" وبَشر المُخبتين": لسيدي حضرة الوالد الشيخ عباس السيد فاضل الحسني:ـ
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله وكفى، {وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى}.
أمّا بَعْدُ: فقد قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}، قالوا: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} إشارة إلى جميع أعمال الجوارح، {وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ}، إشارة إلى أعمال القلوب، وهي الخشوع والخضوع والحضور، فإذا فُسر الإخبات بالطمأنينة، كان معنى الكلام: يأتون بالأعمال الصالحة مطمئنين إلى صدق وعد الله بالثواب والجزاء على تلك الأعمال، أو يكونون مطمئنين إلى ذكره سبحانه وتعالى، وإذا فُسر الإخبات بالخشوع والخضوع، كان معناه: أنهم يأتون بالأعمال الصالحة خائفين وجلين أن لا تكون مقبولة، وهو الخشوع والخضوع والحضور. {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}، الذين هذه صفتهم، أن يكون حالهم في الآخرة بأنهم من أهل الجنَّة والقرب لا انقطاع لنعيمهما ولا زوال؛ قال الإمام الكرماني: علامة الإخبات ثلاثة: غم الإياس مع التوبة بكثرة العودة إلى المعصية، وخوف الاستدراج بالاستتابة الستر والمهلة، وتوقع العقوبة في كل وقت وساعة، حذرًا وشفاقًا من العدالة.
وقال الإمام القشيري: إن الإخبات هو التسبيح "أو الذكر للرب" بدوام الانكسار، ومن علامة المخبتين الأبرار، والقبول تحت جريان الأقدار، والحموم بدوام الاستقامة في الأسرار. فقد خضعوا لله، واستكانوا لعظمته، وذلّوا لسلطانه، وأنابوا إليه بمحبته وخوفه ورجائه والتضرع إليه.
"أي سادة": كانت إنابتهم إلى الله ـ جلَّ وعلا، توحيدًا وطاعة، وأدبًا وحضورًا وذكرا، ومحبة ومعرفةً ودعوة؛ وكما قال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} يعني: أنه تعالى يحب المتقربين إليه بالإيمان، والأعمال الصالحة، بالتقوى والإحسان؛ وهذا ثناء ومدح لهم على الإيمان والتقوى والإحسان؛ لأن هذه المقامات من أشرف الدرجات وأعلاها عند مليك مقتدر، روى الإمام مسلم عن عبد الله بن مسعود، قال: قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا}، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قِيلَ لِي أَنْتَ مِنْهُمْ»، ومعناه: أن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم، قيل له إن ابن مسعود منهم، يعني: من الذين آمنوا وعملوا الصالحات والتقوى والإحسان. وهذا حال الأصحاب الكرام وأهل المعرفة بالله ـ جعلنا الله والأحبة جميعًا من أهل هذه المنازل العالية الرفيعة.
اللّهُمَّ؛ ارحمنا بأمة الإسلام، وارحم أمة الإسلام بنا، والصّلاة والسّلام على حبيب ربِّ العالمين وخاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آل بيت النَّبيِّ الطيبين الطاهرين، وأصحاب رسول الله الأتقياء المكرمين، وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ـ يا لطيف يا واسع يا عليم، آمينَ آمينَ آمين، والحمد لله ربِّ العالمين.
ابنه وتلميذه د. محمّد
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله وكفى، {وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى}.
أمّا بَعْدُ: فقد قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}، قالوا: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} إشارة إلى جميع أعمال الجوارح، {وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ}، إشارة إلى أعمال القلوب، وهي الخشوع والخضوع والحضور، فإذا فُسر الإخبات بالطمأنينة، كان معنى الكلام: يأتون بالأعمال الصالحة مطمئنين إلى صدق وعد الله بالثواب والجزاء على تلك الأعمال، أو يكونون مطمئنين إلى ذكره سبحانه وتعالى، وإذا فُسر الإخبات بالخشوع والخضوع، كان معناه: أنهم يأتون بالأعمال الصالحة خائفين وجلين أن لا تكون مقبولة، وهو الخشوع والخضوع والحضور. {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}، الذين هذه صفتهم، أن يكون حالهم في الآخرة بأنهم من أهل الجنَّة والقرب لا انقطاع لنعيمهما ولا زوال؛ قال الإمام الكرماني: علامة الإخبات ثلاثة: غم الإياس مع التوبة بكثرة العودة إلى المعصية، وخوف الاستدراج بالاستتابة الستر والمهلة، وتوقع العقوبة في كل وقت وساعة، حذرًا وشفاقًا من العدالة.
وقال الإمام القشيري: إن الإخبات هو التسبيح "أو الذكر للرب" بدوام الانكسار، ومن علامة المخبتين الأبرار، والقبول تحت جريان الأقدار، والحموم بدوام الاستقامة في الأسرار. فقد خضعوا لله، واستكانوا لعظمته، وذلّوا لسلطانه، وأنابوا إليه بمحبته وخوفه ورجائه والتضرع إليه.
"أي سادة": كانت إنابتهم إلى الله ـ جلَّ وعلا، توحيدًا وطاعة، وأدبًا وحضورًا وذكرا، ومحبة ومعرفةً ودعوة؛ وكما قال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} يعني: أنه تعالى يحب المتقربين إليه بالإيمان، والأعمال الصالحة، بالتقوى والإحسان؛ وهذا ثناء ومدح لهم على الإيمان والتقوى والإحسان؛ لأن هذه المقامات من أشرف الدرجات وأعلاها عند مليك مقتدر، روى الإمام مسلم عن عبد الله بن مسعود، قال: قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا}، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قِيلَ لِي أَنْتَ مِنْهُمْ»، ومعناه: أن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم، قيل له إن ابن مسعود منهم، يعني: من الذين آمنوا وعملوا الصالحات والتقوى والإحسان. وهذا حال الأصحاب الكرام وأهل المعرفة بالله ـ جعلنا الله والأحبة جميعًا من أهل هذه المنازل العالية الرفيعة.
اللّهُمَّ؛ ارحمنا بأمة الإسلام، وارحم أمة الإسلام بنا، والصّلاة والسّلام على حبيب ربِّ العالمين وخاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آل بيت النَّبيِّ الطيبين الطاهرين، وأصحاب رسول الله الأتقياء المكرمين، وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ـ يا لطيف يا واسع يا عليم، آمينَ آمينَ آمين، والحمد لله ربِّ العالمين.
ابنه وتلميذه د. محمّد
أمس في 20:03 من طرف Admin
» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
أمس في 20:02 من طرف Admin
» كتاب: الفتوحات القدسية في شرح قصيدة في حال السلوك عند الصوفية ـ الشيخ أبي بكر التباني
أمس في 19:42 من طرف Admin
» كتاب: الكلمات التي تتداولها الصوفية للشيخ الأكبر مع تعليق على بعض ألفاظه من تأويل شطح الكمل للشعراني
أمس في 19:39 من طرف Admin
» كتاب: قاموس العاشقين في أخبار السيد حسين برهان الدين ـ الشيخ عبد المنعم العاني
أمس في 19:37 من طرف Admin
» كتاب: نُسخة الأكوان في معرفة الإنسان ويليه رسائل أخرى ـ الشّيخ محيي الدين بن عربي
أمس في 19:34 من طرف Admin
» كتاب: كشف الواردات لطالب الكمالات للشيخ عبد الله السيماوي
أمس في 19:31 من طرف Admin
» كتاب: رسالة الساير الحائر الواجد إلى الساتر الواحد الماجد ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
أمس في 19:28 من طرف Admin
» كتاب: رسالة إلى الهائم الخائف من لومة اللائم ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
أمس في 19:26 من طرف Admin
» كتاب: التعرف إلى حقيقة التصوف للشيخين الجليلين أحمد العلاوي عبد الواحد ابن عاشر
أمس في 19:24 من طرف Admin
» كتاب: مجالس التذكير في تهذيب الروح و تربية الضمير للشيخ عدّة بن تونس
أمس في 19:21 من طرف Admin
» كتاب غنية المريد في شرح مسائل التوحيد للشيخ عبد الرحمن باش تارزي القسنطيني الجزائري
أمس في 19:19 من طرف Admin
» كتاب: القوانين للشيخ أبي المواهب جمال الدين الشاذلي ابن زغدان التونسي المصري
أمس في 19:17 من طرف Admin
» كتاب: مراتب الوجود المتعددة ـ الشيخ عبد الواحد يحيى
أمس في 19:14 من طرف Admin
» كتاب: جامع الأصول في الأولياء و دليل السالكين إلى الله تعالى ـ للسيد أحمد النّقشبندي الخالدي
أمس في 19:12 من طرف Admin