الخرافة الرابعة: قوانين الميراث تفضل الرجال على النساء
يشير القرآن ، في سورة النساء الآية 7 ، إلى ما يلي: " لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا. " الواحدي ( توفى عام 468 هـ ) في تفسيره القرآني ، يشرح أنه تم االوحي بهذه الآية لمعالجة حالة أرملة تم ترك بناتها معدمات من قبل ورثة زوجها الذكور. وهكذا ترسخ الآية الحقوق القانونية لكل من الرجل والمرأة في الميراث لأن الحقوق المادية حق محمي قانوناً في الإسلام. من الجدير بالذكر أن إعلان الإسلام عن الميراث للمرأة قد سبق العالم الغربي بألفية ، حيث "حتى نهاية القرن السادس عشر ، حُرمت النساء فعلياً من وراثة الممتلكات".
بعض الآيات لاحقا ً ، في سورة النساء الآية 11 ، يتم تحديد توزيع الميراث حيث يشترط على الأطفال الذكور تلقي المزيد من ممتلكات والديهم أكثر من البنات ، والتي قد تبدو في البداية غير عادلة وتمييزية " يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا" . وبرغم ذلك ، من المهم فهم تطبيق قانون الميراث في الإسلام وهو النظام الذي يحدث فيه ذلك أي ضمن النظام الأكبر للتمويل الإسلامي . إن التطبيق التدريجي لممارسات معينة دون فهم الصورة الأكبر و / أو السياق والتطبيق قد يعطي الانطباع بأن قانون الميراث الإسلامي غير عادل تجاه المرأة. ومع هذا فإن ذلك سيكون استنتاج متسرع. يحصل الرجال على حصص أكبر من الميراث في نظام يكون فيه الرجل العائل للعائلة ، و يحق للزوجة فيه كامل ثروتها وثروة زوجها ، ولا يحق للزوج إلا ماله الخاص. كان هذا رأي العلماء مثل ابن كثير ، الذي برر الفرق في الميراث بين البنات والأبناء في هذا السياق الأكبر من المسؤوليات المالية. علاوة على ذلك ، فإن القراءة المتأنية للاتساع الكامل لأحكام الميراث الإسلامية تفند فكرة أن الأحكام تميز الرجال. وبينما ترث المرأة أقل من الرجال في أربع حالات ، فإنها ترث أكثر من الرجال في 16 حالة ، وتساوي الرجال في 10 حالات.
الحالات التي تحصل فيها المرأة على الميراث أكثر من الرجل تشمل حالة المرأة التي تموت تاركة وراءها زوجًا فقط - وفي هذه الحالة ، تتلقى الأخوات من الأم للمتوفاة أجزاء من الميراث بينما الأخوة من والدها لا . وفي حالات أخرى ، مثل حالات الأم والأب اللذان يرثوا ثروة ابنهما المتوفى الذي لديه عدد قليل من الأشقاء ، يتلقى كل من الذكور والإناث أسهم متساوية. وينطبق الشيء نفسه على حالات ( كلالة )، يموت المرء ولَيْس له والد أو وَلَدٌ يرثُه، بل يرثُه ذو قرابته. وفي هذه الحالة ، يحق لأخوته لنفس الأم الحصول على حصة من ثلث ممتلكات شقيقهم المتوفي ، مقسمة بالتساوي بغض النظر عن نوع الجنس.
تنشأ جميع الحالات التي يوجد فيها فروق بين الورثة الذكور والإناث إما بسبب الاختلاف في القرب أو علاقة الشخص بالمتوفى ، أو استنادًا إلى مسؤولية الشخص المادية عن الآخر. وبالنظر إلى نظام المسؤوليات المالية الأوسع نطاقاً ، كان القصد من توزيع الثروة هو تحقيق المساواة بين جميع المتلقين من أسرة المتوفى. يجب فهم جميع أحكام الإسلام على أنها مترابطة ، حيث يكون للمرأة الحق القانوني الممنوح لها.
اعتراض متكرر على فروق الميراث بين الابن والابنة في سورة النساء الآية 11 ، حيث سيكون هذا النهج "مقاس واحد يناسب الجميع" لا يلبي الظروف التي لا تتمتع فيها المرأة بميزة العائل الذكر ، أو أن يكون لها الكثير من المعيلين أو ضيق الظروف المالية التي تستدعي جزءًا أكبر من الإرث. من المهم أن ندرك أن الشريعة الإسلامية لديها القدرة على حساب الظروف المالية الفريدة أيضاً من خلال مجموعة متنوعة من الآليات الأخرى. أحد المواضيع التي حظيت بمناقشة كبيرة في الفقه الإسلامي هو مفهوم "الوصية". قبل أن يتم الوحي بالقوانين المتعلقة بالإرث الإسلامي ، كان لدى الشخص خيار منح ميراثه لأي فرد من أفراد الأسرة على أساس الآية 180 من سورة البقرة. ولكن بعد الوحي بالحصص الثابتة في الآية 11 من سورة النساء ، لم يُسمح للمرء إلا بتخصيص ثلث مجموع التركة كوصية يتم منحها لأي شخص يختاره - إلا إذا كان هذا الشخص قد تم تخصيص حصة له بالفعل في القرآن. هذا الشرط الوحيد قد عبر عنه النبي محمد (ﷺ):” لا وصية لوارث إلا أن يجيزها بقية الورثة.” وهكذا ، وفقا للأغلبية العظمى من العلماء (بما في ذلك مالك ، الشافعي ، أبو حنيفة ، أحمد بن حنبل ، سفيان الثوري ، الأوزاعي ، أبو ثور ، وإسحاق بن راهويه) سيكون مقبولا للمتوفى تعيين ما يصل إلى ثلث الإرث بالكامل لوريثة بالإضافة إلى نصيبها الثابت ، بشرط موافقة الورثة الباقين. إذا وافق البعض منهم وليس كلهم ، فإن تلك الوصية لن تؤخذ إلا من أولئك الذين يوافقون عليها.
وعلاوة على ذلك ، فإنه من المقبول تماماً أن يتم تخصيص ثلث كامل الإرث لغير الورثة (كأحفاد المتوفى) بصرف النظر عما إذا كان الورثة موافقين أم لا. وهكذا ، فإن الشخص الذي قد لا يحتاج ابنه إلى الكثير من المال مثل ابنته (لنفترض أنها أم عزباء مع العديد من الأطفال بينما هو في حالة مادية جيدة) لديه القدرة على تعيين جزء من ممتلكاته لأبناء ابنته. وهذا يوفر مساحة واسعة في إطار الشريعة الإسلامية المعيارية لاستيعاب حالات فريدة واستثنائية دون الحاجة إلى أي مراجعة أو إعادة تفسير. على سبيل المثال ، في أعقاب الاحتجاجات في تونس ضد الإرث الإسلامي ، تضمن مقال نشر مؤخراً في صحيفة نيويورك تايمز البيان التالي:
في البلدان الإسلامية ، تستمد القوانين التي تحكم الميراث من الآيات في القرآن الكريم. يتلقى الرجال عموما أكبر ، وأحيانًا ضعف ، الأسهم التي تحصل عليها النساء. يمكن للأقارب الذكور البعيدين أن يحلوا محل الزوجات والأخوات و الإناث ، تاركين النساء ليس فقط ثكلى ولكن أيضا معوزين.
للأسف ، هذا البيان زائف بشكل صارخ. بالإجماع بالموافقة من علماء المسلمين والنص الصريح للقرآن ، ترث الزوجات والإناث دائماً ولا يمكن أبداً أن يحل محلها أي شخص ، ناهيك عن قريب أو بعيد ، في حين أن الأشقاء (الذكور والإناث على حد سواء) لا يحل محلهم سوى أحفاد المتوفى أو الأب ، ولكن ليس قريبًا بعيدًا.
القواعد حول الميراث الإسلامي عميقة ودقيقة. في الواقع ، تم تطوير علم الجبر إلى حد كبير لمعالجة مسائل الميراث في الإسلام نظرا لتعقيد الموضوع ، كما رأينا في حالة كتاب تنبيه الألباب لعالم الرياضيات الكبير ابن البناء المراكشي (توفي 721 هـ). كيف وإلى أي شخص يتم تخصيص الميراث هو علم معقد ، حيث ينطوي على معادلات خطية معقدة وقوانين التعويض.إن الاعتقاد الشمولي بأن المرأة مؤهلة بطبيعتها لميراث أقل من الرجل هو فهم سطحي لكل من الشريعة الإسلامية الكبيرة وتطبيقها على الواقع الاجتماعي-الاقتصادي.
البروفيسور ألماريك رامسي ، أستاذ القانون في كلية كينجز في لندن في القرن التاسع عشر والذي درس نظام الوراثة الإسلامية على نطاق واسع ، كتب: " يشمل قانون الميراث الإسلامي بما لا يدع مجالاً للشك ، نظام القواعد الأكثر تطوراً وتفصيلاً لإنتقال الملكية المعروف للعالم المتحضر ، وجماله وتناظره هما أمران جديران بالدراسة ، ليس فقط من قبل المحامين بهدف تطبيقه العملي ، لكن من أجله هو في حد ذاته ، و أيضاً من قبل أولئك الذين ليس لديهم أي رأي آخر إلا من خلال ثقافتهم الفكرية و المرضية لهم.
أمس في 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin