قوله "ابن عربي" : ( قال أبو مدين رضي الله عنه : من علامات صدق المريد في بدء إرادته فراره عن الخلق ، ومن علامات صدق فراره عن الخلق : وجوده للحق ، ومن علامات صدق وجوده للحق : رجوعه إلى الخلق ، ثم أورد قول أبي سليمان الداراني رحمه اللّه : لو وصلوا ما رجعوا ، قال : فيظن السامع أن فيه تناقضا ) .
أقول : إن قول أبي مدين : ( من علامات صدق المريد في بدء إرادته فراره عن الخلق ، ومن علامات صدق فراره عن الخلق ، وجوده للحق ) معناه : أن المريد في حال الإرادة يسلك منهاجا شبيها بالتوكل في حال الإرادة ، لأنه يذهب اختياره في إرادته ويلجئ حكمه إلى المراد ، فيفر عن الخلق لأجل عرائه عن الحكم المناسب ، وهذه علامة متى وجدت لشخص يسمى الحامل لها : مريدا بالشرط المذكور من مشابهة التوكل ، لأن التوكل قد قال فيه الإمام العارف الكامل سهل بن عبد اللّه التستري : كل الأعمال ذو وجه وقفا ، إلا التوكل له وجه بلا قفا ، فليس له شبيه إلا الإرادة لأن الإرادة يستقل المريد فيها بوجه الترك ، مع قطع ظن الترك الذي يكون وجها آخر ، فالتوكل وجه بغير قفا لأن المتوكل يسند الأمور إلى فاعلها ، فيكون ذلك وجهه ، وعدم القفا عراوة عن الفكر في المصالح الدنيوية والأخروية ، فيكون عراوة عن الالتفات إلى الأسباب هو عدم القفا كما قيل .
وقوله : ( من علامات صدق فراره عن الخلق وجوده للحق ) . وذلك أنه متى فر عن الخلق بانتمائه إلى جهة الحق ، عطف عليه تنازلا منه تعالى ، لأنه متى وجد للحق ، وجود الحق لوجود قلبه ، وذلك الوجود الحقي هو لأجل النفور الخلقي ، لأن اللّه لا يمنع من كل الوجوه ، فكما أنه أعدمه الخلق في حال الإرادة أوجده نفسه تعالى عند استناده إلى جانبه ، فالكشف الصوري الذي يجده المريد مع فراره عن الخلق علامة الصدق .
وقوله : ( ومن علامة صدق وجوده للحق ، رجوعه إلى الخلق ) يريد به أن المشاهد للصورة بعد شهوده لابد من الرجعة ، إذ الصورة غاية مراده ، ومتى حصل مراد الطالب عاد إلى الخلق ، وأما قول أبي سليمان رضي الله عنه ( لو وصلوا ما رجعوا ) أراد بظاهر قوله : رجوع الأخذ في طريق الكمال ، فإن الواصل إلى هناك وإن رجع فليس براجع إلى الخلق ، لأنه لا مقصود له يصل إليه مثل مقصود صاحب الصورة ، ولهذا لا يصدق عليه الإرادة لأن الكمال لا يؤخذ قصدا ولا كسبا إراديا ، فقد يصل إلى الشهود الصوري مرارا ، ولا ينطلق عليه الرجوع إلا بعد محوه ومحو الأشياء كلها ، وإذا محيت الأشياء له ، فلا يطلق عليه الرجوع إذ لا آنية في الفناء ،فلا مناقضة بينهما ،كما ظن العامة من أهل هذا الطريق.
أقول : إن قول أبي مدين : ( من علامات صدق المريد في بدء إرادته فراره عن الخلق ، ومن علامات صدق فراره عن الخلق ، وجوده للحق ) معناه : أن المريد في حال الإرادة يسلك منهاجا شبيها بالتوكل في حال الإرادة ، لأنه يذهب اختياره في إرادته ويلجئ حكمه إلى المراد ، فيفر عن الخلق لأجل عرائه عن الحكم المناسب ، وهذه علامة متى وجدت لشخص يسمى الحامل لها : مريدا بالشرط المذكور من مشابهة التوكل ، لأن التوكل قد قال فيه الإمام العارف الكامل سهل بن عبد اللّه التستري : كل الأعمال ذو وجه وقفا ، إلا التوكل له وجه بلا قفا ، فليس له شبيه إلا الإرادة لأن الإرادة يستقل المريد فيها بوجه الترك ، مع قطع ظن الترك الذي يكون وجها آخر ، فالتوكل وجه بغير قفا لأن المتوكل يسند الأمور إلى فاعلها ، فيكون ذلك وجهه ، وعدم القفا عراوة عن الفكر في المصالح الدنيوية والأخروية ، فيكون عراوة عن الالتفات إلى الأسباب هو عدم القفا كما قيل .
وقوله : ( من علامات صدق فراره عن الخلق وجوده للحق ) . وذلك أنه متى فر عن الخلق بانتمائه إلى جهة الحق ، عطف عليه تنازلا منه تعالى ، لأنه متى وجد للحق ، وجود الحق لوجود قلبه ، وذلك الوجود الحقي هو لأجل النفور الخلقي ، لأن اللّه لا يمنع من كل الوجوه ، فكما أنه أعدمه الخلق في حال الإرادة أوجده نفسه تعالى عند استناده إلى جانبه ، فالكشف الصوري الذي يجده المريد مع فراره عن الخلق علامة الصدق .
وقوله : ( ومن علامة صدق وجوده للحق ، رجوعه إلى الخلق ) يريد به أن المشاهد للصورة بعد شهوده لابد من الرجعة ، إذ الصورة غاية مراده ، ومتى حصل مراد الطالب عاد إلى الخلق ، وأما قول أبي سليمان رضي الله عنه ( لو وصلوا ما رجعوا ) أراد بظاهر قوله : رجوع الأخذ في طريق الكمال ، فإن الواصل إلى هناك وإن رجع فليس براجع إلى الخلق ، لأنه لا مقصود له يصل إليه مثل مقصود صاحب الصورة ، ولهذا لا يصدق عليه الإرادة لأن الكمال لا يؤخذ قصدا ولا كسبا إراديا ، فقد يصل إلى الشهود الصوري مرارا ، ولا ينطلق عليه الرجوع إلا بعد محوه ومحو الأشياء كلها ، وإذا محيت الأشياء له ، فلا يطلق عليه الرجوع إذ لا آنية في الفناء ،فلا مناقضة بينهما ،كما ظن العامة من أهل هذا الطريق.
اليوم في 19:26 من طرف Admin
» كتاب: التعرف إلى حقيقة التصوف للشيخين الجليلين أحمد العلاوي عبد الواحد ابن عاشر
اليوم في 19:24 من طرف Admin
» كتاب: مجالس التذكير في تهذيب الروح و تربية الضمير للشيخ عدّة بن تونس
اليوم في 19:21 من طرف Admin
» كتاب غنية المريد في شرح مسائل التوحيد للشيخ عبد الرحمن باش تارزي القسنطيني الجزائري
اليوم في 19:19 من طرف Admin
» كتاب: القوانين للشيخ أبي المواهب جمال الدين الشاذلي ابن زغدان التونسي المصري
اليوم في 19:17 من طرف Admin
» كتاب: مراتب الوجود المتعددة ـ الشيخ عبد الواحد يحيى
اليوم في 19:14 من طرف Admin
» كتاب: جامع الأصول في الأولياء و دليل السالكين إلى الله تعالى ـ للسيد أحمد النّقشبندي الخالدي
اليوم في 19:12 من طرف Admin
» كتاب: مفتاح غيب الجمع و الوجود لـ صدر الدين القونوي و شرحه لــ شمس الدين الفناري
اليوم في 19:07 من طرف Admin
» كتاب: خطب ابن نباتة و و لده بشرح الشيخ طاهر الجزائري الدمشقي
اليوم في 19:04 من طرف Admin
» كتاب: المصباح في مكاشفة بعث الأرواح ويليه شرح الحُجُب والأستار ويليه لوامع التوحيد ويليه مسالك التوحيد كلها للشيخ بقلي الشيرازي
اليوم في 19:02 من طرف Admin
» كتاب: شجون المسجون وفنون المفتون لـ يونس الكاتب ويُنسب خطئاً للشيخ الأكبر
اليوم في 18:58 من طرف Admin
» كتاب: نفثة المصدور و تحفة الشكور للشيخ صدر الدين القونوي
اليوم في 18:54 من طرف Admin
» كتاب: النفحة الأحمدية في بيان الأوقات المحمدية ـ أحمد بن شمس
اليوم في 18:52 من طرف Admin
» كتاب: تنزّل الأملاك مِن عالَم الأرواح إلى عالَم الأفلاك ـ لـ ابن عربي
اليوم في 18:46 من طرف Admin
» كتاب: رحلة إلى الحق تأليف فاطمة اليشرطيّة الحسنيّة
اليوم في 18:43 من طرف Admin