إحسان الإحسان - 1 -
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين المبدئ المعيد، من هدى عباده النجدين فمنهم شقي وسعيد، واصطفى من أهل السعادة خلاصةً لم يرض لها غير وجهه سبحانه وِجهة، ولا أذِن للقلوب منهم أن تلتفت عنه يمنة ولا يسره، فجعلهم لسواهم من الخلق بمثابة السرج والنجوم، يستهدي بها الضالون من كل الأزمنة في صحارى الفكر وقفور الفهوم، فتتضح لهم بعد انطماسٍ منازلُ الطريق المشروعة ومقاماتُها، وتَبين معان للوحي لم تزل لدى السابقين تحجبها صدفاتها، لتصح الحجة منهم على معاصريهم بأن النبوة ما انقطعت قط في هذه الأُمة، ولا تغير حال التابعين -عند انتقال متبوعهم صلى الله عليه وآله وسلم إلى جوار ربه- عما كان عليه الأُول لمن صحّت له الأَمّة. وصلى الله على سيدنا محمد من استمد منه الأولون والآخرون، فكان الإمام الأكبر العام ونالت أمته بذلك شرف الإشراف بما أصابت من العلم المكنون؛ فصح لأئمتها أن يقابلوا في المكانة أنبياء الأمم السابقة، لـمّا كانوا من حيث الاستمداد نظراء لهم في المكانة السامقة؛ وعلى آله مظهر أنواره في الأدوار والأكوار، وصحابته من جميع هالاته المحيطة منه بكل الأنوار، وسلَّمَ تسليما عطرا كثيرا متجددا، على مدى الدهر والزمان دائما وأبدا.
أما بعد؛
فقد أكرمني أخي الأكبر الأستاذ محمد عبادي الأمين العام، لجماعة العدل والإحسان الفاضل الهمام -في زيارة للعبد المفلس الفقير من كل علم وعمل، إلا ما يجود بإثباته الرب منة منه وفضلا وقد تعلق به الأمل- بأن أهدى إليّ كتاب "الإحسان" في جزئيه الأول والثاني معا، للأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله وجزاه خيرا للصنوف جامعا. وطلب مني أن أقرأه لنحظى بمناقشته فيما يأتي من الزمان، تقوية -فيما أحسب- لعُرى الأخوة بيننا كما ينبغي أن يكون الإخوان؛ فعظُم عندي إكرامه وتفضله بما ليس عليه مزيد، ووافقته على الفور من غير شرط ولا تحفّظ وهو بعيد، لعلمي بأنه -حفظه الله- لا يقل عني في التزام الحق والرجوع إليه إن لم يزد، متى بدت لنا الحجة واتضحت المحجة جميعا نُفِد. غير أنني عندما خلوت بعد اللقاء إلى نفسي، احترت في كيفية إبداء تعليقاتي ونقودي على الكتاب وهو ضخم بعضه لبعض يُنسي؛ وقد كنت طالعت جزأه الأول في مدة سابقة، واستشكلت طريقة الإحاطة به في جلسات المناقشة وإن طالت وتوالت متلاحقة. فخطر لي أن أتناول الكتاب كله فصلا فصلا وباباً بابا، في كتاب جديد أسميه "إحسان الإحسان" ليكون من عنوانه للب طالب الحق خلاّبا، لِما أنوي من إماطة اللثام عن أسرار الإحسان ومعانيه فيه، حتى يعود إليه رونقه بعد أن جُهل وبُني على غير مبانيه؛ عسى أن يكون معينا لقارئه على توسيع مداركه، بإبراز مخبوئه وكشف مسالكه؛ وأن أنشره على موقعنا الإلكتروني على هيئة سلسلة مقالات، كما هي عادتنا مع شطر من كتبنا وقد يلحق أحيانا ما فات بما هو آت. فارتحت بعد مدة تريثٍ إلى هذا الرأي، وعزمت على الشروع في العمل بلا لأي -لِما أعلمه من انتشار آراء الفقيد، واتخاذه قدوة من قِبل العدد من الناس العديد- وإن كان لدي من الكتب ما لم أفرغ منه بعد، لدواع منها ما أنا ذاكره بالعدّ:
1. أن أعمل على إيضاح معالم الإحسان بالمعنى الاصطلاحي على قدر الوسع، إن أسعفني الكتاب المتناوَل لأنه الأصل وكلامي الفرع.
2. أن أعين إخواني من جماعة "العدل والإحسان" على عدم الانحجاب بالمرشدِ -فقد رأيتهم يُجمعون على عدم وجود نظير له كعادة المعتقِد- بأن أفتح لهم بابا إلى صحيح الفهم لمسألة الإمامة، في دين الله واسع الوهب عظيم الكرامة. فإنّ حصْرها فيه بعد انتقاله وإن صحت النسبة، لعمري لم يصح لأحد قبله وإن عظمت القربة؛ فلو كان ذلك يصح لأحد، لما أعقب النبيُّ النبيَّ في القوم أو البلد؛ ولا وُرثت الولاية تِباعا، وقد مضى من أهلها مُجمَعٌ عليه إجماعا. تعالى الله أن يَحُدّ جوده حد، أو أن يحصر عطاءه عادّ وعدّ. وإن ما نسعى إليه ليس تقليلا من قدر الرجل وقد أفضى إلى ربه، وانقطع منه إمكان تصويب عمله فيما جرى القضاء به؛ وإنما هو إسعاف للعقل العربي الذي ما عاد يُحسن إلا التقليد، وفي التقليد ما عاد يعلم غير تعظيم المقلَّد بالتشديد. ولو كان هذا يسوغ في بعض الفنون من باب التجويز، فإنه مستقبح فيما يتعلّق بالتدين المعامَل به العزيز؛ لكون التدين أمرا خاصا لا يشترك في صورته اثنان، كما لم يُجعل لعبد واحد في جوفه قلبان. ولقد طغى هذا المسلك المعوج على العلوم الدينية، إلى أن صارت المعاملة لدى كل الجماعات صورا نمطية، لا تعني إلا الذوبان في صورة الإمام المستنسخة، وإن أدى ذلك من الفرد إلى ملل وبلادة حس مسخا مَسَخَه. وهذا مخالف لما يُفهم من الوحي والشريعة بداهة، أو ما تأسس مع الرعيل الأول من المؤمنين بداءة؛ ومعاكس لما دلت عليه الفطرة السليمة والذوق أكّده، وما الأنبياء والوارثون علّموه أو مُجدِّد جدّده. والسبب في هذه الآفة التي كادت أن تأتي على الدين لدى المتأخرين، إيال الاشتغال بالعلم إلى العقول المعاشية من الأسفلين، التي اتخذت منه سببا للترزق بدلا من أن يكون لها نورا، تستضيء به على الطريق الذي ينبغي أن يسلكه العبد إلى ربه مسرورا.
3. أن يكون الرد علميا بحتا لا شخصيا، بريئا مما يمنع الإنصاف -إن شاء الله- محميا، ينتفع به كل ناظر فيه بأدب وحسن ظن، سواء أكان من أفراد جماعة المؤلف أم ممن يرتجي عن نفسه نفي الوسن؛ أو كان من طلبة العلم حيث وُجدوا، أو من السالكين الذين حمى الله قصدوا.
4. أن يكون ردنا شاملا لا ينتقي، ولا يتصيد السقطات عياذا بالله كفعل الشقي، لا يتجاوز ما ينبغي تأكيده، من كلام المؤلف أو تفصيله أو تسديده، ليزداد العلم به عند الموافقين نورا على نور، من كل محسن للظن لا الجاهل المغرور؛ فيكون ذلك منا توسيعا لجريان ثواب علمه، عليه حيث هو من البرزخ بفضل الله وإذنه، أو قطعا لنسبة الأخطاء إن وُجدت، لئلا يصيبه شؤمها كما هو معلوم فما فُقدت.
5. أن يعم أثر هذا الرد كل متطلع، يبغي مزيد إنارة لجوانب معتمة ومتضلع، من مجال التزكية الشرعية المـُهمل؛ عسى أن تنبعث الهمم إلى تصحيح العلم منه مع العمل.
ولقد توكلت على الله بعد العزم فيما ليس منه بد، لأني رأيت أن انتشار الكتاب يستوجب الرد؛ فهذا يعطيني حق إظهار التعليق للعموم، حتى يتتبع الكلامُ الكلامَ حيث وصل من الفهوم؛ ليصح التصحيح في موضعه والاستدراك في محله، أو تصح الإشادة وإبداء الاتفاق لكُلّه. ولقد رأيت في إهدائه -حفظه الله- إلى العبد الفقير إجازة بالتناول، خصوصا وأنه قد حدد من نفسه الغرض الذي هو: المناقشة والتداول. فإني كنت أتجنب الخوض في مثل هذه الأمور؛ ترفعا عن القدح في الغير وجبرا للكسور؛ لكنني قد رأيت أن للعلم علينا حقا ينبغي أن يُعلى، فوق اعتبار الشخوص لأنه المعيار الثابت والناس لا. ولقد كنت أكتفي من النقود بإشارات في المسائل المتناولة، ضمن الكتب والمقالات التي نشرتها فهي متداولة. ولكن هذه البادرة قد فتحت أمامي، مجال الرد وإظهار كلامي؛ وكأن صاحب الكتاب -رحمه الله- ذاته، قد سمح بما أنا مقدم عليه استدراكا لما فاته. ففي النهاية نحن إخوان ينبغي أن نتعاون أحياء وأمواتا، ويسعى بعضنا في نفع بعض جماعات وأشتاتا.
فنرجو من الله العلي القدير، الوهاب العليم الحكيم الكبير، أن يُجري قلمنا بما ينفع الأمة ويجمع كلمتها، ويوحد العمل للإسلام في المغرب على التخصيص فهو المشتهى، وأن يجعل النخبة من المسلمين ينخرطون معنا في التأصيل، لمختلف جوانب العمل لتكون مبنية على صحيح من العلم الأثيل، الذي لنا من الوحي عليه دليل ساطع وبرهان، يُلجَم به كل باغ للشر معتد فتّان. وارزق اللهم جميع إخواننا حسن الظن بالعبد الضعيف، لعلنا نلتقي يوما على ما يرضي ربنا من غير تحريف. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد المحمود، وآله وصحبه ذوي الفضل والكرم والجود، وعلى كل محب من أهل الإسلام والقبلة، طول الدهر ما طار طائر في سماء أو على الأرض دبت نملة.
سلا، في ليلة الجمعة: 20 ربيع الثاني 1440 للهجرة؛ الموافق لـ: 27-12-2018.
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين المبدئ المعيد، من هدى عباده النجدين فمنهم شقي وسعيد، واصطفى من أهل السعادة خلاصةً لم يرض لها غير وجهه سبحانه وِجهة، ولا أذِن للقلوب منهم أن تلتفت عنه يمنة ولا يسره، فجعلهم لسواهم من الخلق بمثابة السرج والنجوم، يستهدي بها الضالون من كل الأزمنة في صحارى الفكر وقفور الفهوم، فتتضح لهم بعد انطماسٍ منازلُ الطريق المشروعة ومقاماتُها، وتَبين معان للوحي لم تزل لدى السابقين تحجبها صدفاتها، لتصح الحجة منهم على معاصريهم بأن النبوة ما انقطعت قط في هذه الأُمة، ولا تغير حال التابعين -عند انتقال متبوعهم صلى الله عليه وآله وسلم إلى جوار ربه- عما كان عليه الأُول لمن صحّت له الأَمّة. وصلى الله على سيدنا محمد من استمد منه الأولون والآخرون، فكان الإمام الأكبر العام ونالت أمته بذلك شرف الإشراف بما أصابت من العلم المكنون؛ فصح لأئمتها أن يقابلوا في المكانة أنبياء الأمم السابقة، لـمّا كانوا من حيث الاستمداد نظراء لهم في المكانة السامقة؛ وعلى آله مظهر أنواره في الأدوار والأكوار، وصحابته من جميع هالاته المحيطة منه بكل الأنوار، وسلَّمَ تسليما عطرا كثيرا متجددا، على مدى الدهر والزمان دائما وأبدا.
أما بعد؛
فقد أكرمني أخي الأكبر الأستاذ محمد عبادي الأمين العام، لجماعة العدل والإحسان الفاضل الهمام -في زيارة للعبد المفلس الفقير من كل علم وعمل، إلا ما يجود بإثباته الرب منة منه وفضلا وقد تعلق به الأمل- بأن أهدى إليّ كتاب "الإحسان" في جزئيه الأول والثاني معا، للأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله وجزاه خيرا للصنوف جامعا. وطلب مني أن أقرأه لنحظى بمناقشته فيما يأتي من الزمان، تقوية -فيما أحسب- لعُرى الأخوة بيننا كما ينبغي أن يكون الإخوان؛ فعظُم عندي إكرامه وتفضله بما ليس عليه مزيد، ووافقته على الفور من غير شرط ولا تحفّظ وهو بعيد، لعلمي بأنه -حفظه الله- لا يقل عني في التزام الحق والرجوع إليه إن لم يزد، متى بدت لنا الحجة واتضحت المحجة جميعا نُفِد. غير أنني عندما خلوت بعد اللقاء إلى نفسي، احترت في كيفية إبداء تعليقاتي ونقودي على الكتاب وهو ضخم بعضه لبعض يُنسي؛ وقد كنت طالعت جزأه الأول في مدة سابقة، واستشكلت طريقة الإحاطة به في جلسات المناقشة وإن طالت وتوالت متلاحقة. فخطر لي أن أتناول الكتاب كله فصلا فصلا وباباً بابا، في كتاب جديد أسميه "إحسان الإحسان" ليكون من عنوانه للب طالب الحق خلاّبا، لِما أنوي من إماطة اللثام عن أسرار الإحسان ومعانيه فيه، حتى يعود إليه رونقه بعد أن جُهل وبُني على غير مبانيه؛ عسى أن يكون معينا لقارئه على توسيع مداركه، بإبراز مخبوئه وكشف مسالكه؛ وأن أنشره على موقعنا الإلكتروني على هيئة سلسلة مقالات، كما هي عادتنا مع شطر من كتبنا وقد يلحق أحيانا ما فات بما هو آت. فارتحت بعد مدة تريثٍ إلى هذا الرأي، وعزمت على الشروع في العمل بلا لأي -لِما أعلمه من انتشار آراء الفقيد، واتخاذه قدوة من قِبل العدد من الناس العديد- وإن كان لدي من الكتب ما لم أفرغ منه بعد، لدواع منها ما أنا ذاكره بالعدّ:
1. أن أعمل على إيضاح معالم الإحسان بالمعنى الاصطلاحي على قدر الوسع، إن أسعفني الكتاب المتناوَل لأنه الأصل وكلامي الفرع.
2. أن أعين إخواني من جماعة "العدل والإحسان" على عدم الانحجاب بالمرشدِ -فقد رأيتهم يُجمعون على عدم وجود نظير له كعادة المعتقِد- بأن أفتح لهم بابا إلى صحيح الفهم لمسألة الإمامة، في دين الله واسع الوهب عظيم الكرامة. فإنّ حصْرها فيه بعد انتقاله وإن صحت النسبة، لعمري لم يصح لأحد قبله وإن عظمت القربة؛ فلو كان ذلك يصح لأحد، لما أعقب النبيُّ النبيَّ في القوم أو البلد؛ ولا وُرثت الولاية تِباعا، وقد مضى من أهلها مُجمَعٌ عليه إجماعا. تعالى الله أن يَحُدّ جوده حد، أو أن يحصر عطاءه عادّ وعدّ. وإن ما نسعى إليه ليس تقليلا من قدر الرجل وقد أفضى إلى ربه، وانقطع منه إمكان تصويب عمله فيما جرى القضاء به؛ وإنما هو إسعاف للعقل العربي الذي ما عاد يُحسن إلا التقليد، وفي التقليد ما عاد يعلم غير تعظيم المقلَّد بالتشديد. ولو كان هذا يسوغ في بعض الفنون من باب التجويز، فإنه مستقبح فيما يتعلّق بالتدين المعامَل به العزيز؛ لكون التدين أمرا خاصا لا يشترك في صورته اثنان، كما لم يُجعل لعبد واحد في جوفه قلبان. ولقد طغى هذا المسلك المعوج على العلوم الدينية، إلى أن صارت المعاملة لدى كل الجماعات صورا نمطية، لا تعني إلا الذوبان في صورة الإمام المستنسخة، وإن أدى ذلك من الفرد إلى ملل وبلادة حس مسخا مَسَخَه. وهذا مخالف لما يُفهم من الوحي والشريعة بداهة، أو ما تأسس مع الرعيل الأول من المؤمنين بداءة؛ ومعاكس لما دلت عليه الفطرة السليمة والذوق أكّده، وما الأنبياء والوارثون علّموه أو مُجدِّد جدّده. والسبب في هذه الآفة التي كادت أن تأتي على الدين لدى المتأخرين، إيال الاشتغال بالعلم إلى العقول المعاشية من الأسفلين، التي اتخذت منه سببا للترزق بدلا من أن يكون لها نورا، تستضيء به على الطريق الذي ينبغي أن يسلكه العبد إلى ربه مسرورا.
3. أن يكون الرد علميا بحتا لا شخصيا، بريئا مما يمنع الإنصاف -إن شاء الله- محميا، ينتفع به كل ناظر فيه بأدب وحسن ظن، سواء أكان من أفراد جماعة المؤلف أم ممن يرتجي عن نفسه نفي الوسن؛ أو كان من طلبة العلم حيث وُجدوا، أو من السالكين الذين حمى الله قصدوا.
4. أن يكون ردنا شاملا لا ينتقي، ولا يتصيد السقطات عياذا بالله كفعل الشقي، لا يتجاوز ما ينبغي تأكيده، من كلام المؤلف أو تفصيله أو تسديده، ليزداد العلم به عند الموافقين نورا على نور، من كل محسن للظن لا الجاهل المغرور؛ فيكون ذلك منا توسيعا لجريان ثواب علمه، عليه حيث هو من البرزخ بفضل الله وإذنه، أو قطعا لنسبة الأخطاء إن وُجدت، لئلا يصيبه شؤمها كما هو معلوم فما فُقدت.
5. أن يعم أثر هذا الرد كل متطلع، يبغي مزيد إنارة لجوانب معتمة ومتضلع، من مجال التزكية الشرعية المـُهمل؛ عسى أن تنبعث الهمم إلى تصحيح العلم منه مع العمل.
ولقد توكلت على الله بعد العزم فيما ليس منه بد، لأني رأيت أن انتشار الكتاب يستوجب الرد؛ فهذا يعطيني حق إظهار التعليق للعموم، حتى يتتبع الكلامُ الكلامَ حيث وصل من الفهوم؛ ليصح التصحيح في موضعه والاستدراك في محله، أو تصح الإشادة وإبداء الاتفاق لكُلّه. ولقد رأيت في إهدائه -حفظه الله- إلى العبد الفقير إجازة بالتناول، خصوصا وأنه قد حدد من نفسه الغرض الذي هو: المناقشة والتداول. فإني كنت أتجنب الخوض في مثل هذه الأمور؛ ترفعا عن القدح في الغير وجبرا للكسور؛ لكنني قد رأيت أن للعلم علينا حقا ينبغي أن يُعلى، فوق اعتبار الشخوص لأنه المعيار الثابت والناس لا. ولقد كنت أكتفي من النقود بإشارات في المسائل المتناولة، ضمن الكتب والمقالات التي نشرتها فهي متداولة. ولكن هذه البادرة قد فتحت أمامي، مجال الرد وإظهار كلامي؛ وكأن صاحب الكتاب -رحمه الله- ذاته، قد سمح بما أنا مقدم عليه استدراكا لما فاته. ففي النهاية نحن إخوان ينبغي أن نتعاون أحياء وأمواتا، ويسعى بعضنا في نفع بعض جماعات وأشتاتا.
فنرجو من الله العلي القدير، الوهاب العليم الحكيم الكبير، أن يُجري قلمنا بما ينفع الأمة ويجمع كلمتها، ويوحد العمل للإسلام في المغرب على التخصيص فهو المشتهى، وأن يجعل النخبة من المسلمين ينخرطون معنا في التأصيل، لمختلف جوانب العمل لتكون مبنية على صحيح من العلم الأثيل، الذي لنا من الوحي عليه دليل ساطع وبرهان، يُلجَم به كل باغ للشر معتد فتّان. وارزق اللهم جميع إخواننا حسن الظن بالعبد الضعيف، لعلنا نلتقي يوما على ما يرضي ربنا من غير تحريف. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد المحمود، وآله وصحبه ذوي الفضل والكرم والجود، وعلى كل محب من أهل الإسلام والقبلة، طول الدهر ما طار طائر في سماء أو على الأرض دبت نملة.
سلا، في ليلة الجمعة: 20 ربيع الثاني 1440 للهجرة؛ الموافق لـ: 27-12-2018.
أمس في 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
أمس في 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
أمس في 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
أمس في 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
أمس في 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
أمس في 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin