..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب أخبار وحكايات لأبي الحسن محمد بن الفيض الغساني
07 - كيف دعا الوحوش الأسد إلى التوكل وترك السعي .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج3 Emptyأمس في 17:11 من طرف Admin

» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
07 - كيف دعا الوحوش الأسد إلى التوكل وترك السعي .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج3 Emptyأمس في 17:02 من طرف Admin

» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
07 - كيف دعا الوحوش الأسد إلى التوكل وترك السعي .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج3 Emptyأمس في 16:27 من طرف Admin

» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
07 - كيف دعا الوحوش الأسد إلى التوكل وترك السعي .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج3 Emptyأمس في 15:41 من طرف Admin

» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
07 - كيف دعا الوحوش الأسد إلى التوكل وترك السعي .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج3 Emptyأمس في 15:03 من طرف Admin

» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
07 - كيف دعا الوحوش الأسد إلى التوكل وترك السعي .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج3 Emptyأمس في 14:58 من طرف Admin

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
07 - كيف دعا الوحوش الأسد إلى التوكل وترك السعي .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج3 Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
07 - كيف دعا الوحوش الأسد إلى التوكل وترك السعي .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج3 Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
07 - كيف دعا الوحوش الأسد إلى التوكل وترك السعي .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج3 Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
07 - كيف دعا الوحوش الأسد إلى التوكل وترك السعي .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج3 Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
07 - كيف دعا الوحوش الأسد إلى التوكل وترك السعي .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج3 Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
07 - كيف دعا الوحوش الأسد إلى التوكل وترك السعي .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج3 Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
07 - كيف دعا الوحوش الأسد إلى التوكل وترك السعي .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج3 Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
07 - كيف دعا الوحوش الأسد إلى التوكل وترك السعي .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج3 Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
07 - كيف دعا الوحوش الأسد إلى التوكل وترك السعي .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج3 Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    07 - كيف دعا الوحوش الأسد إلى التوكل وترك السعي .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج3

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68544
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    07 - كيف دعا الوحوش الأسد إلى التوكل وترك السعي .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج3 Empty 07 - كيف دعا الوحوش الأسد إلى التوكل وترك السعي .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج3

    مُساهمة من طرف Admin 14/10/2020, 12:30


    “ 192 “
    زيف التأويل الركيك الذي قالت به الذبابة

    كانت ذبابة على عود فوق بول حمار ، وقد رفعت رأسها كربّان السفينة !
    وقالت : “ إنيّ أسمّيهما بحراً وسفينة ! وهذا ما استغرق فكري مدة من الزمان !
    فانظر هذا البحر وتلك السفينة ، وأنا ( فوقهما ) الربان البارع الحصيف الرأي ! “ .

    1085 - فكانت هذه الذبابة تسيّر سفينتها على صفحة البحر ، وقد بدا لها هذا القدر ماء لا يحدّ .
    لقد كان هذا البول يبدو بلا حدود بالنسبة لها ، ومن أين لها ذلك النظر الذي يراه على حقيقته ؟
    إنّ عالمها يمتد إلى المدى الذي يدركه بصرها ، فعلى قدر العين يكون مدى بحرها .
    فصاحب التأويل الباطل مثل الذبابة ، وهَمْهُ بول حمار ، وتصوّره قشَة .
    ولو أنّ هذه الذبابة تركت التأويل ، ولزمت رأيها ، لصيّرها الجدّ السعيد عنقاء .


    1090 - فمن يدرك هذه العبرة لا يكون ذبابة، كما أنّ هذه الصورة لا تليق بروحه.

    “ 193 “

    كيف غضب الأسد وزبحر لتأخر الأرنب في الحضور

    فمن هذا القبيل ذلك الأرنب الذي ضرب الأسد ! فمتى كانت روحه على قدر جسمه ؟
    لقد كان الأسد يقول في حدة وغضب : “ إنّ عدوّي قد حجب عينيّ عن طريق السعي والاجتهاد .
    لقد كبّلني مكر هؤلاء المجبرين ، كما أنّ سيفهم الخشيّ آلم جسمي .
    فلن أصغى من بعدُ إلى هذا الهراء ، فما هو إلا صوت الشياطين والغيلان .

    1095- فمزّ قهم أيّها القلب ، ولا تتوان ( في ذلك ) ! مزّق جلودهم ، فما هم إلا جلود !
    وما الجلد ؟ إنّه الكلام المزوّق الذي لا دوام له ، كأنّه الفقاقيع فوق الماء !
    فاعلم أنّ الكلام مثل الجلد ، والمعنى لبابهُ ، وأنّه مثل الصورة ، وأما المعنى فمثل الروح .
    والجلد هو الذي يستُر عيب اللباب الفاسد ، كما أنّه يحرص على أن يغطيّ اللباب الطيّب .
    وحينما يكون القلم هواء والدفتر ماء فسرعان ما يفنى كلّ ما تكتبه !

    1100 - فهذا نقش على الماء، فلو نشدت له الدوام ، عدت (خائباً) تعضّ يديك.

    “ 194 “

    والهواء في الإنسان ميوله ورغائبه ، فإذا تركت هواك ( صرت جديراً ) برسالة اللَّه .
    وما أحلى رسائل الخالق ! إنّها خالدة من أوّلها إلى آخرها “ 1 “ .
    إنّ خطَب الملوك تفنى ، كما يفنى سُلطانهم ، ويخلد مجدُ الأنبياء كما تخلد أقوالهم .
    ذلك لأنّ مجد الملوك من الهواء ، وأما مجد الأنبياء فمن مقام الكبرياء !

    1105 - وأسماء الملوك تُرفع من الدراهم بعد موت هؤلاء ، وأما اسم أحمد فيظلّ يُطبع فوقها إلى الأبد .
    واسم أحمد هو اسم جميع الأنبياء ، فعندما يصل العدد إلى المائة تكون التسعون معنا “ 2 “ .

    عود إلى بيان مكر الأرنب

    لقد تلكأ الأرنب في الذهاب طويلًا ، وأخذ يدّرب نفسه على المكر الذي انتواه .
    فمضى على الطريق - بعد طول الإبطاء - ليهمس في أذن الأسد بسرّ أو سرّين .
    وكم من عوالم تصل إليها تجارة العقل ! وما أوسع المدى الذي تمتدّ إليه بحار الفكر !
    ..........................................................................
    ( 1 ) حرفياً : من رأسها إلى قدمها .
    ( 2 ) لما كان محمد خاتم الأنبياء ، كان ذكره متضمناً ذكر الأنبياء الذين سبقوه ، فهو مثل العدد اللاحق يتضمن ما سبقه من الأعداد .

    “ 195 “

    1110 - وصوُرنا تتحرك مسرعة فوق ذلك البحر العذب “ 1 “ ، كأنّها الكؤوس فوق سطح الماء .
    وهي كالإناء “ 2 “ تظل طافية ما لم تمتلئ ، فإنّ الإناء إذا امتلأ غرق في الماء .
    والعقل محتجب ( عن العيان ) ، وأما الظاهر فهو عالمُ صورنا فيه موج أو رذاذ ( من بحر العقل ) .
    وكلما اتخذت الصورة وسيلة ( إلى ذلك البحر ) ، فإنّ البحر يلقي بالصورة بعيداً عن وسيلتها ، حتى لا يرى القلب من أعطاه السرّ ، كما لا يرى السهمُ من قذف به بعيداً .

    1115 - ( ومَثل من لا يرى كمثل ) من يعتقد أنّ حصانه ضائع ، على حين هو يحثّه بعناد على الإسراع في الطريق ! إنّ هذا الرجل الكريم ، يظنّ حصانه ضائعاً ، مع أنّ حصانه يمضي منطلقاً به كالريح ! فهو مُشتّت الفكر ، يبحث عنه منتحباً في كلّ مكان ، ويمضي منقباً ، مستفسراً ( عنه ) من باب إلى باب .
    ( قائلًا ) : “ أين من سرق حصاني ؟ ومن يكون ؟ “ ( فيجيبه من يقول ) : “ فما هذا الذي أنت ممتطيه أيها السيد ؟ “ “ نعم هذا حصان ، ولكن أين الحصان ؟ “ .
    “ ألا فلتَثُبْ إلى رشدك أيها الفارس الباحث عن حصانه ! “

    1120 - فالروحُ هكذا ، ظاهرة قريبة منا ، ( لكنّها ) غائبة ( عن أعيننا ) .
    فمثلها كمثل البطن ، يملؤه الماء ، على حين جفت الشفتان كحلق الإبريق !
    ............................................................
    ( 1 ) بحر الفكر .
    ( 2 ) حرفياً : الطست .

    “ 196 “


    وكيف تَرى الأحمر والأخضر والورديّ ، إذا لم تر النور قبل هذه الألوان الثلاثة ؟
    فأما وقد ضاع عقلك في الألوان ، فقد أصبحتْ هذه الألوان حجاباً لك عن النور !
    ولما كانت هذه الألوان تحتجب في الظلام ، فقد رأيتَ كيف أنّ إبصارك اللون ، كان مستمدّاً من النور .
    فالألوان لا تُرى بدون النور الخارجيّ ، وهكذا لون الخيال في الباطن .

    1125 - والنور الخارجيّ ( يجيء ) من الشمس ومن السُها ، وأما النور الباطنيّ فمن انعكاس الأنوار العُلى .
    والنور الذي في العين ليس إلا نور القلب ، فأنوار العيون حاصلةُ من أنوار القلوب !
    وأما النور الذي في القلب فهو نور اللَّه . إنَّه نورُ خالص من نور العقل والحسّ ، منفصل عنهما .
    إنّك لا ترى اللون بالليل ، لأنّه لا نور فيه ، كما أنّ النور قد قد تميَّزَ أمامك بضدّه ( الظلام ) .
    فرؤية النور تعقبها رؤية اللون ، وأنت سرعان ما تدرك ذلك بضدّ النور .

    1130 - ولقد خلق اللَّه الألم والحزن ، حتى تتضح لك سعادة القلب بضدّها .
    إنّ الخفايا تظهر للعين بأضدادها ، ولما كان الحقّ لا ضدّ له ، فهو محتجب ( عن الأبصار ) .
    وكما أنّ النظر يقع على النور ، ثم على اللون ، فإنّ الضدّ يتميّز بضده ، كما يتميزّ الروم من الزنج .

    “ 197 “

    إنّك قد عرفت النور بضدّ النور ، فكل ضد يبيّن ضدّه في الصدور .
    ولما كان نور الحق لا ضدّ له في الوجود ، حتى يمكن اتّضاحه لنا بهذا الضدّ ،

    1135 - فلا جرم أنّه ،” لا تُدْركُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْركُ الْأَبْصارَ ““ 1 “ .
    ألا فلتتأمل قصة موسى والجبل ! واعلم أنّ الصورة ( تقفز ) من المعنى كالأسد من الغابة ، أو كالصوت والكلام من الفكر .
    فهذا الكلام وذلك الصوت انبعثا من الفكر ، وأنت لا تعلم أين بحر الفكر .
    لكنّك حينما رأيت موج الكلام لطيفاً ، أدركت أنّ بحره هو أيضاً شريف .
    ولما تدافعَ من المعرفة موجُ الفكر ، جعلتَ له صورة من الكلام والأصوات .

    1140 - فالصورةُ قد ولدت من الكلام ثم ماتت ، فعاد الموجُ من جديد إلى البحر .
    إنّ الصورة قد خرجت من اللاصورة ، ثم عادت إلى من نحن إليه راجعون .
    ففي كل لحظة لك موت ورجعة ! ولقد قال المصطفى : ( الدنيا ساعة ) .
    وفكرنا سهمُ من اللَّه انطلق في الهواء ، فكيف يبقى في الهواء ، إنه يعود إلى اللَّه .
    إنّ الدنيا تتجدّد في كلّ لحظة ، ونحن لا ندري بتجدّدها ، وهي
    ..................................................................
    ( 1 ) سورة الأنعام ، 6 : 103 .

    “ 198 “

    باقية ( على هيئتها الظاهريّة ) !

    1145- والعمر - وإنْ بدا مستمرّاً في الجسد - فإنّه يتجدّد على الدوام كما يتجدّد ماء النهر .
    فهو لسرعته يتخذ صورة الاستمرار ، كالشرر المتطاير ( من جمرة ) تديرها يدُ مسرعة .
    فلو أنّك أدرت عوداً ملتهباً ، بدا للعين ناراً طويلة المدى .
    وطول الزمان من سرعة صنعه ، فالسرعة هي التي تظهر روعة الصنع .
    فإذا كان طالب هذا السرّ رجلًا واسع العلم ( فقل له ) : “ عليك بحسام الدين ، فإنه كتاب رفيع ! “

    كيف ذهب الأرنبُ إلى الأسد وكيف غضب عليه الأسد

    1150 - وبينما كان الأسد محتدماً غاضباً ثاثراً ، رأى ذلك الأرنب قادماً نحوه من بعيد !
    لقد كان يتقدم مسرعاً جسوراً ، غير هيّاب ، وقد بدا عليه الغضبُ والعنف ، وحدّة الطبع ، وعبوس الوجه .
    فالمجيء بانكسار مثارُ للتهم ، وأما الجسارة ففيها دفع لكلّ الريب .
    فلما دنا واقترب من الأعتاب ، صاح به الأسد : “ ها أنت ذا أيّها الخسيس ! أنا من مزَّق الثيران ، إرباً ، وعرك أذن الفيل القويِّ !

    1155- أيزدري مشيئتي “ 1 “ على هذا الوجه نصف أرنب مثلك ؟ “
    ......................................................
    ( 1 ) حرفياً : أيلقي بأمرنا فوق التراب . .

    “ 199 “

    ألا فلتدع النوم ، وغفلة الأرانب ، ولتصغ - أيها الحمار - إلى زئير هذا الأسد “ 1 “ !

    كيف اعتذر الأرنب

    فقال الأرنب : “ أماناً فإنّ لي عذراً ، لو أنّ عفوك الملكي يبسط لي يداً !
    “ فقال الأسد : “ أيّ عذر لك ؟ يالقصود هؤلاء البلهاء !

    ( ومع هذا ) فهم في هذا الزمان يمثُلون أمام الملوك !
    إنّك طائر تأخّر عن وقته ، والواجب قطع رأسك ، فليس يجوز الإصغاء إلى عذر الأحمق .

    1160 - فعُذرُ الأحمق أقبحُ من ذنبه ، وعذر الجهلاء هو السم الذي يقتل المعرفة !
    إنّ عذرك أيها الأرنب مجردُ من الحكمة ، فأي أرنب أنا حتى تُدخلَه أُذني ؟

    فقال الأرنب : “ أيها الملك ! هَبْ اعتباراً لمن لا اعتبار له ، واستمع إلى عذر مظلوم !
    ولا تَدفعْ ضالًا عن طريقك ، ففي ذلك - على الخصوص - زكاة عن جاهك !
    إنّ البحر الذي يُمدُّ كلّ الأنهار ، بمائه ، يحمل القمامة على رأسه وعلى وجهه .
    ................................................................................
    ( 1 ) يقول نيكولسون إنّ هذا البيت موجه إلى القارئ . ولكنّ السياق لا يمنع من أن يكون تتمة لحديث الأسد مع الأرنب .

    “ 200 “

    1165 - ولن ينتقص من البحر هذا الكرم ، فالبحر لا يزيد بالكرم ولا ينقص “ .
    فقال الأسد : “ إني لذو كرم ، ولكني أضع الكرم في موضعه .
    إني أقصّ لكلّ امرئ ثوبه على قدر قامته “ .
    فقال الأرنب : ألا فلتستمع إليّ فإن لم تجدني أهلًا للطفك فإني أُسلم رأسي إلى تنّين عنفك !
    لقد مضيتُ على الطريق وقت الإفطار ، وكنت متّجهاً مع رفيقي إلى الملك .
    وكانت جماعة الوحوش قد أرسلتني إليك بصحبة أرنب آخر .

    1170 - فتصدّى لعبدك أسد في الطريق ، وهاجم الرفيقين المتجهين إليك .
    فقلت له : “ إننا من عبيد ملك الملوك ، إننا رفيقان صغيران في خدمة هذا البلاط “ .
    فقال : “ ملك الملوك ؟ من هذا ؟ ألا فلتستح ، ولا تذكر أمامي كلّ خسيس !
    فلسوف أمزّقك وأمزّق ملك ، لو أنك ورفيقك تحولتما عن بابي “ .
    فقلت له : “ ألا فلتُخل سبيلي ، حتى أرى وجه مليكي مرة أُخرى ، وأحمل إليه خبراً منك “ .

    1175 - فقال : “ لتترك رفيقك رهينة عندي ، وإلا فإنك - في شرعتي - تكون الضحيَّة “ .
    وقد أطلنا الحديث معه فلم يُجد نفعا ، فأمسك برفيقي وتركني أمضي وحيداً .
    وكان رفيقي يعدل ثلاثة مثلي ببدانته ، وكان ( تفوقه ) في اللطف والملاحة يعدل تفوقه في الجسم .
    إن هذا الأسد قد سدّ أمامنا الطريق بعد اليوم ، فتقطَّعت بذلك حبال عهودنا !

    “ 201 “

    فاقطع الأمل من وظيفتك بعد اليوم ! إني أقول لك الحقّ ، والحق مر !

    1180- فإذا كانت الوظيفة واجبةً لك فطهَّر الطريق . هيّا ، أقبل ، وادفع ( شرّ ) هذا الجسور ! “
    كيف استجاب الأسد للأرنب وسار معه


    فقال الأسد : “ باسم اللَّه ، هيّا بنا إلى حيث يكون تقدّم أمامي إن كنت تقول الصدق ، حتى أُعطيه ومائة من أمثاله جزاءهم !
    فإنْ كان كلامك هذا كذباً أنلتك جزاءك “ .
    فسار الأرنب أمامه كالدليل ، ليقوده نحو حبائله ، نحو بئر كان قد حدّد مكانه ، بئرٍ عميق جعل منه فخّاً لروح الأسد .

    1185- وتقدّم الاثنان نحو البئر . فهاك أرنباً كالماء تحت التبن !
    إنّ الماء يحمل عود القشّ إلى السهل المنبسط ، ولكن عجباً كيف تحمل القشّةُ جبلًا ؟
    لقد كانت شباك مكره هي الوهق الذي صاد الأسد ، فواعجباً لأرنب صاد أسداً !
    إنّ موسى واحداً ، جرّ فرعون إلى نهر النيل مع جيشه وجمعه الكثيف .
    ولقد شقِّت بعوضةُ أمّ رأس النمرود بنصف جناح ، غير مبالية بذاته .

    1190- فتأمل حال من أصغى إلى قول العدوّ ، وجزاء من كان صديقاً للحسود !


    “ 202 “

    حال فرعون الذي استمع إلى هامان ، وحال النمرود الذي أصغى إلى الشيطان .
    فإذا كان العدوّ يخاطبك بأسلوب المودّة ، فاعلم أنّ حديثه شركُ وإنْ جاء في صورة الَحبّ !
    وإنْ أعطاك العسل فاعلم أنّه سم ، وإن مس جسمك بلطف فاعلم أنّ ذلك ( اللطف ) قسوة وبغضاء .
    إنّك - حين يقع القضاء - لا تُبصر الجلدْ ( الظاهري ) ، ولا تعرف العدوّ من الصديق .

    1195- فإذا وقع هذا فلتشرع في الابتهال ، ولتأخذ نفسك بالتضرع والتسبيح والصيام .
    ابتهل إلى اللَّه ( قائلًا ) : “ يا علام الغيوب ! لا تسحقنا بَحجَر من مكر السوء .
    وإنْ كنُا قد أتينا فعل الكلاب ، فلا تُطلق علينا الأسد من مكمْنه ، يا خالق الأسد !
    ولا تجعل للماء العذب صورة النار ، ولا للنار صورة الماء !
    إنَّك حين تسكرنا بشراب قهرك ، تجعل للعدم صورة الوجود .

    1200- فما السكر ! إنّه حجاب للعين عن الإبصار ، فيظهر لها الحجرُ جوهراً ، والصوف عقيقاً !
    وما فقدان الوعي ؟ إنّه إبدال للحسّ ، فيبدو للعين خشب الطرفة صندلًا “ .

    “ 203 “
    قصة الهدهد وسليمان في بيان أنه حين يقع القضاء تُغلقُ العيونُ المبصرة

    حينما ضرب مخُيّم سليمان ، مثلت أمامه الطيور طائعة .
    لقد وجدته متكلماً بلسانها ، عارفاً بأسرارها ، فهرع كلُ منها للمثول أمامه بروحه .
    وكلّ هذه الطيور تركت صفيرها ، وأصبحت أفصح من أخيك “ 1 “ في حضرة سليمان .

    1205- إنّ التشارك في اللسان قربى ورباط ، والمرء مع من لا يفهمونه مثل السجين !
    وكم من هنديّ وتركيّ يتكلمان بلسان واحد ، وكم من تركيّين في لغتهما متباعدان !
    فلسان الوفاق الروحيّ مختلفُ عن ( لسان القول ) ، وتشابهُ القلوب خيرُ من تشابه الألسن !
    ففي القلب يقوم آلاف التراجمة ( بنقل أحاسيسه ) بدون نطق ولا إيماء ولا سجلّ .
    فجملة الطير - بكل ما وعته من أسرار عن الفضائل والمعرفة والعمل .

    1210- عرضت نفسها على سليمان ، وكلُ منها مدح نفسه في معرض القول .
    ..................................................................
    ( 1 ) أي أفصح من الشاعر .

    “ 204 “

    ولم يكن ذلك عن كبر ولا اعتداد بالنفس ، ولكنّ كلًا منها أراد أنْ يتقدم على غيره عنده “ 1 “ .
    فمن واجب العبد أن يُظهر طوفاً من فضائله لسيّده .
    فإنْ وجد العار في أن يشتريه السيدّ ، تظاهر بالمرض أو الشلل أو الصم أو العرج .
    وجاء دور الهدهد ، وحرفته ، وبيان صنعته وتفكيره .

    1215 فقال : أيّها الملك ، إنني سأذكر فضيلة واحدة ، فضيلة صغيرة ، ولكنّ الخير في الإيجاز “ .
    فقال سليمان : “ تكلّم لنرى ما هذه الفضيلة “ . فقال الهدهد :
    عندما أكون في أوج الارتفاع ، أنظر من ذلك الأوج بعين اليقين ، فأرى الماء في قاع الثرى ، أين مكانه وما عمقه وما لونه ، ومن أين يتفجر ، أمن التراب أم من الحجر .
    فخذ معك في السفر ذلك العارف يا سليمان ، لاختيار موقع معسكرك “ .

    1220 فقال سليمان : “ ما أحسنك من رفيق ، في القفار التي تخلو من الماء العميق ! “

    كيف طعن الغراب في دعوى الهدهد


    وعندما سمع الغراب ( كلام الهدهد ) ، جاء حاسداً ، وقال لسليمان : “ ما هذا الكلام المعوجّ القبيح ؟
    إنه ليس من الأدب التفاخر أمام الملوك ، وخاصة إذا كان ذلك
    ...........................................................................
    ( 1 ) حرفياً : “ ولكن لكي يفسح لها الطريق قبل ( غيرها ) “ .

    “ 205 “

    من جزاف القول الكذب المحال .
    فلو كان للهدهد هذا النظر على الدوام ، فكيف لا يبصر الفخ تحت قبضة من التراب ؟
    وكيف كان يقع في الشرك ؟ وكيف كان يصير يائساً في القفص ؟

    1225 - فقال سليمان : “ أيها الهدهد ! أصحيح أنه قد أصابك ( كلّ ) هذا الدوار من أوّل قدح ؟
    فيا من شربت اللبن المخض ، كيف تتظاهر بالسكر ، وتلقي أمامي بجزاف القول وتكذب ؟ “

    كيف ردّ الهدهد على طعن الغراب

    فقال الهدهد : “ لا تستمع - بحق اللَّه - إلى قول العدو ، عني ، أنا المسكين المعدم !
    فإنْ لم يصّح هذا الذي أدّعيه ، فإني أضع رأسي أمامك ، فلتقطع عنقي هذا .
    إنَّ الغراب المنكر لحكم القضاء كافر ، ولو كانت له آلاف العقول ! “


    1230 - فان كانت فيك كاف واحدة من ( كلمة ) “ الكافرين “ فإنك كالفرج محل للنتن والشهوة “ 1 “ .
    “ إننّي أبصر الفخّ من الهواء ، إذا لم يحجب القضاء عين عقلي “ .
    وحينما يأتي القضاءُ ينام العلم ، ويغدو القمر أسود ، ويحجب الشمس .
    فمتى كانت مثل هذه التعبئة “ 2 “ نادرة من القضاء ؟ اعلم أنّ من القضاء أنْ ينكر المرء القضاء !
    ........................................................
    ( 1 ) في البيت جناس بين كلمتي “ كافران “ ( الكفار ) ، ( كاف ران ) .
    ( 2 ) قد تكون كلمة “ تعبئة “ هنا تحريفاً لكلمة تعمية .

    “ 206 “

    قصة آدم عليه السلام وكيف أنّ القضاء حجب بصره
    عن مراعاة صريح النهي وترك التأويل

    إن أبا البشر آدم - أمير علم الأسماء “ 1 “ - كان كلّ عرق من عروقه ينبض بآلاف العلوم !

    1235 إن روحه منُحت علم كل شيء ، كما وُجد ، وكما يكون حتى النهاية .
    فلم يتبدل قط لقب أطلقه ، فكل ما نعته بالنشاط والسرعة لم يصبح كسولًا متراخياً “ 2 “ .
    وقد عرف - في أول الأمر - من كان مآله إلى الإيمان ، كما تكشف له من كان مآله إلى الكفر .
    فلتستمع إلى اسم كل شيء من عالمٍ ( بالأسماء ) !
    استمع منه إلى سرّ الرمز في قوله تعالى : “ وعلمّ آدم الأسماء كلها “ .
    إن عندنا لكل شيء اسمه الظاهري ، وأما سر هذا الاسم فلدى الخالق .

    1240 فالخشبة التي كان يمسك بها موسى ، كان اسمها - عنده - “ عصا “ وأما عند الخالق فكان اسمها “ حيّة “ .
    وقد كان لعمر هنا ( في الدنيا ) اسم “ عابد الأصنام “ ولكن
    ....................................................
    ( 1 ) إشارة إلى قوله تعالى : “ وعلم آدم الأسماء كلها “ . سورة البقرة ( 2 : 31 )
    ( 2 ) حرفياً : فكل ما أسماء نشطاً لم يصبح كسولًا .

    “ 207 “


    اسم الايمان كان له من قبل أن يولد “ 1 “ .
    فكل ما كان عندنا في عداد النطف ، كان مائلًا أمام الحق كأنه معه “ 2 “ .
    لقد كانت هذه النطفةُ صورة في العدم ، ولكنها كانت موجودة أمام الحق بدون زيادة أو نقصان .
    فالحاصل أن عاقبة أمرنا هي التي تمثل حقيقة اسمنا عند الخالق .

    1245 - فهو يسميّ المرء بعاقبته ، لا بما يكون عارية مؤقتة .
    إن عين آدم حين أبصرت بالنور الطاهر ، تجلت لها أرواح الأسماء وأسرارها .
    وعندما أبصر الملائكة أنوارَ الحق في آدم خرّوا سُجدّا وسارعوا لتمجيده .
    فهكذا آدم الذي أحمل اسمه ، ولو أنني مدحتُه حتى القيامة لما وفيته حقه .
    لقد أدرك كل هذا ولكنه - حين وقع القضاء - أخطأ في إدراك نهي واحد .



    1250 - فقد عجب ، أهذا النهي كان من أجل التحريم ، أم أنه كان قابلًا لتأويل ، ومجالًا للوهم .
    وعندما رجح في قلبه التأويل ، سارع طبعه في حيرة نحو القمح .
    فلما أصابت الشوكة قدم البستاني ( آدم ) ، وجد اللص ( إبليس )
    .............................................................................
    ( 1 ) حرفياً : ولكن اسمه كان “ المؤمن “ في “ ألست “ . كلمة ( ألست ) تشير إلى قوله تعالى : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى “ . الأعراف ( 7 : 171 ) .
    ( 2 ) حرفياً : فكل ما كان اسمه - عندنا - نطفة كان أمام الحق “ إنك في هذه الحظة معنا “ ، والمعنى أن كل ما كان بالنسبة لنا مجرد بذرة لا نعرف ما يتولد منها ، كان مائلًا بكيانه أمام الحق ، فهو الذي يعلم ما يؤول إليه كل شيء .

    “ 208 “

      الوقت/التاريخ الآن هو 26/11/2024, 20:48