بدايات رحلاته
غادر ابن عربي إشبيلية في جولة على مدن الأندلس والمغرب. فزار قرطبة وغيرها، أما المغرب نزل وهو متجه إليه في الجزيرة الخضراء سنة 589ه، زار فيها الشيخ إبراهيم بن طريف العبسي(1)، وبعدها نزل بسبتة حيث بدأ سياحته في بلد المغرب، من نفس السنة. وفيها سمع من ثلاث محدثين، وتعرف على قاضيها الذي أثنى عليه في الفتوحات.(2)
ومن هناك اتجه إلى تونس لزيارة الشيخ المهدوي سنة 590ه. وقد توقف بدون شك بتلمسان من نفس السنة والتقى فيها بأبي زيد الفزازي (ت627 ه) ثم حط ببجاية قبل أن يصحب في تونس المهدوي وشيخه الكناني.(3) ثم رجع إلى الأندلس في السنة نفسها. وفي السنة التي تليها كان بفاس حيث معقل شيخيه أبي عبد الله الدقا، وابن حرزهم، وكان لقاءه بمحمد بن قاسم التميمي القاسي (ت603ه) وهو واحد من بين الذين نقلوا الخرقة لابن العربي.(4) وضل تنقله بين المغرب الأندلس من 589 إلى597). (5)
رحلته إلى المشرق
يذكر لنا "كوربان" أن سفره إلى المشرق يعبر عن مرحلة ثانية من حياته قائلا: «ومع هذه الرحلة تبدأ المرحلة الثانية من الحياة السائحة لشيخنا. فبين سنوات 597ه (1200م) و620ه 1666م)، ستقوده خطاه في مختلف مناطق الشرق الأوسط، لكي يستقر في النهاية في دمشق حيث سيقضي السنوات السبع عشرة الأخيرة من حياته في سلم وطمأنينة وإنتاج غزير».(6)فتوجه من تونس إلى مصر ث إلى القدس ث إلى الحجاز، ودخل مكة في ،1201/599، حيث استضافته عائلة نبيلة تنحدر من أصفهان، ودامت إقامة الشيخ ابن عربي في مكة ثلاث سنين تعرف خلالها إلى إمام الحرم المكي المعروف بأبي خاشه. وتعرف إلى ابنته «نظام» كما أسلفنا التي جمعت بين الجمال الأخاذ والحكمة الروحية، والتي دان إليها بتعلمه مذهب «العاشقين».(7)
وتروي لنا كلود عداس أنه لبس الخرقة من جديد على يد يونس بن يحيى الهاشمي الذي أخذها عن عبد القادر الجيلاني. ولبسها أيضا سنتين بعد ذلك في العراق بالموصل من طرف شيخ من أصحاب قضيب البان الشهير.(8) وذهب بعدها إلى الموصل ثم إلى حلب ثم صعد إلى الأناضول وتزوج هناك من "لفوت" فربى ولدها على التصوف حتى استحكم فيه وعُرِف بالقونوي نسبة إلى قونية التي حل فيها مربيه. فقد قادته قدماه حتى أرمينية على ضفاف الفرات، ثم في ديار بكر.(9)
وذهب إلى بغداد سنة 1211م، حيث لاقى شهاب الدين عمر السهروردي. وفي عام 1214م كان به مقام جديد في مكة حيث أن «ترجمان الأشواق » كان شارح أحواله الوحيد. ثم التقى في حلب بأحد بنوة صلاح الدين الأيوبي، حيث ربطته صداقة بالأمير الملِك الظاِهر، الذي أقنع ابن عربي بالمكوث في دمشق، ففي دمشق استقر عام 1223م، وقضى بها السبعة عشر عاماً الأخيرة من عمره. وعاش الشيخ في دمشق محاطاً بعائلته ومريديه العديدين، يرفل في الاستقرار المادي وطمأنينة البال. ويمكنه ذلك من ث استكمال تآليفه.(10)
كانت وفاة الشيخ بن عربي في دمشق يوم 28 ربيع الثاني 638 ه (الموافق ل 16تشرين الثاني 1240م) محفوفاً بأفراد عائلته وصحبه ومريديه. وُدفِن بشمال دمشق، في أحواز الصالحية
في سفح جبل قاسيون.
أشهر أعماله
ألف ابن عربي أربع مئة كتاب ورسالة. والرسالة عند القدماء قد تكون كتاباً متوسط الحجم وقد تكون مقالة مما نكتبه اليوم في الدوريات. لكن ما يناهز حجم الكتاب من أعماله كثير ويعد بالعشرات. نذكر منها:
1-الفتوحات المكية : ضمَّنَه ما فُتِح عليه من الأفكار في مكة. ويقع في عدة مجلدات تختلف باختلاف طبعاتها. وأحدث طبعاتها لبنانية في ثماني مجلدات كبار مع مقدمة دراسية جيدة كتبها محمود مطرجي. وأقدم طبعاته في مصر عام 1910بتوصية من الأمير عبد القادر الجزائري. ويُقسم الكتاب إلى ستة أقسام هي: أ) المعارف، ب) المعاملت، ت) الأحوال،ث) المنازل، ج) المغازلات، د) المقامات. وهذه الأقسام موزعة على خمسمئة وستين فصلا تسبقها مقدمة ضخمة .
2 - فصوص الحكم: وهو من أنفس مؤلفاته بعد الفتوحات ويقع في مجلد واحد طبع عدة مرات آخرها باعتناء أبي العلاء عفيفي مع شروح ضافية على الفصوص. ويعتبره النقاد أعمق كتبه وأكثرها تركيزاً وتلخيصاً لآرائه الصوفية. وهو عرض مكثف لرأي الشيخ ابن عربي في وحدة الوجود وخلصة معارفه الواسعة في القرآن والحديث وعلم الكلم والفلسفة بمذاهبها الأفلاطونية الحديثة والرواقية والمشائية وإخوان الصفاء والأشاعرة والمعتزلة ومن سبقه من المتصوفين.
3 - « تفسير ابن عربي»: وهو تفسير ضخم للقرآن الكريم.
4 - « محاضرة الأبرار»
5 - « ترجمان الأشواق » وهو شرح لمؤلفه المعروف باسم «ذخائر الأعلاق».
6 - «الأحاديث القدسية»
7 - «كتاب الأرواح»
8 - «كتاب التجليات الإلهية»
9 - «كتاب الروح القدسية»
10 - «الحكمة الإلهامية»
11 - «ديوان الشيخ الأكبر»
12 - «ماهية القلب»، تحقيق: قاسم محمد عباس، دار المدى، الطبعة الأولى، 209.
** ** **
الهوامش
1- الفتوحات المكية.1ص 617
2- المصدر نفسه، ج 3ص .334
3- ابن عربي: روح القدس، رقم ،52ص 125.
4-كلود عداس، المرجع السابق، ص 226.
5- المرجع نفسه، ص 225
6- هنري كوربان: المرجع السابق، ص 53.
7- المرجع السابق، ص 53.
8-كلود عداس: المرجع نفسه، ص 241.
9- هنري كوربان: الخيال الخلاق، المرجع السابق، ص 67-69
10- المرجع السابق، ص 69-70.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin