مقدمة الشيخ ابن العربي .كتاب عنقاء مغرب في ختم الأولياء وشمس المغرب الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
كتاب عنقاء مغرب في ختم الأولياء وشمس المغرب الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
مقدمة الشيخ ابن العربي كتاب عنقاء مغرب في ختم الأولياء
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم قال سيدنا وأمامنا وقدوتنا الشيخ الإمام العالم العارف الكامل المحقق المدقق محيي الدين أبو عبد اللّه محمد بن محمد بن علي بن محمد بن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي رضى اللّه عنه وأرضاه وحقق تابعيه بسلوك منهجه القويم أنه جواد كريم.
الوعاء المختوم على السر المكتوم:
حمدت إلهي والمقام عظيم ..... فابدى سرورا والفؤاد كظيم
وما عجبي من فرحتى كيف قورنت ..... بتبريج قلب حل فيه عظيم
ولكنني من كشف بحر وجوده ..... عجبت لقلبى والحقائق هيم «الهيم معناها: في غاية العطش.»
لذاك الذي أبدا من النور ظاهرا ..... على سدف الأجسام ليس يقيم
وما عجبي من نور جسمي وإنما ..... عجبت لنور القلب كيف يريم
فإن كان عن كشف ومشهد رؤية ..... فنور تجليه عليه مقيم
تفطنت فاستر علة الأمر يا فتى ..... فهل عقل خلق بالعليم عليم
تعالى وجود الذات عن نيل علمه ..... به عند فصل والفصال قديم
فرافق ربى قد أتاني مخبرا ..... بتعين ختم الأولياء كريم
فقلت وسر البيت صف لي مقامه ..... فقال حكيما يصطفيه حكيم
فقلت يراه الختم فاشتد قائلا ..... إذا ما رآه الختم ليس يروم
فقلت وهل يبقى له الوقت عندما ..... يراه نعم والأمر فيه جسيم
وللختم سر لم يزل كل عارف ..... إليه إذا يسرى عليه يحوم
أشار إليه الترمذي بختمه ..... ولم يبده والقلب منه سليم
وما ناله الصديق في وقت كونه ..... وشمس سما المغرب منه عديم
مذاقا ولكن العقول مشاهد ..... إلى كل ما يبديه وهو كتوم
يغار على الأسرار أن تلحق الثرى ..... وأن تمتطيها الزهر وهي نجوم
فإن أبدروا أو أشمسوا فوق حرثه ..... وكان لهم عند المقام لزوم
«أبدروا: أي شهر بدرهم، أشمسوا: أي ظهرت شمسهم وهي كفاية عن مقصوده أي زاد قربهم وعلمهم.»
فربما يبدوا عليهم شهودها ..... فمنهم نجوم للهدى وزحوم
فسبحان من أخفى عن العين ذاته ..... ونور تجليها عليه عميم
«عميم: أي شملهم النور «نور التجلي» بالعلوم، والمراد من أفاض اللّه عليهم أنوار العرفان.»
لكن أهل الذم لا يدركوا السنا ..... وكيف يرى طيب الحياة سقيم «السنا: مقصود ضوء البروق.»
فاشخاصنا خمس وخمس وخمسة ..... عليهم ترى أمر الوجود يقوم
ومن قال إن الأربعين نهاية ..... لهم فهو قول يرتضيه كليم
وإن شئت أخبر عن ثمان ولا تزد ..... طريقة أفراد إليه قويم
فسبعتهم في الأرض لا يجهلونها ..... وثامنهم عند النجوم لزيم
فعذرا فلو جاء الزمان وجيمه ..... على فاء مدلول الكرور يقوم
مع السبعة الأعلام والناس غفل ..... عليهم بتدبير الأمور حليم
وفي الروضة الخضراء اسم عداته ..... وصاحبها بالمؤمنين رحيم
تراه إذا ناواه في الأمر جاهل ..... كثير الدعاوى أو يكيد زنيم
«الزنيم: المستحلق في قوم ليس منهم لا يحتاج إليه فكأنه فيهم زنمة، وهي شئ يكون للمعز في أذنها كالقرط وهي أيضا شئ يقطع من أذن البعيد ويترك معلقا، وقوله تعالى: عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيم ٍسورة القلم الآية 13.»
فظاهره الإعراض عنه وقلبه ..... غيور على الأمر العزيز زعيم
إذا ما بقي من يومه نصف ساعة ..... إلى ساعة الأخرى وحل صريم
«الصريم: الليل المظلم، والصريم أيضا الصبح وهو من الأضداد، قال اللّه تعالى: فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِسورة القلم الآية 20.»
فيهتز غصن العدل بعد سكونه ..... ويحيى نبات الأرض وهو هشيم
«الهشم: من النبات اليابس المنكسر والشجرة البالية يأخذها الحاطب كيف شاء، والمقصود المتهشم البالي»
ويظهر عدل اللّه شرقا ومغربا ..... وشخص إمام المؤمنين رميم «الرميم: أي بالى»
وثم صلاة الحق تترى على الذي ..... به لم أزل في حالتي أهيم
أما بعد:
حمدا للّه الذي تقدم ..... والصلاة التي ختم بها الحمد وتمم
تدبر أيها الحبر اللبيب ..... أمورا قالها الفطن المصيب
وحقق ما رمى لك من معان ..... حواها لفظه العذب العجيب
ولا تنظره في الأكوان تشقى ..... ويتعب جسمك القد الغريب «القد: الشق طولا به رد، والقد أيضا القامة»
إذا ما كنت نسختها فمالى ..... أروم البعد والمغنى قريب
تبيين الغرض من هذا الكتاب:
كنا قد ألفنا كتابا روحانيا.
وإنشاء ربانيا، سميناه «التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية» تكلمنا فيه على أن الإنسان عالم صغير، مسلوخ من العالم الكبير، فكل ما ظهر في الكون الأكبر، فهو في هذا العين الأصغر ولم أتكلم في تلك الأوراق على مضاهات الإنسان بالعالم على الإطلاق، ولكن على ما يقابله به من جهة الخلائق والتدبير، وبينت منه ما هو الكاتب والوزير، والقاضي العادل والأمناء والعاملون على الصدقات والسفر والسبب الذي جعل الحرب بين العقل والهوى، ورتبت فيه مقابلة الأعداء، ومتى يكون اللقاء ونصرته نصرا موزرا، وكونته أميرا مديرا، وأنشأت الملك وأقمت ببعض عالمه الحياة، وبعضهم الملك، وكمل الغرض، وأمن من كان في قلبه مرض.
وكنت نويت أن أجعل فيه ما أوضحه تارة وأخفيه، أين يكون من هذه النسخة الإنسانية والنشأة الروحانية مقام الإمام المهدى المنسوب إلى بيت بنى بالماء والطين وأين يكون أيضا منها ختم الأولياء وطابع الأصفياء، وإذ الحاجة إلى معرفة هذين المقامين في الإنسان، آكد من كل مضاهات أكوان الحدثان، لكني خفت من نزعة العدو والشيطان أن يصرخ بي في حضرة السلطان فيقول علىّ ما لا أنويه وأحصل من أجله في بيت التشويه فسترت الشاة بالعززان، صيانة لهذا الجسمان ثم رأيت ما أودع الحق من هذه الأسرار لديه، وتوكلت في إبرازه عليه.
فجعلت هذا الكتاب لمعرفة هذين المقامين ومتى تكلمت على هذا.
فإنما أذكر العالمين لتتبين الأمر للسامع في الكبير الذي يعرفه ويعقله.
ثم أضاهيه بسره المودع في الإنسان الذي ينكره ويجهله فليس غرضى في كل ما أصنف في هذا الفن معرفة ما ظهر في الكون وإنما الغرض تنبيه الغافل على ما وجد في هذا العين الإنسانى.
والشخص الآدمي فحقق نظرك أيها العاقل وتنبه أيها الغافل هل ينفعى في الآخرة كون السلطان عادلا أو جائزا أو عالما أو حائرا.
لا واللّه يا أخي حتى أنظر ذلك السلطان منى والى.
وأجعل عقلي إماما على وأطلب منه الآداب الشرعية في باطني وظاهري وأبايعه على إصلاح أولى وأخرى.
فمتى لم أجعل هذا نظري هلكت.
ومتى أعرضت عن الاشتغال بالناس تمكنت من نجاتي وتملكت إذ وقد قال صلى اللّه عليه وسلم يخاطب جميع أمته كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته . « رواه البخاري وأبو داود والإمام أحمد في مسنده .» .
فقد أثبت صلى اللّه عليه وسلم الإمامة لكل إنسان في نفسه وجعله مطلوبا بالحق في عالم غيبه وحسه فإذا كان الأمر على هذا الحد.
ولزمنا الوفا بالعهد فما لنا نفرط في سبيل النجاة.
ونقنع بأحط الدرجات ما هذا فعل من قال أنى عاقل.
ويتجنب هذه المعاقل فمتى ذكرت في كتابي هذا أو في غيره حادثا من حوادث الأكوان فإنما غرضى أن أثبته في سمع السامع وأقابله بمثله في الإنسان فتصدق النظر فيه إلى ذاتنا.
الذي هو سبيل نجاتنا، فامشيه بكليته في هذه النشأة الإنسانية على حسب ما يعطه المقام إما جسمانية وإما روحانية، فإياك أن تتوهم أيها الأخ الشقيق أن غرضى من كتبي كلها الكلام فيما خرج عن ذاتي من غير أن تلحظ فيه سبيل نجاتي:
فما أبالي إذا نفسي تساعدنى ..... على النجاة بمن قد فاز أو هلكا
فانظر إلى ملكك الأدنى ..... إليك تجد في كل شخص على أجزائه ملكا
وزنه بالعدل شرعا كل آونة ..... وأسلك به خلفه من كل ما سلكا
ولا تكن ماردا تسعى لمفسدة ..... في ملك ذاتك لكن فيه تكن ملكا
«والمقصود أن العبد الرباني يكون مهيمنا على نفسه وجوارحه بقوة عزيمة إيمانه واستغراقه في طاعة اللّه تعالى. »
فليتأمل ولى هذا الكتاب فإني أذكر فيه الأمرين العالم الأكبر واجعله كالقشر واجعل ما يقابله من الإنسان كاللباب للسبب الذي ذكرته أن يتبين للسامع ما يجهله في الشئ الذي يعرفه ويعقله، ولو وصل فهمه إليه دون ذكرى إياه، ما لحظت ساعة الحياة، ولا عرجت لمحة بارق على معناه، فإنما أسوقه مثالا للتقريب ومجالا للتهذيب وسأورد ذلك إن شاء اللّه تعالى في هذا الكتاب من لآلئ الأصداف ونواشئ الأعراف التي هي أمثال نصبها الحق للمؤمنين والعارفين حبالة صائد، وتحفة قاصد، وعبرة لبيب، وملاطفة حبيب.
كتاب عنقاء مغرب في ختم الأولياء وشمس المغرب الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
مقدمة الشيخ ابن العربي كتاب عنقاء مغرب في ختم الأولياء
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم قال سيدنا وأمامنا وقدوتنا الشيخ الإمام العالم العارف الكامل المحقق المدقق محيي الدين أبو عبد اللّه محمد بن محمد بن علي بن محمد بن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي رضى اللّه عنه وأرضاه وحقق تابعيه بسلوك منهجه القويم أنه جواد كريم.
الوعاء المختوم على السر المكتوم:
حمدت إلهي والمقام عظيم ..... فابدى سرورا والفؤاد كظيم
وما عجبي من فرحتى كيف قورنت ..... بتبريج قلب حل فيه عظيم
ولكنني من كشف بحر وجوده ..... عجبت لقلبى والحقائق هيم «الهيم معناها: في غاية العطش.»
لذاك الذي أبدا من النور ظاهرا ..... على سدف الأجسام ليس يقيم
وما عجبي من نور جسمي وإنما ..... عجبت لنور القلب كيف يريم
فإن كان عن كشف ومشهد رؤية ..... فنور تجليه عليه مقيم
تفطنت فاستر علة الأمر يا فتى ..... فهل عقل خلق بالعليم عليم
تعالى وجود الذات عن نيل علمه ..... به عند فصل والفصال قديم
فرافق ربى قد أتاني مخبرا ..... بتعين ختم الأولياء كريم
فقلت وسر البيت صف لي مقامه ..... فقال حكيما يصطفيه حكيم
فقلت يراه الختم فاشتد قائلا ..... إذا ما رآه الختم ليس يروم
فقلت وهل يبقى له الوقت عندما ..... يراه نعم والأمر فيه جسيم
وللختم سر لم يزل كل عارف ..... إليه إذا يسرى عليه يحوم
أشار إليه الترمذي بختمه ..... ولم يبده والقلب منه سليم
وما ناله الصديق في وقت كونه ..... وشمس سما المغرب منه عديم
مذاقا ولكن العقول مشاهد ..... إلى كل ما يبديه وهو كتوم
يغار على الأسرار أن تلحق الثرى ..... وأن تمتطيها الزهر وهي نجوم
فإن أبدروا أو أشمسوا فوق حرثه ..... وكان لهم عند المقام لزوم
«أبدروا: أي شهر بدرهم، أشمسوا: أي ظهرت شمسهم وهي كفاية عن مقصوده أي زاد قربهم وعلمهم.»
فربما يبدوا عليهم شهودها ..... فمنهم نجوم للهدى وزحوم
فسبحان من أخفى عن العين ذاته ..... ونور تجليها عليه عميم
«عميم: أي شملهم النور «نور التجلي» بالعلوم، والمراد من أفاض اللّه عليهم أنوار العرفان.»
لكن أهل الذم لا يدركوا السنا ..... وكيف يرى طيب الحياة سقيم «السنا: مقصود ضوء البروق.»
فاشخاصنا خمس وخمس وخمسة ..... عليهم ترى أمر الوجود يقوم
ومن قال إن الأربعين نهاية ..... لهم فهو قول يرتضيه كليم
وإن شئت أخبر عن ثمان ولا تزد ..... طريقة أفراد إليه قويم
فسبعتهم في الأرض لا يجهلونها ..... وثامنهم عند النجوم لزيم
فعذرا فلو جاء الزمان وجيمه ..... على فاء مدلول الكرور يقوم
مع السبعة الأعلام والناس غفل ..... عليهم بتدبير الأمور حليم
وفي الروضة الخضراء اسم عداته ..... وصاحبها بالمؤمنين رحيم
تراه إذا ناواه في الأمر جاهل ..... كثير الدعاوى أو يكيد زنيم
«الزنيم: المستحلق في قوم ليس منهم لا يحتاج إليه فكأنه فيهم زنمة، وهي شئ يكون للمعز في أذنها كالقرط وهي أيضا شئ يقطع من أذن البعيد ويترك معلقا، وقوله تعالى: عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيم ٍسورة القلم الآية 13.»
فظاهره الإعراض عنه وقلبه ..... غيور على الأمر العزيز زعيم
إذا ما بقي من يومه نصف ساعة ..... إلى ساعة الأخرى وحل صريم
«الصريم: الليل المظلم، والصريم أيضا الصبح وهو من الأضداد، قال اللّه تعالى: فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِسورة القلم الآية 20.»
فيهتز غصن العدل بعد سكونه ..... ويحيى نبات الأرض وهو هشيم
«الهشم: من النبات اليابس المنكسر والشجرة البالية يأخذها الحاطب كيف شاء، والمقصود المتهشم البالي»
ويظهر عدل اللّه شرقا ومغربا ..... وشخص إمام المؤمنين رميم «الرميم: أي بالى»
وثم صلاة الحق تترى على الذي ..... به لم أزل في حالتي أهيم
أما بعد:
حمدا للّه الذي تقدم ..... والصلاة التي ختم بها الحمد وتمم
تدبر أيها الحبر اللبيب ..... أمورا قالها الفطن المصيب
وحقق ما رمى لك من معان ..... حواها لفظه العذب العجيب
ولا تنظره في الأكوان تشقى ..... ويتعب جسمك القد الغريب «القد: الشق طولا به رد، والقد أيضا القامة»
إذا ما كنت نسختها فمالى ..... أروم البعد والمغنى قريب
تبيين الغرض من هذا الكتاب:
كنا قد ألفنا كتابا روحانيا.
وإنشاء ربانيا، سميناه «التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية» تكلمنا فيه على أن الإنسان عالم صغير، مسلوخ من العالم الكبير، فكل ما ظهر في الكون الأكبر، فهو في هذا العين الأصغر ولم أتكلم في تلك الأوراق على مضاهات الإنسان بالعالم على الإطلاق، ولكن على ما يقابله به من جهة الخلائق والتدبير، وبينت منه ما هو الكاتب والوزير، والقاضي العادل والأمناء والعاملون على الصدقات والسفر والسبب الذي جعل الحرب بين العقل والهوى، ورتبت فيه مقابلة الأعداء، ومتى يكون اللقاء ونصرته نصرا موزرا، وكونته أميرا مديرا، وأنشأت الملك وأقمت ببعض عالمه الحياة، وبعضهم الملك، وكمل الغرض، وأمن من كان في قلبه مرض.
وكنت نويت أن أجعل فيه ما أوضحه تارة وأخفيه، أين يكون من هذه النسخة الإنسانية والنشأة الروحانية مقام الإمام المهدى المنسوب إلى بيت بنى بالماء والطين وأين يكون أيضا منها ختم الأولياء وطابع الأصفياء، وإذ الحاجة إلى معرفة هذين المقامين في الإنسان، آكد من كل مضاهات أكوان الحدثان، لكني خفت من نزعة العدو والشيطان أن يصرخ بي في حضرة السلطان فيقول علىّ ما لا أنويه وأحصل من أجله في بيت التشويه فسترت الشاة بالعززان، صيانة لهذا الجسمان ثم رأيت ما أودع الحق من هذه الأسرار لديه، وتوكلت في إبرازه عليه.
فجعلت هذا الكتاب لمعرفة هذين المقامين ومتى تكلمت على هذا.
فإنما أذكر العالمين لتتبين الأمر للسامع في الكبير الذي يعرفه ويعقله.
ثم أضاهيه بسره المودع في الإنسان الذي ينكره ويجهله فليس غرضى في كل ما أصنف في هذا الفن معرفة ما ظهر في الكون وإنما الغرض تنبيه الغافل على ما وجد في هذا العين الإنسانى.
والشخص الآدمي فحقق نظرك أيها العاقل وتنبه أيها الغافل هل ينفعى في الآخرة كون السلطان عادلا أو جائزا أو عالما أو حائرا.
لا واللّه يا أخي حتى أنظر ذلك السلطان منى والى.
وأجعل عقلي إماما على وأطلب منه الآداب الشرعية في باطني وظاهري وأبايعه على إصلاح أولى وأخرى.
فمتى لم أجعل هذا نظري هلكت.
ومتى أعرضت عن الاشتغال بالناس تمكنت من نجاتي وتملكت إذ وقد قال صلى اللّه عليه وسلم يخاطب جميع أمته كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته . « رواه البخاري وأبو داود والإمام أحمد في مسنده .» .
فقد أثبت صلى اللّه عليه وسلم الإمامة لكل إنسان في نفسه وجعله مطلوبا بالحق في عالم غيبه وحسه فإذا كان الأمر على هذا الحد.
ولزمنا الوفا بالعهد فما لنا نفرط في سبيل النجاة.
ونقنع بأحط الدرجات ما هذا فعل من قال أنى عاقل.
ويتجنب هذه المعاقل فمتى ذكرت في كتابي هذا أو في غيره حادثا من حوادث الأكوان فإنما غرضى أن أثبته في سمع السامع وأقابله بمثله في الإنسان فتصدق النظر فيه إلى ذاتنا.
الذي هو سبيل نجاتنا، فامشيه بكليته في هذه النشأة الإنسانية على حسب ما يعطه المقام إما جسمانية وإما روحانية، فإياك أن تتوهم أيها الأخ الشقيق أن غرضى من كتبي كلها الكلام فيما خرج عن ذاتي من غير أن تلحظ فيه سبيل نجاتي:
فما أبالي إذا نفسي تساعدنى ..... على النجاة بمن قد فاز أو هلكا
فانظر إلى ملكك الأدنى ..... إليك تجد في كل شخص على أجزائه ملكا
وزنه بالعدل شرعا كل آونة ..... وأسلك به خلفه من كل ما سلكا
ولا تكن ماردا تسعى لمفسدة ..... في ملك ذاتك لكن فيه تكن ملكا
«والمقصود أن العبد الرباني يكون مهيمنا على نفسه وجوارحه بقوة عزيمة إيمانه واستغراقه في طاعة اللّه تعالى. »
فليتأمل ولى هذا الكتاب فإني أذكر فيه الأمرين العالم الأكبر واجعله كالقشر واجعل ما يقابله من الإنسان كاللباب للسبب الذي ذكرته أن يتبين للسامع ما يجهله في الشئ الذي يعرفه ويعقله، ولو وصل فهمه إليه دون ذكرى إياه، ما لحظت ساعة الحياة، ولا عرجت لمحة بارق على معناه، فإنما أسوقه مثالا للتقريب ومجالا للتهذيب وسأورد ذلك إن شاء اللّه تعالى في هذا الكتاب من لآلئ الأصداف ونواشئ الأعراف التي هي أمثال نصبها الحق للمؤمنين والعارفين حبالة صائد، وتحفة قاصد، وعبرة لبيب، وملاطفة حبيب.
أمس في 09:30 من طرف Admin
» مقال: مقدمات مهمة في التزكية وسبيلها (1) الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
19/10/2024, 11:12 من طرف Admin
» مقال: مقدمات مهمة في التزكية وسبيلها (2) الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
19/10/2024, 11:10 من طرف Admin
» مقال: مقدمات مهمة في التزكية وسبيلها (3) الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
19/10/2024, 11:06 من طرف Admin
» كتاب: تحفة المشتاق: أربعون حديثا في التزكية والأخلاق ـ محب الدين علي بن محمود بن تقي المصري
19/10/2024, 11:00 من طرف Admin
» كتاب: روح الأرواح ـ ابن الجوزي
19/10/2024, 10:51 من طرف Admin
» كتاب: هدية المهديين ـ العالم يوسف اخي چلبي
19/10/2024, 09:54 من طرف Admin
» كتاب: نخبة اللآلي لشرح بدء الأمالي ـ محمد بن سليمان الحلبي الريحاوي
19/10/2024, 09:50 من طرف Admin
» كتاب: الحديقة الندية شرح الطريقة المحمدية - عبد الغني النابلسي ـ ج1
19/10/2024, 09:18 من طرف Admin
» كتاب: البريقة شرح الطريقة ـ لمحمد الخادمي ـ ج2
19/10/2024, 08:56 من طرف Admin
» كتاب: البريقة شرح الطريقة ـ لمحمد الخادمي ـ ج1
19/10/2024, 08:55 من طرف Admin
» كتاب: شفاء الصدور الحرجة بشرح القصيدة المنفرجة ـ الشيخ حسنين محمد مخلوف
26/9/2024, 22:47 من طرف Admin
» كتاب: اللآلي السنية في مشروعية مولد خير البرية ـ العلامة عثمان بن الشيخ عمر بن الشيخ داود
26/9/2024, 22:37 من طرف Admin
» كتاب: بشائر الأخيار في مولد المختار صلى الله عليه وآله وسلم ـ السيد محمد ماضي أبو العزائم
26/9/2024, 22:35 من طرف Admin
» كتاب: البيان النبوي عن فضل الاحتفال بمولد النبي ـ الشيخ محمود بن أحمد الزين
26/9/2024, 21:58 من طرف Admin