16 ـ= أعددت لكل:
1= هول لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله ـ2= ولكل نعمة الحمد لله ـ 3= ولكل رخاء الشكر لله 4= ولكل أعجوبة سبحان الله ـ 5= ولكل ضيق حسبي الله ـ 6= ولكل ذنب استغفر الله ـ 7= ولكل هم وغم ما شاء الله ـ 8= ولكل قضاء وقدر توكلت على الله ـ 9= ولكل مصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون ـ 10= ولكل طاعة ومعصية لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ـ 11= ولكل بلاء وشدة استعنت بالله استعنت بالله استغثنا بالله،
قد يستغرق الحديث في هذه الفقرة طويلا، ولكننا نوجز الكلام لطبيعة المقال. فكلمة أعددت في بداية المقال من الإعداد اقتبسها الشيخ من قوله تعالى الآية 60 من سورة الأنفال: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم. كما أنها مقدرة أمام كلمة لكل في المرات العشر الموالية, بمعنى أعددت لكل نعمة وأعددت لكل رخاء وأعددت لكل أعجوبة وهكذا. والملاحظ أن الشيخ سيدي عبد القادر بن محمد قد اقتبس من النصوص الحديثية لكل حالة بما يوافقها من طاعة وعبادة. فإعداد كلمة التوحيد في الأهوال والشدائد عبادة الظرف لأنها أعظم الذكر والقلوب تطمئن بذكر لا إله إلا الله في الشدائد وتستمد منها اليقين اللازم لتخطي تلك الظروف القاسية, وعبادة الله أثناء توفر النعم حمد الله عليها, وعبادة الله أثناء عموم الرخاء شكر الله عليه لتلقي المزيد منه لأنه يقول لئن شكرتم لأزيدنكم, وتسبيح الله في أحوال حدوث الأمور التي تثير التعجب عبادة الظرف، إذ لا عجب في أمر ال،له ولأنه اعتراف بطلاقة قدرة الله, والتسلح بمشيئة الله مسلك أمن وسلامة أمام كل من الطاعات والمعاصي والأحداث المستقبلية، لأن الله يقول في الآية 24 من سورة الكهف:
ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله, ولأن الحبيب صلى الله عليه وسلم يقول في ما رواه الديلمي: من رأى شيئا فأعجبه له أو لغيره فليقل ما شاء الله لا قوة إلا بالله, والحسبلة، إي ذكر حسبي الله، سلاح لمواجهة أحوال الضيق، لأن الله يقول في الآية 174 من آل عمران: وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء, والاستغفار وسيلة فعالة ويقينية لمحو للذنوب, والتوكل على الله في قضايا القضاء والقدر إيمان وتسليم بالقضاء والقدر, والترجيع أثناء المصائب علامة الصبر والاستسلام لمراد الله وبشرى للمؤمن لقوله تعالى في الآية 157 من سورة البقرة:وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون, والتبرؤ من الحول والقوة من كل ما سوى الله في كل من الطاعة والمعصية اعتراف بالضعف والعجز والعبودية لله وتسليم لقضاء الله وقدره, والاستعانة بالله في الشدة والبلاء طلب اللطف في ما جرت به المقادير، لكونه هو المستعان به وحده.
وقبل الختم أود أن أشير إلى الملاحظات الآتية:
1 ـ إنه دعاء كامل شامل كل الظروف التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان في الحياة، الشيء الذي جعل الشيخ جازاه الله عنا خيرا يلخص لنا من الآثار لكل ظرف منها ما يلائمه من طاعة، وما يلائمه من سلاح لمواجهته.
2 ـ في ذكر "أعددت" في مطلع الدعاء إشارة للمريد على ضرورة اتخاذ الأسباب وبذل الجهد لا أن يتواكل ويعتمد على مجرد الذكر باللسان، خصوصا وأن الحق سبحانه يؤكد هذه الحقيقة بقوله، والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا.
3 ـ توافق عدد فواصل هذا الدعاء الإحدى عشر مع عدد الفقرة الأولى من الحزب ومع عدد ركعات الصلاة في السفر، وكما أنزلت في البداية.
4 ـ يتكون هذا الدعاء بدوره من خمس فقرات كالتالي: 1= من الأدعية الثلاثة الأولى إلى حدود الشكر لله، 2= من الدعاءين المواليين إلى حدود حسبي الله، 3= من الدعاءين المواليين إلى حدود ما شاء الله، 4= من الدعاءين المواليين إلى حدود راجعون، 5= من الدعاءين الأخيرين.
5 ـ من جماليات هذا الحزب المبارك الترابط البديع بين الفقرات الخمس لهذا الدعاء وبين الفقرات الخمس للمجموعة الأولى من جهة، وبين مضمون الدعاء في هاته الفقرات وبين الأذكار الواردة في الفقرات الخمس لتلك المجموعة.ذلك أن:
ـ حسن التوكل والحمد الواردين في الفقرة الأولى من الحزب يتوافقان تماما مع مواجهة أحوال الهول وفتن النعم والرخاء من الفقرة الأولى من هذا الدعاء،
ـ التمسك بالمنهج وطلب الثبات عليه في الفقرة الثانية هناك، يتوافقان مع مواجهة أحوال الضيق والتعجب في الفقرة الثانية هنا،
ـ التعوذ بالله والاستعانة به في الفقرة الثالثة هناك، يتوافقان مع مواجهة أحوال الذنوب والهم والغم في الفقرة الثالثة هنا،
ـ الاستغفارين في الفقرة الرابعة هناك،يتوافقان تماما أيضا مع مواجهة أحوال الضجر والاضطراب أثناء نزول المصائب والأقدار كما في الفقرة الرابعة هنا،
ـ كما أن التسلح بالإكثار من الصلاة والتسبيح في الفقرة الخامسة هناك أسلحة قوية لمواجهة أحوال البلاء والشدة والطاعات والمعاصي الواردة في الفقرة الخامسة هنا.
6 ـ من الإشارات الجميلة فيه أيضا التقابل البديع بين الفواصل انطلاقا من الوسط أي من "ولكل ذنب استغفر الله،" فالضيق خامسا يقابله الهم والغم سابعا، والأعجوبة رابعة يقابلها القضاء ثامنا، والرخاء ثالثا تقابله المصيبة تاسعة، والنعمة ثانية تقابلها الطاعة عاشرة، والهول أولا يقابله البلاء أخيرا. بمفهوم آخر:
ـ إن الهم والغم يأتين كنتيجة حتمية لضيق الصدر بالخصوص إذا كان فارغا من الإيمان والقوة الروحية.
ـ والتعجب من صنع الله إنما يأتي نتيجة القصور في فهم طلاقة القدرة والمشيئة وبالتالي ضعف الإيمان بالقضاء والقدر.
ـ والمصيبة تأتي في الغالب بسبب التمادي في الغفلة عن الله وعدم تقديم الشكر لله في أحوال الرخاء.
ـ كما أن النعمة تقابل الطاعات طردا وعكسا لقوله تعالى:وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم.ولقوله تعالى: ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض.
ـ أما البلاء والشدة فالعلاقة بينهما وبين الهول في غاية الوضوح, وهكذا..
7 ـ وهناك تسلسل جميل آخر يتعلق بالأذكار الواردة في الدعاء، انطلاقا من البداية:
ـ فالكلمة الطيبة تدفع بصاحبها إلى مقام التوبة أول مقامات السلوك هروبا من هول الفتن ليرتقي بها بعد ذلك إلى مقام الحمد والاعتراف بالنعم ومن ضمنها نعمة الإسلام، وبعدها يرتقي بها إلى مقام الشكر على كافة أحوال الرخاء وألوان الراحة والتنعيم، ثم تسمو به إلى مقام التسليم الكامل بطلاقة القدرة والمشيئة لينتفي عنه التعجب من صنع الله. ثم يرتقي بها بعد ذلك إلى مقام التفويض الكامل لله سبحانه الذي هو مقام العبودية الحقة لله تعالى. ومن وجه آخر،
ـ إذا كانت الدنيا في عمومها هول وفتن ومكابدة، فإن لحظات النعيم تخصيص منها، ثم إن الرخاء بدوره تخصيص من النعيم باعتباره إفراط فيه، كما أن وقوع أحوال التعجب كخرق للعادات لا يقع بدوره إلا استثناء لتذكير الإنسان بالله في أحوال الغفلة، أما الضيق فلا ينبغي أن يقع أصلا في حياة المريد إذا كان قلبه مطمئنا بالإيمان، فإذا ما وقع فلتذكير الإنسان باللجوء إلى الله. ولمزيد من التوضيح يرجع إلى كتاب الطريقة الشيخية في ميزان السنة الصفحة 175 فما بعد.
خلاصة القول، إن هذا الدعاء العظيم قد تم انتقاؤه من طرف الشيخ بعناية فائقة، انتقاء بقدر ما ينم عن مكانته العلمية الرفيعة ومكانته التربوية الربانية العالية، ينم أيضا عن مدى ضرورته للمسلم على العموم، وحياة المريد على الخصوص، وحياة السالك الحق بوجه أخص، وبالتالي يبين السر في كون الشيخ رضي الله عنه رتبه على مريديه ومحبيه لتتم ترقيتهم عبر المقامات التي أسلفنا آنفا.
وكان خير ما تم به اختتام هذا الحزب المبارك الصلاة على رسول الله بالصيغة السنية الصحيحة:
أمس في 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin