..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: عمر السيدة عائشة رضى الله عنها يوم العقد والزواج الدكتور صلاح الإدلبي
كتاب: شرح المشيشية (1) ـ الشيخ عبد الغني العمري الحسني Emptyاليوم في 16:55 من طرف Admin

» كتاب: علماء سلكو التصوف ولبسو الخرقة ـ إدارة موقع الصوفية
كتاب: شرح المشيشية (1) ـ الشيخ عبد الغني العمري الحسني Emptyاليوم في 16:52 من طرف Admin

» كتاب: روضة المحبين فى الصلاة على سيد الأحبة ـ الحبيب محمد بن عبدالرحمن السقاف
كتاب: شرح المشيشية (1) ـ الشيخ عبد الغني العمري الحسني Emptyاليوم في 16:49 من طرف Admin

» كتاب: مجالس ابن الجوزي في المتشابه من الآيات القرآنية ‫‬ـ الشيخ باسم مكداش
كتاب: شرح المشيشية (1) ـ الشيخ عبد الغني العمري الحسني Emptyاليوم في 16:42 من طرف Admin

» كتاب: فضائل فاطمة الزهراء ـ الشيخ باسم مكداش
كتاب: شرح المشيشية (1) ـ الشيخ عبد الغني العمري الحسني Emptyاليوم في 16:40 من طرف Admin

» كتاب: الدرر البهية بفضائل العترة النبوية ـ الشيخ باسم مكداش
كتاب: شرح المشيشية (1) ـ الشيخ عبد الغني العمري الحسني Emptyاليوم في 16:38 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد الجاهلين إلى الآيات الواردة في حق أهل البيت ـ الشيخ باسم مكداش
كتاب: شرح المشيشية (1) ـ الشيخ عبد الغني العمري الحسني Emptyاليوم في 16:34 من طرف Admin

» كتاب: حياة الإنسان الشيخ عبدالحميد كشك
كتاب: شرح المشيشية (1) ـ الشيخ عبد الغني العمري الحسني Emptyاليوم في 16:30 من طرف Admin

» كتاب: لبس الخرقة في السلوك الصوفي ـ يوسف بن عبد الهادي
كتاب: شرح المشيشية (1) ـ الشيخ عبد الغني العمري الحسني Emptyاليوم في 16:27 من طرف Admin

» كتاب: تنبيه السالكين إلى غرور المتشيخين للشيخ حسن حلمي الدغستاني
كتاب: شرح المشيشية (1) ـ الشيخ عبد الغني العمري الحسني Emptyأمس في 20:03 من طرف Admin

» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
كتاب: شرح المشيشية (1) ـ الشيخ عبد الغني العمري الحسني Emptyأمس في 20:02 من طرف Admin

» كتاب: الفتوحات القدسية في شرح قصيدة في حال السلوك عند الصوفية ـ الشيخ أبي بكر التباني
كتاب: شرح المشيشية (1) ـ الشيخ عبد الغني العمري الحسني Emptyأمس في 19:42 من طرف Admin

» كتاب: الكلمات التي تتداولها الصوفية للشيخ الأكبر مع تعليق على بعض ألفاظه من تأويل شطح الكمل للشعراني
كتاب: شرح المشيشية (1) ـ الشيخ عبد الغني العمري الحسني Emptyأمس في 19:39 من طرف Admin

» كتاب: قاموس العاشقين في أخبار السيد حسين برهان الدين ـ الشيخ عبد المنعم العاني
كتاب: شرح المشيشية (1) ـ الشيخ عبد الغني العمري الحسني Emptyأمس في 19:37 من طرف Admin

» كتاب: نُسخة الأكوان في معرفة الإنسان ويليه رسائل أخرى ـ الشّيخ محيي الدين بن عربي
كتاب: شرح المشيشية (1) ـ الشيخ عبد الغني العمري الحسني Emptyأمس في 19:34 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: شرح المشيشية (1) ـ الشيخ عبد الغني العمري الحسني

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68452
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: شرح المشيشية (1) ـ الشيخ عبد الغني العمري الحسني Empty كتاب: شرح المشيشية (1) ـ الشيخ عبد الغني العمري الحسني

    مُساهمة من طرف Admin 21/7/2020, 23:11

    شرح المشيشية (1)


    اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَنْ مِنْهُ انْشَقَّتِ الأَسْرَارُ:

          بسم الله الرحمن الرحيم. قوله "اللهم صل" ائتمار بأمر {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]؛ وصلاة الذين آمنوا، ليست طلبا لصلاة الله على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما يُظن؛ لأن هذه الأخيرة ثابتة بقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56]. وطلب الثابت لا يكون إلا من باب الموافقة، لا من باب التحصيل. والأصح أن صلاة المؤمنين على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، هي صلاة خاصة بهم، وليست هي الصلاة الأولى التي من الله والملائكة؛ أو قل هي منها من جهة التحقيق، لا من جهة التشريع. فيكون معنى صلاة المؤمنين على النبي صلى الله عليه وآله وسلم هنا، تحقيق العلم بصلتهم بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، التي يكون عنها الاستمداد، كما كانت صلة الله له من باب الإمداد. وضم صلاة الملائكة إلى صلاة الله، دون المؤمنين، وإن كان الملائكة إلى المؤمنين أقرب من حيث المجانسة، بسبب تفرعهم في الخلق عن الحقيقة المحمدية، هو للدلالة على الشخص المحمدي الذي انتهت إليه الرئاسة الآدمية في عالم الطبيعة، من كونه غاية الغايات ومنتهى الكمالات، من جهة؛ ومن جهة ثانية، لأن الملائكة مفطورون على صلاتهم؛ بخلاف المكلفين الذين يُحتمل أن يأتوا بها، كما يُحتمل عدم الإتيان. كل هذا من جهة الظاهر؛ أما من حيث الحقيقة، فإن كل المخلوقات تصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاة ذاتية. والكمال هو في الجمع بين صورة الأمر وحقيقته فحسب.

          وعدم التصريح بالتخصيص الذي ورد في الكلام، في قوله: "على من منه..." من غير ذكر الاسم محمد، هو أيضا من الموافقة لقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56]؛ نعني أن الله لم يقل: يصلون على النبي محمد. وهذا بسبب عدم الاشتراك في المرتبة؛ بحيث إذا ذكرت الصفة، عُلم الشخص بداهة. ومن هنا يُعلم أن النبوة بالأصالة لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم دون غيره؛ وهي لغيره بالنيابة عنه فحسب. وهذا التفرد المحمدي، ليس من باب قول القائل: لا يصدر عن الواحد إلا الواحد، الذي قالت به بعض الفلاسفة، والذي تُفهم منه العلّيّة؛ ولكن لأن مشيئة الله اقتضت أن يكون هذا المخلوق واحدا لا ثاني له؛ وتكون المخلوقات كلها متفرعة عنه، لا يشذ منها واحد. ولما كانت الملائكة متفرعة في خلقها عن هذا المخلوق، وذكرها الله معه في الصلاة، علمنا أن مَن أُمرنا بالصلاة عليه، هو محمد صلى الله عليه وآله وسلم، شخصا وحقيقة. واختصاص الشخص المحمدي بالصلاة، هو لتأكيد مرتبة الحقيقة المحمدية ببداية أمر الخلائق منها وانتهائهم إليها، من كونه (الشخص) أعدل مرآة وأكملها، تُقابلها (الحقيقة) في عالم الطبيعة. وبهذا تكون الحقيقة المحمدية والشخص المحمدي، القوسين اللذين يحيطان بالوجود قاطبة. وإلى هذه الحقيقة الإشارة بقول الله تعالى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 8، 9]. وقد كان ذلك عند ارتقاء الشخص إلى الحقيقة، بحيث صار لا يميّز بينهما إلا من حيث كون هذا أصل هذا، وهذا صورة هذا. وهذا التمييز الأدنى، الذي ليس بعده إلا وحدة العين، هو مناط قول الله:{أَوْ أَدْنَى}.

          وقوله "انشقت الأسرار" مُعْلِم بتميز الأسرار الإلهية منه، لكونها قبل مرتبة الحقيقة المحمدية تكون مندرجة في الأحدية، لا تتميّز. فلولا حقيقة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، لم يُعرف حق من خلق، ولا ربوبية من عبودية، ولا سماوات من أرض، ولا غير ذلك من المراتب الأمهات أو التفصيلات الفرعيات. ولأجل هذا الانشقاق، كانت هذه الحقيقة فاتحة الكتاب، الجامعة لأسرار السور القرآنية كلها والآيات.

    وَانْفَلَقَتِ الأَنْوَارُ:

          وانفلاق الأنوار، هو تفرع أنوار جميع الموجودات عن النور المحمدي الأصلي، كما تصدر الأشعة من قرص الشمس في الحس. ولولا هذه الحقيقة المحمدية الجامعة، ما ظهرت لمخلوق من المخلوقات عين، ولا عُثر له على أثر. فهي بهذه المثابة أم كتابهم، وقرآن فرقانهم. ودليل هذا الانفلاق النوري من القرآن، قول الله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35]. فالله هنا، هو المتجلي بصورة الحقيقة المحمدية، التي خُلق آدم عليها. وقد جاء في الحديث: «خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ»[رواه البخاري عن أبي هريرة]؛ أي على صورة صورته.

    وَفِيهِ ارْتَقَتِ الحَقَائِقُ:

          الحقائق هي بسائط الأسرار والأنوار، وإليها يُنتهى عند علم الأسرار وشهود الأنوار. وعلم الحقائق أعلى العلوم العرفانية، بسبب كونها مفاتيح كل العلوم التي دونها. وارتقاء الحقائق أعلى ما يكون في الحقيقة المحمدية، التي هي الحضرة الجامعة لكل الحضرات، الحقية منها والخلقية؛ وما ثم إلا حق وخلق. ومعنى ارتقاء الحقائق، هو بلوغ المعارف والشهودات الغاية في الحقيقة المحمدية؛ حتى لا يبقى لطالب بعدها مطلب قط. ومن هنا يُعلم أن معروف العارفين ومشهود المشاهدين، ممن سوى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، لا يكون إلا من محمد صلى الله عليه وآله وسلم. ولا قدم في معرفة الحق الذي وراء محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أو شهوده، إلا لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وحده. فليُحفظ هذا، فإنه أصل من أصول المعرفة.

    وَتَنَزَّلَتْ عُلُومُ آدَمَ فَأعْجَزَ الخَلائِقِ:

          المقصود بعلوم آدم، علوم الأسماء الإلهية التي ذكرها في قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31]. وهذه الأسماء هي الأعلام التي تُعرف بها التجليات الإلهية في عرف الربانيين من الأنبياء والورثة. ولقد نسب صاحب الصلاة العلوم إلى آدم للدلالة على الآية القرآنية المذكورة، وإن كان يعلم أن هذه العلوم محمدية في الأصل. والاعتبار هنا لسبق الظهور بها في عالم الشهادة، لا لسبق المرتبة.

          ولما كانت هذه العلوم محمدية، فإن شخص محمد صلى الله عليه وآله وسلم، قد أعجز الخلائق في التحقق بها على التمام، بمن في ذلك آدم نفسه. وذلك بسبب خصوصيته صلى الله عليه وآله وسلم التي ذكرناها آنفا، والتي لا يشاركه فيها أحد من المخلوقين قط. وأما التنزل المذكور لهذه العلوم في المظهر المحمدي، فهو بسبب قوة ظهورها فيه، بكيفية لا تكون لغيره صلى الله عليه وآله وسلم قط. وعلى هذا يكون المظهر المحمدي، أجلى مظهر للخلافة الإلهية في الدهر كله. ومن علم هذا، فإنه سيعلم عِظم فوز من تحققت له مشاهدته صلى الله عليه وآله وسلم، على ما شاهده الصحابة من الصورة المشرفة. ولو علمت النصارى هذا المعنى، لعلموا أن عيسى عليه السلام، ليس إلا صورة من صور الخلافة المحمدية، التي لن تكمل فيه إلا بعد نزوله في آخر الزمان. ونحن نقول، إن الآب الذي يتكلم عنه النصارى في عقائدهم، والذي أخبرهم عنه عيسى عليه السلام بالاسم "أحمد"، ليس إلا الحقيقة المحمدية التي نتكلم عنها هنا. وقد أخبر الله عن هذا في قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6]؛ وقد أخبر عنه عليه السلام، ولم يكن قد ظهر شخصه صلى الله عليه وآله وسلم في عالم الشهادة. ولو علمت النصارى هذا المعنى أيضا، لكانوا أشد الناس مسارعة إلى اتباع محمد صلى الله عليه وآله وسلم؛ ولكنْ سبحان من لا يكون في الوجود إلا ما يشاء، ولا يَظهر من عباده إلا ما يريد!.. ولو نسبت النصارى عيسى بالبنوة إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، الذي هو من وجه حقيقته أب لجميع المخلوقات، لاهتدوا وما ضلوا. ولهذا المعنى أيضا، كانت مريم عليها السلام في الآخرة زوجا لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم.

    وَلَهُ تَضَاءَلَتِ الفُهُومُ فلَمْ يُدْرِكْهُ مِنَّا سَابِقٌ ولا لاحِقٌ:

          أي لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، تضاءلت الفهوم، لكون الفهم لا يُدرك إلا ما يدخل تحت إحاطة نفسه (أي الفهم)؛ ومَن هذا الذي يزعم الإحاطة بمكانة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهي غير مشتركة؟!.. ومِن هذا الوجه، فلا يعرف حقيقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير الله. وهذه هي الخلوة المحمدية، التي لا مدخل لسواه فيها، صلى الله عليه وآله وسلم. ومن هنا كان عجز الخلائق عن معرفته صلى الله عليه وآله وسلم حق معرفته؛ والإشارة في العجز بالسابق إلى الأنبياء عليهم السلام، وباللاحق إلى الأولياء من الأمة الشريفة. فلا هؤلاء ولا أولئك يحيطون بعلمه صلى الله عليه وآله وسلم؛ وكل ما يُنسب إلى الفريقين من علم، فإنما هو على قدر أوانيهم الغارفة من بحره، ليس غير. وفي الحقيقة، ما يعرف العارف من محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلا نفسه، لا نفس محمد. ولعمري إن هذا لهو العجز التام، الذي لا يُرجى لرفعه موعد في سائر الأيام. ولولا أن العارفين يستروحون إلى الزيادة في العلم التي لا غاية لها دنيا ولا أخرى، لماتوا غبنا وقنوطا. فانظر ما أعجب هذا الأمر، حيث انحصر بين عجز وزيادة دائمة!..

    فرِيَاضُ المَلَكُوتِ بِزَهْرِ جَمَالِهِ مُونِقَة:

          الرياض جمع روض، وهو البستان. ولقد نسب صاحب الصلاة رضي الله عنه، الرياض إلى الملكوت، للدلالة على سعة المعاني، بالمقارنة إلى انحصار الحس. وجعل هذه الرياض المعنوية متزينة بأزهار جمال محمد صلى الله عليه وآله وسلم، التي هي صفاته العائدة إليه، والدالة عليه. والكون كله بهذه المثابة، كتاب يحكي لأهل المحبة بلغة المعنى عن حسنه الفريد، ويعرض لأهل المشاهدة ما تعجز عن وصفه ألسن التفريد. وعلى هذا فإن معنى كلمة الكون، هو محمد صلى الله عليه وآله وسلم. ومن لم يعرف العالم هكذا، فإنه عند أهل التحقيق يُعد أكمه محتاجا إلى إبراء عيسوي بإذن الله. يقول الله تعالى: {وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران: 49]. وهذا الإبراء في أزمنتنا، يختص به ورثة لا يخلو منهم زمان، بحمد الله. نقول هذا، حتى لا يتوهم متوهم أن رجاء الشفاء قد انقطع بارتفاع عيسى عليه السلام.

    وَحِيَاضُ الجَبَروتِ بِفَيْضِ أَنْوَارِه مُتَدَفِقَة:

          الحياض جمع حوض، وهو ما يُجعل عادة لجمع الماء. والجبروت هو عالم الأسرار والأنوار. والحياض بالنسبة إلى الجبروت، هي معاني الأسماء والصفات، التي تجعلها بعضها ممتازا عن بعض، مع تحقق وحدة أصلها. فأشبهت من هذا الوجه منع الحياض أن يتسرب ما في أحدها إلى غيره من الحياض. وهو يعني هنا أن معاني الأسماء متدفقة من الحقيقة المحمدية، لكونها وعاءها الأول الذي خرجت فيه من القوة إلى الفعل. ومن الحقيقة المحمدية نتلقى نحن تدفق معاني الأسماء، بحسب حظ كلّ منّا تجليا وعلما؛ لأن التجلي عام، بخلاف العلم بالتجلي الذي هو خاص.

          وقد أغفل الشيخ رضي الله عنه ذكر المُلك متعمدا، لسببين: الأول، لأن عالم الملك والشهادة، هو خلاصة عالمي الجبروت والملكوت؛ والثاني، لأن عوام الناس إن وُجّهوا إلى معرفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحس، فإنهم سيستبعدون ذلك لعلمهم بموته. وأما العارفون فلا شهادة ولا غيب عندهم إلا منه صلى الله عليه وآله وسلم. والعارف لا يُعرّف، كما يُقال. وعلى هذا، فإن العوالم الثلاثة ليس فيها إلا نور محمد صلى الله عليه وآله وسلم، إما على لطافته كما يكون الماء الساري في كل شيء على صورتيه الغازية والسائلة، وإما على كثافته، كما يكون الثلج بالمقارنة إلى الماء في صورتيه الأخريين.

    وَلا شَيءَ إلا وَهُوَ بِهِ مَنُوطٌ:

          أي لا شيء مما هو حق أو مما هو خلق، إلا وهو متعلق بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم. وأما تعلق الحق بمحمد فهو من جهة العلم، لا من جهة الوجود، تعالى الله؛ بخلاف تعلق الخلق الذي هو من جهة الوجود والعلم معا؛ لأنه لولا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ما وُجد من المخلوقين موجود، ولا عرف اللهَ من السابقين أو من اللاحقين عارف. وهو صلى الله عليه وآله وسلم من هذا الوجه مفتاح التجلي والعلم معا. ومن علم هذا، فإنه سيعجز عن إيفاء هذه النعمة حق شكرها، وإن عبد الله طول الدهر، على أحسن ما تكون العبادة. وإن العلم بهذا العجز، قد جعله الله شكرا تفضلا منه وعفوا. فله سبحانه الحمد و الشكر على ما أولى وأسدى، وعلى ما عرّف وتجاوز.

      الوقت/التاريخ الآن هو 23/9/2024, 17:26