مع الحبيب المصطفى: «لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ»
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
115ـ لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا أيُّها الإخوة الكرام: لقد أمَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ حَبيبَهُ المُصطَفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بالعِبادَةِ حَتَّى يَأتِيَهُ اليَقينُ ـ المَوتُ ـ قال تعالى: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِين﴾.
وما أُمِرَ به سَيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أُمِرَت به الأُمَّةُ، فالكُلُّ مُكَلَّفٌ بالعِبادَةِ حَتَّى يَأتِيَهُ المَوتُ، لذلكَ أمَرَنا رَبُّنا عزَّ وجلَّ أن نَسأَلَهُ: ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيم﴾. بِمَعنى: ثَبِّتْنا على الطَّريقِ المُستَقيمِ الذي أكرَمْتَنا به وهَدَيْتَنا إلَيهِ.
لكن؛ طُولُ الأمَلِ وَلَّدَ عِندَنا الكَسَلَ عن الطَّاعاتِ، والتَّسويفَ بالتَّوبَةِ، والرَّغبَةَ في الدُّنيا، ونَسيانَ الآخِرَةِ، وقد حَذَّرَنا اللهُ عزَّ وجلَّ من طُولِ الأمَلِ بَقَولِهِ: ﴿وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُون﴾.
﴿إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ﴾:
أيُّها الإخوة الكرام: من أنفَعِ الأُمورِ التي تُثَبِّتُ على فِعلِ الطَّاعاتِ، وتَركِ المَعاصي والمُنكَراتِ، والبَاعِثُ على انتِهازِ فُرصَةِ الحَياةِ التي تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ، وللزُّهدِ في الدُّنيا الفَانِيَةِ، وللرَّغبَةِ في الآخِرَةِ هوَ قِصَرُ الأمَلِ في هذهِ الحَياةِ الدُّنيا.
روى الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِمَنْكِبِي فَقَالَ: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ».
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِر الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِر الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ.
وروى الترمذي عَنْ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: نَامَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَصِيرٍ، فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ؛ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله، لَو اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً.
فَقَالَ: «مَا لِي وَمَا لِلدُّنْيَا، مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا».
ويَقولُ اللهُ تعالى عن مُؤمِنِ آلِ فِرعَونَ وهوَ يُوصي قَومَهُ: ﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَار * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَاب * وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّار * تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ بالله وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّار * لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى الله وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّار﴾.
اِتِّباعُ الجَنائِزِ:
أيُّها الإخوة الكرام: ولَعَلَّ من الأُمورِ النَّافِعَةِ للثَّباتِ على فِعلِ الطَّاعاتِ، وتَركِ المَعاصي والمُنكَراتِ، هي اتِّباعَ الجَنائِزِ، وتَشييعَ المَوتَى، وقد كانَ سَيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُرَغِّبُ في ذلكَ.
فقد روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُم الْيَوْمَ صَائِماً؟».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا.
قَالَ: «فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُم الْيَوْمَ جَنَازَةً؟».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا.
قَالَ: «فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُم الْيَوْمَ مِسْكِيناً؟».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا.
قَالَ: «فَمَنْ عَادَ مِنْكُم الْيَوْمَ مَرِيضاً؟».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا.
فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ».
لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ:
روى الإمام مسلم عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «مَنْ خَرَجَ مَعَ جَنَازَةٍ مِنْ بَيْتِهَا، وَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ تَبِعَهَا حَتَّى تُدْفَنَ، كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ مِنْ أَجْرٍ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ كَانَ لَهُ مِن الْأَجْرِ مِثْلُ أُحُدٍ».
فَأَرْسَلَ ابْنُ عُمَرَ خَبَّاباً إِلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فَيُخْبِرُهُ مَا قَالَتْ؛ وَأَخَذَ ابْنُ عُمَرَ قَبْضَةً مِنْ حَصْبَاءِ الْمَسْجِدِ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ، حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ فَقَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: صَدَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ.
فَضَرَبَ ابْنُ عُمَرَ بِالْحَصَى الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ الْأَرْضَ، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ.
«الْقِيرَاطُ مِثْلُ أُحُدٍ»:
روى الإمام مسلم عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ، فَإِنْ شَهِدَ دَفْنَهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ، الْقِيرَاطُ مِثْلُ أُحُدٍ». وَفِي حَدِيثِ سَعِيدٍ وَهِشَامٍ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَن الْقِيرَاطِ فَقَالَ: «مِثْلُ أُحُدٍ».
روى البيهقي والبزار عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما قال: قالَ رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إنَّ أَوَّلَ ما يُجَازَى به العَبدُ المؤمِنُ يَومَ القِيامَةِ بَعدَ مَوتِهِ أن يُغفَرَ لِجَميعِ من اتَّبَعَ جَنَازَتَهُ». وهوَ حَديثٌ ضَعيفٌ.
«وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ»:
أيُّها الإخوة الكرام: من حَقِّ المُسلِمِ على أخيهِ المُسلِمِ أن يَتَّبِعَهُ ويُشَيِّعَ جَنَازَتَهُ إذا ماتَ، روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ».
قِيلَ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ الله؟
قَالَ: «إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ».
هذهِ الحُقوقُ لا يَستَهينُ بِها إلا مَغبونٌ جَاهِلٌ بالعَواقِبِ والخَواتيمِ، أمَّا من أكرَمَهُ اللهُ عزَّ وجلَّ واصطَفاهُ وتَوَلَّاهُ فإنَّهُ لا يُفَرِّطُ في هذهِ الحُقوقِ، والتي من جُملَتِها تَشييعُ أخيهِ المُسلِمِ إذا ماتَ.
وروى الإمام البخاري عَن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ.
الصَّمتُ في اتِّباعِ الجَنَائِزِ:
أيُّها الإخوة الكرام: إذا أكرَمَكُمُ اللهُ تعالى باتِّباعِ الجَنَائِزِ فالزَموا الصَّمتَ، ولا تَرفَعوا أصواتَكُم بالذِّكْرِ ولا بالاستِغفارِ ولا بالدُّعاءِ لهُ، ولْيَكُنْ ذلكَ سِرَّاً.
يَقولُ الإمامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: واعلَمْ أنَّ الصَّوابَ المُختَارَ ما كانَ عَلَيهِ السَّلَفُ رَضِيَ اللهُ عنهُم: السُّكوتُ في حَالِ السَّيْرِ مَعَ الجَنَازَةِ، فلا يُرفَعُ صَوتٌ بِقَراءَةٍ، ولا ذِكْرٍ، ولا غَيرِ ذلكَ، والحِكمَةُ فيهِ ظَاهِرَةٌ، وهيَ أنَّهُ أسكَنُ لِخَاطِرِهِ، وأجمَعُ لِفِكْرِهِ فيما يَتَعَلَّقُ بالجَنَازَةِ، وهوَ المطلوبُ في هذا الحَالِ، فهذا هوَ الحَقُّ. اهـ.
وَقَالَ فُضَيْلُ بْنُ عَمْرو: بَيْنَا ابْنُ عُمَرَ فِي جِنَازَةٍ ، إذْ سَمِعَ قَائِلاً يَقُولُ: اِسْتَغْفِرُوا لَهُ، غَفَرَ اللهُ لَكُمْ.
فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا غَفَرَ اللهُ لَكَ.
الإسراعُ في الجَنَازَةِ:
أيُّها الإخوة الكرام: ومن السُّنَّةِ الإسراعُ في الجَنَازَةِ، روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا، وَإِنْ يَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ».
وأرجو اللهَ تعالى أن لا نَكونَ من الأشقِياءِ المَحرومينَ سَعَادَةَ لِقاءِ الله عزَّ وجلَّ، روى الإمام أحمد عن أَبَي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا وُضِعَت الْجَنَازَةُ وَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ: قَدِّمُونِي؛ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ: يَا وَيْلَهَا أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِهَا؛ يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهَا الْإِنْسَانُ لَصُعِقَ».
خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: عَلَينا باتِّباعِ الجَنَائِزِ، لأنَّ هذا من حَقِّ المُسلِمِ على أخيهِ، واتِّباعُ الجَنَائِزِ يُعينُ العَبدَ على الالتِزامِ بالعِباداتِ، والتَّحَلِّي بالأخلاقِ الحَسَنَةِ، ويُقَصِّرُ الأمَلَ في الحَياةِ الدُّنيا، ويُرَغِّبُ في الآخِرَةِ، ويَدفَعُ لِحُسْنِ العَمَلِ، لأنَّهُ ما منَّا أحَدٌ إلا وسَيُحمَلُ إلى قَبْرِهِ، فإمَّا أن يَكونَ رَوضَةً من رِياضِ الجَنَّةِ، وإمَّا أن يَكونَ حُفْرَةً من حُفَرِ النَّارِ؛ إنَّهُ لَمَوقِفٌ رَهيبٌ. أسألُ اللهَ عزَّ وجلَّ أن يُحسِنَ خِتامنَا. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
115ـ لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا أيُّها الإخوة الكرام: لقد أمَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ حَبيبَهُ المُصطَفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بالعِبادَةِ حَتَّى يَأتِيَهُ اليَقينُ ـ المَوتُ ـ قال تعالى: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِين﴾.
وما أُمِرَ به سَيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أُمِرَت به الأُمَّةُ، فالكُلُّ مُكَلَّفٌ بالعِبادَةِ حَتَّى يَأتِيَهُ المَوتُ، لذلكَ أمَرَنا رَبُّنا عزَّ وجلَّ أن نَسأَلَهُ: ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيم﴾. بِمَعنى: ثَبِّتْنا على الطَّريقِ المُستَقيمِ الذي أكرَمْتَنا به وهَدَيْتَنا إلَيهِ.
لكن؛ طُولُ الأمَلِ وَلَّدَ عِندَنا الكَسَلَ عن الطَّاعاتِ، والتَّسويفَ بالتَّوبَةِ، والرَّغبَةَ في الدُّنيا، ونَسيانَ الآخِرَةِ، وقد حَذَّرَنا اللهُ عزَّ وجلَّ من طُولِ الأمَلِ بَقَولِهِ: ﴿وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُون﴾.
﴿إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ﴾:
أيُّها الإخوة الكرام: من أنفَعِ الأُمورِ التي تُثَبِّتُ على فِعلِ الطَّاعاتِ، وتَركِ المَعاصي والمُنكَراتِ، والبَاعِثُ على انتِهازِ فُرصَةِ الحَياةِ التي تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ، وللزُّهدِ في الدُّنيا الفَانِيَةِ، وللرَّغبَةِ في الآخِرَةِ هوَ قِصَرُ الأمَلِ في هذهِ الحَياةِ الدُّنيا.
روى الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِمَنْكِبِي فَقَالَ: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ».
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِر الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِر الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ.
وروى الترمذي عَنْ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: نَامَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَصِيرٍ، فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ؛ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله، لَو اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً.
فَقَالَ: «مَا لِي وَمَا لِلدُّنْيَا، مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا».
ويَقولُ اللهُ تعالى عن مُؤمِنِ آلِ فِرعَونَ وهوَ يُوصي قَومَهُ: ﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَار * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَاب * وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّار * تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ بالله وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّار * لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى الله وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّار﴾.
اِتِّباعُ الجَنائِزِ:
أيُّها الإخوة الكرام: ولَعَلَّ من الأُمورِ النَّافِعَةِ للثَّباتِ على فِعلِ الطَّاعاتِ، وتَركِ المَعاصي والمُنكَراتِ، هي اتِّباعَ الجَنائِزِ، وتَشييعَ المَوتَى، وقد كانَ سَيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُرَغِّبُ في ذلكَ.
فقد روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُم الْيَوْمَ صَائِماً؟».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا.
قَالَ: «فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُم الْيَوْمَ جَنَازَةً؟».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا.
قَالَ: «فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُم الْيَوْمَ مِسْكِيناً؟».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا.
قَالَ: «فَمَنْ عَادَ مِنْكُم الْيَوْمَ مَرِيضاً؟».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا.
فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ».
لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ:
روى الإمام مسلم عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «مَنْ خَرَجَ مَعَ جَنَازَةٍ مِنْ بَيْتِهَا، وَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ تَبِعَهَا حَتَّى تُدْفَنَ، كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ مِنْ أَجْرٍ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ كَانَ لَهُ مِن الْأَجْرِ مِثْلُ أُحُدٍ».
فَأَرْسَلَ ابْنُ عُمَرَ خَبَّاباً إِلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فَيُخْبِرُهُ مَا قَالَتْ؛ وَأَخَذَ ابْنُ عُمَرَ قَبْضَةً مِنْ حَصْبَاءِ الْمَسْجِدِ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ، حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ فَقَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: صَدَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ.
فَضَرَبَ ابْنُ عُمَرَ بِالْحَصَى الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ الْأَرْضَ، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ.
«الْقِيرَاطُ مِثْلُ أُحُدٍ»:
روى الإمام مسلم عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ، فَإِنْ شَهِدَ دَفْنَهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ، الْقِيرَاطُ مِثْلُ أُحُدٍ». وَفِي حَدِيثِ سَعِيدٍ وَهِشَامٍ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَن الْقِيرَاطِ فَقَالَ: «مِثْلُ أُحُدٍ».
روى البيهقي والبزار عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما قال: قالَ رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إنَّ أَوَّلَ ما يُجَازَى به العَبدُ المؤمِنُ يَومَ القِيامَةِ بَعدَ مَوتِهِ أن يُغفَرَ لِجَميعِ من اتَّبَعَ جَنَازَتَهُ». وهوَ حَديثٌ ضَعيفٌ.
«وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ»:
أيُّها الإخوة الكرام: من حَقِّ المُسلِمِ على أخيهِ المُسلِمِ أن يَتَّبِعَهُ ويُشَيِّعَ جَنَازَتَهُ إذا ماتَ، روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ».
قِيلَ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ الله؟
قَالَ: «إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ».
هذهِ الحُقوقُ لا يَستَهينُ بِها إلا مَغبونٌ جَاهِلٌ بالعَواقِبِ والخَواتيمِ، أمَّا من أكرَمَهُ اللهُ عزَّ وجلَّ واصطَفاهُ وتَوَلَّاهُ فإنَّهُ لا يُفَرِّطُ في هذهِ الحُقوقِ، والتي من جُملَتِها تَشييعُ أخيهِ المُسلِمِ إذا ماتَ.
وروى الإمام البخاري عَن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ.
الصَّمتُ في اتِّباعِ الجَنَائِزِ:
أيُّها الإخوة الكرام: إذا أكرَمَكُمُ اللهُ تعالى باتِّباعِ الجَنَائِزِ فالزَموا الصَّمتَ، ولا تَرفَعوا أصواتَكُم بالذِّكْرِ ولا بالاستِغفارِ ولا بالدُّعاءِ لهُ، ولْيَكُنْ ذلكَ سِرَّاً.
يَقولُ الإمامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: واعلَمْ أنَّ الصَّوابَ المُختَارَ ما كانَ عَلَيهِ السَّلَفُ رَضِيَ اللهُ عنهُم: السُّكوتُ في حَالِ السَّيْرِ مَعَ الجَنَازَةِ، فلا يُرفَعُ صَوتٌ بِقَراءَةٍ، ولا ذِكْرٍ، ولا غَيرِ ذلكَ، والحِكمَةُ فيهِ ظَاهِرَةٌ، وهيَ أنَّهُ أسكَنُ لِخَاطِرِهِ، وأجمَعُ لِفِكْرِهِ فيما يَتَعَلَّقُ بالجَنَازَةِ، وهوَ المطلوبُ في هذا الحَالِ، فهذا هوَ الحَقُّ. اهـ.
وَقَالَ فُضَيْلُ بْنُ عَمْرو: بَيْنَا ابْنُ عُمَرَ فِي جِنَازَةٍ ، إذْ سَمِعَ قَائِلاً يَقُولُ: اِسْتَغْفِرُوا لَهُ، غَفَرَ اللهُ لَكُمْ.
فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا غَفَرَ اللهُ لَكَ.
الإسراعُ في الجَنَازَةِ:
أيُّها الإخوة الكرام: ومن السُّنَّةِ الإسراعُ في الجَنَازَةِ، روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا، وَإِنْ يَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ».
وأرجو اللهَ تعالى أن لا نَكونَ من الأشقِياءِ المَحرومينَ سَعَادَةَ لِقاءِ الله عزَّ وجلَّ، روى الإمام أحمد عن أَبَي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا وُضِعَت الْجَنَازَةُ وَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ: قَدِّمُونِي؛ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ: يَا وَيْلَهَا أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِهَا؛ يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهَا الْإِنْسَانُ لَصُعِقَ».
خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: عَلَينا باتِّباعِ الجَنَائِزِ، لأنَّ هذا من حَقِّ المُسلِمِ على أخيهِ، واتِّباعُ الجَنَائِزِ يُعينُ العَبدَ على الالتِزامِ بالعِباداتِ، والتَّحَلِّي بالأخلاقِ الحَسَنَةِ، ويُقَصِّرُ الأمَلَ في الحَياةِ الدُّنيا، ويُرَغِّبُ في الآخِرَةِ، ويَدفَعُ لِحُسْنِ العَمَلِ، لأنَّهُ ما منَّا أحَدٌ إلا وسَيُحمَلُ إلى قَبْرِهِ، فإمَّا أن يَكونَ رَوضَةً من رِياضِ الجَنَّةِ، وإمَّا أن يَكونَ حُفْرَةً من حُفَرِ النَّارِ؛ إنَّهُ لَمَوقِفٌ رَهيبٌ. أسألُ اللهَ عزَّ وجلَّ أن يُحسِنَ خِتامنَا. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
أمس في 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin