"التجلي مقرون بالرحمة" لحضرة الشيخ عباس السيد فاضل الحسني: -
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله على جماله وجلاله وبهائه، والصّلاة والسّلام على عبده وحبيبه وخاتم أنبيائه ورسله، وعلى آله وأصحابه وأحبابه، واغث اللَّهمَّ بعامة الرحمة، وخاصة الرحمة أمته المرحومة، آمين.
أما بعد: فقال الله تعالى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}. فإذا صدقَ الجنان، وعملَت الأركان بالإخلاص، وتوجَه العبدُ إلى مولاه بصفاء الوفاء؛ تجلى الحق إليه بفيض الربوبية، وعين الإلوهية؛ فكان نورُ الهدايةِ لهُ معلوماً، والإنابةُ إلى الحق ـ جلَّ وعلا ـ صادقةً، وأثر المحبة مؤيداً، روى الترمذي: عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنَّ رجلاً قال يا نبيَ اللهِ أي المؤمنينَ أكيس؟ قال: «أكثرُهم ذكراً للموتِ، وأحسنهم له استعدادا، وإذا دخل النور في القلب انفسح واستوسع» قالوا: ما آية ذلكَ يا نبيَ اللهِ؟ قال: «الإنابةُ إلى دارِ الخلود، و التجافي عن دارِ الغرورِ، والاستعدادُ للموتِ قبلَ نزول الموتِ»، ثم قرأ: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ}.
والتجلي: هو أمرٌ قلبيٌ مقرونٌ بالسعادةِ والطمأنينةِ، فإنَّ البشرَ مع فيضانِ رحمة الله عليه، لا تُنتزعُ عنهُ صفةُ البشريةِ. لذا قال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وآله وسلم؛ كما في الآيةِ الشَريفة: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} ، ومن ذلك: واقعةُ موسى ـ عليه السلام ـ في التجلي، لما كلمَهُ اللهُ ـ عزَّ وجل ـ تمكنَ ـ عليه السلام، ولما رأى الأفعى هربَ ولم يُعقب؛ لأن العبدَ يَخافُ من الأفعى بطبعهِ البشري، فبشريةُ موسى ـ عليه السّلام ـ لم تَنفصل عنه مع وجود التجلي الإلهي عليه؛ لأن النبوةَ لا تخرجُ النبيَّ عن البَشرية، ولكن إذا ما كلَّمَ اللهُ إنساناً فإنَّ مع الكلامِ رحمة، فَيستقرُ العبدُ ويَتَمكنُ، عندَ كلامِ الحقِ عليهِ، لوجودِ الرحمةِ النازلةِ مع الكلامِ القدسي، لذا قال تعالى: {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ}، فأُزيلَ رَوعَهُ ـ بِروعِ الرحمةِ النازلةِ مع كلامِ اللهِ ـ عزَّ وجلَّ ـ إلى موسى ـ عليه السّلام ـ ليُعلمنا الربُّ ـ سبحانه ـ بأن موسى ما زالَ بشراً نبياً، وأن عيسى ـ عليه السلام ـ عبدُ اللهِ ورسولُه؛ لذا قال خَاتمُ النبيينَ ـ صلى الله عليه وعليهم أجمعين؛ كما جاءت الآية الشريفة: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}.
"أي سادة" قال أهل المعرفة بالله: الإيمانُ نوعان: نوعٌ يترتبُ عن النعمةِ، ونوعٌ ينشأ عن الاستدلالِ. فالإيمانُ الذي يَترتبُ عن النعمةِ، فهذا إيمانٌ راسخٌ من صَميمِ القلبِ لا يَطرأُ عليه شبهةٌ وهو: إيمانُ النَّبيِّ محمّدٍ ـ صلى الله عليه وسلم ـ الناشئُ من نعمٍ لا تُحصى، منها: خَتمُ النبوةِ، ومنها: رؤيةُ الله سبحانه وتعالى، ومنها: الاجتباءُ لحبِ ذاتهِ الأقدسَ ـ جلَّ وعلا، ومنها: التجلي الجلالي والجمالي لقلبه الشريف، ومنها: وقايةُ دينهِ عن النسخِ والإبطالِ، وغير ذلك من نِعم لا تحصى. اللَّهمَّ صلِّ على سيدنا محمّد، صلاة لا تعد ولا تحد، ولا يحصى ثوابها أحد.
ـ وإيمانٌ ناشئٌ عن الاستدلالِ: وهو مُعرّضٌ للشبهات يحتاجُ إلى دليلٍ، وإلى يقينِ الفؤادِ: كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ.الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ. أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ}، وهم أصحاب الإيمان الكامل، {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ } أي: إذا ذكروا بالله، أو إذا ذكر الله فزعت قلوبهم لرقتها ولينها، استعظاماً لذكره ـ جلَّ وعلا ـ وهي: قلوب القوم الصالحين الطاهرين، كما قال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيها: «إن لله تعالى آنية من أهل الأرض؛ وآنية ربكم، قلوب عباده الصالحين، وأحبها إليه: ألينها وأرقها»رواه الطبراني. {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ} أي: القرآن المجيد. {زَادَتْهُمْ إِيمَاناً} أي: يقيناً واطمئنان نفس {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} أي: يسلمون الأمر إليه، ولا ينازعون {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ} على أكمل وجوهها {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} أي: في مرضاة ربهم ينفقون من خيار ما يجدون {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً} المتحققون بالإيمان الكامل لإعطائهم كل مقام حقه {لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} أي: منازل قرب لديه ـ جلَّ وعلا، ويتفاوتون بحسب هممهم وعناية الحق بهم في المنازل؛ فمنهم من يرقى إلى أعلاها، ومنهم من يأخذ بحسب حاله، والأصل العناية الإلهية، والقسمة الحقيقية {وَمَغْفِرَةٌ} لما صدر عنهم وفرط منهم {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} أي: نعيم مقيم لا ينقطع عدده، ولا ينتهي أمده ولا مدده؛ كالجِنان، والنظر بالجمال الأقدس ـ جلَّ جلاله، وعمَّ نواله، {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} اللَّهمَّ؛ نسألك الفردوس الأعلى، "برحمتك"، اللَّهمَّ؛ كرمك اللائق بذاتك الأقدس "يا الله" ـ تبارك وتعالى ربّنا وتقدس ـ آمين.
اللَّهُمَّ؛ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تَهْدِي بِهَا قَلْبِي، وَتَجْمَعُ بِهَا شَمْلِي، وَتَلُمُّ بِهَا شَعَثِي، وَتَرُدُّ بِهَا أُلْفَتِي، وَتُصْلِحُ بِهَا دِينِي، وَتَحْفَظُ بِهَا غَائِبِي، وَتَرْفَعُ بِهَا شَاهِدَيْ، وَتُزَكِّي بِهَا عَمَلِي، وَتُبَيِّضُ بِهَا وَجْهِي، وَتُلْهِمُنِي بِهَا رُشْدِي، وَتَعْصِمُنِي بِهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ، اللَّهُمَّ؛ أَعْطِنِي إِيمَانًا صَادِقًا، وَيَقِينًا لَيْسَ بَعْدَهُ كُفْرٌ، وَرَحْمَةً أَنَالُ بِهَا شَرَفَ كَرَامَتِكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ؛ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْفَوْزَ عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَمَنْزِلَ الشُّهَدَاءِ ، وَعَيْشَ السُّعَدَاءِ، وَمُرَافَقَةَ الأَنْبِيَاءِ، وَالنَّصْرَ عَلَى الأَعْدَاءِ، اللَّهم؛ انصر من نصر الدين، واخذل من خذلنا وخذل المسلمين، اللَّهمَّ، ربّنا وربّهم ناصيتنا وناصيتهم بيدك، اقتلهم واهزمهم يا الله، اللَّهمَّ؛ يا محول الحول والأحوال، حول أحوالنا، وحال بلدنا، وسائر بلاد المسلمين، من حال إلى أحسن الأحوال، وبحق أسمائك الحسنى، وبحرمة مقام حبيبك الأسنى، اغثنا، اغثنا، اغثنا، يا الله ـ تبارك وتعالى ربّنا وتقدس. آمينَ آمين. والحمد لله ربّ العالمين.
ابنه وخادمه محمّد
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله على جماله وجلاله وبهائه، والصّلاة والسّلام على عبده وحبيبه وخاتم أنبيائه ورسله، وعلى آله وأصحابه وأحبابه، واغث اللَّهمَّ بعامة الرحمة، وخاصة الرحمة أمته المرحومة، آمين.
أما بعد: فقال الله تعالى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}. فإذا صدقَ الجنان، وعملَت الأركان بالإخلاص، وتوجَه العبدُ إلى مولاه بصفاء الوفاء؛ تجلى الحق إليه بفيض الربوبية، وعين الإلوهية؛ فكان نورُ الهدايةِ لهُ معلوماً، والإنابةُ إلى الحق ـ جلَّ وعلا ـ صادقةً، وأثر المحبة مؤيداً، روى الترمذي: عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنَّ رجلاً قال يا نبيَ اللهِ أي المؤمنينَ أكيس؟ قال: «أكثرُهم ذكراً للموتِ، وأحسنهم له استعدادا، وإذا دخل النور في القلب انفسح واستوسع» قالوا: ما آية ذلكَ يا نبيَ اللهِ؟ قال: «الإنابةُ إلى دارِ الخلود، و التجافي عن دارِ الغرورِ، والاستعدادُ للموتِ قبلَ نزول الموتِ»، ثم قرأ: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ}.
والتجلي: هو أمرٌ قلبيٌ مقرونٌ بالسعادةِ والطمأنينةِ، فإنَّ البشرَ مع فيضانِ رحمة الله عليه، لا تُنتزعُ عنهُ صفةُ البشريةِ. لذا قال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وآله وسلم؛ كما في الآيةِ الشَريفة: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} ، ومن ذلك: واقعةُ موسى ـ عليه السلام ـ في التجلي، لما كلمَهُ اللهُ ـ عزَّ وجل ـ تمكنَ ـ عليه السلام، ولما رأى الأفعى هربَ ولم يُعقب؛ لأن العبدَ يَخافُ من الأفعى بطبعهِ البشري، فبشريةُ موسى ـ عليه السّلام ـ لم تَنفصل عنه مع وجود التجلي الإلهي عليه؛ لأن النبوةَ لا تخرجُ النبيَّ عن البَشرية، ولكن إذا ما كلَّمَ اللهُ إنساناً فإنَّ مع الكلامِ رحمة، فَيستقرُ العبدُ ويَتَمكنُ، عندَ كلامِ الحقِ عليهِ، لوجودِ الرحمةِ النازلةِ مع الكلامِ القدسي، لذا قال تعالى: {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ}، فأُزيلَ رَوعَهُ ـ بِروعِ الرحمةِ النازلةِ مع كلامِ اللهِ ـ عزَّ وجلَّ ـ إلى موسى ـ عليه السّلام ـ ليُعلمنا الربُّ ـ سبحانه ـ بأن موسى ما زالَ بشراً نبياً، وأن عيسى ـ عليه السلام ـ عبدُ اللهِ ورسولُه؛ لذا قال خَاتمُ النبيينَ ـ صلى الله عليه وعليهم أجمعين؛ كما جاءت الآية الشريفة: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}.
"أي سادة" قال أهل المعرفة بالله: الإيمانُ نوعان: نوعٌ يترتبُ عن النعمةِ، ونوعٌ ينشأ عن الاستدلالِ. فالإيمانُ الذي يَترتبُ عن النعمةِ، فهذا إيمانٌ راسخٌ من صَميمِ القلبِ لا يَطرأُ عليه شبهةٌ وهو: إيمانُ النَّبيِّ محمّدٍ ـ صلى الله عليه وسلم ـ الناشئُ من نعمٍ لا تُحصى، منها: خَتمُ النبوةِ، ومنها: رؤيةُ الله سبحانه وتعالى، ومنها: الاجتباءُ لحبِ ذاتهِ الأقدسَ ـ جلَّ وعلا، ومنها: التجلي الجلالي والجمالي لقلبه الشريف، ومنها: وقايةُ دينهِ عن النسخِ والإبطالِ، وغير ذلك من نِعم لا تحصى. اللَّهمَّ صلِّ على سيدنا محمّد، صلاة لا تعد ولا تحد، ولا يحصى ثوابها أحد.
ـ وإيمانٌ ناشئٌ عن الاستدلالِ: وهو مُعرّضٌ للشبهات يحتاجُ إلى دليلٍ، وإلى يقينِ الفؤادِ: كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ.الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ. أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ}، وهم أصحاب الإيمان الكامل، {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ } أي: إذا ذكروا بالله، أو إذا ذكر الله فزعت قلوبهم لرقتها ولينها، استعظاماً لذكره ـ جلَّ وعلا ـ وهي: قلوب القوم الصالحين الطاهرين، كما قال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيها: «إن لله تعالى آنية من أهل الأرض؛ وآنية ربكم، قلوب عباده الصالحين، وأحبها إليه: ألينها وأرقها»رواه الطبراني. {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ} أي: القرآن المجيد. {زَادَتْهُمْ إِيمَاناً} أي: يقيناً واطمئنان نفس {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} أي: يسلمون الأمر إليه، ولا ينازعون {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ} على أكمل وجوهها {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} أي: في مرضاة ربهم ينفقون من خيار ما يجدون {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً} المتحققون بالإيمان الكامل لإعطائهم كل مقام حقه {لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} أي: منازل قرب لديه ـ جلَّ وعلا، ويتفاوتون بحسب هممهم وعناية الحق بهم في المنازل؛ فمنهم من يرقى إلى أعلاها، ومنهم من يأخذ بحسب حاله، والأصل العناية الإلهية، والقسمة الحقيقية {وَمَغْفِرَةٌ} لما صدر عنهم وفرط منهم {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} أي: نعيم مقيم لا ينقطع عدده، ولا ينتهي أمده ولا مدده؛ كالجِنان، والنظر بالجمال الأقدس ـ جلَّ جلاله، وعمَّ نواله، {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} اللَّهمَّ؛ نسألك الفردوس الأعلى، "برحمتك"، اللَّهمَّ؛ كرمك اللائق بذاتك الأقدس "يا الله" ـ تبارك وتعالى ربّنا وتقدس ـ آمين.
اللَّهُمَّ؛ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تَهْدِي بِهَا قَلْبِي، وَتَجْمَعُ بِهَا شَمْلِي، وَتَلُمُّ بِهَا شَعَثِي، وَتَرُدُّ بِهَا أُلْفَتِي، وَتُصْلِحُ بِهَا دِينِي، وَتَحْفَظُ بِهَا غَائِبِي، وَتَرْفَعُ بِهَا شَاهِدَيْ، وَتُزَكِّي بِهَا عَمَلِي، وَتُبَيِّضُ بِهَا وَجْهِي، وَتُلْهِمُنِي بِهَا رُشْدِي، وَتَعْصِمُنِي بِهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ، اللَّهُمَّ؛ أَعْطِنِي إِيمَانًا صَادِقًا، وَيَقِينًا لَيْسَ بَعْدَهُ كُفْرٌ، وَرَحْمَةً أَنَالُ بِهَا شَرَفَ كَرَامَتِكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ؛ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْفَوْزَ عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَمَنْزِلَ الشُّهَدَاءِ ، وَعَيْشَ السُّعَدَاءِ، وَمُرَافَقَةَ الأَنْبِيَاءِ، وَالنَّصْرَ عَلَى الأَعْدَاءِ، اللَّهم؛ انصر من نصر الدين، واخذل من خذلنا وخذل المسلمين، اللَّهمَّ، ربّنا وربّهم ناصيتنا وناصيتهم بيدك، اقتلهم واهزمهم يا الله، اللَّهمَّ؛ يا محول الحول والأحوال، حول أحوالنا، وحال بلدنا، وسائر بلاد المسلمين، من حال إلى أحسن الأحوال، وبحق أسمائك الحسنى، وبحرمة مقام حبيبك الأسنى، اغثنا، اغثنا، اغثنا، يا الله ـ تبارك وتعالى ربّنا وتقدس. آمينَ آمين. والحمد لله ربّ العالمين.
ابنه وخادمه محمّد
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin