..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: المرتبة العاشرة من رسالة مراتب الكمال: "الوارث المحمدي" ـ الشيخ عباس السيد فاضل الحسني Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: المرتبة العاشرة من رسالة مراتب الكمال: "الوارث المحمدي" ـ الشيخ عباس السيد فاضل الحسني Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: المرتبة العاشرة من رسالة مراتب الكمال: "الوارث المحمدي" ـ الشيخ عباس السيد فاضل الحسني Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: المرتبة العاشرة من رسالة مراتب الكمال: "الوارث المحمدي" ـ الشيخ عباس السيد فاضل الحسني Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: المرتبة العاشرة من رسالة مراتب الكمال: "الوارث المحمدي" ـ الشيخ عباس السيد فاضل الحسني Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: المرتبة العاشرة من رسالة مراتب الكمال: "الوارث المحمدي" ـ الشيخ عباس السيد فاضل الحسني Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: المرتبة العاشرة من رسالة مراتب الكمال: "الوارث المحمدي" ـ الشيخ عباس السيد فاضل الحسني Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: المرتبة العاشرة من رسالة مراتب الكمال: "الوارث المحمدي" ـ الشيخ عباس السيد فاضل الحسني Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: المرتبة العاشرة من رسالة مراتب الكمال: "الوارث المحمدي" ـ الشيخ عباس السيد فاضل الحسني Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
كتاب: المرتبة العاشرة من رسالة مراتب الكمال: "الوارث المحمدي" ـ الشيخ عباس السيد فاضل الحسني Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
كتاب: المرتبة العاشرة من رسالة مراتب الكمال: "الوارث المحمدي" ـ الشيخ عباس السيد فاضل الحسني Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
كتاب: المرتبة العاشرة من رسالة مراتب الكمال: "الوارث المحمدي" ـ الشيخ عباس السيد فاضل الحسني Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
كتاب: المرتبة العاشرة من رسالة مراتب الكمال: "الوارث المحمدي" ـ الشيخ عباس السيد فاضل الحسني Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
كتاب: المرتبة العاشرة من رسالة مراتب الكمال: "الوارث المحمدي" ـ الشيخ عباس السيد فاضل الحسني Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
كتاب: المرتبة العاشرة من رسالة مراتب الكمال: "الوارث المحمدي" ـ الشيخ عباس السيد فاضل الحسني Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: المرتبة العاشرة من رسالة مراتب الكمال: "الوارث المحمدي" ـ الشيخ عباس السيد فاضل الحسني

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: المرتبة العاشرة من رسالة مراتب الكمال: "الوارث المحمدي" ـ الشيخ عباس السيد فاضل الحسني Empty كتاب: المرتبة العاشرة من رسالة مراتب الكمال: "الوارث المحمدي" ـ الشيخ عباس السيد فاضل الحسني

    مُساهمة من طرف Admin 18/10/2020, 16:49

    المرتبة العاشرة من رسالة مراتب الكمال: "الوارث المحمدي"

    المرتبة العاشرة من رسالة مراتب الكمال: "الوارث المحمدي"؛ :-
    ـ أما الوارث المحمدي، فقال الله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}. {ثُمَّ} أي: بعدما اصطفيناك يا أكمل الرسل بالرسالة العامة، وأيدنا أمرك بإنزال القرآن المجيد المعجز، الموجز؛ المشتمل بجميع فوائد الكتب السماوية مع زيادات خلت عنها كل الكتب النازلة من الله تعالى. {أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ} المنزل إليك، وأبقينا بعدك بين القوم {الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} أي: علماء الأمة من الصحابة، ومن بعدهم من العلماء العاملين الأتقياء العارفين، أو الأمة بأسرهم أجمعين؛ فإن الله تعالى اصطفاهم على سائر الأمم {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} أي: بالتقصير بالعلم به، أو مقصر في الأعمال لم يُوفِّها حقها مع كثرة الحسنات، لانشغاله ببعض المجاهدات الشاقة عن المقربات والمحبوبات، وهو "المؤمن المشمول بمغفرة الربّ ـ جلَّ وعلا"، ولا يظن أن الظالم لنفسه محروم منها، فمناط الاصطفاء والإيمان والإسلام وهو الانقياد في القول والاستسلام؛ وقدَّم في التفصيل ذكر الظالم لنفسه لدفع توهم حرمانه من الجنّة، وتعجيلاً لمسرَّته، لأنه من أهل العبادة والاصطفاء. {وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} وهو الذي يعطيها حقها في أغلب الأوقات، فيقتصد في الأعمال والأفعال والأقوال وجميع الأحوال، وهو"الولي الصالح". {وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} أي: مواظب على الطاعات، مشمر دائماً للأعمال الصالحات، وفواضل الصدقات، والإنفاق على طلب المرضاة، للفقراء والمهاجرين في سبيل الله، المنصرفين عن الدنيا وما فيها، وقد زادوا بالأعمال الصالحات بضم التعليم والإرشاد، وهم "الربّانيّون" ـ أهل المعرفة والمحبة والقربة، كما قال ـ جل ثناؤه: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ}. {بِإِذْنِ اللَّهِ} وعلى مقتضى ما ثبت في كتابه ـ جلَّ وعلا ـ ونطق به لسان رسوله ـ صلى الله عليه وسلم؛ وهم الأخيار المحسنون من العارفين الوارثين، كما قال الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}، وقال ـ جلَّ مجده: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ . أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ}، وقال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وسلم: «سابقنا سابق، ومقتصدنا ناجٍ، وظالمنا مغفور له» رواه البغوي، وقال ـ عليه الصّلاة والسّلام: «السابق والمقتصد يدخلان الجنة بغير حساب، والظالم لنفسه يحاسب حساباً يسيراً، ثم يدخل الجنَّة» رواه الحاكم، قال البغوي: وروي عن أسامة بن زيد في هذه الآية، قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: «كلهم من هذه الأمة» وكذا أخرج البيهقي عن أسامة، وأخرج مثل ذلك عن كعب وعطاء؛ أن الأصناف الثلاثة في الجنة، وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن ابن عباس في الآية، قال: ((هم أمة محمّد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورثهم الله كل كتاب أنزله، وظالمهم مغفور له، ومقتصدهم يحاسب حساباً يسيرا، وسابقهم يدخل الجنَّة بغير حساب))، وأخرج الفريابي عن البراء بن عازب في قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} الآية، قال: أشهد على الله أنه يدخلهم الجنَّة جميعاً، وقال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وسلم: «يبعث الله العباد يوم القيامة، ثم يميّز العلماء، فيقول: يا معشر العلماء، إني لم أضع علمي فيكم إلا لعلمي بكم، ولم أضع علمي فيكم لأعذبكم، انطلقوا قد غفرت لكم»، {ذَلِكَ} الإيراث والتوريث والإعطاء والاصطفاء {هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} من الله إياهم في أولاهم، والفوز العظيم، والنوال الكريم لهم في أخراهم. يا لطيف يا واسع يا عليم، يا الله.
    قال القاضي محمّد ثناء الله الحنفي المظهري، في "تفسيره": سُئل أبو يوسف عن هذه الآية، فقال: كلهم مؤمنون، وأما صفة الكفار فبعد هذا، وهو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ} وأما الطبقات الثلاث فمن الذين اصطفى من عباده؛ لأنه قال: فَمِنهُم، وَمِنهُم، والكل راجع إلى الذين اصطفى من عباده، وهم أهل الإيمان، وعليه الجمهور.
    قال الإمام جعفر الصادق: فرَّق الله المؤمنين ثلاث فرق، وقال لهم: عبادنا وأضافهم إلى نفسه تفضيلاً منه وكرماً، وجعلهم كلهم أصفياء مع علمه بتفاوت معاملاتهم، ثم جمعهم في آخر الآية بدخول الجنَّة، فقال: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} ثم بدأ بالظالمين إخباراً بأنه لا يتقرب إليه إلا بمحض كرمه، وإن الظالم لا يؤثر في الأصفياء، ثم بين للمقتصدين؛ لأنهم بين الخوف والرجاء، ثم ختم بالسابقين؛ لأنه لا يأمن أحد مكره، وكلهم في الجنَّة بحرمة كلمة الإخلاص في الشهادة.
    وقال أبو علي الترمذي: لكل واحد من هؤلاء الثلاثة نوع من السؤال مناسب لما فيه من الحال؛ أخبر عنها المصطفى بلسان المقال، فسؤال الظالم: أسألك الإيمان بك، والكفاف من رزقك، وسؤال المقتصد: أسألك الجنَّة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وسؤال السابق: أسألك النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك.
    فأحباب الله تعالى: خواصٌ، وهم: السابقون المقرَّبون، والعامةُ، هم: الأبرار أصحاب اليمين؛ "ومن الخواص: الوارث المحمدي"، كما قال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وسلم: « مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَصْنَعُ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ، "إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ"، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وإنما وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ فَقَدْ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ»، رواه احمد، وأصحاب السنن، وابن حبان. وقال ـ عليه الصّلاة والسّلام: «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا» رواه أبو داود والحاكم والطبراني، والمجدد: كما عرفه المناوي ـ رحمه الله تعالى ـ عن جماعة من العلماء، قالوا: ولا يكون المجدد إلا عالماً بالعلوم الدينية الظاهرة والباطنة؛ قال محمد شمس الحق العظيم ابادي في "عون المعبود": والمراد بتجديد الدين للأمة: إحياء ما أندرس من العلم بالكتاب والسنة، والأمر بمقتضاها، ولا يعلم ذلك المجدد إلا بغلبة الظن ممن عاصره من العلماء بقرائن أحواله، والانتفاع بعلمه، إذ المجدد للدين لابد أن يكون عالماً بالعلوم الدينية الظاهرة والباطنة، قاصداً للسنة، قامعاً للبدعة، وأن يعم علمه أهل زمانه، وإنما كان التجديد على رأس كل سنة لانخرام العلماء فيه غالباً، واندراس السنن، وظهور البدع؛ فيحتاج إلى تجديد الدين فيأتي الله تعالى من الخلق بعوض من السلف إما واحداً أو متعدداً؛ فيتبين أهمية الوارث المحمدي وصحبته للترقي في مدارج القرب والإقبال، إلى مدارج الكمال، كما قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: «كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ»، رواه البخاري وغيره. وتلقي دروس الآداب والفضائل عنه، واكتشاف العيوب الخفية والأمراض القلبية.
    وللوارث المربي شروط حتى يتأهل لإرشاد الناس وهي:-
    أولاً: أن يكون عالماً بالفرائض العينية، كالأركان الخمسة في الإسلام، وخاصة فقه العبادة، من السنن والآداب؛ فهو عامل بالدين الكامل الصالح، مع الهمة والتحمل في سبيل الله تعالى؛ فيفعل المأمور، ويدع المحظور، ويرضى بالمقدور إلى أن يذهب إلى الرفيق الأعلى.
    ثانياً: أن يكون عالماً بحقائق العلوم، وهو علم المعرفة الإلهية؛ فينبغي أن يتحقق بعقيدة أهل السنة؛ توحيداً وتجريداً وتفريداً، عملاً وذوقاً بعد أن عرفها علماً ودراية، فيشهد في قلبه وروحه صحتها، ويشهد أن الله تعالى واحد قدوس بذاته، وفي صفاته، وفي أفعاله، ويتعرف على أسماء الله تعالى ذوقاً وشهوداً، ويرجعها إلى الذات العلية؛ فهو ذات ـ جلَّ جلاله، لا ماهية له، كما قال ـ جلَّ مجده: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، وقال ـ جلَّ شأنه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
    ثالثاً: فلابد أن يكون قد زكى نفسه بالمجاهدة والأدب المحمدي، وعلى يد عارف بالله، ومرشد مربٍ، خبر مراتب النفس وأمراضها ووسواسها، وعرف مكر الشيطان ومداخله، وآفات كل مرحلة من مراحل السير إلى الله تعالى، وطرائق معالجة كل ذلك بما يلائم حالة كل شخص وأوضاعه، فيكرمك بما أكرمه الله من التهذيب والترقي، قال مفتي الحنابلة في بغداد في القرن الخامس الهجري، الإمام الرباني؛الشيخ عبد القادر الجيلاني: من يعلمك بريائك وكلك رياء، إلا الذين عافاهم الله، فيعالجونك بما عالجهم الله.
    رابعاً: أن يكون الوارث المحمدي: قد أجيز من شيخه الكبير العارف الرباني بالتوجه الروحي بإذن الله تعالى، وبالإرشاد، أو بالنيابة العامة عنه، ويكون هذا بخط المرشد الكبير وتوقيعه، ويخبر بعض خواصه في حياته أنه قد أجازه، فتكون الأيادي موصولة، ويكون أهلاً أن يأذن للناس بذكر الله في القلب الذي هو "الاسم الأعظم".
    أما التوجه، فقوله تعالى: {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}، وقال أكمل الرسل - صلى الله عليه وسلم: «أولياءُ اللهِ الذينَ إذا رُؤوا ذُكِرَ اللهُ». رواه البيهقي. وقال الشيخ عبد القادر الجيلاني ـ قدس الله روحه: كان الأوائل رحمهم الله، يقطعون المشرق والمغرب على أقدامهم على أن يجدوا؛ عالماً عارفاً بالله متوجهاً.
    ـ أما صفة الوارث المربي: أنك إذا جالسته تشعر بنفحة إيمانية، ونشوة أنس بالله، لأنه لا يتكلم إلا لله، ولا ينطق إلا بخير، ولا يتحدث إلا بموعظة أو نصيحة، تستفيد من صحبته في الله، كما تستفيد من كلامه، تنتفع من قربه، وتنتفع من بعده بحب الله ـ عزَّ وجلَّ، وتستفيد ـ من نور قلبه بإذن الله تعالى، كما تستفيد من لفظه، وكما صح في الحديث، عن حنظلة ـ رضي الله عنه ـ قال: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ ـ رضي الله عنه، فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ؟ يَا حَنْظَلَةُ قَالَ: قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، فَنَسِينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا ذَاكَ؟» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَكُونُ عِنْدَكَ، تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، نَسِينَا كَثِيرًا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي، وَفِي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، رواه مسلم والترمذي، وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: ((لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الْمَدِينَةَ أَضَاءَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ))، وَقَالَ: ((مَا نَفَضْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الْأَيْدِي حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا)) رواه الترمذي وابن ماجه. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضي الله عنهما ـ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ جُلَسَائِنَا خَيْرٌ؟ قَالَ: «مَنْ ذَكَّرَكُمُ اللَّهَ رُؤْيَتُهُ، وَزَادَ فِي عِلْمِكُمْ مَنْطِقُهُ، وَذَكَّرَكُمْ بِالْآخِرَةِ عَمَلُهُ» رواه أبو يعلى، وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ». رواه أبو داود والترمذي. "وهذا ليس من عملك فقط، بل بصلتهم لله، وبحالهم بالله، الذي يضاف إلى حالك؛ وهذا من محض الفضل والكرم منه - جلَّ وعلا".
    - كما قال ـ جل ثناؤه: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا. ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا}.
    وقال ـ جلَّ مجده: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}، {اتَّقُوا اللَّهَ} أي: بكل ما أمركم الله به ورسوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا واجب شرعي على كل مسلم، وتارك الواجب في النار والعياذ بالله تعالى {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}، والصادقون هم الصفوة من المؤمنين، الذي عناهم الله تعالى بقوله: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}.
    "أي سادة": كونوا معهم في صحبتهم ومحبتهم؛ إلى منازل التزود والتنافس، إلى مراتب التحقيق؛ من المعرفة، والمحبة، والقربة، إلى منهج الربّانييّن، وهو: الأخذ بحقائق العلوم، وتهذيب النفوس، ومقامات القلوب، وعلو الهمة؛ امتثالاً بحال النّبيّ الكريم وأخلاقه ودعوته العظمى ـ صلوات الله عليه وسلامه إلى أبد الآبدين - لمعارج القلوب إلى علام الغيوب، وخدمة لهذه الأمة المرحومة؛ فهو السير إلى الله بما يحبه الله،أي:"بقبول الله ورضاه".
    وللأمانة نقول: نتبرأ من كلِّ من يخالف السُّنَّة الشريفة، ويجب السير على صراط الشرع الإسلامي الحنيف، وننبه ونحذر من كل بدعة تدخل في الاعتقاد والعمل، والذوق والسلوك؛ وما الطريق إلى الله ـ جلَّ وعلا، إلا العمل الخالص بالدين كلّه؛ الكامل الصالح، على قدم الهمة، والتحمل في سبيل الله ـ جلَّ جلالُهُ، وعمَّ فضلُهُ ونوالُهُ .
    اللَّهمَّ؛ إني أسألك باسمك الأعظم، وبكل اسم سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في مكنون الغيب عندك؛ أن تجعل القرآن لنا قائداً وهادياً، ولذنوبنا وعيوبنا ماحياً، ولقلوبنا ربيعاً، ولسيّئاتنا شافعاً، ولوجوهنا نظرةً ونوراً، ولعيوننا قرةً وسروراً، اللّهمَّ وأطلق به ألسنتنا، وأجزل به ثوابنا، وأحسن به مآبنا، واجعلنا نقوم به وبالّذي يرضيك عنّا، اللّهم واجعله لغمومنا وهمومنا شفاء، ولحوائجنا قضاء، وفي القيامة رفعةً وسناء، اللَّهمَّ؛ اشغل جوارحنا بطاعتك، وقلوبنا بمعرفتك، وذكرك، وأنسك، واشغلنا طول حياتنا في ليلنا ونهارنا، والحقنا بالذين تقدموا من الصالحين، وارزقنا ما رزقتهم وكن لنا كما كنت لهم، آمين.
    وصلِّ اللَّهمَّ على سيدنا محمّد صلاةً لا تعد ولا تحد، ولا يحصي ثوابها أحد، يا رازق النعاب في وكره، يا رازق العبد الشكور، ومن جحد، يا من صفاته: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد. اللَّهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}. وارضَ اللَّهمَّ عن آل بيت النبي المكرمين، وأصحاب رسول الله الأتقياء الغر الميامين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين. والحمد لله ربّ العالمين.

      الوقت/التاريخ الآن هو 25/11/2024, 07:14