..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: معجزات علمية ـ نور الدين أبو لحية ـ المقدمة Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: معجزات علمية ـ نور الدين أبو لحية ـ المقدمة Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: معجزات علمية ـ نور الدين أبو لحية ـ المقدمة Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: معجزات علمية ـ نور الدين أبو لحية ـ المقدمة Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: معجزات علمية ـ نور الدين أبو لحية ـ المقدمة Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: معجزات علمية ـ نور الدين أبو لحية ـ المقدمة Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: معجزات علمية ـ نور الدين أبو لحية ـ المقدمة Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: معجزات علمية ـ نور الدين أبو لحية ـ المقدمة Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: معجزات علمية ـ نور الدين أبو لحية ـ المقدمة Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
كتاب: معجزات علمية ـ نور الدين أبو لحية ـ المقدمة Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
كتاب: معجزات علمية ـ نور الدين أبو لحية ـ المقدمة Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
كتاب: معجزات علمية ـ نور الدين أبو لحية ـ المقدمة Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
كتاب: معجزات علمية ـ نور الدين أبو لحية ـ المقدمة Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
كتاب: معجزات علمية ـ نور الدين أبو لحية ـ المقدمة Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
كتاب: معجزات علمية ـ نور الدين أبو لحية ـ المقدمة Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: معجزات علمية ـ نور الدين أبو لحية ـ المقدمة

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: معجزات علمية ـ نور الدين أبو لحية ـ المقدمة Empty كتاب: معجزات علمية ـ نور الدين أبو لحية ـ المقدمة

    مُساهمة من طرف Admin 1/6/2021, 16:08

    من القرآن الكريم

    وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (سـبأ:6)

    لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً (النساء:166)

    إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ (فاطر: من الآية28)

    المقدمة

    في صباح اليوم الثالث من زيارة البابا لي، طلب مني أن نحمل معنا زادنا، ونسير خارج القرية التي أسكن فيها ليحدثني عن رحلته الثالثة التي تعرف فيها على أشعة جديدة من شمس محمد r..

    نفذت ما طلب مني، وسرت معه، ومعنا زادنا إلى خارج القرية.. حيث الطبيعة الجميلة العذراء التي لم تمتد إليها بعد أيادي الإنسان لتخربها.

    كان البابا ينظر إلى الماء، وهو ينساب بعذوبة في الجداول التي حفرها في بطون الصخور.. وينظر إلى الأشجار التي تميد أوراقها على نغمات العنادل التي تعتليها.. كان النسيم عليلا.. والروائح الطيبة التي تنبعث من دفء الربيع تغمر المكان.

    ولم يكن ذلك كله ليؤثر في، فقد تعودت على هذه المناظر، ولم يعد لها تأثير كبير على نفسي.. ولكني رأيت البابا يكاد يحتضن كل ذلك، بل يكاد يتوحد معه.

    قلت: أرى أن مناظر الطبيعة تستهويك.

    قال: وما لها لا تستهويني.. وقد أمرنا الله بأن نعبده من خلال النظر إليها، ألم تسمع قوله تعالى:) وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ (الأنعام:99)؟

    قلت: صدق الله العظيم.. ما رأيت شيئا أضر على الإنسان من الألفة!؟

    قال: المؤمن ينظر إلى الكون من خلال أسماء الله وتدبيرات الله، فلذلك يتجدد كل حين في نظره..

    لا تحسب أن ما أراه الآن جديد علي.. هذه المناظر وغيرها تمتلئ بها الأرض.. بل يمتلئ بها الكون.. فالكون كله يصيح معرفا بربه، داعيا إلى التوجه إليه.

    أترى ذلك الماء.. أو تلك الأوراق.. أو تلك العنادل المغردة.. كل واحد منها حرف من الحروف تتشكل منه معارف عميقة توصلنا إلى حقائق الأزل.

    قلت: لقد وعدتني أن تحدثني عن رحلتك الثالثة التي تنعمت فيها بدفء أشعة محمد r.. فهل حجبتك هذه المناظر الجميلة عما نويت الحديث عنه؟

    قال: لا.. ما نعيشه الآن صحبة هذه المناظر هو بداية تلك الرحلة.

    قلت: كيف ذلك؟.. هل أنت الآن معي في رحلتك الثالثة؟

    قال: لا.. ولكن في مجلس مثل هذا المجلس، أمام مناظر جميلة كهذه المناظر.. بدأت رحلتي الثالثة إلى أشعة جديدة من شمس محمد r.

    قلت: فحدثني عن ذلك المجلس.. وعما بعده.

    قال: سأبدأ الحديث من أوله..

    بعد أن عدت إلى بلدي بسبب تلك الرسالة المستعجلة[1].. كان أول ما قصدته هو الإدارة التي أرسلت لي تلك الرسالة.

    دخلت إليهم، فاستقبلوني خير استقبال، وأكرموني بما شاء لهم كرمهم أن يكرموني به، ثم أخبروني أنه سيقام في بعض البلاد الإسلامية مؤتمر علمي هام ينبغي لي أن أحضره..

    قلت لهم: وما علاقتي بالمؤتمرات العلمية؟.. أنا رجل دين.. نذرت نفسي للكنيسة.. ولا علم لي بالفيزياء، ولا بالكيمياء.. ولا بشيء من هذه العلوم.

    قال لي المكلف بإقناعي: لقد اخترناك لسببين:

    الأول: أنك هادئ، كثير الصمت، قليل الجدال، لا يستفزك أحد، وهذا سينفعنا كثيرا، لأنك لن تفصح عن مقاصدك من هذا الحضور.

    وأما الثاني، فما نعلمه عنك من علمك العميق بالعربية، وبالإسلام، وبالقرآن.. وهذا يجعلك أوعى لما يقولون.

    قلت: أتريد أن تجعل مني جاسوسا؟

    ابتسم، وقال: ولم تقول هذا؟.. إن هذا المؤتمر يخدمنا نحن، ويخدم أغراضنا.. ولو أنا بذلنا الأموال الكثيرة لنقيمه ما استطعنا إقامته.

    قلت: فكيف أوحيتم لهؤلاء المسلمين إقامته بدلا عنكم؟

    قال: نحن لم نوحي لهم بشيء.. هم الذي أوحوا لأنفسهم به.. وقد اتفقت مصالحنا معهم فيه فقط.

    قلت: أنا إلى الآن لم أفهم موضوع المؤتمر.. ولا علاقته بالإسلام، ولا علاقته بالكنيسة.. ولم أعرف إلى الآن دوري في كل ذلك.

    قال: أنت تعلم أن هناك في بلاد المسلمين، وفي بلادنا، من ينعق بأن في القرآن سبقا علميا في أمور كثيرة.

    قلت: أجل.. أسمع بذلك.. ولكني أسمع في نفس الوقت أن من يتولى كبر هذه الدعوة العلماء والخبراء، لا الفقهاء أو المفسرون.

    قال: وهذا مصدر خطر هذه الدعوة.. فكلام الخبراء في هذا المجال أكثر حرمة من كلام الفقهاء والمفسرين.

    ثم ابتسم وقال: وهو في نفس الوقت مصدر راحة لنا ومتعة.

    قلت: كيف ذلك؟

    قال: هذا المؤتمر دليل على هذه المتعة والراحة.

    قلت: لم أفهم قصدك.

    قال: أنت تعلم أن كثيرا من الفقهاء والمفسرين لا يقبلون من أحد أن ينافسهم في التراث المقدس الذي اختصوا فيه.. إنهم يكادون يحتكرونه احتكارا.. فلذلك إذا رأوا من الخبراء أي بحث في هذا الباب قد يؤلبون عليهم الخصومة، والناس في هذا تبع للفقهاء، لا للخبراء.

    قلت: فهذا المؤتمر يقيمه الفقهاء والمفسرون إذن ليشنوا حربهم على الخبراء والعلماء الباحثين عن أسرار الإعجاز العلمي في التراث المقدس للمسلمين.

    قال: أجل.. ولكن الذي يقيمه ليس كل الفقهاء.. بل بعضهم.. وهو بعض مرض لنا من هذه الناحية.. إنهم يقدمون لنا من الخدمات ما لم يستطع أحد في العالم أن يقدمه.

    قلت: وكيف أمنتم من انقلابهم علينا؟

    قال: عقولهم.. وطريقة تفكيرهم جعلتنا في مأمن منهم.. ألم تسمع المثل الذي يقول:( يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعل العدو بعدوه )

    قلت: أجل.. فهل هؤلاء جهلة؟

    قال: لا.. هم علماء.. ولكنهم علماء لا يعلمون إلا ما في كتبهم العتيقة التي مرت عليها القرون الطوال.. وهم لذلك أعداء كل جديد.

    وبما أن هذه العلوم والاكتشافات علوم جديدة، فهم أعداء لها.. بل إنهم في عداوتهم لها قد يستخدمون فهومهم للتراث المقدس لردها.

    قلت: أوصل بهم الأمر إلى هذا الحد؟

    قال: سأضرب لك مثالا عن بعض علمائهم ممن تبوؤوا المناصب الرفيعة.. فركنت لهم مهمة الفتوى ورئاسة العلماء والاهتمام بالدعوة.. ومناصب كثيرة تنقضي دون آحادها جهود الرجال الفحول.

    قلت: ما به؟.. أكاد أعرف من تقصد؟

    قال: لا يهم.. فهو فرد يمثل ثلة.. وهي تمثل نوعا من الفكر له تأثيره الواقعي الذي يمكن استثماره وخدمة التبشير به.

    أنت تعلم أن أكبر منافس للمسيحية هو الإسلام.. وهؤلاء انتبدبتهم كنيسة بطرس من غير أن يشعروا ليخدموها، ويخدموا المسيح.

    قلت: ما الذي فعله هذا الرجل ومن معه حتى يستحق كل هذا الثناء العطر؟

    قال: سأذكر لك فتوى من فتاواه، نحن ننشرها في كل مكان، ونبشر بها أكثر من تبشيرنا بالمسيح، ولو علمنا اليوم الذي خرج بها إلى الناس لاتخذناه عيدا.. ولولا أن في إظهار تكريمنا له ما يصرف الناس عنه لأعطيناه أسمى المراتب وأرفعها.

    قلت: ما تلك الفتوى التي استحقت كل هذا التكريم؟

    قال: لقد نشرت (....!؟ )[2] في سنة (1402 هـ/1982م ) كتاباً من تأليف هذا العلامة الجليل يقول فيه:( أجمعت آراء السلف من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن كثير وابن القيم على ثبوت الأرض )

    قلت: أولئك قوم قد أكل الثرى أجسادهم، ولا حرج عليهم في أن يجمعوا، فقد كان قومنا يجمعون على ما أجمعوا عليه.

    قال: ليس الخطر في ذلك.. ولكن الخطر الذي هو نعمة لنا هو اعتبار إجماعهم تراثا مقدسا لا يمس كما لا يمس القرآن.

    لقد استنتج هذا المفتي بإخلاصه لمن ينقل عنهم بأن ( القول بأن الشمس ثابتة، وأن الأرض دائرة قولٌ شنيعٌ ومنكر)، واستنتج ما هو أخطر من ذلك حين قال:( ومن قال بدوران الأرض وعدم جريان الشمس فقد كفر وضل، ويجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل كافراً مرتداً، ويكون ماله فيئاً لبيت مال المسلمين )

    وقد أيد هذا العلامة الجليل فتواه بأنه كان من جملة الناس الذين شاهدوا بعيونهم وأبصارهم سير الشمس وجريانها في مطالعها ومغاربها قبل أن يذهب نور عينيه، وهو دون العشرين.

    واستدل لها بأنه لو كانت الشمس ثابتة لما كان هناك فصول أربعة، ولكان الزمان في كل بلد واحد لا يختلف.

    وقد نصَّ في كتابه هذا على (أن كثيراً من مدرسي علوم الفلك ذهبوا إلى القول بثبوت الشمس ودوران الأرض، وهذا كفرٌ وضلال وتكذيبٌ للكتاب والسنة وأقوال السلف ،وقد اجتمع في هذا الأمر العظيم النقل والفطرة وشاهد العيان فكيف لا يكون مثل هذا كافراً)

    وقد حاجَّهم بقوله:( لو أن الأرض تتحرك لكان يجب أن يبقى الإنسان على مكانه لا يمكنه الوصول إلى حيث يريد، لذلك فالقول بهذه المعلومات الطبيعية وتدريسها للتلاميذ على أنها حقائق ثابتة يؤدي إلى أن يتذرع بها أولئك التلاميذ على الإلحاد حتى أصبح كثير من المسلمين يعتقدون أن مثل هذا الأمر من المسلمات العلمية )

    واستدل لهذا بأنَّه (لو كانت الأرض تدور كما يزعمون لكانت البلدان والأشجار والأنهار لا قرار لها، ولشاهد الناس البلدان المغربية في المشرق والبلدان المشرقية في المغرب، ولتغيرت القبلة على الناس، لأن دوران الأرض يقتضي تغيير الجهات بالنسبة للبلدان والقارات هذا إلى أنه لو كانت الأرض تدور فعلاً لأحسَّ الناس بحركة كما يحسون بحركة الباخرة والطائرة وغيرها من المركوبات الضخمة)

    وقد وصف المسلمين الذين يؤمنون بكروية الأرض[3] بأنهم يتبعون كلَّ ناعق يريد أن يفسد عقيدة المسلمين بأنهم بعيدون عن استعمال عقولهم وأنهم أعطوا قيادهم لغيرهم، فأصبحوا كبيهمة الأنعام العجماء بعد أن فقدوا ميزة العقل.

    وقد خلص في الأخير إلى أن (القائل بدوران الأرض ضال قد كفر وأضل كذَّب القرآن والسنة، وأنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافراً مرتداً، ويكون ماله فيئاً لبيت مال المسلمين).

    أخرج كتابا من درج مكتبه، وقال: أنا لست أتجنى.. انظر الكتاب.. ها هو عنوانه الذي يدل على محتواه.. (الأدلة النقلية والحسية على جريان الشمس وسكون الأرض وإمكان الصعود إلى الكواكب)

    فتح الكتاب، وقال: اسمع ما يقول..

    راح يقرأ:( وكما أن هذا القول الباطل - يقصد ثبوت الشمس ودوران الأرض- مخالف للنصوص فهو مخالف للمشاهد المحسوس ومكابرة للمعقول والواقع لم يزل الناس مسلمهم وكافرهم يشاهدون الشمس جارية طالعة وغاربة، ويشاهدون الأرض قارة ثابتة ويشاهدون كل بلد وكل جبل في جهته لم يتغير من ذلك شيء، ولو كانت الشمس تدور كما يزعمون لكانت البلدان والجبال والأشجار والأنهار والبحار لا قرار لها ولشاهد الناس البلدان المغربية في المشرق والمشرقية في المغرب ولتغيرت القبلة على الناس حتى لا يقرّ لها قرار، وبالجملة فهذا القول فاسد من وجوه كثيرة يطول تعدادها )

    قلب صفحات من الكتاب، ثم قال: واسمع ما يقول هنا..

    راح يقرأ:( ثم هذا القول مخالف للواقع المحسوس، فالناس يشاهدون الجبال في محلها لم تسيّر.. فهذا جبل النور في مكة في محله.. وهذا جبل أبي قبيس في محله.. وهذا أُحــد في المدينة في محلّه.. وهكذا جبال الدنيا كلها لم تسيّر وكل من تصور هذا القول يعرف بطلانه وفساد قول صاحبه وأنه بعيد عن استعمال عقله وفكره قد أعطى القياد لغيره كبهيمة الأنعام فنعوذ بالله من القول عليه بغير علم ونعوذ بالله من التقليد الأعمى الذي يردي من اعتنقه وينقله من ميزة العقلاء إلى خلق البهيمة العجماء)

    قلب صفحات أخرى، ثم قال: اسمع ما يقول هنا..

    راح يقرأ:( ثم الناس كلهم يشاهدون الشمس كل يوم تأتي من المشرق، ثم لا تزال في سير وصعود حتى تتوسط السماء، ثم لا تزال في سير، وانخفاض حتى تغرب في مدارات مختلفة بحسب اختلاف المنازل ويعلمون ذلك علما قطعيا بناء على مشاهدتـهم وذلك مطابق لما دل عليه هذا الحديث الصريح –حديث سجود الشمس- والآيات القرآنية ولا ينكر هذا إلا مكابر للمشاهد المحسوس ومخالف لصريح المنقول.. وأنا من جملة الناس الذين شاهدوا سير الشمس وجريانها في مطالعها ومغاربها قبل أن يذهب بصري، وكان سني حين ذهاب بصري تسعة عشر عاما، وإنما نبهت على هذا ليعلم القراء أني ممن شاهد آيات السماء والأرض بعيني رأسه دهرا طويلا، والله المستعان وبالجملة، فالأدلة النقلية والحسية على بطلان قول من قال إن الشمس ثابتة أو قال إنها جارية حول نفسها كثيرة متوافرة، وقد سبق الكثير منها فراجعه ان شئت )

    وقد خلص في الأخير إلى نتيجة.. اسمعها من فمه..

    راح يقرأ:( فمن زعم خلاف ذلك، وقال إن الشمس ثابتة لا جارية، فقد كذّب الله وكذّب كتابه الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد )

    ثم يقول:( ومن قال هذا القول فقد قال كفرا وضلالا لأنه تكذيب لله، وتكذيب للقرآن وتكذيب للرسول r لأنه r قد صرح في الأحاديث الصحيحة أن الشمس جارية، وأنها إذا غربت تذهب وتسجد بين يدي ربها تحت العرش كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث أبي ذر t وكل من كذب الله سبحانه أو كذب كتابه الكريم أو كذب رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام فهو كافر ضال مضل يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا مرتدا، ويكون ماله فيئا لبيت مال المسلمين، كما نص على مثل هذا أهل العلم )

    التفت إلي، وقال: وهكذا تم تكفير كل ما قال بدوران الأرض..

    نظر إلي، فرآني متعجبا مما أسمع، فقال: لا تتعجب.. هذا واحد منهم..وقد تبوأ المناصب الرفيعة.. وهناك غيره ممن يقولون بقوله.. هذا أحدهم كتب كتابا في ذلك سماه (هداية الحيران في مسألة الدوران)

    أخرج الكتاب من الدرج، وقال: اسمع ما يقول سماحة المبشر (....!؟ )

    راح يقرأ:( العلوم العصرية عامة علومٌ عمَّت بها البلوى.. منها علوم مفسدة للإعتقاد كالقول بدوران الأرض، وغيره من علوم الملاحدة )

    واسمع ما يقول هنا..

    راح يقرأ:( القول بدوران الأرض أعظم من اعتقاد تسلسل الإنسان من القرود بكثير )

    أغلق الكتاب، وقال: إن هذا الكتاب أعظم من أن يساوي وزنه ذهبا.. إن قيمة هذا الكتاب لا تقدر بثمن..

    تصور لو أنا نشرنا هذا الكتاب.. أو لو أن واحدا من أولئك المحسنين، أصحاب البطون الكبيرة، والعقول الفارغة، تطوع فنشر مثل هذا الكتب مجانا على المدارس والجامعات..

    إنها أخطر من القنبلة النووية..

    إن الطالب الذي يقرأ في مدرسته أو جامعته أن الأرض تتحرك في الفضاء، ومعها تابعها القمر في دورة بيضاوية حول الشمس.. وأنها تسبح خلال هذا الفلك بسرعة 106.000 كلم بالساعة.

    وأنها بالإضافة إلى ذلك تدور مرة واحدة حول محورها كل 23.56 ساعة و4.1 ثانية طبقا للسنة الشمسية.

    وأنها بالإضافة إلى ذلك لها ثلاث حركات إضافية دورية تحدث مرتين في العام عندما تنخفض سرعة الدوران إلى أقل معدل في الوقت الذي يكون فيه طول الليل والنهار متساويا، وهي تغيرات دورية تؤثر على محور الارض نتيجة لقوى الجاذبية الصادرة من الشمس والقمر.

    وأنها بالإضافة إلى ذلك كله تتحرك بسرعة 20.1 كلم بالثانية، باتجاه مجموعة هرقل النجمية.. لأن مجرة درب التبانة ككل تتحرك باتجاه مجموعة الأسد النجمية بسرعة 600 كلم بالثانية.

    تصور طالبا يقرأ عن هذه الحركات النشيطة التي تقوم بها الأرض في المحاور المختلفة، ويبرهن له على ذلك بكل البراهين، ثم يأتي للمسجد ليسمع الإمام يحمل هذه الكتب، ويرددها على مسامعه.

    إنه في ذلك الحين يتحول إلى أحد شخصين كلاهما حبيب لنا:

    أما الأول.. فهو أن يخرج من المساجد كافرا بالإمام، وبما يقول الإمام، بل كافرا بالقرآن نفسه، وبكل تراث المسلمين المقدس.. وحينذاك نستقبله نحن، أو يستقبله غيرنا.. ولا يهمنا من يستقبله.

    وأما الثاني.. فأن يقبل ما يقوله الإمام، ويكفر بما يقوله الأستاذ والخبير.. وهو في هذه الحالة لا يقل عن حال الأول.. إنه يصير متطرفا يصدر لنا من المواقف ما تقر به أعيننا.. إن هذا النوع سيملأ هذه الرفوف التي تراها كتبا تقدم لنا أعظم الخدمات.. أنت تعلم بأن الصديق الجاهل أخطر من العدو العاقل..

    قلت: وعيت ما ذكرت.. ولكن أجبني: هل ما يقوله هؤلاء هو الحقيقة التي جاء القرآن لتقريرها؟

    قال: نحن لا يهمنا ذلك.. هذه فتوح فتح بها علينا.. ولا ينبغي للعاقل أن يفرط في استثمار غباء خصومه.

    قلت: فلنعد إلى هذا المؤتمر المزمع انعقاده.. ما دوري أنا فيه؟

    قال: أما المؤتمر، فيحمل عنوان (آيات الله في الآفاق والأنفس من خلال القرآن والعلم)، وهو يدوم عشرة أيام كاملة تعرض فيها المحاضرات المرتبطة بهذا الجانب، وكل من يلقي تلك المحاضرات من الصنف الذي حدثتك عنه.

    قلت: ولكن.. كيف بدا لهم أن يدخلوا العلم في المسألة؟

    قال: لقد رأوا اتهام الناس لهم بالتزمت والتطرف، فراحوا يتجملون بالعلم ليرضوهم.. ولكنهم مع ذلك حددوا مجالات معينة لهؤلاء العلماء حجروا عليهم أن يتجاوزوها.

    وإن أردت الصراحة، فهم لم يريدوا منهم إلا كلمة واحدة يصفعون بها خصومهم.

    قلت: وما تلك الكلمة؟

    قال: أن يذكر هؤلاء الخبراء أنه لا صحة لما يزعمه من يرى أن في القرآن إعجازا علميا.

    قلت: فهو خلاف داخلي إذن بينهم؟

    قال: أجل.. ما أجمل هذا النوع من الخلاف.. إنه السبيل الوحيد لنصرة الحقيقة التي نؤمن بها.

    قلت: وما دوري أنا بالضبط في ذلك المؤتمر.. هل كلفتموني بإلقاء محاضرة فيه؟

    قال: لا.. لم نكلفك إلا بدورين بسيطين، ولكنهما عميقين:

    أما أحدهما.. فبسيط جدا لا يعدو استعمال أذنيك لتسمع كل ما يقال.. ثم تعود لنا بتقارير عما سمعت.. وإن رأيت أي بحث له قيمة علمية أو عملية، مثل البحوث التي أسمعتك إياها، فتقرب من صاحبه.. وأعطه ما شاء من الأموال لينشر بحثه، وليستمر في بحثه.

    نحن نثق فيك.. ولذلك سنضع لك ميزانية خاصة.. اصرف منها ما تشاء.. فما تفعله لا يقل عما يفعله أي مبشر في الأدغال، أو على رؤوس الجبال.

    قلت: والثاني؟

    قال: هو دور مهم، ولعله أهم من الأول.. وهو يحتاج إلى يقظة عظيمة، فالخبراء الذين سيذهبون إلى المؤتمر من بلادنا، وهم من خيرة علماء بلادنا، ونحن نخشى أن يندس إليهم بعض أولئك الذين ينعقون بإعجاز القرآن.. فينحرفون بهم.. ويؤلبوهم علينا، كما حصل للكثيرين قبلهم.

    قلت: فما دوري أنا معهم.. هل سأكون حارسهم الشخصي؟

    قال: أمر حراستهم موكول للبلاد التي سيزورونها.. أما دورك أنت فلا يعدو أن تظل معهم، وبصحبتهم.. بعد انتهاء المحاضرات سر بهم حيث شئت، وأنفق عليهم من الأموال ما شئت.. المهم أن يظلوا في صحبتك حتى لا يتعرضوا لأي أشعة قد تحرقهم.. فشمس تلك البلاد تحرق كل من يدخل إليها.

    قلت: متى سيبدأ هذا المؤتمر؟

    قال: سيبدأ بعد شهر من اليوم، وقد استدعيناك، واستدعينا الأساتذة المختصين الذين سيذهبون بصحبتك لتقيم علاقتك بهم قبل الذهاب لتلك البلاد.

    قال ذلك.. ثم أذن لي في الانصراف.

    بقيت بعدها شهرا كاملا ألتقي بهؤلاء المختصين، وقد استفدت منهم كثيرا، فقد كان أسلوبهم يناسب طريقة تفكيري.. بل قد نسخ كلامهم كثيرا من الاهتمام الذي كنت أبديه للإسلام وللقرآن.

    لست أدري لم.. ولكن السبب ربما يكمن فيما ذكر لي من تلك الفتاوى التي تزعم اصطدام النصوص المقدسة مع العلم.

    ***

    في مساء اليوم الذي سبق رحلتي إلى تلك البلاد التي أقيم فيها ذلك المؤتمر سرت خارج المدينة إلى حديقة تمتلئ بالجمال.. هي لا تقل عن الجمال الذي يمتلئ به هذا المكان.

    لقد جلست أنظر في الإبداع العظيم الذي صمم به الكون.. كل شيء في منتهى الدقة والجمال والكمال.

    وكل ذلك يستدعي أن يكون الخالق مبدعا عالما، بل عليما خبيرا لطيفا، بل لا يمكن للسان أن يعبر عن علم هذا الخالق ولا لطفه ولا خبرته.

    بينما أنا غارق في تلك التأملات إذا بصاحبك ـ معلم السلام ـ يمر علي، فيراني على تلك الحال، فيجلس بين يدي دون أن أشعر بجلوسه، ويدور بيننا هذا الحوار القصير الذي غير مسيرة رحلتي وأهدافها.

    لا أكتمك بأني كنت متألما للدور الذي كلفت بالقيام به، ولكني بعد أن التقيت صاحبك ارتحت كثيرا لذلك.. بل اعتبرت هذه الرحلة فتحا عظيما فتح به علي لأدرك به الحقيقة..

    وقد كانت بالفعل ـ على عكس ما أريد منها ـ رحلة للتعرض لأشعة جديدة من شمس محمد r.

    سأذكر لك الحوار القصير الذي دار بيننا، والذي أسس لهدف نبيل لهذه الرحلة، حل بدل الهدف الدنيء الذي حاول صاحبي أن يقنعني به:

    كعادته في التمهيد لما يريد أن يقنعني به قال: هل أعجبتك الشمس، وهي تنحني مودعة ابنتها الأرض؟

    قلت: أجل.. هو منظر يوحي إلي بالكثير.. كل مرة أرى أشياء جديدة.. وأسمع أشياء جديد من همساتها لي، وهمسات ما تراه من جمال.

    قال: ألم تهمس إليك هذه المناظر الجميلة الدقيقة المتقنة شيئا عن مبدعها؟

    قلت: بلى.. لقد همست لي.. بل جهرت..

    قال: ألم تذكر لك عن علم مبدعها ولطفه وخبرته؟

    قلت: بلى.. وقد كانت الساعة تحدثني عن هذه المعاني.

    قال: لقد سمعتها بحسك الشفاف تنطق بهذا.. ولكن هل غيرك يسمعها، وهي تتحدث؟

    قلت: بعضهم يسمع.. والكثير ربما لا يسمع.

    قال: ألا يحتاجون تنبيها ينبه أسماعهم إلى سماعها؟

    قلت: من أي نوع هذا التنبيه؟

    قال: ألا ترى الرسام المبدع الذي ظل الليالي الطوال مع ريشته ولوحاته، كيف يتعامل مع المتفرجين في معرض لوحاته؟

    قلت: أجل.. إني أراهم يطوفون عليهم ليروهم ما في لوحاتهم من نواحي الجمال والرمزية التي قد لا ينتبهون لها.

    قال: تلك لوحات بسيطة لم تستغرق منهم إلا تحريك فرشاتهم ليرسموا بعض ما حبى الله الطبيعة من جمال، فكيف لا ينبه مبدع الطبيعة المتفرجين على ما فيها من جمال؟

    قلت: هو نبههم بما وضع في عقولهم وأذواقهم من حب للجمال.. وما وضع في مداركهم من وسائل للإحساس به.

    قال: ولكن الغفلة قد تعتريهم.. أو أن مداركهم قد لا تمتد لبعض ما في الطبيعة من جمال.. فهم يحتاجون لتنيه خاص، كما يحتاج متفرجو اللوحات إلى الرسام المبدع ليوضح لهم أغراضه منها.

    قلت: ذلك صحيح.. ولكني لا أرى هذا في الواقع.

    قال: يستحيل أن لا يكون ذلك في الواقع.. إن الرب الذي أبدع كل هذا يستحيل أن لا يدل عليه.

    قلت: الكتب المقدسة هي كلمات الله إلى عباده.. ولم أر من خلال مطالعتي لها أنها تحتوي على ما قصدت..

    نعم.. فيها الذكر العام لخلق الأشياء، ولكن ليس فيها من التفاصيل ما يدل على العليم الخبير الذي تكلم بها.

    بل إنا نرى ما في الكتب المقدسة ما قد يتنافى مع الحقائق العلمية التي يعلمها الصبيان، وذلك مما يجعلنا في تشتت بين ما يقتضيه الإيمان من تسليم، وما يقتضيه العقل من احترام.

    قال: فما ذكرته ليس كلمات مقدسة إذن.

    قلت: فلا توجد كلمات مقدسة في الدنيا إذن.

    قال: هل اطلعت على جميع كتب الدنيا لتقول هذا؟.

    قلت: في رحلتي السابقة للإسكندرية دب لنفسي شعور خطير بأن كتاب المسلمين المقدس.. القرآن.. هو الكتاب المقدس، وأنه كلام الله الذي تكلم به إلى عباده.. ولكني، وقبل أسبوعين فقط، بدأ هذا الاعتقاد يتلاشى.

    قال: وما الذي جعله يتلاشى؟

    قلت: لقد سمعت أن في هذا الكتاب ما يدل على ثبات الأرض، وأنها لا تتحرك خلافا لما يقوله العلم.. بل فوق ذلك أخبرت بأن في القرآن الدلالة على أن الشمس تطوف بالأرض كل يوم.. وهذا ما يضحك عليه الصبيان عندنا.

    قال: هل قرأت في القرآن كل هذا؟

    قلت: لم أقرأه بهذه التعابير.. ولكن مفسري المسلمين وعلمائهم ـ وهم أدرى مني بلغة كتابهم ـ ذكروا هذا.

    قال: ألا يمكن أن يكون المفسر قد أقحم جهله في كتابه المقدس ليدنسه به؟

    قلت: ما تقصد؟

    قال: الفهوم السيئة ـ أحيانا كثيرة ـ تحرف مقاصد قائليها.

    قلت: ذلك صحيح.

    قال: فهل يلام المتكلم، أم يلام الفاهم؟

    قلت: في هذه الحالة يلام الفاهم.

    قال: لا تتسرع في لوم الفاهم، فربما وجد في نص المتكلم ما يدل على قصده.

    قلت: ذلك صحيح أيضا.. وفي هذه الحالة ينبغي أن نلوم المتكلم.. لأنه حمل كلامه من الألفاظ ما يسيء إلى الحقيقة التي يريد التعبير عنها.

    قال: أنت الآن في حيرة.. هل تلوم المتكلم، أم تلوم الفاهم؟

    قلت: أجل.. فهل اللوم على القرآن.. أم اللوم على مفسريه؟

    قال: أنت تحتاج إذن إلى بحث عميق عن الحقيقة التي تخلصك من هذا الإشكال الذي وقع فيه عقلك.

    قلت: وعند من أجد الحقيقة؟

    قال: عند المخالفين، وعند الموافقين.. عند الأعداء، وعند الأصدقاء.. الحقيقة لا تخفى سواء نطق به المحبون، أو نطق به المبغضون.

    قلت: أنا الآن سائر إلى مؤتمر إسلامي ربما يسيء إلى الحقيقة القرآنية.

    قال: وربما يريك وجهها الحقيقي.

    قلت: فهل ترى أن أذهب لأمتلئ بالقناعة التي تبعدني عن القرآن.. كما امتلأت بالقناعات التي أبعدتني عن الكتاب المقدس؟

    قال: نعم.. إن وجدت مثل هذه القناعة، واقتنعت بها فعلا، فخذ بها.. اذهب، واعلم بأن البرنامج الذي وضعه الله في عقلك لا يتنافى مع كلام الله الذي توجه به إلى وجدانك، فكلام الله لا يتناقض مع برنامج الله.

    قلت ـ وقد هزني السرور ـ: أتعلم.. لقد كنت منذ طلب مني حضور هذا المؤتمر متألما كثيرا، لأني أحسست أي سأقوم بدور يتنافى مع دور رجل الدين.. ولكني الآن شعرت بجمال الدور الذي سأقوم به.. إنه محاولة للتعرف على الحقيقة من مصادرها.

    قال: من كل مصادرها.. من كل مصادرها..

    قلت: ما تقصد؟

    قال: أنت الآن سائر لمصدر من المصادر.. فلذلك لا تغفل عن سائر المصادر.. فقد يفهم الفاهم من الكلام غير ما يقصد المتكلم.

    قلت: صدقت.. ولكن المؤتمر من تنظيم جهة واحدة.. فكيف أصل إلى سائر الجهات؟

    قال: اذهب.. وسترى الله الذي أبدع تقدير كل شيء.. سيبدع من المقادير ما يريك سائر المصادر.

    قال ذلك، ثم انصرف.. ولست أدري أين انصرف.

    ***

    في اليوم التالي.. وصلت المدينة التي سيقام فيها المؤتمر بصحبة أولئك العلماء الخبراء.. كانت مدينة جميلة مزهوة بكل التقنيات الحديثة..

    عندما تسير فيها تشعر بأنك في مدينة غربية متطورة.. لا علاقة لها بمدن الشرق.

    تعجبت أن تزهو هذه المدينة بكل هذه التقنيات، ومع ذلك يرضى أصحابها بذلك الجهل الذي يتصورون به الأشياء على غير حقائقها.

    وتعجبت أكثر من كون هؤلاء يقبلون تقنيات الغرب، ثم لا يقبلون علومه التي أسس عليها تقنياته.

    لكني صرفت كل هذا التعجب، وعدت إلى طبيعتي الباحثة.. وقلت لنفسي: لا ينبغي أن يؤثر في طرف من الناس.. ذلك كلام صاحبي الذي دفعه إليه حرصه على دينه.. والواقع قد يكون خلاف ما قال.

    سرنا إلى فندق ضخم أعد خصيصا لنا في ضاحية من ضواحي المدينة.. وما وضعت متاعي في غرفتي حتى ضاقت بي نفسي من كل تلك الخرسانات المسلحة التي تحيط بي، فاستأذنت رفاقي، وخرجت إلى منتزه لا يبعد كثيرا عن الفندق.. وعلى عشبه الحنون ارتميت أنظر إلى السماء المزهوة بأحلى ألوان الربيع.. ارتخيت لأسمع من همس جمال الطبيعة ما كنت أسمع قبل مجيئي.

    لكن تلك الهمسات قطعت بجهر اثنين كانا يجلسان بجانبي، سمعتهمها يتحدثان عن المؤتمر المزمع انعقاده، كانا يتحدثان بانفعال شديد، فشدني كلامهما.. وهذا هو الحوار الذي تمكنت من سماعه:

    قال الأول: لست أدري ما الذي يخطط له هؤلاء الأغبياء.

    قال الثاني: لم تنعتهم بالأغبياء.. هم لا يقولون إلا ما أداه إليه اجتهادهم، والمجتهد له أجر، وإن أخطأ..

    قال الأول: ولكن خطأهم عميق ومؤثر.. إنهم كمتهم أعطيت له أدلة براءته، فراح يقطعها، ويتهم من أعطاه تلك الأدلة.

    قال الثاني: ولكنهم يستدلون لذلك بأدلة غاية في القوة:

    إنهم ينقلون عن أبي اسحق الشاطبي (ت790هـ) قوله في كتابه الخطير (الموافقات):( أن كثيراً من الناس تجاوزوا في الدعوى على القرآن الحدَّ؛ فأضافوا إليه كل علم يذكر للمتقدمين، أو المتأخرين، من علوم الطبيعيات والتعاليم، والمنطق، وعلم الحروف، وجميع ما نظر فيه الناظرون، من أهل الفنون، وأشباهها، وهذا إذا عرضناه على ما تقدم لم يصح.. )[4]

    ثم يذكر أخطر دليل، فيقول:( وإضافة إلى هذا فإن السلف الصالح، من الصحابة، والتابعين ومن يليهم كانوا أعرف بالقرآن، وبعلومه، وما أودع فيه، ولم يبلغنا أنه تكلم أحد منهم في شئ من هذا المدعى، سوى ما تقدم، وما ثبت فيه من أحكام التكاليف، وأحكام الآخرة، وما يلي ذلك، ولو كان لهم في ذلك خوض، ونظر، لبلغنا منه ما يدلنا على أصل المسألة، إلا أن ذلك لم يكن، فدل على أنه غير موجود عندهم، وذلك دليل على أن القرآن لم يقصد فيه تقرير لشئ، مما زعموا )

    بل إن الشاطبي يرى فوق ذلك كله أن المعاني، التي لا عهد للعرب بها، غير معتبرة فيقول:( وربما استدلوا على دعواهم بقوله تعالى: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾(النحل:8)، وقوله تعالى: ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾ (الأنعام:38)، ونحو ذلك.. فأما الآيات فالمراد بها عند المفسرين: ما يتعلق بحال التكليف والتعبد، أو المراد بالكتاب في قوله تعالى:﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾(الأنعام:38) اللوح المحفوظ، ولم يذكروا فيها ما يقتضي تضمنه لجميع تلك العلوم، النقلية، والعقلية.. فليس بجائز أن يضاف إلى القرآن ما لا يقتضيه، كما أنه لا يصلح أن ينكر منه ما يقتضيه، ويجب الاقتصار في الاستعانة على فهمه، على كل ما يضاف علمه، إلى العرب خاصة، فبه يوصل إلى علم ما أودع من الأحكام الشرعية، فمن طلبه بغير ما هو أداة له، ضل عن فهمه، وتقول على الله ورسوله فيه )[5]
    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: معجزات علمية ـ نور الدين أبو لحية ـ المقدمة Empty رد: كتاب: معجزات علمية ـ نور الدين أبو لحية ـ المقدمة

    مُساهمة من طرف Admin 1/6/2021, 16:09

    قال الأول: نعم.. الشاطبي فحل من فحول العلم.. وما قال هذا الكلام جزافا، ولا قاله، وهو يقصد ما يقصدون..

    لقد رأى ثلة من الناس تؤول القرآن ليتوافق مع الخرافات التي نشرها العقل اليوناني أو الهندي.. فراح يحذر من ذلك.. ويأمرهم بالعودة إلى ظواهر اللغة كما فهمها العرب.

    هو لا يقصد ما يفعله هؤلاء الذين يجردون القرآن من أهم مزاياه.

    قال الثاني: إن كلام الشاطبي واضح.. وهو لا يتعلق بعصر دون عصر.. إنه يضع القواعد التي تحمي القرآن من كل تحرف.

    قال الأول: وهو سيبقى كلاما للشاطبي.. والشاطبي بشر.. وهو فوق ذلك يتحدث بناء عن ثقافة عصره.. والتي تبعد عنا القرون الطوال.

    قال الثاني: هم ينقلون عن المعاصرين الذين رأوا العلوم في قمة عنفوانها.. فهذا محمد حسين الذهبي، وهو من المعاصرين يبرهن على إنكاره للتفسير العلمي للقرآن من جهات متعددة: من الناحية اللغوية.. ومن الناحية البلاغية.. ومن الناحية الاعتقادية:

    أما الناحية اللغوية، فهي: أن كثيرا من الألفاظ القرآنية تغيرت وتوسعت دلالاتها بمرور الزمان.. وهذه المعاني كلها تقوم بلفظ واحد، بعضها عرفته العرب وقت نزول القرآن، وبعضها لا علم للعرب به، وقت نزول القرآن، نظراً لحدوثه، وطروئه، على اللفظ، فهل يعقل أن نتوسع هذا التوسع العجيب، في فهم ألفاظ القرآن، وجعلها تدل على معان، وجدت باصطلاح حادث؟

    وأما الناحية البلاغية.. والبلاغة هي المطابقة لمقتضى الحال.. فإن التفسير العلمي للقرآن يضر ببلاغة القرآن، لأن من خوطبوا بالقرآن في وقت نزوله: إن كانوا يجهلون هذه المعاني، وكان الله يريدها من خطابه إياهم لزم على ذلك أن يكون القرآن غير بليغ، لأنه لم يراع حال المخاطب؟ وإن كانوا يعرفون هذه المعاني، فلم لم تظهر نهضة العرب العلمية، من لدن نزول القرآن، الذي حوى علوم الأولين والآخرين؟

    وأما الناحية الاعتقادية.. فقد أنزل الله القرآن إلى الناس كافة حتى قيام الساعة، ولو ذهبنا مذهب من يحمل القرآن كل شئ، وجعلناه مصدراً للعلوم، لكنا بذلك قد أوقعنا الشك في عقائد المسلمين نحو القرآن الكريم، وذلك لأن قواعد العلوم، وما تقوم عليه من نظريات لا قرار لها ولا بقاء. ولو ذهبنا إلى تقصيد القرآن، ما لم يقصد، من نظريات، ثم ظهر بطلان هذه النظريات فسوف يتزلزل اعتقاد المسلمين في القرآن الكريم. لأنه لا يجوز للقرآن أن يكذب اليوم، ما صححه بالأمس[6].

    ولكنه مع هذا يرى أن في القرآن إعجازا علميا هو في عدم مخالفته ما يذكره المعاصرون من علوم.. لقد قال في هذا:( وحسبهم أن لا يكون في القرآن نص صريح يصادم حقيقة علمية ثابتة ) أليس كون القرآن لا يصادم حقائق علمية ثابتة معجزة علمية؟

    قال الأول: كل ما ذكرته أقوال اجتهادية، وفهوم بشرية، قد تحترم، وقد لا تحترم، وأنا شخصيا لا أحترمها، ولا أظن أن عاقلا يرى احترامها.

    قال الثاني: كف عن غلوك وتطرفك.. كيف تقول هذا عن كلام علماء أعلام لهم جاههم وخدماتهم!؟

    قال الأول: أنا لا أنكر خدماتهم، ولكني أنكر سوء فهمهم.. وأنكر احتكارهم للقرآن.. هم يريدون منا أن نتعامل مع القرآن الكريم كما نتعامل مع المعلقات السبع..

    هم ـ من حيث لا يشعرون ـ يجعلون الله كأولئك الشعراء الذين ضاقت بهم أجواء البيئة العربية، فراحوا ينفسون عن أنفسهم بالأشعار.. فلم تخرج أشعارهم عن بيئتهم.

    البيئة العربية ـ يا صاحبي ـ أضيق من أن تحتوي الحقائق التي نطق بها كتاب الله الذي جاء رسالة للبشرية جميعا، وفي بيئاتها جميعا، وفي أزمنتها جميعا.

    وقد كان من إعجاز القرآن أنه حوى الحقائق من غير أن يصادم القدرات العقلية للبيئة التي نزل فيها، وللعصور التي سبقت عصرنا.

    إن هذا من دلائل الإعجاز.. لا من دلائل صرف الإعجاز، كما يدعي المقيدون بالقيود التي وضعتها عقول أسلافهم.

    قال الثاني: ولكن الخوض في مثل هذا سيصرف الناس عن هداية القرآن ليحوله إلى كتاب علوم، لا كتاب هداية.

    قال الأول: هو لن يكون كتاب هداية حتى يكون كتاب علوم.. الهداية ـ يا صاحبي ـ فرع عن العلم.. والجاهل لن يهديك إلا إلى جهله.

    قال الثاني: العلوم مختلفة.. والعلوم التي جاء القرآن لتقريرها هي علوم الحقائق الأزلية، والوظائف التي كلف الله بها الإنسان.

    قال الأول: أليس الله هو مبدع كل شيء؟

    قال الثاني: أجل.. وهل في ذلك شك؟

    قال الأول: فهل ترى أن الله الذي أبرز دلائل علمه في مكوناته لا يبرزها في كلامه؟

    قال الثاني: هو يبرزها بما لا يصطدم مع البيئات المختلفة.. والعصور المتناقضة.

    قال الأول: ذلك عندما يكون المتكلم هو نحن، أو شعراؤنا وبلغاؤنا.. أما عندما يكون المتكلم هو الله، فإن اللغة التي سيكتسي بها كلامه ستحمل من المعاني ما لا تختفي معه الحقائق، وما لا تتناقض معه العصور.

    سكت قليلا، ثم قال: أليس القرآن الكريم معجزة ممتدة لكل العصور؟

    قال الثاني: بلى..

    قال الأول: وهي شاملة لكل أصناف الناس؟

    قال الثاني: نعم.. وقد قال رسول الله r في ذلك:( ما من الأنبياء نبي إلا أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً، أو حاه الله إلى، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة)[7]

    وقد قال ابن حجر عند شرحه لهذا الحديث:( ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة، وخرقه للعادة في أسلوبه، وفي بلاغته، وإخباره بالمغيبات، فلا يمر عصر من الأعصار، إلا ويظهر فيه شئ مما أخبر به أنه سيكون ؛ يدل على صحة دعواه … فعم نفعه من حضر، ومن غاب، ومن وجد، ومن سيوجد )[8]

    قال الأول: صدق ابن حجر.. ولكن هل ترى النصوص التي تخبر عن إعجاز القرآن تخص ذلك بالبلاغة أو النظم أو التنبؤ بالأمور الغيبية.. أم أنها تطلق التحدي إطلاقا؟

    قال الثاني: بل تطلقه إطلاقا.. فالله تعالى يقول:﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ (البقرة:23)

    قال الأول: فهو يتحداهم بسورة من مثله من غير أن يبين لهم أسرار الإعجاز التي تحتويها تلك السورة.

    قال الثاني: ولكن هذا قد يفهم من سياق الكلام.. فالقرآن يتحدى البلغاء الفصحاء.. وهذا يعني أنه يتحداهم في ميدانهم.

    قال الأول: فأنت ترى أن هذه الآية كانت خاصة بعصر النبوة، أو أنها كانت خاصة ببلاد العرب، ولا علاقة لها بسائر الأقطار، وسائر الأزمنة؟

    قال الثاني: بل لها علاقة بكل ذلك..فالقرآن الكريم كتاب كل العصور.

    قال الأول: فكيف نثبت لهم أنه من عند الله؟

    قال الثاني: بإخبارهم عن عجز الذين تحداهم من جهة، أو أن نعرض عليهم نفس التحدي من جهة أخرى.

    قال الأول: نحن إلى الآن لم نتفق في محل الإعجاز.. فأنت تراه محدودا غير مطاق، وأنا أراه مطلقا غير مطاق.. ولكن رؤيتي أعمق من رؤيتك، ورؤية من يرى رؤيتك.

    قال الثاني: كيف ذلك؟

    قال الأول: أرأيت لو أن دولة كان لها أسلحة متطورة كثيرة لم تكشف عنها لأعدائها، فلم يعرفوا أسرارها، ولا أنواعها، ولا أنواع القوة التي تحملها، فلذا كلما قدم أعداؤها سلاحا، كلما وجدوا عندها من الأسلحة ما يفوق ذلك السلاح.

    أذلك خير أم دولة ليس لها من السلاح إلا ما تسلح به سلفها، وليس لها من القوة إلا ما ورثته، فأيهما أقوى قوة؟

    قال الثاني: لا شك أنها الدولة الأولى.

    قال الأول: فهكذا الأمر في القرآن الكريم بين من يقول بإطلاق الإعجاز فيه، وبين من يقول بتحديده.

    من يقول بإطلاقه يجعل القرآن الكريم كلام الله كنزا من كنوز العجائب والمعجزات، ومن يقول بمحدوديته لا يراه إلا كما يراه ذلك البدوي البسيط.. يراه من خلاله عنزاته وناقته وخيمته.

    قال الثاني: أنت تتحدث بالعقل.. والعقل لا يكفي وحده في هذا المجال.

    قال الأول: ليس عقلي وحده الذي يتحدث.. إن القرآن يتحدث عن هذا.. إن الله تعالى يعد البشرية بأنه سيريها في مستقبل أيامها من الآيات في الآفاق والأنفس ما يرون به الحقائق رأي العين.. اسمع لهاتين الآيتين الكريمتين اللتين تتنبآن بهذه الحقيقة العظيمة، قال تعالى:﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52) سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)﴾(فصلت)

    إن هذه الآية الكريمة لا تتحدث فقط عن معجزات الآفاق والأنفس الدالة على الله، بل هي تتحدث أيضا ـ بحسب ما يدل السياق ـ على معجزات الله في الآفاق والأنفس الدالة على القرآن الكريم، وعلى صدق محمد r.. اقرأ الآية السابقة لها لتدرك ذلك قال تعالى:﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ﴾ (فصلت:52)

    ليست هذه الآية فقط هي التي تعد البشرية بهذه الحقائق التي ينطوي عليها القرآن الكريم، اسمع لهذه الآيات:﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (87) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88)﴾

    لقد قال الفراء (توفي عام 207هـ)، وهو العالم اللغوي الجيل في تفسير الحين الذي ذكرته الآية:( بعد الموت وقبله، أي لتظهر لكم حقيقةما أقول(بعد حين) أي في المستأنف )

    بل قال ابن جرير الطبري، وهو الإمام الكبير في التفسير، بعد ذكر الأقوال المتعددة، في تفسير الحين الذي ذكرته الآية:( وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أعلم المشركين بهذا القرآن أنهم يعلمون نبأه بعد حين، من غير حد منه لذلك الحين بحد، ولا حد عند العرب للحين لا يجاوز ولا يقصر عنه، فإذا كان ذلك كذلك، فلا قول فيه أصح من أن يطلق، كما أطلقه الله، من غير حصر ذلك على وقت دون وقت)[9]

    وفوق ذلك.. ألست ترى القرآن الكريم كلام الله المعرف بالله والدال على الله؟

    قال الثاني: أجل.. وهل أنت في شك من ذلك؟

    قال الأول: ألم يقل سلفنا الصالح:( إن الله تجلى لعباده في كتابه ليعرفوه )

    قال الثاني: أجل.. لقد قالوا ذلك.. وصدقوا في ذلك.

    قال الأول: ألا تتجلى رحمة الله بعباده في القرآن الكريم؟

    قال الثاني: بلى.. بل تتجلى بأعمق صورها.. فالله يقول لعباده بكل رحمة ولطف:﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ (الزمر:53)

    وهو من رحمته بهم يأمرهم بأن يسألوه، ويعدهم بأن يجيبهم:﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ (البقرة:186)

    بل هو يخبر عباده عن رحمته ليملأوا نفوسهم بها:﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ (الحجر:49)

    ولو ظللت أقرأ عليك الآيات الدالة على الرحمن الرحيم ما انتهيت.

    قال الأول: وهل تتجلى حكمة الله في القرآن الكريم؟

    قال الثاني: أجل.. وبنفس ما تتجلى به رحمة الله.. فالله الحكيم هو الذي شرع الشرائع التي تمتلئ بالحكمة.. وهو الذي وضع القوانين التي لا تنطق إلا بالحكمة.

    قال الأول: لقد أخبر الله بأنه عليم.. بل أخبر بأن علمه وسع كل شيء، فقال:﴿

    إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً ﴾ (طـه:98)، وقال على لسان خليله:﴿ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً ﴾ (الأنعام: من الآية80)

    قال الثاني: أجل.. القرآن أخبر بذلك.. بل أخبر أن القرآن الكريم أنزل بعلم الله، فقال تعالى:﴿ لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ (النساء:166)، وقال:﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾(هود:14)

    قال الأول: إن هاتين الآيتين الكريمتين هما الحكم بيننا، وبين الذين ينكرون أن يودع الله في كتابه أسرار العلوم التي لم يفطن لها غير المتأخرين.

    قال الثاني: لا أرى في الآيتين أي دلالة.. فالقرآن كتاب هداية، لا كتاب علم.

    قال الأول: أنا أوافقك في الشق الأول من أن القرآن كتاب هداية.. ولا أوافقك على الشق الثاني.. بل القرآن كتاب علم لأنه من عند الله العليم الخبير.

    أجبني.. هل ورد في القرآن الكريم ذكر عدد ركعات الصلاة، أو مواقيتها، أو ما يفعل فيها؟

    قال الثاني: لم يذكر كل ذلك.. بل ذكرته السنة.

    قال الأول: وهل ذكر في القرآن الكريم تفاصيل الحديث عن الرياح والأمطار والسحب والجبال والسماء والأرض؟

    قال الثاني: أجل.. لقد تحدث القرآن كثيرا عن ذلك..

    قال الأول: بل القرآن يمتلئ بذلك.. القرآن يلي عناية كبرى لمخلوقات الله لأنه كلام الله الذي ينبه عباده إلى أسرار صنعته، كما ينبه الرسام المبدع المتفرجين على جمال لوحاته.

    هزني هذا الكلام، وتذكر ما قاله لي صاحبك، فنهضت، واقتربت منهما، وقلت: هل تأذنان لي في الجلوس إليكما؟

    قال الأول: اجلس..

    ثم التفت إلى صاحبه، وقال: هذا أخي وصديقي حذيفة، وأنا أخوك علي، جلسنا هنا نتحدث عن هذا المؤتمر الذي أزمع بعض قومنا عقده.

    قلت: وأنا أخوكم (.... ) من ألمانيا، أنا مسيحي، وقد جئت لحضور هذا المؤتمر.

    قال حذيفة: عجبا.. ما الذي جعلهم يخصونك بالدعوة مع أن هذا الموضوع خاص بالمسلمين.

    قال علي: ليس هناك موضوع خاص بالمسلمين، أو خاص بغيرهم.. الحقائق ملك الجميع.. والقرآن كتاب الجميع.. ولا ينبغي لأحد من الناس أن يحتكره.. ألم يقل القرآن:﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ ﴾ (التوبة:6)؟

    لقد أمرنا الله في هذه الآية بأن نوفر الجو المناسب لكل الناس ليسمعوا القرآن، ثم نتركهم لقناعاتهم.

    بل إن الآية تقدم بعض الأعذار للمشركين، فهي تعتبر شركهم بسبب أنهم لا يعلمون، فلذلك إذا ما علموا وعلموا زال عذرهم، وأقيمت الحجة عليهم.

    بل إن الله تعالى دعا إلى الجهاد بكتابه، فقال:﴿ فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ﴾ (الفرقان:52)

    قال حذيفة: ولكن ألا ترى أن هناك بعض الاعوجاج في هذا؟

    قال علي: أي اعوجاج؟

    قال حذيفة: أنت العالم الخبير صاحب الشهادات العلمية الكثيرة لا يؤذن لك في مجرد الحضور مع كونك من أهل هذا البلد، بينما يستدعى هذا الألماني من بلده.

    قال علي: ذلك شيء آخر.. نعم هم قصروا في حقي، لكنهم لم يقصروا في حقه.

    التفت إلي، وقال: اعذرني.. فأنا وأخي هذا دائما هكذا.. لا أقول شيئا إلا ذكر ما يخالفني فيه.. خوفا علي من الأهواء.

    ولا عجب في ذلك، فهو من نسل الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان.. لعلك لا تعرفه.. لقد كان هذا الصحابي شديد الحرص على الدين، فلذلك كان يغلب سد الذرائع.. وفي الوقت الذي كان الصحابة يسألون رسول الله r عن الخير كان هو بدل ذلك يسأله عن الشر مخافة أن يدركه.

    وقد نال لذلك شرف أن يصير أمين سر رسول الله r.

    قال حذيفة: ولا عجب في أن يكون أخي علي من نسل علي ابن عم رسول الله r.. فقد كان محبا للعلم.. بل أثر في خطبه الكثيرة الحديث عن السماء والأرض وبديع الصنعة الإلهية..

    ولذلك فإن عليا يجمع بين العلمين.. علوم الكتاب، وعلوم الكون.

    قال علي: بل قل: علوم الكتاب، وعلوم تأويل الكتاب.. فلا أرى علوم الكون إلا تأويلا للكتاب.. ولا أرى كل هذه المجلدت والموسوعات والمخابر إلا حروفا تفسر كلام ربنا، وتقربه إلينا.

    قال حذيفة: اعذرنا.. فنحن دائما هكذا..

    قلت: ولكني مع ذلك أراكما متحابين متصافيين.

    قال علي: لأنا صادقين فيما ندافع عنه.. كل واحد منا يمثل اتجاها، ولكنا في الأخير نلتقي على هدف واحد.

    قلت: أأنت متأثر لعدم الإذن لك بالحضور؟

    قال علي: لا يمكنني أن أكذب، فأزعم بأني لست متأثرا لعدم حضوري.. لأني لا أرضى بالقمع مهما كان نوعه سياسيا، أو فكريا..

    لو لم يكن لدي علاقة بموضوع المؤتمر ما كنت مباليا، ولكن المؤتمر يصب في صلب اختصاصي.

    لكن لا بأس.. فإن لم أحضر أنا، فسيحضر أخي.

    قلت: لا عليك.. لقد قدمت بأجهزة متطورة ستسجل كل ما يذاع في المؤتمر، وسأستقبلك في غرفتي لتسمع كل ما يقال.

    قال: أنا لا يعنيني مما يقال إلا شيء واحد هو المحاضرة العلمية التي تقدم في نهاية كل جلسة.. أما ما عدا ذلك من محاضرات، فلست متأسفا لعدم حضورها، فلدي من المراجع ما يكفي لذلك..

    زيادة على أن أكثر تلك المحاضرات أو كلها كرر سابقا.. ليس هناك جديد ـ يا صاحبي ـ ما عدا ذلك الجديد الذي قدم به الخبراء من بلادهم البعيدة.

    قلت: إذا كان الأمر كذلك.. فتعال عندي كل مساء، وسأسمعك ما تشاء من محاضرات.

    قال: أشكرك على هذا الكرم الجزيل.. وأنا لم أتألم لعدم سماع المحاضرات فقط.. فهي مع أهميتها لا يضرني عدم سماعها.. زيادة على أن أخي سينقل لي بالتفصيل كل ما يقال.. ولكني متألم لأني ممنوع من مجرد الدخول إلى الفندق الذي يأوي إليه المحاضرون.

    قلت: لم كل ذلك التشدد؟

    قال: لقد خشوا أن أتصل بالمحاضرين، فأفسد أفكارهم التي جاءوا لطرحها.

    قلت: فأنت ترغب في الالتقاء بالمحاضرين إذن؟

    قال: بالمحاضرين من الخبراء فقط.. أما من عداهم، فأنا أسمعهم في كل حين، وأناقشهم كل حين.

    احترت بيني وبين نفسي، هل أتركهم يسمعون هذا الرجل، فأخون ما ائتمنت عليه، وأفرط فيما كلفت فيه.. أو أطيع المبادئ التي أؤمن بها، والتي تجعلني محتكرا لعقلي لا أسمع لسواه.

    نازعني عقلي إلى الثاني، لكني خشيت أن يذكر هؤلاء الخبراء للمسؤولين ما فعلت بهم، فأفصل عن كل ذلك العز الذي أتنعم به، وتسلب مني كل تلك الثروة التي وضعت تحت يدي.

    لكن عقلي عاد، فاحتال لي حيلة ترضيه، وترضي رغبات نفسي ورهباتها.

    قلت: هؤلاء المحاضرون من بلادي.. وهم أساتذة بجامعاتنا.. ولدي علاقة طيبة بهم.. ويمكنني أن أحتال لك ليسمعوك أو تسمع منهم.. ولكن بشرط واحد.

    قال: كل شروطك مجابة.. المهم أن تمكنني من الحوار معهم.

    قلت: سأفعل ذلك.. ولكن لابد أن تظهر بمظهر لا يوحي بعلاقتك بي، ولا أن ما يحصل مدبر بيننا.

    قال: ذلك علي.. أنا لا أطلب منك إلا شيئا واحدا هو أن تعلمني بالمكان الذي يذهبون إليه كل مساء بعد الانتهاء من المحاضرات.. وأنا سأحتال للتحدث إليهم بما أريد.

    قلت: وأنا سأوفر لك من الجو ما تستطيع أن تتكلم فيه بكل صراحة عما تريد.. ولكن حاول أن تغير مظهرك كل مرة حتى لا يفطن لك.

    قال: ذلك علي.. لقد سبق لي أن مثلت أدوارا كثيرة في الباطل.. وسأستخدم خبرتي فيها في نصرة الحق.

    ***

    هذه هي مقدمة رحلتي هذه..

    وقد جرت الأمور كما خططت، كنت أخرج كل يوم من أيام المؤتمر العشرة إلى محل من المحال، أو مركز من المراكز، أو منتزه من المنتزهات، وهناك ألتقي بصاحبي علي.. وهو يرتدي كل مرة حلة جديدة، أنا نفسي لا أكاد أفطن لها.

    وقد قدم لنا صاحبه ـ حذيفة ـ كل الخدمات مع الخلاف الذي كان بينهما، لقد كان واسطة بيني وبينه، كان يحضر معنا لقاءاتنا، ويتدخل أحيانا إذا ما وجد فرصة للتدخل.

    وقد وفى علي بما وعدني، فلم يفطن أحد من الخبراء بما أعددنا له، وإن كان العجب قد أخذ منهم كل مأخذ بعد أن رأوا أنهم في أمسية كل يوم من الأيام العشرة يصادفون من يناقشهم في نفس الموضوع.

    أما في نهاية المؤتمر.. وفي اليوم الذي يجتمع فيه الجميع ليقدموا خلاصة أبحاثهم، فقد حصل عجب عجاب..

    قلت: ما الذي حصل؟

    قال: دعنا نبدأ الحكاية من أولها..




    ([1]) انظر نهاية الجزء السابق (الكلمات المقدسة)

    ([2]) لقد ذكرنا في الأجزاء الماضية أنا نحاول جهدنا أن لا نجرح أحدا بذكر اسمه، مهما كان، سواء كان مسلما أو مسيحيا، إلا لضرورة شديدة تستدعي ذلك.

    وهذا من هذا الباب.. وهذا الكلام مما تمتلئ به مواقع المبشرين الذين لا يفرحون بشيء كما يفرحون بمثل هذه الفتاوى.

    ([3]) هذا ما هو موجود في المواقع التبشيرية، ولكن كل علماء المسلمين بما فيهم العلماء المعاصرين الذين يسمونهم يخالفون هذا، وينصون على كروية الأرض، وسنرى التفاصيل المرتبطة بذلك في الفصل الثاني.

    قال الشيخ عاصم القريوتي، يتحدث عن موقف ابن باز من ذلك:« يثبت الشيخ – أي ابن باز – رحمه الله ويقرر كروية الأرض، كغيره من علماء الإسلام، وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية الإجماع على ذلك في عدة كتب منها (العرشية) و(درء تعارض النقل والعقل)( 6 / 339 )، وانظر (رسالة في الهلال) من (مجموع الفتاوى) ( 25 / 195 )، ونقل الإجماع ابن كثير في (البداية والنهاية) كما في (آفاق الهداية)( 1 / 173 ).

    ومن العجب أنه افتُري على الشيخ ابن باز – رحمه الله – في حياته بأنه ينكر كروية الأرض، مع أن الشيخ موافق لعلماء الإسلام في هذه المسألة.

    يقول الأستاذ عبد الرحيم الشريف الذي نقلنا عنه هذا الكلام: « ولقد سألته عام 1395 هـ تقريباً أو 1394 هـ عن هذه المسألة وأن له كتاباً زعموا أنه له باسم (الباز المنقض على من قال بكروية الأرض)، فعجب من ذلك، وسخر من هذا الافتراء.

    وقد قال هو نفسه:« أما ما نشرته عني مجلة (السياسة) نقلاً عن البيان الذي كتبه كتَّاب وأدباء التجمع التقدمي في مصر من: إنكاري هبوط الإنسان على سطح القمر وتكفير من قال بذلك، أو قال إن الأرض كروية، أو تدور، فهو كذب بحت لا أساس له من الصحة، وقد يكون الناقل لم يتعمد الكذب ولكن لم يتثبت في النقل.

    ومقالي مطبوع ومنشور وقد أوضحت فيه الرد على من أنكر هبوط الإنسان على سطح القمر، أو كفَّر مَن صدَّق بذلك، وبيَّنتُ أن الواجب على من لا علم لديه التوقف وعدم التصديق بذلك، وبيَّنتُ أن الواجب على من لا علم لديه التوقف وعدم التصديق والتكذيب حتى يحصل له من المعلومات ما يقتضي ذلك.

    كما أني قد أثبتُّ في المقال فيما نقلتُه عن العلاَّمة ابن القيم رحمه الله ما يدل على إثبات كروية الأرض »( انظر: مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز ( 9 / 228 )

    ([4]) الموافقات: 2/55-56.

    ([5]) الموافقات: 2/55-56.

    ([6])التفسير والمفسرون للذهبي.

    ([7]) رواه البخاري ومسلم.

    ([8]) فتح الباري لابن حجر: 9/7.

    ([9])تفسير الطبري.

      الوقت/التاريخ الآن هو 22/11/2024, 13:35