ما نفع القلب مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة -2-
العزلة مع التفكر: أولهما يشبه الحمية للمريض. ثانيهما يشبه الدواء له
العزلة التي يندبنا إليها الإسلام وينبهنا إليها ابن عطاء الله هي تلك التي تكون مناخاً ومجالاً للتأمل والتفكر فيما يفيد الإنسان وفيما يقربه إلى الله وفيما يعتقه من أسباب الشقوة التي تتربص بالإنسان.إذن هو هنا يدعونا إلى أمرين أحدهما مقدمة وسبيل للآخر هما: العزلة، والتفكر.أولهما يشبه الحمية بالنسبة للمريض، وثانيهما يشبه الدواء بالنسبة له. فالمريض ينصحه الطبيب بأمرين اثنين، لا يستفيد من الواحد منهمان لم يتبعه بالثاني.. ينصحه بالحمية أولاً، وهي عمل سلبي يتمثل في الابتعاد عن الأطعمة الضارة ثم يكلفه بأن يستعمل خلال ذلك أدوية معينة يصفها له.فلو أنه احتمى ولم يستعمل الأدوية لن يستفيد شيئاً. ولو أنه استعمل الأدوية ولكنه لم يحتم فإن هذه الأدوية لن تحقق المأمول من فائدتها.إن هذا المثال صورة للحكمة التي ينصحنا بها ابن عطاء الله.إنه يدعو المسلم، بل الإنسان أياً كان إلى عزلة تقوم أهميتها بالنسبة إلى الروح كأهمية الحمية بالنسبة للبدن. ولكنه يسرع فيقول: «يدخل بها ميدان فكرة» والفكرة التي يدعو إليها، تقوم ضرورتها للعقل والروح كضرورة الدواء بالنسبة للجسد المريض. إذن فإذا ألزم الإنسان نفسه بساعة من الخلوة في كل يوم وليلة مثلاً يعزل نفسه فيها عن الناس، ينبغي أن يملأ فراغ خلوته هذه بموضوع يسلط عليه فكره للمناقشة وللنظر وللتأمل. على أن يكون الموضوع الذي يشغل فكره به، مما يوقظه إلى معرفة الحقيقة الكونية، لا موضوعاً يستهوي النفس ويخبل العقل. فلو أنه دخل خلوته هذه وأمسك بكتاب مليء بأصناف الدجل والخرافات أو الموضوعات التي تثير في النفس غرائزها وتجمح بها إلى أهوائها فإنه يكون قد اتخذ من خلوته وسيلة للابتعاد عن معرفة الحق ولإسدال مزيد من الحجب بينه وبين الله سبحانه وتعالى.
ـ بيان المراد بالفكرة التي هي بمثابة الدواء
المراد بالفكرة الاشتغال بالموضوع الذي يُقِّربُه إلى معرفة ذاته ويوقظه إلى إدراك هويته عبداً مملوكاً لله سبحانه وتعالى ومن ثَمَّ يُقَرِّبُهُ إلى معــرفــة ربه وصفـــات الربوبية فيه، ومن ثم يدنيه من محبة الله عز وجل وتعظيمه وتعظيم حرماته.إذن لا بدّ من أن يشغل الإنسان نفسه في خلوته هذه بمادة تحقق له هذه الأهداف.. قد تكون هذه المادة قراءة كتاب الله سبحانه وتعالى وهي خير ما يملأ به الإنسان خلوته، وقد يكون الاشتغال بسيرة رسول الله . ولا بأس أن يجعل مادة تفكيره التأمل في ذاته: من أنا؟ وكيف جئت إلى هذه الدنيا؟ كنت بالأمس طفلاً صغيراً لا أعي، ثم إني دخلت مرحلة الشباب، ثم إني تجاوزت الشباب إلى الكهولة، وها أنذا أتجه شيئاً فشيئاً إلى النهاية، وعما قليل سأرحل من هذه الدنيا.. ماذا صنعت في العمر الذي مضى؟ وماذا جنيت من الملاذ التي تمتعت بها؟ ما الذي بقي لي منها؟ وما الذي بقي مني لها؟ أتأمل في المتعة التي ذهبت لذّاتها وبقيت مغارمها، والطاعات التي ذهبت أتعابها ولكن بقي ثوابها..أتأمل في هذا كله، وعندئذ أشعر بحالة من الحزن والندم.. لماذا لم أستكثر من الطاعات خلال عمري الذي مضى؟ ولماذا لم أقلل من المعاصي التي انزلقت إليها؟ وأنظر، وإذا بالعمر ما تزال منه بقية، فيحفزني الشعور بضرورة انتهاز الفرصة إلى التدارك قبل الفوات. وهكذا أعاهد نفسي، بل أعاهد الله أن لا أضيع الثمالة الباقية من العمر، وأن أسرع فأغرس أيامها الباقية من حياتي بالقربات والطاعات الممكنة.ذلك هو أثر الخلوة إذ تمتزج مع موضوع فكري يوقظ العقل إلى الحقيقة الكونية الكبرى، ويحرر النفس من شوائب العصبية والأهواء.
العزلة مع التفكر: أولهما يشبه الحمية للمريض. ثانيهما يشبه الدواء له
العزلة التي يندبنا إليها الإسلام وينبهنا إليها ابن عطاء الله هي تلك التي تكون مناخاً ومجالاً للتأمل والتفكر فيما يفيد الإنسان وفيما يقربه إلى الله وفيما يعتقه من أسباب الشقوة التي تتربص بالإنسان.إذن هو هنا يدعونا إلى أمرين أحدهما مقدمة وسبيل للآخر هما: العزلة، والتفكر.أولهما يشبه الحمية بالنسبة للمريض، وثانيهما يشبه الدواء بالنسبة له. فالمريض ينصحه الطبيب بأمرين اثنين، لا يستفيد من الواحد منهمان لم يتبعه بالثاني.. ينصحه بالحمية أولاً، وهي عمل سلبي يتمثل في الابتعاد عن الأطعمة الضارة ثم يكلفه بأن يستعمل خلال ذلك أدوية معينة يصفها له.فلو أنه احتمى ولم يستعمل الأدوية لن يستفيد شيئاً. ولو أنه استعمل الأدوية ولكنه لم يحتم فإن هذه الأدوية لن تحقق المأمول من فائدتها.إن هذا المثال صورة للحكمة التي ينصحنا بها ابن عطاء الله.إنه يدعو المسلم، بل الإنسان أياً كان إلى عزلة تقوم أهميتها بالنسبة إلى الروح كأهمية الحمية بالنسبة للبدن. ولكنه يسرع فيقول: «يدخل بها ميدان فكرة» والفكرة التي يدعو إليها، تقوم ضرورتها للعقل والروح كضرورة الدواء بالنسبة للجسد المريض. إذن فإذا ألزم الإنسان نفسه بساعة من الخلوة في كل يوم وليلة مثلاً يعزل نفسه فيها عن الناس، ينبغي أن يملأ فراغ خلوته هذه بموضوع يسلط عليه فكره للمناقشة وللنظر وللتأمل. على أن يكون الموضوع الذي يشغل فكره به، مما يوقظه إلى معرفة الحقيقة الكونية، لا موضوعاً يستهوي النفس ويخبل العقل. فلو أنه دخل خلوته هذه وأمسك بكتاب مليء بأصناف الدجل والخرافات أو الموضوعات التي تثير في النفس غرائزها وتجمح بها إلى أهوائها فإنه يكون قد اتخذ من خلوته وسيلة للابتعاد عن معرفة الحق ولإسدال مزيد من الحجب بينه وبين الله سبحانه وتعالى.
ـ بيان المراد بالفكرة التي هي بمثابة الدواء
المراد بالفكرة الاشتغال بالموضوع الذي يُقِّربُه إلى معرفة ذاته ويوقظه إلى إدراك هويته عبداً مملوكاً لله سبحانه وتعالى ومن ثَمَّ يُقَرِّبُهُ إلى معــرفــة ربه وصفـــات الربوبية فيه، ومن ثم يدنيه من محبة الله عز وجل وتعظيمه وتعظيم حرماته.إذن لا بدّ من أن يشغل الإنسان نفسه في خلوته هذه بمادة تحقق له هذه الأهداف.. قد تكون هذه المادة قراءة كتاب الله سبحانه وتعالى وهي خير ما يملأ به الإنسان خلوته، وقد يكون الاشتغال بسيرة رسول الله . ولا بأس أن يجعل مادة تفكيره التأمل في ذاته: من أنا؟ وكيف جئت إلى هذه الدنيا؟ كنت بالأمس طفلاً صغيراً لا أعي، ثم إني دخلت مرحلة الشباب، ثم إني تجاوزت الشباب إلى الكهولة، وها أنذا أتجه شيئاً فشيئاً إلى النهاية، وعما قليل سأرحل من هذه الدنيا.. ماذا صنعت في العمر الذي مضى؟ وماذا جنيت من الملاذ التي تمتعت بها؟ ما الذي بقي لي منها؟ وما الذي بقي مني لها؟ أتأمل في المتعة التي ذهبت لذّاتها وبقيت مغارمها، والطاعات التي ذهبت أتعابها ولكن بقي ثوابها..أتأمل في هذا كله، وعندئذ أشعر بحالة من الحزن والندم.. لماذا لم أستكثر من الطاعات خلال عمري الذي مضى؟ ولماذا لم أقلل من المعاصي التي انزلقت إليها؟ وأنظر، وإذا بالعمر ما تزال منه بقية، فيحفزني الشعور بضرورة انتهاز الفرصة إلى التدارك قبل الفوات. وهكذا أعاهد نفسي، بل أعاهد الله أن لا أضيع الثمالة الباقية من العمر، وأن أسرع فأغرس أيامها الباقية من حياتي بالقربات والطاعات الممكنة.ذلك هو أثر الخلوة إذ تمتزج مع موضوع فكري يوقظ العقل إلى الحقيقة الكونية الكبرى، ويحرر النفس من شوائب العصبية والأهواء.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin