..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: السيد احمد ابن ادريس ـ المعاني الرقيقة ـ الفصل الخامس : الله Emptyأمس في 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: السيد احمد ابن ادريس ـ المعاني الرقيقة ـ الفصل الخامس : الله Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: السيد احمد ابن ادريس ـ المعاني الرقيقة ـ الفصل الخامس : الله Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: السيد احمد ابن ادريس ـ المعاني الرقيقة ـ الفصل الخامس : الله Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: السيد احمد ابن ادريس ـ المعاني الرقيقة ـ الفصل الخامس : الله Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: السيد احمد ابن ادريس ـ المعاني الرقيقة ـ الفصل الخامس : الله Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: السيد احمد ابن ادريس ـ المعاني الرقيقة ـ الفصل الخامس : الله Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: السيد احمد ابن ادريس ـ المعاني الرقيقة ـ الفصل الخامس : الله Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: السيد احمد ابن ادريس ـ المعاني الرقيقة ـ الفصل الخامس : الله Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
كتاب: السيد احمد ابن ادريس ـ المعاني الرقيقة ـ الفصل الخامس : الله Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
كتاب: السيد احمد ابن ادريس ـ المعاني الرقيقة ـ الفصل الخامس : الله Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
كتاب: السيد احمد ابن ادريس ـ المعاني الرقيقة ـ الفصل الخامس : الله Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
كتاب: السيد احمد ابن ادريس ـ المعاني الرقيقة ـ الفصل الخامس : الله Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
كتاب: السيد احمد ابن ادريس ـ المعاني الرقيقة ـ الفصل الخامس : الله Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
كتاب: السيد احمد ابن ادريس ـ المعاني الرقيقة ـ الفصل الخامس : الله Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: السيد احمد ابن ادريس ـ المعاني الرقيقة ـ الفصل الخامس : الله

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: السيد احمد ابن ادريس ـ المعاني الرقيقة ـ الفصل الخامس : الله Empty كتاب: السيد احمد ابن ادريس ـ المعاني الرقيقة ـ الفصل الخامس : الله

    مُساهمة من طرف Admin 25/12/2022, 17:54

    ( الله . الله )

    خل الغرام لصب دمعه دمه

    حيران توجده الذكرى وتعدمه

    وذلك هى سيدى صاحب المقام العالى : السيد محمد الشريف بن سيدى عبد العالى رضى الله تعالى عنهما وأرضاهما وجعل الجنه متقلبهما ومثواهما

    قال السيد الشريف سيدى أحمد ابن ادريس رضى الله تعالى عنه

    لأن من لم يكن من أهل هذا الشأن يصيب تارة ويخطئ تارة لكونه لا يدرى شيئا ولم يسلك سبيلا فضلا عن أن يقفوا أثرا ويضع القدم موضع القدم بتقديم الإمام ولا يعلم أنه تقدم وإن تلاه فإنما يتلوه بطريق الاتفاق لأنه من شأنه ذلك فهو مطلق غير مقيد بالإمام لعدم رؤيته ( ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ) فليس من الذين قيل فيهم : ( إتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله ) لأنه إلى الآن لم يؤت النور .

    قوله رضى الله تعالى :

    لأن من مل يكن من أهل هذا الشأن يصيب تارة ويخطئ تارة لأكونه لا يدرى شيئا

    قال راجى رحمه ربه ومغفرته وعافيته وعفوه صلى الله عليه وآله وسلم ] صالح الجعفري [ رضى الله تعالى عنه ] :

    عنه حال المتقين الذين ليسوا من أهل المشاهدة وأنهم يصيبون تارة ويخطئوت تارة وقد جعل إصايتهم اتفاقية , لأنها ليست عن مشاهدة لذلك نزلها منزله العدم وحكم على صاحبها بأنه قد تقدم على إمامه

    وعلل ذلك بعدم الرؤيه وضرب له المثل بالأعمى

    ويؤخذ من كلامه أن أرباب المشاهدات لا يخطئون وإن كانوا معصومين وذلك بسبب قربهم من المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم ومشاهدتهم له واجتماعهم به فى جميع احوالهم كما قال سيدى الشفا سلاله المصطفى ابو محمد سيدى ومولاى الشريف السيد أحمد بن ادريس رضى الله تعالى عنه فى صلاته العظيمة : ( واجمع بينى وبينه كما جمعت بين الروح والنفس ظاهرا وباطنا يقظة ومناما واجعله يا رب روحا لذاتى من جميع الوجوه فى الدنيا قبل الآخرة يا عظيم )

    وقال رضى الله تعالى عنه : ( وتجل لى يا إلهى بحلاوة الإيمان ولذة التقوى ).

    وانظر يا عبد الله الى هذا الكلام العجيب الغريب واستمع اليه سماع منصت أريب اعلم أن حلاوة الإيمان قد أدركتها الأرواح بواسطة الخطاب الأزلى جينما قالوا : ( بلى ) وقد أشار اليها سيدى سلطان العاشقين عمر بن الفارض رضى الله تعالى عنه بقوله:

    ولى فى هواها نشوة قبل نشاتى

    ستبقى معى ابدا وان بلى الجسم

    لان العاشقين للذات الاقداس قالوها بفرح وسرور ونشوة لانهم سمعوا خطاب الحبيب كما قال سيدى الغوث ابو مدين رضى الله تعالى عنه :

    فلو سمعت اذناك حلو خطابنا

    لمت غراما واشتياقا لوصلنا

    وحلاوة تدركها الروح عند سماع الخطاب الثنى وهو القرآن وهى تتفاوت بحسب مقامات الرجال وأجلها ما أشار اليه سيدنا الشريف الصفى الوفى الرضى السيد أحمد ابن ادريس رضى الله تعالى عنه بقوله : ( حتى أتلوه بلسانه الذى يتكلم به ).

    اقبلوا عليناعباد الله

    ايش تقول يا أخان فى هذا المقام والله ما يدرك الا بالأذواق التى تتضاءل معها سعة الأوراق أقبلوا علينا عباد الله الى ما دعوناكم اليه فما دعوناكم الا الى الكنز المطلسم والسر المخزون والعلم المكنون فتلاوه القرآن بهذا الحال تتضاءل أمامها الجبال وانه لحال ونعم الحال شرود عن نؤوم الرجال فما عرفوه حتى تركوه كالبائعين لسيدنا يوسف عليه السلام لو عرفوه ما باعوه بثمن بخس دراهم معدوه وكانوا فيه من الزاهدين وهكذا الحجاب يقلب الحقائق حتى لا يفرق صاحبه بين التبر والتراب

    لو دخلت حظيرة الشريف ابن ادريس صاحب العلم النفيس وتأملت فيما قاله واقتديت بفعاله وتلوت الذكر الحكيم : بلسانه الذى يتكلم به لربت من رحيق التسنيم ولكنك باعدت بين جوادك وجواده وودادك ووداده فأرخى عنان فرسه فى نيل المعالى فنالها فهنيئا له أبو محمد أبو عبد العالى وأرخيت عنان فرسك لجميع الحطام والمال

    ما نهضتك أحزابنا وهى تنهض الشامخات الرواسخ ولا وجهت قلبك يوما الى الالتفات الى العز الباذخ

    فكم فيها من توجهات للمتوجهين وتجليات للمتأهبين فهى كأعمال المجاهدين فى سبيل الله زرعها فى يوم وفيه حصاده فما هى الا جواهر كلمات جمعت فى عقد نفيس لا تباع ولا تشترىولا توجد الا عند ابن ادريس ما غاب عنك أجل وأرقى مما حضر ( إن المتقين فى جنات ونهر * فى مقعد صدق عند مليك مقتدر )

    قد أشار بن الفارض رضى الله تعالى عنه الى هذه الحلاوه بقوله فى آخر الفائية : يا أخت سعد ... إلخ

    وحلاوة تحصل بواسطة التجلى الإلهى وهى التى أشار اليها السيد ابن إدريس رضى الله تعالى عنه بقوله : ( بحلاوة الإيمان )

    قلت : وهذا التجلى يتبعه لذة التقوى لأن الحلاوة إذا وضعت على اللسان ذاق طعمها وتلذذ بها

    فحلاوة الإيمان الحاصلة بواسطة التجلى الإلهى تجعل امتثال الأوامر واجتناب النواهي لذتهم للمتابعة ولذلك قدموا إمامهم أمامهم وكانوا مقتدين به فيدخلون فى قول الجنيد رضى الله تعالى عنه :

    ( وقدم إماما كنت أنت أمامه )

    زلذة التقوى التى أشار اليها السيد الشريف انما هى من قبيل الذوقيات الوجدانيات عند ارتاب المشاهدات

    ولذة التقوى ينتقل صاحبها من التلذذ بالأعمال والأقوال الى التلذذ بالاتصال والمشاهدة ويجعلون بعدهم عن هذا الحال عذبا وموتا

    كما قيل : ( وما عذابي إلا حجابي ) وكما قال سيدى الغوث أبو مدين رضى الله تعالى عنه :

    تضيق الدنيا إذا غبتمو عنا

    وتزهق بالأشواق أرواحنا منا

    فيعد كمو موت وقربكم حيا

    ولو غبتمو عنا ولو نفسا متنا

    وكما قال سيدى الشريف ابن ادريس رضى الله تعالى عنه : ( وأنا إذا تركت ذكر الله أموات ) يعنى : الذكر الذى مع المشاهدة واللذة والاتصال , لا الذكر الذى نحن نعرفه .

    وقلت بفضل ربى تعالى :-

    حلاوة الايمان يا أخانا

    مثمرة اللذة فى تقوانا

    بها نرى الشهود فى الأعمال

    وسائر الأقوال والأحوال

    إذ الشهود مظهر التجلى

    ومهبط الأسرار والتدلى

    صاحبه يغرف للمعانى

    من دور الحديث والقرآن كأنه الغريب فى منواله

    وجاذب الأرواح فى مقاله

    كابن ادريس علىالقدر

    من أقمر الدنيا كمثل البدر

    تعرفه كلا وتدعيها

    لو كشف الحجاب مت تهيا

    هيهات عن الوصول

    ما دمت فى المسير فى عدول

    اعرف طريق الشيخ يا أخانا

    قد حجب الناس عن الطريق

    لكثرة الأهواء والتفريق

    وابتعدوا عن نهجنا السني

    الواضح الصوفي والجلى

    طريقنا هو الكتاب المرشد

    وسنه قائلها محمد صلى عليه الله بالتسليم

    والآل والأصحاب بالتكرم

    ما الجعفرى زار للمختار

    فى حضرة الشهود والأنوار

    وما تلى مريد الأورادا

    فنال من صاحبها ودادا

    عن ابن إدريس ؤضاك ربى

    ما أحرم الحجيج أو يبلى

    والجعفري صالح يلقاه

    فى عرفات القرب أو يراه

    وقول سيدى أحمد رضى الله تعالى عنه ( حتى تسرى فى ذاتى لذة شهودك فى جميع أنفاسى من غير التفات الى شئ سواك ).

    هذا هو المقام التمكين الذى صاحبه وصل الى حلاوة الايمان ولذة التقوى فيتلذذ صاحبه بالشهود الالهى لذة تحجز العارف عن التلذذ بشئ سوى ذلك كما قال سيدى أحمد بن ادريس رضى الله تعالى عنه :

    ولم يبق لى جسم يلذ بغيركم

    كأنى بالعرش المجيد معلق

    لأنه متلذذ بعدد الأنفاس بجسمه مع الناس وغاب بروحه عن اللوح والقرطاس , وطابت منه الأنفاس , وصدق فى النهايه والأساس طاب له السماع وتنورت به البقاع خلع العذراء ودارت له الكاسات وحصل له التواجد بين الأكابر فى الأسحار كما قال شاعرهم :

    طاب السماع وهبي النسمات

    وتواجدت فى حانها السادات

    هبت عليهم نسمة سحريه

    خلع العذار ودارت الكاسات

    سمعوا بذكر حبيبهم فتما يلو

    طربا وزالت عنهم العبرات

    وأما قوله تعالى : ( ومن لم يجعل له نورا فما له من نور ) ففيه التبرؤ من الحول والقوة الى حول الله تعالى وقوته فالذى يجعل النور هو الله تعالى , قال تعالى : ( وجعل الظلمات والنور) ولهذا الجعل أسباب وهى اتباع الأوامر الالهيه التى توصل العبد الى حلاوة الايمان ولذة التقوى حتى يجعل الله له نورتيكشف له عن حجب الجمال والكمال بعد الإتصال بقدر الحال فيتلذذ بالتابعة أولا كا قال سيدى الشريف السيد أحمد بن إدريس رضى الله تعالى عنه ( بالاتباع المحمدى منزله منزله ) وبعد ذلك التلذذ بالمشاهدة كما قال أيضا رضى الله تعالى عنه : ( حتى تسرى فى ذاتى لذة شهودك فى جميع أنفاسى )

    وأما إذا لم يكن كذلك فليس بذاك وقد قال فيه الشريف ابن ادريس رضى الله عنه : فليس من الذين قيل فيهم ( اتقوا فراسه المؤمن فانه ينظر بنور الله ) لأنه الى الآن لم يؤت النور .

    أراد رضى الله تعالى عنه الفراسه العامه بجميع أنواعها لأنها تتنوع باعتبار درجات العباد وهى كشف خارق للعادة فان كان من نبر فهى معجزة أو من ولى فهى كرامه أو من عامة المؤمنين فهى فراسة بكسر الفاء

    قال الشريف مولاى السيد أحمد بن ادريس رضى الله تعالى عنه : ( فهو يقول : الإمام كنت تتقدم عليه لعدم بصيرتك به ها أنت قد أبصرته فاتبعه وقدمه كما قدمه الحق فكن مقتديا بربك فى ذلك متخلقا بخلقة متحققا باسمه المقدم والمؤخر )

    الشرح : قوله ( فهو يقول ) أى سيدى أبة القاسم الجنيد رضى الله تعالى عنه .

    قوله : ( الإمام كنت تتقدم عليه لعدم بصيرتك به )

    الإمام هو النبى صلى الله عليه وآله وسلم والتقدم عليه صلى الله عليه وآله وسلم هو مخالفته وعدم متابعة وعدم الدخول فى حزبه الذى هو حزب الله تعالى قال سبحانه وتعالى : ( ألا إن حزب الله هم المفلحون ) ربسبب اتباعه لخطوات الشيطان والدخول فى حزبه الخاسر قال تعالى : ( ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون )

    فلما تاب وأناب والى ربه رجع وآب ومزق الحجب وفتحت له الأبواب فدخل الدار مع الأعلام وأبصر الإمام قال له سيدى أحمد رضى الله تعالى عنه : ( ها أنت قد أبصرته فاتبعه ) والمتابعة التامة هى التى وصف بها الشريف المكى السيد محمد عثمان الميرغنى رضى الله تعالى عنه شيخه الشريف أحمد بن ادريس رضى الله تعالى عنه حيث قال : ( تلميذ ابن ادريس ذى الأفعال الأحمديه )

    قال الشارح وهو السيد سر الختم الميرغنى رضى الله تعالى عنه :

    ( الأفعال المحمدية ) هى التمسك بالسنه فى الأفعال والأقوال وقى جميع الأحوال وكان شيخ الأستاذ هكذا

    وفى سيرة سيدى ابن ادريس رضى الله تعالى عنه أنه كان يقيم الليل ويشغل نهارة بالعلم وكان يطيل الصلاه وكان لا يتكلم الا بذكر الله والعلم وكان زاهدا فى لذات الدنيا ومتاعها والالتفاف اليها

    وكان يلبس العمامة على القلسونه ويرسل لها عذبه ويقصر الثياب ويأمر أصحابه بإعفاء اللحى وكان يحرم الدخان وشربه وكان لا يجمع الإخوان إلا لأجل العلم وتلاوة القرآن

    وكانت مجالسه كلها علما على اختلاف أنواع العلوم وكان من حفظة القرآن بالقراءات الماهرين بها وكان له باع طويل فى التفسير على إختلاف القراءات وبالجملة فالمتابعه المحمدية هى العمل بالكتاب والسنه ولا يكون العمل تاما إلا بالعلم والعلم هو المتابعة الحقيقية

    ومن العلم الربانى أن تعرف أن تعرف للنبى صلى الله عليه وآله وسلم منزلته وحقه وأن تقدمه على نفسك وجميع أحبائك وأقربائك لأن الله سبحانه قدمه وكرمه فإذا قدمته صلى الله عليه وآله وسلم فقد اقتديت بربك تعالى حيث أمرك بتقديمه فامتثلت وبالاقتداء به فاقتديت وكنت مطيعا لقول سيدى الشريف ابن ادريس رضى الله تعالى عنه حيث يقول : ( وقدمه كما قدمه الحق فكن مقتديا بربك فى ذلك )

    قلت : الاقتداء بالله تعالى هنا هو امتثال أمره سبحانه وتعالى فى قوله : ( إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ) .

    أما قوله رضى الله تعالى عنه : ( متخلفا بخلقة متحققا باسمه المقدم والمؤخر ) فقد أشار رضى الله تعالى عنه بهذا الى حديث ( تخلقوا بأخلاق الله ) أى فيما يجوز التخلق به كالحلم والعلم والكرم وتوقير النبى صلى الله عليه وآله وسلم واحترامه .

    وفى الحديث القدسى : ( يا ابراهيم انى عليم أحب كل عليم )

    قوله : ( متحققا باسمه المقدم والمؤخر ) أى : جاعلا نفسك مظهرا لهذين الاسمين حينما أخرت نفسك وقدمت صلى الله عليه وآله وسلم وجعلته قدوة لك كما فى قوله تعالى : ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ) لأن جميع الانفعالات الكونيه مظاهر الاسماء والصفات الإلهية فالموت مظهر لاسمه تعالى المغنى وهكذا قال تعالى : ( الله خالق كل شئ )

    قال الشريف سيدى ابن ادريس رضى الله تعالى عنه قوله :

    وصل صلاة الفجر

    النورانى بعد أن انفجر لك النور من قلبك وصرت ترى به , صل الصلاة ذات النور وهى تبصر فيها وتشاهد ما تصلى له , وأتم نشأتها الحسية أيضا كما كان يصليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الى كافة البرية ( صلوا كما رأيتمونى أصلى )

    القلب له ظلام يسمى الران وهو قلوب الكفار والعصارة بسبب الكفر والمعاصى قال تعالى : ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) وأما قلوب المؤمنين العاملين ففيها نور يسمى الفجر أعلاه الذى فى قلوب النبيين والمرسلين عليهم الصلاة الوسلام وأدناه الى فى قلوب عامة المؤمنين وأوسطه فى قلوب العارفين وهو المراد هنا ؛ لأن صاحبه قد انفجر نورة فى قلبه فابصر امامه فتبعه فصلى صلاة العارفين بربهم

    ( لطيفة ) الإمام صلى الله عليه وآله وسلم نور والذى انفجر فى القلب نور فإذا اتصل النور بالنور تم الهناء والسرور وذهب الهوى والغرور قلت فى قصيدتى المسماه بالمقبوله :

    حبه فرض وحتم

    مدحه خير وغنم

    ليس يأتى القلب هم

    للذى يهوى محمد

    وقوله رضى الله تعالى عنه :

    وأتم نشأتها الحسية أيضا

    تحذير من النقص المشار اليه فى الحديث قال عليه الصلاة والسلام : ( إذا صلى العبد الصلاة فلم يتم ركوعها ولا سجودها تلف كما يلف الثوب الخلق ثم يضرب بها وجه صاحبها )

    ورأى صلى الله عليه وآله وسلم رجلا يسصلى فلما فرغ من صلاته قال عليه الصلاة والسلام (( صل فإنك لم تصل )) وإنما حكم صلى الله عليه وآله وسلم على صلاته بالعدم لعدم تمام نشأتها

    فيجب على العامل تمام نشأة الأعمال حتى يتم جسدها وروحها فتمام جسدها باتقان النشأة الظاهرة وتمام روحها الإخلاص الباطحنى وقد تقدم بحث مثل هذا فى كتابى المسمى ( شرح القواعد )

    واعلم أن الأعمال بمنزله الطلب المقدم للأمير لأجل الإذن بالدخول عليه فإذا استحسن الأمير بطلب أذن لصاحبه بالدخول عليه وإذا لم يستحسنه منعه والأعمال هى الموصله الى الدخول فى الحضرة القدسية فمن صلح عمله أذن له ومن أفسد عمله منع

    فحسن أعمالك فانها لك واتقنها فان الناقد بصير يبصرك ومزق حجاب نفسك الذى به يتسلط الشيطان عليك فمن مزق حجابه فقد طرد الشيطان عن بابه

    فحبائل الشيطان المظلمه تتصل بحبائل النفس اذا أظلمت فحاذر من ظلمتها وأوامر ابليس تسيطر على النفس عند حركة شهواتها فامت نفسك المخالفة بالبتار ولا تطعها فى أوامر شهواتها فانها مطيعه النار

    وملك جوارحك لروحك واجعلها لها مأمورة لا للشيطان والنفس والهوى

    قال الشيخ أحمد الدردير رضى الله تعالى عنه

    ويا مالك ملك جميع عوالمى

    لروحى وخلص من سواك عقولنا

    أردا بالعوالم الجزارح لأنها اذا كانت روحانية تغلبت على شهوات النفس وتخلص العقل عن حجاب السوى المانع فى كشفة الجامع كما قال أيضا :

    ويا جامع فاجمع عليك قلوبنا

    وكما قال ايضا

    وجد لى بجمع الجمع فضلا ومنه

    وداو بوصل الوصل روحى من الضنا

    قوله رضى الله تعالى عنه :

    كما يصليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الى كافة البريه

    أى : لاجل أن يقتدى به البرية الى يوم القيامة ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : ( صلوا كما رأيتمونى أصلى ) أى على الحضار منكم الناظر الى أن يصلى كما رآنى وليبلغ الشاهد منكم الغائب وهكذا كل جيل مأمور أن يبلغ من بعده الى يوم القيامه لتحصل تمام المتابعه التى بها بتم كمال النشأة العمليه

    " لطيفة " ولم يقل صلى الله عليه وآله وسلم : كما علمتمونى أصلى لأنه لا يعلم مخلوق ما بينه صلى الله عليه وآله وسلم وبين ربه تعالى ولا يستطيع مخلوق أن يصلى صلاته ولا أن يصل الى ما فيها من إخلاص قلبى وشهود ربانى فهو يصلى لله تعالى على وفق علمة بربه وخوفه منه قال صلى الله عليه وآله وسلم : (( أعلمكم بالله وأخوفكم من الله أنا ))

    قال الشريف ذو المعالى أبو عبد العالى سيدى أحمد بن ادريس رضى اللع تعالى عنه :

    رأى بعض العارفين الاولياء الحق فى نومه من نوماته فقال له : يا رب أى الوضوء عندك أكمل ؟ قال : الذى فيه لمعه ولا إسراف قال له : فأى الصلاة عندك أقبل ؟ قال : التى ليس فيها ذكر جنه ولا نار

    اتفق العلماء جواز رؤية الله تعالى مناما كما أنهم اتفقوا على عدم فى الدنيا يقظة قال الشيبانى الأزهرى رحمه الله تعالى :

    ومن اقل فى دار الحياه رأيته

    فذلك زنديق طغى وتمردا

    وقد رأى الحق مناما من الفضلاء منهم الإمام أحمد ين حنبل رضى الله تعالى عنه وقد ذكرت شيئا من ذلك فى كتابى ( المنتقى النفيس ) و ( وشرح القواعد )

    قوله :-

    الذى ليس فيع لمعه ولا إسراف

    اللمعه هى الجزء الذى لم يصل اليه الماء فى الغسيل أو الوضوء لأنه يشترط الاسباغ فيهما واللمعه تبطلهما.

    والاسراف كثرة الماء فيهما قال ابن ابى القيروانى رحمه الله تعالى : ( وقلة الماء مع احكامالوضوء سنه والسرف فيه غلو وبدعه وقد توضأ صلى الله عليه وآله وسلم بمد وهو وزن طل وثلث بالبغدادى وتطهر وهو أبعة أمداد بمده صلى الله عليه وآله وسلم )

    قال سيدى أحمد زروق رضة الله تعالى فى شرحة على الرساله : الوسواس غالبا يعترى الصالحين غير أنه لا يبقى إلا مع من بعقلة خبل وقال فى القواعد إحكام طهارة الظاهرة يقوى طهارة الباطن

    قلت : وفى ذلك حكمة فسبحان من حكم ان بين الظاهر والباطن جواذب وكلاهما قد يكون مظهرا للآخرين قال عليه الصلاة والسلام : ( من أسر سريرة ألبسه الله رداءها ) وقال تعالى : ( إن يعلم الله فى قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا ) وقال بعض الصاحبة رضى الله تعالى عنهم : ( كنا نعرف أخلاقنا من دوابنا ) وبلغى أن السيد أحمد الريفى رضى الله تعالى عنه تلميذ السيد محمد بن على السنوسى رضى الله تعالى عنه ركب فرسة يوما قبل أن يقرأ حزب الس فجمحت على غير عادتها حتى نزل منها وقال : ( عندك الجق ما قرأت السيفى ) وهكذا الأحوال يا أخا الكمال مراتب وجواذب والمدار على الجواذب الباطينة حتى زيادة الأحياء والأموات ولولا الجواذب الباطنية ما تزاورت الأشباح وقلت بفضل ربى تعالى وأنا بالقبة الحسينية :

    يا أهل بيت الطهر لازال طهركم

    يطهر من يأتى اليكم بحبه

    جواذب حب من قديم تواردت

    على قلب من يهوى فجاء بجذبه

    وهذا شراب الطهر يسقاه من أتى

    اليكم ويوم الحشر يروى بعذبه

    وقد جاءكم حزب الإله مسلما

    وأنتم عباد الله سادات حزيه

    فجدكم المختار أشرف مرسل

    وشرفتمو بين الانام بقربه

    على جدكم صلى الإله مسلما

    وصلى عليكم والأفاضل صحبه

    متى صالح يتلو مدائح معشر

    بمدحهمو يرجوا إزاله حجبه

    ليدخل فى أحزاب الكرام أولى التقى

    ويشهد أحبابا كراما بقلبه وقلت بفضل ربى تعالى :

    خير بيت بيت النبى وأنتم

    آله والدخول منكم عليه

    كل من زاركم يراكم بنيه

    أنتمو نورة ومنه اليه

    قال الشفاء أبو الوفاء الشريف أحمد بن إدريس رضى الله تعالى عنه :

    والله يقول : ( أقم الصلاة لذكرى ) أى للسكون والصمت لا لذكر شئ غيرى من جنه ونار وغيرهما فلا تهد فيها إلا إياى فتغيب عن أفعالك بكبرياء الحق ومطالعة جماله )

    قوله :

    التى ليس فيها ذكر جنه ولا نار

    استدل على ذلك الشريف رضى الله تعالى عنه بهذه الىيه ( وأقم الصلاه لذكرى ) كأنه يقول لا تذكر بقلبك مخلوقا مع ذكرالخالق وهذا يسمى مقام التجرد عن الغير وكشف العامة

    قوله :

    أى : للسكون والصمت

    أى : سكون الروح عن الجولان فى حضرة الحق عند التجلى بحجابها وكشفها وذلك عند كشف حجاب المناجاه وسدل الحجاب على الأغيار إذ الشهود بحجاب وكشف كما أن الغفلة بحجاب عن ذى الجلال وكشف لمشاهدة الإيار وتمام السكون هو الذى أشار اليه رضى الله تعالى عنه فى احزابه يقول : ( حتى لا أرى فى وفى كل شئ وفى لا شئ الا اياك ) وعند ذلك يحصل السكون التام وقد أشار الى ذلك سيدى عمر بن الفارض رضى الله تعالى عنه وقوله

    ولو خطرت لى فى سواك ارادة

    على خاطرى سهوا قضيت بردتى

    أى : تحرك باطنى الى مخلوق عند التجلى

    قوله :

    والصمت وذلك فى مقام السماع الالهى الذى أشار اليه رضى الله تعالى عنه فى أحزابه بقوله : ( وأقفنى وراء الوراء بلا حجاب عند اسمك المحيط فى مقام السماع العام )

    وهذا المقام صاحبه فى نشوة وطرب مع المحافظة على الأوامر الإلهية بتثبيت الله تعالى له وقد أشار الى ذلك أو ما يقاربه به سيدى عبد الكريم الجيلى رضى الله تعالى عنه فى عينية بقوله :

    فأذنى لم تسمع سوى نغمة الهوى

    وإنى منكم لا من الطير سامع

    وذلك عند مشاهدة أصر القدرة المحض . وقد أشار الى ذلك ابن الفارض رضى الله تعالى عنه بقوله :

    وكل الذى شاهدته فعل واحد

    بمفرده لكن بحجب الأكنه

    إذا ما أزال الستر لم ير غيره

    ولم يبق فى الأشكال أشكال ريبه

    قلب : وذلك يحصل لأرباب المشاهدات بعد الكشف الأكبر الذى هو بعد الكشف عن حقائق الأشياء إذ العارف لا ينتقل عن الأثر الى المؤتمر الا بعد معرفة الأثر معرفه خارقة للعادة

    قال تعالى : ( وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين ) وذلك لأنه الكشف يتبعه اليقين والكشف الأكبر بعد البقين وبعد الكشف الأصغر العلم وهو علمان علم بالأثر وقد يكون بالمشاهدة : ( وإذ قال إبراهيم رب أرنى كيف تحيى الموتى ) : وبعد ذلك حصل العلم بالثانى وهو العلم المؤثر المبدع ( واعلم أن الله عزيز حكيم )

    ومن العلم الأول الحاصل بالمشاهدة ( وانظر الى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما ) وبعد ذلك حصل العلم الثانى ( قال أعلم ان الله على شئ قدير )

    ومن العلم الأول ( فلما أفل قال لا أحب الآفلين ) ومن الثانى الوصول الى أ، الله لا يغيب

    تنوع اسرار الله

    فة ملكه

    كما اقل سيدى الغوث أبو مدين رضى الله تعالى عنه

    لله فى الكون أسرار ترى فيه

    قلت : وتلك الأسرار أنواع متنوعة وفروع متفرعة فقد يكون السر فى الهواء ( قال إنى لاجد ريح يوسف ) وقد يكون فى الجماد ( فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا )

    وقد يكون فى القلب ( قال أنا آتيك به قبل أن يرتد اليك طرفك )

    ومن الذى يكون فى القلب رؤية سيدنا أمير المؤمنين عمر بن الحطاب رضى الله تعالى عنه وسماعه قوله المدينه المنورة حينما قال وهو يخطب يوم الجمعه على منبر النبى صلى الله عليه وآله وسلم : ( يا ساريه الجبل الجبل من ترك الحزم ذل )

    ومن السر القلبى قول أمير المومنين سيدنا عثمان رضى الله تعالى عنه : ( أتدخلون علينا وفى اعينكم أثر الزنا

    وقد يون فى الجماد كالشفاء الذى فى العسل ( فيه شفاء للناس ) وقد يكون فى الأنعام ( وإن لكم فى الأنعام لعبرة ) وقد يكون فى الحشرات ( فتبسم ضاحكا من قولها ) قد أضحكة السر الالهى السارى فيها الذى به نطقت حيث نادت وسمعت المنادين وأمرت وذكرت المساكن وأضابفتها الى اربابها وحذرت وذكرت المحذر منه وأضافته الى المحذرين وذكرت المتسبب فيه وذكرت من معه وأضافتهم اليه واعتذرت عن المتسببين فى المحذر منه : ( ي أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون

    وتلك الأسرار موجودة والوصول اليها بقدر قوة الأنوار الفلبية كالبصر الظاهرى مشاهدته على قدر قوة ابصارة ومن ذلك الشبع الذى فى الطعام والى فى الماء والاحراق الذى فى النار

    ومما يرد به على الكفار أهل الطبيعة أن الطبيعه لا تتخلف تأثيراتها ولكن الاله سبحانه وتعالى قد يعكس تأثير الش الى ضده قال تعالى : ( قلنا يا نار كونى بردا وسلاما على إبراهيم ) ( فاضرب لهم طريقا فى البحر يبسا ) ( وأوحينا اليه لتنبئهم ) ( فنادى فى الظلمات ) فالنار موضع احراق وتعذيب صارت موضع سلامة وتلذذ بمناجاة الحبيب

    الجب موضع وحشة وهلاك صار موضع وحى وأنس بالحبيب

    والظلمات موضع وحشية وهلاك صارت موضع ذكر ومشاهدة

    الغار موضع مخافه لوصومل العدو اليه صار موضع أمان وسكينة ومعيه ربانية ( لا تخف ان الله معنا ) ولو أخذت فى النقل لنهت فى رسع الميدان

    قوله :

    فلا تذكر فيها الا اياى

    إعلم يأخا التوفيق سقانى الله واياك من صافى الرحيق ان الصلاة فرضت ليلة المعراج فى ساعة كشف الحجاب وظهور الأنوار الالهية على الحضرة المحمدية فى مقام شهود ( كان الله ولا شئ معه وهو الآن على ما عليه كان ) فالصلاة تذكرة لتلك الليلة التى فيها الؤية الالهية والمشاهدة الربانية فهى معراج الارواح وهدية الفتاح إكرما للنبى المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم

    فالنيه بمنزلة الدعوة وتكبيرة الإحرام كالدخول فى السماء الأولى والقيام لها : السماء الثانية , وقراءة الفاتحة : السماء الثالثة , والقيام لها : السماء الرابعة , والركوع : السماء الخامسة : والرفع منه , السماء السادسة : والسجود , السماء السابعة : قال عليه الصلاة والسلام : ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ) لذلك كان الأليق بها كما قال الشريف : ( فلا تذكرة فيها إلا إياى )

    ولما كان السجود تذكارا لسجوده صلى الله عليه وآله وسلم فوق السماء السابعة , وتذكارا للتجلى الإلهى ناسب أن يقول الشريف الإدريسى مولانا السيد أحمد بن ادريس رضى الله تعالى عنه :

    فتغيب عن أفعالك بكبرياء الحق تعالى ومطالعة جماله

    كما قال أيضا :

    ظهرتم بأوصاف الكمال لناظرى

    فغبت وعنكم لا تغيب سرائرى

    وقال رضى الله تعالى عنه :

    ( وأن تحققنى بشهود ذاتك يا ذا الجلال والإكرام تحقيقا كليا وشهودا عينيا يستغرق جميع ذاتى وصفاتى وجملة أجزائى وكلياتى )

    قلت : وإنما سأل الله التحقيق لأن صاحب هذا المقام قد تحقق بالحقائق وصار مظهرا لاسمه تعالى الحق , وصارت آبه وجه روحه من كتاب الله تعالى ( وقل جاء الحق وزهق الباطل ) لأن هذا الشهود لا يكون الا لمن صار حقا محضا صرفا من جميع الوجوه وفى هذا المقام يقول الشيخ أحمد الدرديرى المالكى رضى الله تعالى عنه :

    ويا حق حققنى بسر مقدسى

    لأدرى به سر البقاع مع الفنا

    ويقول / ويا باقيا أبقنا فيك أفننا

    فصاحب البقاء بالله هو الذى يقول : وأن تحققنى بشهود ذاتك

    وقول الشريف رضى الله تعالى عنه

    ( يا ذا الجلال والإكرام إشارة الى القبض والبسط )

    ( والله يقبض ويبسط ) لأن التجلى بالجلال وحده لا يطاق فسأل الله تعالى أن يجمع له فى التجلى بين الجلال والاكرام

    وهيئ قلبك يا عبد الله لما سيلقى عليك أصلح الله لك الحال وفيوضات تساق اليك ولا يحجبك عن ذلك الا اغترارك بنفسك ووقوفك مع قطران عملك فيا أخلص يخلص لك العالم ولا تقل انىعالم وخاطب بروحك وذكرها بأيام الله وجاهد لشهودك

    تجلى الجلال

    اعلم ان التجلى الالهى تتدكدك منه الجبال الراسيات قال تعالى : ( فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا ) فكان التجلى بالجلال على الجبل ولذلك تدكدك ولو كان التجلى بالاكرام ما تدكدك الجبل ولذلك قال شيخنا ومربى أرواحنا : يا ذا الجلال والاكرام

    ولابد عند ذلك من استغراق جميع الكليات والجزئيات كما أشار الى ذالك العارف بالله تعالى ابن الفرض رضى الله تعالى عنه :

    وصرت موسى زمانى

    منذ صار بعضى كلى

    وذلك لأن العين بعض فصار الجسد كله يبصر ولأن الأذن بعض فصار الجسد كله يسمع ومعنى ( وصرت موسى زمانى ) يعنى التجلى لا فى النبوة والرساله لأنه يقول

    وسركم فى ضميرى

    والقلب طور التلى

    والسر هو المشاخدة القلبية التى أشار اليها الشريف ابن ادريس رضى الله تعالى عنه بقوله : ( مشاهدة خارجية عن المحسوسان والمعقولات ) لأن التعطيل فى المحسوسان والمعقولات وفى مشاهدتها الابتلاء . قال الله تعالى : ( إنا جعلنا على زينه لها لنبوهم ) فاذا خرج عن التجلى عن المحسوسان والمعقولات فار الابتلاء ووصل الى المراد وسمى القلب الباطنى طور التجلى ولم يتدكدك للتجلى بالاكرام الباطنى وسمى الجوراح جبالا وكنى عن سكونها للهيبة الجلاليه الالهية بالتدكدك فقال :

    صارت جبالى دكا

    من هيبة المتجلي

    الروح مثل الجسد فى الصورة

    ومن الاستغراق للكليات والجزئيات أنك تسمع جميع كلياتك وجزيئاتك تذكر الله تعالى ويحصل لها تلذذ غريب وعجيب وذلك لأ انفعالات الروح الباطنى تظهر على جميع الهيكل الظاهرى لأن روحك كجسدك فى الصورة وشهودها فى عالمها كان شهودا استغراقيا فاذا تحققت بالشهود صرت هكذا

    وأشار الى هذا الشريف ابن ادريس رضى الله تعالى عنه بقوله

    وشاهدت حسنا شاملا كل وجهة

    وكانت من الوجهات أيضا مظاهرى

    المظاهر جميع مظهر وهو مكان ظهور أثر الروح وهو الجسد فشاهد بقلبه الحسن الشامل لكل وجهة فى جسدة وجزئياته حتى ان العين نبصر والأذن تسمع فى حالة النوم لأن النوم صار للجسد نوما صوريا لا حقيقا ( نحن معاشر الأنبياء تنام أعيننا وقلوبنا لا تنام ) وذلك كموت الشهداء ( بل أحياء عند ربهم يرزقون ). ( أبيت عند ربى فيطعمنى ويسقينى )

    ولذلك كان صاحب هذا الاستغراق مظهر العجائب منه اليه به فى حيث لا محسوسات ولا معقولات من حيث التجلى الالهى فيرى به أنه له لا لغيرة ( واصطنعتك لنفسى ) فظهر سر الصانع فى المصنوعات لما أبصر وسمع بجميع كلياته وجزئياته شهودا عينيا روحانيا جثمانيا من حيث لا جسم إلا الرسم وعند ذلك تبدو أسرار وتلوح أنوار ليلة كنهارة من تزاحم أنوارة كما أشار الى ذلك ابن الفراض رضى الله تعالى عنه بقوله :

    ولا ح سر خفى

    يديه من كان مثلى

    ولما كان النظر بجميع الكليات والجزئيات قال :

    جمالكم نصب عينى

    اليه وجهت كلى

    أي نصب كلياتي وجزئياتي التي صارت تبصر مالا يبصره المبصرون ، وهذا هو الاستغراق الكلي الذي أشار إليه كنزنا وذخرنا الشريف ابن إدريس رضي الله تعالي عنه ، وأيضا أشار إليه بقوله :-

    شغلت بحسن وجهكم عن شواغلي

    كأني من عشق الجمال مخلق

    ولما عمت تلك اللذات الروحية الجسد كله عند الاستغراق الكلي قال رضي الله تعالي عنه :

    ولم يبق لي جسد يلذ بغيركم

    كأني بالعرش المجيد معلق

    وهناك يا أخانا ما يكل عنه اللسان ويعجز عنه البيان ، ويدهش صاحبه ، ويكل كاتبه ، وفي التصديق به قربة .

    فصدق لعلك أن تدرك ما في النية ، فكم فتح عليك من ميزاب ، وما أوجفت عليه من خيل ولا ركاب ، وكم تزاحمت عليك ذخائر النفائس لعلك أن تستأصل حب الدنيا من قلبك لتذوق حلاوة ذكر ربك .

    أيها المريد بانبا باب الله

    فماذاق حلاوة أحزابنا ، من طرق غير بانا وباب الله وقفنا عليه كوقف الواقفين بعرفات ، جهله من جهله ، وعرفه من عرفه .

    فأقبل علي الأحزاب بكليتك مع التدبر والتأني ، ومع التجريد الباطني عن شوائب كدورات نفسك الأمارة لعل أن تظهر لك إمارة ، فكم من واصلين بها إلي عظيم التجليات وكم من كاتبين عنها نفائس الكلمات .

    فأين أنت ؟ أين أنت ؟ كيف تكاسلت بعد أن فهمت ؟ وكيف ذقت الشراب الإدريسي وما همت ؟ فكم به من هائم وصائم وقائم ! إشرب شرابنا الغالي تظهر لك اللآلي ، وينفعك مقالي .

    إياك إياك والدنيا فلا تقبل عليها يا أخا التجلي ، وعنها أدبر وولي فوالذي نفسي بيده إنك تاركها غصبا ، فاتركها باختيارك تزدد حبا وقربا ، إغسل قلبك وطهر من حب الجيفة قبل أن تقرأ أحزابنا ، ولا تخلط اللبن بالخل فيفسد .

    إيش حالك يا نائم الليل ، وفاتتك فرسان الخيل ! إيش حالك يا غافل النهار ، فاتك الغيث المدرار .

    لا ينفعك إقبال الناس ، ولا ينفعهم إقبال عليهم إلا إذا كان الله ومن الله ( إن الله يحب عبده فلانا فأحبوه ) فالذهب لا يشتري بالخزف ، والمعالي لا تنال بالزهو والترف ، فهلم إلي باب قيام الليل كما قال ابن النحوي :

    وصلاة الليل مسافتها

    فاذهب فيها بالفهم وجي

    واتل القرآن بقلب ذي

    حرق وبصوت فيه شجي

    هلم إلي ما لا يخطر ببال ، هلم لتفتح لك الأقفال ، وانظر بقبلك ثم انظر لعلك أن تنظر :

    رفعوا اليك من العلا أعلاما

    فإذا نظرت فقد لقيت كراما

    بيض الوجوه لهم قيام في الدجي

    شربوا من الحب الوفي مداما

    بالروح تبصرهم وتلقي وفدهم

    وفدوا إلي البيت العتيق قياما

    نظروا إليه بأعين همالة

    ورأوا هناك أفاضلا أعلاما

    قوله

    في أول العصر

    ( قوله في أول العصر ) قال الشريف مولاي السيد أحمد بن إدريس رضي الله تعالي عنه :

    لأن صاحب هذا المقام له الأولية ، وهي حقيقة فيه لكينونة الحق له – كما تقدم – سمعا وبصرا ولسانا ورجالا وفؤادا كما يليق بجلاله ، ومن أسمائه الأول ، والعصر الزمني من قولهم العصر الفلاني ، وفي عصر فلان ، وليس العصر المعتد به إلا زمن النور الذي انفجر له فيه ، وما قبله ظلمة ، والظلمة والظلمة عدم ، فلا عصر إلا وقت الإبصار فهو ( أول العصر ) .

    معني كلام السيد ابن إدريس رضي الله تعالي عنه : المراد بالفجر انفجرا النور الإلهي في القلب ، والمراد بالعصر الزمن الذي حصل فيه الانفجار ، فيكون تقدير الكلام هكذا :

    وصل الصلاة النورانية في أول زمن حصول النور .

    قوله :

    لأن صاحب هذا المقام له الأولية

    قلت : يقول السيد رضي الله تعالي عنه : لا ينبغي التأخر والتواني ، بعد ظهور النور وطهر الأواني ، إذا التأخر عيب في هذا المقام ، قال ابن النحوي رحمه الله تعالي :

    وإذا أبصرت منار هدي

    فاحذر إذ ذاك من العرج

    لتكون من السباق إذا

    ما جئت إلي تلك الفرج

    فهناك العيش وبهجته

    فلمبتهج ولمنتهج

    وقد أشار إلي ذلك السيد بن إدريس رضي الله تعالي عنه بقوله( حتي لا أذهل عنها في المشاهد القدسية طرفة عين ولا أقل من ذلك ) .

    قوله

    وهي حقيقة فيه

    أي : الوصيف بالأولية لأنها مظهر من مظاهر اسمه تعالي الأول .

    قوله

    ( لكينونة الحق له كما تقدم سمعا وبصرا ولسانا ورجلا وفؤادا كما يليق بجلاله )

    يقول إمام عصره وأوانه سيدي الشيخ صالح الجعفري غمرنا الله تعالي ببركاته ونفحاته آمين ورضي الله تبارك وتعالي عنه وعن ذريته وأولاده : لعل الكتاب أسقط كلمة " ويدا" ومعني هذا قد تكلمت فيه في كتاب ( المنتقي النفيس ) وفي كتاب ( شرح القواعد ) ، وعلي كل حال فالظاهر غير مراد لاستحالته .

    قال الشريف السيد بن إدريس رضي الله تعالي عنه : ( هذا وقد قال رأس ديوان حضرات الوحي لسان الحق الذي لا ينطق عن الهوي المواجه بالخطاب في حضرة التكليم رسولك الأعظم سيدنا ومولانا محمد صلي الله عليه وآله وسلم ( إن دون الله عز وجل سبعين ألف حجاب من نور وظلمة ، وما تسمع نفس شيئا من حس تلك الحجب إلا زهقت ) وسأل صلوات الله وسلامه عليه الروح الأمين جبريل صلوات الله وسلامه عليه بقوله : وهل رأيت ربك ؟ فانتفض وقال إن بيني وبينه سبعين حجابا من نور لو دنوت من أدناها لاحترقت ) .

    وقال الشريف ابن إدريس رضي الله تعالي عنه ، ( وأنت الله ذو السبحات الوجيهة الإلهية المحرقة ، رداؤك الكبرياء وإزاارك العظمة وحجابك النور لو كشفته لأحرقت سبحات وجهك ما أدركه بصرك من خلقك ) .

    قال الشيخ محمد فخر الدين الرازي رحمه الله تعالي في شرح قوله عليه الصلاة والسلام : ( إن الله سبعين حجابا من نور وظلمة لو كشفها لأحرقت سبحات وجهة كل ما أدراك بصره ) وفي بعض الروايات سبعمائة وفي بعضها : سبعون ألف .

    قال الفخر رحمه الله تعالي : لما ثبت أن الله تعالي متجل في ذاته كان الحجاب بالإضافة إلي المحجوب لا محالة ، والمحجوب لا بد وأن يكون محجوبا إما بحجاب مركب فقط أو بحجاب مركب من نور وظلمة أو بحجاب مركب من ظلمة فقط .

    ( القسم الأول ) المحجوبون بالظلمة المحضة .

    هم الذين بلغوا في الاشتغال بالعلائق البدنية إلي حيث لا يلتفت خاطرهم إلي أنه يمكن الاستدلال بوجود هذه المحسوسات علي وجود واجب الوجود أم لا ؟ وذلك لأنك قد عرفت أن ما سوي الله تعالي من حيث هو هو مظلم ، وإنما كان مستنيرا من استفادة النور من حضرة الله تعالي .

    فمن اشتغل بالجثمانيات من حيث هي هي ، وصار ذلك اشتغالا حائلا له عن الالتفات إلي جانب النور كان حجابه محض الظلمة .ولما كانت أنواع الاشتغال بالعلائق البدنية خارجة عن الحد والحصر فكذا أنواع الحجب خارجة عن الحد والحصر .

    ( القسم الثاني ) المحجوبون بالحجب الممزوجة من النور والظلمة .اعلم أن من نظر إلي هذه المحسوسات فإما أن يعتقد فيها أنها غنية عن المؤثر ، أو يعتقد فيه أنها محتاجة ، فإن اعتقد غنية فهذا حجاب ممزوج من نور وظلمة .

    ( أما النور ) فلأنه تصور ما هية الاستغناء عن الغير ، وذلك من صفات جلال الله تعالي وهو من صفات النور .

    ( وأما الظلمة ) فلأنه اعتقد حصلوا ذلك الوصف في هذه الأجسام مع أن ذلك الوصف لا يليق بهذا الوصف ، وهذا ظلمة ، فثبت أن هذا حجاب ، ممزوج من نور وظلمة .

    ثم أصناف هذا القسم كثيرة ، فإن من الناس من يعتقد أن الممكن غني عن المؤثر ، ومنهم من يسلم ذلك لكنه يقول المؤثر فيها طبائعها أو حركاتها أو اجتماعها وافتراقها أو نسبتها إلي حركات الأفلاك أو إلي محركاتها ، وكل هؤلاء من هذا القسم .

    ( القسم الثالث ) المحجوبون بالحجب النورية المحضة :

    واعلم أنه لا سبيل إلي معرفة الحق سبحانه إلا بواسطة تلك الصفات السلبية والإضافية ، ولا نهاية لهذه الصفات ومراتبها ، فالعبد لا يزال يكون مترقيا فيها ، فإن وصل إلي درجة وبقي فيها كان استغراقه في مشاهدة تلك الدرج حجابا له عن الترقي إلي ما فوقها .

    ولما كان لا نهاية لهذه الدرجات كان العبد أبدا في السير والانتقال وأما حقيقته المخصوصة فهي محتجبة عن الكل فقد أشرنا إلي كيفية مراتب الحجب ، وأنت تعرف أنه عليه الصلاة والسالم إنما حصرها في سبعين ألفا تقريبا لا تحديدا ، فإنها لا نهاية لها في الحقيقة . انتهي كلام الشيخ الرازي رحمه الله .

    يلوح لخاطري والله تعالي أعلم أن تنوع الحجب إلي نور وظلمة إنما هو باعتبار الخلقة ، فحجاب الأرواح نور وحجاب الأجسام ظلمة وليس ذلك باعتبار الصفات الحاصلة من المحجوب .

    ولذلك كانت حجب جبريل عليه السلام من نور فقط ، وإذا وصل الكامل إلي درجة فوق الروح والجسد أزال جميع الحجب ، ولا يكون ذلك بالعمل بل باختصار الله تعالي ، ولم يحصل ذلك إلا لنبينا صلي الله عليه وآله وسلم ليلة المعراج ، وهذه الحجب حجب حقيقية وليست معنوية .

    أما الحجب المعنوية فهي التي تكون باعتبار الأوصاف التي تصدر من المحجوب نفسه ، وذلك كالحجاب المسمي عند القوم بحجاب الغفلة ، وهي الظلمات التي تكون بسبب الكفر والفسوق ، وحجب نورانية وهي التي تكون باعتبار الإيمان والعمل الصالح .

    فالأول الظلماني : الذي يحصل باعتبار أوصاف الشخص يسمي حجابا عن مشاهدة الله .

    والحجاب الثاني النوراني : الذي يحصل بالأعمال الصالحة يسمي حجابا عن مشاهدة غير الله تعالي ، قال تعالي ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم م الظلمات إلي النور) .

    وإنما قلت : والأجسام حجابها الظلمات لأنها ترابية لا تتحمل حجب الأنوار فسبحان من جمع بين الروح والجسد وأعطي كلا حجابه اللائق به ، قال تعالي : ( الذي أعطي كل شئ خلقه ثم هدي ) .

    ولما كان الحق سبحانه من أسمائه لنور أذن لأصحاب الحجب النورانية المحضة المكتسبة برؤيته يوم القيامة ، وجعل النور يلوح علي وجوههم ن قال تعالي ( وجوه يومئذ ناضرة إلي ربها ناظرة ) وجعل أهل الظلمات المكتسبة المحضة مجردة عن النور عليها غبرة ، قال تعال ( ووجوه يومئذ عليها غبرة ) قال القرطبي : إذا قال الله تعالي للحيوانات يوم القيامة : كوني ترابا تصير ترابا ويتطاير ذلك التراب وجوه الكفار ، فهذه هذ الغبرة . انتهي كلام القرطبي .

    وحجبوا عن رؤية الله النور قال تعالي ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) .

    والمجوب الظلمانية المكتسبة قد أشار إليها القرآن ( كلا بل علي قلوبهم ما كانوا يكسبون ) فجعل هذا الحجاب سببه الكسب ، وأما الحجب الأول من النور وظلمة فلا دخل للكسب فيها ، لأنها من حكمته في كل شئ ، وليس كمثله شئ ، وإليه يرجع كل شئ ( ألا إلي الله تصير الأمور ) .

    قال الشريف بن إدريس رضي الله تعالي عنه : ( وليس العصر المعتد به إلا زمن النور الذي تنفجر له فيه وما قبله ظلمة ، والظلمة عدم فلا عصر إلا وقت الإبصار فهو أول العصر ) .

    قلت : هذا تعليل لقوله ( أول العصر ) لأن من عاش مائة سنة وفتح له بعد خمسين فأول عصره ما بعد الخمسين ، والذي قبلها كالعدم ، وتعليل عدميته أنه ظلمة ، والظلمة عدم النور ، فأخذ العدم في مفهومها .

    قلت بفضل ربي تعالي :

    ما مر من زمان في الظلام

    قد حكموا عليه بالإعدام

    إذالظلام عدم والنور

    هو الوجود قمر يدور

    فابدأه بالأعمال ذات الخير

    ولا تبطئ أبدا في السير

    هذا زمان الفيض والأسرار

    عرج علي العليا بالأبتدار

    قال الشريف بن إدريس رضي الله تعالي عنه :

    قوله :

    ( فهذه صلاة العارفين بربهم )

    هم الذين اهتدو به إلي معرفة أنفسهم ( من اهتدي فإنما يهتدي لنفسه ) ومن عرف نفسه فقد عرف ربه ( سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتي يتبين لهم أنه الحق ) أهل المعرفة الخارجة فإنهم غي ذائقين لهذا المعني .

    قال [ ] الجعفري عفا الله عنه وعن والديه [ ورضي الله تعالي عنه والحقنا به آمين ] قوله :

    هم الذين اهتدوا به إلي معرفة أنفسهم

    أشار بذلك إلي صفات النفس السبعة التي لا تدرك إلا بواسطة الذكر ، ولا يكون العارف عارفا حتي يعرفها ويهتدي إلي معرفتها .

    ولما كانت تلك الصفات بعيدة المدي وعرة الطريق لا تدرك إلا بالتبرؤ من الحول والقوة قا رضي الله تعالي عنه ( هم الذين اهتدوا به ) قال تعالي ( من يهد الله فهو المهتد )

    وقوله :

    إلي معرفة أنفسهم

    سماها معرفة لأنها تتوقف عليها المعرفة ، فالجنيد رضي الله تعالي عنه قوله : ( العارفين بربهم ) والسيد رضي الله تعالي عنه يقول : إلي معرفة أنفسهم ، لأن الجنيد أشار إلي المسبب وهي معرفة الله تعالي والسيد أشار إلي السبب ، وهي معرفة الأنفس ورضي الله عن السيد لأنه أشار إلي أمر مهم وهو أنه لا بد من السبب أولا ثم المسبب ثانيا ، لأنه مقدم بالطبع فيكون مقدما في الوضع .

    قال الأخضر رحمه الله تعالي في سلمه :

    وقدم الأول عند الوضع * لأنه مقدم بالطبع

    ولذلك السيد فسر الآيه بالسبب ، لأنه استدل بها علي قوله ( معرفة أنفسهم ) . وأما التفسير بالمسبب فهو أن تقول ( من اهتدي ) إلي الله تعالي بالمعرفة والإيمان عإنقاذه من النار ودخوله الجنة ، وإنما بينت هذا البيان خشية أن يعترض ، معترض والله الموفق إلي سواء السبيل .

    ثم استدل السيد رضي الله تعالي عنه علي قوله بهذه الجملة التي ذكرها حجة الإسلام الغزالي رضي الله تعالي عنه في كتابه بقوله : قال رسول الله صلي الله عليه وآله سلم : ( من عرف نفسه فقد عرف ربه ) . وسمعت عن مشايخي أنها حكمة لسيدنا علي كرم الله تعالي وجهه ورضي الله تعالي عنه .

    وسكت السيد عن اسنادها لعل ذلك لأجل الخلاف ، ومعناها واضح جلي يعني أن معرفة النفس تؤدي إلي معرفة الله تعالي .

    ثم استدل ايضا بهذه الآية : ( سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم ) لأن الآية في اللغة معناها العلامة علي المؤثر فجعل الله العلامة التي في الكون من باهر الصنعة وعظيم الحكمة ودقة الإتقان تكشف وتبين عن صفات الخالق وهي قسمان : حسية وهي الكونية والجثمانية ومعنرية وهي النفسية .

    والرؤية قسمان : بصرية وهي للمحسسوسات ، ومعنوية وهي التي للمعنويات .

    ولما كان من أسمائه الظاهر والباطن جعل الآيات ظاهرة وباطنة كما جعل النعم ظاهرة وباطنة ، قال تعالي ( وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة )

    وقد أشار الي ذلك كله مولانا الشريف بن ادريس رضي الله تعالي عنه بقوله : ( وتجل لي يا الهي بالتجلي الأعم الالهي الاحاطي الجامع للآفاق والأنفس سر قولك ( سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتي يتبين لهم أنه الحق )

    قوله

    لا اهل المعرفة الخارجة ، فانهم ليسوا ذائقين لهذا المعني

    قلت : وذلك كالعوام ومن لم يسلكوا طريق القوم منهم كما ينبغي ، كما قالوا ومن تفقه ولم يتصرف فقد تفسق .

    وقد نسب شيخنا حبيب الله الشنقيطي رحمه الله تعالي هذا الكلام غلي الامام ابي عبد الله مالك بن انس رضي الله تعالي عنه ، ومما يحضرني من شرح الشيخ له أنه قال : وفسق قسوة قلبه ، وحبه للدنيا الفانية والخوف من غير الله تعالي ، وكتمان الحق ، وجعل العلم وسيلة الي الدنيا ،وذلك كله سببه عدم تصرفه ، انتهي كلامه رحمه الله تعالي .

    قال صالح الجعفري ومن مشايخي الذين ادركتهم ممن ممن جمعوا بين العلم والتصوف شيخي العارف بالله تعالي السيد محمدالشريف بن السيد عبد العالي بن السيد أحمد بن إدريس رضي الله تعالي عنهم ، والشيخ محمد ابراهيم السمالوطي ، والشيخ محمدبخيت المطيعي ، والشيخ حبيب الله الشنقيطي ، والشيخ يوسف الدجوي ، والشيخ علي الشيب ، والشيخ حسن مد كور ، والشيخ عبد الرحمن عليش والسيخ محمد أبو القاسم الحجازي ، والسيد عبد الحي الكتابي ، والشيخ أبو الخير الميداني شيخ علماء سوريا .

    واليبد احمد الشريف الغماري ، والسيد عبد الله الشريف الغماري ، والشيخ علي أدهم المالكي السوداني ، والشيخ حسن مشاط من علماء مكة المكرمة ، والشيخ محمد الحلبي ، والسيد عبد الخالق الشبراوي والشيخ محمد عطيه البقلي والشيخ مصطفي صفوت والشيخ محمد حسنين مخلوف العدوي والشيخ محمد العناني شيخ السادة المالكة والشيخ عبدالحليم ابراهيم والشيخ ابو يوسف والشيخ الدلييشني والشيخ سلامة العزامي ولاشيخ صادق العدوي والشيخ احمد وديدي من بلدة رومي بالسودان والشيخ علي محمد امام وخطيب مسجد دنقلا والشيخ سيد حسن افندي والشيخ علي بن عوف احمد النجار المدرسان بمسجد دنقال رحمهم الله تعالي وغيرهم من مشايخ الأزهر الشريف .

    ومن مشايخي الصالصحين الشيخ عبدالله عثمان التنبكتي رحمه الله تعالي وأما مشايخي في الطريق والاسناد فقد ذكرتهم في كتاب " المنتقي النفيس " ومنهم السيد محمد ادريس المهدي السنوسي

      الوقت/التاريخ الآن هو 21/11/2024, 23:54