا وفي فص عيسى 25 بيتا ،
وسبب هذا أن الشعراء يستمدون من هذه السماء الثالثة حسب ما ذكره الشيخ في عدة مواضع لأنها سماء الخيال والحسن وجمال التصوير كما سبق ذكره .
والشعر كلام مقيد بشكل الوزن والقافية ، فهو تحت حكم الاسمين : الحكيم و المصور
وهذه السماء الثالثة هي سماء الخيال والمرائي في النوم وإليها أشار في قوله :
والعلم بالبرهان في ..... سلخ النهار لمن نعس
فيرى الذي قد قلته ..... رؤيا تدل على النفس
وفي الفصوص 19 بابا تحتوي على أبيات شعر مجموعها 132 .
والعدد 132 هو عدد اسم ( محمد ) - باعتبار تضعيف الميم - أو عدد ( اللّه اللّه ) أو عدد ( إسلام ) أو عدد ( قلب ) .
وإذا كان لهذه السماء بنفسها العيسوي وروحها اليوسفي إمداد الشعراء فللسماء التي تحتها أسماء الكاتب بنفسها السليماني وروحها العيسوي إمداد الكتاب والخطباء .
وكتمهيد للدخول لفصها تكلم الشيخ في آخر هذا الباب عن النطق والإجابة واللسان والسمع . . .
وحضرة النطق من أنسب الحضرات لسليمان الذي قال :"عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ"( النمل ، 16 ) .
15 - سورة فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
صرح الشيخ في كتابه " التنزلات الموصلية " أن صلاة العصر هي الصلاة الوسطى البرزخية المخصوصة بالكمال لاعتدال ظهور الشمس في وقتها .
وذكر أنها تناسب عيسى عليه السلام في سمائه الثانية سماء الاعتدال والوسطية لأنها سماء المزج تجتمع فيها كل الطبائع كامتزاج عيسى من الروحانية الجبريلية والبشرية المريمية . ولكوكبها الكاتب نهار الأربعاء أوسط الأيام إذ قبله ثلاثة الأحد أولها وبعده ثلاثة السبت آخرها . . .
كذلك في الباب " 281 " من الفتوحات المخصوص بسورة " العصر " يصرح الشيخ بأن صلاة العصر هي الصلاة الوسطى وهي أنسب الصلوات للإنسان الكامل المعصور من تقابل ذات عبد مطلق مع ذات حق مطلق فقال :
صلاة العصر ليس لها نظير ...... لنظم الشمل فيها بالحبيب
هي الوسطى لأمر فيه دور ...... محصلة على أمر عجيب
وفي الباب " 22 " من الفتوحات أشار لسورة العصر بمنزل الصلاة الوسطى . ومن الاتفاق أن عدد كلمة " عصر " هو .
360 المشير لكمال درجات الدور المذكور في البيت السابق وهو عدد كلمة : ( لعمرك ) من الآية 72 من سورة الحجر .
والعدد الصغير لكل منهما هو 18 أي عدد اسمه تعالى : ( حي ) . فعمر النبي صلى اللّه عليه وسلم هو العصر الحي المقسم به .
وبدأ الباب بذكر عيسى عليه السلام وقارن قوله بقول سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم في شأن الصدقة ، إشارة إلى أن مرتبة العصر الوسطى الكمالية مشتركة بينهما وهو عين ما ذكره في أواخر هذا الفص بدءا من قوله : " كلمة عيسوية محمدية " . . .
فسورة هذا الفص هي سورة " العصر " . والاسم الحاكم عليه " المصور " وفي ذلك الباب " 281 " ذكر الشيخ إسرافيل عليه السلام لعلاقته مع عيسى عليه السلام إذ كلاهما يحيي الصور بالنفخ بإذن اللّه تعالى ولهذا يقول الشيخ في الباب " 73 " أن كل ولي على قدم عيسى فهو على قالب إسرافيل . . .
وجل هذا الفص مداره حول سر النفخ وحياته بروح اللّه تعالى .
وقول الشيخ : " فتارة يكون الحق فيه متوهما - اسم مفعول - وتارة يكون الملك فيه متوهما . . . . . فبعض العارفين يذهب إلى الطرف الواحد ، وبعضهم إلى الطرف الآخر ، وبعضهم يحار في الأمر ولا يدري . . . " هذا مناسب للاختلاف والحيرة الواقعة بين الفقهاء في مسألة تحديد بداية ونهاية صلاة العصر وقد فصلها تفصيلا واسعا في الوصل الخاص بوقت صلاة العصر من باب الصلاة أي الباب " 69 " من الفتوحات .
وفي آخره تكلم عن نور الهداية الإلهية والنور المطلق وهو نظير كلامه في هذا الفص على الحياة الإلهية العلمية النورية التي قال اللّه فيها
"أوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ" ( الأنعام ، 122 ) والحيرة في وقت صلاة العصر هي نفس الحيرة الواقعة في تحديد مفهوم معنى " العصر " أي الوقت أو زمان الآن الحاضر فهو كالنقطة المتوهمة بين ماض انعدم ومستقبل معدوم فمثله مثل الإنية الشخصية الوهمية الظاهرة بين اسمه تعالى " الأول " واسمه " الآخر " ولهذا عبر الشيخ في كتابه " مشاهد الأسرار " عن العبد بأنه العدم الظاهر .
ثم إن الحيرة متعلقة بالتنزيه وهو ما شرحه الشيخ في باب منزل سورة " العصر " - الباب 281 " - حيث يقول عن صلاة العصر : " فقربت من التنزيه عن تقييد الحدود فعظم قدرها النبي صلى اللّه عليه وسلم للمناسبة في نفي تحقيق الحدود . . . "
ومن هذا الأصل حارت النصاري في طبيعة عيسى بن مريم عليهما السلام فاختلطت بين طوائفهم الحدود بين اللاهوت والناسوت ولهذا ختم الشيخ هذا الفص بكلام بديع حول حوار عيسى والحق تعالى يوم القيامة في شأنهم . . . .
علاقة هذا الفص بلاحقه
تكلم الشيخ في هذا الفص عن كلمة " كن " المتحقق بها عيسى عليه السلام ، وهي كالبسملة للعارف إذا أراد التكوين .
فافتتح فص سليمان الموالي بالكلام عن البسملة ، ونسب حكمته للاسم " الرحمن " وفي هذا الفص توسع الشيخ في الكلام عن النفس لأن نفس عيسى من نفس الرحمن الحاكم على فص سليمان .
وفي أواخر هذا الفص تكررت كلمة " شهيد ومشهود " كتمهيد للدخول إلى سورة فص سليمان ، أي الهمزة التي في وسطها كلمة الاطلاع على الأفئدة - والهمزة تتلو العصر كتتالي فصيهما . وختم الفص بالكلام عن النطق الذي به افتتحت سورة الهمزة :" وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ " ومن النطق الهمز واللمز .
وقال سليمان : " علمنا منطق الطير " - الآية 16 من النمل .
.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin