..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: تنبيه السالكين إلى غرور المتشيخين للشيخ حسن حلمي الدغستاني
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسيرآلآيات من "01 - 46"النساء Emptyأمس في 20:03 من طرف Admin

» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسيرآلآيات من "01 - 46"النساء Emptyأمس في 20:02 من طرف Admin

» كتاب: الفتوحات القدسية في شرح قصيدة في حال السلوك عند الصوفية ـ الشيخ أبي بكر التباني
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسيرآلآيات من "01 - 46"النساء Emptyأمس في 19:42 من طرف Admin

» كتاب: الكلمات التي تتداولها الصوفية للشيخ الأكبر مع تعليق على بعض ألفاظه من تأويل شطح الكمل للشعراني
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسيرآلآيات من "01 - 46"النساء Emptyأمس في 19:39 من طرف Admin

» كتاب: قاموس العاشقين في أخبار السيد حسين برهان الدين ـ الشيخ عبد المنعم العاني
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسيرآلآيات من "01 - 46"النساء Emptyأمس في 19:37 من طرف Admin

» كتاب: نُسخة الأكوان في معرفة الإنسان ويليه رسائل أخرى ـ الشّيخ محيي الدين بن عربي
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسيرآلآيات من "01 - 46"النساء Emptyأمس في 19:34 من طرف Admin

» كتاب: كشف الواردات لطالب الكمالات للشيخ عبد الله السيماوي
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسيرآلآيات من "01 - 46"النساء Emptyأمس في 19:31 من طرف Admin

» كتاب: رسالة الساير الحائر الواجد إلى الساتر الواحد الماجد ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسيرآلآيات من "01 - 46"النساء Emptyأمس في 19:28 من طرف Admin

» كتاب: رسالة إلى الهائم الخائف من لومة اللائم ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسيرآلآيات من "01 - 46"النساء Emptyأمس في 19:26 من طرف Admin

» كتاب: التعرف إلى حقيقة التصوف للشيخين الجليلين أحمد العلاوي عبد الواحد ابن عاشر
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسيرآلآيات من "01 - 46"النساء Emptyأمس في 19:24 من طرف Admin

» كتاب: مجالس التذكير في تهذيب الروح و تربية الضمير للشيخ عدّة بن تونس
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسيرآلآيات من "01 - 46"النساء Emptyأمس في 19:21 من طرف Admin

» كتاب غنية المريد في شرح مسائل التوحيد للشيخ عبد الرحمن باش تارزي القسنطيني الجزائري
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسيرآلآيات من "01 - 46"النساء Emptyأمس في 19:19 من طرف Admin

» كتاب: القوانين للشيخ أبي المواهب جمال الدين الشاذلي ابن زغدان التونسي المصري
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسيرآلآيات من "01 - 46"النساء Emptyأمس في 19:17 من طرف Admin

» كتاب: مراتب الوجود المتعددة ـ الشيخ عبد الواحد يحيى
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسيرآلآيات من "01 - 46"النساء Emptyأمس في 19:14 من طرف Admin

» كتاب: جامع الأصول في الأولياء و دليل السالكين إلى الله تعالى ـ للسيد أحمد النّقشبندي الخالدي
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسيرآلآيات من "01 - 46"النساء Emptyأمس في 19:12 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسيرآلآيات من "01 - 46"النساء

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68443
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسيرآلآيات من "01 - 46"النساء Empty من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسيرآلآيات من "01 - 46"النساء

    مُساهمة من طرف Admin 19/4/2020, 22:21

    كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ج 1 من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي جمع وتأليف محمود محمود الغراب
    ( 4 ) سورة النّساء مدنيّة
    [ في : خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ]
    سورة النساء ( 4 ) : الآية 1
    يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)

    « يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها »يعني نفس آدم ، يخاطب ما تفرع منه ، وهو قوله صلّى اللّه عليه وسلم : [ إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ] يريد بالأب آدم صلّى اللّه عليه وسلم فإنه لما ظهر جسم آدم ، ولم تكن فيه شهوة نكاح ، وكان قد سبق في علم الحق إيجاد التوالد والتناسل ، والنكاح في هذه الدار ، إنما هو لبقاء النوع ، استخرج من ضلع آدم من القصيرى الأيسر صورة حواء ، فكان واحدا في عينه فصار زوجا بها ، وكانت من الضلع للانحناء الذي في الضلوع ، لتحنو بذلك على ولدها وزوجها . فحنو الرجل على المرأة حنوه على نفسه لأنها جزء منه ، وحنو المرأة على الرجل لكونها خلقت من الضلع والضلع فيه انحناء وانعطاف . وعمر اللّه الموضع من آدم الذي خرجت منه حواء بالشهوة إليها ، إذ لا يبقى في الوجود خلاء ، فحن إليها حنينه إلى نفسه لأنها جزء منه ،

    490

    وحنت إليه لكونه موطنها الذي نشأت فيه ، فحبّ حواء حبّ الموطن ، وحبّ آدم حبّ نفسه ، وصوّر الحق في ذلك الضلع جميع ما صوره وخلقه في جسم آدم ، ولما أقام الحق صورتها وسواها وعدلها نفخ فيها من روحه ، فقامت حية ناطقة ، أنثى ليجعلها محلا للزراعة والحرث لوجود الإنبات الذي هو التناسل ، فالمرأة منفصلة عن الرجل ليحن إليها حنين من ظهرت سيادته بها ، فهو يحبها محبة من أعطاه درجة السيادة وهي تحنّ إليه وتحبه حنين الجزء إلى الكل ، وهو حنين الوطن لأنه وطنها ، مع ما يضاف إلى ذلك من كون كل واحد موضعا لشهوته والتذاذه ، وسكن إليها وسكنت إليه ، وكانت لباسا له وكان لباسا لها ، وسرت الشهوة منه في جميع أجزائه فطلبها ، فلما تغشاها وألقى الماء في الرحم ودار بتلك النطفة من ماء إلى نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى عظم ، ثم كسا العظم لحما ، فلما أتم نشأته الحيوانية ، أنشأه خلقا آخر فنفخ فيه الروح الإنساني.
    اعلم أن آدم عليه السلام خلق من الفردانية ، وأما حواء عليها الصلاة والسلام فمن الوحدانية ، لأن الفرد لم يعلم حتى استيقظ ، وخلقت كاملة على صورتها من حيّ نائم ، كما خلق آدم عليه الصلاة والسلام على صورته من غير مزيد ، فعقل نفسه فيها ، وكانت الشهوة النكاحية في الموضع الذي عمرته حواء حين خرجت ، فإنه ليس في الوجود خلاء ، فأخلت الشهوة الموضع لنزول حواء فيه ، ونزلت بالموضع الذي خرجت منه حواء من آدم فعمر الموضع ، وخرجت الشهوة فيه أقوى مما جرت في حواء ، فإن حواء حكم عليها موضع الشهوة ، فالنساء أغلب على شهواتهن من الرجال ، فإن الشهوة في الرجل بذاتها وفي المرأة بما بقي من آثار رحمتها في موطنها الذي عمرته ، وكانت الشهوة كالثوب على حواء من أجل صورة الموضع ، وفشت الشهوة في آدم ، فعمّتهما جميعا ، لكن بهذا الحكم ، ولهذا تعم شهوة الجماع عند الإنزال جميع البدن ، ولهذا أمر بتطهير جميع البدن ، فإنه فني بكليته في تلك اللحظة ، فأمر بتطهير كليته من ذلك لأجل مناجاة الحق ، فآدم فرد وحواء واحد ، وواحد في الفرد مبطون فيه ، فقوة المرأة من أجل الوحدانية أقوى من قوة الفردانية ، ولهذا تكون المرأة أقوى في ستر المحبة من الرجل ، ولهذا هي أقرب إلى الإجابة وأصفى محلا ، كل ذلك من أجل الوحدانية ، فما نكح آدم سوى نفسه ، فمنه الصاحبة والولد ، والأمر واحد في العدد ، فتبارك اللّه أحسن الخالقين الذي قال :« وَبَثَّ مِنْهُما »من آدم وحواء« رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً »على صورة الزوجين ، وجعلنا مختلفين في عقولنا

    ص 491

    متفاوتين في نظرنا ، والأصل واحد ، ومنا الطيب والخبيث ، والأبيض والأسود ، وما بينهما ، والواسع الخلق والضيق الخلق الحرج ، فجميع الناس رحم ، فإنهم أبناء أب واحد وأم واحدة - الوجه الثاني - لما كان الهباء أصل الوجود ، وتجلّى له اسمه تعالى النور ، من حضرة الجود كان الظهور ، فقبلت صورته صلّى اللّه عليه وسلم من هذا الهباء فيض ذلك النور ، فظهرت صورة مثلية ، مشاهدها عينية ، ومشاربها غيبية ، وجنتها عدنية ، ومعارفها قلمية ، وعلومها يمينية ، وأسرارها مدادية ، وأرواحها لوحية ، وطينتها آدمية ، فهو صلّى اللّه عليه وسلم أب لنا في الروحانية ، كما كان آدم صلى اللّه عليه أبا لنا في الجسمية ، قال صلّى اللّه عليه وسلم في حديث جابر رضي اللّه عنه [ أول ما خلق اللّه نور نبيك يا جابر ] فكان صلّى اللّه عليه وسلم النفس الواحدة التي خلق منها زوجها ، وبه وجد الوجود ، فآدم زوجها من وجه ، لأنه أكمل مخلوق مقابل لها في الوجود ، فهو بهذه النسبة أمّ ، ثم هو أب بالنسبة إلى ذريته وحواء أمّ ، فهي زوجة ، فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم آدم أبوة النبوة ، كما أن آدم عليه السلام آدم أبوة الطين ، قال صلّى اللّه عليه وسلم : [ كنت نبيا وآدم بين الماء والطين ] فكان صلّى اللّه عليه وسلم النفس الواحدة التي خلق منها زوجها ، فإنه ما من نبي - من آدم إلى عيسى - يأخذ إلا من مشكاته ، التي هي فلك الرحمة( وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ )فهو نازل من حيث روحانيته إلى كل نبي لما أنزل إليه إن فهمت وإن تأخرت طينته ، وذلك معنى قوله : [ كنت نبيا وآدم بين الماء والطين ] ولذلك تأخر وجود طينته إلى ختم النبوة ، فإن البداية هي النهاية ، وغيره ما كان نبيا إلا بعد استعداده لنزوله عليه ، فكان نبيا حين بعث بفيض الحياة من مشكاته ، ولم يتحقق بها كما تحقق بها صلّى اللّه عليه وسلم ، وقد نبّه على ذلك بقوله : [ مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى قصرا أحسن بنيانه ، وترك فيه موضع لبنة ، فطاف بها النظار يتعجّبون من حسن بنائه إلا موضع تلك اللبنة ، فكنت أنا سددت موضع تلك اللبنة ، ختم بي البنيان وختم بي الرسل ] وفي رواية [ فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين ] ومما رواه جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما قال : سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عن أول شيء خلقه اللّه تعالى فقال : هو نور نبيك يا جابر ، خلقه اللّه تعالى ، ثم خلق فيه كل خير ، وخلق بعده كل شيء - الحديث بطوله .[ العام وجد من واحد ]
    - إشارة - قوله تعالى« خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ » وقوله تعالى" وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي "
    دليل على أن الأجسام من جسم واحد والأرواح من روح واحدة ، تنبيه على أن العالم وجد من واحد ، لا إله

    ص 492

    إلا هو العليم القدير( وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ )« وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ »قال تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ )وقال صلّى اللّه عليه وسلم [ الرحم شجنة من الرحمن ] وقال : [ أنا من اللّه والمؤمنون مني ] فالرحم رحمان : رحم طينية ، ورحم دينية ، قال تعالى في الرحم الطينية( وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً ) .وقال في الرحم الديني( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ )وقال( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ )فأعط الطين حقه ، وانفر إلى رحمك الديني الذي هو أولى بك من نفسك ، فإن صلة الرحم بتقوى الأرحام ، بتحكيم اللطيف على الكثيف - إشارة - هذه الآية تشير إلى وجوب الشفقة على خلق اللّه والرحمة بعباد اللّه ، فإن كان العبد كافرا فهو أخوه من حيث أنه وأباه من نفس واحدة ، وإن كان مؤمنا فهو أخوه أخوة اختصاص ديني سعادي ، فعلى كل حال وجبت الشفقة .« إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً »رقيب على كل نفس بما كسبت ، فإن اللّه له مع كل واحد من المملكة أمر خاص في نفسه .

    سورة النساء ( 4 ) : الآيات 2 إلى 3
    وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً ( 2 ) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلاَّ تَعُولُوا ( 3 )
    « فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ »اعلم أن مسمى النكاح قد يكون عقد الوطء ، وقد يكون عقدا ووطأ معا ، وقد يكون وطأ ، ويكون نفس الوطء عين العقد ، لأن الوطء لا يصح إلا بعقد الزوجين .« فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ »[ اشاره إلى ملك اليمين ]
    ما في الخلق من يملك سوى الإنسان ، وما سوى الإنسان من ملك وغيره لا يملك شيئا ، وذلك من حكم الصورة التي خلق عليها الإنسان ، فقال تعالى في إثبات الملك للإنسان« أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ » .واعلم أن الكفاءة مشروعة لا معقولة ، والشرع

    ص 493

    إنما لزمها من الطرف الواحد لا من الطرفين ، فمنع المرأة أن تنكح ما ليس لها بكفء ، ولم يمنع الرجل أن ينكح ما ليس بكفء له ، ولهذا له أن ينكح أمته بملك اليمين ، وليس للمرأة أن ينكحها عبدها - إشارة - ملك اليمين - عبدك ليس هو عبدك ، وإنما هو قيمته ، فعامله معاملة مالك ، وأنزله مرتبته من حيث أنه إنسان .

    سورة النساء ( 4 ) : آية 4
    وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً ( 4 )
    فلا يحل لك من مال امرأتك شيء إلا شيء تعطيك من غير أن تسألها .

    سورة النساء ( 4 ) : الآيات 5 إلى 6
    وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً ( 5 ) وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً ( 6 )
    « وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ »وهو أحد الشرطين« فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ »فأمرنا في الأيتام في دفع أموالهم واستحقاقهم لها بإيناس الرشد منهم ،« فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً »أي عليما ، والحسيب من أسماء اللّه تعالى ، والحسيب ذو الحسب الكريم والنسب الشريف ، ولا نسب أتم ولا أكمل في الشرف من شرف الشيء بذاته لذاته ، ولهذا لما قيل لمحمد صلّى اللّه عليه وسلم : انسب لنا ربك ، ما نسب الحق نفسه فيما أوحى به إليه إلا لنفسه ، وتبرأ أن يكون له نسب من غيره ، فأنزل عليه سورة الإخلاص .


    ص 494

    سورة النساء ( 4 ) : الآيات 7 إلى 11
    لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً ( 7 ) وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً ( 8 ) وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ( 9 ) إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ( 10 ) يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً ( 11)
    « مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ »قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : [ حق اللّه أحق بالقضاء ] يعني من حق المخلوق ، واللّه قدّم الوصية على الدّين ، والوصية حقّ اللّه لأنه الذي أوجبها علينا حين أوجبها الموصي في المال الذي له فيه تصرف ، وتقديم الوصية على الدّين حكم اللّه ، وهذا خلاف ما عليه اليوم الفقهاء في الوصية والدّين ، فإن اللّه تعالى قدّم الوصية على الدّين ، ويرجع عندي حق الغرماء ، إذا لم يف ما بقي لهم من مال هذا الميت في بيت المال ، يؤديه عنه السلطان من الصدقات ، فإنهم من الثمانية الأصناف ، فلصاحب الدّين أمر يرجع إليه في دينه ، وليس للوصية ذلك ، فوجب تقديمها بلا شك عند المنصف . والمحتضر ما


    ص 495

    يملك من المال إلا الثلث ، وأجاز له الشارع أن يتصرف بالثلث كله الذي يملكه ، وهو محمود في ذلك شرعا ، فكان أفضل ممن لم يتصدق بذلك الثلث الذي يملكه ، أو تصدق بأقل من الثلث ، وينوي بما يبقيه أنه صدقة على ورثته ، وما أبيح للمحتضر إلا الثلث ، وما فوق ذلك فلا يسمع له فيه كلام ، لأنه تكلم فيما لا يملك .« إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً »الحكيم مرتب الأمور مراتبها ومنزل الأشياء مقاديرها - إشارة - أشار الحق بقوة المرأة وضعف الرجل بصورة الميراث ، فأعطى الأكثر للأضعف كي يقوى من جهة الضعف .

    سورة النساء ( 4 ) : الآيات 12 إلى 14
    وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ ( 12 ) تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( 13 ) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ ( 14 )
    اعلم أن عصيان اللّه عصيان رسول اللّه ، إذ متعلق المعصية الأمر الإلهي والنهي ، ولا يعرف ذلك إلا بتبليغ الرسول وعلى لسانه ، فإن اللّه لا يبلغ أمره إلا رسل اللّه ، وليس لغير الرسل من البشر هذا المقام ، ومع هذا فللّه أمر يعصى فيه وللرسول أمر يعصى فيه ، وثم أمر يجمع فيه معصية اللّه ورسوله . فكل أمر يتعلق بجناب اللّه ليس لمخلوق فيه دخول فتلك


    ص 486


    معصية اللّه ، وكل أمر يتعلق بجناب المخلوق الذي هو رسول اللّه ، فتلك معصية الرسول ، وكل أمر يتضمن الجانبين ، فتلك معصية اللّه ورسوله ؛ قال اللّه تعالى :« وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ » ،وقال : ( وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ ) *فأفرده ، وقال : ( وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ )فأفرد نفسه .

    سورة النساء ( 4 ) : الآيات 15 إلى 17
    وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ( 15 ) وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً ( 16 ) إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ( 17 )
    هو سبحانه العليم بكل شيء بما كان ويكون ، الحكيم ، والحكمة تعطي وضع كل شيء في موضعه ، فما ثم شيء مطلق أصلا ، لأنه لا يقتضيه الإمكان ، فما من أمر إلا وله موطن يقبله وموطن يدفعه ولا يقبله ، لا بد من ذلك .

    سورة النساء ( 4 ) : آية 18
    وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً( 18 )

    « وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ »فإن ذلك الجزء من الحياة الدنيا ليس منها وإنما هو من البرزخ . من الدار التي لا ينفع فيها ما عمل فيها ،« وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً » .

    ص 497

    سورة النساء ( 4 ) : آية 19
    يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ( 19 )
    أي صاحبوهن بما يعرف أنه يدوم بينكما الصحبة به ، والمعاشرة الصحبة ،« فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً » .

    سورة النساء ( 4 ) : الآيات 20 إلى 21
    وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَ تَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً ( 20 ) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً ( 21 )
    فإنه لا يحل أن يأخذ مما أعطاها من صداق وإنفاق يلزمه لقبول العوض ، فكان كالبيع ، والعوض لا يمكن رده لأنه الاستمتاع بوطئها ، وذلك الإفضاء لا يصح فيه الرجوع ، فلا يصح أيضا في المعوض منه .

    سورة النساء ( 4 ) : الآيات 22 إلى 23
    وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلاً ( 22 ) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلاَّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً ( 23 )

    ص 498

    الدخول وطء لوجود لذة أو لإيجاد عين ، وهو بعقد ، وهو عبارة عما يقع عليه رضى الزوجين ، وبلا عقد للإماء .

    سورة النساء ( 4 ) : آية 24
    وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً ( 24 )

    كل نكاح أي دخول بغير عقد أو للإماء الغير المملوكات ، فهو سفاح لا نكاح ، أي هو بمنزلة الشيء السائل الذي لا ثبات له ، لأنه لا عقد فيه ولا رباط ولا وثاق ، والصداق لا بد منه ، لأنه القيمة والثمن والعوض عن شراء استمتاع بعضو وبيعه ، لأن النكاح من باب الشراء والبيع ، لذلك نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عن أن تسم على سوم أخيك ولا تبع على بيعه ، كما نهيت أن تخطب على خطبته .

    سورة النساء ( 4 ) : آية 25
    وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( 25 )

    ص 499



    لا ينكح الأمة إلا من لا يستطيع الطول .

    سورة النساء ( 4 ) : آية 26
    يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ( 26 )
    السنة الطريقة ، والسنن مثل الطرق ، طرق الاقتداء« وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ »بما يجريه ويثبته ، فلا ينازع الحق .

    سورة النساء ( 4 ) : آية 27
    وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً ( 27 )
    الشهوة إرادة الملذوذات ، فهي لذة والتذاذ بملذوذ عند المشتهي ، فإنه لا يلزم أن يكون ذلك ملذوذا عند غيره ، ولا أن يكون موافقا لمزاجه ولا ملائمة طبعه ، وذلك أن الشهوة شهوتان : شهوة عرضية ، وهي التي يمنع من اتباعها ، فإنها كاذبة وإن نفعت يوما ما ، فلا ينبغي للعاقل أن يتبعها لئلا يرجع ذلك له عادة ، فتؤثر فيه العوارض ، وشهوة ذاتية ، فواجب عليه اتباعها ، فإن فيها صلاح مزاجه لملاءمتها طبعه ، وفي صلاح مزاجه وفي صلاح دينه سعادته ، ولكن يتبعها بالميزان الإلهي الموضوع من الشارع ، وهو حكم الشرع المقرر فيها ، سواء كان من الرخص أو العزائم ، إذا كان متبعا للشرع لا يبالي ، فإنه طريق إلى اللّه مشروعة ، فإنه تعالى ما شرع إلا ما يوصل إليه بحكم السعادة . والشهوة لا تتعلق إلا بما للنفس في نيله لذة خاصة ، ومحل الشهوة النفس الحيوانية ، ومحل الإرادة النفس الناطقة ، والشهوة تتقدم اللذة بالمشتهى في الوجود ، ولها لذة متخيلة تتعلق بتصور وجود المشتهى وشهوة الدنيا لا تقع لها لذة إلا بالمحسوس الكائن .

    سورة النساء ( 4 ) : آية 28
    يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً ( 28 )

    [ سمّى اللّه تعالى الإنسان إنسانا لأنه أنس الرتبة الكمالية ]
    سمّى اللّه تعالى الإنسان إنسانا لأنه أنس الرتبة الكمالية ، فوقع بما رآه الأنس له ، فسماه إنسانا . فالألف والنون فيه زائدتان في اللسان العربي .

    ص 500

    سورة النساء ( 4 ) : آية 29
    يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً ( 29 )

    [ الصلاة على من قتل نفسه ]
    إن الذي قتل نفسه ، عظم جرمه لحق الجوار الأقرب ، وحال بذلك بينها وبين ملكها ، وما سوى نفسه فبعيد عن هذا القرب الخاص الذي لنفسه ، فمن قتل نفسه فما قتلها إلا لجهله بما لنفسه عليه من الحق ، واللّه يقول : إنا لا نصلح منك شيئا أفسدته من نفسك ، فالحقوق وإن عظمت فحق اللّه أحق ، ويليه حق نفسك ، وما خرج عن هذين الحقين فهيّن الخطب ، ومن قتل نفسه فإنه يصلّى عليه ، لأنه لما أذن اللّه عزّ وجل في الشفاعة بالصلاة على الميت ، علمنا أنه عزّ وجل قد ارتضى ذلك ، وأن السؤال فيه مقبول ، وأخبر أن الذي يقتل نفسه في النار خالدا مخلّدا فيها أبدا ، وأن الجنة عليه حرام ، وما ورد النهي عن الصلاة على من قتل نفسه ، فيحمل ذلك على من قتل نفسه ولم يصلّ عليه ، فيجب على المؤمنين الصلاة على من قتل نفسه لهذا الاحتمال فيقبل اللّه شفاعة المصلي عليه فيه ، ولا سيما والأخبار والصحاح والأصول تقضي بخروجه من النار ، ويخرج الخبر الوارد بتأبيد الخلود مخرج الزجر ، والحكمة المشار إليها في هذه المسألة في قوله تعالى :
    [ بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة ] ففيه إشارة حقيقية ، فالإشارة يسارعون ، وسابقوا ، ومن تقرّب إليّ شبرا تقربت منه ذراعا ، والموت سبب لقاء اللّه ، فاستعجل اللقاء فبادر إليه قبل وصوله الحد ، وهو السبب الذي لا تعمل له في لقائه ، فإن كان عن شوق للقاء الحق فإنه يلقاه برفع الحجب ابتداء ، فإنه قال : [ حرمت عليه الجنة ] والجنة ستر ، أي منعت عنه أن يستر عني ، فإنه بادرني بنفسه ، ولم يقل ذلك على التفصيل ، فحمله على وجه الخير للمؤمن لما يعضده من الأصول أولى ، وأما قوله عليه السلام فيمن قتل نفسه بحديدة وبسم وبالتردي من الجبل ، فلم يقل في الحديث من المؤمنين ولا من غيرهم ، فتطرق الاحتمال ، وإذا دخل الاحتمال رجعنا إلى الأصول ، فرأينا أن الإيمان قوي السلطان ، لا يتمكن معه الخلود على التأبيد إلى غير نهاية في النار ، فنعلم قطعا أن الشارع أخبر بذلك عن المشركين في تعيين ما يعذبون به أبدا ؛ فقال : [ من قتل نفسه بحديدة منهم فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا



    ص 501

    مخلدا فيها أبدا ] أي هذا الصنف من العذاب هو حكمه في النار ، وكذلك من شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، أي هذا النوع من العذاب يعذّب به هذا الكافر ، وقد ورد من قتل نفسه بشيء عذب به ، وأما المؤمن فحاشى الإيمان بتوحيد اللّه أن يقاومه شيء ، فتعين أن ذلك النص في المشرك وإن لم يخص الشارع في هذا الخبر صنفا بعينه ، فإن الأدلة الشرعية تؤخذ من جهات متعددة ، ويضم بعضها إلى بعض ليقوي بعضها بعضا ، وأهل الجنة إنما يرون ربهم رؤية نعيم بعد دخولهم الجنة ، كما ورد الخبر في الزيارة إذا أخذ الناس أماكنهم في الجنة ، فيدعون إلى الرؤية ، فيمكن أن اللّه قد خصّ هذا الذي بادره بنفسه فقتل نفسه أن يكون قوله حرمت عليه الجنة قبل لقائي ، فيتقدم للقاتل نفسه لقاء اللّه رؤية نعيم ، وحينئذ يدخل الجنة ، فإن القاتل نفسه يرى أن اللّه أرحم به مما هو فيه من الحال الموجبة له إلى هذه المبادرة ، فلولا ما توهم الراحة عند اللّه من العذاب الذي هو فيه لما بادر إليه ، واللّه يقول : [ أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا ] والقاتل نفسه إن كان مؤمنا فظنه بربه حسن ، فظنه بربه الحسن هو الذي جعله أن يقتل نفسه ، وهذا هو الأليق أن يحمل عليه لفظ الخبر الإلهي ، إذ لا نصّ بالتصريح على خلاف هذا التأويل ، وإن ظهر فيه بعد ، فلبعد الناظر في نظره من الأصول المقررة التي تناقض هذا التأويل بالشقاء المؤبد ، فإذا استحضرها ووزن ، عرف ما قلناه .
    وفي الأخبار الصحاح [ أخرجوا من كان في قلبه أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان ] فلم يبق إلا ما ذكرناه . فإن قلنا ولا بدّ بالعقوبة ، فتكون الجنة محرمة عليه أن يدخلها دون عقاب ، مثل أهل الكبائر ، فيكون نصا في القاتل نفسه ، وغيره من أهل الكبائر في حكم المشيئة ، فغايته إنفاذ الوعيد في القاتل نفسه قبل دخول الجنة وأنه لا يغفر له ، واللّه أكرم أن ينسب إليه إنفاذ الوعيد ، بل ينسب إليه المشيئة وترجيح الكرم .

    سورة النساء ( 4 ) : الآيات 30 إلى 31
    وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً ( 30 ) إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً ( 31 )

    ص 502

    سورة النساء ( 4 ) : الآيات 32 إلى 33
    وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ( 32 ) وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً ( 33 )
    فتحفّظ فإن اللّه هو الحفيظ على سمعك وبصرك ولسانك ويدك ورجلك وحياتك ، وحاسب نفسك .


    سورة النساء ( 4 ) : آية 34
    الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ وَاللاَّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً ( 34 )
    فالرجال قوامون على النساء فيما يحتجن إليه ، فالذي يجعل اللّه الرزق على يديه قائم على من يرزق بسببه .

    سورة النساء ( 4 ) : آية 35
    وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً ( 35 )

    « وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما »أي نزاعا ، وهو أن يقول كل واحد أو يعمل ما يشق على الآخر« فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها »الحكم هو القاضي في الأمور ، ومن أعجب ما في هذا نصب الحكمين في النازلة الواحدة ، فقد يتفقان في الحكم وقد يختلفان .

    ص 503

    سورة النساء ( 4 ) : آية 36
    وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً ( 36 )
    « وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ »الجار مشتق من جار إذا مال ، فإن الجور ميل ، فما سمي جارا لك إلا لميلك إليه بالإحسان ، وميله إليك لدفع الضرر ، ومن جعله مشتقا من الجور الذي هو الميل إلى الباطل والظلم في العرف ، فهو كمن يسمي اللديغ سليما في النقيض.

    سورة النساء ( 4 ) : الآيات 37 إلى 40
    الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً ( 37 ) وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً ( 38 ) وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً ( 39 ) إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً ( 40 )
    العبد متنوع الأحوال ، والإنسان لا يحضر مع اللّه في كل حال ، لما جبل عليه من الغفلة والضيق ، وهو بكله للّه ، فما كان منه للّه للّه ، فإن اللّه لا يظلم مثقال ذرة .

    سورة النساء ( 4 ) : الآيات 41 إلى 42
    فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً ( 41 ) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً ( 42 )

    ص 504

    سورة النساء ( 4 ) : آية 43
    يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً ( 43 )

    [ التيمم ]
    لمس النساء لا ينقض الوضوء ، والاحتياط أن يتوضأ للخلاف الذي في هذه المسألة اللامس والملموس ، وقد تصدعنا في هذه المسألة مع علماء الرسوم« فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً »شرع اللّه طهارة مائية وترابية ، فإن النشء الإنساني لم يكن إلا من تراب كآدم ، وماء كبني آدم ، فقال خلقكم من تراب ، ومن ماء ، ومن طين وهو خلط الماء بالتراب ، فجعل الطهارة بما منه خلقنا ، فطهارتنا منا من ماء وهو الوضوء ، وتراب وهو التيمم . فنحن نور على نور بحمد اللّه ، والتيمم القصد إلى الأرض الطيبة ، كان ذلك الأرض ما كان مما يسمى أرضا ، ترابا كان أو رملا أو حجرا أو زرنيخا ، فإن فارق الأرض شيء من هذا كله وأمثاله ، لم يجز التيمم بما فارق الأرض من ذلك إلا التراب خاصة ، لورود النص فيه ، وفي الأرض سواء فارق الأرض أو لم يفارق ، قال صلّى اللّه عليه وسلم : [ وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ] وفي خبر آخر [ جعلت تربتها لنا طهورا ] فعمّ في الأول ، وخرج التراب بالنص فيه في الثاني عن سائر ما يكون أرضا ، ويزول عنه الاسم بالمفارقة ، فجعل تربة هذه الأرض طهورا ، فكان لها حكم الماء في الطهارة إذا عدم الماء ، أو عدم الاقتدار على استعماله لسبب مانع من ذلك ، فأقام لنا تراب هذه الأرض والأرض طهورا ، فإذا فارق الأرض ما فارق منها ما عدا التراب فلا يتطهر به إلا التراب ، فإنه ما كان منها يسمى أرضا ما دام فيها ، من معدن ورخام وزرنيخ وغير ذلك ، فما دام في الأرض كان أرضا ، حقيقة ، لأن الأرض تعم هذا كله ، فإذا فارق الأرض انفرد باسم خاص له ، وزال عنه اسم الأرض فزال حكم الطهارة منه ، إلا التراب خاصة فسواء فارق الأرض أو لم يفارقها فإنه طهور ، لأنه منه خلق المتطهر به وهو الإنسان ، فيطهر بذاته تشريفا له ، فأبقى اللّه النص عليه بالحكم به في الطهارة دون غيره ممن له اسم غير اسم الأرض ، فإذا فارق التراب الأرض زال عنه اسم الأرض وبقي عليه اسم التراب ، كما زال عن الزرنيخ اسم الأرض لما فارق الأرض وبقي

    ص 505

    عليه اسم الزرنيخ ، فلم تجز الطهارة به بعد المفارقة ، لأن اللّه ما خلق الإنسان من زرنيخ وإنما خلقه من تراب ، فقال تعالى :« فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً »أي اقصدوا التراب الذي ما فيه ما يمنع من استعماله في هذه العبادة من نجاسة ولم يقل ذلك في طهارة الماء ، فإنه أحال على الماء المطلق لا المضاف ، فإن الماء المضاف مقيّد بما أضيف إليه عند العرب . فإذا قلت للعربي أعطني ماء ، جاء إليك بالماء الذي هو غير مضاف ، ما يفهم العربي منه غير ذلك ، وما أرسل رسول ولا أنزل كتاب إلا بلسان قومه ، فلهذا لم يقل بالقصد في الماء ، فقال : اغسلوا ولم يقل : تيمموا ماء طيبا ، فهنا القصد للصعيد الطيب ، والعمل به تبع يحتاج إلى نية أخرى عند الشروع في الفعل ، كما يفتقر العمل بالماء في الوضوء والغسل وجميع الأعمال المشروعة إلى الإخلاص المأمور به وهو النية . والتيمم عندنا عبادة مستقلة وليست بدلا ، وإنما هي طهارة مشروعة مخصوصة بشروط اعتبرها الشرع . وإنما قلنا مشروعة ، لأنها ليست بطهارة لغوية ، والتيمم عندنا يجوز للمريض والمسافر إذا عدم الماء ، أو عدم استعمال الماء مع وجوده لمرض قام به يخاف أن يزيد به المرض أو يموت ، ولا إعادة عليه . ويجوز للحاضر يعدم الماء ، أن يتيمم ، والذي يجد الماء ويمنعه من الخروج إليه خوف عدو يجوز له التيمم ، والخائف من البرد في استعمال الماء يجوز له التيمم إذا غلب على ظنه أنه يمرض إن استعمل الماء ، وطهارة التيمم تحتاج إلى نية ، والتيمم عبادة ، والإخلاص عين النية ، ومن لم يجد الماء لا يشترط له الطلب . ويشترط دخول الوقت في هذه الطهارة ، وحدّ الأيدي هو أقل ما يسمى به يدا في لغة العرب هو الواجب ، وما زاد على أقل مسمى اليد إلى غايته فذلك له مستحب ، وضربة واحدة تجزي ، وحديث الضربة الواحدة أثبت . والظاهر إيصال التراب إلى أعضاء المتيمم ، وجميع ما يفعل بالوضوء يستباح بالتيمم ، والأولى أنه لا يستباح ، لأن التيمم ليس بدلا من الوضوء ، وإنما هو طهارة أخرى عينها الشارع بشرط خاص ، ويستباح بها أكثر من صلاة واحدة ، والأولى أن لا يستباح ، ويكون التيمم لكل فريضة ، فالدليل في وجوب ذلك أقوى من قياسه على الوضوء ، وإليه أذهب ؛ فإن نص القرآن في ذلك ، وناقض هذه الطهارة هو كل ما ينقض الوضوء والطهر .
    [ الاغتسال ]
    - إشارة واعتبار - الاغتسال هو تعميم طهارة النفس من كل ما أمرت بالطهارة منه وبه ، من الأعمال ظاهرا مما يتعلق بالأعضاء ، وباطنا مما يتعلق بالنفس من مصارف صفاتها ،

    ص 506

    لا من صفاتها ، وإنما قلنا من مصارف صفاتها ، فإن صفاتها لازمة لها في أصل خلقها لا تنفكّ عنها ، حتى إن كل وصف مذموم فمتعلق الذي أمرنا بالطهارة منه ما هو عين الصفة ، إنما هو عين المصرف ، كصرف الحرص إلى طلب العلم وتحصيل أسباب الخير والأعمال الصالحة ، فالحرص بهذا الوجه يكون سعادة الحر

      الوقت/التاريخ الآن هو 23/9/2024, 15:28