الدين والعلم
أ. د. محمد حسن هيتو
خطوط الدفاع في الجسم :
لا بد لللامة حتى تحتفظ كيانها من جيش يسهر على حدودها ويدافع عنها ، ويضحي من أجل صيانتها ، إلا أن الجيوش ليست كلها انتحارية ، وليست على الدوام في حالة استنفار ، إلا أن جيوش الجسم الإنساني انتحارية من الدرجة الأولى كما أنها دائمة الاستنفار .
فالكريات البيضاء في الدم هي الجيوش الانتحارية الساهرة على حفظ كيان الإنسان ، فإذا مادوهم الجسم من قبل أي جرثوم تسابقت هذه الكريات وبإعداد هائلة إلى الاشتباك الفوري معه ، وبدون إنذار مسبق ، وتساقطت منها الضحايا في ساحة المعركة مشكلة القيح الذي نراه حول الجرح البسيط في غالب الأحيان فإن انتصرت على العدو فبها ونعمت وإلا ، بأن كان العدد عنيفا وقويا وعجزت هذه الكريات عن مواجهته ، وتهدم خط الدفاع الأول الذي كانت تشكله حول الجرح أو المنفذ الذي دخل منه الجرثوم ، فإنه في هذه الحالة وبشكل فوري تتشكل العقد الليمفاوية ، وهي القلاع الحصينة التي تشكل خط الدفاع الثاني ، وهي مصنع لا ينضب للجنود ، والأسلحة ، والفرق الفدائية ، وهي التي تعلن النفير العام في البدن فترتفع الحرارة ، ويسرع القلب ، وينخفض النشاط العام في الجسم ، وهي الانتفاخات التي نحس بها تحت الإبط أو الحنك أو في أصل الفخذ عند حدوث الالتهابات .
فإذا استطاعت التغلب على العدو بما لديها من هذه الطاقات الهائلة فبها ونعمت وإلا ، بأن فشلت في الدماغ ، وتجاوز العدو هذا الخط الثاني ، وصار الأمر جدا ، والخطر محدقا ، ففي هذه الحالة تعلن التعبئة العامة في الجسم بأكمله ، وتبدأ الحرب العامة في كل مركز وفي كل مكان ، مدعمة بمراكز الدفاع الرئيسية الممثلة بالطحال، والكبد ، والنسيج الشبكي الموزع في كافة أنحاء الجسم .
وبذلك يدخل الجسد في أعنف مرحلة من مراحل المقاومة التي تنتهي أما بانتصاره، وأما بانتصار العدو مما قد يودي بحياته.
هل فكر الإنسان كيف تتم هذه الأمور ، ومن الذي علم الكرية البيضاء التي لا ترى بالمجهر أن تقوم بأعمال الدورية والقتال والانتحار، ومن الذي ركب الجسد على هذا النحو النظامي في الدفاع. . ؟
إنها قدرة الله . . ؟ وآيته فينا نحن معاشر البشر. . ] وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ [ {الذاريات/21}
العين:
قد عرفنا أنه يوجد في العين مائة وثلاثون مليونا من الخلايا الملتقطة للضوء تقوم بمهمة إرسال الصور إلى المخ، ولكن هل هذا كل ما في العين من العجائب ؟ والجواب على هذا توجزه الجملة الآتية .
لقد كان الطبيب منذ عهد قريب يتخصص بالعين، على أنها جزء من الجسد، له تخصص واحد، إلا أن تقدم العلم أثبت أن دائرة العين أكبر من هذا بكثير ، فنشأت في الجامعات عدة تخصصات في دراستها ، ثم تبين لدى المفكرين والباحثين من الأطباء ، أن عقل الإنسان قاصر عن هذا أيضا ولذلك ضيقت دائرة التخصص إلى أن أصبح الطبيب يتخصص بطبقة من طبقاتها ليتمكن نوعا ما
من الإحاطة بما فيها من العجائب، ولا ندري ماذا يحمله العلم لنا في طياته في المستقبل القريب .
وأظن أننا من خلال هذه الجمل نستطيع أن ندرك ولو على سبيل الإجمال ماذا يوجد في العين من النظم المعقدة والدقيقة حتى احتاجت لمثل هذا التوسع الهائل في دراستها.
إن التركيب الأساسي للعين يتشابه في جميع الثديات وغيرها إجمالا وهو تركيب عجيب فالعين عدسة تستقبل الضوء ، وفتحه ينفذ الضوء من خلالها ليخترق العدسة، وتلك الفتحة التي ينفذ منها الضوء، في العين تتسع تلقائيا في الضوء الخافت، وتضيق تلقائيا في الضوء الشديد. والحكمة في ذلك واضحة غاية الوضوح ، لأنه في حالة الضوء الخافت تحتاج عملية الإبصار إلى كمية كبيرة من الضوء أما في حالة الضوء الشديد فتكفي كمية قليلة منه لكي تتضح الأشياء المرئية ، والعين ترى الأشياء في الضوء الخافت والشديد على السواء ، بينما لم يتمكن الإنسان حتى الآن من اختراع آلة تصوير يمكنها التقاط الصور في مثل هذا الضوء الخافت الذي تبصر العين من خلاله المرئيات بل إن النمل قادر على رؤية الأشعة فوق البنفسجية ، ولذلك فهو يرى مهما كانت السحب كثيفة ومهما حجبت أشعة الشمس ، كما أن البوم قادر على رؤية الأشعة تحت الحمراء ، ولذلك فهو يرى الفأر في الظلام الدامس .
قلنا أن العدسة تستقبل الشعاع من خلال فتحتها، فإذا ما نفذ منها وقع على الشبكية عند قاع العين، والشبكية تتكون من تسع طبقات مختلفة، لا يزيد مجموعها عن سمك ورقة رقيقة .
والطبقة التي في أقصى قاع العين تتكون من أعواد ومخروطات ، أما وظيفة المخروطات فهي رؤية التفاصيل الدقيقة واللون ، ووظيفة الأعواد هي الرؤية في الضوء الخافت ، ويقال أن عدد الأعواد ثلاثون مليونا ، وعدد المخروطات ثلاثة ملايين ، وقد نظمت هذه كلها في تناسب محكم بعضها بالنسبة إلى بعض وبالنسبة إلى العدسات ، ولكن العجب أنها تدير ظهرها للعدسات ، وتنظر نحو الداخل لا نحو الخارج ، وإذا استطاع الإنسان أن ينظر من خلال العدسات ، فإنه سيرى صور الأشياء مقلوبة الوضع ، وسيرى الجانب الأيمن في الأيسر ، والأيسر في الأيمن ، وهذا أمر يؤدي إلى الارتباك لأنه يؤدي إلى سوء التقدير في الأجسام المرئية ، ولذلك كان لا بد من عملية أخرى ليكون الأبصار صحيحا وسليما ، وذلك عن طريق ملايين الخيوط العصبية المكونة للعصب البصري الذي ينقل بدوره الصورة إلى المخ الذي يعيدها إلى وضعها الطبيعي السليم ، لتتم الرؤية السليمة .
إن كل هذه الأمور التي ذكرناها عن العين من العدسات والمخروطات ،والعيدان، والأعصاب وغيرها، لابد أن تكون قد حدثت في وقت واحد، لأنه قبل أن تكمل كل واحدة منها كان الأبصار مستحيلا (1) .
فكيف استطاعت هذه الأعواد والعصي والأعصاب ، وهي بهذه الأعداد الضخمة الهائلة أن تترتب من تلقاء نفسها، وأن يأخذ كل واحد منها مكانه المناسب له أو يمكن أن يكون هذا ناتجا عن عمل الطبيعة العمياء، أو عمل الصدفة الخرقاء، إن النظام العادي البسيط لا يمكن أن يصدر عن الفوضى، بل لابد له من منظم فكيف بهذه النظم المعجزة المدهشة الدقيقة.
إن ما ذكرناه عن العين من هذه الأمور الغريبة ، يمكننا أن نذكره عن غيرها من الأجهزة الكثيرة في الجسم الإنساني ، مما لا سبيل إلى الإحاطة به في مثل هذه المباحث الموجزة، بل إن كل ما كشفه العلم الحديث عن الإنسان في ميدان الطب وغيره من العلوم المتعلقة بهذا المخلوق العجيب الغريب لا تعدو في نسبتها إلى المجهول منه نسبة القطرة إلى البحر العظيم، بل قال العلماء إن كل العلوم تقدمت تقدما ملحوظا إلا أن العلوم المتعلقة بمعرفة حقيقة الإنسان لم تتقدم إذا ما قيست
بالمجاهيل فيه ، وصدق الله إذ يقول : ] وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ {الذاريات/20} وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ[{الذاريات/21}
ومن خلال هذه الجولة السريعة في عالم الفضاء، والحيوان والنبات، والإنسان، ومن خلال ما رأيناه من العجائب والغرائب في الخلية الواحدة، والجسم المكون من ملايين الخلايا، من خلال كل هذا الذي رأيناه وقد انتظم انتظاما مدهشا معجزا، يستحيل أن يكون ناتجا عن الصدفة، أو عمل الطبيعة العمياء، من خلال هذا نجد أنفسنا مضطرين ككل العلماء الذين بحثوا في مثل هذه المواضيع بعين التواضع والإنصاف نجد أنفسنا مضطرين إلى الإيمان بالله ، لا عن طريق التقليد للآباء والأجداد ، ولا عن طريق القهر والإكراه ، وإنما عن طريق هذه الأدلة الناطقة التي تشهد بأنه لا إله إلا الله ] وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ [ وبنفس الأساليب التي استعملها العقل الحديث في استدلاله واستنباطه .
لماذا لا نرى الله
سؤال يطرح نفسه على كل إنسان. .
أما الكافر فلا سبيل للخوض معه في هذا الموضوع، لأن طلب الرؤية مبني على الإيمان بالوجود، والمفترض به أنه غير مؤمن بوجود الله.
وإنما سبيلنا معه أن نعود إلى ما ذكرناه في المباحث السابقة للاستدلال على وجود الله ، وبالأساليب المناسبة .
وأما المؤمن أو المشكك فسبيلنا معه سهل وبسيط.
إن رؤية الله في الدنيا ـ وبغض النظر عن إمكانها أو استحالتها للخلاف بين العلماء فيها ـ إن رؤية الله في الدنيا شيء جميل ، يتمناه كل إنسان ، ولذلك سأل موسى ربه أن يراه فقال : ] رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ [ {الأعراف/143}
ولكن ليس الخطأ في هذا السؤال أو الأمنية. . لأن تصورات الإنسان الساذجة عن حقيقة الألوهية تطرح عليه هذا السؤال أو الأمنية، كما يتمنى الإنسان أن يحمل الصخرة العظيمة، أو أن يزيل الجبل من مكانه، لكنها أمنية ساذجة. . تدل على بساطة في التفكير . .
إننا آمنا بالله ، وآمنا بأنه خالق كل شيء ، وليس بمخلوق ، وأنه لا شريك له ولا ولد . . ] لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ {الإخلاص/3} وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ [{الإخلاص/4}
ومادام الأمر كذلك . . فقبل أن نبحث عن رؤية الله ، يجب علينا أن نبحث عن رؤية الأشياء التي هي من خلق الله . . فإذا استحال علينا رؤية بعض هذه الأشياء مع أنها من خلق الله . . فيجب علينا أن لانترقى إلى البحث في رؤية خالقها ونحن لما نتمكن من رؤيتها بعد . .
إن جميع طاقات الإنسان وبدون استثناء محدوده ، حتى خياله وفكره ، فإنها محدودان ، ولهما نطاق لا يتجاوزانه .
إننا إذا أخذنا الشوكة الرنانة ، وطرقناها طرقا خفيفا ، أو أخذنا الملقط الذي نلتقط به النار ، وطرقناه طرقا خفيفا ، فإننا نجد طرفا الشوكة أو الملقط يتحركان يمنه ويسره محدثان صوتا مترددا متقطعا . . فإذا ما طرقناهما طرقا أشد من الأول ، فإننا نجد الحركة في الأطراف أسرع ، ونجد أن الصوت قد زاد حدة وخف تقطيعه ، فإذا ما طرقناهما طرقا عنيفا ، فإننا في هذه الحالة لا نرى حركة الأطراف وإنما نرى خطا منحنيا أو ثابتا ، كما أننا لا نسمع صوتا متقطعا ، وإنما نسمع صوتا متواصلا . . لماذا . . . ؟
إننا نقطع بأن طرفا الشوكة يتحركان يمنة ويسرة . . ولكننا لم نعد نرى هذه الحركة المترددة ، كما أننا نقطع بأن الصوت الناتج عن هذه الحركة متقطع ، ولكننا لم نعد ندرك تقطعه ، وصرنا نسمعه طنينا متواصلا . . لماذا . . والحقيقة لم تتغير . . ؟
الجواب على هذا يتولاه العلم الذي يقول : إن طاقتنا في الإبصار محدودة ، كما أن طاقتنا في السمع محدودة ، شأنها في ذلك شأن بقية الحواس .
وذلك إذا زادت الحركة أمام أعيننا عن عدد معين في الثانية ، فإننا لا نستطيع أن نرى الأشياء المتحركة متحركة ، وإنما نراها ثابتا أو لا نراها مطلقا.
وكذلك إذا زادت الذبذبات الصوتية عن حد معين في الثانية ، فإننا في هذه الحالة لا نستطيع أن نسمع الصوت متقطعا لعجز السمع عن التمييز في هذه الحالة ؟
وذلك لأن طاقاتنا في السمع والأبصار محدودة ، فإذا ما خرجت المرئيات عن طاقة البصر ، والمسموعات عن طاقة السمع ، وقعا في الحيرة واضطربا في الإدراك .
ومثال ذلك أيضا إذ جلسنا أمام المروحة الكهربائية وأوصلناها بالتيار الكهربائي ، فإننا في بداية الأمر نرى حركة الأجنحة ، وذلك لخفة الحركة ، ولكننا لا نلبث أن نفقد سيطرتنا على رؤية الأجنحة متميزة ، فإذا ما زادت دوراتها خيل إلينا أن الأجنحة قد اختفت ، وأصبحنا قادرين على رؤية الأشياء من خلفها ، مع أننا نقطع بوجودها وأنها تتحرك وتبعث بالهواء إلينا . . ؟ وربما خيل إلينا أنها تتحرك بحركة معاكسة لحركتها الأولى، وكل هذا تابع لشدة دورانها وخفته ، وبقوانين معروفة . .
والسبب في هذا عجز بصرنا عن متابعة هذه الحركة السريعة ، ولذلك عجز عن إدراكها مع أنها أجسام صلبة ، صنعها الإنسان بيده ، وحركها بقدرته وطاقته وهي في سمت بصره ، يرى الهواء ينبعث منها ويحرك كل شيء في الغرفة ، إلا أنه عاجز عن رؤيتها . . ؟
فإذا كان الإنسان عاجزا عن رؤية الأشياء التي صنعها بيده ، مع أنها ماثلة أمامه . . أو يمكن له أن يرى الله وهو خالق لكل كائن حي . . ليس من قبيل المادة التي يعرفها البشر] لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [{الشورى/11} . . . . ؟ أظن أن أي عاقل في الدنيا يؤمن باستحالة هذه الرؤيا مادمنا بهذه الطاقات العاجزة عن إدراك الأجسام الصلبة التي هي بين أيدينا ومن مخترعاتنا . .
إن جميع الأوساط العلمية في العالم ـ بما في ذلك الملاحدة ـ آمنوا بالأثير يوما ما الذي افترضوه أنه يملأ الكون . . بل أصل الحياة . . ولكن ما هو الأثير؟ وهل رآه أحد ؟ الجواب لا . لأن طاقاتنا لم تتأهل بعد لإدراكه . . إذن أليس من العبث أن نسأل لماذا لا نرى الله ؟ ونحن لما نتمكن بعد من رؤية بعض مخلوقاته . . ؟
إن العالم بأسره اليوم يؤمن بالروح . . سوى بعض المعاندين . . وإن النوادي الروحية في العالم الغربي اليوم أكثر من أن تحصى . . ولكن ما هي الروح . . ؟ ما وزنها . . ؟ ما لونها . . ؟ ما طولها . . ؟ وكيف تدخل الجسد في الحياة الجنينية . . ؟ وكيف تخرج منه عند الموت . . ؟ إننا جميعا نؤمن بالروح التي بين جنبينا . . ولكننا جميعا عاجزون عن إدراك حقيقتها أو رؤيتها . . ؟ إنها سر الله في هذه الأرض . . ولقد أجاب القرآن الكريم عن السؤال الذي طرح وسيطرح . . ما هي الروح . . ؟ ولماذا لا نراها . . ؟ بأن طاقاتكم في الحواس والعلوم دون إمكانية الرؤية والإدراك . .والتي تحتاج لطاقات أكبر من طاقاتكم فقال تعالى :] وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً[{الإسراء/85} أي وهذا العلم القليل والحواس العاجزة المحدودة لا يمكنانكم من رؤية الروح أو معرفة حقيقتها . . ولذلك لا زال العالم بأسره اليوم حائر في أمر الروح وحقيقتها ، وسيبقى لعجز طاقاته وإمكانياته .
فإذا كنا عاجزين عن إدراك الروح التي بين جنبينا ، والتي هي سبب حياتنا . . أيمكننا أن نرى خالقها . .
إن أي عاقل يدرك مثل هذه الحقائق يقطع باستحالة رؤية الله في هذه الحياة،وبهذه الطاقات والإمكانيات ، ومع إيمانه بوجوده .
وهذا الكلام يمكن أن يقال فيها لو كان الله من نوع هذه المخلوقات كالروح مثلا ، فما بالنا إذا عرفنا أن الله يخالف كل مخلوقاته ، فلا يحيط به المكان ، ولا يجري عليه الزمان ، أزلي ، ابدي وليس كالأجسام ، ولا كالأعراض ، ] لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ[ {الشورى/11} ] لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[{الأنعام/103}
وكل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك . . نؤمن به كما وصف به نفسه من خلال هذه المفاهيم . . إن من يدرك هذه الحقيقة يعلم أين يكمن الخطأ في قولنا : لماذا لا نرى الله . . ؟
إن الإنسان عندما يعجز عن حمل حجر وزنه خمسين كيلوغراما ، فإنه من الخطأ أن يتساءل لماذا لا أستطيع أن أحمل حجرا وزنه ألف كيلوغراما . . أن مثل هذا السؤال خطأ عند كل عاقل في الأرض .
إن الإنسان عندما يخلق أعمى لا يجوز له أن يقول لماذالاأعرف الألوان ،وعندما يخلق أصم ، لا يجوز له أن يقول : لماذا لا أميز المسموعات .
إن الإنسان الذي يريد أن يرى الروح يجب أن يتأهل أو لا بطاقات وإمكانيات وحواس تمكنه من هذه المشاهدة .
وإن الذي يريد أن يرى الله يجب عليه أيضا أن يتأهل بمثل هذا . . ولذلك لما كان من كرامة المؤمن يوم القيامة أن يرى الله . .] وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ {القيامة/22} إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ[{القيامة/23}.
كان من حكمة الله أن يبدل جسده وحواسه ، ويغير طوله وعرضه ،ويعطيه من الطاقات والإمكانيات ما يتناسب مع هذا الأمر العظيم وإلا لما كان بإمكانه أن يرى الحواس التي كان عليها في الدنيا .
وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ [{الأعراف/143}
اللهم اجعل صدورنا خزائن أسرارك ، وألسنتنا مفاتيح تمجيدك ،وجوارحنا خدم طاعتك ، فإنه لا عز إلا بالذل لك ، ولا غنى إلا بالفقر إليك ،ولا حياة ولا استقرار ولاسعادة إلا بالتزام منهجك ، ولاحول ولا قوة إلا بك ، آمنا بك عن قناعة ورضا ، وأسلمنا لك اعترافا بعبوديتنا بين يديك ، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين .
المراجع العلمية
1 – الإسلام يتحدى الأستاذ وحيد الدين خان
2 – الإسلام في مواجهة التحديات المعاصرة أبو الأعلى المودودي
3 – الله يتجلى في عصر العلم لمجموعة من كبار علماء الغرب تعريب
د. الدمرداش عبد المجيد سرحان
4 – الثعابين بسي م . همت تعريب د. عبد الحليم كامل
5- جسم الإنسان كتاب المعرفة
6- دائرة معارف القرن العشرين محمد فريد وجدي
7- دنيا الحشرات فردينا ندلين ، تعريب د . أحمد أبو النصر
8- الدين في مواجهة العلم الأستاذ وحيد الدين خان
9- الطب محراب الإيمان خالص جلبي كنجو
10 – الطيور روبرت لمن ، تعريب الدكتور كامل عطا
11- العلم يدعو للإيمان كرستي مورلسون تعريب د. محمود صالح الفلكي
12- الغريب في عالم الحيوان روبرت لمن ، تعريب د . كامل عطا
13- غريزة أم تقدير الهي شوقي أبو خليل
14- الفراشات وأبو دقيق روبرت لمن ، تعريب د . كامل عطا
15 – المملكة الحيوانية وتطورها أ. ج .كين ، تعريب د . علي علي مرسي
16- النحلة تسبح الله محمد حسن الحمصي
17- هل هو الله أم الطبيعة د. يوسف عز الدين موسى
18- تاريخ المعالم لجمهرة من المؤرخين الغربيين
فهرس الموضوع
الموضوع الصفحة
مقدمة المؤلف ………………………………………………………………..3
الرد على دعوى الملاحدة في أن الالحاد وليد العقل الحديث …………………….7
الأسباب التي أدت إلى الالحاد …………………………………………………11
1_ موقف الكنيسة ……………………………………………………………11
2_ المكتشفات الحديثة ………………………………………………………..15
الرد على شبه الملاحدة في مكتشفاتهم ………………………………………….18
شهادة كبار علماء الكون والحياة بأن المكتشفات الحديثة لم تزد الإنسان إلا إيمانا….23
اجتماع الدين والعلم منذ فجر الإسلام ………………………………………….26
الدين أعظم دعامة للعلم ………………………………………………………29
قضية منكري الدين ودعاويهم ………………………………………………..33
نقد دعوى الملاحدة ونقضها ………………………………………………….36
قبول مبدأ الإستنتاج ………………………………………………………….39
توضيح المعيار الرابع ……………………………………………………….42
استعمال المؤمنين للقانون الرابع في المعارف ………………………………..43
نظرية ماييه …………………………………………………………………45
نظرية دارون ……………………………………………………………….47
رواج نظرية دارون مع أنها قائمة على الإستنتاج ……………………………..50
ماجاز لدارون من الإستنتاج يجوز للمؤمنين . . . . . . . . . . . . . . 51
تعصب الفكر الإلحادي . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 52
اتجاه الفكر الالحادي إلى المغالطة . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 54
نظرية دارون على فرض صحتها لا تؤدي إلى الالحاد . . . . . . . . 57
التحكم في تعيين الحقائق غير صحيح . . . . . . . . . . . . . . . . . 60
طريقة الإستدلال على وجود الله . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 66
الأدلة على وجود الله . . . . . . . . . . . . . . . . . . .. . . . . . . 70
1 – من الفضاء . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 70
2 – التوازن الدقيق في الأرض وما فيها . . . . . . . . . . . . . . . 76
3 – عالم النبات . . . . . . . . . . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . 83
4 – عالم الحيوان . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .89
الحيوانات المضيئة . . . . . . . . . . . . . . . . .. . . . . . . . 96
هجرة الحيوانات . . . . . . . . . . . . . . . . .. . . . . . . . 97
مظاهر مشتركة بين جميع الحيوانات . . . . . . . . . . . . . . 100
1 – التكاثر . . . . . . .. .. . . . . . . . … . . . . . . . . . 100
2 – الغريزة الجنسية . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 101
3 – تعويض الاجزاء المفقودة . . . . . . . . . . . . . . . . . 101
4 – الغذاء . . . . . . . . . . . . . . . . .. . . . … . . . . . 102
5 – تبادل الشعور . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 103
ديدان الفيلاريا . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 105
النمل . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 106
النمل الأبيض . . . . . . . … . . . . … . . . . . . . 110
النحل . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 111
5 – عالم الإنسان . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .. . . 116
عملية تكون الجنين . . . . . . . . . . . . . . . . .. . . . . . . . . . 116
حماية الجنين وغذاؤه . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 119
خلايا المخ لا تنقسم . . . . . . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . . . 121
عوامل الوراثة .. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 121
النظام العصبي . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 122
الكليه والتوازن المائي . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 126
الكبد مستودع الامانات . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 127
العين . . . . . . . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 130
لماذا لا نرى الله . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 134
(1) العلم يدعو للإيمان ، كريستي موريش ص 115
أ. د. محمد حسن هيتو
خطوط الدفاع في الجسم :
لا بد لللامة حتى تحتفظ كيانها من جيش يسهر على حدودها ويدافع عنها ، ويضحي من أجل صيانتها ، إلا أن الجيوش ليست كلها انتحارية ، وليست على الدوام في حالة استنفار ، إلا أن جيوش الجسم الإنساني انتحارية من الدرجة الأولى كما أنها دائمة الاستنفار .
فالكريات البيضاء في الدم هي الجيوش الانتحارية الساهرة على حفظ كيان الإنسان ، فإذا مادوهم الجسم من قبل أي جرثوم تسابقت هذه الكريات وبإعداد هائلة إلى الاشتباك الفوري معه ، وبدون إنذار مسبق ، وتساقطت منها الضحايا في ساحة المعركة مشكلة القيح الذي نراه حول الجرح البسيط في غالب الأحيان فإن انتصرت على العدو فبها ونعمت وإلا ، بأن كان العدد عنيفا وقويا وعجزت هذه الكريات عن مواجهته ، وتهدم خط الدفاع الأول الذي كانت تشكله حول الجرح أو المنفذ الذي دخل منه الجرثوم ، فإنه في هذه الحالة وبشكل فوري تتشكل العقد الليمفاوية ، وهي القلاع الحصينة التي تشكل خط الدفاع الثاني ، وهي مصنع لا ينضب للجنود ، والأسلحة ، والفرق الفدائية ، وهي التي تعلن النفير العام في البدن فترتفع الحرارة ، ويسرع القلب ، وينخفض النشاط العام في الجسم ، وهي الانتفاخات التي نحس بها تحت الإبط أو الحنك أو في أصل الفخذ عند حدوث الالتهابات .
فإذا استطاعت التغلب على العدو بما لديها من هذه الطاقات الهائلة فبها ونعمت وإلا ، بأن فشلت في الدماغ ، وتجاوز العدو هذا الخط الثاني ، وصار الأمر جدا ، والخطر محدقا ، ففي هذه الحالة تعلن التعبئة العامة في الجسم بأكمله ، وتبدأ الحرب العامة في كل مركز وفي كل مكان ، مدعمة بمراكز الدفاع الرئيسية الممثلة بالطحال، والكبد ، والنسيج الشبكي الموزع في كافة أنحاء الجسم .
وبذلك يدخل الجسد في أعنف مرحلة من مراحل المقاومة التي تنتهي أما بانتصاره، وأما بانتصار العدو مما قد يودي بحياته.
هل فكر الإنسان كيف تتم هذه الأمور ، ومن الذي علم الكرية البيضاء التي لا ترى بالمجهر أن تقوم بأعمال الدورية والقتال والانتحار، ومن الذي ركب الجسد على هذا النحو النظامي في الدفاع. . ؟
إنها قدرة الله . . ؟ وآيته فينا نحن معاشر البشر. . ] وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ [ {الذاريات/21}
العين:
قد عرفنا أنه يوجد في العين مائة وثلاثون مليونا من الخلايا الملتقطة للضوء تقوم بمهمة إرسال الصور إلى المخ، ولكن هل هذا كل ما في العين من العجائب ؟ والجواب على هذا توجزه الجملة الآتية .
لقد كان الطبيب منذ عهد قريب يتخصص بالعين، على أنها جزء من الجسد، له تخصص واحد، إلا أن تقدم العلم أثبت أن دائرة العين أكبر من هذا بكثير ، فنشأت في الجامعات عدة تخصصات في دراستها ، ثم تبين لدى المفكرين والباحثين من الأطباء ، أن عقل الإنسان قاصر عن هذا أيضا ولذلك ضيقت دائرة التخصص إلى أن أصبح الطبيب يتخصص بطبقة من طبقاتها ليتمكن نوعا ما
من الإحاطة بما فيها من العجائب، ولا ندري ماذا يحمله العلم لنا في طياته في المستقبل القريب .
وأظن أننا من خلال هذه الجمل نستطيع أن ندرك ولو على سبيل الإجمال ماذا يوجد في العين من النظم المعقدة والدقيقة حتى احتاجت لمثل هذا التوسع الهائل في دراستها.
إن التركيب الأساسي للعين يتشابه في جميع الثديات وغيرها إجمالا وهو تركيب عجيب فالعين عدسة تستقبل الضوء ، وفتحه ينفذ الضوء من خلالها ليخترق العدسة، وتلك الفتحة التي ينفذ منها الضوء، في العين تتسع تلقائيا في الضوء الخافت، وتضيق تلقائيا في الضوء الشديد. والحكمة في ذلك واضحة غاية الوضوح ، لأنه في حالة الضوء الخافت تحتاج عملية الإبصار إلى كمية كبيرة من الضوء أما في حالة الضوء الشديد فتكفي كمية قليلة منه لكي تتضح الأشياء المرئية ، والعين ترى الأشياء في الضوء الخافت والشديد على السواء ، بينما لم يتمكن الإنسان حتى الآن من اختراع آلة تصوير يمكنها التقاط الصور في مثل هذا الضوء الخافت الذي تبصر العين من خلاله المرئيات بل إن النمل قادر على رؤية الأشعة فوق البنفسجية ، ولذلك فهو يرى مهما كانت السحب كثيفة ومهما حجبت أشعة الشمس ، كما أن البوم قادر على رؤية الأشعة تحت الحمراء ، ولذلك فهو يرى الفأر في الظلام الدامس .
قلنا أن العدسة تستقبل الشعاع من خلال فتحتها، فإذا ما نفذ منها وقع على الشبكية عند قاع العين، والشبكية تتكون من تسع طبقات مختلفة، لا يزيد مجموعها عن سمك ورقة رقيقة .
والطبقة التي في أقصى قاع العين تتكون من أعواد ومخروطات ، أما وظيفة المخروطات فهي رؤية التفاصيل الدقيقة واللون ، ووظيفة الأعواد هي الرؤية في الضوء الخافت ، ويقال أن عدد الأعواد ثلاثون مليونا ، وعدد المخروطات ثلاثة ملايين ، وقد نظمت هذه كلها في تناسب محكم بعضها بالنسبة إلى بعض وبالنسبة إلى العدسات ، ولكن العجب أنها تدير ظهرها للعدسات ، وتنظر نحو الداخل لا نحو الخارج ، وإذا استطاع الإنسان أن ينظر من خلال العدسات ، فإنه سيرى صور الأشياء مقلوبة الوضع ، وسيرى الجانب الأيمن في الأيسر ، والأيسر في الأيمن ، وهذا أمر يؤدي إلى الارتباك لأنه يؤدي إلى سوء التقدير في الأجسام المرئية ، ولذلك كان لا بد من عملية أخرى ليكون الأبصار صحيحا وسليما ، وذلك عن طريق ملايين الخيوط العصبية المكونة للعصب البصري الذي ينقل بدوره الصورة إلى المخ الذي يعيدها إلى وضعها الطبيعي السليم ، لتتم الرؤية السليمة .
إن كل هذه الأمور التي ذكرناها عن العين من العدسات والمخروطات ،والعيدان، والأعصاب وغيرها، لابد أن تكون قد حدثت في وقت واحد، لأنه قبل أن تكمل كل واحدة منها كان الأبصار مستحيلا (1) .
فكيف استطاعت هذه الأعواد والعصي والأعصاب ، وهي بهذه الأعداد الضخمة الهائلة أن تترتب من تلقاء نفسها، وأن يأخذ كل واحد منها مكانه المناسب له أو يمكن أن يكون هذا ناتجا عن عمل الطبيعة العمياء، أو عمل الصدفة الخرقاء، إن النظام العادي البسيط لا يمكن أن يصدر عن الفوضى، بل لابد له من منظم فكيف بهذه النظم المعجزة المدهشة الدقيقة.
إن ما ذكرناه عن العين من هذه الأمور الغريبة ، يمكننا أن نذكره عن غيرها من الأجهزة الكثيرة في الجسم الإنساني ، مما لا سبيل إلى الإحاطة به في مثل هذه المباحث الموجزة، بل إن كل ما كشفه العلم الحديث عن الإنسان في ميدان الطب وغيره من العلوم المتعلقة بهذا المخلوق العجيب الغريب لا تعدو في نسبتها إلى المجهول منه نسبة القطرة إلى البحر العظيم، بل قال العلماء إن كل العلوم تقدمت تقدما ملحوظا إلا أن العلوم المتعلقة بمعرفة حقيقة الإنسان لم تتقدم إذا ما قيست
بالمجاهيل فيه ، وصدق الله إذ يقول : ] وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ {الذاريات/20} وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ[{الذاريات/21}
ومن خلال هذه الجولة السريعة في عالم الفضاء، والحيوان والنبات، والإنسان، ومن خلال ما رأيناه من العجائب والغرائب في الخلية الواحدة، والجسم المكون من ملايين الخلايا، من خلال كل هذا الذي رأيناه وقد انتظم انتظاما مدهشا معجزا، يستحيل أن يكون ناتجا عن الصدفة، أو عمل الطبيعة العمياء، من خلال هذا نجد أنفسنا مضطرين ككل العلماء الذين بحثوا في مثل هذه المواضيع بعين التواضع والإنصاف نجد أنفسنا مضطرين إلى الإيمان بالله ، لا عن طريق التقليد للآباء والأجداد ، ولا عن طريق القهر والإكراه ، وإنما عن طريق هذه الأدلة الناطقة التي تشهد بأنه لا إله إلا الله ] وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ [ وبنفس الأساليب التي استعملها العقل الحديث في استدلاله واستنباطه .
لماذا لا نرى الله
سؤال يطرح نفسه على كل إنسان. .
أما الكافر فلا سبيل للخوض معه في هذا الموضوع، لأن طلب الرؤية مبني على الإيمان بالوجود، والمفترض به أنه غير مؤمن بوجود الله.
وإنما سبيلنا معه أن نعود إلى ما ذكرناه في المباحث السابقة للاستدلال على وجود الله ، وبالأساليب المناسبة .
وأما المؤمن أو المشكك فسبيلنا معه سهل وبسيط.
إن رؤية الله في الدنيا ـ وبغض النظر عن إمكانها أو استحالتها للخلاف بين العلماء فيها ـ إن رؤية الله في الدنيا شيء جميل ، يتمناه كل إنسان ، ولذلك سأل موسى ربه أن يراه فقال : ] رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ [ {الأعراف/143}
ولكن ليس الخطأ في هذا السؤال أو الأمنية. . لأن تصورات الإنسان الساذجة عن حقيقة الألوهية تطرح عليه هذا السؤال أو الأمنية، كما يتمنى الإنسان أن يحمل الصخرة العظيمة، أو أن يزيل الجبل من مكانه، لكنها أمنية ساذجة. . تدل على بساطة في التفكير . .
إننا آمنا بالله ، وآمنا بأنه خالق كل شيء ، وليس بمخلوق ، وأنه لا شريك له ولا ولد . . ] لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ {الإخلاص/3} وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ [{الإخلاص/4}
ومادام الأمر كذلك . . فقبل أن نبحث عن رؤية الله ، يجب علينا أن نبحث عن رؤية الأشياء التي هي من خلق الله . . فإذا استحال علينا رؤية بعض هذه الأشياء مع أنها من خلق الله . . فيجب علينا أن لانترقى إلى البحث في رؤية خالقها ونحن لما نتمكن من رؤيتها بعد . .
إن جميع طاقات الإنسان وبدون استثناء محدوده ، حتى خياله وفكره ، فإنها محدودان ، ولهما نطاق لا يتجاوزانه .
إننا إذا أخذنا الشوكة الرنانة ، وطرقناها طرقا خفيفا ، أو أخذنا الملقط الذي نلتقط به النار ، وطرقناه طرقا خفيفا ، فإننا نجد طرفا الشوكة أو الملقط يتحركان يمنه ويسره محدثان صوتا مترددا متقطعا . . فإذا ما طرقناهما طرقا أشد من الأول ، فإننا نجد الحركة في الأطراف أسرع ، ونجد أن الصوت قد زاد حدة وخف تقطيعه ، فإذا ما طرقناهما طرقا عنيفا ، فإننا في هذه الحالة لا نرى حركة الأطراف وإنما نرى خطا منحنيا أو ثابتا ، كما أننا لا نسمع صوتا متقطعا ، وإنما نسمع صوتا متواصلا . . لماذا . . . ؟
إننا نقطع بأن طرفا الشوكة يتحركان يمنة ويسرة . . ولكننا لم نعد نرى هذه الحركة المترددة ، كما أننا نقطع بأن الصوت الناتج عن هذه الحركة متقطع ، ولكننا لم نعد ندرك تقطعه ، وصرنا نسمعه طنينا متواصلا . . لماذا . . والحقيقة لم تتغير . . ؟
الجواب على هذا يتولاه العلم الذي يقول : إن طاقتنا في الإبصار محدودة ، كما أن طاقتنا في السمع محدودة ، شأنها في ذلك شأن بقية الحواس .
وذلك إذا زادت الحركة أمام أعيننا عن عدد معين في الثانية ، فإننا لا نستطيع أن نرى الأشياء المتحركة متحركة ، وإنما نراها ثابتا أو لا نراها مطلقا.
وكذلك إذا زادت الذبذبات الصوتية عن حد معين في الثانية ، فإننا في هذه الحالة لا نستطيع أن نسمع الصوت متقطعا لعجز السمع عن التمييز في هذه الحالة ؟
وذلك لأن طاقاتنا في السمع والأبصار محدودة ، فإذا ما خرجت المرئيات عن طاقة البصر ، والمسموعات عن طاقة السمع ، وقعا في الحيرة واضطربا في الإدراك .
ومثال ذلك أيضا إذ جلسنا أمام المروحة الكهربائية وأوصلناها بالتيار الكهربائي ، فإننا في بداية الأمر نرى حركة الأجنحة ، وذلك لخفة الحركة ، ولكننا لا نلبث أن نفقد سيطرتنا على رؤية الأجنحة متميزة ، فإذا ما زادت دوراتها خيل إلينا أن الأجنحة قد اختفت ، وأصبحنا قادرين على رؤية الأشياء من خلفها ، مع أننا نقطع بوجودها وأنها تتحرك وتبعث بالهواء إلينا . . ؟ وربما خيل إلينا أنها تتحرك بحركة معاكسة لحركتها الأولى، وكل هذا تابع لشدة دورانها وخفته ، وبقوانين معروفة . .
والسبب في هذا عجز بصرنا عن متابعة هذه الحركة السريعة ، ولذلك عجز عن إدراكها مع أنها أجسام صلبة ، صنعها الإنسان بيده ، وحركها بقدرته وطاقته وهي في سمت بصره ، يرى الهواء ينبعث منها ويحرك كل شيء في الغرفة ، إلا أنه عاجز عن رؤيتها . . ؟
فإذا كان الإنسان عاجزا عن رؤية الأشياء التي صنعها بيده ، مع أنها ماثلة أمامه . . أو يمكن له أن يرى الله وهو خالق لكل كائن حي . . ليس من قبيل المادة التي يعرفها البشر] لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [{الشورى/11} . . . . ؟ أظن أن أي عاقل في الدنيا يؤمن باستحالة هذه الرؤيا مادمنا بهذه الطاقات العاجزة عن إدراك الأجسام الصلبة التي هي بين أيدينا ومن مخترعاتنا . .
إن جميع الأوساط العلمية في العالم ـ بما في ذلك الملاحدة ـ آمنوا بالأثير يوما ما الذي افترضوه أنه يملأ الكون . . بل أصل الحياة . . ولكن ما هو الأثير؟ وهل رآه أحد ؟ الجواب لا . لأن طاقاتنا لم تتأهل بعد لإدراكه . . إذن أليس من العبث أن نسأل لماذا لا نرى الله ؟ ونحن لما نتمكن بعد من رؤية بعض مخلوقاته . . ؟
إن العالم بأسره اليوم يؤمن بالروح . . سوى بعض المعاندين . . وإن النوادي الروحية في العالم الغربي اليوم أكثر من أن تحصى . . ولكن ما هي الروح . . ؟ ما وزنها . . ؟ ما لونها . . ؟ ما طولها . . ؟ وكيف تدخل الجسد في الحياة الجنينية . . ؟ وكيف تخرج منه عند الموت . . ؟ إننا جميعا نؤمن بالروح التي بين جنبينا . . ولكننا جميعا عاجزون عن إدراك حقيقتها أو رؤيتها . . ؟ إنها سر الله في هذه الأرض . . ولقد أجاب القرآن الكريم عن السؤال الذي طرح وسيطرح . . ما هي الروح . . ؟ ولماذا لا نراها . . ؟ بأن طاقاتكم في الحواس والعلوم دون إمكانية الرؤية والإدراك . .والتي تحتاج لطاقات أكبر من طاقاتكم فقال تعالى :] وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً[{الإسراء/85} أي وهذا العلم القليل والحواس العاجزة المحدودة لا يمكنانكم من رؤية الروح أو معرفة حقيقتها . . ولذلك لا زال العالم بأسره اليوم حائر في أمر الروح وحقيقتها ، وسيبقى لعجز طاقاته وإمكانياته .
فإذا كنا عاجزين عن إدراك الروح التي بين جنبينا ، والتي هي سبب حياتنا . . أيمكننا أن نرى خالقها . .
إن أي عاقل يدرك مثل هذه الحقائق يقطع باستحالة رؤية الله في هذه الحياة،وبهذه الطاقات والإمكانيات ، ومع إيمانه بوجوده .
وهذا الكلام يمكن أن يقال فيها لو كان الله من نوع هذه المخلوقات كالروح مثلا ، فما بالنا إذا عرفنا أن الله يخالف كل مخلوقاته ، فلا يحيط به المكان ، ولا يجري عليه الزمان ، أزلي ، ابدي وليس كالأجسام ، ولا كالأعراض ، ] لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ[ {الشورى/11} ] لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[{الأنعام/103}
وكل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك . . نؤمن به كما وصف به نفسه من خلال هذه المفاهيم . . إن من يدرك هذه الحقيقة يعلم أين يكمن الخطأ في قولنا : لماذا لا نرى الله . . ؟
إن الإنسان عندما يعجز عن حمل حجر وزنه خمسين كيلوغراما ، فإنه من الخطأ أن يتساءل لماذا لا أستطيع أن أحمل حجرا وزنه ألف كيلوغراما . . أن مثل هذا السؤال خطأ عند كل عاقل في الأرض .
إن الإنسان عندما يخلق أعمى لا يجوز له أن يقول لماذالاأعرف الألوان ،وعندما يخلق أصم ، لا يجوز له أن يقول : لماذا لا أميز المسموعات .
إن الإنسان الذي يريد أن يرى الروح يجب أن يتأهل أو لا بطاقات وإمكانيات وحواس تمكنه من هذه المشاهدة .
وإن الذي يريد أن يرى الله يجب عليه أيضا أن يتأهل بمثل هذا . . ولذلك لما كان من كرامة المؤمن يوم القيامة أن يرى الله . .] وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ {القيامة/22} إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ[{القيامة/23}.
كان من حكمة الله أن يبدل جسده وحواسه ، ويغير طوله وعرضه ،ويعطيه من الطاقات والإمكانيات ما يتناسب مع هذا الأمر العظيم وإلا لما كان بإمكانه أن يرى الحواس التي كان عليها في الدنيا .
وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ [{الأعراف/143}
اللهم اجعل صدورنا خزائن أسرارك ، وألسنتنا مفاتيح تمجيدك ،وجوارحنا خدم طاعتك ، فإنه لا عز إلا بالذل لك ، ولا غنى إلا بالفقر إليك ،ولا حياة ولا استقرار ولاسعادة إلا بالتزام منهجك ، ولاحول ولا قوة إلا بك ، آمنا بك عن قناعة ورضا ، وأسلمنا لك اعترافا بعبوديتنا بين يديك ، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين .
المراجع العلمية
1 – الإسلام يتحدى الأستاذ وحيد الدين خان
2 – الإسلام في مواجهة التحديات المعاصرة أبو الأعلى المودودي
3 – الله يتجلى في عصر العلم لمجموعة من كبار علماء الغرب تعريب
د. الدمرداش عبد المجيد سرحان
4 – الثعابين بسي م . همت تعريب د. عبد الحليم كامل
5- جسم الإنسان كتاب المعرفة
6- دائرة معارف القرن العشرين محمد فريد وجدي
7- دنيا الحشرات فردينا ندلين ، تعريب د . أحمد أبو النصر
8- الدين في مواجهة العلم الأستاذ وحيد الدين خان
9- الطب محراب الإيمان خالص جلبي كنجو
10 – الطيور روبرت لمن ، تعريب الدكتور كامل عطا
11- العلم يدعو للإيمان كرستي مورلسون تعريب د. محمود صالح الفلكي
12- الغريب في عالم الحيوان روبرت لمن ، تعريب د . كامل عطا
13- غريزة أم تقدير الهي شوقي أبو خليل
14- الفراشات وأبو دقيق روبرت لمن ، تعريب د . كامل عطا
15 – المملكة الحيوانية وتطورها أ. ج .كين ، تعريب د . علي علي مرسي
16- النحلة تسبح الله محمد حسن الحمصي
17- هل هو الله أم الطبيعة د. يوسف عز الدين موسى
18- تاريخ المعالم لجمهرة من المؤرخين الغربيين
فهرس الموضوع
الموضوع الصفحة
مقدمة المؤلف ………………………………………………………………..3
الرد على دعوى الملاحدة في أن الالحاد وليد العقل الحديث …………………….7
الأسباب التي أدت إلى الالحاد …………………………………………………11
1_ موقف الكنيسة ……………………………………………………………11
2_ المكتشفات الحديثة ………………………………………………………..15
الرد على شبه الملاحدة في مكتشفاتهم ………………………………………….18
شهادة كبار علماء الكون والحياة بأن المكتشفات الحديثة لم تزد الإنسان إلا إيمانا….23
اجتماع الدين والعلم منذ فجر الإسلام ………………………………………….26
الدين أعظم دعامة للعلم ………………………………………………………29
قضية منكري الدين ودعاويهم ………………………………………………..33
نقد دعوى الملاحدة ونقضها ………………………………………………….36
قبول مبدأ الإستنتاج ………………………………………………………….39
توضيح المعيار الرابع ……………………………………………………….42
استعمال المؤمنين للقانون الرابع في المعارف ………………………………..43
نظرية ماييه …………………………………………………………………45
نظرية دارون ……………………………………………………………….47
رواج نظرية دارون مع أنها قائمة على الإستنتاج ……………………………..50
ماجاز لدارون من الإستنتاج يجوز للمؤمنين . . . . . . . . . . . . . . 51
تعصب الفكر الإلحادي . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 52
اتجاه الفكر الالحادي إلى المغالطة . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 54
نظرية دارون على فرض صحتها لا تؤدي إلى الالحاد . . . . . . . . 57
التحكم في تعيين الحقائق غير صحيح . . . . . . . . . . . . . . . . . 60
طريقة الإستدلال على وجود الله . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 66
الأدلة على وجود الله . . . . . . . . . . . . . . . . . . .. . . . . . . 70
1 – من الفضاء . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 70
2 – التوازن الدقيق في الأرض وما فيها . . . . . . . . . . . . . . . 76
3 – عالم النبات . . . . . . . . . . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . 83
4 – عالم الحيوان . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .89
الحيوانات المضيئة . . . . . . . . . . . . . . . . .. . . . . . . . 96
هجرة الحيوانات . . . . . . . . . . . . . . . . .. . . . . . . . 97
مظاهر مشتركة بين جميع الحيوانات . . . . . . . . . . . . . . 100
1 – التكاثر . . . . . . .. .. . . . . . . . … . . . . . . . . . 100
2 – الغريزة الجنسية . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 101
3 – تعويض الاجزاء المفقودة . . . . . . . . . . . . . . . . . 101
4 – الغذاء . . . . . . . . . . . . . . . . .. . . . … . . . . . 102
5 – تبادل الشعور . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 103
ديدان الفيلاريا . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 105
النمل . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 106
النمل الأبيض . . . . . . . … . . . . … . . . . . . . 110
النحل . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 111
5 – عالم الإنسان . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .. . . 116
عملية تكون الجنين . . . . . . . . . . . . . . . . .. . . . . . . . . . 116
حماية الجنين وغذاؤه . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 119
خلايا المخ لا تنقسم . . . . . . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . . . 121
عوامل الوراثة .. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 121
النظام العصبي . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 122
الكليه والتوازن المائي . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 126
الكبد مستودع الامانات . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 127
العين . . . . . . . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 130
لماذا لا نرى الله . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 134
(1) العلم يدعو للإيمان ، كريستي موريش ص 115
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin