..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: ينابيع المودة ـ الشيخ سليمان بن إبراهيم القندوزي
مقال: المفترق التونسي لرحلة الكشف والتجلي في مسيرة ابن عربي الشيخ الأكبر ـ الحبيب الأسود Emptyأمس في 19:59 من طرف Admin

» كتاب: إيثار الحق على الخلق ـ للإمام عز الدين محمد بن إبراهيم بن الوزير الحسنى
مقال: المفترق التونسي لرحلة الكشف والتجلي في مسيرة ابن عربي الشيخ الأكبر ـ الحبيب الأسود Emptyأمس في 19:56 من طرف Admin

» كتاب: الذين رأوا رسول الله في المنام وكلّموه ـ حبيب الكل
مقال: المفترق التونسي لرحلة الكشف والتجلي في مسيرة ابن عربي الشيخ الأكبر ـ الحبيب الأسود Emptyأمس في 19:51 من طرف Admin

» كتاب: طيب العنبر فى جمال النبي الأنور ـ الدكتور عبدالرحمن الكوثر
مقال: المفترق التونسي لرحلة الكشف والتجلي في مسيرة ابن عربي الشيخ الأكبر ـ الحبيب الأسود Emptyأمس في 19:47 من طرف Admin

» كتاب: روضة الأزهار فى محبة الصحابة للنبي المختار ـ الدكتور عبدالرحمن الكوثر
مقال: المفترق التونسي لرحلة الكشف والتجلي في مسيرة ابن عربي الشيخ الأكبر ـ الحبيب الأسود Emptyأمس في 19:42 من طرف Admin

» كتاب: دلائل المحبين فى التوسل بالأنبياء والصالحين ـ الشيخ فتحي سعيد عمر الحُجيري
مقال: المفترق التونسي لرحلة الكشف والتجلي في مسيرة ابن عربي الشيخ الأكبر ـ الحبيب الأسود Emptyأمس في 19:39 من طرف Admin

» كتاب: ريحانة الارواح في مولد خير الملاح لسيدي الشيخ علي أمين سيالة
مقال: المفترق التونسي لرحلة الكشف والتجلي في مسيرة ابن عربي الشيخ الأكبر ـ الحبيب الأسود Emptyأمس في 19:37 من طرف Admin

» كتاب: قواعد العقائد فى التوحيد ـ حجة الإسلام الإمام الغزالي
مقال: المفترق التونسي لرحلة الكشف والتجلي في مسيرة ابن عربي الشيخ الأكبر ـ الحبيب الأسود Emptyأمس في 19:35 من طرف Admin

» كتاب: سر الاسرار باضافة التوسل ـ الشيخ أحمد الطيب ابن البشير
مقال: المفترق التونسي لرحلة الكشف والتجلي في مسيرة ابن عربي الشيخ الأكبر ـ الحبيب الأسود Emptyأمس في 19:33 من طرف Admin

» كتاب: خطوتان للحقيقة ـ الأستاذ محمد مرتاض ــ سفيان بلحساين
مقال: المفترق التونسي لرحلة الكشف والتجلي في مسيرة ابن عربي الشيخ الأكبر ـ الحبيب الأسود Emptyأمس في 19:27 من طرف Admin

» كتاب: محمد صلى الله عليه وسلم مشكاة الأنوار ـ الشيخ عبدالله صلاح الدين القوصي
مقال: المفترق التونسي لرحلة الكشف والتجلي في مسيرة ابن عربي الشيخ الأكبر ـ الحبيب الأسود Emptyأمس في 19:25 من طرف Admin

» كتاب: النسمات القدوسية شرح المقدمات السنوسية الدكتور النعمان الشاوي
مقال: المفترق التونسي لرحلة الكشف والتجلي في مسيرة ابن عربي الشيخ الأكبر ـ الحبيب الأسود Emptyأمس في 19:23 من طرف Admin

» كتاب: المتمم بأمر المعظم صلى الله عليه وآله وسلم ـ الشيخ ناصر الدين عبداللطيف ناصر الدين الخطيب
مقال: المفترق التونسي لرحلة الكشف والتجلي في مسيرة ابن عربي الشيخ الأكبر ـ الحبيب الأسود Emptyأمس في 19:20 من طرف Admin

» كتاب: الجواهر المكنونة فى العلوم المصونة ـ الشيخ عبدالحفيظ الخنقي
مقال: المفترق التونسي لرحلة الكشف والتجلي في مسيرة ابن عربي الشيخ الأكبر ـ الحبيب الأسود Emptyأمس في 19:16 من طرف Admin

» كتاب: الرسالة القدسية في أسرار النقطة الحسية ـ ابن شهاب الهمداني
مقال: المفترق التونسي لرحلة الكشف والتجلي في مسيرة ابن عربي الشيخ الأكبر ـ الحبيب الأسود Emptyأمس في 19:09 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    مقال: المفترق التونسي لرحلة الكشف والتجلي في مسيرة ابن عربي الشيخ الأكبر ـ الحبيب الأسود

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68472
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    مقال: المفترق التونسي لرحلة الكشف والتجلي في مسيرة ابن عربي الشيخ الأكبر ـ الحبيب الأسود Empty مقال: المفترق التونسي لرحلة الكشف والتجلي في مسيرة ابن عربي الشيخ الأكبر ـ الحبيب الأسود

    مُساهمة من طرف Admin 26/12/2021, 13:24

    المفترق التونسي لرحلة الكشف والتجلي في مسيرة ابن عربي
    الشيخ الأكبر زار تونس في مناسبتين وأخذ العلم عن شيخها عبدالعزيز المهدوي وذكرها في مؤلفاته.

    اليوم مرت 779 سنة على وفاة البحر الزاخر ابن عربي (لوحة من التراث الفني العربي)
    في السادس عشر من نوفمبر 1240، توفي سلطان العارفين وبحر المحققين ورئيس المكاشفين محمد بن علي بن محمد ابن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي الشهير بمحيي الدين ابن عربي، المعروف بالشيخ الأكبر، والقطب الأكبر، والكبريت الأحمر، والبحر الزاخر، وبحر الحقائق، المولود في مرسية في الأندلس في 26 يوليو 1164، والذي تُنسب إليه الطريقة الأكبرية الصوفية.

    يعرف عن محيي الدين ابن عربي، الذي توفّي في مثل هذا اليوم، أي في السادس عشر من نوفمبر من العام 1240، في دمشق عن 75 عاما ودفن في سفح جبل قاسيون، رحلاته الكثيرة إلى غرناطة ومكة وإقامته المديدة في دمشق، وقد قاده الترحال إلى مدائن أخرى كالطائف والقاهرة وحلب وقونية وأرمينيا وبغداد، وبخاصة رحلته التونسية التي كان لها تأثير بالغ في حياته وفي مذهبه الفكري، حيث أقام في تونس في مناسبتين؛ كانت الأولى في العام 1194 والثانية بعد سبع سنوات أي في العام 1201.

    وقد ذكر ابن عربي ذلك في كتابه الأثير الشهير “الفتوحات المكية” أنه أصبح وريثا للمعرفة المحمدية انطلاقا من تونس:

    أنا وارث لا شك علم محمد

    وحالته في السر مني وفي الجهر

    ولست معصوما ولكن شهودنا

    هو العصمة الغراء في الأنجم الزهر

    علمت الذي قلنا ببلدة تونس

    بأمر إلهي أتاني في الذكر

    أتاني به عام تسعين شربنا

    بمنزل تقديس من الوهم والفكر.

    فتونس تعتبر بالنسبة إلى الشيخ الأكبر الفضاء الميمون وباب الفتح الرباني، مركز الولاية ومصدر كل غاية، إذ جاءه فيها الخضر معلّم الصوفية وأستاذ العلم اللدني، حيث يروي ما حدث له عندما جاء إلى تونس لرؤية الشيخ عبدالعزيز المهدوي قائلا “اتفق لي مرة أخرى أني كنت بمرسى تونس في مركب في البحر، فأخذني وجع في بطني وأهل المركب قد ناموا، فقمت إلى جانب السفينة وتطلعت إلى البحر فرأيت شخصا على بعد في ضوء القمر وكانت ليلة البدر وهو يأتي على وجه الماء حتى وصل إليّ، ووقف معي ورفع قدمه الواحدة واعتمد على الأخرى، فرأيت باطنها وما أصابها بلل، ثمّ اعتمد عليها ورفع الأخرى فكانت كذلك، ثمّ تكلّم معي بكلام كان عنده ثمّ انصرف يطلب المغارة مائلا نحو تلّ على شاطئ بيننا وبينه مسافة تزيد على ميلين، فقطع تلك المسافة في خطوتين أو ثلاث، فسمعت صوته وهو على ظهر المغارة يسبّح اللّه تعالى وربما مشى إلى شيخنا جراح ابن خميس الكتاني وكان من سادات القوم مرابطا بمرسى عبدون، وكنت جئت من عنده بالأمس من ليلتي تلك، فلمّا جئت المدينة لقيت رجلا صالحا فقال لي: كيف كانت ليلتك البارحة في المركب مع الخضر؟ ما قال لك؟ وما قلت له؟”.

    ويرى ابن عربي أن مرتبة الخضر في الدولة الروحية هي الوتدية، فيقول “اعلم، أيها الولي الحميم أيدك الله، أن هذا الوتد هو الخضر، صاحب موسى {عليه السلام} أطال الله عمره إلى الآن، وقد رأينا من رآه، واتفق لنا من شأنه أمر عجيب”.

    من أبي مدين إلى المهدوي
    علاقة ابن عربي بتونس ترتبط في الجانب الأكبر منها بعلاقته مع شيخه أبي محمد عبدالعزيز ابن أبي بكر القرشي المهدوي (621هـ/1224) الشهير باسم عبدالعزيز المهدوي، والذي يوجد ضريحه بضاحية المرسى شمالي العاصمة تونس، ويعتبر واحدا من أبرز روّاد التصوّف في ما بين القرنين السادس والسابع الهجري حيث تبرّز في مبادئ الأسرار الصوفية، وأسّس معالم مدرسة في الزهد والتصوّف وعلوم الروح، كان من أبرز رموزها أبوسعيد الباجي (628هـ/1231) دفين الضاحية التي لا تزال تحمل اسمه، وأبوالحسن الشاذلي (656هـ/1258)، الذي ولد بقبيلة الأخماس الغمارية بالمغرب، وتفقه وتصوف في تونس، وتوفي بوادي حميثرة بصحراء عيذاب في مصر عندما كان متوجها إلى مكة المكرمة للحج.

    في مثل هذا اليوم، أي 16 نوفمبر من العام 1240، توفي في دمشق محيي الدين ابن عربي، المعروف بالشيخ الأكبر وبحر الحقائق

    وكان المهدوي قد آلت إليه القطابة بعد وفاة شيخه قطب الأقطاب أبي مدين شعيب، الذي تأثر ابن عربي بعلمه دون أن يقابله، وأطلق عليه اسم معلّم المعلمين، وقال عنه “شيخنا أبومدين من الثمانية عشر الظاهرين بأمر الله، عن أمر الله، لا يرون سوى الله في الأكوان، وهم أهل علانية وجهر، مثبتون للأسباب”.

    وكان الغوث أبومدين شعيب بن الحسين الأنصاري الأندلسي الشهير باسم أبي مدين شعيب (594هـ/1198) قطب أقطاب الصوفية في عصره، قد استقر في تونس عقب رجوعه من الحج، وكان يجتمع في مسجد سوق السكاجين بعدد من الشيوخ منهم أبويوسف الدهماني وأبومحمد صالح ابن عبدالخالق التونسي والطاهر المزوغي وأبوعبدالله محمد الدباغ صاحب كتاب “معالم الإيمان” والشيخ أبوعبدالله بن خميس الكناني الجراح الذي تحدث عنه ابن عربي، فقال “كان من سادات القوم، وجدته مرابطا بمرسى عبدون، لقيته وزرته حافيا في شدة الحر، تأسيا بشيخي أبي يعقوب الكومي وأبي محمد المروري، قالا لي إنهما زاراه على هذه الحالة، وقد ألهمه الله بقدومي إليه فاستقبلني مستبشرا وهو يتوكأ على عصاه لكبر سنه قبل وصولي عنده، جلست معه أياما نتذاكر في المعارف وصحبته مدة أقل بقليل من عام، وقبل أن أفارقه أمرني أن أكتم أمره عن عبدالعزيز المهدوي وغيره، وكان يجتمع بالخضر عليه السلام الذي لقيته أنا أيضا بتونس، وتوفي ابن خمسين في هذه السنة التي صحبت فيها الشيخ، أي عام 590 للهجرة، وقد كان قد سلك الطريق عند أبي مدين الذي كان يعظمه ويحبه حتى قال مرة معبرا عن شوقه إليه: لو كان لي جناح لطرت إلى الجراح”.

    ابن عربي ذكر في كتابه الأثير الشهير “الفتوحات المكية” أنه أصبح وريثا للمعرفة المحمدية انطلاقا من تونس
    ابن عربي ذكر في كتابه الأثير الشهير “الفتوحات المكية” أنه أصبح وريثا للمعرفة المحمدية انطلاقا من تونس
    الرفق بخلق الله
    أما عبدالعزيز المهدوي فقد زاره ابن عربي، وأخذ عنه من ينابيع علمه فتأثر به أيما تأثّر، حتى أنه أهدى إليه رسالته “الروح القدس في مناصحة النفس” التي كتبها بمكة المكرمة في العام 600 للهجرة، وذلك بالقول “من العبد الضعيف، الناصح الشفيق، المأمور بالنصح لإخوانه، والمشدد عليه في ذلك دون أهل زمانه: محمد ابن علي ابن محمد بن العربي الطائي الحاتمي، وفقه الله، إلى وليه في الله تعالى، وأخيه، الركن الوثيق: أبي محمد عبدالعزيز بن أبي بكر القرشي المهدوي، نزيل تونس، أبقاه الله محفوظا، وبعين الصون الإلهي والحماية ملحوظا”.

    وأورد ابن عربي في تلك الرسالة “إن النصح أولى ما تعامل به رفيقان وتسامر به صديقان وقلما دامت اليوم صحبة إلاّ على مداهنة، وكل إنسان يقبل النصح من غيره لا من نفسه لأن النفس عمياء عن عيوبها بصيرة بعيوب غيرها. وأيضا التبرك بذكر أولياء الله، والتأكيد على عدم خلو الزمان من الرجال الجارين على أسلوب المتقدمين باختلاف أحوالهم، والتروّح بذكر الصالحين الذين لقيهم في طريقه”.

    ويرى الباحث المصري محمود عبدالله التهامي أن الرسالة استهدفت تنبيه النفس، فهي تحوي حوارا ماتعا دار بين ابن عربي وبين نفسه حيث يقيم عليها الحجة ليأخذها بالشدة بدلا من أن تأخذه هي باللين، فالنص متدفق سهل حيث يستدعي الرجل حال أويس القرني أحد التابعين الصالحين، وحال فقراء الصحابة وأحوال السادة من أهل القوم.

    ويشير الباحث إلى أن الرسالة تناولت فكرة “الرفق بخلق الله” وفي هذا يحكي ابن عربي عن رجال الطريق وحالهم مع الناس ومع الحيوانات ومع الجماد، حيث الترفق بكل شيء فلا عنف ولا غلو في التعامل، فيروي عن أبي محمد القلفاط أنه ما تراه يمشي قط إلاّ في حق غيره، ويحكي عن أبي يعقوب الكومي فيقول إنه كان دائما مقطب الوجه فإذا بصر فقيرا تبرق أساريره ويتهلل وجهه، وعن أبي محمد مخلوف القبائي أنه كان يعم بدعائه أهل السموات والأرض حتى الحيات في البحر، وربى الشيخ أبوالحجاج الشبريلي قطة كانت سوداء لا يستطيع أحد أن يمسكها وكانت ترقد دائما في حجره فكانت تستشعر الأمان معه.

    ويتناول الشيخ الأكبر أيضا قيمة التسامح فيحكي عن المربية العابدة فاطمة بنت أبي المثنى أم ابن عربي النورانية التي تعلم على يديها المواهب الصوفية لمدة عامين والتي “ضربها أبوعامر المؤذن بالدرة في الجامع ليلة العيد فنظرت إليه وانصرفت متغيرة النفس عليه فبات تلك الليلة، فلما كان السحر سمعت ذلك المؤذن يؤذن فقالت: رب لا تؤاخذني، تغيرت نفسي على رجل يذكرك في دياجي الليل والناس نيام، هذا ذكر حبيبي يجري على لسانه اللهم لا تؤاخذه بتغيري عليه”. والنفس الإنسانية تقابل المواقف الحياتية على طبيعتها، رغم ما تقاسيه مع المريد من جهاد.. فاطمة لم تفعل شيئا، لكن نفسها تغيرت على المؤذن الذي أخطأ بحقها لا شك، فتعود سريعا وتعاتب نفسها التي تتبدل ناحية رجل يذكر اسم المحبوب الأول وسط ظلام الليل.

    ابن عربي تحدث عن شيخه بإجلال كبير في رسائله التي تحتوي على إشارات عدة تثبت الأسرار الخفية لعلاقته العرفانية بالمهدوي
    ابن عربي تحدث عن شيخه بإجلال كبير في رسائله التي تحتوي على إشارات عدة تثبت الأسرار الخفية لعلاقته العرفانية بالمهدوي
    علاقة عرفانية بالمهدوي
    أقر ابن عربي لشيخه المهدوي بالفضل وتحدث عنه بإجلال كبير “من محمد بن علي ابن محمد ابن عربي الطائي الحاتمي، إلى وليّه في الله تعالى، وأخيه الركن الوثيق أبي محمد عبدالعزيز بن أبي بكر القرشي المهدوي، نزيل تونس: قد فزت يا أخي في زمانك بخلال لم أقدر أن أراها في غيرك، منها معرفتك بمرتبة العلم وأهله، وعدم تعريجك على الكرامات والأحوال، ولم تلحظ منزلتك الدنيويّة من تعظيم النّاس لك، وتقبيلهم يدك، وإتيان السّلاطين إلى بابك، وهذه غاية الإنصاف، ثبتك الله وإيانا، ومنها قولك فيما تعلم: لا أعلم، وفيما تعلم أحب أن أسمعه من غيري، فقد حزت والله، يا وليّ هذه الخصال، التي تتطاير دونها رقاب الرجال، والمقام الذي لا تغيره الأحوال، ولا تزيده حسنا ووضاءة رواتب الأعمال، ثم بحثك الذي لم أره من غيرك في معرفة الأنام والزمان، واعتقادك أنه من فروض الأعيان، من أعجب ما سمعته الآذان، وتسامرت به الخلان، وسارت به الركبان، وثم وهبك الله في الصولة والقوة على الفقهاء بدلائل المكارم والفتوة الجارية مع براهين النبوة”.

    وتحتوي رسائل ابن عربي على إشارات عدة تثبت الأسرار الخفية لعلاقته الروحية العرفانية بالشيخ المهدوي، حتى أنه يقول “وبعد، فإشارة الشيخ المؤيّد بنور الله أبي محمد عبدالعزيز، ألطف وأخفى من أن أعثر عليها، أو أعبّر عنها، أو أشير إليها، مع أنّ الذي ظهر لي فيها، بيمن الله، لو كشفته لرأيت مقاما وراء العقل، لكن إذا قرنته بالذي أشار إليه شيخنا المرضيّ، وجدته كالقشر الأخضر الذي على الجوز، ووجدت الذي أراده الشيخ، كالسرّ الذي في ذهن لبّ الجوز؛ فانظر ما بيني وبينه، من مهامه، تنقطع فيها رقاب السالكين”.

    وقد تحدث المؤرخ عبدالواحد ابن محمد ابن الطواح التونسي، أحد الأعلام المغمورين في القرن الثامن الهجري، عن الشيخ عبدالعزيز المهدوي، في كتابه “سبك المقال لفك العقال”، فقال “وإنّ منهم قطب زمانه، وسيّد أخدانه، سيّد أهل عصره وسند أهل مصره، الشيخ الإمام العارف معدن الأسرار الخفية، وينبوع المعاني الإلهية، شمس الحقيقة وإمام الطريقة، أبا محمد عبدالعزيز بن أبي بكر القرشي المهدوي رضي الله عنه”.

    وذكر الطواح أن المهدوي “كان في أوّل إرادته يلبس ثيابا مرقّعة، يقال: إنّ فيها تسعين رطلا، ويدخل بها بحر المنستير، ويسير إلى أبي الجعد، يصلّي حتّى تجفّ، وانقطع في قصر المنستير، ودخل خلوته، فبقي أربعين يوما لم يأكل فيها شيئا”. ولكن انتهى به الحال إلى أن كان ملكا لبسة وشذى.

    ومن الدّارسين المحدثين قال عنه روبار برنشفيك صاحب كتاب “تاريخ أفريقية في العهد الحفصي”، “سيحتلّ عبدالعزيز المهدوي دوما وأبدا مكانة مرموقة في تاريخ التصوّف الإسلامي، باعتباره مضيف المرسي الذائع الصيت الذي وجّه إليه ابن عربي كتابه رسالة روح القدس وكان يلقّبه بـ’الولي الحميم'”. ولم تهتم كتب التراجم والمصنّفات والمصادر بذكر تاريخ محدد لمولد الشيخ عبدالعزيز المهدوي، إذ يكتفي أغلب المؤرّخين والدارسين بإيراد تاريخ وفاته، الموافق لـ(621هـ/1224).

    إنشاء الدوائر
    في العام 2016 أصدر المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون “بيت الحكمة” كتابا من 578 صفحة بعنوان “الشيخ عبدالعزيز المهدوي وتراثه الصوفي” أشرف على تحقيقه الباحث الأكاديمي التونسي هشام عبيد، الذي أوضح أن المهدوي من أبرز أقطاب التّراث الصوفي في نهايات القرن الثاني عشر ومطلع القرن الثّالث عشر ميلادي، حيث أسّس وفقا للمؤرّخين والمحقّقين المجالس العرفانية بمدينة تونس، بل تجاوز إشعاعه تلك التخوم، مقتلعا مشروعية الاهتمام بمنزلته في المدارس الصوفية بحجم محيي الدين ابن عربي، الذي اعتبر نصوص الشيخ عبدالعزيز المهدوي الصوفية مؤسّسة لمعالم التراث الصوفي الكبرى بالمغرب الإسلامي الوسيط.

    لكن المهدوي لم يحظ “بشهرة كافية تجعل فكره وتراثه في دائرة الضّوء”، بالرغم من مكانته الرياديّة، وهو ما يفسره عبيد بمحدودية اجتهاد روّاد المصادر الكلاسيكية، رغم اتسام شخصية المهدوي بثراء الأبعاد وتنوّع مصادرها، حتى أن تجربته تشكّل جسر تواصل بين الحركة الصوفية المشرقية والتجربة المغاربية-الأندلسية.

    بحث في تقريب الحقائق والأسرار الإلهية في قوالب حسية
    بحث في تقريب الحقائق والأسرار الإلهية في قوالب حسية
    وجاء في “الموسوعة التونسية” أن المهدوي أدرك أنّ الارتحال إلى الشرق ضروري للتزوّد من معين آخر للعلوم الدينية والمعرفة الذوقية. وفعلا قبل انتقال الشيخ من الساحل إلى مدينة تونس واتخاذها دار قرار كانت له رحلة إلى الإسكندرية لزيارة الإمام الشيخ أبي الحسن علي ابن حميد المعروف بالصباغ (613هـ/1216) الذي كان يربّي تلامذته بالخلوة في رباطه “قنا” فأراد الشيخ أن يطلع على أسرار هذه التربية وكيفية الاعتكاف في الخلوات والتعرّف إلى أنواع الذكر والمجاهدة ورافقه في هذه الرحلة جماعة من أصحابه وكان فيهم أبوالعبّاس الطنجي.

    ويبدو أنّ عودته إلى تونس كانت في بداية الثمانينات بعد القرن الخامس للهجرة، أي ما بعد 1190 ميلادي وهو التاريخ المرجّح فيه لقاؤه بأبي مدين، علما أنّ محيي الدين ابن عربي وفد لأوّل مرّة سنة 590هـ/1193م والتقى بالشيخ المهدوي وتعرّف إليه عن قرب، وقد بدأ المهدوي يستقرّ على إثر السياحات الكثيرة التي ساعدته على التعرّف إلى أقطاب التصوّف والأخذ عنهم. أمّا الزيارة الثانية لابن عربي إلى تونس فقد كانت سنة 598هـ/1201، وقد شرع في أثناء إقامته عند عبدالعزيز المهدوي في تأليف كتاب “إنشاء الدوائر”، بتوجيه من الشيخ المهدوي نفسه.

    ويبحث هذا الكتاب في تقريب الحقائق والأسرار الإلهية في قوالب حسية لتسهيل فهمها على طالب الحقيقة والطريق إلى الله حتى يعلم الإنسان مرتبته الوجودية وما الشرف الذي تحصّل له حتى خضعت له الملائكة بالسجود، ثم يؤصّل ويفرع بعبارات صوفية عميقة وكلمات عرفانية أنيقة، معتمدا على الدوائر والجداول وأشكال منصوبة بصناعة عملية ليقرب إلى الطالب أخذ الفوائد والمعاني منها، ويتصوّر المعنى في نفسه صورة متجسدة تسهل عليه العبارة عنها لقوة حصولها في الخيال ويحرص الناظر على استيفاء النظر حتى يقف على كلية معانيها، إذ المعنى إذا أدخل في قالب الصورة والشكل تعشق به الحس، وصارت له فرجة يتفرج عليها، ويتنزه فيها، فيؤديه ذلك إلى تحقيق ما نصب له ذلك الشكل وجسدت له تلك الصورة، فلهذا ما أدخلناه في التصوير والتشكيل، وفق ما ورد على لسان الشيخ الأكبر.

    لقد مثلت تونس بالنسبة للشيخ الأكبر مركز التجليات النورانية ومبعث الأسرار الخفية، وهو ما رواه في عدد من مصنفاته في علاقة بكشف أسرار الآيات، وأورده في الأبيات بالقول “علمت الذي قلنا ببلدة تونس/ بأمر إلهي أتاني في الذكر/ أتاني به عام تسعين شربنا/ بمنزل تقديس من الوهم والفكر”.

      الوقت/التاريخ الآن هو 24/9/2024, 08:22