..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ زهد سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ أحمد شريف النعسان Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ زهد سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ زهد سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ زهد سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ زهد سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ زهد سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ زهد سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ زهد سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ زهد سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ زهد سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ زهد سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ زهد سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ زهد سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ زهد سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ زهد سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ زهد سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ زهد سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ زهد سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 29/9/2020, 12:31

    مع الحبيب المصطفى ﷺ :زهد سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ ﷺ
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم



    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    293ـ زهد سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

    فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرَاً﴾. وَيَقُولُ تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ * لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ * قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ * مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ * إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ﴾.

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الفِتْنَةُ في الدُّنْيَا فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ، تَجْعَلُ العَبْدَ يَجْتَرِئُ عَلَى مَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِذَا أُمِرَ لَا يَأْتَمِرُ، وَإِذَا نُهِيَ لَا يَنْتَهِي، لِأَنَّهُ اسْتَغْنَى بِالنِّعْمَةِ عَنِ المُنْعِمِ، وَفُتِنَ في دِينِهِ بِسَبَبِ مُغْرِيَاتِ هَذِهِ الحَيَاة الدُّنْيَا.

    مِنْ هَذَا المُنْطَلَقِ كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، روى الإمام البخاري عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا هَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ، كَمَا تُعَلَّمُ الكِتَابَةُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَعَذَابِ القَبْرِ».

    الدُّنْيَا في القُرْآنِ العَظِيمِ:

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ نَهَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّطَلُّعِ إلى الدُّنْيَا وَفِتَنِهَا مَعَ زُهْدِهِ فِيهَا، لِيَكُونَ هَذَا تَوْجِيهَاً لِأُمَّتِهِ، وَرَحِمَ اللهُ تعالى مَنْ قَالَ:

    مَا كان في القُرآن مِنْ نِذَارةٍ *** إِلَى النَّبِيِّ صَـاحِـبِ البِشَارَةِ

    فَكُنْ لَبِيبَاً وَافْـهَمِ الإِشَارَةَ *** إِيَّاكَ أَعْنِي وَاسْمَعِي يَا جَارَةُ

    لَقَدْ نَهَاهُ عَنِ التَّطَلُّعِ إلى الدُّنْيَا وَزُخْرُفِهَا، فَقَالَ: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾.

    لَقَدْ بَيَّنَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَنَا هَوَانَ الدُّنْيَا وَحَقَارَتَهَا عِنْدَهُ، وَأَنَّ مَا يُعْطِيهِ اللهُ تعالى للكَافِرِينَ مِنْ نِعَمِ الدُّنْيَا إِنَّمَا هُوَ ابْتِلَاءٌ وَاخْتِبَارٌ وَفِتْنَةٌ، فَقَالَ تعالى: ﴿فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفَاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابَاً وَسُرُرَاً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفَاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾.

    وَقَدْ بَيَّنَ هَذَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرَاً مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ» رواه الترمذي عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنْيَا أَوْقَعَتِ المُتْرَفِينَ في مَعْصِيَةِ اللهِ تعالى، فَأَعْرَضُوا عَنْ أَوَامِرِهِ، فَكَانَتْ عَاقِبَتُهُمْ وَخِيمَةً في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، أَمَّا في الدُّنْيَا، قَالَ تعالى: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرَاً﴾.

    وروى الإمام مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرَاً قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاللهِ يَا رَبِّ؛ وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسَاً فِي الدُّنْيَا، مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسَاً قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاللهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ».

    زُهْدُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الرَّاحَةُ، وَالنَّعِيمُ المُقِيمُ، وَالسَّعَادَةُ الخَالِصَةُ، وَالفَوْزُ الكَبِيرُ لِمَنْ رَحِمَهُ اللهُ تعالى وَأَكْرَمَهُ بِدُخُولِ الجَنَّةِ ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾.

    سُئِلَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ تعالى:مَتَى الرَّاحَةُ؟

    فَقَالَ: عِنْدَمَا تَضَعُ أَوَّلَ رِجْلٍ في الجَنَّةِ. اهـ.

    هَذِهِ هِيَ الحَقِيقَةُ الغَائِبَةُ عَنْ أَذْهَانِ المُتْرَفِينَ، وَعَنْ أَذْهَانِ الكَثِيرِ مِنَ النَّاسِ، إِلَّا عَنِ الذينَ سَارُوا عَلَى سَيْرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ القَائِلِ: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ» رواه الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ.

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ كَانَتْ حَيَاةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَطْبِيقَاً عَمَلِيَّاً لِتَوْجِيهِ اللهِ تعالى لَهُ، لَقَدْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَثَلَاً أَعْلَى في القَنَاعَةِ، وَقُدْوَةً عَالِيَةً في زُهْدِهِ بِالدُّنْيَا، روى الشيخان عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ (أَيْ: عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ) فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ، قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ، مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟

    فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَيَّ، فَقَالَ: «لَا».

    ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: أَسْتَأْنِسُ يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ رَأَيْتَنِي وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى قَوْمٍ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ.

    فَذَكَرَهُ فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قُلْتُ: لَوْ رَأَيْتَنِي، وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: لَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ، وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ يُرِيدُ عَائِشَةَ ـ فَتَبَسَّمَ أُخْرَى، فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ.

    ثُمَّ رَفَعْتُ بَصَرِي فِي بَيْتِهِ، فَوَاللهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئَاً يَرُدُّ البَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلَاثَةٍ (وَهُوَ الجِلْدُ غَيْرُ المَدْبُوغِ) فَقُلْتُ: ادْعُ اللهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ، وَأُعْطُوا الدُّنْيَا وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللهَ.

    وَكَانَ مُتَّكِئَاً فَقَالَ: «أَوَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الخَطَّابِ، أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا».

    فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، اسْتَغْفِرْ لِي.

    وروى الإمام البخاري عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الأَكْثَرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ـ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ـ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ».

    هَكَذَا كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ زَاهِدَاً في الدُّنْيَا، وَقَانِعَاً بِمَا آتَاهُ اللهُ تعالى مِنْهَا، رَاضِيَاً بِالقَلِيلِ اليَسِيرِ؛ هَكَذَا كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ تعالى، وَأَفْضَلُ عِبَادِهِ، وَصَفْوَةُ خَلْقِهِ، وَهُوَ الذي لَو شَاءَ لَحِيزَتْ لَه الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا، وَلَصِيغَتْ لَهُ جِبَالُهَا ذَهَبَاً وَفِضَّةً.

    خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَكَذَا كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَهَكَذَا كَانَ أَصْحَابُهُ الكِرَامُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.

    روى أبو داود في الزُّهْدِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عُمَرَ إِزَارَاً فِيهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ رُقْعَةً، بَعْضُهَا مِنْ أَدَمٍ.

    وروى الحاكم عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ حَفْصَةَ قَالَتْ لِعُمَرَ: أَلَا تَلْبَسُ ثَوْبَاً أَلْيَنَ مِنْ ثَوْبِكَ، وَتَأْكُلُ مِنْ طَعَامٍ أَطْيَبَ مِنْ طَعَامِكَ هَذَا، وَقَدْ فَتَحَ اللهُ عَلَيْكَ الْأَمْرَ، وَأَوْسَعَ إِلَيْكَ الرِّزْقَ؟

    فَقَالَ: سَأُخَاصِمُكِ إِلَى نَفْسِكِ.

    فَذَكَرَ أَمْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَمَا كَانَ يَلْقَى مِنْ شِدَّةِ الْعَيْشِ؛ فَلَمْ يَزَلْ يَذْكُرُ حَتَّى بَكَتْ.

    فَقَالَ: إِنِّي قَدْ قُلْتُ لَأُشَارِكَنَّهُمَا فِي مِثْلِ عَيْشِهِمَا الشَّدِيدِ، لَعَلِّي أُدْرِكُ مَعَهُمَا عَيْشَهُمَا الرَّخِيَّ.

    اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الآخِرَةِ؛ أَوْصِلْنَا إِلَيْهَا يَا رَبَّ العَالَمِينَ. آمين.

      الوقت/التاريخ الآن هو 22/11/2024, 07:21