كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد بن أبي بكر إبراهيم بن أبي يعقوب إسحاق العطار النيسابوري
المقالة الحادية والثلاثون سؤال طائر آخر الأبيات من 2627 - 2634
قال له آخر : كيف يكون الإنصاف والوفاء ، عند المثول في حضرة ذلك السلطان ، لقد أنصفني الحق تعالى كثيرة ، كما لم أجنح إلى عدم الوفاء مع أي شخص ، فإن تجتمع لدى إنسان هذه الصفة ، فيا ذا تكون منزلته في طريق المعرفة ؟
و قال ( الهدهد ) : الإنصاف أساس النجاة ، ومن يتصف به ينج من الترهات ، وإذا وصل إنصافك إلى حيز الوجود ، فهذا أفضل من قضاء عمر مديد في الركوع والسجود .
ولا أريحية لك في الدنيا والآخرة ، أفضل من الإنصاف في السريرة .
ومن ينصف في العلانية ، يلزمه التخلي عن الرياء والمراءاة ، والرجال لا يطلبون الإنصاف من أحد، ولكنهم كثيرا ما يبذلونه طواعية .
المقالة الحادية والثلاثون حكاية 1
الأبيات من 2635 - 2642
كان أحمد بن حنبل امام العصر، وشرح فضله يخرج عن نطاق الحصر ، وكلما كان ينتهي من درسه ، كان يسارع بالمسير صوب بشر الحافي ، فإن يجد أحدا لدى بشر، كان لا يكف عن ملامته .
فكان (بشر الحافي ) يقول إنك آخر إمام للعالمين ، ولن يأتي من هو أعلم منك ، ومهما يقول العالمون فلست ملزما بساعه ، ولك أن تمضي أمامهم حاسر الرأس حافي القدم .
فكان الإمام أحمد يقول : لقد حزت قصب السبق في الأحاديث و السنن ، ومع أن علمي عظيم ، فإنني أتعلم منك الحسن والطهر.
کما انك تعرف الله أفضل مني .
ياعديم الإنصاف کم تتردى في الجهل ، فانظر ولو للحظة واحدة إنصاف المحنكين!
المقالة الحادية والثلاثون حكاية 2
الأبيات من 2643 – 2663
كان للهنود ملك مسن وقع أسيرا في يد جند محمود "الغزنوي" ، وما أن حمله الجند إلى محمود ، حتى سارع ذلك الملك بقبول الإسلام ،
ثم حصل كل أسباب المعرفة ، كما تحرر من جميع العالمين ، بعد ذلك جلس وحيدا في الخيمة ، وتخلى عن قلبه ،
واستقر في محراب المحبة ، حيث كان يقضي ليله ونهاره في بكاء وعويل ، وكان نهاره أسوأ من ليله ، وليله أسوأ من نهاره .
وما أن زاد عويله ونحيبه ، حتى أخبر محمود بأمره ، فاستدعاه محمود للمثول أمامه ،
حيث قال : يمكنني أن أمنحك مائة مملكة أكثر مما كان لك ، وأنت ما زلت ملكا ، فلا تنعي حالك بسبب هذا الأمر ، ولا تنخرط في البكاء أكثر مما أنت فيه .
قال ملك الهند : أيها السلطان العظيم ، إنني لا أبكي من أجل الملك والجاه ، ولكنني أبكي خشية أن يسألني الله عز وجل يوم القيامة سؤالا ،
فيقول : أيها الجاهل سيء العهد عدیم الوفاء ، لماذا زرعت مع : من مثلي بذور الجفاء ؟
إذا لم يأتك محمود بعالم غاص بالفرسان والجنود ، ما تذكرتني ، فكيف كان هذا؟ إن هذا بعيد عن الوفاء .
لذا أوجبت تحرك الجيش من أجلك ومن أجل الآخرين ، وبدون هذا الجيش ، ما جاءتك مني تذكرة ، فهل أدعوك صديقا أم عدوا ، وإلى متى يكون الوفاء مني .
ومنك الجفاء ؟ فهذا الصنيع منك لا يجمل في الوفاء .
إن يأتني هذا الخطاب من الحق تعالى ، فكيف أجيب على ما بدر مني من عدم الوفاء ؟
وكيف أواجه هذا الخجل ، وذلك الاضطراب ؟
ولهذا يبكي الشيخ أيها الشاب ، فاسمع كل حرف يقال عن الإنصاف والوفاء ، وأسمع جيدأ لما يلقي في محيط الدرس ، وإذا كنت وفيأ ، فاعزم على سلوك الطريق ،
وإلا فارض بالقعود ، وكف يدك عن هذا الطريق ، وكل ما يخرج عن حيز الوفاء ، لا يليق بباب المروءة .
المقالة الحادية والثلاثون حكاية 3
الأبيات من 2664 - 2687
طلب أحد الغزاة مهلة من كافر ذي همة، طلب مهلة ليؤدي صلاة، وما أن وافق الكافر حتى أدى الغازي الصلاة، ثم عادت الحرب بين الرجلين إلى مجراها. وكانت للكافر صلاته كذلك، فطلب مهلة هو الآخر، وانسحب من المجابهة، واختار الكافر ركناً أطهر، ثم وضع رأسه على التراب أمام الصنم.
وما أن رآه الغازي واضعاً رأسه على الأرض،
حتى قال: لقد واتتني الفرصة في ذلك الوقت، فأراد أن يضربه بسيفه، فجاءه هاتف من السماء صائحاً:
يا من تتسم بسوء العهد، عليك بالتمسك بالوفاء والعهد، إنه لم يضربك بالسيف وقد أعطاك المهلة أولاً، فإن تضربه بالسيف فكم تكون جاهلاً!
فيا من لم تقرأ «وأوفوا بالعهود» لقد أصبحت خائناً للعهد، إذا كان الكافر قد أحسن صنعاً قبل هذا، فلا تكن عديم المروءة أكثر من هذا.
لقد فعل الخير وأنت تفعل السوء، فافعل مع الخلق ما تريده لنفسك. كان لك الوفاء والأمن من الكافر، فأين وفاؤك إذا كنت مؤمناً؟
فيا أيها المسلم لقد جئت بعيداً عن التسليم، حيث كنت أقل وفاء من الكافر.
تحرك الغازي من مكانه بعد سماع هذا الحديث، وقد تملكه الخجل وأصبح يتصبب عرقاً من الرأس إلى القدمين.
وما أن رآه الكافر منتحباً هكذا حتى وقف حائراً والسيف في يده، وقال لماذا تبكي؟ فلتقل حقيقة ما حدث؟
قال الغازي: لقد عوتبت في هذه اللحظة بسببك، ووصفت بعدم الوفاء من أجلك، لذا فأنا حائر هكذا بسبب قهرك.
ما إن سمع الكافر هذا القول الصريح، حتى أطلق صيحة عالية واسترسل في البكاء
وقال: أهكذا يعاتب الله الجبار محبوبه من أجل عدوٍّه البغيض؟
فإن يعاتب هكذا في الوفاء فماذا أصنع يوم الحساب، وقد عدمت الوفاء؟
لتعرض عليّ الإسلام حتى أسارع بالدخول فيه، وأحرق الشرك، وأتبع شريعة اليقين، وأسفاه أن كُبِّل قلبي،
وأصبحت عديم المعرفة بربي هكذا يا عديم الأدب ما أكثر مجافاتك للوفاء مع مطلوبك طوال الليل و النهار ولكنني سأتذرع بالصبر ، حتى يواجهك طاس الفلك بأفعالك واحدا واحدا.
حكاية يوسف والطاس
الأبيات من 2688 – 2716
أصاب القحط الإخوة العشرة بالنفور ، فجاءوا إلى يوسف بعد طول مسير ، وشرحوا حالهم وما أصابهم من ذلة ،
وطلبوا العون بسبب القحط في هذه السنة ، وكان وجه یوسف مقنعا بحجاب ، وأمامه طاس في ذلك الوقت ، فما أن طرق الطاس بيده ، حتى انهمر الطاس في بكاء ونحيب ،
فقال يوسف في الحال : يا من تدركون الحكمة ، ألا يعرف أحدكم صوت هذا الطاس ؟
فنطق الإخوة العشرة أمام يوسف مقرين بعجزهم في هذا الوقت ، حيث قالوا : أيها العزيز العالم بالحق ، كيف يعرف الشخص أي صوت صادر عن الطاس ؟
فقال يوسف في التو : إنني أعرف تماما ما يقوله ، ولكنكم واهنون .
فالطاس يقول : لقد كان لكم من قبل ، أخ له من الحسن أكثر مما للكل ، وكان اسمه يوسف، كما كان يفوقكم في مراتب الحسن والكمال.
ثم طرق الطاس مرة أخرى ،
وقال كما أنه يقول: لقد ألقيتم يوسف في البئر ، ثم اتهمتم ذئبا بريئا .
وطرق الطاس مرة ثالثة ، أحدث الطاس أصواتا أخرى ،
فقال يقول الطاس : إنكم أصبت الوالد بالحرقة ، حيث بعتم يوسف القمري الوجه . فهل يفعل الكفار ما فعلتموه مع أخيهم؟
فليصبكم الخذلان من الحق ، أيها الحاضرون .
تملك هؤلاء الأخوة الحيرة من هذا الكلام ، وتصبب الجميع عرقا ، مما ألم بهم من خجل ، وعلى الرغم من أنهم باعوا يوسف في ذلك الوقت، إلا أنهم أضاءوا طريق الحياة أمامه في ذات الوقت ،
وما أن ألقوه في البئر ، حتى سقطوا جميعا في بئر البلاء .
عديم البصيرة من يسمع هذه القصة ، ولا يأخذ منها العبرة .
لا تنظر إلى هذه القصة بلا بصيرة ، فهذه كلها قصتك أنت ، أيها الجاهل .
كل ما فعلته من عدم وفاء ، قد فعلته دون إدراك النور المعرفة ، وإن يطرق إنسان الطاس من أجلك، .
فستجد أفعالك القبيحة تفوق كل هذا ، فلتظل كما أنت حتى يوقظوك ، ثم يأسروك وأنت في طباعك السيئة .
وليبق إلى الغد كل جفائك ، وليبق لك كل كفرك وأخطائك .
فسيعرض كل ذلك واحدة واحدة ، وسيحصى عليك كل ذلك واحد و أحد .
وإلام بصل صوت الطاس إلى الأذن ؟
إنني لا أعلم إلى متى يبقى العقل والإدراك .
با شبيهة بالنملة العرجاء في مزاولة كل أمر ، هكذا أصبحت في قاع طاس کالأسير ، وما أكثر ما طفت حول الطاس منکسا ، فامض فإن هذا .فالطست غاص بالدماء .
و أن تظل وسط الطاس مبتليا ، فسيأتيك بصوت جديد في كل لحظة .
فارفع الرأس وأمعن النظر يا عالما بالحق ، و إلا تصبح مفضوحا من صوت الطاس .
المقالة الحادية والثلاثون سؤال طائر آخر الأبيات من 2627 - 2634
قال له آخر : كيف يكون الإنصاف والوفاء ، عند المثول في حضرة ذلك السلطان ، لقد أنصفني الحق تعالى كثيرة ، كما لم أجنح إلى عدم الوفاء مع أي شخص ، فإن تجتمع لدى إنسان هذه الصفة ، فيا ذا تكون منزلته في طريق المعرفة ؟
و قال ( الهدهد ) : الإنصاف أساس النجاة ، ومن يتصف به ينج من الترهات ، وإذا وصل إنصافك إلى حيز الوجود ، فهذا أفضل من قضاء عمر مديد في الركوع والسجود .
ولا أريحية لك في الدنيا والآخرة ، أفضل من الإنصاف في السريرة .
ومن ينصف في العلانية ، يلزمه التخلي عن الرياء والمراءاة ، والرجال لا يطلبون الإنصاف من أحد، ولكنهم كثيرا ما يبذلونه طواعية .
المقالة الحادية والثلاثون حكاية 1
الأبيات من 2635 - 2642
كان أحمد بن حنبل امام العصر، وشرح فضله يخرج عن نطاق الحصر ، وكلما كان ينتهي من درسه ، كان يسارع بالمسير صوب بشر الحافي ، فإن يجد أحدا لدى بشر، كان لا يكف عن ملامته .
فكان (بشر الحافي ) يقول إنك آخر إمام للعالمين ، ولن يأتي من هو أعلم منك ، ومهما يقول العالمون فلست ملزما بساعه ، ولك أن تمضي أمامهم حاسر الرأس حافي القدم .
فكان الإمام أحمد يقول : لقد حزت قصب السبق في الأحاديث و السنن ، ومع أن علمي عظيم ، فإنني أتعلم منك الحسن والطهر.
کما انك تعرف الله أفضل مني .
ياعديم الإنصاف کم تتردى في الجهل ، فانظر ولو للحظة واحدة إنصاف المحنكين!
المقالة الحادية والثلاثون حكاية 2
الأبيات من 2643 – 2663
كان للهنود ملك مسن وقع أسيرا في يد جند محمود "الغزنوي" ، وما أن حمله الجند إلى محمود ، حتى سارع ذلك الملك بقبول الإسلام ،
ثم حصل كل أسباب المعرفة ، كما تحرر من جميع العالمين ، بعد ذلك جلس وحيدا في الخيمة ، وتخلى عن قلبه ،
واستقر في محراب المحبة ، حيث كان يقضي ليله ونهاره في بكاء وعويل ، وكان نهاره أسوأ من ليله ، وليله أسوأ من نهاره .
وما أن زاد عويله ونحيبه ، حتى أخبر محمود بأمره ، فاستدعاه محمود للمثول أمامه ،
حيث قال : يمكنني أن أمنحك مائة مملكة أكثر مما كان لك ، وأنت ما زلت ملكا ، فلا تنعي حالك بسبب هذا الأمر ، ولا تنخرط في البكاء أكثر مما أنت فيه .
قال ملك الهند : أيها السلطان العظيم ، إنني لا أبكي من أجل الملك والجاه ، ولكنني أبكي خشية أن يسألني الله عز وجل يوم القيامة سؤالا ،
فيقول : أيها الجاهل سيء العهد عدیم الوفاء ، لماذا زرعت مع : من مثلي بذور الجفاء ؟
إذا لم يأتك محمود بعالم غاص بالفرسان والجنود ، ما تذكرتني ، فكيف كان هذا؟ إن هذا بعيد عن الوفاء .
لذا أوجبت تحرك الجيش من أجلك ومن أجل الآخرين ، وبدون هذا الجيش ، ما جاءتك مني تذكرة ، فهل أدعوك صديقا أم عدوا ، وإلى متى يكون الوفاء مني .
ومنك الجفاء ؟ فهذا الصنيع منك لا يجمل في الوفاء .
إن يأتني هذا الخطاب من الحق تعالى ، فكيف أجيب على ما بدر مني من عدم الوفاء ؟
وكيف أواجه هذا الخجل ، وذلك الاضطراب ؟
ولهذا يبكي الشيخ أيها الشاب ، فاسمع كل حرف يقال عن الإنصاف والوفاء ، وأسمع جيدأ لما يلقي في محيط الدرس ، وإذا كنت وفيأ ، فاعزم على سلوك الطريق ،
وإلا فارض بالقعود ، وكف يدك عن هذا الطريق ، وكل ما يخرج عن حيز الوفاء ، لا يليق بباب المروءة .
المقالة الحادية والثلاثون حكاية 3
الأبيات من 2664 - 2687
طلب أحد الغزاة مهلة من كافر ذي همة، طلب مهلة ليؤدي صلاة، وما أن وافق الكافر حتى أدى الغازي الصلاة، ثم عادت الحرب بين الرجلين إلى مجراها. وكانت للكافر صلاته كذلك، فطلب مهلة هو الآخر، وانسحب من المجابهة، واختار الكافر ركناً أطهر، ثم وضع رأسه على التراب أمام الصنم.
وما أن رآه الغازي واضعاً رأسه على الأرض،
حتى قال: لقد واتتني الفرصة في ذلك الوقت، فأراد أن يضربه بسيفه، فجاءه هاتف من السماء صائحاً:
يا من تتسم بسوء العهد، عليك بالتمسك بالوفاء والعهد، إنه لم يضربك بالسيف وقد أعطاك المهلة أولاً، فإن تضربه بالسيف فكم تكون جاهلاً!
فيا من لم تقرأ «وأوفوا بالعهود» لقد أصبحت خائناً للعهد، إذا كان الكافر قد أحسن صنعاً قبل هذا، فلا تكن عديم المروءة أكثر من هذا.
لقد فعل الخير وأنت تفعل السوء، فافعل مع الخلق ما تريده لنفسك. كان لك الوفاء والأمن من الكافر، فأين وفاؤك إذا كنت مؤمناً؟
فيا أيها المسلم لقد جئت بعيداً عن التسليم، حيث كنت أقل وفاء من الكافر.
تحرك الغازي من مكانه بعد سماع هذا الحديث، وقد تملكه الخجل وأصبح يتصبب عرقاً من الرأس إلى القدمين.
وما أن رآه الكافر منتحباً هكذا حتى وقف حائراً والسيف في يده، وقال لماذا تبكي؟ فلتقل حقيقة ما حدث؟
قال الغازي: لقد عوتبت في هذه اللحظة بسببك، ووصفت بعدم الوفاء من أجلك، لذا فأنا حائر هكذا بسبب قهرك.
ما إن سمع الكافر هذا القول الصريح، حتى أطلق صيحة عالية واسترسل في البكاء
وقال: أهكذا يعاتب الله الجبار محبوبه من أجل عدوٍّه البغيض؟
فإن يعاتب هكذا في الوفاء فماذا أصنع يوم الحساب، وقد عدمت الوفاء؟
لتعرض عليّ الإسلام حتى أسارع بالدخول فيه، وأحرق الشرك، وأتبع شريعة اليقين، وأسفاه أن كُبِّل قلبي،
وأصبحت عديم المعرفة بربي هكذا يا عديم الأدب ما أكثر مجافاتك للوفاء مع مطلوبك طوال الليل و النهار ولكنني سأتذرع بالصبر ، حتى يواجهك طاس الفلك بأفعالك واحدا واحدا.
حكاية يوسف والطاس
الأبيات من 2688 – 2716
أصاب القحط الإخوة العشرة بالنفور ، فجاءوا إلى يوسف بعد طول مسير ، وشرحوا حالهم وما أصابهم من ذلة ،
وطلبوا العون بسبب القحط في هذه السنة ، وكان وجه یوسف مقنعا بحجاب ، وأمامه طاس في ذلك الوقت ، فما أن طرق الطاس بيده ، حتى انهمر الطاس في بكاء ونحيب ،
فقال يوسف في الحال : يا من تدركون الحكمة ، ألا يعرف أحدكم صوت هذا الطاس ؟
فنطق الإخوة العشرة أمام يوسف مقرين بعجزهم في هذا الوقت ، حيث قالوا : أيها العزيز العالم بالحق ، كيف يعرف الشخص أي صوت صادر عن الطاس ؟
فقال يوسف في التو : إنني أعرف تماما ما يقوله ، ولكنكم واهنون .
فالطاس يقول : لقد كان لكم من قبل ، أخ له من الحسن أكثر مما للكل ، وكان اسمه يوسف، كما كان يفوقكم في مراتب الحسن والكمال.
ثم طرق الطاس مرة أخرى ،
وقال كما أنه يقول: لقد ألقيتم يوسف في البئر ، ثم اتهمتم ذئبا بريئا .
وطرق الطاس مرة ثالثة ، أحدث الطاس أصواتا أخرى ،
فقال يقول الطاس : إنكم أصبت الوالد بالحرقة ، حيث بعتم يوسف القمري الوجه . فهل يفعل الكفار ما فعلتموه مع أخيهم؟
فليصبكم الخذلان من الحق ، أيها الحاضرون .
تملك هؤلاء الأخوة الحيرة من هذا الكلام ، وتصبب الجميع عرقا ، مما ألم بهم من خجل ، وعلى الرغم من أنهم باعوا يوسف في ذلك الوقت، إلا أنهم أضاءوا طريق الحياة أمامه في ذات الوقت ،
وما أن ألقوه في البئر ، حتى سقطوا جميعا في بئر البلاء .
عديم البصيرة من يسمع هذه القصة ، ولا يأخذ منها العبرة .
لا تنظر إلى هذه القصة بلا بصيرة ، فهذه كلها قصتك أنت ، أيها الجاهل .
كل ما فعلته من عدم وفاء ، قد فعلته دون إدراك النور المعرفة ، وإن يطرق إنسان الطاس من أجلك، .
فستجد أفعالك القبيحة تفوق كل هذا ، فلتظل كما أنت حتى يوقظوك ، ثم يأسروك وأنت في طباعك السيئة .
وليبق إلى الغد كل جفائك ، وليبق لك كل كفرك وأخطائك .
فسيعرض كل ذلك واحدة واحدة ، وسيحصى عليك كل ذلك واحد و أحد .
وإلام بصل صوت الطاس إلى الأذن ؟
إنني لا أعلم إلى متى يبقى العقل والإدراك .
با شبيهة بالنملة العرجاء في مزاولة كل أمر ، هكذا أصبحت في قاع طاس کالأسير ، وما أكثر ما طفت حول الطاس منکسا ، فامض فإن هذا .فالطست غاص بالدماء .
و أن تظل وسط الطاس مبتليا ، فسيأتيك بصوت جديد في كل لحظة .
فارفع الرأس وأمعن النظر يا عالما بالحق ، و إلا تصبح مفضوحا من صوت الطاس .
25/11/2024, 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
25/11/2024, 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
25/11/2024, 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
25/11/2024, 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
25/11/2024, 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
25/11/2024, 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin