"الفوائد العظمى بالصَّلاة على النَّبيِّ المجتبى ـ صلَّى الله عليه وسلَّم": لحضرة الشيخ عباس السيد فاضل الحسني:-
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحَمْدُ للهِ، الجَميلِ الجَليلِ، رافعِ الدَرَجَاتِ، ذِي الطَّولِ، الرؤوفِ الرّحيمِ ـ جَلَّ جَلالُهُ وعَمَّ فضلهُ نَوالُهُ، والصّلاةُ والسّلامُ على من لا نبيَّ بعده، عبد الله، حَبيب الله، وخَاتمِ أنبيائِهِ ورسلهِ، المصطفى من سائِرِ خَلقِهِ، والمجتبى لِحبِ ذاتِه الأقدس ـ تباركَ رَبُّنا وتعالى وتقدس. وعلى آل بيت النَّبيِّ الأصفياء ـ المتشبثين بِدينهِ وعِرْقِهِ وَودِهِ، وأصحاب رسول الله الأَتقياء ـ المتحققين بِصِبْغَتِهِ واتْباعِه، وتابعيه ومُحبيه الصُلحاء ـ المتشامين بِدينهِ وصِلَتِهِ ومَحَبتِه، وأُمته المرحومة ـ الممتثلين بكتابِ اللهِ، وسُنةِ نبيهِ ـ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ـ إلى يوم التناد، آمينَ آمينَ يا ربَّ العالمين.
أَمَّا بَعْدُ: فمن معاني حُبِّ الله وعنايته بِحَبيبهِ ـ صلى الله عليه وآله وسلم، أن مَجَّدَهُ ورفع شأنه العظيم حين أنزل في حَقْهِ: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، وكلمة {يُصَلُّونَ} هنا لها معان متعددة: أحسن ما قيل فيها أن معناها: العناية، لكن كلٌّ بحسب محله؛ "فالصّلاةُ من الله تعالى": اعتناؤه بنبيه ـ صلى الله عليه وسلم، بإعلاء قدره، وإظهار فخره، وإعلان دينه وشرفه، والثناء عليه، وإيصال كلِّ خير وبرٍّ إليه، ومضاعفة تعظيمه، وزيادة تعزيزه وتكريمه. "والصّلاةُ من الملائكة والآدميين": تضرع إلى الله تعالى في أن يزيد عزه وإكرامه، ويرفع قدره ومقامه، وهو ـ سبحانه وتعالى، لازالتْ إفضالاتهُ لهذا النَّبِيِّ الكَرِيم، والرَّسُولِ الرَّحِيم؛ متواصلة أمد الدوام لا يعتريها انقطاع ولا انقسام.
واعلم: أن لفظ الصلاة من قبيل المشترك المعنوي وهو: "ما اتحد لفظه ومعناه واشتركت فيه أفراده". وقيل: هو من قبيل المشترك اللفظي أي: "ما اتحد لفظه وتعدد معناه ووضعه"، وعلى هذا فلفظ الصلاة له معانٍ متعددة:-
ـ فالصّلاةُ من الله تعالى هي: الرحمة المقرونة بالثناء والتعظيم، وهي: العناية به من الله ـ جلَّ وعلا.
ومن الملائكة هي: الرقة والدعاء والاستغفار.
ومن الآدميين وغيرهم هي: التضرع والدعاء في الدنيا ـ لإعلاء ذكره، وإظهار دينه، وإبقاء شريعته، وفي الآخرة ـ بتشفيعه في أمته، وإجزال أجره ومثوبته، وإبداء فضله للأولين والآخرين بالمقام المحمود، وتقديمه على كافة المقربين والشهود، صَلَوَاتُ الله تعالى عَلَيْهِ وعليهم أجمعين.
أمّا حُكم الصّلاةِ عليه ـ صلى الله عليه وسلم: فقد اختلف العلماء ـ رحمهم الله تعالى ـ في ذلك على عشرة أقوال وهي التالية ذكراً:-
أولاً: إنها من المستحبات قاله ابن جرير الطبري، وادعى الإجماع عليه.
ثانياً: إنـها واجبة في الجملة بغير حصر، لكن أقل ما يحصل به الإجزاء مرّة، وادعى بعض المالكية الإجماع عليه؛ وقال القاضي أبو محمد ابن نصر: ((الصلاة على النَّبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم، واجبة في الجملة)).
ثالثاً: تجب مرّة واحدة في العمر في الصلاة أو في غيرها ـ قاله ابن حزم وآخرون.
رابعاً: تجب في القعود الأخير في الصلاة، قاله الشافعي ومن تبعه.
خامساً: تجب في التشهد، وهو قول الشعبي، وإسحاق بن راهويه.
سادساً: تجب في الصلاة من غير تعيين لمحل، نُقل ذلك عن أبي جعفر الباقر ـ رضي الله عنه.
سابعاً: يجب الإكثار منها من غير تقييد بعدد، قاله أبو بكر بن بُكَيْر ـ من المالكية وعبارته: ((افترض الله تعالى على خلقه أن يصلوا على نبيه ويسلموا، ولم يجعل ذلك لوقت معلوم، فالواجب أن يكثر المرء منها ولا يغفل عنها)).
ـ قالَ الحَافِظُ السَّخَاويُّ: استحسن هذا الشيخ أبو عبد الله بن النعمان حيث قال: فما أحسن هذا الكلام من هذا الإمام وأقربه إلى الأفهام، وانفعه لأهل الإسلام، فالصلاة على النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم، بإجماع أهل العلم ـ من أفضل الأعمال، وبها ينال المرء الفوز في الحال والمآل.
ثامناً: كلما ذُكِر ـ صلى الله عليه وسلم، قاله الطحاوي وجماعة من الحنفية والحليمي والشيخ أبو حامد الأسفرائيني وجماعة من الشافعية، وقال ابن العربي من المالكية: إنه الأحوط. قال السخاوي: وعبارة الطحاوي: ((تجب كلما سَمِعَ ذكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم، من غيره أو ذكره بنفسه)).
تاسعاً: في كل مجلس مرّة، ولو تكرر ذكره مراراً ـ حكاه الزمخشري، عن الأوزاعي في الكتاب يكون فيه ذِكرُ النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم، مراراً قال: إن صليت عليه مرّةً واحدةً أجزأك.
ـ وحكى الترمذي عن بعض أهل العلم، قال: إذا صلى الرَّجلُ على النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ مرّة أَجْزأَ عنه ما كان في ذلك المجلس ـ صلى الله عليه وسلم ـ تسليماً.
عاشراً: في كل دعاءٍ، رجاء القبول من الله ـ عزَّ وجلَّ؛ فعن فضالة بن عُبيد ـ رضي الله عنه، سَمِعَ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم، رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلاتِهِ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم: «عَجِلَ هَذَا»، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ لْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ لْيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ».
ـ ومن الملاحظ أن الآية الشريفة قد بدأت بجملة اسمية ـ والجمل الاسمية في اللغة العربية تفيد الثبوت؛ وجاء في وسـط الآية فعل مضارع هو: {يُصَلُّونَ} الذي يستخدم: للحال والاستقبال في اللغة، وللعموم في البلاغة ـ بمعنى: أنَّ اللهَ بذاته الأقدس ـ جلَّ وعلا، والملائكةَ المقربين يُصلُّون على النَّبيِّ محمّدٍ ـ صلى الله عليه وسلم، بكل ساعة. فمـن نحن إن صلينا، أم لـم نُصلِّ عليه !!! ـ صَلَوَاتُ ربيّ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ؛ وماذا نستـزيد من الفـضل بعد صلاة الربّ على حبيبه ومصطفاه، فقد كفاه الله تعالى؛ لقوله ـ عليه الصّلاة والسّلام: «إنه قد كان في الله وملائكته كفايةٌ إذ يقول اللَّه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} الآية، فأمر بذلك المؤمنين ليثُيبُهم».
ـ ولكن إن صَلينا عليه ـ صلى الله عليه وسلم، كنّا الثالث مع الله ـ جَلَّ جَلالُهُ ـ والملائـكةِ ـ عَلَيْهِم السّلامُ ـ وبالتالي فإن الله تعالى يُصلي علينا بذاتـه الأقدس ـ جلَّ وعلا ـ عشر مرات، وهذا من محض الفضل والكرم منه ـ سبحانه وتعالى. اللَّهُمَّ إنّكَ أَوجَبتَ علينا ما لا نَملكُهُ إلاّ بِكَ، فهبْ لنا ما يُرضيكَ عَنّا، وإنّا عَجَزنا من حيثُ إحاطةِ عُقُولِنا، وغايةِ أفهامِنا، ومُنتهى إِرادتِنا أن تُصلي على نبيِّنا وحظِّنا محمّدٍ ـ صلى الله عليه وسلم، بما أنت أهله، وبما يرضيك عنه إلى أبد الآبدين.
ـ ثم أن آية الصلاة على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم، فقد انتهت بجملة فعلية ـ ومن معاني الجمل الفعلية في اللغة العربية: أنـها تفيد التجدد؛ والمعنى: تثبتّوا، وعمّموا، وجدّدوا الصّلاة والسّلام على رسول الله محمّدٍ ـ صلى الله عليه وسلم؛ فالصّلاة عليه عبادة، وزيادة حسنات، والتزود منها بالله إلى الله معارج القرب والرضوان؛ وهذا سرٌ من الأسرار، بل هو من أعظم أسرارها.
ـ واعلم أن ثواب الصلاة على النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم، عند الله تعالى كبيرٌ وأجرها عظيمٌ، وقد ذكر العلماء المحققون فوائد جمة من ثواب الصلاة على الحبيب ـ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ إلى يَوْمِ الدين ـ من ذلك: تنشيط الهمم، وتحريك العزائم، وتوجيه النيات إلى الإكثار من هذه العبادة الشريفة.
ـ أما الفوائد الحاصلة بالصّلاة والسّلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم، فهي: غفيرة وجمة؛ ومن هذه الفوائد الجليلة: "الفوائد الأربعون" التي اختصت بها رسالتنا المباركة المسماة "آية الصلاة على النَّبيِّ محمّدٍ ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفوائدها في الدنيا والآخرة"؛ بأسانيدها وأعدادها المباركة، ورسالتنا هذه مختصرة بذكر الفوائد إجمالاً؛ وها هي التالية ذكراً:-
"أي سادة": إن الله تعالى الكبير المتعال بذاته الأقدس ـ جلَّ وعلا ـ يُصلّي على من يُصلّي عليهِ ـ صلى الله عليه وآله وسلم، وقد قال العارفون باللَّه ـ رضي الله عنهم: لو أن أنساناً أرادَ أن يحيط بنور صلاةٍ واحدةٍ من صلواتِ ربِّ العالمين لَمَا استطاع ذلك، وكفى ببداية الرسالة توضيحاً لذلك؛ وأنَّ النَّبيَّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم يُصلّي على من يُصلّي عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، وأن ملائكةَ اللَّه تعالى؛ كما قال سُبحانَهُ: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ}، يُصلّون على من يُصلّي على النبيِّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ، بل بها تكفيرُ الخطيئات، ورفعُ الدرجات، ومغفرةُ الذنوب، وتزكيةُ الأعمال، واستغفارُها لقائلها، وكتابةُ قيراط له مثل أُحُد من الأجرِ، وبها الكيلُ بالكيل الأوفى، وكفايةُ هَمِّ الدنيا والآخرة لمن أكثر منها، وبـها مَحْو الخطايا، وفضلها على عتقِ الرقاب، وبـها النجاة من الأهوال، وشهادةُ الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم بـها.
ووجوبُ الشفاعة، ورضى الله تعالى ورحمتُه، والأمانُ من سخطه، والدخولُ تحت ظِل العرش، وبـها رُجْحان الميزان، وورودُ الحوض، والأمانُ من العطش، والعتقُ من النار، والجوازُ على الصراط، ورؤيةُ المقعد المقرب من الجنّة قبل الموت، وكثرةُ الأزواج في الجنّة .
وقيامُها مقام الصدقة للمُعسر، وهي زكاةٌ وطهارةٌ، وينمو المال ببركتها، وبـها تنقضي من الحوائج مائةٌ بل أكثر، وإنـها عبادةٌ، وبها تزيينُ المجالس ونورُها، وبـها يُنْفى الفقرُ وضيقُ العيش، ويلتمسُ بـها مظانّ الخير، وبها ينتفعُ المُصلّي عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم وولدُه وولدُ ولده، وبـها يتقربُ إلى اللَّهِ ـ عزَّ وجل، وإلى رسولهِ، ويكون أولى الناس به ـ صلى الله عليه وآله وسلم أكثَرهُم عليه صلاة .
ـ وإنـها نورٌ لصاحبها، وبـها يُنْتَصر على الأعداء، وبـها يَطهُر القلب من النفاق ومن الصدأ، وهي سببٌ عظيمٌ لمحبة الناس لصاحبها، وهي سببٌ عظيمٌ لرؤية النبيِّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم في المنام، وهي تمنعُ من اغتياب صاحبها، وهي من أبرك الأعمال وأفضلها وأكثرها نفعاً في الدين والدنيا، وهي سببٌ لطيب المجلس، وأن لا يعود حسرةً على أهله يوم القيامة .
وهي تنفي عن العبد اسمَ البخل إذا صلّى عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، حين يُذْكر، وبـها ينجو العبد من الدعاء عليه برَغام انفه إذا تركها عند ذكره، وبـها يَهْتدي صاحبها إلى طريق الجنّة، كما أنَّ تاركها يُخطئ طريق الجنّة، وهي سببٌ لتمام الكلام الذي ابتدئ بحمد اللَّه تعالى والصّلاةِ على رسول اللَّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ، وبها يخرجُ العبد من الجفاء، وأنه لا يرى وجهه الكريم إلا بها ـ صلى الله عليه وآله وسلم.
قال ابنُ القيم: وإنـها سببٌ لإبقاء اللَّه سبحانه الثناءَ الحسنَ للمصلي عليه بين أهل السماء والأرض، لأن المُصلّيَ عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم طالبٌ من اللَّه تعالى أن يُثْنيَ على رسوله ويكرمهُ ويُشرِّفهُ، والجزاء من جنس العمل، فلا بد أن يحصلَ للمصلي نوع من ذلك .
وإنـها سببٌ للبركة في ذات المصلي عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، وعمله وعمره وأسباب مصالحهِ، لأن المصلي عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، داعٍ إلى ربهِ أن يبارك عليهِ وعلى آله ـ صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا الدعاءُ مستجابٌ والجزاء من جنسهِ .
وهي سببٌ عظيمٌ لدوامِ محبة النبيّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم، وزيادتها وتَضاعُفها، ولا ريبَ أن محبته ـ صلى الله عليه وآله وسلم، هي عقدٌ من عقود الإيمان الذي لا يَتمُ إلا به، لأن العبد كلما أكثر من ذكر المحبوب واستحضاره في قلبهِ محاسنه ومعانيه الجالبة لحبِّه: تَضَاعفَ حُبُّه لهُ، وتزايدَ شوقُهُ إليه، واستولى على جميع قلبه، وإذا أعرضَ عن ذكره وإحضاره وإحضارِ محاسنهِ بقلبهِ: نقصَ حبُّه من قلبه.
ولا شىءَ أقرَّ لعين المحبِّ من رؤية محبوبهِ، ولا أقرَّ لقلبهِ من ذكرهِ وإحضار محاسنه، فإذا قوي هذا في قلبه جَرَى لسانه بمدحه والثناء عليهِ وذكر محاسنه، وتكونُ زيادَةُ ذلكَ ونقصانُه بحسبِ زيادة الحبِّ ونقصانه في قلبه، والحِسُّ شاهدٌ بذلكَ كما قيلَ:-
عجبتُ لمن يقولُ: ذكرتُ حبِّي هل أنسى فأذكرَ ما نسيتُ.
كما أنَّ الصّلاةَ عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، هيَ سببٌ لمحبته للعبدِ، فإنها إذا كانتْ سبباً لزيادة محبةِ المصلّي عليهِ له، فكذلك هي سببٌ لمحبتهِ ـ صلى الله عليه وآله وسلم، للمصلّي عليه .
وهي أيضاً سببٌ عظيمٌ لهداية العبد وحياة قلبه، فإنه كلما أكثر الصلاة عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، وذكره استولْت محبتهُ على قلبهِ حتى لا يبقى في قلبهِ معارضةٌ لشىء من أوامرهِ ـ صلى الله عليه وآله وسلم، ولاشكَ في شىء مما جاءَ به، بل يصيرُ ما جاء به ـ صلى الله عليه وآله وسلم مسطوراً في قلبه، لا يزالُ يقرأه على تعاقب أحواله، ويقتبسُ الهدى والفلاحَ وأنواعَ العلوم منه، جعلنا اللَّه تعالى منهم، فضلاً منهُ ونعمة.
كما أن الصلاة عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، هيَ سببٌ لعرض المصلي عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم وسبب لذِكره عنده: لقوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ صلاتكم معروضةٌ عليَّ»، ولقوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ للهِ ملائكةً سياحيين في الأرضِ يبلِّغوني عن أمتي السلام»، وكفى بالعبد شرفاً ونبلاً أن يذكر اسمه بحضرة رسول اللَّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم .
كما أن الصلاة عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، هي متضِّمنة لذكر اللَّه تعالى وشكره ومعرفة إنعامه على عبيده بإرساله، فالمصلي عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، قد تضمنتْ صلاته عليه: ذكرَ اللَّه تعالى وذكرَ رسوله، وسؤاله أن يجزيه بصلاته عليه ما هو أهله ـ صلى الله عليه وآله وسلم .
هذا وان الصلاة عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، من العبد هي دعاؤُه ربه وسؤاله بأن يُثني هو سبحانه على حبيبه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، ويزيدَ في تشريفه وتكريمه ورفعة ذِكره، ولا ريب أن اللَّه تعالى يحبُّ ذلك، ورسولَه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، يحبُّ ذلك أيضاً، فالمصلي عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، قد صرف رغبته وسؤاله وطلبه إلى محابّ اللَّه تعالى ورسوله، وآثر ذلك على طلبه حوائجَه ومحابَّه، بل كان هذا المطلوبُ عنده من أحبِّ الأمور إليهِ و آثرها عنده؛ فقد آثر ما يحبُّه اللَّه ورسوله، وآثر اللَّه تعالى ومحابَّه على ما سواه، فالجزاء من جنس العمل، وذلك أنَّ من آثر اللَّه تعالى على غيره آثره اللَّه على غيره.
ومن فوائد الصّلاةِ عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم: أنها سببٌ في سَعَة العيش وبركة المعاش ويُسره، فقد روى أبو موسى المديني عن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبيِّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم، فشكا إليه الفقرَ وضيقَ العيش أو المعاش، فقال له رسولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وآله وسلم: «إذَا دَخَلْتَ مَنْـزِلَكَ فَسَلِّمْ إن كَانَ فِيهِ أحَدٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَحِدٌ، ثُمَّ سَلِّمْ عليَّ، وَاقْرَأْ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} مَرَّةً وَاحِدَةً». ففعل الرجل، فأدَرَّ اللَّه عليـه الرزقَ حتَّى أفـاضَ على جِيرانِهِ وقَراباته .
وعظيم ذلك في الصّلاة على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم، ما روى الحاكم في "المستدرك" بسند صحيح، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه: عن النبيِّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «ما جلس قوم يذكرون الله لم يصلوا على نبيِّهم ـ صلى الله عليه وآله وسلم، إلا كان ذلك المجلس عليهم تِرَة، ولا قعد قوم لم يذكروا الله إلا كان ذلك عليهم تِرَة»، أي: حسرةً وندامةً يوم القيامة، لما يفوتهم من الخيرات والدرجات في الجنّة.
فاللّهم صلِّ على نبيّنا محمّدٍ وآله، صلاةَ أهل السموات والأرضيين، واجرِ يا مولانا لطفك الخفي في أمرنا والمسلمين، وأرنا سّرَّ جميل صنعك فيما نأمله منك يا رب العالمين. آمين، يا مولانا يا أرحم الراحمين، ويا أكرم الأكرمين، ويا أجود الجوادين، يا الله ـ تبارك ربُّنا وتعالى وتقدس.
(نظرةٌ عالية) قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما: أعطى الله لهذه الأمة المحمدية تشريفاً بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ}، ثم قال أيضاً ـ رضي الله تعالى عنه: عندي أشرف من هذا، قال تعالى لنبيه موسى ـ عليه الصّلاة والسّلام: {لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى}، وقال لهذه الأمة: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، وقال تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}، وقال لهذه الأمة: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}، وقال لإبراهيم ـ عليه السلام: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}، وقال لهذه الأمة: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}، وقال لعيسى ـ عليه السلام: {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}، وقال لهذه الأمة: {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ}، وقال لسيدنا ونبينا صَلّى اللَّه تعالى عليه وسلّم: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}، وأكرم هذه الأمة لأجله بقوله تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}. وجاء: أن الجنّة تقول خمس مراتٍ في كل يومٍ: واشوقاه إلى أمةِ محمّدٍ ـ صلى الله عليه وآله وسلم، تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، والحمد لله ربّ العالمين.
اللَّهم؛ إنا نسألك من خَيرِ ما سألكَ منه عبدُكَ ونبيُكَ محمّدٍ ـ صلى الله عليه وآله وسلم، ونعوذُ بِكَ من شَرِ ما استعاذَكَ منه عبدُكَ ونبيُكَ محمّدٍ ـ صلى الله عليه وآله وسلم، وأنتَ المستعانُ وعليكَ البلاغُ ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله، آمينَ آمينَ آمين.
وصَلِّ اللّهُمَّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلى مُحَمّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلى آلِ إبْرَاهِيمَ في الْعَالَمينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجيدٌ.
وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد.
اللَّهم؛ انصر من نصر الدين، واخذل من خذلنا وخذل المسلمين، اللَّهم ربّنا وربّهم اقتلهم واهزمهم، يا الله، يا الله، واعلِ كلمة الحق والنور المبين.
سبحانَكَ اللّهُمّ وبِحمدِك، أشهدُ أن لا إلهَ إلا أنتَ، أستغفرُكَ وأتوبُ إليك.
سبحانَكَ اللّهُمّ وبِحمدِك، أشهدُ أن لا إلهَ إلا أنتَ، أستغفرُكَ وأتوبُ إليك.
سبحانَكَ اللّهُمّ وبِحمدِك، أشهدُ أن لا إلهَ إلا أنتَ، أستغفرُكَ وأتوبُ إليك.
{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ . وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
ابنه وخادمه محمّد
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحَمْدُ للهِ، الجَميلِ الجَليلِ، رافعِ الدَرَجَاتِ، ذِي الطَّولِ، الرؤوفِ الرّحيمِ ـ جَلَّ جَلالُهُ وعَمَّ فضلهُ نَوالُهُ، والصّلاةُ والسّلامُ على من لا نبيَّ بعده، عبد الله، حَبيب الله، وخَاتمِ أنبيائِهِ ورسلهِ، المصطفى من سائِرِ خَلقِهِ، والمجتبى لِحبِ ذاتِه الأقدس ـ تباركَ رَبُّنا وتعالى وتقدس. وعلى آل بيت النَّبيِّ الأصفياء ـ المتشبثين بِدينهِ وعِرْقِهِ وَودِهِ، وأصحاب رسول الله الأَتقياء ـ المتحققين بِصِبْغَتِهِ واتْباعِه، وتابعيه ومُحبيه الصُلحاء ـ المتشامين بِدينهِ وصِلَتِهِ ومَحَبتِه، وأُمته المرحومة ـ الممتثلين بكتابِ اللهِ، وسُنةِ نبيهِ ـ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ـ إلى يوم التناد، آمينَ آمينَ يا ربَّ العالمين.
أَمَّا بَعْدُ: فمن معاني حُبِّ الله وعنايته بِحَبيبهِ ـ صلى الله عليه وآله وسلم، أن مَجَّدَهُ ورفع شأنه العظيم حين أنزل في حَقْهِ: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، وكلمة {يُصَلُّونَ} هنا لها معان متعددة: أحسن ما قيل فيها أن معناها: العناية، لكن كلٌّ بحسب محله؛ "فالصّلاةُ من الله تعالى": اعتناؤه بنبيه ـ صلى الله عليه وسلم، بإعلاء قدره، وإظهار فخره، وإعلان دينه وشرفه، والثناء عليه، وإيصال كلِّ خير وبرٍّ إليه، ومضاعفة تعظيمه، وزيادة تعزيزه وتكريمه. "والصّلاةُ من الملائكة والآدميين": تضرع إلى الله تعالى في أن يزيد عزه وإكرامه، ويرفع قدره ومقامه، وهو ـ سبحانه وتعالى، لازالتْ إفضالاتهُ لهذا النَّبِيِّ الكَرِيم، والرَّسُولِ الرَّحِيم؛ متواصلة أمد الدوام لا يعتريها انقطاع ولا انقسام.
واعلم: أن لفظ الصلاة من قبيل المشترك المعنوي وهو: "ما اتحد لفظه ومعناه واشتركت فيه أفراده". وقيل: هو من قبيل المشترك اللفظي أي: "ما اتحد لفظه وتعدد معناه ووضعه"، وعلى هذا فلفظ الصلاة له معانٍ متعددة:-
ـ فالصّلاةُ من الله تعالى هي: الرحمة المقرونة بالثناء والتعظيم، وهي: العناية به من الله ـ جلَّ وعلا.
ومن الملائكة هي: الرقة والدعاء والاستغفار.
ومن الآدميين وغيرهم هي: التضرع والدعاء في الدنيا ـ لإعلاء ذكره، وإظهار دينه، وإبقاء شريعته، وفي الآخرة ـ بتشفيعه في أمته، وإجزال أجره ومثوبته، وإبداء فضله للأولين والآخرين بالمقام المحمود، وتقديمه على كافة المقربين والشهود، صَلَوَاتُ الله تعالى عَلَيْهِ وعليهم أجمعين.
أمّا حُكم الصّلاةِ عليه ـ صلى الله عليه وسلم: فقد اختلف العلماء ـ رحمهم الله تعالى ـ في ذلك على عشرة أقوال وهي التالية ذكراً:-
أولاً: إنها من المستحبات قاله ابن جرير الطبري، وادعى الإجماع عليه.
ثانياً: إنـها واجبة في الجملة بغير حصر، لكن أقل ما يحصل به الإجزاء مرّة، وادعى بعض المالكية الإجماع عليه؛ وقال القاضي أبو محمد ابن نصر: ((الصلاة على النَّبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم، واجبة في الجملة)).
ثالثاً: تجب مرّة واحدة في العمر في الصلاة أو في غيرها ـ قاله ابن حزم وآخرون.
رابعاً: تجب في القعود الأخير في الصلاة، قاله الشافعي ومن تبعه.
خامساً: تجب في التشهد، وهو قول الشعبي، وإسحاق بن راهويه.
سادساً: تجب في الصلاة من غير تعيين لمحل، نُقل ذلك عن أبي جعفر الباقر ـ رضي الله عنه.
سابعاً: يجب الإكثار منها من غير تقييد بعدد، قاله أبو بكر بن بُكَيْر ـ من المالكية وعبارته: ((افترض الله تعالى على خلقه أن يصلوا على نبيه ويسلموا، ولم يجعل ذلك لوقت معلوم، فالواجب أن يكثر المرء منها ولا يغفل عنها)).
ـ قالَ الحَافِظُ السَّخَاويُّ: استحسن هذا الشيخ أبو عبد الله بن النعمان حيث قال: فما أحسن هذا الكلام من هذا الإمام وأقربه إلى الأفهام، وانفعه لأهل الإسلام، فالصلاة على النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم، بإجماع أهل العلم ـ من أفضل الأعمال، وبها ينال المرء الفوز في الحال والمآل.
ثامناً: كلما ذُكِر ـ صلى الله عليه وسلم، قاله الطحاوي وجماعة من الحنفية والحليمي والشيخ أبو حامد الأسفرائيني وجماعة من الشافعية، وقال ابن العربي من المالكية: إنه الأحوط. قال السخاوي: وعبارة الطحاوي: ((تجب كلما سَمِعَ ذكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم، من غيره أو ذكره بنفسه)).
تاسعاً: في كل مجلس مرّة، ولو تكرر ذكره مراراً ـ حكاه الزمخشري، عن الأوزاعي في الكتاب يكون فيه ذِكرُ النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم، مراراً قال: إن صليت عليه مرّةً واحدةً أجزأك.
ـ وحكى الترمذي عن بعض أهل العلم، قال: إذا صلى الرَّجلُ على النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ مرّة أَجْزأَ عنه ما كان في ذلك المجلس ـ صلى الله عليه وسلم ـ تسليماً.
عاشراً: في كل دعاءٍ، رجاء القبول من الله ـ عزَّ وجلَّ؛ فعن فضالة بن عُبيد ـ رضي الله عنه، سَمِعَ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم، رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلاتِهِ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم: «عَجِلَ هَذَا»، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ لْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ لْيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ».
ـ ومن الملاحظ أن الآية الشريفة قد بدأت بجملة اسمية ـ والجمل الاسمية في اللغة العربية تفيد الثبوت؛ وجاء في وسـط الآية فعل مضارع هو: {يُصَلُّونَ} الذي يستخدم: للحال والاستقبال في اللغة، وللعموم في البلاغة ـ بمعنى: أنَّ اللهَ بذاته الأقدس ـ جلَّ وعلا، والملائكةَ المقربين يُصلُّون على النَّبيِّ محمّدٍ ـ صلى الله عليه وسلم، بكل ساعة. فمـن نحن إن صلينا، أم لـم نُصلِّ عليه !!! ـ صَلَوَاتُ ربيّ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ؛ وماذا نستـزيد من الفـضل بعد صلاة الربّ على حبيبه ومصطفاه، فقد كفاه الله تعالى؛ لقوله ـ عليه الصّلاة والسّلام: «إنه قد كان في الله وملائكته كفايةٌ إذ يقول اللَّه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} الآية، فأمر بذلك المؤمنين ليثُيبُهم».
ـ ولكن إن صَلينا عليه ـ صلى الله عليه وسلم، كنّا الثالث مع الله ـ جَلَّ جَلالُهُ ـ والملائـكةِ ـ عَلَيْهِم السّلامُ ـ وبالتالي فإن الله تعالى يُصلي علينا بذاتـه الأقدس ـ جلَّ وعلا ـ عشر مرات، وهذا من محض الفضل والكرم منه ـ سبحانه وتعالى. اللَّهُمَّ إنّكَ أَوجَبتَ علينا ما لا نَملكُهُ إلاّ بِكَ، فهبْ لنا ما يُرضيكَ عَنّا، وإنّا عَجَزنا من حيثُ إحاطةِ عُقُولِنا، وغايةِ أفهامِنا، ومُنتهى إِرادتِنا أن تُصلي على نبيِّنا وحظِّنا محمّدٍ ـ صلى الله عليه وسلم، بما أنت أهله، وبما يرضيك عنه إلى أبد الآبدين.
ـ ثم أن آية الصلاة على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم، فقد انتهت بجملة فعلية ـ ومن معاني الجمل الفعلية في اللغة العربية: أنـها تفيد التجدد؛ والمعنى: تثبتّوا، وعمّموا، وجدّدوا الصّلاة والسّلام على رسول الله محمّدٍ ـ صلى الله عليه وسلم؛ فالصّلاة عليه عبادة، وزيادة حسنات، والتزود منها بالله إلى الله معارج القرب والرضوان؛ وهذا سرٌ من الأسرار، بل هو من أعظم أسرارها.
ـ واعلم أن ثواب الصلاة على النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم، عند الله تعالى كبيرٌ وأجرها عظيمٌ، وقد ذكر العلماء المحققون فوائد جمة من ثواب الصلاة على الحبيب ـ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ إلى يَوْمِ الدين ـ من ذلك: تنشيط الهمم، وتحريك العزائم، وتوجيه النيات إلى الإكثار من هذه العبادة الشريفة.
ـ أما الفوائد الحاصلة بالصّلاة والسّلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم، فهي: غفيرة وجمة؛ ومن هذه الفوائد الجليلة: "الفوائد الأربعون" التي اختصت بها رسالتنا المباركة المسماة "آية الصلاة على النَّبيِّ محمّدٍ ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفوائدها في الدنيا والآخرة"؛ بأسانيدها وأعدادها المباركة، ورسالتنا هذه مختصرة بذكر الفوائد إجمالاً؛ وها هي التالية ذكراً:-
"أي سادة": إن الله تعالى الكبير المتعال بذاته الأقدس ـ جلَّ وعلا ـ يُصلّي على من يُصلّي عليهِ ـ صلى الله عليه وآله وسلم، وقد قال العارفون باللَّه ـ رضي الله عنهم: لو أن أنساناً أرادَ أن يحيط بنور صلاةٍ واحدةٍ من صلواتِ ربِّ العالمين لَمَا استطاع ذلك، وكفى ببداية الرسالة توضيحاً لذلك؛ وأنَّ النَّبيَّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم يُصلّي على من يُصلّي عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، وأن ملائكةَ اللَّه تعالى؛ كما قال سُبحانَهُ: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ}، يُصلّون على من يُصلّي على النبيِّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ، بل بها تكفيرُ الخطيئات، ورفعُ الدرجات، ومغفرةُ الذنوب، وتزكيةُ الأعمال، واستغفارُها لقائلها، وكتابةُ قيراط له مثل أُحُد من الأجرِ، وبها الكيلُ بالكيل الأوفى، وكفايةُ هَمِّ الدنيا والآخرة لمن أكثر منها، وبـها مَحْو الخطايا، وفضلها على عتقِ الرقاب، وبـها النجاة من الأهوال، وشهادةُ الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم بـها.
ووجوبُ الشفاعة، ورضى الله تعالى ورحمتُه، والأمانُ من سخطه، والدخولُ تحت ظِل العرش، وبـها رُجْحان الميزان، وورودُ الحوض، والأمانُ من العطش، والعتقُ من النار، والجوازُ على الصراط، ورؤيةُ المقعد المقرب من الجنّة قبل الموت، وكثرةُ الأزواج في الجنّة .
وقيامُها مقام الصدقة للمُعسر، وهي زكاةٌ وطهارةٌ، وينمو المال ببركتها، وبـها تنقضي من الحوائج مائةٌ بل أكثر، وإنـها عبادةٌ، وبها تزيينُ المجالس ونورُها، وبـها يُنْفى الفقرُ وضيقُ العيش، ويلتمسُ بـها مظانّ الخير، وبها ينتفعُ المُصلّي عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم وولدُه وولدُ ولده، وبـها يتقربُ إلى اللَّهِ ـ عزَّ وجل، وإلى رسولهِ، ويكون أولى الناس به ـ صلى الله عليه وآله وسلم أكثَرهُم عليه صلاة .
ـ وإنـها نورٌ لصاحبها، وبـها يُنْتَصر على الأعداء، وبـها يَطهُر القلب من النفاق ومن الصدأ، وهي سببٌ عظيمٌ لمحبة الناس لصاحبها، وهي سببٌ عظيمٌ لرؤية النبيِّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم في المنام، وهي تمنعُ من اغتياب صاحبها، وهي من أبرك الأعمال وأفضلها وأكثرها نفعاً في الدين والدنيا، وهي سببٌ لطيب المجلس، وأن لا يعود حسرةً على أهله يوم القيامة .
وهي تنفي عن العبد اسمَ البخل إذا صلّى عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، حين يُذْكر، وبـها ينجو العبد من الدعاء عليه برَغام انفه إذا تركها عند ذكره، وبـها يَهْتدي صاحبها إلى طريق الجنّة، كما أنَّ تاركها يُخطئ طريق الجنّة، وهي سببٌ لتمام الكلام الذي ابتدئ بحمد اللَّه تعالى والصّلاةِ على رسول اللَّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ، وبها يخرجُ العبد من الجفاء، وأنه لا يرى وجهه الكريم إلا بها ـ صلى الله عليه وآله وسلم.
قال ابنُ القيم: وإنـها سببٌ لإبقاء اللَّه سبحانه الثناءَ الحسنَ للمصلي عليه بين أهل السماء والأرض، لأن المُصلّيَ عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم طالبٌ من اللَّه تعالى أن يُثْنيَ على رسوله ويكرمهُ ويُشرِّفهُ، والجزاء من جنس العمل، فلا بد أن يحصلَ للمصلي نوع من ذلك .
وإنـها سببٌ للبركة في ذات المصلي عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، وعمله وعمره وأسباب مصالحهِ، لأن المصلي عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، داعٍ إلى ربهِ أن يبارك عليهِ وعلى آله ـ صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا الدعاءُ مستجابٌ والجزاء من جنسهِ .
وهي سببٌ عظيمٌ لدوامِ محبة النبيّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم، وزيادتها وتَضاعُفها، ولا ريبَ أن محبته ـ صلى الله عليه وآله وسلم، هي عقدٌ من عقود الإيمان الذي لا يَتمُ إلا به، لأن العبد كلما أكثر من ذكر المحبوب واستحضاره في قلبهِ محاسنه ومعانيه الجالبة لحبِّه: تَضَاعفَ حُبُّه لهُ، وتزايدَ شوقُهُ إليه، واستولى على جميع قلبه، وإذا أعرضَ عن ذكره وإحضاره وإحضارِ محاسنهِ بقلبهِ: نقصَ حبُّه من قلبه.
ولا شىءَ أقرَّ لعين المحبِّ من رؤية محبوبهِ، ولا أقرَّ لقلبهِ من ذكرهِ وإحضار محاسنه، فإذا قوي هذا في قلبه جَرَى لسانه بمدحه والثناء عليهِ وذكر محاسنه، وتكونُ زيادَةُ ذلكَ ونقصانُه بحسبِ زيادة الحبِّ ونقصانه في قلبه، والحِسُّ شاهدٌ بذلكَ كما قيلَ:-
عجبتُ لمن يقولُ: ذكرتُ حبِّي هل أنسى فأذكرَ ما نسيتُ.
كما أنَّ الصّلاةَ عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، هيَ سببٌ لمحبته للعبدِ، فإنها إذا كانتْ سبباً لزيادة محبةِ المصلّي عليهِ له، فكذلك هي سببٌ لمحبتهِ ـ صلى الله عليه وآله وسلم، للمصلّي عليه .
وهي أيضاً سببٌ عظيمٌ لهداية العبد وحياة قلبه، فإنه كلما أكثر الصلاة عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، وذكره استولْت محبتهُ على قلبهِ حتى لا يبقى في قلبهِ معارضةٌ لشىء من أوامرهِ ـ صلى الله عليه وآله وسلم، ولاشكَ في شىء مما جاءَ به، بل يصيرُ ما جاء به ـ صلى الله عليه وآله وسلم مسطوراً في قلبه، لا يزالُ يقرأه على تعاقب أحواله، ويقتبسُ الهدى والفلاحَ وأنواعَ العلوم منه، جعلنا اللَّه تعالى منهم، فضلاً منهُ ونعمة.
كما أن الصلاة عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، هيَ سببٌ لعرض المصلي عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم وسبب لذِكره عنده: لقوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ صلاتكم معروضةٌ عليَّ»، ولقوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ للهِ ملائكةً سياحيين في الأرضِ يبلِّغوني عن أمتي السلام»، وكفى بالعبد شرفاً ونبلاً أن يذكر اسمه بحضرة رسول اللَّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم .
كما أن الصلاة عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، هي متضِّمنة لذكر اللَّه تعالى وشكره ومعرفة إنعامه على عبيده بإرساله، فالمصلي عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، قد تضمنتْ صلاته عليه: ذكرَ اللَّه تعالى وذكرَ رسوله، وسؤاله أن يجزيه بصلاته عليه ما هو أهله ـ صلى الله عليه وآله وسلم .
هذا وان الصلاة عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، من العبد هي دعاؤُه ربه وسؤاله بأن يُثني هو سبحانه على حبيبه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، ويزيدَ في تشريفه وتكريمه ورفعة ذِكره، ولا ريب أن اللَّه تعالى يحبُّ ذلك، ورسولَه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، يحبُّ ذلك أيضاً، فالمصلي عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم، قد صرف رغبته وسؤاله وطلبه إلى محابّ اللَّه تعالى ورسوله، وآثر ذلك على طلبه حوائجَه ومحابَّه، بل كان هذا المطلوبُ عنده من أحبِّ الأمور إليهِ و آثرها عنده؛ فقد آثر ما يحبُّه اللَّه ورسوله، وآثر اللَّه تعالى ومحابَّه على ما سواه، فالجزاء من جنس العمل، وذلك أنَّ من آثر اللَّه تعالى على غيره آثره اللَّه على غيره.
ومن فوائد الصّلاةِ عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم: أنها سببٌ في سَعَة العيش وبركة المعاش ويُسره، فقد روى أبو موسى المديني عن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبيِّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم، فشكا إليه الفقرَ وضيقَ العيش أو المعاش، فقال له رسولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وآله وسلم: «إذَا دَخَلْتَ مَنْـزِلَكَ فَسَلِّمْ إن كَانَ فِيهِ أحَدٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَحِدٌ، ثُمَّ سَلِّمْ عليَّ، وَاقْرَأْ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} مَرَّةً وَاحِدَةً». ففعل الرجل، فأدَرَّ اللَّه عليـه الرزقَ حتَّى أفـاضَ على جِيرانِهِ وقَراباته .
وعظيم ذلك في الصّلاة على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم، ما روى الحاكم في "المستدرك" بسند صحيح، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه: عن النبيِّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «ما جلس قوم يذكرون الله لم يصلوا على نبيِّهم ـ صلى الله عليه وآله وسلم، إلا كان ذلك المجلس عليهم تِرَة، ولا قعد قوم لم يذكروا الله إلا كان ذلك عليهم تِرَة»، أي: حسرةً وندامةً يوم القيامة، لما يفوتهم من الخيرات والدرجات في الجنّة.
فاللّهم صلِّ على نبيّنا محمّدٍ وآله، صلاةَ أهل السموات والأرضيين، واجرِ يا مولانا لطفك الخفي في أمرنا والمسلمين، وأرنا سّرَّ جميل صنعك فيما نأمله منك يا رب العالمين. آمين، يا مولانا يا أرحم الراحمين، ويا أكرم الأكرمين، ويا أجود الجوادين، يا الله ـ تبارك ربُّنا وتعالى وتقدس.
(نظرةٌ عالية) قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما: أعطى الله لهذه الأمة المحمدية تشريفاً بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ}، ثم قال أيضاً ـ رضي الله تعالى عنه: عندي أشرف من هذا، قال تعالى لنبيه موسى ـ عليه الصّلاة والسّلام: {لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى}، وقال لهذه الأمة: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، وقال تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}، وقال لهذه الأمة: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}، وقال لإبراهيم ـ عليه السلام: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}، وقال لهذه الأمة: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}، وقال لعيسى ـ عليه السلام: {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}، وقال لهذه الأمة: {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ}، وقال لسيدنا ونبينا صَلّى اللَّه تعالى عليه وسلّم: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}، وأكرم هذه الأمة لأجله بقوله تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}. وجاء: أن الجنّة تقول خمس مراتٍ في كل يومٍ: واشوقاه إلى أمةِ محمّدٍ ـ صلى الله عليه وآله وسلم، تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، والحمد لله ربّ العالمين.
اللَّهم؛ إنا نسألك من خَيرِ ما سألكَ منه عبدُكَ ونبيُكَ محمّدٍ ـ صلى الله عليه وآله وسلم، ونعوذُ بِكَ من شَرِ ما استعاذَكَ منه عبدُكَ ونبيُكَ محمّدٍ ـ صلى الله عليه وآله وسلم، وأنتَ المستعانُ وعليكَ البلاغُ ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله، آمينَ آمينَ آمين.
وصَلِّ اللّهُمَّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلى مُحَمّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلى آلِ إبْرَاهِيمَ في الْعَالَمينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجيدٌ.
وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد.
اللَّهم؛ انصر من نصر الدين، واخذل من خذلنا وخذل المسلمين، اللَّهم ربّنا وربّهم اقتلهم واهزمهم، يا الله، يا الله، واعلِ كلمة الحق والنور المبين.
سبحانَكَ اللّهُمّ وبِحمدِك، أشهدُ أن لا إلهَ إلا أنتَ، أستغفرُكَ وأتوبُ إليك.
سبحانَكَ اللّهُمّ وبِحمدِك، أشهدُ أن لا إلهَ إلا أنتَ، أستغفرُكَ وأتوبُ إليك.
سبحانَكَ اللّهُمّ وبِحمدِك، أشهدُ أن لا إلهَ إلا أنتَ، أستغفرُكَ وأتوبُ إليك.
{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ . وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
ابنه وخادمه محمّد
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin