مع الحبيب المصطفى ﷺ :«يَا رَبِّ، إِنَّكَ قَادِرٌ أَنْ تَغْفِرَ لِلظَّالِمِ»
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
303ـ «يَا رَبِّ، إِنَّكَ قَادِرٌ أَنْ تَغْفِرَ لِلظَّالِمِ، وَتُثِيبَ المَظْلُومَ خَيْرَاً مِنْ مَظْلَمَتِهِ»
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مَا أَجْمَلَ الحَدِيثَ عَنْ سَيِّدِنَا المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَخَاصَّةً في شَهْرِ مَوْلِدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مَا أَجْمَلَ المَعِيَّةَ مَعَ سَيِّدِنَا المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَخَاصَّةً في شَهْرِ مَوْلِدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَمَا أَجْمَلَ الحَدِيثِ عَنْ سَيِّدِنَا المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَخَاصَّةً في شَهْرِ مَوْلِدِهِ، وَمَا أَجْمَلَ الحَدِيثَ عَنْ سِيرَتِهِ العَطِرَةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَخَاصَّةً في شَهْرِ مَوْلِدِهِ.
حَدِيثُهُ أَو حَدِيثٌ عَنْهُ يُطْرِبُنِي *** هَذَا إِذَا غَابَ أَو هَذَا إِذَا حَضَرَا
كِـلَاهُمَـا حَسَنٌ عِنْدِي أُسَرُّ بِهِ *** لَـكِـنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ النَّظَرَا
اللَّهُمَّ أَكْرِمْنَا بِصِدْقِ مَحَبَّتِهِ، وَوَفِّقْنَا للتَّحَلِّي بِأَخْلَاقِهِ، وَالتَّأَدُّبِ بِآدَابِهِ، وَخَاصَّةً في زَمَنٍ كَثُرَ فِيهِ أَدْعِيَاءُ المَحَبَّةِ.
«يَا رَبِّ، إِنَّكَ قَادِرٌ أَنْ تَغْفِرَ لِلظَّالِمِ، وَتُثِيبَ المَظْلُومَ خَيْرَاً مِنْ مَظْلَمَتِهِ»:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كُلُّنَا يَدَّعِي مَحَبَّةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَكُلُّنَا يَشْهَدُ بِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ رَحْمَةً للعَالَمِينَ، وَكُلُّنَا يَشْهَدُ بِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ، وَكُلُّنَا يَشْهَدُ بِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَرِيصَاً عَلَى إِنْقَاذِ النَّاسِ جَمِيعَاً مِنَ النَّارِ.
فَيَا مَنْ يَدَّعِي المَحَبَّةَ، وَيَشْهَدُ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالرَّحْمَةِ وَالخُلُقِ العَظِيمِ، وَحِرْصِهِ عَلَى إِنْقَاذِ النَّاسِ جَمِيعَاً مِنَ النَّارِ، اسْمَعُوا الحَدِيثَ الذي رواه الإمام أحمد في مُسْنَدِهِ.
عَنِ ابْنٍ لِكِنَانَةَ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَاهُ الْعَبَّاسَ بْنَ مِرْدَاسٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَشِيَّةَ عَرَفَةَ لِأُمَّتِهِ بِالمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ؛ فَأَكْثَرَ الدُّعَاءَ، فَأَجَابَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنْ قَدْ فَعَلْتُ، وَغَفَرْتُ لِأُمَّتِكَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ بَعْضُهُمْ بَعْضَاً.
فَقَالَ: «يَا رَبِّ، إِنَّكَ قَادِرٌ أَنْ تَغْفِرَ لِلظَّالِمِ، وَتُثِيبَ المَظْلُومَ خَيْرَاً مِنْ مَظْلَمَتِهِ».
فَلَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ الْعَشِيَّةِ، إِلَّا ذَا؛ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ دَعَا غَدَاةَ المُزْدَلِفَةِ، فَعَادَ يَدْعُو لِأُمَّتِهِ، فَلَمْ يَلْبَثِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَبَسَّمَ.
فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، ضَحِكْتَ فِي سَاعَةٍ لَمْ تَكُنْ تَضْحَكُ فِيهَا، فَمَا أَضْحَكَكَ، أَضْحَكَ اللهُ سِنَّكَ؟
قَالَ: «تَبَسَّمْتُ مِنْ عَدُوِّ اللهِ إِبْلِيسَ، حِينَ عَلِمَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدِ اسْتَجَابَ لِي فِي أُمَّتِي، وَغَفَرَ لِلظَّالِمِ، أَهْوَى يَدْعُو بِالثُّبُورِ وَالْوَيْلِ، وَيَحْثُو التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ، فَتَبَسَّمْتُ مِمَّا يَصْنَعُ جَزَعُهُ». وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هُنَاكَ شَرِيحَةٌ مِنَ النَّاسِ قَدْ يَضِيقُ صَدْرُهَا مِنَ الدُّعَاءِ للظَّالِمِ بِالمَغْفِرَةِ، وَلَا أَدْرِي مَا هُوَ السَّبَبُ؟
أَنَسِيَ هَؤُلَاءِ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾؟
أَنَسِيَ هَؤُلَاءِ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾؟
لَا يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ إِلَّا سَلِيمُ الصَّدْرِ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كُونُوا عَلَى يَقِينٍ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: «يَا رَبِّ، إِنَّكَ قَادِرٌ أَنْ تَغْفِرَ لِلظَّالِمِ، وَتُثِيبَ المَظْلُومَ خَيْرَاً مِنْ مَظْلَمَتِهِ». إِلَّا سَلِيمُ الصَّدْرِ، وَسَلَامَةُ الصَّدْرِ هِيَ سِرُّ سَعَادَةُ العَبْدِ في الآخِرَةِ ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: قَدْ يَقُولُ البَعْضُ: إِنَّ حَدِيثَ الإِمَامِ أَحْمَدَ هَذَا ضَعِيفٌ؛ أَقُولُ: نَعَمْ إِنَّهُ ضَعِيفٌ، وَلَكِنْ هَلْ هُنَاكَ مِنْ حَرَجٍ في الدُّعَاءِ للظَّالِمِ بِالمَغْفِرَةِ؟
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ الدُّعَاءَ للظَّالِمِ بِالمَغْفِرَةِ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ خِزْيِ شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالجِنِّ، الذينَ يُرِيدُونَ إِلْقَاءَ العَدَاوَةِ وَالبَغْضَاءِ بَيْنَ النَّاسِ ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ﴾.
إِنَّ الدُّعَاءَ للظَّالِمِ بِالمَغْفِرَةِ وَاللهِ الذي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ قَدْ يَكُونُ سَبَبَاً في رَدِّهِ عَنِ الظُّلْمِ، وَقَدْ يَكُونُ سَبَبَاً في هِدَايَتِهِ وَكَفِّهِ عَنْ غِوَايَتِهِ، وَقَدْ يَكُونُ سَبَبَاً لِأَنْ يَنْقَلِبَ إلى وَلِيٍّ حَمِيمٍ.
أَلَيْسَ الدُّعَاءُ للظَّالِمِ بِالمَغْفِرَةِ مُنْدَرِجَاً تَحْتَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ ؟
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كُلُّنَا عَلَى يَقِينٍ بِأَنَّ صَدْرَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْقَى صَدْرٍ، وَأَسْلَمُ صَدْرٍ، مَا عَرَفَ غِلَّاً وَلَا حِقْدَاً وَلَا بُغْضَاً لِأَحَدٍ، بَلْ كَانَ حَرِيصَاً كُلَّ الحِرْصِ عَلَى هِدَايَةِ الجَمِيعِ بِدِلَالَتِهِمْ عَلَى اللهِ تعالى قَوْلَاً وَسُلُوكَاً وَأَخْلَاقَاً وَدُعَاءً لَهُمْ جَمِيعَاً.
روى الشيخان عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يَحْكِي نَبِيَّاً مِنَ الأَنْبِيَاءِ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ».
يَا مَنْ يَقُولُ عَنْ حَدِيثِ الإِمَامِ أَحْمَدَ في دُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للظَّالِمِ بِأَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَا يُحتَجُّ بِهِ، مَا رَأْيُكَ بِهَذَا الحَدِيثِ الذي رَوَاهُ الشَّيْخَانِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ».
يَا رَبِّ، نَسْأَلُكَ سَلَامَةَ القُلُوبِ وَالصُّدُورِ. آمين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
303ـ «يَا رَبِّ، إِنَّكَ قَادِرٌ أَنْ تَغْفِرَ لِلظَّالِمِ، وَتُثِيبَ المَظْلُومَ خَيْرَاً مِنْ مَظْلَمَتِهِ»
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مَا أَجْمَلَ الحَدِيثَ عَنْ سَيِّدِنَا المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَخَاصَّةً في شَهْرِ مَوْلِدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مَا أَجْمَلَ المَعِيَّةَ مَعَ سَيِّدِنَا المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَخَاصَّةً في شَهْرِ مَوْلِدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَمَا أَجْمَلَ الحَدِيثِ عَنْ سَيِّدِنَا المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَخَاصَّةً في شَهْرِ مَوْلِدِهِ، وَمَا أَجْمَلَ الحَدِيثَ عَنْ سِيرَتِهِ العَطِرَةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَخَاصَّةً في شَهْرِ مَوْلِدِهِ.
حَدِيثُهُ أَو حَدِيثٌ عَنْهُ يُطْرِبُنِي *** هَذَا إِذَا غَابَ أَو هَذَا إِذَا حَضَرَا
كِـلَاهُمَـا حَسَنٌ عِنْدِي أُسَرُّ بِهِ *** لَـكِـنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ النَّظَرَا
اللَّهُمَّ أَكْرِمْنَا بِصِدْقِ مَحَبَّتِهِ، وَوَفِّقْنَا للتَّحَلِّي بِأَخْلَاقِهِ، وَالتَّأَدُّبِ بِآدَابِهِ، وَخَاصَّةً في زَمَنٍ كَثُرَ فِيهِ أَدْعِيَاءُ المَحَبَّةِ.
«يَا رَبِّ، إِنَّكَ قَادِرٌ أَنْ تَغْفِرَ لِلظَّالِمِ، وَتُثِيبَ المَظْلُومَ خَيْرَاً مِنْ مَظْلَمَتِهِ»:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كُلُّنَا يَدَّعِي مَحَبَّةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَكُلُّنَا يَشْهَدُ بِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ رَحْمَةً للعَالَمِينَ، وَكُلُّنَا يَشْهَدُ بِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ، وَكُلُّنَا يَشْهَدُ بِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَرِيصَاً عَلَى إِنْقَاذِ النَّاسِ جَمِيعَاً مِنَ النَّارِ.
فَيَا مَنْ يَدَّعِي المَحَبَّةَ، وَيَشْهَدُ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالرَّحْمَةِ وَالخُلُقِ العَظِيمِ، وَحِرْصِهِ عَلَى إِنْقَاذِ النَّاسِ جَمِيعَاً مِنَ النَّارِ، اسْمَعُوا الحَدِيثَ الذي رواه الإمام أحمد في مُسْنَدِهِ.
عَنِ ابْنٍ لِكِنَانَةَ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَاهُ الْعَبَّاسَ بْنَ مِرْدَاسٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَشِيَّةَ عَرَفَةَ لِأُمَّتِهِ بِالمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ؛ فَأَكْثَرَ الدُّعَاءَ، فَأَجَابَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنْ قَدْ فَعَلْتُ، وَغَفَرْتُ لِأُمَّتِكَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ بَعْضُهُمْ بَعْضَاً.
فَقَالَ: «يَا رَبِّ، إِنَّكَ قَادِرٌ أَنْ تَغْفِرَ لِلظَّالِمِ، وَتُثِيبَ المَظْلُومَ خَيْرَاً مِنْ مَظْلَمَتِهِ».
فَلَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ الْعَشِيَّةِ، إِلَّا ذَا؛ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ دَعَا غَدَاةَ المُزْدَلِفَةِ، فَعَادَ يَدْعُو لِأُمَّتِهِ، فَلَمْ يَلْبَثِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَبَسَّمَ.
فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، ضَحِكْتَ فِي سَاعَةٍ لَمْ تَكُنْ تَضْحَكُ فِيهَا، فَمَا أَضْحَكَكَ، أَضْحَكَ اللهُ سِنَّكَ؟
قَالَ: «تَبَسَّمْتُ مِنْ عَدُوِّ اللهِ إِبْلِيسَ، حِينَ عَلِمَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدِ اسْتَجَابَ لِي فِي أُمَّتِي، وَغَفَرَ لِلظَّالِمِ، أَهْوَى يَدْعُو بِالثُّبُورِ وَالْوَيْلِ، وَيَحْثُو التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ، فَتَبَسَّمْتُ مِمَّا يَصْنَعُ جَزَعُهُ». وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هُنَاكَ شَرِيحَةٌ مِنَ النَّاسِ قَدْ يَضِيقُ صَدْرُهَا مِنَ الدُّعَاءِ للظَّالِمِ بِالمَغْفِرَةِ، وَلَا أَدْرِي مَا هُوَ السَّبَبُ؟
أَنَسِيَ هَؤُلَاءِ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾؟
أَنَسِيَ هَؤُلَاءِ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾؟
لَا يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ إِلَّا سَلِيمُ الصَّدْرِ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كُونُوا عَلَى يَقِينٍ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: «يَا رَبِّ، إِنَّكَ قَادِرٌ أَنْ تَغْفِرَ لِلظَّالِمِ، وَتُثِيبَ المَظْلُومَ خَيْرَاً مِنْ مَظْلَمَتِهِ». إِلَّا سَلِيمُ الصَّدْرِ، وَسَلَامَةُ الصَّدْرِ هِيَ سِرُّ سَعَادَةُ العَبْدِ في الآخِرَةِ ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: قَدْ يَقُولُ البَعْضُ: إِنَّ حَدِيثَ الإِمَامِ أَحْمَدَ هَذَا ضَعِيفٌ؛ أَقُولُ: نَعَمْ إِنَّهُ ضَعِيفٌ، وَلَكِنْ هَلْ هُنَاكَ مِنْ حَرَجٍ في الدُّعَاءِ للظَّالِمِ بِالمَغْفِرَةِ؟
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ الدُّعَاءَ للظَّالِمِ بِالمَغْفِرَةِ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ خِزْيِ شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالجِنِّ، الذينَ يُرِيدُونَ إِلْقَاءَ العَدَاوَةِ وَالبَغْضَاءِ بَيْنَ النَّاسِ ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ﴾.
إِنَّ الدُّعَاءَ للظَّالِمِ بِالمَغْفِرَةِ وَاللهِ الذي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ قَدْ يَكُونُ سَبَبَاً في رَدِّهِ عَنِ الظُّلْمِ، وَقَدْ يَكُونُ سَبَبَاً في هِدَايَتِهِ وَكَفِّهِ عَنْ غِوَايَتِهِ، وَقَدْ يَكُونُ سَبَبَاً لِأَنْ يَنْقَلِبَ إلى وَلِيٍّ حَمِيمٍ.
أَلَيْسَ الدُّعَاءُ للظَّالِمِ بِالمَغْفِرَةِ مُنْدَرِجَاً تَحْتَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ ؟
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كُلُّنَا عَلَى يَقِينٍ بِأَنَّ صَدْرَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْقَى صَدْرٍ، وَأَسْلَمُ صَدْرٍ، مَا عَرَفَ غِلَّاً وَلَا حِقْدَاً وَلَا بُغْضَاً لِأَحَدٍ، بَلْ كَانَ حَرِيصَاً كُلَّ الحِرْصِ عَلَى هِدَايَةِ الجَمِيعِ بِدِلَالَتِهِمْ عَلَى اللهِ تعالى قَوْلَاً وَسُلُوكَاً وَأَخْلَاقَاً وَدُعَاءً لَهُمْ جَمِيعَاً.
روى الشيخان عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يَحْكِي نَبِيَّاً مِنَ الأَنْبِيَاءِ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ».
يَا مَنْ يَقُولُ عَنْ حَدِيثِ الإِمَامِ أَحْمَدَ في دُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للظَّالِمِ بِأَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَا يُحتَجُّ بِهِ، مَا رَأْيُكَ بِهَذَا الحَدِيثِ الذي رَوَاهُ الشَّيْخَانِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ».
يَا رَبِّ، نَسْأَلُكَ سَلَامَةَ القُلُوبِ وَالصُّدُورِ. آمين.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin