..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب أخبار وحكايات لأبي الحسن محمد بن الفيض الغساني
 كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ»؟ ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 17:11 من طرف Admin

» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
 كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ»؟ ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 17:02 من طرف Admin

» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
 كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ»؟ ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 16:27 من طرف Admin

» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
 كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ»؟ ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 15:41 من طرف Admin

» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
 كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ»؟ ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 15:03 من طرف Admin

» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
 كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ»؟ ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 14:58 من طرف Admin

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
 كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ»؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
 كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ»؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
 كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ»؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
 كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ»؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
 كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ»؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
 كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ»؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
 كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ»؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
 كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ»؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
 كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ»؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ»؟ ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68544
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

     كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ»؟ ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ»؟ ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 29/9/2020, 13:46

    مع الحبيب المصطفى: «أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ»؟
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم



    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    269ـ «أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ»؟

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

    فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ مَنَّ اللهُ تعالى عَلَيْنَا بِهَذَا الدِّينِ الذي قَالَ فِيهِ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينَاً﴾. هَذَا الدِّينُ هُوَ أَمَانَةٌ في أَعْنَاقِنَا، وَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُبَلِّغَهُ للآخَرِينَ، وَذَلِكَ لِأَمْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً» رواه الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

    وَهَذَا التَّبْلِيغُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِطَرِيقٍ صَحِيحٍ، وَلَا يَكُونُ الطَّرِيقُ صَحِيحَاً إِلَّا مِنْ خِلَالِ مَا رَسَمَهُ لَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ في كِتَابِهِ العَظِيمِ، فَقَالَ تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْـمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾. وَهَذَا السَّبِيلُ يَحْتَاجُ إلى عَقْلٍ وَاسِعٍ وَإِلَى عَقْلٍ مُنَوَّرٍ، حَتَّى يَسْتَطِيعَ الإِنْسَانُ أَنْ يَدْعُوَ إلى اللهِ تعالى.

    الإِسْلَامُ حَقٌّ، وَحُجَّتُهُ وَاضِحَةٌ، وَمَا عَدَاهُ بَاطِلٌ، وَحُجَّتُهُ دَاحِضَةٌ، وَلَكِنَّ الحَقَّ يَحْتَاجُ إِلَى عَقْلٍ رَاجِحٍ وَمُنَوَّرٍ أَثْنَاءَ عَرْضِهِ، وَإِلَّا يَكُونُ الدَّاعِي إلى الحَقِّ فَاشِلَاً في دَعْوَتِهِ.

    «أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ»:

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَجبُ على الدَّاعِي إلى اللهِ تعالى ـ وَكُلُّنَا يَجِبُ أَنْ نَكُونَ دُعَاةً ـ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أُسْلُوبَ الدَّعْوَةِ في إِقَامَةِ الحُجَّةِ.

    لَقَدْ كَانَتْ مُهِمَّةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُهِمَّةً عَظِيمَةً، وَذَلِكَ مِنْ أَجْلِ إِقَامَةِ الحُجَّةِ على الآخَرِينَ، وَهَذِهِ المُهِمَّةُ تَحْتَاجُ إلى لِسَانٍ فَصِيحٍ مُبِينٍ، وَتَحْتَاجُ إلى حُجَّةٍ كَامِلَةٍ بَيِّنَةٍ، وإلى عَرْضٍ سَلِيمٍ كَامِلِ الأَدَاءِ، وَإلْزَامِ الآخَرِينَ بِالعَجْزِ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مَوْقِفٌ إِلَّا المُتَابَعَةَ، وَصَدَقَ الله تعالى القَائِلُ: ﴿اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْـمَلَائِكَةِ رُسُلَاً وَمِنَ النَّاسِ﴾. وَالقَائِلُ: ﴿اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾.

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَوِ اسْتَعْرَضْنَا سِيرَةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّا نَجِدُ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَلَغَ في كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الكَمَالَاتِ ذُرْوَتَهُ، فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَفْصَحَ النَّاسِ على الإِطْلَاقِ، وَكَانَ أَبْيَنَهُمْ لُغَةً وَنُطْقَاً وَأَدَاءً.

    مِنْ حَيْثُ إِقَامَةُ الحُجَّةِ فَإِنَّكَ لَا تَجِدُ إِنْسَانَاً يَسْتَطِيعُ أَنْ يُقِيمَ الحُجَّةَ المُقْنِعَةَ على كُلِّ إِنْسَانٍ حَسَبَ مُسْتَوَاهُ العَقْلِيُّ بِكُلِّ بَسَاطَةٍ، كَمَا كَانَ يَفْعَلُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، هَذَا مَعَ تَوْفِيقِ اللهِ تعالى لَهُ، وَحِكْمَتِهِ جَلَّ جَلَالُهُ بِأَنْ كَانَ القُرْآنُ العَظِيمُ قَدْ فَصَّلَ كُلَّ شَيْءٍ.

    روى الإمام أحمد عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ قَالَ: لَقِيتُ التَّنُوخِيَّ رَسُولَ هِرَقْلَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِحِمْصَ، وَكَانَ جَارَاً لِي شَيْخَاً كَبِيرَاً قَدْ بَلَغَ الْفَنَدَ أَوْ قَرُبَ (الفَنَدُ: الهَرَمُ). فَقُلْتُ: أَلَا تُخْبِرُنِي عَنْ رِسَالَةِ هِرَقْلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَرِسَالَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ؟

    فَقَالَ: بَلَى، قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَبُوكَ فَبَعَثَ دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ إِلَى هِرَقْلَ، فَلَمَّا أَنْ جَاءَهُ كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَعَا قِسِّيسِي الرُّومِ، وَبَطَارِقَتَهَا، ثُمَّ أَغْلَقَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ بَابَاً.

    فَقَالَ: قَدْ نَزَلَ هَذَا الرَّجُلُ حَيْثُ رَأَيْتُمْ، وَقَدْ أَرْسَلَ إِلَيَّ يَدْعُونِي إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ.

    يَدْعُونِي إِلَى أَنْ أَتَّبِعَهُ عَلَى دِينِهِ.

    أَوْ عَلَى أَنْ نُعْطِيَهُ مَالَنَا عَلَى أَرْضِنَا، وَالْأَرْضُ أَرْضُنَا.

    أَوْ نُلْقِيَ إِلَيْهِ الْحَرْبَ، وَاللهِ لَقَدْ عَرَفْتُمْ فِيمَا تَقْرَؤُونَ مِنَ الْكُتُبِ، لَيَأْخُذَنَّ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ، فَهَلُمَّ نَتَّبِعْهُ عَلَى دِينِهِ، أَوْ نُعْطِيهِ مَالَنَا عَلَى أَرْضِنَا، فَنَخَرُوا نَخْرَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ (أَيْ: تَكَلَّمُوا كَلَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ). حَتَّى خَرَجُوا مِنْ بَرَانِسِهِمْ (البُرْنُسُ هُوَ رِدَاءٌ لَهُ قُبَّعَةٌ مَلْصُوقَةٌ بِهِ، وَهُوَ لِبَاسُ الرُّهْبَانِ). وَقَالُوا: تَدْعُونَا إِلَى أَنْ نَدَعَ النَّصْرَانِيَّةَ، أَوْ نَكُونَ عَبِيدَاً لِأَعْرَابِيٍّ جَاءَ مِنَ الْحِجَازِ، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّهُمْ إِنْ خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ، أَفْسَدُوا عَلَيْهِ الرُّومَ رَفَأَهُمْ وَلَمْ يَكَدْ (سَكَّنَهُمْ وَدَعَا لَهُمْ، وَلَمْ يُنَازِعْهُمْ في الأَمْرِ).

    وَقَالَ: إِنَّمَا قُلْتُ ذَلِكَ لَكُمْ لِأَعْلَمَ صَلَابَتَكُمْ عَلَى أَمْرِكُمْ، ثُمَّ دَعَا رَجُلَاً مِنْ عَرَبِ تُجِيبَ كَانَ عَلَى نَصَارَى الْعَرَبِ.

    فَقَالَ: ادْعُ لِي رَجُلَاً حَافِظَاً لِلْحَدِيثِ، عَرَبِيَّ اللِّسَانِ، أَبْعَثْهُ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ بِجَوَابِ كِتَابِهِ، فَجَاءَ بِي، فَدَفَعَ إِلَيَّ هِرَقْلُ كِتَابَاً، فَقَالَ: اذْهَبْ بِكِتَابِي إِلَى هَذَا الرَّجُلِ، فَمَا ضَيَّعْتُ مِنْ حَدِيثِهِ، فَاحْفَظْ لِي مِنْهُ ثَلَاثَ خِصَالٍ: انْظُرْ هَلْ يَذْكُرُ صَحِيفَتَهُ الَّتِي كَتَبَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ، وَانْظُرْ إِذَا قَرَأَ كِتَابِي فَهَلْ يَذْكُرُ اللَّيْلَ، وَانْظُرْ فِي ظَهْرِهِ هَلْ بِهِ شَيْءٌ يَرِيبُكَ؟

    فَانْطَلَقْتُ بِكِتَابِهِ حَتَّى جِئْتُ تَبُوكَ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَصْحَابِهِ مُحْتَبِيَاً عَلَى الْـمَاءِ. (أَيْ: جَالِسَاً بِحَيْثُ تَكُونُ رُكْبَتَاهُ مَنْصُوبَتَيْنِ، وَبَطْنَا قَدَمَيْهِ).

    فَقُلْتُ: أَيْنَ صَاحِبُكُمْ؟

    قِيلَ: هَا هُوَ ذَا، فَأَقْبَلْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَنَاوَلْتُهُ كِتَابِي، فَوَضَعَهُ فِي حَجْرِهِ.

    ثُمَّ قَالَ: «مِمَّنْ أَنْتَ؟».

    فَقُلْتُ: أَنَا أَحَدُ تَنُوخَ.

    قَالَ: «هَلْ لَكَ فِي الْإِسْلَامِ الْحَنِيفِيَّةِ مِلَّةِ أَبِيكَ إِبْرَاهِيمَ؟».

    قُلْتُ: إِنِّي رَسُولُ قَوْمٍ، وَعَلَى دِينِ قَوْمٍ لَا أَرْجِعُ عَنْهُ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْهِمْ.

    فَضَحِكَ وَقَالَ: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْـمُهْتَدِينَ﴾. يَا أَخَا تَنُوخَ، إِنِّي كَتَبْتُ بِكِتَابٍ إِلَى كِسْرَى فَمَزَّقَهُ، وَاللهُ مُمَزِّقُهُ، وَمُمَزِّقٌ مُلْكَهُ، وَكَتَبْتُ إِلَى النَّجَاشِيِّ بِصَحِيفَةٍ، فَخَرَقَهَا وَاللهُ مُخْرِقُهُ، وَمُخْرِقٌ مُلْكَهُ، وَكَتَبْتُ إِلَى صَاحِبِكَ بِصَحِيفَةٍ، فَأَمْسَكَهَا، فَلَنْ يَزَالَ النَّاسُ يَجِدُونَ مِنْهُ بَأْسَاً مَا دَامَ فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ».

    قُلْتُ: هَذِهِ إِحْدَى الثَّلَاثَةِ الَّتِي أَوْصَانِي بِهَا صَاحِبِي، وَأَخَذْتُ سَهْمَاً مِنْ جَعْبَتِي فَكَتَبْتُهَا فِي جِلْدِ سَيْفِي، ثُمَّ إِنَّهُ نَاوَلَ الصَّحِيفَةَ رَجُلَاً عَنْ يَسَارِهِ، قُلْتُ: مَنْ صَاحِبُ كِتَابِكُمُ الَّذِي يُقْرَأُ لَكُمْ؟

    قَالُوا: مُعَاوِيَةُ، فَإِذَا فِي كِتَابِ صَاحِبِي تَدْعُونِي إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ، أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ، فَأَيْنَ النَّارُ؟

    فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «سُبْحَانَ اللهِ، أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ».

    قَالَ: فَأَخَذْتُ سَهْمَاً مِنْ جَعْبَتِي فَكَتَبْتُهُ فِي جِلْدِ سَيْفِي، فَلَمَّا أَنْ فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ كِتَابِي.

    قَالَ: «إِنَّ لَكَ حَقَّاً، وَإِنَّكَ رَسُولٌ، فَلَوْ وُجِدَتْ عِنْدَنَا جَائِزَةٌ جَوَّزْنَاكَ بِهَا، إِنَّا سَفْرٌ مُرْمِلُونَ (مُسَافِرُونَ قَدْ نَفَدَ زَادُنَا)».

    قَالَ: فَنَادَاهُ رَجُلٌ مِنْ طَائِفَةِ النَّاسِ، قَالَ: أَنَا أُجَوِّزُهُ، فَفَتَحَ رَحْلَهُ فَإِذَا هُوَ يَأْتِي بِحُلَّةٍ صَفُورِيَّةٍ، فَوَضَعَهَا فِي حِجْرِي.

    قُلْتُ: مَنْ صَاحِبُ الْجَائِزَةِ؟

    قِيلَ لِي: عُثْمَانُ.

    ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّكُمْ يُنْزِلُ هَذَا الرَّجُلَ؟».

    فَقَالَ فَتَىً مِنَ الْأَنْصَارِ: أَنَا، فَقَامَ الْأَنْصَارِيُّ، وَقُمْتُ مَعَهُ.

    حَتَّى إِذَا خَرَجْتُ مِنْ طَائِفَةِ الْـمَجْلِسِ، نَادَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «تَعَالَ يَا أَخَا تَنُوخَ».

    فَأَقْبَلْتُ أَهْوِي إِلَيْهِ، حَتَّى كُنْتُ قَائِمَاً فِي مَجْلِسِي الَّذِي كُنْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَحَلَّ حَبْوَتَهُ عَنْ ظَهْرِهِ، وَقَالَ: «هَاهُنَا امْضِ لِمَا أُمِرْتَ لَهُ».

    فَجُلْتُ فِي ظَهْرِهِ، فَإِذَا أَنَا بِخَاتَمٍ فِي مَوْضِعِ غُضُونِ الْكَتِفِ مِثْلِ الْحَجْمَةِ الضَّخْمَةِ.

    خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الدَّعْوَةُ إلى هَذَا الدِّينِ الحَقِّ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ بِالأُسْلُوبِ الأَمْثَلِ الذي قَالَ اللهُ تعالى فِيهِ: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْـمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾. لَمْ يَقُلْ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ: بِالجَدَلِ الحَسَنِ، وَلَا بِالمُجَادَلَةِ الحَسَنَةِ، بَلْ قَالَ: ﴿بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾.

    عِنْدَمَا ذَكَرَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ الدَّعْوَةَ إلى اللهِ تعالى ﴿بِالحِكْمَةِ﴾. جَاءَتْ كَلِمَةُ الحِكْمَةِ مُجَرَّدَةً مِنْ أَيِّ وَصْفٍ، وَعِنْدَمَا ذَكَرَ المَوْعِظَةَ، جَاءَتْ مَوْصُوفَةً بِأَنَّهَا حَسَنَةٌ، قَالَ تعالى: ﴿وَالْـمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾. وَعِنْدَمَا ذَكَرَ الجِدَالَ، جَاءَ مَوْصُوفَاً بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، قَالَ تعالى: ﴿وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾.

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الأَصْلُ في الجَدَلِ أَنَّهُ لَا يُؤَدِّي الثَّمَرَةَ الطَّيِّبَةَ المَرْجُوَّةَ مِنْهُ، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا بَيْنَ مُتَخَاصِمِينَ مُتَنَافِرِينَ لَا يَقْبَلُ أَحَدُهُمَا مِنَ الآخَرِ، لِذَا مَنْ أَرَادَ الوُصُولَ مِنَ الجَدَلِ إلى الثَّمَرَةِ المَرْجُوَّةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ جَدَلُهُ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، فَيَخْتَارُ أَيْسَرَ الطُّرُقِ وَأَفْضَلَهَا مِنَ البِدَايَةِ.

    نَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَرْزُقَنَا الحِكْمَةَ، وَالمَوْعِظَةَ الحَسَنَةَ، وَالجِدَالَ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، وَذَلِكَ لِتَبْلِيغِ رِسَالَةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

    وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

      الوقت/التاريخ الآن هو 26/11/2024, 23:42