..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب أخبار وحكايات لأبي الحسن محمد بن الفيض الغساني
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ, وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ» ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 17:11 من طرف Admin

» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ, وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ» ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 17:02 من طرف Admin

» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ, وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ» ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 16:27 من طرف Admin

» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ, وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ» ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 15:41 من طرف Admin

» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ, وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ» ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 15:03 من طرف Admin

» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ, وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ» ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 14:58 من طرف Admin

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ, وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ» ـ أحمد شريف النعسان Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ, وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ, وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ, وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ, وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ, وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ, وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ, وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ, وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ, وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ» ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68544
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ, وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ» ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ, وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ» ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 30/9/2020, 16:47

    مع الحبيب المصطفى: «إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ, وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ»
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم



    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    164ـ وقفة مع خطبة حجة الوداع (3)

    «إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ»

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

    فيا أيُّها الإخوة الكرام: بَعدَ مُضِيِّ ثَلاثَةٍ وعِشرِينَ عَامَاً من بِعثَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وفي السَّنَةِ العَاشِرَةِ من هِجْرَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وفي يَومِ عَرَفَةَ الذي صَادَفَ يَومَ الجُمُعَةِ في حَجَّةِ الوَدَاعِ، خَطَبَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خُطبَةً جَامِعَةً مَانِعَةً، وَدَّعَ فِيهَا الأُمَّةَ، فَمِن جُملَةِ مَا قَالَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، اِسمَعُوا مِنِّي أُبَيِّن لَكُم، فَإِنِّي لا أَدرِي لَعَلِّي لا أَلقَاكُم بَعدَ عَامِي هذا، في مَوقِفِي هذا.

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ؟».

    قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

    رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي نَضْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

    أيُّها الإخوة الكرام: هذا تَأكِيدٌ على قَولِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾. وتَأكِيدٌ كذلكَ على مَا قَالَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في يَومِ فَتْحِ مَكَّةَ: «قَدْ أَذْهَبَ اللهُ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ ـ أي: تَكَبُّرهَا وَنَخْوَتهَا ـ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ، وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

    عَدَمُ المُسَاوَاةِ سَبَبٌ من أَسبَابِ هَلاكِ الأُمَمِ:

    أيُّها الإخوة الكرام: من بِدَايَةِ البِعثَةِ إلى يَومِ حَجَّةِ الوَدَاعِ كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُرَكِّزُ على مَسأَلَةِ المُسَاوَاةِ بَينَ النَّاسِ، لأنَّ من أَسبَابِ هَلاكِ الأُمَّةِ، وفَسَادِ المُجتَمَعَاتِ، وخَرَابِ الدِّيَارِ والدُّوَلِ، عَدَمُ المسَاوَاةِ بَينَ النَّاسِ، من جُملَةِ ذلكَ ما رواه الشيخان عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ قُرَيْشاً أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الـْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

    فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ.

    فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله؟».

    ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِم الـشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِم الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا».

    وما رواه ابن ماجه عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: لَـمَّا رَجَعَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُهَاجِرَةُ الْبَحْرِ قَالَ: «أَلَا تُحَدِّثُونِي بِأَعَاجِيبِ مَا رَأَيْتُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ؟».

    قَالَ فِتْيَةٌ مِنْهُمْ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَرَّتْ بِنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِ رَهَابِينِهِمْ تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاءٍ، فَمَرَّتْ بِفَتىً مِنْهُمْ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْهَا ثُمَّ دَفَعَهَا، فَخَرَّتْ عَلَى رُكْبَتَيْهَا فَانْكَسَرَتْ قُلَّتُهَا، فَلَمَّا ارْتَفَعَتْ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: سَوْفَ تَعْلَمُ يَا غُدَرُ إِذَا وَضَعَ اللهُ الْكُرْسِيَّ، وَجَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَتَكَلَّمَت الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، فَسَوْفَ تَعْلَمُ كَيْفَ أَمْرِي وَأَمْرُكَ عِنْدَهُ غَداً.

    فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَتْ، صَدَقَتْ، كَيْفَ يُقَدِّسُ اللهُ أُمَّةً لَا يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ».

    أعيرتهُ بأمه؟:

    أيُّها الإخوة الكرام: مَبدَأُ المُسَاوَاةِ بَينَ النَّاسِ في شَرعِنَا لَيسَ مُجَرَّدَ نَظَرِيَّاتٍ، بل هوَ حَقِيقَةٌ وَوَاقِعٌ.

    روى الإمام البخاري عَنْ الـْمَعْرُورِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ.

    فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلاً فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ.

    فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ، إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُم اللهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ».

    الإسلام قد سوَّى بينك وبينه:

    أيُّها الإخوة الكرام: كَتَبَ سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنهُ إلى أَبِي مُوسَى الأَشعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ: سَوِّ بَينَ النَّاسِ في وَجْهِكَ، ومَجلِسِكَ، وعَدْلِكَ، حَتَّى لا يَطمَعَ شَرِيفٌ في حَيفِكَ، ولا يَيأَسَ ضَعِيفٌ من عَدْلِكَ.

    وهذا هوَ المَبدَأُ الذي التَزَمَهُ سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنهُ، فَلَم يُفَرِّقْ بَينَ سَيِّدٍ ومَسُودٍ، ولا بَينَ أَمِيرٍ ومَأمُورٍ.

    يُذكَرُ بأَنَّ جَبَلَةَ بنَ الأَيهَمِ، وكَانَ مَلِكَاً من مُلُوكِ غَسَّانَ، دَخَلَ الإيمَانُ قَلبَهُ، وجَاءَ إلى سَيِّدِنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، وفي مَوسِمِ الحَجِّ، قَصَدَ الحَجَّ، وهوَ يَطُوفُ بالبَيتِ إذْ وَطِئَ على إزَارِهِ رَجُلٌ من بَنِي فَزَازَةَ.

    فالتَفَتَ إِلَيهِ جَبَلَةُ مُغضَبَاً، فَلَطَمَهُ، فَهَشَّمَ أَنفَهُ.

    فَغَضِبَ الفَزَّازِيُّ، واشتَكَاهُ إلى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

    فَبَعَثَ إِلَيهِ، فَقَالَ: مَا دَعَاكَ يَا جَبَلَةُ إلى أن لَطَمتَ أَخَاكَ في الطَّوَافِ، فَهَشَّمتَ أَنفَهُ؟

    فَقَالَ: إِنَّهُ وَطِئَ إزَارِي، ولولا حُرمَةُ البَيتِ لَضَرَبتُ عُنُقَهُ.

    فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أمَّا الآنَ فَقَد أَقرَرتَ، فإمَّا أن تُرضِيَهُ، وإلا اقتَصَّ مِنكَ، ولَطَمَكَ على وَجْهِكَ.

    فَقَالَ: يَقتَصُّ مِنِّي وأنا مَلِكٌ، وهوَ سُوقَةٌ؟ ـ أي: فَردٌ مِن أَفرَادِ الرَّعِيَّةِ ومِن أَوسَاطِ النَّاسِ ـ

    فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا جَبَلَةُ، إنَّ الإسلامَ قَد سَوَّى بَينَكَ وبَينَهُ، فَمَا تَفضُلُهُ بِشَيءٍ إلا بالتَّقوَى.

    قَالَ جَبَلَةُ: إذاً أَتَنَصَّرُ.

    قَالَ عُمَرُ: من بَدَّلَ دِينَهُ فاقتُلُوهُ، فإن تَنَصَّرتَ ضَرَبتُ عُنُقَكَ.

    فَقَالَ: أَخِّرنِي إلى غَدٍ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ.

    قَالَ: لَكَ ذلكَ.

    فَلَمَّا كَانَ اللَّيلُ خَرَعَ جَبَلَةُ وأَصحَابُهُ من مَكَّةَ، وسَارَ إلى القُسطَنطِينِيَّةِ، فَتَنَصَّرَ.

    أيُّها الإخوة الكرام: اِرتِدَادُ رَجُلٍ من الإسلامِ أَهوَنُ بِكَثِيرٍ من التَّهَاوُنِ في تَطبِيقِ مَبدَأٍ من أَعظَمِ المَبَادِئِ في دِينِ اللهِ عزَّ وجلَّ، لأنَّ الحَقَّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ، ومَا جَاءَ الإسلامُ إلا لإلغَاءِ الفَوَارِق بَينَ النَّاسِ إلا بالتَّقوَى، وخَسَارَةُ فَردٍ من الأَفرَادِ لا تُقَاسُ بِخَسَارَةِ مَبدَأٍ من المَبَادِئِ العَظِيمَةِ التي فِيهَا سِرُّ سَعَادَةِ البَشَرِيَّةِ.

    الدِّرْعُ دِرعِي لم أَبِعْ ولم أَهَبْ:

    أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ مَبدَأَ العَدْلِ والمُسَاوَاةِ بَينَ النَّاسِ مَبدَأٌ يُحَقِّقُ الأَمْنَ والأَمَانَ والسَّعَةَ والرَّخَاءَ، والطُّمَأنِينَةَ القَلبِيَّةَ، والسَّعَادَةَ النَّفسِيَّةَ بَينَ أَفرَادِ الأُمَّةِ.

    يُذكَرُ في سِيرَةِ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أنَّهُ افتَقَدَ دِرعَاً، فَأَصَابَهَا في يَدِ يَهُودِيٍّ يَبِيعُهَا في السُّوقِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا يَهُودِيُّ، هذهِ الدِّرْعُ دِرْعِي، لَم أَبِعْ ولَم أَهَبْ.

    فَقَالَ اليَهُودِيُّ: دِرْعِي و في يَدِي.

    فَقَالَ عَلِيٌّ: نَصِيرُ إلى القَاضِي.

    فَتَقَدَّمَا إلى شُرَيحٍ، فَجَلَسَ عَلِيٌّ إلى جَانِبِ شُرَيحٍ، وَجَلَسَ اليَهُودِيُّ بَينَ يَدَيهِ.

    فَقَالَ شُرَيحٌ: قُلْ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ.

    فَقَالَ: نَعَم، أَقُولُ: إنَّ هذهِ الدِّرْعَ التي في يَدِ اليَهُودِيِّ دِرْعِي، لَم أَبِعْ و لَم أَهَبْ.

    فَقَالَ شُرَيحٌ: يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ، بَيِّنَةً.

    قَالَ: نَعَم، قُنبُرُ ـ هُوَ مَولَى سَيِّدِنَا علي رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ والحَسَنُ يَشهَدَانِ أنَّ الدِّرْعَ دِرْعِي.

    قَالَ: شَهَادَةُ الابنِ لا تَجُوزُ للأَبِ.

    فَقَالَ: رَجُلٌ من أَهلِ الجَنَّةِ لا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ؟ سَمِعتُ رَسُولَ اللِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الحَسَنُ والحُسَينُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهلِ الجَنَّةِ».

    فَقَالَ اليَهُودِيُّ: أَمِيرُ المُؤمِنِينَ قَدَّمَنِي إلى قَاضِيهِ، وقَاضِيهِ قَـضَى عَلَيهِ، أَشهَدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ اللهِِ، و أنَّ الدِّرْعَ دِرْعُكَ، كُنتَ رَاكِبَاً على جَمَلِكَ الأَورَقِ، وأَنتَ مُتَوَجِّهٌ إلى صِفِّينَ، فَوَقَعَت مِنكَ لَيلاً، فَأَخَذْتُهَا.

    فَقَالَ: أمَّا إذا قُلتَهَا فَهِيَ لَكَ؛ وحَمَلَهُ على فَرَسٍ.

    خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

    أيُّها الإخوة الكرام: الإسلامُ دِينُ الأَمْنِ والأَمَانِ والاستِقرَارِ، ومَا ذَاقَ غَيرُ المُسلِمِينَ نِعمَةَ الأَمْنِ والأَمَانِ والاستِقرَارِ إلا في ظِلالِ الإسلامِ، وشَرِيعَةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

    دِينُنَا وشَرعُنَا لا يُمَيِّزُ بَينَ النَّاسِ إلا بالتَّقوَى والعَمَلِ الصَّالِحِ، فالنَّاسُ جَمِيعَاً على وَجْهِ الأَرضِ سَوَاءٌ، فَهَل من دَعْوَةٍ إلى هذا المَبدَأِ، لَعَلَّ اللهَ تعالى أن يَكشِفَ عَنَّا هذهِ الغُمَّةَ؟

    اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيكَ رَدَّاً جَمِيلاً. آمين.

    وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.


      الوقت/التاريخ الآن هو 26/11/2024, 05:06