كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
48 - شرح تجلي الوصية
48. متن نص تجلي الوصية :
أوصيك في هذا التجلي بالعلم والتحفظ من لذات الأحوال فإنها سمومٌ قاتلة ، وحجب مانعة .
فإن العلم يستعبدك له وهو المطلوب منا ويحضرك معه .
والحال يسوّدك على أبناء الجنس فيستبعدهم لك قهر الحال فتبسط لهم بنعوت الربوبية.
وأين أنت في ذلك الوقت مما خلقت له ؟؟ !
فالعلم أشرف مقام فلا يفوتنك .
48 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل :
« ومن تجلي الوصية وهو ما هذا نصه : أوصيك في هذا التجلي بالعلم. . فالعلم أشرف مقام فلا يفوتك .
قال جامعه سمعت شيخي رضي الله عنه يقول في أثناء شرحه لهذا التجلي ما هذا معناه .
قال بعضهم : كلما تلذذ به فهو وقوف.
وقال بعضهم: العلم قطعك عن الجهل، فإياك أن يقطعك عن الله تعالى .
وقال بعضهم : العلم بالله عبارة عن عدم العلم به .
قال : وإياك ولذات الأحوال .
فإنها إما تسودك على أبناء الجنس لانقيادهم إلى ما قهرتهم به من الوصف الرباني أو تلذذك بذاتك والالتذاذ إنما يكون بالمناسب الملائم ولا ملائمة بين الحق سبحانه والخلق بوجه من الوجوه ولهذا لا يصح الأنس بالله تعالى .
ومن قال بذلك إنما هو تجوز منه قيل للشيخ أيده الله تعالى. فقد وجدنا للعلوم لذة . قال : تلك لذة الحال .
فإن العلم يعطي الحال والحال يعطي اللذة . وللعلم نتائج بعضها أولى بك من بعض . والعلم إما أن يفنيك فيه سبحانه فلا لذة مع مشاهدته أصلا ، وإما أن يبقيك لك فهو يطالبك بالقيام بشروط الربوبية وأدائها ، فلا لذة طبيعية فيه أصلا.
واعلم أن الحق خلقك له خاصة . فالعلم يردك إليه سبحانه . أبدا، والحال يردك إلى الكون فتخرج بذلك عما خلقت له .
واعلم أنه متى حصل التلذذ بالعلم قارنته الآفة وكان حالا لا علما. فينبغي أن يتفطن لهذا الفرق.
واعلم أن صاحب اللذة محجوب باللذة . والأصل في ذلك أن التكليف ينافي اللذة .
وهذا الموطن الذي هو موطن العبودية ينافي اللذة ولا يخلو إما أن يكون الحق مشهودا لي أم لا.
فإن كان مشهودا لي فهو الفناء وإن لم يكن مشهودا لي وكان العلم هو المشهود، فالعلم إنما يعطي وظائف العبودية التي اقتضاها الموطن بالتكليف.
واعلم وتحقق أن الأنفاس محفوظة ومتی فات الإنسان في جميع عمره نفس واحد من أنفاسه ، كان فواته أعظم من جميع ما مضى من الأنفاس لأن النفس الفايت يتضمن جميع ما مضى وزيادة وهو حقيقته في ذاته .
واختلف المحققون في ذلك النفس الفایت ، هل يعود في الآخرة أم لا.
فعندنا نحن أنه يعود بكرم الله تعالى، بطريق يعرف الله تعالى بها من يريد إكرامه .
وقد خلق الإنسان الترقي مع الأنفاس .
فمتى طلب لذة ما من حال أو مقام ثم أعطيها فقد فاتته حقیقته «أي حقيقة الترقي مع الأنفاس في الدنيا والآخرة. ومتى كان الحق سبحانه هو الذي يبتدئ العبد باللذة من غير طلب من العبد، فالحق سبحانه يجبر عليه ما يفوته من أنفاسه في زمن اللذة .
وقال السياري رحمه الله تعالى عليه : مشاهدة الحق ليس فيها لذة .
وقال بعضهم : ذنب المحب بقاؤه .
وقال بعضهم : حسنة المحب بقاؤه . وذلك أن المحبة تقتضي فناؤه ،وسلطان المحبوب يقتضي بقاءه . فبقاء المحب ببقاء سلطان المحبوب.
فمن هذا الوجه يكون بقاء المحب حسنة والوجه الآخر هو المعروف ابتداء . وهو أن المحبة تطالبه بفنائه عن نفسه لاستغراقه في محبوبه .
وأما الفناء الكلي فإنه لا يصح ولا بد من البقاء . لكن إن كان المحب باقيا بنفسه لنفسه فيقال له : لو كنت محبا حقيقة لفنيت عنك بمحبوبك فبقاء المحب ينبغي أن يكون عند محبوبه واستهلاكه في وجود نفسه خاصة. فاعلم. والله يقول الحق .
48 - شرح تجلي الوصية
292 - (أوصيك في هذا التجلي بالعلم) يريد العلم الشهودي الكاشف عن حقيقة الشيء وما يلزمها من الصفات والأحكام واللوازم .
فمقتضى العلم رد اللطيفة الإنسانية إلى الحق الذي هو أصلها ومحتدها بالمحو والفناء .
ومقتضى الحال تلذذها بوجودها وبقائها وسيادتها بنتائج الأحوال واستعمال شواهدها من الخوارق على أشباهها. فالعلم يردك إلى الحق بالفناء.
والالتذاذ إنما يكون بالمناسب الملائم، ولا مناسبة ولا ملائمة بين الحق المفني والخلق الفاني .
فلا التذاذ في شهود الحق فإن شهوده قاض بفناء الرسم ومحو الأثر.
اللهم إلا أن يتجلى بالتجلي الأوسع الشمسي ، إذ لا محو فيه ولا فناء ، والشهود فيه يعطي الالتذاذ . والحال يردك إلى الكون روما للسيادة عليه .
ففي الحال غاية الالتذاذ بوجود المناسبة والملائمة .
فإذا وقع التعارض بين العلم والحال ، فالكمال في التزام حكم العلم، والنقص في التزام حكم الحال.
ولذلك وقعت الوصية بلسان التحقيق بالتزام حكم العلم في هذا التجلي ووقع التحذير من الحال ونتائجه .
حيث قال قدس سره :
293 - ( وتحفظ من لذات الأحوال فإنها سموم قاتلة وحجب مانعة فإن العلم يستعبدك له) تعالى (وهو المطلوب منا و يحضرك معه) فإنه يحكم بخضوع الفرع لأصله، وذلك كعبودية الجزء لكله (و الحال يسودك على أبناء الجنس فيستعبدهم لك قهر الحال فتبسط لهم بنعوت الربوبية. و أين أنت في ذلك الوقت وما خلقت له) من خالص العبودية والقيام بوفاء حقها ، على وفق ما شرع .
294 - (فالعلم أشرف مقام فلا يفوتنك) ومتى وجدت في العلم لذة ، فتلك لذة الحال . إذ العلم يعطي الحال ، والحال تعطي اللذة والعبودية التي أنت مما خلقت لها، لا لذة فيها فإنها من موطن التكليف الذي ينافي اللذة.
.
48 - شرح تجلي الوصية
48. متن نص تجلي الوصية :
أوصيك في هذا التجلي بالعلم والتحفظ من لذات الأحوال فإنها سمومٌ قاتلة ، وحجب مانعة .
فإن العلم يستعبدك له وهو المطلوب منا ويحضرك معه .
والحال يسوّدك على أبناء الجنس فيستبعدهم لك قهر الحال فتبسط لهم بنعوت الربوبية.
وأين أنت في ذلك الوقت مما خلقت له ؟؟ !
فالعلم أشرف مقام فلا يفوتنك .
48 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل :
« ومن تجلي الوصية وهو ما هذا نصه : أوصيك في هذا التجلي بالعلم. . فالعلم أشرف مقام فلا يفوتك .
قال جامعه سمعت شيخي رضي الله عنه يقول في أثناء شرحه لهذا التجلي ما هذا معناه .
قال بعضهم : كلما تلذذ به فهو وقوف.
وقال بعضهم: العلم قطعك عن الجهل، فإياك أن يقطعك عن الله تعالى .
وقال بعضهم : العلم بالله عبارة عن عدم العلم به .
قال : وإياك ولذات الأحوال .
فإنها إما تسودك على أبناء الجنس لانقيادهم إلى ما قهرتهم به من الوصف الرباني أو تلذذك بذاتك والالتذاذ إنما يكون بالمناسب الملائم ولا ملائمة بين الحق سبحانه والخلق بوجه من الوجوه ولهذا لا يصح الأنس بالله تعالى .
ومن قال بذلك إنما هو تجوز منه قيل للشيخ أيده الله تعالى. فقد وجدنا للعلوم لذة . قال : تلك لذة الحال .
فإن العلم يعطي الحال والحال يعطي اللذة . وللعلم نتائج بعضها أولى بك من بعض . والعلم إما أن يفنيك فيه سبحانه فلا لذة مع مشاهدته أصلا ، وإما أن يبقيك لك فهو يطالبك بالقيام بشروط الربوبية وأدائها ، فلا لذة طبيعية فيه أصلا.
واعلم أن الحق خلقك له خاصة . فالعلم يردك إليه سبحانه . أبدا، والحال يردك إلى الكون فتخرج بذلك عما خلقت له .
واعلم أنه متى حصل التلذذ بالعلم قارنته الآفة وكان حالا لا علما. فينبغي أن يتفطن لهذا الفرق.
واعلم أن صاحب اللذة محجوب باللذة . والأصل في ذلك أن التكليف ينافي اللذة .
وهذا الموطن الذي هو موطن العبودية ينافي اللذة ولا يخلو إما أن يكون الحق مشهودا لي أم لا.
فإن كان مشهودا لي فهو الفناء وإن لم يكن مشهودا لي وكان العلم هو المشهود، فالعلم إنما يعطي وظائف العبودية التي اقتضاها الموطن بالتكليف.
واعلم وتحقق أن الأنفاس محفوظة ومتی فات الإنسان في جميع عمره نفس واحد من أنفاسه ، كان فواته أعظم من جميع ما مضى من الأنفاس لأن النفس الفايت يتضمن جميع ما مضى وزيادة وهو حقيقته في ذاته .
واختلف المحققون في ذلك النفس الفایت ، هل يعود في الآخرة أم لا.
فعندنا نحن أنه يعود بكرم الله تعالى، بطريق يعرف الله تعالى بها من يريد إكرامه .
وقد خلق الإنسان الترقي مع الأنفاس .
فمتى طلب لذة ما من حال أو مقام ثم أعطيها فقد فاتته حقیقته «أي حقيقة الترقي مع الأنفاس في الدنيا والآخرة. ومتى كان الحق سبحانه هو الذي يبتدئ العبد باللذة من غير طلب من العبد، فالحق سبحانه يجبر عليه ما يفوته من أنفاسه في زمن اللذة .
وقال السياري رحمه الله تعالى عليه : مشاهدة الحق ليس فيها لذة .
وقال بعضهم : ذنب المحب بقاؤه .
وقال بعضهم : حسنة المحب بقاؤه . وذلك أن المحبة تقتضي فناؤه ،وسلطان المحبوب يقتضي بقاءه . فبقاء المحب ببقاء سلطان المحبوب.
فمن هذا الوجه يكون بقاء المحب حسنة والوجه الآخر هو المعروف ابتداء . وهو أن المحبة تطالبه بفنائه عن نفسه لاستغراقه في محبوبه .
وأما الفناء الكلي فإنه لا يصح ولا بد من البقاء . لكن إن كان المحب باقيا بنفسه لنفسه فيقال له : لو كنت محبا حقيقة لفنيت عنك بمحبوبك فبقاء المحب ينبغي أن يكون عند محبوبه واستهلاكه في وجود نفسه خاصة. فاعلم. والله يقول الحق .
48 - شرح تجلي الوصية
292 - (أوصيك في هذا التجلي بالعلم) يريد العلم الشهودي الكاشف عن حقيقة الشيء وما يلزمها من الصفات والأحكام واللوازم .
فمقتضى العلم رد اللطيفة الإنسانية إلى الحق الذي هو أصلها ومحتدها بالمحو والفناء .
ومقتضى الحال تلذذها بوجودها وبقائها وسيادتها بنتائج الأحوال واستعمال شواهدها من الخوارق على أشباهها. فالعلم يردك إلى الحق بالفناء.
والالتذاذ إنما يكون بالمناسب الملائم، ولا مناسبة ولا ملائمة بين الحق المفني والخلق الفاني .
فلا التذاذ في شهود الحق فإن شهوده قاض بفناء الرسم ومحو الأثر.
اللهم إلا أن يتجلى بالتجلي الأوسع الشمسي ، إذ لا محو فيه ولا فناء ، والشهود فيه يعطي الالتذاذ . والحال يردك إلى الكون روما للسيادة عليه .
ففي الحال غاية الالتذاذ بوجود المناسبة والملائمة .
فإذا وقع التعارض بين العلم والحال ، فالكمال في التزام حكم العلم، والنقص في التزام حكم الحال.
ولذلك وقعت الوصية بلسان التحقيق بالتزام حكم العلم في هذا التجلي ووقع التحذير من الحال ونتائجه .
حيث قال قدس سره :
293 - ( وتحفظ من لذات الأحوال فإنها سموم قاتلة وحجب مانعة فإن العلم يستعبدك له) تعالى (وهو المطلوب منا و يحضرك معه) فإنه يحكم بخضوع الفرع لأصله، وذلك كعبودية الجزء لكله (و الحال يسودك على أبناء الجنس فيستعبدهم لك قهر الحال فتبسط لهم بنعوت الربوبية. و أين أنت في ذلك الوقت وما خلقت له) من خالص العبودية والقيام بوفاء حقها ، على وفق ما شرع .
294 - (فالعلم أشرف مقام فلا يفوتنك) ومتى وجدت في العلم لذة ، فتلك لذة الحال . إذ العلم يعطي الحال ، والحال تعطي اللذة والعبودية التي أنت مما خلقت لها، لا لذة فيها فإنها من موطن التكليف الذي ينافي اللذة.
.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin