..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "147 - 156"البقرة Emptyأمس في 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "147 - 156"البقرة Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "147 - 156"البقرة Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "147 - 156"البقرة Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "147 - 156"البقرة Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "147 - 156"البقرة Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "147 - 156"البقرة Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "147 - 156"البقرة Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "147 - 156"البقرة Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "147 - 156"البقرة Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "147 - 156"البقرة Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "147 - 156"البقرة Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "147 - 156"البقرة Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "147 - 156"البقرة Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "147 - 156"البقرة Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "147 - 156"البقرة

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "147 - 156"البقرة Empty من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "147 - 156"البقرة

    مُساهمة من طرف Admin 19/4/2020, 23:12

    كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن من كلام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي
    سورة البقرة ( 2 ) : الآيات 147 إلى 148
    الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ( 147 ) وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 148 ) وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها »والعارف متصرف في كل وجهة لكونه يشاهد وجهه .

    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    ما جاءك من العلم ) ثم يرجع القارئ بعد الوقوف عليه لبيان ما ذكرناه يبتدئ به فيقول :« الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ » *يعني أهل التوراة والإنجيل « يعرفونه » تحويل القبلة في كتابهم ، فالضمير يعود عليه هنا وأنه مذكور ، ومن أعاده على محمد عليه السلام فيتكلف وله موضع آخر« كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ »لا يشكون فيه ، فإن إخبار اللّه لا شك فيه ، وتقليده فيما أخبر به علم ، وتقليد الرجل المرأة أن هذا الولد له لا يقوى هذه القوة ، لإمكان الخيانة والكذب الذي يجوز عليها ، واللّه يستحيل عليه ذلك ، وإنما قرنه بمعرفة الأبناء وإن كان يتطرق إليه الشكّ لوجهين ، وهما : أن مثل هذا من حصول الفراش ، أو إلحاق الابن به في شرعهم هو ابنه شرعا ، ولا يجوز له إنكاره ، وقد كان هذا مقررا عندهم ، وفي الجاهلية يعرف ذلك من يعرف أنكحتهم ، فبهذا القدر وقع التشبيه وإلا كان المشبه أبين من المشبه به ، والمراد زيادة البيان في التشبيه ، ثم استثنى العلماء من أهل الكتاب الذين كتموا الحق بعد علمهم من العلماء الذين ما كتموه ومن المقلدين للكاتمين والمقرين ، فأخبر عنهم بكتمانهم الحق بعد علمهم به فقال :« وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ »الألف واللام للعهد ولجنس الحق ، أي كل حق يأتيهم به ، أو الحق الذي تقدم ذكره من تحويل القبلة ، لأنه قد تقدم الإخبار عنهم في ذلك في قوله في أول القصة : ( وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ )ثم قال :« الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ »بالنصب والرفع ، فنصبه على وجهين : الوجه الواحد على البدل من الحق المكتوم ، فإنه أبين من الحق الأول بإضافته إلى الرب في قوله : ( مِنْ رَبِّكَ )والثاني أن يكون مفعولا لقوله :« وَهُمْ يَعْلَمُونَ الْحَقُّ » ،ومن رفعه فعلى الابتداء« فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ »في كذبهم ، ويكون( الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ )تفسيرا لقول اللّه( وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ )فهذا الحق ما هو ذلك الحق ، مع أنه عليه السلام لا يمتري في شيء مما يخبره اللّه ، ولكن فيه إشارة ودليل على الأخذ بالظاهر وترك التأويل لما يتطرق إلى الكلام من الاحتمالات في التأويل ، فكأنه يقول : هو كما أخبرتك لا تأويل فيه ، كما قال : ( إِنْ هُوَ إِلَّا *

    ص 219

    سورة البقرة ( 2 ) : آية 149
    وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ( 149 )
    أي من كل جهة خرجت مصليا فاستقبل المسجد الحرام ، ويجوز صلاة الفرض داخل الكعبة ، إذ لم يرد نهي في ذلك ولا منع ، وقد ورد وثبت حيثما أدركتك الصلاة فصل ،

    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    ذكر وقرآن مبين ) أي ظاهر ما فيه لغز ولا رمز كما يكون في الشعر ، فقال : ( وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ )لأنه بعث بالبيان الشافي ، ووضع الشعر ليس على هذا البناء وإن كان يقع فيه البيان ، ثم قال : ( 149 )« وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها »يقول : ولكل أمة من الناس وجهة هو موليها أي جهة وقبلة يولي وجهه إليها ويستقبلها ، فمن جعل ضمير « هو » عائدا على اللّه يقول : أنا جعلته يولي نحوها ، وهنا وجهان الواحد : أن ذلك بقضائنا وإلهامنا إياه وإرادتنا ، والوجه الآخر قوله : ( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ )فأصل نصبها قبلة كان منها على لسان الرسول الذي بعثناه لتلك الأمة ، أو يعود الضمير على الذي يولي وجهه نحو تلك الجهة ، ثم قال :« فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ »أي اجروا مع الخيرات في الحلبة إلينا ، فإن الخيرات إلينا تقصد ، فإذا سابقتموها كنتم معها على طريق واحد فتوصلكم إلينا ، قال النبي عليه السلام : [ والخير كله بيديك والشر ليس إليك ] والخيرات كل عمل مشروع ، ووجه آخر فاستبقوا بالخيرات إلينا أي سابقوا بما شرعنا لكم ، اركبوها مستبقين إليّ ، ووجه آخر« فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ »فاستبقوا إلى الخيرات إذا رأيتموها ، فبادروا مستبقين إلى الأخذ بها ، وقوله :« أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً »موضع مخصوص للجمع فيه وزمان مخصوص ، فإنه تعالى مع عباده أينما كانوا ، قال تعالى : ( إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً )وهذا يؤيد أن الضمير في« هُوَ مُوَلِّيها »يعود على اللّه ، وإنما وقع التعريف بالإتيان لأنه من الممكنات ، فأخبر تعالى أنه واقع ، ووجه آخر تعريف للمنكرين ذلك المحيلين له بحكم جهلهم فيما غاب عنهم« إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ »منه إتيانهم« قَدِيرٌ »ثم عاد وقال : ( 150 )« وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ »فليس هذا بمعنى الأول من كل وجه ، فإن هناك الأمر بالتولية إلى شطر المسجد الحرام من موضعه ذلك وما فيه ذلك البيان ، لأنه قد يحتمل أن يقصد من ذلك الموضع لكونه شرقا أو جنوبا ، فقال له هنا : إنما يقصد لعينه من حيث خرجت ، لا تراعي شرقا ولا غربا ولا جنوبا ولا شمالا ، وإن كان في الأول ما يدل عليه في قوله : ( وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ )فإن ذكره على التعيين ، وتخصيصه يعطي من البيان أكثر من

    ص 220

    إلا الأماكن التي خصصها الدليل الشرعي في ذلك لا لأعيانها ، وإنما ذلك لوصف قام بها ، فيخرج بنصه ذلك القدر لذلك الوصف ،

    تفسير " وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ "
    وقوله :« وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ »أي إذا خرجت من الكعبة ، أو من غيرها ، وأردت الصلاة فول وجهك شطرها أي لا تستقبل بوجهك في صلاتك جهة أخرى لا تكون الكعبة فيها ، فقبلتك فيها ما استقبلت منها ، وكذلك إذا خرجت منها ما قبلتك إلا ما يواجهك منها سواء أبصرتها أو غابت عن بصرك ، وليس في وسعك أن تستقبل ذاتها كلها بذاتك ، لكبرها وصغر ذاتك ، فالصلاة في داخلها كالصلاة خارجا عنها ولا فرق ، فقد استقبلت منها وأنت في داخلها ما استقبلت ، ولا تتعرض بالوهم لما استدبرت منها إذا كنت فيها فإن الاستدبار في حكم الصلاة ما ورد وإنما ورد الاستقبال ، وما نحن مع المكلّف إلا بحسب ما نطق به من الحكم ، فلا يقتضي عندنا الأمر بالشيء النهي عن ضده فإنه ما تعرض في النطق لذلك ، فإذا تعرض ونطق به قبلناه ، ومن صلى فوق البيت لم يصل الصلاة المشروعة ، فإن شطر المسجد لا يواجهه وهو مأمور بالاستقبال إليه في الصلاة وهو في هذه الحالة لا فيه ولا مستقبله .

    سورة البقرة ( 2 ) : آية 150
    وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ( 150 )
    - تفسير من باب الإشارة -« وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ »إلى الوجود أي من زمان خروجك من العدم إلى الوجود فارجع بالنظر والاستقبال مفتقرا مضطرا إلى ما منه خرجت ،

    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    اشتراكه في الضمير مع أمته ، ولذا خصصه في الثالثة أيضا مع تشريكه في ضمير المخاطبين من المكلفين من أمته ، هذا وجه ، والوجه الآخر ، أن الأول قرن معه علم الذين أوتوا الكتاب أنه الحق من ربك ، وما قرن معه علمه به بأن أعلمه هو تعالى أنه الحق على الاختصاص لا بحكم التضمين كما أعلمهم ، وهو عليه السلام أولى بعلم الاختصاص من أن يعلم من أنهم علموا أنه للحق ، وكرره باللفظ الظاهر حتى يرتفع اللبس ، ولو كان مضمرا ربما وقع الخلاف في صاحب

    ص 221

    فإنه لا أين لك غيره ، فانظر فيه تجده محيطا بك مع كونه مستقبلك« وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ »من الأحوال« فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ »أي لا تعرضوا عنه ، ووجه الشيء حقيقته وذاته ، فإن الإعراض عن الحق وقوع في العدم ، وهو الشر الخالص ، كما أن الوجود هو الخير المحض الخالص ، والحق هو الوجود ، والخلق هو العدم ، قال لبيد : ألا كل شيء ما خلا اللّه باطل

    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    الضمير من هو ، فقال تعالى :« وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ »فأعلمه أنه الحق من ربه ، فساواهم في الطريق الموصلة إلى العلم به نصا ، ثم قال« وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ »وعيد في كتمانهم الحق المتقدم الذكر ، ثم قال ثالثا : ( 151 )« وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ »فأتى به ظاهرا كما قلنا لارتفاع الاحتمالات التي تعرض للضمائر ، وهذا إنما ذكره ليبين ارتفاع الحجة عليكم من المنازعين لكم في ذلك ، فكان الأول لمعنى خاص ، والثاني لمعنى آخر ، والثالث لمعنى ليس هو الأول ولا الثاني ، والاختصاص لمحمد صلّى اللّه عليه وسلم بالذكر تشريف ، قال :« لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ »يعني أهل مكة القائلين لم ترك محمد قبلة أبيه إبراهيم ، وقد قال إنه قبل اتبع ملة إبراهيم ، وعدل إلى استقبال بيت المقدس ، فهذه هي الحجة التي أراد اللّه حسمها عن نبيه في تحويل القبلة ، ولا يلزم من رد حجة خصم في أمر ما أن يكون ذلك ردا أو حجة على خصم آخر بقول آخر ، واعتراض لذلك الآخر في مقابلة اعتراضه وحجته جواب آخر بدليل آخر إذا ذكر ذكر معه« إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ »يعني عاندوا فيقولون كما بدا له ورجع إلى قبلة آبائه بعد أن كان انصرف عنها ، لا نأمن عليه أن يرجع معنا إلى ديننا الذي نحن عليه ، وذلك أنه ما من حالة تكون إلا ويمكن أن يكون لها وجوه جمة من التأويلات ، فما يتخصص وجه منها دون غيره إلا بقرينة حال أو دليل واضح عند من يظهر عنده ذلك ، فما يعاند المعاند مع معرفته بصحة ما يعاند فيه إلا من أجل الاحتمالات التي تعطي تلك الحالة ، فيجد بذلك مساغا ومدخلا إلى المعاندة لا غير ، وحجة موضع الوقف والاستئناف تنبيه ، ثم قال :« فَلا تَخْشَوْهُمْ »الضمير يعود على الذين ظلموا ، يقول : لا تخافوا ما يقولون ولا ما يعاندون به ، واهملوهم واطردوهم من قلوبكم« وَاخْشَوْنِي »واشتغلوا بالخوف مني الذي بيدي الضر والنفع ، وهم لا يضرون ولا ينفعون« وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ »عطف على قوله :« لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌوَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ »« وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ »الترجي منهم أن يكونوا من المهتدين ، وقد تقدم الكلام في« لَعَلَّكُمْ »في أول السورة ، وقد يكون« وَلِأُتِمَّ »معطوف على شيء مقدر ، يقول : واخشوني

    ص 222

    فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في هذا القول : إنه أصدق بيت قالته العرب . ولا شك أن الباطل عبارة عن العدم ؛ فلا تحجب بالجهة الكعبية ، عن الجهة الإلهية القلبية .

    سورة البقرة ( 2 ) : الآيات 151 إلى 152
    كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ( 151 ) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ ( 152 )
    أمر اللّه عباده المؤمنين بالذكر والشكر ، فعليك بذكر اللّه في السر والعلن وفي نفسك وفي الملأ ، فقد جعل الحق جواب الذكر من العبد الذكر من اللّه . فذكر اللّه جزاء وفاق على ذكر العبد ، وذكره تعالى في هذا الموطن هو المصلي عن سابق ذكر العبد ، قال تعالى :

    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    لأنعم عليكم ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون إذا فعلتم هذه الخشية ، ثم قال : ( 152 )« كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ »الآية ، يقول : ولأتم نعمتي عليكم كما أرسلنا ، مثل ما أنعمت عليكم بقبول دعوة أبيكم إبراهيم حين قال هو وإسماعيل : ( رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ )فأرسلت فيكم منكم معشر العرب رسولا منكم« يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا »يريد آيات القرآن« وَيُزَكِّيكُمْ »بأخذ الصدقة من أموالكم ، قال تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها )« وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ »أي يبين لكم ما أنزل إليكم في القرآن ، قال تعالى : ( وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ )وقال تعالى : ( وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ )« وَالْحِكْمَةَ »يقول : كيف تكونون حكماء« وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ »يعني ما كنتم به جاهلين من يوم الجمعة وغيره ، مما يقربكم العلم به إلى سعادتكم ، إذ العلوم على قسمين :
    علم لا يتضمن عملا ، وعلم يتضمن عملا ، فأما العلم الذي يتضمن العمل فأفعال العبادات لا تعلم إلا من جهته ، وأما العلم الذي لا يتضمن عملا كالعلم بما ينسب إلى الحق مما لا يقتضي دليل نسبته إليه ، وكالعلم بالآخرة ومواطنها وما يكون فيها مما ينفع العالم العلم به ، وهذا كله لا يعلم إلا من طريق الشرع ، إذ العقل لا يستقل بإدراك شيء من هذا ، بل ربما يحيل العقل الضعيف بعض الإطلاقات الشرعية ويتكلف فيها التأويلات البعيدة ، فهذا معنى قوله :« وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ » ،ثم قال : ( 153 )« فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ، وَاشْكُرُوا لِي

    ص 223

    هو الذي يصلي عليكم أي : يؤخر ذكره عن ذكركم ، فلا يذكركم حتى تذكروه ، كان صلّى اللّه عليه وسلم في حال الضراء يقول : الحمد للّه على كل حال ، وفي حال السراء : الحمد للّه المنعم المفضل ، وأي ضراء على العبد أضر من الذنب ، فإنك إذا أشعرت قلبك ذكر اللّه دائما في كل حال لا بد أن يستنير قلبك بنور الذكر ، واللّه يقول في الخبر المأثور الصحيح عنه الحديث وفيه : « وأنا معه » يعني مع العبد « حين يذكرني ، إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم » . وقال تعالى :« وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ »وأكبر الذكر ذكر اللّه على كل حال ، والشكر من المقامات المشروطة بالنعماء والمحبة ، ليس للبلاء في الشكر دخول ، ولا للصبر في النعم دخول ، ولما كانت الصلاة مناجاة بين اللّه وبين عبده فإذا ناجى العبد ربه فأولى ما يناجيه به من الكلام كلامه ، الذي شرع له أن يناجيه به ، وهو قراءة القرآن في أحوال الصلاة ، من قيام وهو قراءة الفاتحة ، وما تيسر معها من كلامه ، ومن ركوع وهو قوله تعالى :« فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ » *فهو ذاكر ربه في صلاته بكلامه المنزل ، وكذلك في سجوده يقول : « سبحان ربي الأعلى » فأمرنا اللّه بذكره وشكره ، والفاتحة تجمع الذكر والشكر ، وهي التي يقرؤها المصلي في قيامه ، فالشكر فيها قوله« الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » *وهو عين الذكر بالشكر إلى كل ذكر فيها وفي سائر الصلاة ، فذكر اللّه في حال الصلاة وشكره ، أعظم وأفضل من ذكره سبحانه وشكره في غير الصلاة ، فإن الصلاة خير موضوع العبادات ، وقد أثرت هذه الصلاة في الذكر هذا الفضل وهو يعود على الذاكر ، وينبغي لكل من أراد أن يذكر

    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    وَلا تَكْفُرُونِ »يقول سبحانه :« فَاذْكُرُونِي »بهذه النعم التي قررتكم عليها وأتممتها عليكم التي لا تحصى كثرة ، سرا في نفوسكم وعلانية في ملإ من عبادي ، تعلمون به الجاهل ، وتذكرون به الناسي والغافل« أَذْكُرْكُمْ »جزاء لذكركم إياي ، فمن ذكرني منكم في نفسه ذكرته في نفسي ، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه يعني الملائكة ، قال : واشكروا نعمتي ، وقرنها بقوله تعالى :« لِي »فقال :« وَاشْكُرُوا لِي »وهذا شكر خاص ، وهو أعلى الشكر ، وحق الشكر وهو أن ترى جميع النعم منه حين تقف الناس مع الأسباب التي يرسل اللّه النعم عند وجودها ، فلذلك قال :« وَاشْكُرُوا لِي »وقد وعد بالزيادة للشاكرين ، قال :« وَلا تَكْفُرُونِ »أي ولا تستروا نعمتي ، فإنه يقول لنبيه لما قال : ( وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى )( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ

    ص 224

    اللّه تعالى ويشكره باللسان والعمل أن يكون مصليا ، وذاكرا بكل ذكر نزل في القرآن لا في غيره ، وينوي بذلك الذكر والدعاء الذي في القرآن ليخرج من العهدة ، فإنه من ذكره بكلامه فقد خرج عن العهدة فيما ينسب في ذلك الذكر إلى اللّه ، وليكون في حال ذكره تاليا لكلامه ، فيقول في التسبيحات ما في القرآن ، ومن التحميدات ما في القرآن ، ومن الأدعية ما في القرآن ، فتقع المطابقة بين ذكر العبد بالقرآن لأنه كلام اللّه ، وبين ذكر اللّه إياه في قوله :« أَذْكُرْكُمْ »فيذكر اللّه الذاكر له وذكره كلامه فتكون المناسبة بين الذكرين ، فإذا ذكره بذكر يخترعه لم تكن تلك المناسبة بين كلام اللّه في ذكره للعبد وبين ذكر العبد ، فإن العبد هنا ما ذكره بما جاء في القرآن ولا نواه ، وإن صادفه باللفظ ولكن هو غير مقصود« وَاشْكُرُوا لِي »يقال شكرته وشكرت له ، فشكرته نص في أنه المشكور عينه ، وقوله شكرت له فيه وجهان ، الوجه الواحد يكون مثل شكرته ، والوجه الثاني يكون أن يكون الشكر من أجله ، فإذا كان الشكر من أجله يقول له سبحانه : اشكر من أولاك نعمة من عبادي من أجلي ، ليكون شكره للسبب عين شكره للّه ، فإنه شكره عن أمره وجعل المنعم هنا نائبا عن ربه ، فلهذا قال سبحانه :« وَاشْكُرُوا لِي »ولم يقل واشكروني ليعم الحالتين ، فإنكم لا تذكرونه حتى يوفقكم ويلهمكم ولذلك قال :« وَلا تَكْفُرُونِ ».

    سورة البقرة ( 2 ) : آية 153
    يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ( 153 )
    لما أمر اللّه عباده المؤمنين بالذكر والشكر أمرهم أن يستعينوا على ذلك بالصبر والصلاة ،

    فحدث ) ومن حدث بها فما سترها ، وقال عليه السلام : [ التحدث بالنعم شكر ] ، وكفران النعم على وجهين ، كفر بمعنى الجحد والستر لها لجهله بالمنعم الحق سبحانه ، وهم الذين يعتقدون أن اللّه لا يعلم الجزئيات ، والوجه الآخر من كفرها وقوف العبد مع الأسباب التي حصلت النعم عليه عندها لغفلته ، وهذه حالة أكثر المؤمنين ، وكأنه يقول في هذه الآية :« وَلا تَكْفُرُونِ »كما كفر أهل الكتاب بما أنعمت عليهم فيما قد أخبرتكم في قولي : ( يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا ) *( يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا ) *في غير ما موضع من كتابي وأبنت لكم عن كفرهم بنعمي ، فلا تكفرون أنتم كما كفروا ، ثم أيّه سبحانه بالمؤمنين من عباده فقال : ( 154 )« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ

    ص 225

    وأخبرهم بأن اللّه مع الصابرين عليها وعلى كل مشقة ترضي اللّه مما كلف عباده بها ، لأن الصبر من المقامات المشروطة بالمشقات والمكاره والشدائد المعنوية والحسية ، فجعل الصبر هنا للتطابق في قوله : ( وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ )فالصلاة هنا والصبر عليها وهو الدوام والثبات وحبس النفس عليها مؤثرة في الذكر والشكر ، فالصبر هنا هو قوله : ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها )فلذلك ذكر الصبر مع الصلاة ، فكما يؤثر الصبر على الذكر والشكر في الذكر والشكر ، كذلك يؤثر في الصلاة سواء ، وتؤثر الصلاة من حيث الصبر عليها في الذكر والشكر ، ومن حيث هي صلاة ، فإن اللّه أمرنا بذكره وشكره ، والفاتحة تجمع الذكر والشكر ، وهي التي يقرؤها المصلي في قيامه والتسبيح في ركوعه وسجوده ، وقال اللّه تعالى :« اسْتَعِينُوا » *على ذكري وشكري« بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ » *فلولا ما علم الحق بأن الصلاة معينة للعبد لما أمره بها ، فإنه أنزلها منزلة نفسه ، فإن اللّه قال للعبد : قل : ( وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )يعني في عبادتك ، فجعل للعبد أن يستعين بربه ، وأمره أن يستعين في ذكره وشكره بالصلاة ، فناهيك يا ولي من حالة وصفة وحركات وفعل أنزله الحق في أعظم الأشياء وهو ذكر اللّه منزلة نفسه ، فكأنه من دخل في الصلاة قد التبس بالحق ، والحق هو النور ولهذا قال : [ الصلاة نور ] فأنزلها منزلة نفسه ، قال صلّى اللّه عليه وسلم : [ وجعلت قرة عيني في الصلاة ] وقرة عيني ما تسر به عند الرؤية والمشاهدة ، وقد أقام الحق الصبر والصلاة مقام نفسه في المعونة ، والمصلي يناجي ربه ويشاهده في قلبه ، ففي حال المناجاة والشهود لا يجرأ أحد من المخلوقات يقرب من عبد تكون حالته هذه خوفا من اللّه ، وهذا المصلي قليل ، ولكن نرجو أن يشفع ظاهر العبد في باطنه ، والقدر من الحضور المرعي شرعا هو من الباطن يتأيد مع الفعل الظاهر ، فيقوي على ما يقع للمصلي من الوسوسة في الصلاة ، فلا يكون لها تأثير في نقص نشأة الصلاة عناية من اللّه .

    وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ »لما تقدم مقالات أهل الكتاب وغيرهم مما آذوا به اللّه ورسوله والمؤمنين ، قال اللّه للمؤمنين :« اسْتَعِينُوا » *على ما تجدونه في أنفسكم من الآلام لذلك وطلب الانتقام منهم ومؤاخذتهم« بِالصَّبْرِ » *أي بحبس نفوسكم عن الاشتغال بهم إن اللّه صبور مع الصابرين ، فتخلقوا بأخلاقه مع كونه قادرا على أخذهم ، ويسمع أذاهم ويعلم في ذلك سرهم ونجواهم ، وأنتم إنما تسمعون ذلك منهم في أوقات متفرقة ، واستعينوا أيضا بالصلاة ، أي اشتغلوا

    ص 226

    سورة البقرة ( 2 ) : آية 154
    وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ ( 154 )
    لما تقرب الشهداء بأنفسهم إلى اللّه في قتال أعداء اللّه كانت لهم الحياة الدائمة والرزق الدائم والفرح بما أعطاهم اللّه ، فلا يقال في الشهداء أموات لنهي اللّه عن ذلك ، لأن اللّه أخذ بأبصار الخلق عن إدراك حياتهم ، كما أخذ بأبصارهم عن إدراك الملائكة والجن مع معرفتنا أنهم معنا حضور ، ولا نعتقد أيضا في الشهداء أنهم أموات بقوله تعالى : ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ )وخبر اللّه صدق ، فثبتت لهم الحياة لما قصدوا القربة إلى اللّه بنفوسهم ، فما مات من قتله أعداء اللّه في سبيل اللّه ، فجمع اللّه لهم بين الحياتين ، فالمقتول في سبيل اللّه في معترك حرب الكفار حي يرزق ، ولذلك لا يغسل ، وإنما أمرنا بغسل الميت ، وهذا الشهيد الخاص

    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    بمناجاتي والحديث معي عن ذلك ، وقصد إلى الصلاة دون سائر العبادات من الفرائض والنوافل لوجهين : الواحد أنه ما ثم عبادة تتضمن مناجاة الحق والحديث معه وأن يقول معه ، ويقول له إلا الصلاة ، فهي مشغلة للعبد عن ما سواها ، فقيل استعن بالصلاة ، فإن الصوم ليس فيه شغل بحديث مع اللّه ولا غيره ، ثم إن فرضه شهر في السنة ، والزكاة كذلك ، والحج مرة في العمر ، والجهاد متى ما حضر عدو ، ونوافل هذه العبادات كذلك ، إنما تكون في أزمان بعيدة ، والصلاة مستصحبة ليلا ونهارا ، فرضها ونافلتها ، وأوقات النهي إذا كان على طهارة ينتظر الصلاة فهو في صلاة ، فما أمرهم الحق إلا بما يكون لهم معونة بلا شك على ذلك ، ووجه آخر أن الصبر هنا في هذه الآية هو جهادهم وقتالهم ، أي احبسوا نفوسكم على قتالهم والفتك فيهم ، فإن اللّه معكم مؤيد وناصر ، وهو الأظهر ، فإنه سبحانه أردف هذه الوصية بقوله : ( وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ )وهو الأوجه في تفسير الصبر هنا على الجهاد ، ولما كان القتال مشغلا عن الصلاة ، أوصى بالصلاة ، أي أنّ الاشتغال بها أمام العدو مع احتداد القتال على معاينة منهم لذلك ، إرهاب في قلوبهم ، ليعلموا أن في مقابلتهم رجالا لا يشغلهم خوف هجوم عدوهم عليهم في حال صلاتهم عن صلاتهم ، وأيضا يقول لهم اللّه : لما أمرتكم بالصبر الذي هو حبس النفس على قتال الأعداء عن الصلاة إذا حضر وقتها لا يشغلكم ذلك ، فإن في حضوركم معي فيها تقوية لكم ومعونة ، فإنها مذكرة لكم أنكم بعيني وأني معكم ، ومن قتل منكم فإنه لا يموت ، بل هو حي عندي ، فقال تعالى : ( 155 )« وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ »لا يلزم من

    ص 227

    لا يقال فيه إنه ميت ولا يحسب أنه ميت ، بل هو حي بالخبر الإلهي الصدق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ولكن اللّه أخذ بأبصارنا عن إدراك الحياة القائمة به كما أخذ بأبصارنا عن إدراك أشياء كثيرة ، كما أخذ أيضا بأسماعنا عن إدراك تسبيح النبات والحيوان والجماد وكل شيء ، ولذلك قال تعالى :« وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ »بحياتهم ، كما يحيي الميت عند السؤال ونحن نراه من حيث لا نشعر ، ونعلم قطعا أنه يسأل ، ولا يسأل إلا من يعقل ، ولا يعقل إلا من هو موصوف بالحياة ، فنهينا أن نقول فيهم أموات ، وأخبرنا أنهم أحياء ولكن لا نشعر .

    سورة البقرة ( 2 ) : آية 155
    وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ( 155 )
    الجوع بئس الضجيع ، وهذه كلها أسباب بلاء يبتلي اللّه به عباده حتى يعلم الصابرين منهم ، وهو العالم بالصابر منهم وغير الصابر ثم قال :« وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ »على ما ابتليتهم به من ذلك ، فحبسوا نفوسهم عند الحدود ولم يتعدوها مطلقا .

    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    كون الإنسان حيا كونه مجتمع الأجزاء على هيئة مخصوصة ، أو ذا دم سائل أو ذا نفس ، وإنما يلزمه قيام الحياة به مجتمع الأجزاء كان أو مفرق الأجزاء وغير ذلك ، ولا يلزم لروحه أن لا تدبر هذه الأجزاء إلا على هذه الهيئة المخصوصة ، بل يجوز أن تدبرها على غير هذه الهيئة ، ولا يلزم من قيام الحياة به أن ندرك كونه حيا ، فإن الحياة ليست من إدراك الحواس ، وإذا تقرر هذا ، فقد يكون الشهيد في سبيل اللّه حيا ولا نشعر بذلك ، لوقوفنا مع العادة في عدم الحركة والتنفس من المقتول ، فقال تعالى في حق الشهداء في سبيل اللّه :« وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ »أي لا تعلمون بحياتهم على العادة التي عهدتموها ، يقوي بذلك نفوس المؤمنين الذين قال لهم : ( اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ ) *فإن قتلتم فإلينا تنقلبون أحياء لا تموتون ، إذ كان الخوف من الموت عند اليأس أشد الخوف ، فأمنهم اللّه من ذلك ، ولما قال قائل ، إنما نهينا أن نقول خاصة ، قلنا في قوله :« بَلْ أَحْياءٌ »جوابك ، ثم زاد اللّه في بيان ذلك قوله : ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً )أي كما قلت لك لا تقل إنهم أموات ، لا تعتقد أيضا أنهم أموات ، والعلم ليس محله اللسان مثل قوله ، فنهينا عن الأمرين عن القول والاعتقاد ، ثم قال : ( 156 )« وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ »الآية ، وذلك أنه سبحانه لما أمر المؤمنين بالصبر على أذى نفسي
    ص 228

    سورة البقرة ( 2 ) : آية 156
    الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ( 156 )
    ثم من فضله ورحمته نعت لنا الصابرين لنسلك طريقهم ، ونتصف بصفاتهم عند حلول الرزايا والمصائب التي ابتلى اللّه بها عباده ، فقال في نعت الصابرين :« الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ »يريد في رفعها عنهم ، وقولهم :« إِنَّا لِلَّهِ »فهم للّه في حالهم« وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ »عند مفارقة الحال ، فالرجوع فيها إلى اللّه ليزول عنه ألمها ، فأثنى اللّه على من يقول إذا أصابته مصيبة« إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ »وأخبر بما يكون منه لمن هذه صفته وبما لهم منه تعالى في ذلك فقال :

    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    غير محسوس ، وهو ما يجدونه في أنفسهم من قول الكفار ، قد يمكن أن يكون منهم دعوى في الصبر ، فقال لهم اللّه : إني ابتليتكم بأمور محسوسة تتألم النفوس لأجلها ، فإن صبرتم عندها واحتسبتم ولم يشغلكم ذلك عن عبادتي ورجعتم إليّ في ذلك كله ، فسأبشركم بما لكم عندي لذلك ، فقال تعالى :« وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ »أي بقليل« مِنَ الْخَوْفِ »أي من الأسباب المخيفة ، من جمع عدو لكم لا طاقة لكم بدفعه ، حتى أرى هل تخافون غيري ، أو ترجعون في دفع ذلك إليّ لعلمكم بأن ذلك من تسليطي ، ثم قال :« وَالْجُوعِ »أي وقلة الرزق وعدمه حتى يمسكم الجوع ، فنرى هل ترجعون في دفع ألم الجوع إليّ أو إلى الرزق ، ثم قال :« وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ »موت الإبل والغنم ، فإنها أموالهم قد خصوها بهذا الاسم ، وقلوبهم منوطة بها« وَالْأَنْفُسِ »بطاعون يسلطه عليهم« وَالثَّمَراتِ »بالجوائح ، فإن احتسبوا ذلك وصبروا على ما كلفهم اللّه من عبادته في كل ما ابتلاهم به ولم يشغلهم ذلك صدقوا في صبرهم ، فبشرهم اللّه فقال :« وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ »ثم نعت الصابر ليعلم من هو الصابر عنده سبحانه الذي يصح له البشرى من اللّه ، لأن ذلك لا يدرك إلا بإعلامه.
    فقال في نعت الصابرين : ( 157 )« الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ »نالتهم مصيبة ، أي نزلت بهم رزية في أموالهم وأنفسهم ، أية مصيبة كانت مشتق من صاب المطر إذا نزل« قالُوا إِنَّا لِلَّهِ »أي إنا خلقنا للّه لا لأنفسنا ، أي لنعبده.
    لأنه يقول : ( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )ما خلقنا لرزق ولا لنعيم ولا بؤس ، فما كان من اللّه إلينا من خير فمن فضله ومنته ، وما كان من غير ذلك فمن حكمه وقضائه ، فالواجب علينا القيام بوظيفتنا من عبادتنا في هذه الأحوال المختلفة من النعيم والبؤس« وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ »فيها على حسب ما كلفنا ، فإن كلفنا بالسؤال له في دفعها رجعنا إليه سائلين متضرعين داعين في دفع ذلك عنا من حيث ما أمرنا ،
    ص 229

      الوقت/التاريخ الآن هو 21/11/2024, 17:34