..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب أخبار وحكايات لأبي الحسن محمد بن الفيض الغساني
10 - قصة عازف الصنج الهرم الذي عزف على الصنج ذات يوم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Emptyأمس في 17:11 من طرف Admin

» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
10 - قصة عازف الصنج الهرم الذي عزف على الصنج ذات يوم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Emptyأمس في 17:02 من طرف Admin

» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
10 - قصة عازف الصنج الهرم الذي عزف على الصنج ذات يوم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Emptyأمس في 16:27 من طرف Admin

» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
10 - قصة عازف الصنج الهرم الذي عزف على الصنج ذات يوم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Emptyأمس في 15:41 من طرف Admin

» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
10 - قصة عازف الصنج الهرم الذي عزف على الصنج ذات يوم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Emptyأمس في 15:03 من طرف Admin

» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
10 - قصة عازف الصنج الهرم الذي عزف على الصنج ذات يوم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Emptyأمس في 14:58 من طرف Admin

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
10 - قصة عازف الصنج الهرم الذي عزف على الصنج ذات يوم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
10 - قصة عازف الصنج الهرم الذي عزف على الصنج ذات يوم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
10 - قصة عازف الصنج الهرم الذي عزف على الصنج ذات يوم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
10 - قصة عازف الصنج الهرم الذي عزف على الصنج ذات يوم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
10 - قصة عازف الصنج الهرم الذي عزف على الصنج ذات يوم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
10 - قصة عازف الصنج الهرم الذي عزف على الصنج ذات يوم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
10 - قصة عازف الصنج الهرم الذي عزف على الصنج ذات يوم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
10 - قصة عازف الصنج الهرم الذي عزف على الصنج ذات يوم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
10 - قصة عازف الصنج الهرم الذي عزف على الصنج ذات يوم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    10 - قصة عازف الصنج الهرم الذي عزف على الصنج ذات يوم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68544
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    10 - قصة عازف الصنج الهرم الذي عزف على الصنج ذات يوم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2 Empty 10 - قصة عازف الصنج الهرم الذي عزف على الصنج ذات يوم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي ـ ج2

    مُساهمة من طرف Admin 14/10/2020, 12:52

    2055 - فلا تحجب بذنك عن أقوال الأولياء ، سواء منها ما رقّ أو


    “ 282 “



    ما خشن ، فإنها دعامة لدينك .
    فلو كان كلام ( الوليّ ) حاراً أو بارداً ، فتقبّله بقبول حسن ، فإنك به تفرّ من البرد ومن الحرّ ومن السعير .
    إنّ حرارته وبرودته إنما هما ربيع جديد للحياة ، وهما أصل الصدق واليقين والخضوع .
    وهو إذ كان حياة لبستان الروح ، وكان بحر قلبه حافلًا بتلك الجواهر ، فإنّ قلب العاقل تنتابه آلاف الهموم ، لو نقص من بستان القلب عود خلال .


    كيف سألت الصدّيقة المصطفى قائلة : “ ماذا كان سرّ أمطار اليوم ؟ “


    2060 - قالت الصدّيقة : “ يا زبدة الوجود ! ماذا كانت الحكمة وراء أمطار اليوم ؟
    أكانت هذه أمطار الرحمة ، أم أنها كانت للتهديد ، ( وبيان ) عدل الكبرياء ؟
    أكانت هذه من الألطاف الربيعيّة ، أم أنها كانت خريفيّة حافلة بالآفات ؟ “
    فقال : “ لقد كانت هذه لتسكين الهموم ، التي ( أوقعتها ) المصائبُ على الجنس الآدميّ “ “ 1 “ .
    ....................................................................
    ( 1 ) المعنى أن هذه الأمطار الغيبية التي أبصرتها الصديقة لم تكن إلا نفحات من الرحمة الإلهية بعث بها الخالق لتسكين هموم البشر .


    “ 283 “


    فلو أقام الآدمي على تلك النار زمناً، لوقع الكثير من الخراب والضياع “ 1 “،

    2065 - ولأصبح هذا العالم - في الحال - خرباً ، ولا نطلقت نوازع الحرص من نفوس البشر .
    أيتها الروح ! إنّ الغفلة “ 2 “ إنما هي دعامة هذا العالم ، كما أن اليقظة “ 3 “ آفة لهذه الدنيا .
    فاليقظة إنما هي من العالم الآخر ، فحين تصبح لها الغلبة ، يتداعى هذا العالم !
    إنّ اليقظة هي الشمس وأما الحرص فهو الثلج “ 4 “ . اليقظة هي الماء ، وأما هذا العالم فهو الوسخ “ 5 “ .
    وإنا لتصلنا رشحات قليلة من ذلك العالم ( الروحيّ ) ، حتى لا يزمجر الحرص والحسد في هذا العالم .


    2070 - فلو زادت الرشحات من عالم الغيب لما بقي في هذا العالم فضل ولا عيب “ 6 “ .
    إنّ هذا ( البحث ) لا نهاية لا ، فلنعد إلى البداية ، ولنرجع إلى قصة الرجل المطرب .
    .......................................................
    ( 1 ) حرفياً : النقصان .
    ( 2 ) الغفلة عن هوان هذه الدنيا وعن جمال العالم الروحي .
    ( 3 ) اليقظة الروحية .
    ( 4 ) اليقظة تقضي على الحرص كما تذيب الشمس الثلوج .
    ( 5 ) كذلك تزيل اليقظة الحرص كما يزيل الماء الوسخ .
    ( 6 ) لو غلب عالم الغيب على هذا العالم المادي لقضى على ما فيه من قيم ومقاييس أوحت بها للإنسان حياته في الدنيا .



    “ 284 “
    بقية قصة عازف الصنج الهرم وبيان مغزاها

    إنّ هذا المطرب الذي طربت له الدنيا ، والذي انبعثت من صوته الخيالات العجب ،
    من - بشدوه - كان طائر القلب يحلّق ، ومن بصدى ( نغماته ) حار عقل الروح !
    حينما مضى عليه الزمن وشاخ ، أصبح بازيّ روحه - من العجز - صيّاد للبعوض .



    2075 - لقد تقّوس ظهره كظهر الإبريق ، وغدت حواجبه فوق عينيه ، كالحَبْل فوق دُبُر الدابة .
    وأصبح صوته اللطيف - الذي كان ينعش الروح - قبيحاً ، لا يرى أحدُ أنه يستحق شيئاً .
    وأنغامه التي كانت - ذات يوم - مثاراً لحسَد الزهرة “ 1 “ صارت مثل نهيق حمار هرم .
    وأيّ جميل لم يَغْدُ قبيحاً ؟ أم أي سقف لم يصبح مساوياً للأرض “ 2 “ ؟
    إلا ألاصوات في صدور ( الأولياء ) الأعزاء “ 3 “ ، وهؤلاء هم الذين يكون نفخ الصور من صدى نفاسهم !


    2080 - فباطنهم هو الذي سكرت به البواطن ، وفناؤهم “ 4 “ هو الذي استعمد وجودُنا منه الوجود .
    ...................................................................
    ( 1 ) من المعتقد قديماً أن الزهرة كانت امرأة وقع عليها المسخ فأصبحت نجماً .
    كما يصور شعراء الفرس هذا النجم مغنياً عارفاً .
    ( 2 ) حرفياً : لم يصبح مفرشاً .
    ( 3 ) يستثني الشاعر هنا أصوات الأولياء من الحكم الذي ذكره في البيت السابق وهو أن كل جميل يغدو قبيحاً .
    ( 4 ) الفناء عن العالم المادي ، والخلاص من تأكيد الذات .


    “ 285 “


    إن الوليّ هو كهرباء الفكر وكل صوت ! إنه لذة الإلهام والوحي والأسرار !
    فهذا المطرب - حين شاخ وضعف - أصبح - لا نعدام كسبه - رهين رغيف واحد .
    فقال : “ يا إلهي ! لقد أطلت عمري ومهلتي ، وأنعمت على خسيس بألطافك ! لقد اقترفتُ الآثام سبعين عاماً ، لكنك لم تحجب عني نوالك يوماً !



    2085 - فاليوم لا كسب لي ، وإني ضيفك ! وهأنذا أضرب الصنج من أجلك ، فإني لك “ .

    ورفع الصنج بيده ، ومضى طالباً ربه ، واتجه - وهو يتأوه - إلى مقابر يثرب .
    وقال : “ إني أطلب من اللَّه ثمن حرير ( الأوتار ) ، فهو الذي يتقبل برحمةٍ منه زائف النقد “ .
    لقد أطال العزف ثم مال برأسه باكياً ، فتوسد الصنج وسقط فوق أحد القبور !
    فأخذه النوم ، وأفلت طائر روحه من الجس ، فترك الصنج والعارف وانطلق .



    2090 - لقد تخلّص من البدن ، وألم الدنيا ، إلى عالم بسيط “ 1 “ ، وإلى ما للروخ من سهوب فساح .
    فهناك كانت روحه تتغنى بما اعتراها ، ( قائلة ) : “ ليتني أُترك ههنا !
    فما أسعد روحي بهذا البستان وذلك الربيع ! إنها سكرى بهذا المرج ، وبرياض أزاهير الغيب .
    ..........................................................................
    ( 1 ) عالم روحي خالص وليس مركباً من الروح والمادة كعالم الدنيا .



    “ 286 “


    فهأنذا أُسافر بلا رأس ولا قدم “ 1 “ ! وهأنذا أتذوق السكر بلا شفة ولا أسنان !
    وهأنذا ألهو مع سكان السماء ، وقد خلصت ذاكرتي وفكري من آلام الدماغ !



    2095 - وهأنذا أرى عالماً ( بأسره ) وعيناي مغمضتان ! وهأنذا - بلا كف - أجتني الورد والرياحين ! “ .
    إنّ طائر الماء أصبح غريق بحر من العسل ، وأضحى نبع أيوب له شراباً ومغتسلًا “ 2 “ .
    هذا الذي بمائه أصبح أيوب - من قمة الرأس إلى القدم - بريئاً من الآلام مثل نور المشرق !
    فلو كان المثنوي في حجم الفلك ، لما اتسع لنصف مثقال من هذا ( السرّ الإلهيّ ) .
    فإنّ هذه الأرض ، وتلك السماء - على سعتهما - مزقتا قلبي إرباً بضيقهما “ 3 “ !



    2100 - وأما ذلك العالم تجلى لي في المنام فقد أطلق برحابته قوادم جناحيّ وخوالفهما .
    فلو ظهر للعيان ذلك العالم واتضح سبيله ، لما بقي أحدُ لحظةً واحدة في هذا العالم ( الماديّ ) .
    لقد كان الأمر يأتيه ( قائلًا ) : “ لا تكن طامعاً ! وما دامت الشوكة قد خرجت من قدمك فلتمش ! “ .
    .......................................................................
    ( 1 ) بلا رأس يدبرو لا قدم تسعى .
    ( 2 ) قال تعالى : “ واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب ، راكض برجلك هذا مغتصل بارد وشراب “ . ( سورة ص ، 38 : 40 - 41 ) .
    ( 3 ) عاد الشاعر هنا إلى رواية حديث عازف الصنج .


    “ 287 “


    لكن روحه كانت تمضي متأنية ، مستغرقة في فضاء رحمة اللَّه وإحسانه .


    كيف أمر الهاتف عمر رضي اللَّه عنه في منامه قائلا :
    “ أعط قدراً من ذهب بيت المال لذلك الرجل النائم في القابر “


    وفي ذلك الوقت أرسل اللَّه إلى عمر نوماً لم يستطيع أن يتمالك منه نفسه .



    2105 - فاستولى عليه العجب ( وقال ) : “ إنّ هذا ليس بمعهود ! لقد جاء من الغيب ، وليس أمراً غير مقصود “ .
    فوسد رأسه وأخذه النوم ، فرأى في المنام أنّ نداء جاءه من الحق ، سمعته روحه .
    فذلك النداء هو أصل كل صيحة ، وكل صوت . إنه النداء ( الحق ) ، وكل ما عداه فهو صدى .
    فالترك والكرد والفرس والعرب فهموا هذا النداء بدون ( حاجة ) إلى أُذن وشفة .
    بل أي مكان للترك والعرب والزنج ( هنا ) ؟ إنّ هذا النداء قد فهمته الأخشاب والأحجار !


    2110 - ففي كل لحظة يجيء منه ( نداءُ )” أَ لَسْتُ ““ 1 “ ، فتتخذ الجواهر
    .........................................................................
    ( 1 ) إشارة إلى قوله تعالى :” وَإذْ أَخَذَ رَبُّكَ منْ بَني آدَمَ منْ ظُهُورهمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسهمْ أَ لَسْتُ برَبِّكُمْ قالُوا بَلى “. ( الأعراف ، 7 : 171 ) .
    وتفسير الآية : واذكر إذ أخرج ربك من أصلاب بني آدم ذريتهم على ما يكونون عليه في حياتهم المقبلة جيلًا بعد جيل ، وأظهر لهم دلائل ألوهيته ، ووهبهم من العقول ما مكنهم من إدراكها ثم أشهدهم على أنفسهم بقوله : “ ألست بربكم “ فقالوا : “ بلى “ .

    “ 288 “


    والأعراض صفة الوجود .
    ولو لم تجب تلك بقولها : “ بلى “ فإنّ مجيئها من العدم إلى الوجود هو الجواب بالإيجاب .
    ولكي تتبين ما قلته عن الإدراك عند الأحجار والأخشاب ، استمع جيداً إلى هذه القصة .


    كيف ناح الجذع الحنّان حينما أقيم منبر للرسول عليه السلام وذلك لأن المسلمين وقد ازداد المبارك حين تعظنا “ .
    وكيف سمع الرسولُ وأصحابهُ نواح الجذع وكيف جرى الحديث بصريح العبارة بين المصطفى وبين الجذع “ 1 “


    لقد كان الجذع الحنّان ينوح - من جراّء هجر الرسول - كأنه من أرباب العقول .
    فقال الرسول : “ ما ذا تريد أيها الجذع ؟ “ . فقال الجذع : “ إن روحي قد أصبحت - بفراقك - دماً !


    2115 لقد كنتُ مَسْنداً لك ، فتخليّت عني ، واتخذت لك مَسنداً فوق رأس المنبر “ .
    .................................................................................
    ( 1 ) اتفق البخاري وأبو داود في الرواية عن جابر قال : “ كان النبي إذا خطب استند على جذع نخلة من سواري المسجد ، فلما صُنع له المنبر صاحت النخلة التي كان يخطب عندها حتى كادت أن تنشق ، فنزل عليه السلام حتى أخذها وضمها اليه فجعلت تئن أنين الصبى الذي يسكت حتى استقرت فقال عليه السلام : “ بكت على ما كانت تسمع من الذكر “ . ( المنهج القوي ج 1 ، ص 388 ) .



    “ 289 “



    فقال الرسول : “ أتود أن تُصبح نخلةً يجتنى منها الشرقيُّ والغربيُّ الثمار ؟
    أم تريد أن تغدوَ في هذا العالم سرواً ، فتبقى إلى الأبد ريّان نضراً ؟ “ فقال الجذع : “ إنني أبتغي ما يدوم له البقاء ! “ . فلتستمع ( إلى ذلك ) أيها الغافل ! ولا تكن أقلّ ( إدراكاً ) من الخشبة ! ولقد دَفَنَ الرسولُ ذلك الجذعَ تحت التراب حتى يُحشَرَ كالناس يوم القيامة .


    2120 حتى تعلم أنّ كلّ من دعاه اللَّه ( إليه ) بقي مُنصرفاً عن كل مشاغل الدنيا .
    فكل من كان له مع اللَّه عمل وشؤون ، يجد سبيلًا إلى هناك ( عالم الروح ) ، وينصرف عن عمل ( الدنيا ) .
    وأما من لم يكن ذا حظّ من الأسرار ، فأنى له أن يصدق نواح الجماد ؟
    إنه يبدي الموافقة ، ولا يكون ذلك بقلبه ، بل من أجل الوفاق ، حتى لا يقال له إنه من أهل النفاق “ 1 “ .
    ولو لم يكن بالدنيا من هم واقفون على “ أمركُنْ “ “ 2 “ لكان هذا الكلام مردوداً .


    2125 فمئات الألوف من أهل التقليد والظاهر ، قد أوقعهم نصف وهمٍ في الظنون “ 3 “ .
    ...........................................................
    ( 1 ) حتى لا يتهم بأنه ينافق في دينه .
    ( 2 ) “ أمركُنْ “ هو مقدرة الخالق على الخلق .
    ( 3 ) الشطر الثاني من هذا البيت في طبعة نيكولسون هو : “ أفگند در قعر يك آسيبشان “ . ولكنا اختزنا في ترجمتنا رواية أخرى لهذ الشطر وردت في المنهج القوي ، كما وردت في أقدم المخطوطات التي اعتمد عليها نيكولسون في طبعته وهي : “ أفگند شان نيم وهمي درگمان “ ، لأنها أكثر مجاراة لمعاني الأبيات التالية .




    “ 290 “



    فكلّ ما لهم من تقليد واستدلال ، قائم على الظنّ وهكذا جملد قوادمم وخوالفهم “ 1 “ .
    فهذا الشيطان الخسيس يثير الشبهة ، فينقلب كل هؤلاء العُمى فوق رؤوسهم .
    إنّ هؤلاء الاستدلاليّين يسعون على ساق خشبية ، والساق الخشبية متعثرة واهية !
    فهم على خلال قطب الزمان ، صاحب البصيرة ، من تذهل من ثباته الجبال .



    2130 والعصا هي ساق الأعمى ، وهي معه حتى لا يتعثر بالحصا فينقلب على رأسه .
    إنّ الفارس وسيلة الجيش إلى الظفر ، فمن مثله لأهل الدين ؟ إنّ ( لهم ) أربابَ البصر .
    والعمي - وإن أبصروا الطريق بالعصيّ - فهم في رعاية الخلق المبصرين .
    فلو لم يكن هناك مبصرون ، وملوك ( روحيّون ) ، لهلك جيمع من في الدنيا من العميان !
    فما يتأتى من العميان زرع ولا حصاد ، ولا عمارة ولا تجارة ولا ربح .



    2135 ولو لم يرحمك اللَّه ، ويتفضل عليك ، لكسر لك عصا استدلالك .

    فما هذه العصا ؟ إنها القياسات والأدلة ! ومن وهبها للناس ؟ إنه المبصر الجليل ! وما دامت هذه العصا قد أصبحت آلة للحرب والنزاع ، فلتحطمها ولتبددها “ 2 “ أيها الضرير !

    .........................................................................

    ( 1 ) يريد بالقوادم والخوالف هنا الوسائل التي كانوا يستخدمونها في الوصول إلى الحقائق .

    ( 2 ) حرفياً : “ فلتحطمها قطَعاً أيها الضرير ! “ .






    “ 291 “



    لقد أعطاك هذه العصا لكي تتقدم بها ( نحوه ) ، فإذا بك في غضبك تتهجم بها عليه .
    فيا حلقة العميان ! ماذا أنتم فاعلون ؟ ألا فلتحضروا بينكم مبصراً هادياً .



    2140 ولتعتصموا بحبل من وهبكم العصا ! وللتأملوا ما لقية آدم من العصيان ! ولتنظروا إلى معجزتيْ موسى وأحمد ، وكيف صارت العصا حيّة أو جذعاً يعقل ! فمن العصا تنطلق الحيّة ، ومن الجذع تنطلق الحنين ، خمس مرات - كل يوم - من أجل الدين “ 1 “ ! فلو لم يكن هذا الذوق غير معقول ، فإية حاجة كانت لكل هذه المعجزات ؟
    فكل ما كان معقولًا يتقبله “ 2 “ العقل ، بدون حاجة إلى إظهار المعجزات ولا الجدال .



    2145 فمهما أبصرت هذا الطريق البكر غير معقول “ 3 “ ، فانظر ( كيف ) أنه مقبول لدى قلب كل مجدود الطالع .
    فكما هربت الجن والوحوش إلى الجزر خوفاً من الإنسان وحسداً له ، فإنّ المنكرين أخفوا رؤوسهم تحت العشب ، خوفاً من معجزات الأنبياء !
    وذلك ليعيشوا بالنفاق ، مشتهرين بالإسلام ، فلا تدري من يكونون .
    فهم كالمزيفين ، يمسحون النقد الزائف بالفضة ، ( ويضعون عليه ) اسم الملك .
    .............................................................................
    ( 1 ) أي أنّ المعجزات التي تبرهن على الدين الحق لا تنقطع .
    ( 2 ) حرفياً : يأكله العقل .
    ( 3 ) حرفياً : فانظر هذا الطريق البكر غير معقول وانظر . . . والمعنى : إن كان نظر يريك هذا الطريق غير معقول فإنه مقبول لدى قلوب السعداء المهتدين .




    “ 292 “



    2150 فظاهر ألفاظهم التوحيد والشرع ، وأما باطنها فهو كالخبز الذي حوى حبوباً تصرع الإنسان .
    إنّ المتفلسف لا قدرة له من أن ينطق بكلمة ، ولو نطق بها فإنّ الدين الحقّ يُفحمه !
    فيده ورجله من الجماد ، وهما تطيعان كل ما تأمر به روحه .
    ومع أنّ ( المنكرين ) تنطق ألسنتهم بالتُهَم ، فإن أيديهم وأرجلهم تشهد عليهم “ 1 “ .



    إظهار معجزة الرسول عليه السلام بنطق الحصى في يد أبي جهل عليه اللعنة
    وكيف شهد الحصى بصدق محمد عليه السلام


    لقد أطبق أبو جهل بكفه على بعض الحصى ، وقال : “ يا أحمد ! عجّل ، وقل لي ماذا بكفي !



    2155 فإن كنتَ رسولًا ( فلتخبرني ) ما الذي اختفى بكفي ، ما دمت تعلم أسرار السماء “ .
    فقال الرسول : “ وكيف تريد أن أخبرك ؟ أأقول لك ماذا تكون ( هذه الأشياء ) ، أم تقول لك هي أنني حقّ وصدق ؟
    “ فقال أبو جهل : “ إنّ الأمر الثاني أكثر غرابة ( من الأول “ 2 “ ) “ .
    فقال الرسول : “ نعم ، ولكن الحق أقدر على ما فوق ذلك “ .
    فانطلقت كل حصاة في كفه - بدون تخلف - ناطقة بالشهادة .
    ..................................................................
    ( 1 ) قال تعالى : “ اليوم نختم على أقواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما وكانوا يكسبون “ . ( يس ، 36 : 65 ) .
    ( 2 ) أمعن في غرابته .




    “ 293 “



    وقالت “ لا إله إلا اللَّه “ ، ونظمت جواهر “ محمد رسول اللَّه “ .
    2160 فحين سمع أبو جهل هذا من الحصى ، رماه على الأرض غاضباً



    .بقية قصة المطرب وكيف أن أمير المؤمنين عمر رضي اللَّه عنه
    أبلغه الرسالة التي نطق بها الهاتف


    فلتعد ولتستمع إلى حال المطرب ، فإنّ هذا المطرب أعياه الانتظار .
    لقد هتف النداء بعمر ( قائلًا ) : “ يا عمر ! خلصّ عبدنا من الحاجة !
    إنّ لنا عبداً ذا حظوة واحترام ، فجشّم قدميك التوجّه إلى المقابر .
    يا عمر ! عجلّ ، وخذ بيدك “ 1 “ سبعمائة دينار من بيت المال العالم !



    2165 واحملها إليه ( قائلًا ) : “ يا من أنت مختارنا ومصطفانا ! خذ هذا القدر الآن ، واعذرنا .
    إنّ هذا القدر ثمن الحرير ، فأنفقه ! وحين ينفد ، عُدْ إلى هذا المكان !
    “ فقفز عمر من هيبة هذا الصوت ، وشدّ حزامه للقيام بتلك الخدمة .
    لقد اتجه عمر نحو المقابر مسرعاً ، باحثاً ، وقد تأبط كيساً .
    ودار كثيراً حول المقابر ، فلم يجد هناك أحداً سوى هذا الشيخ .



    2170 فقال : “ ليس هذا ! “ ، وجرى مرة أُخرى فتعب ولم ير غير هذا الشيخ .
    فقال : “ لقد دعاني الحق ( بقوله ) : إنّ لنا عبداً صافياً مباركاً !
    .................................................................
    ( 1 ) حرفياً : وضع في يدك .



    “ 294 “



    فمتى كان عازف الصنج من خواصّ اللَّه ؟ ألا أيها السرّ الخفي ! ما أروعك وما أبهاك ! “ .
    ودار مرة أُخرى حول المقابر ، كما يدور أسد مفترس حول البرية .
    فلما أيقن أن ليس هناك سوى هذا الشيخ قال : “ إنّ في الظلمة لكثيراً من القلوب النيّرة ! “ .



    2175 وجاء ، وجلس هناك في آدب جمّ ، وانتابته عطسة فقفز الشيخ .
    ورأى عمر فتولاه العجب ، وهم بالمسير ، فأصاب الارتعاش بدنه .
    فحدث نفسه قائلًا : “ يا إلهي ! لقد التمست منك العطاء ، ( ولكن ) ها هو ذا المحتسب قد وقع على مطرب شيخ ! “ .
    وحين وقع نظر عمر على وجه هذا الشيخ ، رآه خجلًا شاحباً .
    فقال له عمر : “ لا تخف ! ولا تهرب مني ! لقد جئتك ببشارة من الحقّ .



    2180 - لقد أفاض اللَّه في مدح صفاتك حتى جعل عمر عاشقاً لمحيّاك ! فالجس أمامي ، ولا تهجرني ، حتى أحدثك بسرّ عن الإقبال !
    إنَّ الحق يسلّم عليك ويسألك : كيف أنت في الملك وهمومك التي لا تحدّ ؟
    إليك بعض النقود ( لتدفع ) ثمن الحرير ، فأنفقها ، وعد ثانية إلى هذا المكان ! “ .

    فلما سمع الشيخ هذا ( الكلام ) ارتجف ، وعضّ يده ، ومزق ثيابه


    2185 - وصاح : “ أيها الإله الذي لا نظير له ! حسبك أنّ هذا الشيخ المسكين قد ذاب حياء !
    “ ولما طال به البكاء وطغى عليه الألم ، قذف بالصنج على الأرض فحطمّه .

    وقال : “ سحقاً لك ) ، أيها الصنج الذي كان لي حجاباً عن الإله ! يا من كنت قاطع طريق يصدني عن سبيل المَلك !






    “ 295 “



    يا من شربت دمي سبعين عاماً ! يا من اسود وجهي - منك - أمام ربّ الكمال ! فيا إلهي ! يا ربّ العطاء والوفاء ! رحمة بعمر تقضى في الجفاء ( والعصيان ) !



    2190إنّ الحقّ وهبني عمراً ، وليس سواه يعرف قيمة اليوم الواحد منه .

    ولقد أنفقت عمري لحظة لحظة ، ونفخته كله في النغم الخفيض والعالي .

    آها فإني - لإمعاني الفكر بموسيقى العراق وأنغامه - لم تخطر بيالي لحظة الفراق المرّ .

    وآهاً فإنّ طراوة مقام “ زير افگند “ “ 1 “ الصغير قد أذبلت زرع قلبي ، فمات القلب .

    وآهاً فإني - ( لا نشغالي ) بالأصوات الأربعة والعشرين - تركتْني القافلة ، وانقضى النهار .



    2195 يا الهي ! إنني أستغيث بك من تلك ( النفس ) الضارعة إليك ! وما أطلب إنصافك إلا من تلك ( النفس ) المللتمسة إنصافك !
    فما أنا واجد لنفسي الإنصاف إلا عنده ، فهو أقرب اليّ من نفسي .

    إنّ هذه الأنانيني تأتيني منه لحظة بعد لحظة ، ولهذا فإني لن أراه إلا حين تنقص هذه مني “ 2 “ .

    فمثله كمثل الذي يعدّ ذلك الذهب . إنك لتتجه بنظرك إليه ، لا إلى نفسك .

    .......................................................................

    ( 1 ) اسم لا حد الأنغام الموسيقية ومعناه النغمة الخفيضة أو نغمة القرار .

    ( 2 ) إن عطاءه الذي يصل إليّ في كل لحظة يجعلني أنانياً ، إذ أنني أنظر إلى العطاء ، وأغفل عن الواهب ، مع أن الواجب أن أنظر إلى الوهاب قبل العطاء .






    “ 296 “



    كيف حول عمر رضي اللَّه عنه نظر المطرب عن مقام البكاء الذي هو

    وجود إلى مقام الاستغراق الذي هو فناء



    فقال له عمر : “ إنّ انتخابك هذا إنما هو أيضاً من آثار إحساسك بذاتك !



    2200 فطريق الواصل إلى الفناء طريق آخر ، كما أنّ الإحساس بالذات إثم آخر .

      الوقت/التاريخ الآن هو 26/11/2024, 20:13