"الكبرياء لله وحده": لحضرة الشيخ عباس السيد فاضل الحسني:-
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله المتفرد بالوحدانية، وله السلطان والكبرياء والعظمة، الذي تكبر وتعالى عن صفات الخلق، فلا شيء مثله، القائل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. والصّلاة والسّلام على عبده وحبيبه وخاتم أنبيائه ورسله، وعلى آله وأصحابه، وتابعيهم بإحسان إلى يوم لقائه.
أمّا بعدُ: فقال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} قال أهل العلم: هذا بيان لعظيم جلاله وسعة أوصافه، بأن له الأسماء الحُسنى، أي: له كل اسم حسن، وضابطه: أنه كل اسم دال على صفة كمال عظيمة، وبذلك كانت حُسنى، فإنها لو دلت على غير صفة، بل كانت علماً محضاً لم تكن حُسنى، وكذلك لو دلّت على صفة ليست بصفة كمال، بل إما صفة نقص أو صفة منقسمة إلى المدح والقدح، لم تكن حُسنى، فكل اسم من أسمائه دال على جميع الصفة التي اشتق منها، مستغرق لجميع معناها. وذلك نحو {العليم} الدال على أن له علماً محيطاً عاماً لجميع الأشياء، فلا يخرج عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. و{كالرحيم} الدال على أن له رحمة عظيمة، واسعة لكل شيء. و {كالقدير} الدال على أن له قدرة عامة، لا يعجزها شيء، ونحو ذلك. ومن تمام كونها "حُسنى" أنه لا يدعى إلا بها، ولذلك قال: {فَادْعُوهُ بِهَا} وهذا شامل لدعاء العبادة، ودعاء المسألة، فيدعى في كل مطلوب بما يناسب ذلك المطلوب، فيقول الداعي مثلاً: اللَّهمَّ اغفر لي وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم، وتب عَلَيَّ يا تواب، وارزقني يا رزاق، والطف بي يا لطيف يا واسع يا عليم.
ومن أسمائه الحُسنى: "المتكبر ـ جلَّ وعلا"، فهو: اسم من أسمائه، وصفة من صفاته، فإنه من مقتضيات الكمال الإلهي المطلق، فهو ـ جلَّ وعلا ـ عظيم بذاته، ومتعالي بذاته فوق عباده بحكم كونه الخالق، الموصوف بصفات الكمال المطلق، والتكبر والكبرياء: إخبار عن استحقاقه لنعوت الجلال، وصفات الجمال، وهو لا يعني أن الحق ـ تبارك وتعالى ـ يتكبر على عباده، وإنما يعني أنه ـ جلَّ وعلا ـ عظيم بذاته ومتعالي فوق عباده، بحكم كونه الخالق الموصوف بصفات الكمال المطلق، وبحكم كونهم المخلوقين من العدم، والقائمين به ـ عزَّ وجلَّ ـ ولا قيام لهم بدونه ـ جلَّ جلاله، وعمَّ نواله.
الله الله يا من حارت عقول العقلاء في كنه ذاته، فهو ذات لا ماهية له، كمال في ذاته، كمال في صفاته، كمال في أفعاله، لذا كان التكبر من صفات كماله، ولأنه أهل لذلك، فسبحان المتكبر لعظمة سلطانه، فالتكبر لله عظمة وهيبة وجلال. والمتكبر في صفة الناس صفة ذم، لأن المتكبر هو الذي يظهر من نفسه الكبر، وذلك نقص، لأنه ليس له كبر ولا علو، بل له الحقارة والذل، فإذا أظهر الكبر، كان كذاباً من فعله، فكان مذموماً، لأنه في نقص وفناء، فمن تكبر منهم، فقد تكلف أن يتصف بغير ما لا يليق به، فمن عرف علوه ـ سبحانه، وكبرياءه، لزم طريق التواضع، وسلك منهج الذل والانكسار، وهذا في حق الناس.
"أيها السادة": أول ذنب عُصي الله به هو الكبر، وهو ذنب إبليس ـ لعنه الله ـ حين أبى واستكبر وامتنع عن امتثال أمر لله له بالسجود لآدم، ولذا قال سفيان بن عيينة ـ رحمه الله تعالى: ((من كانت معصيته في شهوة، فأرجُو له التوبة، فإن آدم ـ عليه السّلام ـ عصى مشتهياً فغُفر له، ومن كانت معصيته من كِبْر فأخشَ عليه اللعنة، فإن إبليس عصى مسكبراً فلُعِن)).
ـ أما في حق الله ـ جلَّ وعلا، فهي صفة من صفات الله تعالى، فهو صفة مدح؛ لأن له جميع صفات الكمال، والعلو، والعظمة، والعزة، والكبرياء، قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما: ((المتكبر هو الذي تكبر بربوبيته، فلا شيء مثله))، كما جاء الحديث القدسي: «الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري: فمن نازعني واحداً منهما ألقيته في النار»، وفي أخرى: «العظمة إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني فيهما قصمته ولا أبالي» وقال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وسلم: «الْعِزُّ إِزَارُهُ، وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ، فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ»، إنَّ العظمة والكبرياء صفتان لله سبحانه، اختص بهما، لا يجوز أن يشاركه فيهما أحد، ولا ينبغي لمخلوق أن يتصف بشيء منهما، وضُرب الرداء والإزار مثالاً على ذلك فهو مجاز واستعارة، قاله الإمام النووي. كما أن الرداء والإزار يلتصقان بالإنسان ويلازمانه، ولا يقبل أن يشاركه أحد في ردائه وإزاره، فكذلك الخالق ـ جلَّ وعلا ـ جعل هاتين الصفتين ملازمتين له، ومن خصائص ربوبيته وإلوهيته، فلا يقبل أن يشاركه فيهما أحد، قاله الخطابي في "معالم السنن".
قال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ». " بَطَرُ الْحَقِّ ": أي رده وجحده، " وَغَمْطُ النَّاسِ ": أي احتقارهم وازدراؤهم.
فالصفة التي ينبغي أن يكون عليها المسلم، هي: التواضع، تواضعٌ في غير ذلة، ولين في غير ضعف ولا هوان، وقد وصف الله تعالى عباده بأنهم يمشون على الأرض هوناً، أي: في سكينة ووقار، غير أشرين ولا متكبرين، كما قال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وسلم: «وَإِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ»، رواه مسلم. وقدوتنا في ذلك أشرف الخلق وأكرمهم على الله نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يمر على الصبيان فيسلم عليهم، وكان في بيته في خدمة أهله، يخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويحلب الشاة لأهله، ويأكل مع الخادم، ويجالس المساكين، ويمشي مع الأرملة واليتيم في حاجتهما، ويبدأ من لقيه بالسلام، ويجيب دعوة من دعاه ولو إلى أيسر شيء، وكان طلق الوجه، متواضعاً في غير ذلة، خافض الجناح للمؤمنين، لين الجانب لهم، وكان يقول: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ، أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ، عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ سَهْلٍ» رواه الترمذي.
قال بعض السلف: ((ما دخل قلب امرئ من الكبر شيء إلا نقص من عقله مقدار ذلك))، وسُئل ابن المبارك ـ رحمه الله تعالى ـ ما الكبر؟، فقال: أن تزدري الناس، وسُئل عن العجب، فقال: أن ترى أن عندك شيئاً ليس عند غيرك، وقال مطرف بن عبد الله ـ رحمه الله تعالى: لأن أبيت نائماً، وأصبح نادماً، أحب إليَّ من أن أبيت قائماً، وأصبح معجباً.
وقد أحسن من قال:-
ما لي سوى فقري إليك وسيلة فبالافتقار إليك ربّي أضرع
ما لي سوى قرعي لبابك حيلة فلئن رددت فأيَّ باب أقرع
اللَّهمَّ؛ إني أسألك بأنك أنت الله، لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد. اللهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي. اللَّهمَّ، انصر من نصر الدين، واخذل من خذلنا وخذل المسلمين، واعلِ بفضلك ورحمتك راية الحق والنور المبين، وتولنا بعين ودك ورضاك بما أنت أهله ـ يا لطيف يا واسع يا عليم، يا الله. صلِّ على حبيب ربّ العالمين، وخاتم النبيين والمرسلين، وعلى آله وأصحابه وأحبابه أجمعين، والحمد لله ربّ العالمين.
ابنه وخادمه محمّد
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله المتفرد بالوحدانية، وله السلطان والكبرياء والعظمة، الذي تكبر وتعالى عن صفات الخلق، فلا شيء مثله، القائل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. والصّلاة والسّلام على عبده وحبيبه وخاتم أنبيائه ورسله، وعلى آله وأصحابه، وتابعيهم بإحسان إلى يوم لقائه.
أمّا بعدُ: فقال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} قال أهل العلم: هذا بيان لعظيم جلاله وسعة أوصافه، بأن له الأسماء الحُسنى، أي: له كل اسم حسن، وضابطه: أنه كل اسم دال على صفة كمال عظيمة، وبذلك كانت حُسنى، فإنها لو دلت على غير صفة، بل كانت علماً محضاً لم تكن حُسنى، وكذلك لو دلّت على صفة ليست بصفة كمال، بل إما صفة نقص أو صفة منقسمة إلى المدح والقدح، لم تكن حُسنى، فكل اسم من أسمائه دال على جميع الصفة التي اشتق منها، مستغرق لجميع معناها. وذلك نحو {العليم} الدال على أن له علماً محيطاً عاماً لجميع الأشياء، فلا يخرج عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. و{كالرحيم} الدال على أن له رحمة عظيمة، واسعة لكل شيء. و {كالقدير} الدال على أن له قدرة عامة، لا يعجزها شيء، ونحو ذلك. ومن تمام كونها "حُسنى" أنه لا يدعى إلا بها، ولذلك قال: {فَادْعُوهُ بِهَا} وهذا شامل لدعاء العبادة، ودعاء المسألة، فيدعى في كل مطلوب بما يناسب ذلك المطلوب، فيقول الداعي مثلاً: اللَّهمَّ اغفر لي وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم، وتب عَلَيَّ يا تواب، وارزقني يا رزاق، والطف بي يا لطيف يا واسع يا عليم.
ومن أسمائه الحُسنى: "المتكبر ـ جلَّ وعلا"، فهو: اسم من أسمائه، وصفة من صفاته، فإنه من مقتضيات الكمال الإلهي المطلق، فهو ـ جلَّ وعلا ـ عظيم بذاته، ومتعالي بذاته فوق عباده بحكم كونه الخالق، الموصوف بصفات الكمال المطلق، والتكبر والكبرياء: إخبار عن استحقاقه لنعوت الجلال، وصفات الجمال، وهو لا يعني أن الحق ـ تبارك وتعالى ـ يتكبر على عباده، وإنما يعني أنه ـ جلَّ وعلا ـ عظيم بذاته ومتعالي فوق عباده، بحكم كونه الخالق الموصوف بصفات الكمال المطلق، وبحكم كونهم المخلوقين من العدم، والقائمين به ـ عزَّ وجلَّ ـ ولا قيام لهم بدونه ـ جلَّ جلاله، وعمَّ نواله.
الله الله يا من حارت عقول العقلاء في كنه ذاته، فهو ذات لا ماهية له، كمال في ذاته، كمال في صفاته، كمال في أفعاله، لذا كان التكبر من صفات كماله، ولأنه أهل لذلك، فسبحان المتكبر لعظمة سلطانه، فالتكبر لله عظمة وهيبة وجلال. والمتكبر في صفة الناس صفة ذم، لأن المتكبر هو الذي يظهر من نفسه الكبر، وذلك نقص، لأنه ليس له كبر ولا علو، بل له الحقارة والذل، فإذا أظهر الكبر، كان كذاباً من فعله، فكان مذموماً، لأنه في نقص وفناء، فمن تكبر منهم، فقد تكلف أن يتصف بغير ما لا يليق به، فمن عرف علوه ـ سبحانه، وكبرياءه، لزم طريق التواضع، وسلك منهج الذل والانكسار، وهذا في حق الناس.
"أيها السادة": أول ذنب عُصي الله به هو الكبر، وهو ذنب إبليس ـ لعنه الله ـ حين أبى واستكبر وامتنع عن امتثال أمر لله له بالسجود لآدم، ولذا قال سفيان بن عيينة ـ رحمه الله تعالى: ((من كانت معصيته في شهوة، فأرجُو له التوبة، فإن آدم ـ عليه السّلام ـ عصى مشتهياً فغُفر له، ومن كانت معصيته من كِبْر فأخشَ عليه اللعنة، فإن إبليس عصى مسكبراً فلُعِن)).
ـ أما في حق الله ـ جلَّ وعلا، فهي صفة من صفات الله تعالى، فهو صفة مدح؛ لأن له جميع صفات الكمال، والعلو، والعظمة، والعزة، والكبرياء، قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما: ((المتكبر هو الذي تكبر بربوبيته، فلا شيء مثله))، كما جاء الحديث القدسي: «الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري: فمن نازعني واحداً منهما ألقيته في النار»، وفي أخرى: «العظمة إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني فيهما قصمته ولا أبالي» وقال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وسلم: «الْعِزُّ إِزَارُهُ، وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ، فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ»، إنَّ العظمة والكبرياء صفتان لله سبحانه، اختص بهما، لا يجوز أن يشاركه فيهما أحد، ولا ينبغي لمخلوق أن يتصف بشيء منهما، وضُرب الرداء والإزار مثالاً على ذلك فهو مجاز واستعارة، قاله الإمام النووي. كما أن الرداء والإزار يلتصقان بالإنسان ويلازمانه، ولا يقبل أن يشاركه أحد في ردائه وإزاره، فكذلك الخالق ـ جلَّ وعلا ـ جعل هاتين الصفتين ملازمتين له، ومن خصائص ربوبيته وإلوهيته، فلا يقبل أن يشاركه فيهما أحد، قاله الخطابي في "معالم السنن".
قال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ». " بَطَرُ الْحَقِّ ": أي رده وجحده، " وَغَمْطُ النَّاسِ ": أي احتقارهم وازدراؤهم.
فالصفة التي ينبغي أن يكون عليها المسلم، هي: التواضع، تواضعٌ في غير ذلة، ولين في غير ضعف ولا هوان، وقد وصف الله تعالى عباده بأنهم يمشون على الأرض هوناً، أي: في سكينة ووقار، غير أشرين ولا متكبرين، كما قال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وسلم: «وَإِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ»، رواه مسلم. وقدوتنا في ذلك أشرف الخلق وأكرمهم على الله نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يمر على الصبيان فيسلم عليهم، وكان في بيته في خدمة أهله، يخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويحلب الشاة لأهله، ويأكل مع الخادم، ويجالس المساكين، ويمشي مع الأرملة واليتيم في حاجتهما، ويبدأ من لقيه بالسلام، ويجيب دعوة من دعاه ولو إلى أيسر شيء، وكان طلق الوجه، متواضعاً في غير ذلة، خافض الجناح للمؤمنين، لين الجانب لهم، وكان يقول: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ، أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ، عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ سَهْلٍ» رواه الترمذي.
قال بعض السلف: ((ما دخل قلب امرئ من الكبر شيء إلا نقص من عقله مقدار ذلك))، وسُئل ابن المبارك ـ رحمه الله تعالى ـ ما الكبر؟، فقال: أن تزدري الناس، وسُئل عن العجب، فقال: أن ترى أن عندك شيئاً ليس عند غيرك، وقال مطرف بن عبد الله ـ رحمه الله تعالى: لأن أبيت نائماً، وأصبح نادماً، أحب إليَّ من أن أبيت قائماً، وأصبح معجباً.
وقد أحسن من قال:-
ما لي سوى فقري إليك وسيلة فبالافتقار إليك ربّي أضرع
ما لي سوى قرعي لبابك حيلة فلئن رددت فأيَّ باب أقرع
اللَّهمَّ؛ إني أسألك بأنك أنت الله، لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد. اللهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي. اللَّهمَّ، انصر من نصر الدين، واخذل من خذلنا وخذل المسلمين، واعلِ بفضلك ورحمتك راية الحق والنور المبين، وتولنا بعين ودك ورضاك بما أنت أهله ـ يا لطيف يا واسع يا عليم، يا الله. صلِّ على حبيب ربّ العالمين، وخاتم النبيين والمرسلين، وعلى آله وأصحابه وأحبابه أجمعين، والحمد لله ربّ العالمين.
ابنه وخادمه محمّد
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin