..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب أخبار وحكايات لأبي الحسن محمد بن الفيض الغساني
كتاب: الغيبة في الكتابات الخديمية ـ الأستاذ سرين امباكي جوب خضر Emptyأمس في 17:11 من طرف Admin

» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
كتاب: الغيبة في الكتابات الخديمية ـ الأستاذ سرين امباكي جوب خضر Emptyأمس في 17:02 من طرف Admin

» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
كتاب: الغيبة في الكتابات الخديمية ـ الأستاذ سرين امباكي جوب خضر Emptyأمس في 16:27 من طرف Admin

» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
كتاب: الغيبة في الكتابات الخديمية ـ الأستاذ سرين امباكي جوب خضر Emptyأمس في 15:41 من طرف Admin

» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
كتاب: الغيبة في الكتابات الخديمية ـ الأستاذ سرين امباكي جوب خضر Emptyأمس في 15:03 من طرف Admin

» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
كتاب: الغيبة في الكتابات الخديمية ـ الأستاذ سرين امباكي جوب خضر Emptyأمس في 14:58 من طرف Admin

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: الغيبة في الكتابات الخديمية ـ الأستاذ سرين امباكي جوب خضر Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: الغيبة في الكتابات الخديمية ـ الأستاذ سرين امباكي جوب خضر Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: الغيبة في الكتابات الخديمية ـ الأستاذ سرين امباكي جوب خضر Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: الغيبة في الكتابات الخديمية ـ الأستاذ سرين امباكي جوب خضر Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: الغيبة في الكتابات الخديمية ـ الأستاذ سرين امباكي جوب خضر Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: الغيبة في الكتابات الخديمية ـ الأستاذ سرين امباكي جوب خضر Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: الغيبة في الكتابات الخديمية ـ الأستاذ سرين امباكي جوب خضر Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: الغيبة في الكتابات الخديمية ـ الأستاذ سرين امباكي جوب خضر Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: الغيبة في الكتابات الخديمية ـ الأستاذ سرين امباكي جوب خضر Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: الغيبة في الكتابات الخديمية ـ الأستاذ سرين امباكي جوب خضر

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68544
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: الغيبة في الكتابات الخديمية ـ الأستاذ سرين امباكي جوب خضر Empty كتاب: الغيبة في الكتابات الخديمية ـ الأستاذ سرين امباكي جوب خضر

    مُساهمة من طرف Admin 20/10/2020, 15:23

    الغيبة في الكتابات الخديمية
    الغِيبةُ في كتاباتِ الشَّيخ الخديم – رضي الله عنه –
    أعوذ بالله، بسم الله، إن وليي الله، وما توفيقي إلّا بالله، والصلاة والسلام على رسُول الله.
    أما بعدُ: فهَذه رِسالة ونُكتة لطيفةٌ مُوجهة إلى سَائر الشَّباب تَحريتُ جَمعها هُنا ليَستَفيدَ منها الإخوةُ الفُضلاء والأخواتُ الفُضلياتُ وَعُنوانها ” الغِيبة فِي كتاباتِ الشَّيخ الخديم – رضي الله عنه – ” واختَرنا هَذه الرذيلة لانتِشارها بين الأفراد والمُجتمعاتِ وهي مِن أفاتِ اللسَان التي تُفضي إلى إشعالِ نَار الفتَن والعَداوة والبَغضاء وإشاعة الفَحشاء فِي المُجتمع ناسين أنَّ الإسلام الحَنيف حرَّمها وشبَّه المغتاب الذي يتناول أعراض النَّاس ويكشف عن عُيوبهم كَمن يتناولُ لَحم أخيه ميتا، وصاحبها بعيدٌ كلّ البُعد عَن كلِّ خير محروم من كلّ نعمة، وندعو الله أن يُجنِّبنا مِن هَذا الدَّاء الخَطير ويُوفقنا وإيَّاكم إلى طُرق الصَّواب، ويَرزقنا في الآخرة خَير ثواب.
    وهَذه الرِّسالة تَشتملُ عَلى عِدّة عناصر مُهمة وسَنتعرف سَويا من خلالهِ بعد المقدّمة عَلى هَذه النقاط التالية:
    حَقيقة الغِيبة عند العبد الخديم – رضي الله عنه –
    حُكمُها عِند العبد الخَديم – رضي الله عنه –
    أخبارُ تَشدُّده فِي أمر الغيبةِ – رضي الله عنه –
    تحذيرُ أتباعِه مِن الغِيبة
    خُطُورتُها عِند العبد الخديم – رضي الله عنه –
    كان أبو المحامد – رضي الله عنه – يهدي الجهولَ ويرشدُ الحَيران و يطير بِجَناحَي الخَوف والرَّجاء يُحذِّر جميع أتباعه من الغيبة والنَّميمة وأحرى الكذب، ويحرضهم عَلى ملازمة الصِّدق وحِفظ اللسان والاعتصَام بالسُّنة، وكان لا يجاملُ أحدا فِي دين الله – جلَّ جلاله – لا تمنعه محبَّته لأيّ شخص من أن يكون مُنصفا.
    حَقيقة الغِيبة عند الشيخ الخديم – رضي الله عنه – :
    يقُول الشيخ الخديم – رضي الله عنه- في منظومته” الجَوهر النّفيس” في تعريف الغِيبةِ وقَد أحسن وأجادَ:
    حَقيقة الغِيبة دُون رَيبِ = ذِكرُك حَالُ الشَّخصِ بَعد الغَيبِ
    أو حَالَ ما به تعلَّق بِما = يَكره لو سَمعه فلتَعلما
    أما إذا ذَكرتَه بِكلِّ مَا = لم يَكُ حَالَه فبُهتان سَما
    ومنعُوا ذلك أيضًا فِي الحَضرْ = لأنهُ أكثرُ عَيبا وضَررْ
    ثم استَطرد قائلا بعد هَذه الأبيات:
    إن الذِي قَال بِغَير ذَا وَهِم = وغَرَّه مفهومُه وما فَهمْ
    وحَقيقةُ الغِيبة: ذِكركَ أخاك بمَا فيهِ مما يكرهُ أنْ لَو سَمعَه. [ ينظر وصيته المسماة” فتح المنان في جواب عَبد الرحمان” ضمن “المجموعة الكبرى”، ص: (35)]
    وفي هذا المعنى ورد الحديث عن أَبي هريرة – رضي الله عنه – أنَّ رسُولَ الله – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: (( أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟)) قالوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ، قَالَ: ((ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِما يَكْرَهُ)) قِيلَ: أفَرَأيْتَ إنْ كَانَ في أخِي مَا أقُولُ؟! قَالَ: (( إنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فقد اغْتَبْتَهُ، وإنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ )). [رواه مسلم، حديث (2589)، والترمذي، حديث (1934)]. يعني: قلت فيه بهتانا والبُهتان أعظم الكذب.
    في هَذا الحديث: أن حَقيقة الغِيبة ذكر الإنسان بما فيه من المكُروه.
    ويتضمن هَذا التعريف الذي أوردهُ أبُو المَحامد قول الشَّيخ سيدي المختار الكنتيّ – رضي الله عنه وأرضاه عنَّا، وجَعلنا ممن تولَّاه – كتاب ” نَصيحة البتِّ لجَميعِ كنتَ “: ” وأما حَقيقتُها: ذكرُ شَخص أخاهُ بما يكرهُ خلفهُ مما هو فيه وإن لم يَكُن فيه فبُهتانٌ، وكذلك لو ذكرتَ دابَّته أو ثوبَه أو دارهُ أو شَيئا مما يتعلَّق بهِ مما يكرهُ “. [ ينظر وصيته المسماة” فتح المنان في جواب عَبد الرحمان” ضمن “المجموعة الكبرى”، ص: (35)]
    حُكمها فِي الإسلام وعند العبد الخديم – رضي الله عنه –
    الغِيبةُ مُحرمة شَرعاً، وفي القرآن ذمُّها وتشبيهُها بأكلِ لحم الميتةِ، ومن الأدلة عَلى ذلك قول الله جل وعلا: { وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12] يعني: كما تكرهُون أكل لحم أخيكم ميتا فكذلك اجتنبُوا ذكرهُ بالسُّوء غالبًا.
    قال ابن عباس – رضي الله عنه -: ” إنما ضرب هذا المثل للغيبة لأن أكل لحم الميت حرام مستقذر، وكذا الغيبة حَرام في الدّين ومُستقبحة في النفوس “.
    وقال القاضي أبو يعلى عَن تمثيل الغيبة بأكل الميت: وهَذا تأكيد لتحريم الغيبة ، لأن أكل لحم المسلم محظور، ولأن النفوسَ تعافه من طَريق الطبع، فينبغِي أن تكون الغِيبة بمنزلته في الكراهة.
    قوله: ((فَكرهتمُوهُ)) قال الفراء: أي فقد بغِّض إليكم. وقال الزجاج: والمعنى كما تكرهُون أكل لَحم ميتاً، فكَذلك تجنبوا ذكره بالسُّوء غائباً .
    وقد أشار إلى ذلك شيخُنا الخديم – رضي الله عنه – بقوله في منظومته “الجوهر النَّفيس”:
    حَسبُكَ فيهَا أنَّ فِي القُرآنِ = تشْبِيهَهَا بمَيتَة الإنسَانِ
    وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ – فِي هَذِهِ الْآيَةِ : { وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [سورة الحجرات آية: 12] قَالَ : نَزَلَتْ فِي رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَمَّ مَعَ كُلِّ رَجُلَيْنِ غَنِيَّيْنِ فِي السَّفَرِ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ قَلِيلَ الشَّيْءِ؛ لِيُصِيبَ مَعَهُمَا مِنْ طَعَامِهِمَا، وَيَتَقَدَّمَهُمَا فِي الْمَنَازِلِ، وَيُهَيِّئَ لَهُمَا الْمَنْزِلَ وَمَا يَصْلُحُ لَهُمَا. وَقَدْ كَانَ ضَمَّ سَلْمَانَ إِلَى رَجُلَيْنِ، فَنَزَلَا مِنَ الْمَنَازِلِ ذَاتَ يَوْمٍ وَلَمْ يُهَيِّئْ لَهُمَا شيئًا، فَقَالَا لَهُ اذْهَبْ إِلَى النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَسَلْ لَنَا فَضْلَ إِدَامٍ. فَانْطَلَقَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ حِينَ غَابَ عَنْهُمَا: إِنَّهُ لَوِ انْتَهَى إِلَى بِئْرِ كَذَا لَقَلَّ الْمَاءُ. فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَبَلَّغَهُ الرِّسَالَةَ قَالَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ” قُلْ لَهُمَا قَدْ أَكَلْتُمَا الْإِدَامَ ” فَأَتَاهُمَا فَأَخْبَرَهُمَا فَأَتَيَاهُ فَقَالَا: مَا أَكَلْنَا مِنْ إِدَامٍ ! فَقَالَ: ” إِنِّي لَأَرَى حُمْرَةَ اللَّحْمِ فِي أَفْوَاهِكُمَا ” فَقَالَا: لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا شَيْءٌ، وَمَا أَكَلْنَا لَحْمًا الْيَوْمَ، فَقَالَ لَهُمَا: ” إِنَّكُمَا اغْتَبْتُمَا أَخَاكُمَا “. ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: ” أَتُحِبَّانِ أَنْ تَأْكُلَا لَحْمًا مَيِّتًا؟ ” فَقَالَا لَا. فَقَالَ لَهُمْ : ” فَكَمَا كَرِهْتُمَا أَنْ تَأْكُلَا لَحْمًا مَيِّتًا فَلَا تَغْتَابَا؛ فَإِنَّهُ مَنِ اغْتَابَ أَخَاهُ فَقَدْ أَكَلَ لَحْمَهُ “. فَنَزَلَتْ : { وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [ سُورة الحُجرات آية: 12 ].
    [ينظر: “تنبيه الغافلين بأحاديث سيّد الأنبياء والمُرسلين”، المؤلف: أبو الليث السَّمرقنديّ، حققه: محمد علي، و شريف عبد الله، الناشر: دار ابن الهيثم، الطبعة الأولى، 2006 م، 1427ه‍ ، ص: (87)، وقد أورده الغزالي في إحياء علوم الدّين (3/228)]
    ومما يدلُّ عَلى حُرمة الغِيبة قوله في منظومته ” مغالق النيران”:
    وَحرَّم المنتقِمُ القهارُ = رذائلاً بها تصُول النَّارُ
    قَد حَرَّم الكذبَ والغيبةَ معْ = نَميمةٍ كِبْرًا وعُجبًا قَد يقعْ
    ثم رياءً سُمعةً بُغضًا حَسَدْ = رؤيةَ فضلٍ مطلقًا عَلى أحدْ
    والهمزَ واللمزَ كذاكَ العَبثُ = سُخريةً زنًى كذاكَ رفثُ
    مع أجنبِيةٍ كنَظرة كَذا = بِصَوتها قَد حَرَّم التلذُّذا
    وهَذه الأبيات السَّالفة عَين قول الإمام الأخضريّ – رحمه الله تعالى – : ” وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْكَذِبُ، وَالْغِيبَةُ، وَالنَّمِيمَةُ، وَالْكِبْرُ، وَالْعُجْبُ، وَالرِّيَاءُ، وَالسُّمْعَةُ، وَالْحَسَدُ وَالْبُغْضُ، وَرُؤْيَةُ الْفَضْلِ عَلَى الْغَيْرِ، وَالْهَمْزُ وَاللَّمْزُ، وَالْعَبَثُ، وَالسُّخْرِيَةُ، وَالزِّنَا، وَالنَّظَرُ إِلَى الْأَجْنَبِيَّةِ، وَالتَّلَذُّذُ بِكَلَامِهَا “. [ مختصر الأخضري، ص: (2) النسخة التي نشرتها مكتبة ومطبعة محمد علي صبيح وأولاده، بميدان الأزهر]
    هَذا بالإضافة إلى ذلك أنَّ شَيخنا الخديم – رضي الله عنه – قال في منظومته ” الجوهر النفيس” مُبيِّنا ما يحرمُ على المُكلّفِ:
    ويَحرُم الكِبرُ عَليه والرِّيا = وكذبٌ نميمةٌ فلتَدريَا
    إلى أن يقُول:
    والعُجبُ والغِيبَة والبُغضُ الحسَدْ = أيضًا وسُمعةٌ نَهى عَنها الصَّمدُ
    وقال صاحبُ التَّصانيف العَديدة والمناقب الحَميدة في منظومته” الجوهر النَّفيس”:
    وغِيبةُ المُسلمِ في قَول الخَبيرْ = أقبحُ مِن أكْلكَ جِيفةَ الحَميرْ
    وقصَّةُ المرجُومِ والاِثنينِ = حَسبُكَ زاجرًا بِغيْرِ مَينِ
    مَبدأُها أنَّ رسُولَ اللهِ = عَليه أزكَى صَلواتِ اللهِ
    قَد كان ذاهبًا وجاءَه رجُلْ = فَقال: قدْ هلكتُ يا خيرَ الرسُلْ
    قال لهُ: لِمَ؟ قَال إنِّي = زَنيتُ مُحْصِنا بِعَمْدٍ مِنِّي
    قال لهُ: ادعُ النَّاسَ يَرجُمُوكَ، ثُمْ = دَعاهُم فقتلُوهُ إذْ يَؤُمْ
    وبعدُ ذَا تبِعَهُ شَخْصانِ = للرَّجُل المَرجُومِ يغتَابانِ
    حتَّى أتوْا جِيفةَ عَيْرٍ فَوقفْ = وقَال: يا ذانِ كُلاَ ذِي وحَلَفْ
    إنِّي أرَى يَجُرُّ فِي الْجِنانِ = ثِيابَهُ فافْتَضحَ الشَّخْصانِ
    يُشير إلى قصَّة الشَّخصين اللذين كانا يغتابانِ المرجُوم مَاعِز بن مالك الأسلمي – رضي الله عنه – ما يدل عَلى حُرمة الغِيبة، و التي أخرجها أبو داود في سنه، كتاب الحدود، باب رجم ماعز بن مالك، ص: 148، 4428] حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الصَّامِتِ ابْنَ عَمِّ أَبِى هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ جَاءَ الأَسْلَمِىُّ إِلَى نَبِىِّ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ أَصَابَ امْرَأَةً حَرَامًا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – فَأَقْبَلَ فِى الْخَامِسَةِ فَقَالَ « أَنِكْتَهَا؟ ». قَالَ نَعَمْ، قَالَ: « حَتَّى غَابَ ذَلِكَ مِنْكَ فِى ذَلِكَ مِنْهَا ». قَالَ نَعَمْ، قَالَ: « كَمَا يَغِيبُ الْمِرْوَدُ فِى الْمُكْحُلَةِ، وَالرِّشَاءُ فِى الْبِئْرِ ؟» قَالَ نَعَمْ، قَالَ: « فَهَلْ تَدْرِى مَا الزِّنَا؟» قَالَ نَعَمْ، أَتَيْتُ مِنْهَا حَرَامًا مَا يَأْتِى الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَتِهِ حَلاَلاً. قَالَ: « فَمَا تُرِيدُ بِهَذَا الْقَوْلِ؟» قَالَ أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِى. فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ فَسَمِعَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ انْظُرْ إِلَى هَذَا الَّذِى سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَلَمْ تَدَعْهُ نَفْسُهُ حَتَّى رُجِمَ رَجْمَ الْكَلْبِ، فَسَكَتَ عَنْهُمَا ثُمَّ سَارَ سَاعَةً حَتَّى مَرَّ بِجِيفَةِ حِمَارٍ شَائِلٍ بِرِجْلِهِ، فَقَالَ « أَيْنَ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ؟» فَقَالاَ : نَحْنُ ذَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ « انْزِلاَ فَكُلاَ مِنْ جِيفَةِ هَذَا الْحِمَارِ ». فَقَالاَ: يَا نَبِىَّ اللَّهِ مَنْ يَأْكُلُ مِنْ هَذَا؟ قَالَ « فَمَا نِلْتُمَا مِنْ عِرْضِ أَخِيكُمَا آنِفًا أَشَدُّ مِنْ أَكْلٍ مِنْهُ. وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّهُ الآنَ لَفِى أَنْهَارِ الْجَنَّةِ يَنْقَمِسُ فِيهَا».
    وقال شَيخنا الخديم في منظومته ” الجوهر النَّفيس”:
    وقَال قِيئِي خَيرُ الأنبيَا = تَكرُّرا لنُخبةِ النِّسَا
    لَمَّا لِمَرأةٍ أتَتْهَا قَالتْ = هَذِي طَويلٌ ذيْلُهُا فَقاءتْ
    فسَقَطتْ مُضغةُ لحْمٍ فَحَلفْ = صَلَّى عليه اللهُ مَا حَاز شَرفْ
    بأنَّها لوْ هَضَمتْ لا بُدَّ مِنْ = دُخُولِها النَّارَ إذِ الموتُ يَعِنْ
    ولا تُفيدُهَا لدَى الجَليلْ = نِسبتُها ثَمَّ إلى الرَّسُولْ
    كأنه يُشِير إلى الحَديث الذي أوردهُ الشيخ المختار – رضي الله عنه وأرضاه عنَّا، وجَعلنا ممن تولَّاه – في كتابه ” نَصيحة البتِّ لجَميعِ كنتَ” : ” ومنهُ قَولُه – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لِعَائِشَةَ – قِيئِي قِيئِي قِيئِي لَمَّا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللهِ: إِنَّ هَذِهِ الْمَرْأةَ لَطَوِيلَةُ الذَّيْلِ، فَاسْتقَاءَتْ فَقَاءَتْ مُضْعَةَ لَحْمٍ، فَقَالَ: والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْمُتِّ وَهِيَ فِي بَطْنِكِ لدَخَلْتِ النَّارَ وَلاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا”. [ لم أقف على أصل له بهذا اللفظ ] [ ينظر وصيته المسماة” فتح المنان في جواب عَبد الرحمان” ضمن “المجموعة الكبرى”، ص: (35)]
    وفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ عَائِشَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – أنَّهَا قَالَتْ: ” لاَ يَغْتَابُ مِنْكُنَّ أَحَدٌ أَحَدًا، فَإِنِّي قُلْتُ لامْرَأَةٍ مَرَّةً وَأَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – : إِنَّ هَذِهِ لَطَوِيلَةُ الذَّيْلِ، فَقَالَ: ” الْفُظِي الْفُظِي يا عَائشَةَ ” فَلَفَظْتُ بِضْعَةً مِنْ لَحْمٍ “. أخرجهُ ابن أبي الدنيا وابن مردويه في التفسير.
    أخبارُ تَشدُّده فِي أمر الغيبةِ – رضي الله عنه –
    ومن أخبَار تَشدّده – رَحِمَهُ اللهُ وَجَعَلَهُ مِنْ أَهْلِ فِرْدَوْسِهِ الأَعْلَى – فِي أمر الغِيبة ما رواه الشيخ محمد الأمين جُوب الدَّغاني: “… ووقعَت لبَعض الزائِرات أنَّها دخلتْ على أمهاتِ عيَال خَديم المُصطفى غوثِ زمانه وأعجُوبة أوانهِ – رضي الله عنه وقدس روحه ونفعنا بمعَارفه – فأكرمْن مَثواها، وجلست تتحَدَّث معهنَّ ثم أفرطتْ فِي حَديثها بمَسمع من هَذا الشيخِ الوَقور الجليلِ فلما بالغَت أشدَّ المُبالغة في كثرةِ الاغتيَاب والأمّهاتُ سَاكتات لما عَلمن من كُره الشيخ الخَديم للغيبَة واستِحيَائهنَّ مِن مَنعها، قَام الشيخ فنَهرهُنَّ طُرا فَهربْن، فأمر بنَار وحَطبٍ وحَرق الحَصير الذي كانت عليه المُغتابة فبقيَت آية ومَوعظة لكلِّ مَن بلغتُه هَذه الواقعة “. [ انتهت القصة باختصار من كتاب النبذة المباركة، للدغاني، مخطوط]
    ولقد كفانَا هذه القصة المؤثرة واعظا ودليلا ساطعا وحجَّة واضحةً عَلى شدّة تحذيره لأتباعه من الغِيبةِ وقد أوردها الشيخ محمد الأمين جُوب الدغاني – رضي الله عنه – في سفره الصعب المنال المسمى بـ ” النبذة المباركة “.
    ولا غرابة فِي ذلك لأنه وارث الرَّحمة المُهداة ظاهرة وباطنة وهَا هي أمُّ المؤمنين سيدتنا عائشة – رضي الله عنها- تقُول لرسُول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم- مشيرةً إلى قِصَر أمِّ المؤمنين صفية بنت حُيي – رضي الله عنها – حسبكَ من صفية هكذا (تعني أنّها قَصيرة)، فماذا قال رسُول الله – صلى الله عليه وسلّم – لعائشة أحبّ امرأة إليه ؟! قال – صلى الله عليه وسلَّم – : (( لقَد قلتِ كلمةً لو مزِجتْ بماءِ البَحر لمَزجتهُ )) أخرجه الترمذي بإسناد صحيح.
    فمعَ محبَّته لها – عليه صلوات الله وسلامه – لعائشة لم يتركهَا هملا تخُوضُ فِي عِرض أُختهَا المسلمة وتغتابها. والغيبة – كما نعلم – من أكبر الكبَائر، وأعظم الجَرائر وما أشبه الليلة بالبَارحة !!
    ومعلُوم أنَّه كان يمشِي ذات ليلةٍ فَمر بأُناس يغتابُون، فلما أصبحَ أمر بأن يقلِّبَ الأرض فيجعل عَاليها سافلها وسَافلها عَاليها ، ثم أمر بأن يتلُو القُرآن الكريم فِي ذلك المكان. [ وختان سَرين طوبى الجزء الأول، للشيخ الحاج امباكي، ص: 8 ]
    ومما ذكره المُؤلف في شدّة كُره الشيخ الخديم – رضي الله عنهما – الغيبة قوله: ” وكان مُسافراً يوما مع بعض تلامذته فلقوا شيخا أوّلَ غدوتهم، حتى دنت القيلولة فلقيهمْ رجلٌ يطلب شخصًا، فقال أحد التلامذة: لقينا أسودَ قصيرًا، فتأوّه الشيخ – رضي الله عنه – وقال للمُريد: أبمثل هَذا تغتابون غَيركم ؟ ارجع حتى تراه واسْتَحْلِلْهُ مما نقَّصته بهِ.
    [المنن، 1/136]
    ولم يكن الشيخ الخديم – رضي الله عنه – بالدد ولا الدد منه ومما يدلُّ على ذلك أنَّ أحد المُريدين جلس ذات يَوم – عند مجلسه فكان ذلك المُريد يخط بيمينه على الأرض كلمة ( كن فيكون )، فلما رآه الشيخ الخديم قال له: (( من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) ثم أمره بأن يكتب هذه العبارات: الكذب حرام، والغيبة حرام، والنميمة حرام. [ منقول من كتاب وختان سرين طوبى مخطوط باللولفية للشيخ الحاج امباكي بن سرين مصطفى حبص امباكي – أطال الله بقاءهما – ].
    يقول الشيخ محمد البشير امباكي في كتابه النفيس الماتع في الفَصل الذي بيَّن وفصَّل حياء شيخه ووالده – رضي الله عنهما-: ” كان من حيائه – رضي الله عنه – أنه كان كثيرا ما يقف عَلى إنسان في داره يفسد أو يدخل في محل بالتعدّي، وهو لما يفعل كاره، وإذا عرف الشخص ولم يره هو، يستمر أدراجه خفيا إلى أن يخرج الفاعل، ثم لوجُوب الأمر بالمعروف والنّهي عَن المنكر، خُصوصا في حقّه معهم قد يَجمع الشَّخص مع أشخاص، ثم يعرض تعريضا عاما يفهم المَرء منه إن كانت له أذن، ثم لا يَزيد عَلى ذلك.
    أما تجنبه الأعراض حَدث منه ولا حرج، فإنه بلغ من تحذير الغِيبة والنَّميمة مَبلغا لا يتجاسَر معه أحد في الوقُوع فيها، كائنا من كان حتى ما يقال: إنه ليسَ من الغِيبة الحَرام أن تحدث صاحبك بما في شَخص بينكما لا عن قصد غيبة، ولا إظهار منقصة، لا يقرُبُ هو منه ولا يُشافه بنحوه . فالغيبةُ والنَّميمة كثيرًا ما كان يعظم شأنهما ويحذر منهما في خُطبه ورسَائله ووصاياه.
    وسَمعته يقُول: ” إنَّ أعراض الأولياء والأنبياء والعلماء العاملين مسمومة، فالتكلُّم فيهم بسُوء كشُرب السُّم النَّاقع “، وكان حديث : (( المُسلم من سَلم المُسلمون من يَده ولسِانه )) [ صحيح البخاري ومسلم ] وحديث: (( مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخِر فليقل خيرا أو ليصمت )) [ صحيح البخاري ومسلم] يُكررهما كثيرا ويذكّر بِهما، وإن أحسَّ من فَحوى الكلام ما يُشير إلى الغِيبة والنّميمة يَزجر ابتداءً عنهُ “. [ ينظر:” منن الباقي القديم في سيرة الشيخ الخديم” للشيخ محمد البشير امباكي بتحقيق الدكتور محمد شقرون، مطبعة المعارف الجديدة، 2012م، ص: 39/1]
    وقال العلامة الشِّنقيطيُّ مُحمد بن عبيد الرحمان العلويُّ – رحمه الله تعالى- : ” ومن أخلاقه – حَفظه الله – كظمُ الغيظ والصَّبرُ عَلى البَلاء والشِّدة، وما أتاهُ يوما أحدٌ بنميمة إلا وغَضبَ عَليه أشدّ الغضب وزجَره عَن ذلكَ. وكانَ يَشهدُ كلَّ سَاعة أنَّهُ عفا وغَفَر لكلّ أحد اغتَابهُ. وكان كلُّما نزلت مُصيبةٌ أوبَلاء أظهرَ السُّرورَ والفرحَ حتى يظنُّ النَّاسُ أنَّه هُو المتسبّبُ في ذلك، لما ورَد فِي القرآن والحَديث من التَّرغيبِِ فِي ذلكَ والوعدِ بالخَيرِ، وما زالتِ الأكابرُ من الحُكماء وغَيرهم يُوصُون عَلى ذلك ويرغبُون فيه. [ النفحات المسكية المحققة، ص: (186)]
    تحذيرُ أتباعِه من الغِيبة
    ولا يخفَى عَلى ذي بَصيرة ثاقبة أنَّ شيخُنا الخديم – رضي الله عنه – كان يحذر أتباعه الكرام كلَّ التحذير من الغِيبة لِخطُورتها، كما قال:
    اجتَنبُوا الغيبةَ وهْيَ أقبحُ = من أكلِ جِيفة وذا مُتَّضِحُ
    واجتنبُوا الحسَدَ وهْو يُذهبُ = بِالبركاتِ كلِّها فتَذهبُ
    واجتنبُوا الكِبرَ فإنَّ الكِبرَا = يَجرُّ خَفضًا أذى وشَرَّا
    [ المجموعة الكبرى، ص: 369]
    وقال أيضا:
    الأكلَ قلِّل والمنامَ يَا مُريدْ = ولا تُخالطِ الذي ليسَ يفيدْ
    واجتنبِ الغِيبة إن رُمت الوصُولْ= والذّكر لازمْ فِي المَبيتِ والمقيلْ
    تمنعُ مِن حَلاوةِ الطَّاعاتِ = كثرةُ أكل الشَّخصِ فِي الأوقاتِ
    تطردُ يُمنَ العُمر كثرةُ المَنامْ = وخُلطةُ النَّاسِ أذى يوم القيامْ
    لأنها لدَى الإلهِ تَمنعْ = مِن حُجَّة يوم القيامةِ تنفعْ
    وكثرةُ الغِيبةِ مِن غَيرِ متابْ = يخرجُ توحيد الذي سِواهُ عابْ
    يعنِي: أنَّ أربعَة أشياء تَمنعُ من أربعة أشياء:
    الأولُ: كَثرةُ الأكلِ فَإنَّها تمنعُ مِن لذة الطاعة.
    والثاني: كَثرة النَّوم فَإنَّها تمنعُ من بَركة العُمر.
    والثَّالث: كَثرةُ مُخالطة النَّاس فإنَّها تمنعُ صاحبَها من أن تكون له حُجّة عند الله.
    والرَّابع: الوقُوع فِي أعراض النَّاس فإنه من أكثر الغِيبة لا يخرجُ من الدُّنيا على التوحيدِ . وقال السَّيد إبراهيم بن أدهم – رضي الله عنه وعَن أمثاله -: ” إنه خدمَ ثلاثَ مائةِ وليّ وكلّ منهم يُوصيه بهذه الأربعةِ فَاحفظُوها” اه‍. [ ينظر: “المجموعة الصُّغرى”، ص: (19)]
    وقال – رضي الله عنه كما هداهُ، وجعله خير مرزوق – : ” …. ولا تظلمُوا ربَّكم ولا تظالمُوا فِي أنفسكم وظُلمُ الربِّ تركُ امتثال أمره واقتحامُ نهيه، واللهُ غنيٌّ وظُلمه يُوجبُ ردَّ العمل – والعياذ بالله تعالى -، وظلمُ الحقّ كغيبةِ غيركَ وسبّه وشَتمه من غيرِ حقّ شرعي وهو فقير، فَإن ظلمته يؤخذُ لهُ من حسناتكَ إن كانت عندكَ حَسنات وإلا يُؤخذُ مِن سَياته لسَيئاتكَ “. [ ينظر: ” المجموعة الصُّغرى”، ص: (31)]
    وقال: ” ليَعلم كلّ من وقَف على هَذا الكلام أنه صادرٌ من ناصِح لهُ أتركُوا الغِيبةَ، وليكُن الاشتغالُ بالتحرُّز والفِرار من العُيوب بَدلا من ذكر عُيوب المسلمين والمُسلمات، وليَسلم المُسلمون والمُسلمات من أذَى ألسنتِكم كما سَلموا وسَلمنَ من أذى أيدِيكُم …”. [ المجموعة الصُّغرى، ص: (64)، والكبرى، ص: (406- 407)]
    وقال في قصيدة مقيّدة بـ” أعوذ بالله”
    اجتَنبِ الكَذبَ والرِّياءَا = ولازمِ الحَقَّ تحُزْ ضِياءَا
    ذُبَّ بتَركِ غِيبَةٍ عَنْ نفسِكَا = إنْ تَجتنِبهَا تعلُ فَوقَ جِنسِكَا
    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68544
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: الغيبة في الكتابات الخديمية ـ الأستاذ سرين امباكي جوب خضر Empty رد: كتاب: الغيبة في الكتابات الخديمية ـ الأستاذ سرين امباكي جوب خضر

    مُساهمة من طرف Admin 20/10/2020, 15:24

    وقال في الشَّرح : ” فإن الكذبَ يُوجب اللعنَ، وإن الرِّياء يُوجبُ ردَّ العملِ، وأنَّ النَّميمة تُوجبُ العَدواة، وأنَّ الغِيبةَ توجبُ انكشافَ العَورتين فِي الدَّارين …”. [ ينظر: المجموعة الكبرى، ص: (131- 132)، و”المجموعة الصُّغرى”، ص: (101)]
    وقال في قصيدة مطرزة بحروف ” لِسانه”:
    للهِ تُبْ مِن غِيبةٍ وكَذبِ = ومِن نَّميمةٍ بلاَ تَذَبذُبِ
    خُطورة الغِيبةِ
    الغِيبةُ من الرَّذائل المُهلكاتِ
    قال الشيخ الخَديم – رَحِمَهُ اللهُ وَجَعَلَهُ مِنْ أَهْلِ فِرْدَوْسِهِ الأَعْلَى – في منظومته “مسالك الجنان” – وهي من أجل ما نظم في علم التصوُّف -:
    وقسَّم الصُّوفيُّ للقِسمينِ = تلكَ الرذائلَ بغير مَينِ
    ظاهرةٍ باطنةٍ فالظاهرَهْ = هِي حَرامٌ فاطلبِ المُبادرهْ
    فواجبٌ عَلى مُكلف عَقلْ = الكفُّ عنها خوفَ ربِّ الناس جَلّ
    كغيبةٍ نَميمةٍ وكَذبِ = وحَانِثِ اليَمينِ والتعصُّبِ
    والزورِ الفَحشَا وما لا يَعني = مِن قول أو فعلٍ وما لا يُغني
    والسَّعيِ والنَّظر للِحَرامِ = وكلِّ ما قبُح في الكلامِ
    وكمباشَرته بالفَرج أو = سِواهُ والنُّطق به أيضًا نهَوا
    والكَتْبِ والسَّماعِ واسْتعمَالِهْ = وَدمِ مِثل مُسلم أومَالهْ
    أو مثلِه كَذاكَ هِجرانٌ لهُ = لغير حَقٍّ الشَّرعِ فَاحْذر كلَّه
    وكاحتِقارهِ وكالإهانهْ = وكالمُداهنة والخِيانهْ
    وكالمُماكَرة والمُجادلهْ = وَكُلِّ فاسِدٍ مِنَ المُعاملَهْ
    يبدُو أنَّ هذه الأبيات المُستعرضة أمامكم تُشير إشارة قوية إلى أنَّ عُلماء عِلم التزكية الصُّوفيين قسَّمُوا الرذائل التي تعتبر أعظم المُهلكات لابن آدم إلى قسمين: الظاهرة والباطنة، كما تُوضِّح لنا وجُوب المُبادرة والمُسارعة إلى التوبة النَّصوح منها والابتعاد عَنها خوفًا من الله تعالى وللحصُول عَلى النَّجاة فِي كلتي الدارين من الويلاتِ والنَّكباتِ.
    الغِيبةُ من الأمراض القلبية والرذائل المُلهكة
    وفي هذا المضمار يقول – رضي الله عنه – في منظومته النَّفيسةِ ” مُنور الصُّدور” في معرض ذكره الكبائر المخصُوصة باللسانِ :
    وغِيبةٌ نَميمةٌ أكلُ الرِّبا = خُصَّت بفَمٍّ مثلُ خَمْر شُربا
    كأكلِ أموالِ اليَتيم واليمِينْ = أيِ الغَموس وهْي (حَاءٌ) لاَ أمينْ
    شَهادةُ الزُّور وقَذفُ المُحصَناتْ = ثامنةُ الكَبائرِ المُستَهجَناتْ
    وقال – رضي الله عنه – في منظومته
    ” مُليّن الصُّدور”:
    بالفمّ قَد خُصص شُربُ الخَمر = ثُمت قذفُ مُحصنات الحُر
    وأكلُ أموالِ اليتامَى والرّبا = وغِيبة نَميمة فاجْتنبا
    شَهادَة الزُّور مَع اليمينِ = أعنِي الغموسَ فاحْذ أهلَ الدِّين
    الغِيبةُ من الرذائل التي تُسبِّبُ رد العمل وعَدم قبُول دَعوة المغتاب
    إنَّ من الحَقّ الذي لا لُجاجة فيه أنَّ الغِيبةَ من الرذائل التي تُسبِّبُ رد العمل وعَدم قبُول دَعوة المُغتاب، كما أشار إلى ذلك الشيخ الخديم – رضي الله عنه – في خاتمة منظومته “مسالك الجنان”:
    ولا تكُن ذَا كسلٍ إذِ الحَياةْ = مُدَّتها قليلةٌ فاخشَ الفَواتْ
    ويَا أخِي الغِيبةَ والريَا معَا = العُجبِ والحسَدِ والكِبْرِ دَعَا
    وعَدمِ الرَّحمة للإنسانِ = وحُبِّ رِفعةٍ على الأقرانِ
    فكلُّ من جَمعها أو احتَوى = واحدةً منها فخاسرٌ تَوى
    لأنَّها تُوجبُ ردَّ العملِ = إلى الذي عملَهُ فلتَعقلِ
    أورَدَهُ رئيسُنا الغَزالِي = عَليه سَرمدا رضاءُ الوالِي
    وهْو حديثٌ جَاء عَن خيرِ الرُّسُلْ = مِن أجْلهِ بَكى مُعاذ بن جبَلْ
    مَبدؤُها أنَّ الرسُول صلَّى = مُسلِّما عليه ربٌّ أعلَى
    ركبَ يومًا مُردفا مُعاذا = عَليه رضوانُ الذِي أعاذَا
    ورفَع المُختارُ لِلسَّماء = بَصرَهُ حامدَ ذِي الآلاءِ
    وقالَ: يا مُعاذ بعْد مَا افتَكَر = قال له: لبَّيكَ يا خيرَ البشَر
    قالَ لهُ: إنِّي مُحدِّثٌ لكَا = حَديثًا انْ حَفظتَه نَفعكا
    لكِنْ إذا ضيَّعتَه قَطعتَ ما = لكَ مِن الحُجَّة عِند ذِي السَّما
    ثم عَليه قَصَّ ما قصَّ إلَى = آخِره فاغْتمَّ قلبا وَجَلا
    ثم بَكى رضِي عَنه اللهُ = وكلِّ مَن فِي الدِّين قَد والاهُ
    وبإدمان النَّظر في كتب الأحاديث النَّبوية يمكن أن نقُول بأنَّهُ يشير إشارة قوية إلى الحديث الجامع في معاصي القلب كالغيبة والحسد والكبر والرياء والعجب الذي روي عن عبد الله بن المبارك بإسناده عن رجل أنه قال لمعاذ بن جبل: حدثني حديثا سمعتَه من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: فبكى معاذ حتى ظننت أنه لا يسكت ثم سكتَ ثم قال: سمعتُ النبي – صلى الله عليه وسلم – قال لي: يا معاذُ؛ قلتُ : لبيكَ بأبي أنت وأمي يا رسولَ اللهِ قال : إني مُحدِّثُك حديثًا إن أنت حفظتَه نفعَك وإن أنت ضيَّعتَه ولم تحفَظْهُ انقطعت حُجَّتُك عند اللهِ يومَ القيامةِ، يا معاذُ إن اللهَ تعالَى خلق سبعةَ أملاكٍ قبل أن يخلقَ السمواتِ والأرضِ، ثم خلق السمواتِ فجعل لكلِّ سماءٍ من السبعةِ مَلكًا بوابًا عليها قد جَلَّلها عِظمًا فتصعدُ الحَفظةُ بعملِ العبدِ من حين أصبحَ إلى حين أمسى، له نورٌ كنورِ الشمسِ حتى إذا صعدت به إلى السماءِ الدنيا زكَّتْهُ فكثَّرتْهُ فيقول المَلكُ للحَفظةِ: اضربوا بهذا العملِ وجهَ صاحبِه، أنا صاحبُ الغيبةِ أمرني ربي ألا أدعَ عملَ من اغتاب الناسَ يُجاوزني إلى غيري، قال: ثم تأتي الحَفظةُ بعملٍ صالحٍ من أعمالِ العبدِ فتمرُّ به فتُزكِّيهِ وتُكثِرُه حتى تبلغَ به إلى السماءِ الثانيةِ فيقول لهم المَلكُ المُوَكَّلُ بها: قِفُوا واضربوا بهذا العملِ وجهَ صاحبِه إنَّهُ أراد بعملِه هذا عَرَضَ الدنيا أمرني ربي ألا أدعَ عملَه يُجاوزني إلى غيري إنَّهُ كان يفتخرُ به على الناسِ في مجالسهم، قال : وتصعدُ الحَفظةُ بعملِ العبدِ يبتهجُ نورًا من صدقةٍ وصيامٍ وصلاةٍ قد أعجبَ الحَفظةَ فيُجاوزون به إلى السماءِ الثالثةِ فيقول لهم المَلكُ المُوَكَّلُ بها: قِفُوا واضربوا بهذا العملِ وجهَ صاحبِه، أنا مَلَكُ الكِبرِ أمرني ربي ألا أدعَ عملَه يُجاوزني إلى غيري إنَّهُ كان يتكبَّرُ على الناسِ في مجالسهم، قال : وتصعدُ الحَفظةُ بعملِ العبدِ يُزهرُ كما يُزهرُ الكوكبُ الدُّرِّيُّ له دَوِيٌّ من تسبيحٍ وصلاةٍ وحجٍّ وعمرةٍ حتى يُجاوزوا به السماءَ الرابعةَ فيقول لهم المَلكُ المُوكَّلُ بها: قِفُوا واضربوا بهذا العملِ وجهَ صاحبِه اضربوا به ظهرَه وبطنَه، أنا صاحبُ العُجْبِ أمرني ربي ألا أدعَ عملَه يُجاوزني إلى غيري إنَّهُ كان إذا عمل عملًا أدخل العُجبَ في عملِه، قال : وتصعدُ الحَفظةُ بعملِ العبدِ حتى يُجاوزوا به السماءَ الخامسةَ كأنَّهُ العروسُ المزفوفةُ إلى أهلِها فيقول لهم المَلكُ المُوكَّلُ بها: قِفُوا واضربوا بهذا العملِ وجهَ صاحبِه واحملُوهُ على عاتقِه أنا مَلكُ الحَسدِ إنَّهُ كان يحسدُ الناسَ من يتعلَّمُ ويعملُ بمثلِ عملِه وكلُّ من كان يأخذُ فضلًا من العبادةِ يحسدُهم ويقعُ فيهم أمرنى ربي ألا أدعَ
    عملَه يُجاوزني إلى غيري، قال: وتصعدُ الحفظةُ بعملِ العبدِ من صلاةٍ وزكاةٍ وحجٍّ وعمرةٍ وصيامٍ فيُجاوزون بها إلى السماءِ السادسةِ فيقول لهم المَلكُ المُوكَّلُ بها: قفوا واضربوا بهذا العملِ وجهَ صاحبِه إنَّهُ كان لا يرحمُ – إنسانًا قط من عبادِ اللهِ أصابَه بلاءٌ أو ضُرٌّ أضرَّ به بل كان يَشْمَتُ به، أنا مَلكُ الرحمةِ أمرني ربي ألا أدعَ عملَه يُجاوزني إلى غيري، قال: وتصعدُ الحَفظةُ بعملِ العبدِ إلى السماءِ السابعةِ من صومٍ وصلاةٍ ونفقةٍ وزكاةٍ واجتهادٍ وورعٍ له دَوِيٌّ كدَوِيِّ الرعدِ وضوءٌ كضوءِ الشمسِ معه ثلاثةُ آلافِ مَلَكٍ فيُجاوزون به إلى السماءِ السابعةِ فيقول لهم المَلكُ المُوكَّلُ بها : قفوا واضربوا بهذا العملِ وجهَ صاحبِه اضربوا به جوارحَه اقفِلُوا به على قلبِه إني أحجبُ عن ربي كلَّ عملٍ لم يُرَدْ به وجهَ ربي إنَّهُ أراد بعملِه غيرَ اللهِ تعالَى إنَّهُ أراد رفعةً عند الفقهاءِ وذِكرًا عند العلماءِ وصِيتًا في المدائنِ، أمرني ربي ألا أدعَ عملَه يُجاوزني إلى غيري وكلُّ عملٍ لم يكن للهِ خالصًا فهو رياءٌ ولا يقبلُ اللهُ عملَ المُرائي، قال : وتصعدُ الحَفظةُ بعملِ العبدِ من صلاةٍ وزكاةٍ وصيامٍ وحجٍّ وعمرةٍ وخُلقٍ حسنٍ وصمتٍ وذِكرٍ للهِ تعالَى وتُشيِّعُه ملائكةُ السمواتِ حتى يقطعوا به الحُجُبَ كلَّها إلى اللهِ عزَّ وجلَّ فيقفون بين يديه ويشهدون له بالعملِ الصالحِ المخلصِ للهِ قال : فيقول : اللهُ لهم أنتم الحَفظةُ على عملِ عبدي وأنا الرقيبُ على نفسِه إنَّهُ لم يُردني بهذا العملِ وأراد به غيري فعليه لعْنَتِي فتقول الملائكةُ كلُّهم : عليه لعنَتُك ولعنَتُنا، وتقول السمواتُ كلُّها عليه لعنةُ اللهِ ولعنَتُنا وتلعنُه السمواتُ السبعُ والأرضُ ومن فيهنَّ قال معاذٌ: قلتُ يا رسولَ اللهِ ، أنت رسولُ اللهِ وأنا معاذٌ ، قال: اقتدِ بي وإن كان في عملِك نقصٌ يا معاذُ حافظ على لسانِك من الوقيعةِ قي إخوانِك من حملةِ القرآنِ واحمل ذنوبَك عليك ولا تحمِلْها عليهم ولا تُزَكِّ نفسَك بذمِّهِمْ، ولا ترفع نفسَك عليهم ولا تُدخل عملَ الدنيا بعملِ الآخرةِ، ولا تتكبَّرْ في مجلسِك لكي يحذرَ الناسُ من سوءِ خُلُقِك ولا تُناجِ رجلًا وعندَك آخرُ، ولا تتعظم على الناسِ فينقطعُ عنك خيرَ الدنيا، ولا تُمزِّقِ الناسَ فتُمزِّقُك كلابُ النارِ يومَ القيامةِ في النارِ. قال تعالَى: { وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا} [ النازعات: 2 ] أتدرى من هُنَّ يا معاذُ ؟ قلتُ : ما هنَّ بأبي أنت وأمي يا رسولَ اللهِ ؟ قال: كلابٌ في النارِ تنشطُ اللحمَ والعَظمَ قلتُ: بأبي أنت وأمي يا رسولَ اللهِ فمن يطيقُ هذه الخصالَ ؟ ومن ينجو منها ؟ قال : ” يَا معاذُ إنَّهُ ليسيرٌ عَلى من يسَّرَه اللهُ عليه “. قال: فما رأيتُ أكثرَ تلاوةً للقرآنِ من معاذٍ، للحذرِ مما في هذا الحديثِ.
    وفي بداية الهداية: ” قال خالد بن معدان: فما رأيت أحدا أكثر تلاوة للقرآن العظيم من معاذ لهذا الحديث العظيم “.
    [ ينظر: “بداية الهداية”، للإمام الغزالي، قدم له وعلق عليه: فضيلة الشيخ محمد الحجّار، ومجموعة رسائل الإمام الغزالي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ص: 395)]
    قال الإمام المحدّث العراقي – رحمه الله تعالى – في تخريج أحاديث الإحياء حديث معاذ الطويل:” إن اللهَ تعالَى خلق سبعةَ أملاكٍ قبل أن يخلقَ السمواتِ والأرضِ، ثم خلق السمواتِ فجعل لكلِّ سماءٍ من السبعةِ مَلكًا بوابًا عليها ….” الحديث بطوله في صعود الحفظة بعمل العبد ورد الملائكة له من كل سماء ورد الله تعالى له بعد ذلك: عزاه المصنف لى رواية عبد الله بن المبارك بإسناده عن رجل عن معاذ وهو كما رواه في الزهد وفي إسناده كما ذكر من لم يسم، ورواه ابن الجوزي في الموضوعات.
    [ ينظر: إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد الغزالي المتوفّى سنة 505ه‍، المجلد الثالث ص: 457 وما بعدها، الطبعة الأولى: شركة القدس، وبذيله كتاب” المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار” للعلامة زين الدين أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسن العراقي المتوفى في سنة 706ه‍ ، كما أورده الإمام ابن الجوزي في “الموضوعات” 3/408، و الحافظ المنذري في كتاب” الترغيب والترهيب من الحديث الشريف” 1/57، والمحدث الألباني في “ضعيف الترغيب”، ص :27 مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ ]
    وكان شَيخنا الخديمُ – رضي الله عنه – يقول: ” الغيبةُ والكذبُ مُفسدتان تمنعان من تلاوة القرآن والذكر، والحَرام يمنعُ أي يُقيّد عن العبادة، والحلالُ بلا نيَّة يمنعُ من حلاوة العبادة”. [ المجموعة الصُّغرى، ص: (14)، والكبرى، ص: (363)]
    وعِلاوة على ذلك، إنَّ مما لا مراء فيه أن المغتابَ لا يقبل الله تعالى دُعائَه كما يقول شيخنا الخديم – رضي الله عنه – في وَصيته “فتح المنان في جَواب عبد الرَّحمان”:
    ثَلاثةٌ دَعوتُهم لا تُقبَلُ = قَطعًا كَما عَن النَّبي نَقلُوا
    مُكثر الغِيبةِ آكلُ الحَرامْ = ذُو الغِلِّ والحَسَدِ أيضًا للأنامْ
    [ تجدُ هَذه الوصية في المجموعة الكبرى، ص: 32، كما نجد الأبيات في صفحة 446- 447 منها، وانظر: بحثنا المعنون بـ” الأمانة العلمية فِي الكتاباتِ الخَديمية ]
    وبإدمان النظر في هَذا الكلام يمكن أن نقُول بأنّهُ يتضمن معنى الحديث الذي روي عن الرَّحمة المُهداة – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (( ثلاثة لا يستجيبُ الله دعائهم، آكل الحرام، ومُكثِّر الغيبة، ومن كان في قلبه غلٌ أو حسدٌ للمسلمين )) [ لم أقف على أصل له].
    ويبدُو أنَّ هذا الكلام أثر من الآثار ورد أيضا بلفط: ” ثَلَاثَةٌ لَا تُسْتَجَابُ دَعْوَتُهُمْ: آكِلُ الْحَرَامِ، وَمِكْثَارُ الْغِيبَةِ، وَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ غِلٌّ أَوْ حَسَدٌ لِلْمُسْلِمِينَ”. [ ينظر: ” تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين” ، المؤلف: أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي (المتوفى: 373هـ) حققه وعلق عليه: يوسف علي بديوي، الناشر: دار ابن كثير، دمشق – بيروت، الطبعة: الثالثة، 1421 هـ – 2000 م، ص: (179)]
    فيبدُو بوضُوح تام، من خِلال هذه الوصايا والأبيات خُطورة الغِيبة التي قد يستهينُ بها بعض النَّاس وهِي تذهبُ بالحسناتِ وتجلبُ السَّيئاتِ.
    وكان يحثُّ المُريدين عَلى حِفظ جميع جوارحِهم وخُصوصًا اللسان صَغير الجِرم وكبير الجُرم، كما قال في وصيتهِ ” فتح المنان في جَواب عبد الرَّحمان ” : ” …. وعليكَ بأن ترعَى جَوارحِكَ السَّبعةَ وهي : اللسانُ والفرجُ والبطن والرِّجلان واليدانِ والعَينان والأُذنان وكيفيةُ رعْيهَا أن تحفظ اللسانَ عن الغيبةِ …”.
    وفيها يقُول: ” وأما الأذنان فيجبُ حِفظهُما عما يأثم بسَماعِه كغِيبةٍ وحقيقةُ الغيبة: ذكركَ أخاك بما فيهِ مما يكرهُ أن لو سمعَه، وفي الحديثِ : ( إنَّ الغيبةَ أشدُّ من ثلاثين زانيةً فِي الإسلامِ[1]) وفي القرآن ذمُّها وتشبيهُها بأكلِ لحم الميتةِ، وفي ” نَصيحة البتِّ لجَميعِ كنتَ ” لشيخنا المختار – رضي الله عنه وأرضاه عنَّا، وجَعلنا ممن تولَّاه – وأما حَقيقتها: ذكرُ شَخص أخاهُ بما يكرهُ خلفهُ مما هو فيه وإن لم يَكُن فيه فبُهتانٌ، وكذلك لو ذكرتَ دابَّته أو ثوبَه أو دارهُ أو شَيئا مما يتعلَّق بهِ مما يكرهُ، ومنه قوله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لِعَائِشَةَ – قِيءِ قِيءِ قِيءِ لَمَّا قَالَتْ يا رَسُولَ اللهِ: إِنَّ هَذِهِ الْمَرْأةَ لَطَوِيلَةُ الذَّيْلِ، فَاسْتقَاءَتْ فَقَاءَتْ مُضْعَةَ لَحْمٍ، فَقَالَ: والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْمُتِّ وَهِيَ فِي بَطْنِكِ لدَخَلْتِ النَّارَ وَلاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا [2] “. [ ينظر وصيته المسماة” فتح المنان في جواب عَبد الرحمان” ضمن “المجموعة الكبرى”، ص: (29 و35)]
    وقال – رضي الله عنه – في منظومتِه “مليِّن الصُّدور”:
    والأذنَ فاحفظَن عَن الإصغاءِ = بهَا البدعة أو الفحْشاءِ
    كالخَوضِ فِي البَاطل والغِيبة معْ = ذكْر مسَاوي الناسِ كلّ قَد منعْ
    قد خُلقتْ لك لِكي تَستمعَا = بهَا كلامَ الله فلتسْتمعَا
    وسُنةَ الرسُول والأحبَار = وحِكمةَ الأشياخِ والآثارِ
    إن أنتَ أصغيتَ لسُوء بهما = صَار نعيمك هلَاكا فافْهما
    ولا تَظنَّ أنَّ ذنبَ الغِيبهْ = يُختص بالقائِل في المُصيبهْ
    ففي حَديثِه صَلاةُ ربّه = علَيه والآل معا وصحْبه
    إن الذِي الغِيبة قَدْ يسْتمع = مُشارك القائل فيمَا يَسمعْ
    كلا وإنْ طلقت أذنيك سدى = إلى الهُدى فسوفَ تندمُ غدا
    هَذا ومِن باب إحقاق الحقّ وإبطال الباطلِ فإنَّ شَيخنا الخديم – رضي الله عنه – كان يقُول فِي ثَنايا وصاياهُ الجَوهِرية: ” لا تُعطوا حَسناتِكم لأحدٍ من الصَّالحينَ ولا تَتحمَّلُوا سَيئاتِ أحدٍ من المُسئيينَ ، ومَن عابَ أحدًا مِن الصَّالحينَ أُخذ مَالهُ مِن الحَسناتِ لهُ، ومَن ظَلم أحدًا مِن المُسيئينَ تَحمَّلَ عنهُ سيئاتِه “.[ المجموعة الكُبرى، ص: (455)]
    ويقُول أيضا في مَوضع آخر: ” … ومما يكُون بهِ المُسلمُ مُسلمًا كاملاً سلامةُ المُسلمينَ مِن يَده ولسانهِ فالسَّارقُ والمُغتابُ سِيَّان، فالأول تُقطعُ يَدهُ فِي الدُّنيا، والثَّاني: تُلازمُهُ العقاربُ والحيَّاتُ في الآخِرةِ …”. [ ينظر وصيته المسماة” فتح المنان في جواب عَبد الرحمان” ضمن “المجموعة الكبرى”، ص: (42)]
    ” …. ويحرُم الكذبُ عَلى رؤيا النَّوم، وَالتكلّمُ في أعراضِ النَّاس بما يكرهُون ولو كان فيهم فِي حَضرتهم وغيابهم إلا لنُصح أو تعريفِ مجهُول، وتَحرمُ أذيَّتهُم لِضرّهم باليدِ واللسانِ وغَيرهِما فِي أنفسِهم أو مالهِم إلا بأمر شَرعيّ …”. [ المجموعة الكبرى، ص: (357)].
    وقال الشيخ الخديم – رضي الله عنه – ” بسم الله الرحمان الرحيم وصية نافعة بادر التوبةَ وفارقِ الغفلةَ واجتنبِ الغِيبة والكذب، ولا تُصاحبْ من لا يزيدُكَ صُحبته عبادةً ولا نيةَ خيرٍ، ولازمِ النِّيةَ قبل كلّ قول وعملٍ فإن راعيتَ هذه الكلماتِ ربحتَ ” ا ه‍ [المجموعة الكبرى، ص: (374)]
    وقال: ” عَليكُم [3] والغيبةَ فإن فَاعلَه لو تبحَّر فِي الفُنون لا يكُون إلا كمن عنده صندوق ولا مِفتاحَ لهُ ” ا ه‍ وأيضا : ” الغِيبةُ أقبحُ مِن السَّرقةِ؛ لأنَّ السَّرقةَ قد ينجعُ لِفاعلهِ كأن يكُون لِباسا أو طعامًا والغيبةُ لا ينفعُ شَيئا ويُذهبُ الإيمانَ مِن فاعلهِ “. [ المجموعة الكبرى، ص: (406)]
    وقال حِكمة بليغةً “… الغِيبَةُ لا تتَولَّدُ إلا بِالغَيبةِ عَن اللهِ تباركَ وتعالَى” المجموعة الكبرى، ص: (454)
    وقال أيضا في قِطعة عُنوانها “تَمهير” وجَّهها إلى ابنه النَّجيب الشيخ محمد المُصطفى – رضي الله عنهما – وهو يأمره بتطهير دَنس الغِيبة بشُكر الله تعالى وذِكرهِ على الدَّوام [4]:
    ودَنسَ الغِيبةِ نقِّ بِالشُّكورْ = و ذِكْر ربّكَ المُكرِّم الشَّكُورْ
    [ ينظر: “المجموعة الكُبرى”، ص: (201)، وديوان سِلك الجواهر في أخبار السرائر]
    وقال في قَصيدة مطرزة بـ” وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَرَدّاً”:
    إِلَيْهِ تُبْ مِنْ غِيبَةٍ وَكَذِبِ = وَنَحْوِ ذَيْنِ لَكَ خَيْرًا يَـجْذُبِ
    وقال – رضي الله عنه -:
    كُن تائبًا مِن غِيبةٍ وكذبِ = بالسِّترِ والحقِّ تفُز بالأَربِ
    المجموعة الكبرى، ص: (323)
    وقال في منظومته ” الجوهر النفيس” في معرض ذكره شُروط التَّوبة:
    ويستحِلُّ كلَّ عِرضٍ أكلاَ = بِغيبةٍ أو قَذف اَو شَتمٍ جَلاَ
    يطلب أن يجعل نفسه في حل من أكل الأعراض بالغيبة بأن يطلب العفو والمعذرة من أصحابها. وقد شبّه التعرض للأعراض بأكلها لقوله تبارك و تعالى:{ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات: 12] وفي ذلك استعارة مكنية. [ ينظر هامش منظومة “الجَوهر النفيس في عقد نثر الأحضري الرئيس”، للشيخ الخديم – رضي الله عنه – ، دراسة وتحقيق: دائرة روض الرَّياحين، طبعت بمطبعة المعارف الجديدة – الرّباط – في سنة: 1438ه‍ ‍- 2016م طبع على نفقة اللجنة المنظمة للمغال، ص: (108)].
    قال الشيخ الخديم – رضي الله عنه – :” لا تظلمُوا ربَّكم ولا صَاحبَكم وظلمُ ربّكم أن تفعلُوا مَا نهاكُم عنهُ، ومَن ظلم ربَّه ولم يتُبْ حتى ماتَ – أعاذنا الله من ذلك – فإنَّه يَرد إليه عَمَلهُ، ومَن ظَلم صاحبَهُ ولم يتُبْ له فإنَّه يُؤخذُ منهُ عملُهُ الصَّالحُ ويُجعل فِي يَد صَاحبهِ، ومن ظلمكُم فاعفُوا عنهُ لقوله تعالى: { فَمنْ عَفا وأصلحَ فأجرُه عَلى اللهِ } [ سورة الشُّورى: 40] وظُلم صاحبِكَ أن تغتابَهُ أو تقذفَهُ لا تشتغلُوا بعيوبِ غيرِكم عن عُيوبِكُم، واشتغلُوا بعيُوبكم عن عيُوب غيرِكم لا تُخالفُوا الظَّالمَ، واحذرُوا الظُّلمَ فإنَّه الجَالبُ إلى النَّدامةِ. والسَّلام. [ المجموعة الكبرى، ص: (404 – 405)]
    إلى غَير ذلك من الوَصايا النَّافعة والنَّصائح الجادّة التي طعَّم فيها بذكر خُطورة هَذا المَرض مُستدلا بالأحاديثِ والحِكم التي لا يستعنى عنها مُسلم، والمعنى الظَّاهر الواضح فِي وصاياه التي يكتبها خالصة للمُسلمين عَلى وجه العموم والمُريدين عَلى وَجه الخُصوص أنه كان يعتني بِتربيته المُريدينَ عَلى حِفظ اللسانِ كالغِيبة والكذب والقول القبيح…
    والعَجب كلّ العَجب من رجل ينتمي إلى الشيخ الخديم – رضي الله عنه – وهو يقضي معظم أوقاته في الوقُوع فِي أعراض النَّاس بالغِيبة والسَّبّ وما جرى مجراها ويعتمدُون عَلى رواياتٍ ضعيفة واهية، التي لازمام لها، ولاخطام ، ألم يأن له أن يترك ذلك ليجد حَلاوة الطاعات ولذة العبادة التي لا تضاهيها لذة من لذائذ الدنيا الفانية، ولينجوَ من عقوبة الله تعالى وعَذابه الأليم. { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [سورة ق، الآية:37]
    قال ابن الجوزي – رحمه الله تعالى -: ” فرب شَخص أطلق بصره فحرمه الله اعتبار بصيرته، أو لسانه فحُرِم صفاء قلبه، أو آثر شبهة في مطعمه، فأظلم سره وحُرِم قيام الليل، وحلاوة المناجاة، إلى غير ذلك”. [ صيد الخاطر، ص: 34].
    يقول العلماء:” إنَّ الذُّنوب دَاء القلوب، و قد أشار إلى ذلك يحيى بن معاذ حيث يقُول : “سَقَمُ الجسَد بالأوجاع، وسَقَمُ القلوب بالذُّنوب؛ فكما لا يجد الجَسد لذة الطعام عند سَقمه، فكذلك القلب لا يجدُ حَلاوة العبادة مع الذنوب”. [ ذم الهوى:68 ].
    هَذا ما تيسَّر لي جَمعه في هذه العُجالة، وفيما أتينا به كفاية لِمن أراد الله تعالى به خيرًا فإذا أمنعتَ النظر في هذا البحث المتواضع عَلمت علم اليقين بأن شيخنا الخَديم – رضي الله عنه – كان يُحذر أتباعه قاطبة أيما تَحذير من الغِيبة وما والاهَا في كتاباته ووصَاياه، ولا يسعنا إلا أن ندعو الله العلي القدير أن ينفع به جَميع طلبة العلم فِي العاجل والآجِلِ، ونبتهل إليه وهو مُجيب الدَّعواتِ سائلينَ إياه أن يَجعله عَملا صَالحًا خالصًا لوجهه الكريم، ومتقبّلا بقبول حَسن، وأن ينفعنَا به وإيَّاكم وهُو المُوفق للصَّوابِ وإليه المَرجعُ والمآبُ. إنَّه وليُّ ذلك والقادر عليه، وهو بالإجابَة قَدير.

    بقلم الأخ سرين امباكي جُوب خضر الطوباوي خريج معهد الدروس الإسلامية ومدرس اللغة العربية والعلوم الشرعية في معهد الخليل الإسلامي
    ضحوة الخميس ذي العقدة 1438ه‍ / 10 أغسطس 2017م .

    الهوامشُ:
    [1] لم نعثر عليه في المصادر الحديثة التي وقفنا عليها بهذا اللفظ، لكن ورد ما لفظه – : (( إيَّاكم والغِيبة فإنَّ الغيبة أشدّ من الزنا، إنَّ الرجل قد يزني وَيتوبَ فيتوب الله عليه وإنَّ صاحب الغيبة لا يُغْفَرُ له حتى يَغفِرَ له صاحبه )) [ أخرجه السيوطي في ” الجامع الصَّغير” 5012، وابن أبي الدُّنيا في “ذم الغيبة”، وأبو الشيخ في “التوبيخ ” عَن جابر وأبي سعيد، وضعفه الألباني كما ورد في صَحيح وضعيف الجامع الصغير تحقيق الألباني حديث رقم: 2204 في ضعيف الجامع، وانظر أيضا: ” تنبيه الخواطر”، ج1، ص511، و”إرشاد القلوب ” 611].
    [2] سَبق تَخريجه مع اختلاف في الألفاظ في مُستهل البحثِ.
    [3] هَكذا وردت العبارة في الأصل، وهو تصحيف، ولعلّ الصَّواب ” إيَّاكم …”
    [4] التي مطلعها:
    لا تنسَ نيّةً لدَى كلِّ ليادْ = فإنَّها تَجلُبُ أفضلَ أيادْ

      الوقت/التاريخ الآن هو 26/11/2024, 15:02